الثلاثاء، 9 يونيو 2020

دور محرر الأخبار الخارجية

دور محرر الأخبار الخارجية
دور محرر الأخبار الخارجية
كتبها في طشقند: أ.د. محمد البخاري.
من المعروف أن المجتمعات التي تخضع فيها وسائل الاتصال والإعلام للسيطرة الحكومية يشكك الأفراد بصدق ما تنشره تلك الوسائل، لتصبح سلاسل الاتصال الشخصي المباشر من فرد إلى فرد مهمة وطويلة جداً، وتتطور إلى جانب سلاسل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وفي هذه الحالة نجد أن سلاسل الاتصال الشخصي تنقل شائعات وأقاويل ومعلومات متنوعة من فرد إلى فرد، وتقوم بالرقابة على وسائل الاتصال والأعلام، وتحاول سد نواحي النقص المفترضة فيها.
وفي هذا الصدد أشار الباحث كرت لوين إلى أنه في سلاسل الاتصال الشخصي هناك فرد ما في كل حلقة من حلقات سلسلة الاتصال الشخصي يتمتع بحق تقرير ما إذا كانت الرسالة التي تلقاها سينقلها أو لن ينقلها، وأن تصل تلك الرسالة إلى الحلقة التالية بنفس الشكل الذي جاءت به أم أنه سيدخل عليها بعض التغييرات والتعديلات.
وحارس البوابة الإعلامية يعني السيطرة على مكان استراتيجي في سلسلة الاتصال، بحيث تصبح لحارس البوابة سلطة اتخاذ القرار فيما سيمر من أخبار وكيف سيمر من خلال بوابته، حتى يصل الخبر في النهاية إلى وسيلة الاتصال الإعلامية ومنها إلى الجمهور الإعلامي.
ويذكر لوين أن المعلومات تمر بمراحل مختلفة حتى تظهر على صفحات وسائل الاتصال والأعلام الجماهيرية والإلكترونية، وأطلق لوين على هذه المراحل تسمية بوابات، وقال: أن هذه البوابات تقوم بتنظيم كمية من المعلومات التي ستمر من خلالها، وأشار لوين إلى مفهوم وظيفة البوابة تعني فهم المؤثرات والعوامل التي تتحكم في القرارات التي يصدرها حارس البوابة.
وبمعنى آخر أنه هناك مجموعة من حراس البوابات يقفون في جميع مراحل سلسلة الاتصال التي يتم من خلالها نقل المعلومات، ويتمتع حراس البوابات بحق فتح بوابتهم أمام أي رسالة تأتي إليهم أو إغلاقها، كما أنه من حقهم أجراء تعديلات على الرسالة التي ستمر عبر بوابتهم على سبيل المثال:
يستطيع أي فرد تقرير ما إذا كان سيكرر أو يردد إشاعة معينة أو لا يرددها، لأن الإشاعات حينما تنتقل من مصدر إلى مصدر تطرأ عليها في الغالب بعض التعديلات وتتلون وفق اهتمامات ومعلومات الفرد الخاصة ومن ثم يقوم بنقلها، وحينما تطول سلسلة الاتصال نجد أن بعض المعلومات التي تخرج في النهاية لا تشبه المعلومات التي دخلت منذ البداية إلا في نواح قليلة، فإذا أخذنا في اعتبارنا أن ما يحدث في سلاسل الاتصال التي تنقل الأخبار حول العالم. كالخبر المنقول من اليابان أو الهند أو مصر إلى مدينة في ما في أمريكا الشمالية، يمر بمراحل كثيرة وأول حارس بوابة في هذه الحالة هو الفرد الذي لاحظ الحدث وقت وقوعه، ولنفترض أن ما حدث كان كارثة طبيعية وينتقي الفرد من دون شعور وصفاً لأشياء معينة لاحظها دون أشياء أخرى، أي أنه لاحظ أشياء وأغفل أشياء أخرى، ولهذا نراه يتحدث عن نواحي ويهمل نواحي أخرى.
وبعد حارس البوابة الأول يأتي حارس البوابة الثاني، وقد يكون مخبراً صحفياً حصل على الخبر من شاهد عيان شاهد الحدث وقت حدوثه، وقد يتصل الصحفي بأكثر من شاهد عيان كي يكوّن فكرة كاملة عن الحدث، وفي جميع الحالات، يختار المخبر وينتقي الحقائق التي سينقلها للصحفي، والحقائق التي سيهملها، ويقرر الجوانب التي سيختارها محدداً أهمية الحدث بنفسه.
وبعد ذلك يسلم الصحفي الخبر لمكتب وكالة الأنباء التي يعمل فيها. وفي وكالة الأنباء يقوم محرر آخر باتخاذ قرار معين عول الخبر ويقرر ما إذا كان سيختاره من بين مئات الأخبار لنقله إلى المشتركين في وكالة الأنباء أم أنه سيختصره ويضيف عليه أو يغيره أو ينقله كما ورد.
وبعد ذلك يأتي دور محرر الأخبار الخارجية في الصحيفة التي تتلقى البرقيات، ليقرر مدى أهمية الخبر وبالتالي المساحة التي يجب أن يخصصها له. أي لا بد من اختيار مادة من بين مواد كثيرة وصلت إلى وكالة الأنباء، أو وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لأن الأنباء تصل لهذه الوسائل من عدة مصادر ومن بينها وكالات الأنباء، والمراسلين الصحفيين في جميع أنحاء العالم، ومن الصحف الأخرى، ومن محطات الإذاعة المسموعة والمرئية.
وحراس البوابة في جميع تلك المراحل يسمحون لنسبة محدودة من آلاف المواد الإعلامية التي تصلهم بالانتقال إلى المراحل التالية، وفي النهاية يختار المحرر في الصحيفة الأخبار التي سينقلها إلى قرائه، وكل قرار يتخذ بتوصيل أو نقل شيء ما، هو قرار فيه كبت وإخفاء لشيء آخر من الحقيقة، كنتيجة لعدد من الضغوط الذاتية، ولذا يتوجب علينا كصحفيين أن نحدد تلك الضغوط ونفهمها كي نفهم الطريقة التي تقوم بها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية لأداء عملها الوظيفي المطلوب منها.
وأشار الباحث الأمريكي مارشال ماكلوهين، إلى أن مضمون الرسائل (المواد) الإعلامية لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التكنولوجيا التي تستخدمها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، فالكيفية التي تعرض بها المؤسسات الإعلامية الموضوعات، وطبيعة الجمهور الذي توجه إليه رسائلها الإعلامية، يؤثران على ما تنقله تلك الوسائل، وأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها، تحدد طبيعة المجتمع وكيفية معالجته لمشاكله.
وأن أي وسيلة إعلامية جديدة تشكل ظروفاً جديدة محيطة تسيطر على ما يفعله الأفراد الذين يعيشون في ظروف معينة، وتؤثر كلها على الطريقة التي يفكرون ويعملون وفقاً لها. لأن وسيلة الاتصال والإعلام هي امتداد لحواس الإنسان، فالكاميرة التلفزيونية تمد أعيننا، والميكرفون يمد آذاننا، والآلات الحاسبة الإليكترونية (الكمبيوتر) توفر بعض أوجه النشاط التي كانت في الماضي تحدث في عقل الإنسان فقط، وهي مساوية لامتداد الوعي الإنساني.
تتبع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق