الاثنين، 8 يونيو 2020

محرر الأنباء الخارجية

محرر الأنباء الخارجية
محرر الأنباء الخارجية


كتبها في طشقند: أ.د. محمد البخاري.
أظهرت دراسات جيبر حقيقتين تبعثان على القلق وهما:
أولاً: أن محرر الأنباء الخارجية في سلوكه الاتصالي كان سلبيا ولا يلعب دورا فعالا كقائم بالاتصال، فهو لا يدرس بشكل نقدي الأنباء التي تصله برقيا.
وأنه هناك بعض الدلائل التي تشير إلى أن محرر الأنباء الخارجية كصحفي يعمل من مكتبه، وتختلف دوافعه عن المخبر الذي يتنقل من مكان إلى آخر كي يجمع الأخبار، مما يؤثر على ما يختاره المحرر من أنباء، لأن محرر الأنباء الخارجية قد يكون كسولاً، أو أنه أصبح كسولاً بسبب انعدام تشجيع رؤساءه له ليكون أكثر نشاطاً. وبشكل عام لا يختار المحرر برقياته بشكل يظهر معها أنه يقيّم ما يقدمه بشكل نقدي.
وثانياً: أن محرر الأنباء الخارجية، كقائم بالاتصال، ليس لديه إدراك حقيقي عن طبيعة الجمهور الذي يتوجه إليه، لأنه لا يتصل عملياً بذلك الجمهور.
وفي حال إذا كانت المهمة الأساسية للصحيفة هي تقديم تقرير هادف عن الظروف المحيطة من أجل خدمة القارئ، فيمكن أن نقول أن أداء هذه المهمة كان بالصدفة فقط. لأن الصحيفة لم تعد تدرك أن هدفها الحقيقي هو (خدمة) جمهور معين أو الجمهور بشكل عام، لأن المجموعة التي تقوم بجمع الأخبار، والنظام البيروقراطي كثيراً ما تحدد الأهداف، أو تحدد ما يظهر على صفحات تلك الصحيفة.
واستخلص جيبر أنه بدون دراسة القوى الاجتماعية المؤثرة على عملية جمع الأخبار لا نستطيع أن نفهم حقيقة تلك الأخبار.
ومن أعمق الدراسات التي أجريت على القائمين بالاتصال وتأثير القوى الاجتماعية على العاملين في الصحف، كانت الدراسة التي أجراها وارين بريد عام 1955 ووجد أنه هناك أدلة تشير إلى وجود عملية تأثير يسيطر أو يهيمن بمقتضاها مضمون الصحف الكبيرة والمحطات الإذاعية المسموعة والمرئية المرموقة على الطريقة التي تعالج بها الصحف الصغيرة الأخبار والموضوعات المهمة، أي أن الكبير يبتلع الصغير كما يقال في عالم الأحياء المائية، ولا شك أن هذا يحرم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية من القدرة على التغيير والتنويع وتعدد الآراء الذي يساعد على تكوين رأي عام واعي لما يدور من حول ما يقدمه القائمون بالاتصال.
واستخدم بريد في دراسة أخرى التحليل الوظيفي ليظهر الكيفية التي تحذف بها الصحف الأخبار التي تهدد النظام السياسي والاجتماعي والثقافي أو تهاجمه، أو تهدد إيمان القائم بالاتصال بذلك النظام السياسي والاجتماعي والثقافي، ويقول بريد: أن سياسة الناشر عادة هي التي تطبق في أي صحيفة، بالرغم من مظاهر الموضوعية في اختيار الأخبار، وأن مصدر الجزاء الذي يناله الصحفي في الصحيفة ليس القراء الذين هم هدفه، ولكن زملاءه ورؤساءه في العمل، لذلك يعيد المحرر في الصحيفة تحديد وتشكيل قيمه لتحقق أكبر منفعة شخصية له. واستنتج بريد من تلك الدراسة: أن الظروف الموضوعية التي تحيط بالصحفي في غرفة إعداد الأخبار لا تؤدي إلى نتائج تفي بالاحتياجات التي تلبي أوسع متطلبات الديمقراطية.
بينما استخدم الباحث الأمريكي المعروف سوانسون أساليب المتابعة المباشرة والاستفسار ليحصل على معلومات عن الخصائص الشخصية ومعتقدات العاملين في صحيفة يومية صغيرة.
ودرس بروس وستلي محرري الأخبار الخارجية في صحف ولاية وسكونسن باستخدام سلّم (قياس القيم) وقارن من خلاله القيم التي يعتنقها المحررون وتؤثر على اختيارهم للأخبار.
وقام بروس وستلي ومالكلوم ماكلين بدراسة عن القائمين بالاتصال، والتفرقة بين أدوار الاتصال المختلفة، تعتبر من الدراسات المهمة في هذا المجال، والملاحظ أنه وجد في كل تلك الدراسات عنصر مشترك، تقول بأنها تركز الاهتمام على التفاعل بين الأنماط والأخلاقيات الصحفية المثالية والأساليب الاجتماعية والتنظيمية المقررة في المجتمع الأكبر، في ظروف متنوعة وأوضاع مختلفة، وقدمت تلك الدراسات فوائد كثيرة لوسائل الاتصال والأعلام الجماهيرية والخبراء لأنها ساعدت على الوصول إلى أحكام أكثر دقة عن العاملين بوسيلة الاتصال والإعلام الجماهيرية في إطار اجتماعي مباشر، وأبرزت الكثير من الأسئلة المهمة التي يجب التوصل إلى إجابات عليها.
والرسالة الإعلامية في نظرية حارس البوابة الإعلامية تمر بمراحل عديدة وهي تنتقل من المصدر حتى تصل إلى المتلقي، بسلسلة مكونة من عدة حلقات، وأبسط أنواع السلاسل هي سلسلة الاتصال المباشر، من فرد إلى فرد آخر، وفي حال الاتصال الجماهيري تكون هذه السلاسل طويلة ومعقدة جداً، لأن المعلومات التي تدخل شبكة اتصال معقدة مثل الصحيفة، أو محطة الإذاعة المسموعة والمرئية، وتمر بالعديد من الحلقات والأنظمة المتصلة، فالحدث الذي يحدث في فلسطين أو أفغانستان أو العراق أو لبنان مثلاً، يمر بمراحل عديدة قبل أن يصل إلى القارئ في أمريكا أو أوروبا أو أنحاء أخرى من الشرق الأوسط، ونجد قدر المعلومات التي تخرج من بعض الحلقات أو الأنظمة أكثر مما تدخل إليها.
وأطلق عليها شانون تسمية أجهزة التقوية، فأجهزة التقوية في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية تستطيع أن تصنع في نفس الوقت عدداً كبيراً جداً من الرسائل المتطابقة، كنسخ الصحف توصلها للجمهور، وأنه هناك نوعاً من السلاسل كشبكات معينة داخل الأنظمة، لأن وسائل الإعلام نفسها هي شبكات من الأنظمة المتصلة بطرق معقدة، تقوم بوظيفة فك الرموز والتفسير وتخزين المعلومات، ثم وضعها مرة أخرى في رموز.
وهي الوظيفة التي يؤديها كل من القائمين بالاتصال، لأن الفرد الذي يتلقى رسائل وسائل الاتصال والأعلام الجماهيرية هو جزء من شبكة علاقات معقدو قائمة داخل الجماعة، ويتطلب واقع المجتمع الذي ترتفع فيه نسبة المتعلمين ودرجة التصنيع أُسلوب خاص لعمل الشبكة، يزداد معه اعتماد المجتمع المعني على سلاسل لوسائل الاتصال والأعلام الجماهيرية، أما المجتمع البدائي الذي تنخفض فيه نسبة المتعلمين ودرجة التصنيع فتنتقل فيه غالبية المعلومات عبر سلاسل الاتصال الشخصي.
تتبع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق