نداء القلب
حوار مع عبد الله أريبوف رئيس اتحاد الكتاب بجمهورية أوزبكستان.
أجراه في طشقند أ.د. محمد البخاري
ولد عبد الله أريبوف: بطل أوزبكستان، ورئيس اتحاد الكتاب بجمهورية أوزبكستان، عام 1941 في قرية نيكوز بمنطقة كاسان التي يسكنها عدد كبير من المواطنين الأوزبك المنحدرين من أصول عربية في ولاية قشقاداريا. وتخرج في عام 1963 من كلية الآداب بجامعة طشقند الحكومية، وبعد تخرجه عمل من عام 1963 وحتى عام 1969، محرراً في دار النشر "يوش غفارديا" وبعدها من عام 1969 وحتى عام 1974 في دار النشر "غفور غلام" الأدبية، وخلال الفترة من عام 1974 وحتى عام 1976، عمل رئيس قسم في مجلة "شرق يولدوزي" (نجمة الشرق)، ومن عام 1976 وحتى عام 1982 مستشاراً أدبياً في إتحاد الكتاب بجمهورية أوزبكستان السوفييتية الاشتراكية، والسكرتير المسؤول عن فرع اتحاد الكتاب بولاية طشقند، ومن عام 1982 رئيساً لتحرير مجلة "غول خان".
ويكتب عبد الله أريبوف بلغته الأم الأوزبكية ومن أعماله الأدبية المنشورة: "النجمة" ديوان شعر عام 1965؛ و"أنتظرك" ديوان شعر عام 1967؛ و"أمي الحنونة" ديوان شعر عام 1969؛ و"النبع" ديوان شعر عام 1971؛ و"أوزبكستان" ديوان شعر عام 1971؛ و"رياح الوطن" ديوان شعر عام 1974؛ و"الإعجاب" ديوان شعر عام 1977؛ و"وجهاً لوجه" ديوان شعر عام 1979؛ و"الصيدلي والموت" ديوان شعر عام 1980؛ و"قلعة الأمل" ديوان شعر عام 1981.
وترجمت أشعاره إلى اللغة الروسية وصدرت في طشقند وموسكو. ويمارس عبد الله أريبوف الترجمة ومن ترجماته الأدبية إلى اللغة الأوزبكية "الكوميديا الإلهية" لدانتي، و"في التحصينات" ليسو أوكرايينسكي، و"عيد في كل منزل" لـ بيجاييف م.، وأبيات شعرية لبوشكين، ونيكراسوف، وفابتساروف ن. ، وغيرهم.
وحصل على وسام نجمة الشرف، وعلى جائزة الشباب في الأدب عن ديوانيه الشعريين "النبع" و"أوزبكستان" (1972)، وعلى جائزة حمزة الحكومية في الأدب.
ويعتبر عبد الله أريبوف مؤلف النشيد الوطني الأوزبكستاني، وعشرات الدواوين الشعرية، وهو إنسان يتمتع بحياة إبداعية متميزة فريدة، ينظر من خلالها إلى الحياة نظرة خاصة.
وفي لقاء خاص جمعنا صدفة أجريت معه الحوار التالي:
س- الشاعر والأديب عبد أريبوف أعرف أنكم من خلال عملكم تقيمون أعمالاً إبداعية فما هي النواحي التي تعتمدون عليها في تقيم العمل الإبداعي ؟
ج- من نواح مختلفة، وتجربتي الخاصة بغض النظر عن أني دائماً أكتب كثيراً، وأكتب دائماً كل ما يخالجني من أفكار، وما يمليه قلبي علي ومع ذلك هناك أوقات فراغ غير قليلة أمضيها في المطالعة والتقييم. وإن شاء القدر أن أبدأ من جديد، لاخترت نفس المهنة التي أزاولها، ولكن دون تكرار لبعض المواقف التي كانت مفروضة دائماً علي، لأن الكتابة بالنسبة لي حاجة نابعة من أعماق الروح.
س- يتردد أنكم غير محظوظين مع المترجمين ؟
ج- نعم، هذه حقيقة. لأن مواضيع الترجمة حساسة وصعبة جداً. هناك شعراء رائعون، أمثال: الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف، الذي ترجم له روبيرت رجديستفينسكي، ولا أحد، مثل روبيرت رجديستفينسكي، يمكن أن يكتشف الأسلوب والإيقاع الشعري لينقله إلى القارئ عبر النص الشعري المترجم إلى الروسية.
الترجمة مهنة صعبة المنال، ولا يستطيع الجميع القيام بها وحتى الشعراء أنفسهم.
س- ترجمات كثيرة لأشعاركم صدرت باللغة الروسية فمن أفضل من ترجم أشعاركم ؟
ج- المترجم نعوم غريبنيف، وأليكساندر فاينبرغ، وريما كازاكوفا، وإيغر شكلاريفسكي.
س- ترجمتم للكثير من الشعراء إلى اللغة الأوزبكية فلمن ترجمتم على سبيل المثال ؟
ج- ترجمت لبوشكين، ونيكراسوف، وليسو أوكراينسكي. وطيلة خمسة عشرة عاماً أعمل بشكل متواصل على ترجمة "الكوميديا الإلهية" لدانتي.
س- هل ترجمت لكم أبيات شعرية إلى اللغة العربية ؟
ج- لا أدري فالتواصل الأدبي مع الأوساط الأدبية العربية بعد استقلال أوزبكستان لم يزل ضعيفاً، وفي عام 2003 سمعنا عن ترجمة مختارات شعرية للشاعر الأوزبكي محمد علي، بعنوان: "من أنا"، و"الوطن"، و"الحماية"، و"الملك والشاعر". ومختارات شعرية للشاعرة الأوزبكية أيدين حجاييفا، بعنوان: "ليلة القدر"، و"الأوزبك". وقصة للأديب الأوزبكي سيد أحمد "عصيان الكنائن". وقصة للأديب الأوزبكي أولماس عمر بيكوف "أمانة القيامة". وقصة للأديب الأوزبكي أتكور هاشيموف بعنوان "الوليمة"، في ملف خاص عن الأدب الأوزبكي أعتقد أن مجلة "النوافذ" السعودية نشرته، ولكني لم أرى ذلك العدد الخاص، ولم أسمع عن ترجمة أي أبيات شعرية كتبتها أنا إلى اللغة العربية.
س- إبداع أي من الشعراء والكتاب أقرب إلى ذوقكم الشعري ؟
ج- الرد على هذا السؤال صعب جداً، فأنا لا أعتبر نفسي فيلسوفاً، ولكني أتقبل العالم المحيط بي من خلال شفافية أفكر بها. وأنا معجب دائماً بتراث علي شير نوائي، وسعدي، المتميز بمستواه الشعري الرفيع. وباهتمام ومتعة كبيرة أقرأ وأعيد قراءة أشعار بوشكين، ونيكراسوف، وباحترام كبير أنظر إلى بعض إبداعات تشولبان، وحميد عالم جان، وغفور غلام.
س- ما موقفكم من القيم الروحية والقيم المادية ؟
ج- القيم الروحية لا حدود لها، والمثل الأعلى للإنسان من وجهة نظري الصدق، ويمكن أن يكون هذا لأني في حياتي خدعت وأخدع كثيراً، ويمكن أن لا أشعر بالوحدة، إذا كان عندي أصدقاء، رغم عدم تطابق الأفكار. أما ما يتعلق بالقيم المادية، فلا أعرف ما ذا أقول ! فأنا لست من هواة جمع التحف والعاديات، ولا أملك طائرة، أو مزرعة، أو سوبر ماركت، ولا أهتم بأي شيء له علاقة بكسب الأموال وخزنها، ويمكن أن يكون هذا غير صحيح، وكان يجب أن أهتم بذلك ؟ لا أعرف !
س- كل منا يتعرض لأحداث تؤثر به فأي أحداث أثرت بكم وحولت شيئاً من مجرى حياتكم وأفكاركم ؟
ج- الحادي والثلاثين من آب/أغسطس 1991 عندما أعلن استقلال أوزبكستان. وعندما قالوا في النهاية أنه أصبح معترفاً بالأمير تيمور كشخصية تاريخية عظيمة، لأني أنظر للحياة من خلال الشخصية الفريدة لهذا القائد.
وكان من الغريب دائماً وغير مفهوم عندي كيف كان يمنع الحديث عن شخصيته وحتى ترديد اسمه. وكنت اعتقد حينها: أننا نعيش في عالم غير صحيح، في عالم يقرر بعض الأشخاص مصير شعوب بكاملها. وبعد الاستقلال مباشرة كتبت النص الدرامي المسرحي "صاحب قيران" الذي لم يزل يعرض على خشبة المسرح الأكاديمي الدرامي الأوزبكي بطشقند حتى الآن.
س- ما هو حلمكم الكبير وهل تحقق ؟
ج- نعم، حلمي الكبير تحقق، ووطني أصبح مستقلاُ. وأنا أكتب وأفكر بلغتي الأم الأوزبكية.
س- لكل منا قدره في الحياة فهل تؤمنون بالقدر ؟
ج- على ما أعتقد، أن الحياة نفسها هي قدر محتوم، وتخضع لقوانين منطقية، وفي توازن محدد بين النهار والليل، والحرب والسلم، والجيد في السيئ، والسيئ في الجيد.
س- كل منا يسعى للسعادة ما هي السعادة بالنسبة لكم ؟
ج- السعادة هي راحة الضمير، لأن اللص يمكن أن ينام بهدوء إذا غاب عنده الضمير، والمريض يرى السعادة في الشفاء، والأسرة المحرومة من الأولاد ترى السعادة في النسل.
س- وما هو الحزن ؟
ج- الحزن على ما أعتقد هو رفض الإنسان للحياة.
س- وما هو الحب ؟
ج- هو الشيء الذي كان موجوداً وهو موجود الآن وسيبقى إلى الأبد. وأنا أحس به وأحسست به وسأظل أحس به دائماً.
س- وما هو اليوم المحبب إليكم ؟
ج- عندما تكون أنت هادئاً والجميع حولك يتمتعون بالهدوء، عندما لا يكون هناك ديون، ولا يؤنبك ضميرك، عندما تحل المشاكل الكبيرة، وعندما تكون الأسرة في وفاق، وفوق رأسك سماء صافية يكللها السلام.
س- مع من ترغبون الحديث ؟
ج- مع أبي وأمي رحمهما الله، ليريا أحفادي، وليعرفوا بأني أصبحت بطل أوزبكستان.
س- من هو البطل المعاصر برأيكم ؟
ج- البطل المعاصر برأيي، قبل كل شيء هو إنسان طبيعي ومهما كان عالماً أم عاملاً أم فلاحاً المهم أن يكون مهتماً بالعمل الذي يتطلبه العصر. وهذا لا يعني أنه لا يوجد لديه مشاكل وكل شيء في حياته على ما يرام، ولا يوجد عنده نقائص تنغصه، وأنه خال من الأخطاء، لأن الحياة متنوعة وصعبة ليس للإنسان فقط، ولكن عليه أن يكون مثالاً في التواضع، والقناعة والسعي للوصول إلى الكمال.
س- ما هي تمنياتكم ؟
ج- أن أحقق ما لم يتحقق بعد، وأن أسامح من لم أسامحه، وأتمنى لمن هم من غير الأصدقاء الضمير الصافي.
طشقند 15/12/2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق