الاثنين، 31 أغسطس 2009

المشرق العربي واوزبكستان شراكة على طريق التقدم والمصلحة المتبادلة

المشرق العربي وأوزبكستان شراكة على طريق التقدم والمصلحة المتبادلة
أ.د. محمد البخاري: مستشار رئيس معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية في العلاقات الدولية، وأستاذ محاضر في كلية العلاقات الدولية.
بعد أن حققت جمهورية أوزبكستان استقلالها، برزت حاجة ملحة لإعداد دراسات علمية تشمل كل المسائل التي يمكن أن تساعدها في التكامل مع المجتمع الدولي، مباشرة أو من خلال المراكز المالية والاقتصادية الإقليمية الدولية الهامة. وهنا برزت أهمية خاصة للدراسات العلمية التي تحلل الخبرة العالمية التي يمكن أن تكون مفيدة للجمهورية الفتية، ومنها تحليل الخبرة المتراكمة للمجموعة العربية بما فيها خبرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
فالموقع الجغرافي والسياسي الهام الذي تشغله أوزبكستان اليوم، يعطيها أهمية خاصة في تطوير العلاقات الخارجية لدول الشرق عامة، ومن ضمنها طبعاً دول المشرق العربي. "فنحن جزء من المنطقة التي تتقاطع فيها المصالح المختلفة لروسيا والصين والهند، ودول الشرق والغرب – كما أشار رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف – وحقيقة أن الموقع على ملتقى الطرق المتشكلة والهامة لمراكز القوة الأوروبية، والتي من دون شكك ستحدد شكل القرن الحادي والعشرين، فأراضينا، وأراضي كل المنطقة ستبقى هدفاً لمصالح الدول القوية في العالم الإسلامي كتركيا، وباكستان، وإيران، والمملكة العربية السعودية"(1)
ويعتبر تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، هما من الشروط الأساسية للتطور الخلاق لدول المشرق العربي وآسيا المركزية على السواء. ومن هذا المنطلق يجب النظر إلى مستقبل تطور العلاقات بين جمهورية أوزبكستان ودول المشرق العربي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.
فمنطقة الخليج التي تضم إيران والعراق وستة إمارات عربية على شواطئ شبه الجزيرة العربية، وهي: المملكة العربية السعودية، والكويت، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وعمان، كلها تلعب دوراً تاريخياً هاماً في السياسة الدولية. منذ أن أكتشف الاحتياطي الضخم للطاقة في باطن أرض تلك الدول في أواسط القرن العشرين وتحول منطقة الخليج إلى واحدة من أهم مراكز النشاطات العسكرية والسياسية والاقتصادية والمالية للدول المتقدمة في العالم. بعد الارتفاع الحاد لكميات البترول المستخرجة في الدول العربية خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين. إذ بلغت كميات النفط المستخرجة خلال الفترة الممتدة من عام 1970 وحتى عام 1980 حوالي 684,4 مليون طن.(2)
ومن المهم أن نشير هنا إلى حقيقة زيادة أهمية النفط كمصدر أساسي للطاقة من بين مصادر الطاقة الأخرى. إذ بلغت نسبة النفط من بين مصادر الطاقة المستخدمة فعلاً مابين 27 – 48 % خلال الفترة الممتدة مابين 1950 و1980. هذا إن لم نتحدث عن الغاز الطبيعي الذي بلغت نسبة استخدامه مابين 10 – 19 %. وهو ما يسمح لنا باستنتاج أن نسبة 70 % من مصادر الطاقة المستخدمة خلال عام 1980 في دول العالم كانت تعتمد على النفط والغاز الطبيعي.
وقد تحولت فعلاً ثلاث دول من دول مجلس التعاون الخليجي وهي: المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، ودولة الإمارات العربية المتحدة، بفضل ما تملكه من احتياط يبلغ 45 % من إجمالي الاحتياطي العالمي للنفط، وحصتها البالغة 17 % من النفط المصدر للسوق العالمية، تحولت إلى آلية مؤثرة في الاقتصاد العالمي. وكمثال على ذلك نورد 90 مليار دولار أمريكي وهو ما دفعته الدول الصناعية في عام 1974 فقط لقاء النفط المصدر إليها من دول "الأوبك"، مما دفع تلك الدول للتفكير جدياً في إيجاد بدائل للطاقة.
وهنا يجب الإشارة إلى حقيقة تحول منطقة الخليج إلى واحدة من مصادر الغاز الطبيعي الأساسية في العالم، مما سمح لها بالتمتع بأهمية عالمية خاصة. بعد التطور الكبير الذي جرى في استخدام الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة في العالم، فقد كان عدد الدول التي استخدمت الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة قبل أربعين عاماً لا يزيد عن 17 دولة من دول العالم، بينما ازداد عدد تلك الدول اليوم إلى أكثر من سبعين دولة. ولوحظ في نفس الوقت أن ثلاث دول من الدول الخليجية وهي: إيران وقطر وعمان أصبحت من الدول الأربعة في العالم التي تملك مخزوناً عالمياً هاماً لمصدر الطاقة هذا. وبعد اكتشاف آبار النفط والغاز الطبيعي الغنية في تلك الدول، وإدخالها حيز الاستثمار الفعلي، وتسويق النفط والغاز المستخرج، تحقق دخلاً هائلاً لتلك الدول مما سمح بتراكم مبالغ ضخمة من العملات الصعبة أدت إلى تغيير جذري في الوضع الدولي للمنطقة.
وأوزبكستان اليوم أيضاً تتمتع بثروات طبيعية هائلة، فقد أكتشف في أرضها عملياً كل أنواع المعادن التي يشملها جدول مندلييف، وأكتشف فيها حتى اليوم أكثر من 2,5 ألف موقع هام يشمل أكثر من 100 معدن خام، يستخدم منها في الجمهورية فعلاً أكثر من 60 معدناً. وقد تم اكتشاف أكثر من 900 موقعاً تقدر قيمة احتياطيها من المعادن بأكثر من 970 مليار دولار أمريكي. وهنا يجب أن نشير إلى أن القيمة الإجمالية للثروة المعدنية في الجمهورية تقدر بأكثر من 3,3 تريليون دولار أمريكي.
ومن الثروات الإستراتيجية الهامة مثل النفط والغاز الطبيعي والمضغوط تم في أوزبكستان اكتشاف 155 موقعاً، ومن المعادن الثمينة أكثر من 40 موقعاً، ومن المعادن النادرة والمشعة 40 موقعاً، ومن الخامات الكيميائية 15 موقعاً.
وبفضل المستوى العلمي والتكنولوجي الحديث المتبع في أوزبكستان لاكتشاف الثروات الطبيعية، تم حتى اليوم الاستثمار الفعلي لمواقع غنية بالمعادن الملونة والنادرة، وكل مصادر الطاقة من نفط وغاز وغيرها من المعادن ومواد البناء، التي تسمح بتقدير مدى المستقبل الذي ينتظر أوزبكستان على المدى القريب. وسنوياً يستخرج من باطن أرض أوزبكستان ثروات طبيعية تقدر قيمتها بـ 5,5 مليار دولار أمريكي، وتؤدي الاكتشافات الجديدة لزيادة الثروة الوطنية من الثروات الطبيعية بحوالي 6-7 مليار دولار أمريكي.
ومن بين الثروات الطبيعية الهامة مثل الذهب، واليوانيوم، والنحاس، والغاز الطبيعي، وولفرام، والملح القلوي، والفوسفوريت، والكاولين، يشغل احتياطي أوزبكستان من الذهب المركز الرابع في العالم، وفي الذهب المستخرج المركز السابع. وفي احتياطي النحاس المركز 10-11، واليورانيوم المركز 7-8.
وأوزبكستان تملك موارد طاقة فريدة. ووفق نتائج التنقيب الجارية يبلغ احتياطي الغاز 2 تريليون متراً مكعباً، ومن الفحم الحجري أكثر من 2 مليار طن، وتملك أكثر من 160 موقعاً منتجاً للنفط. ووفق تقديرات الأخصائيين يوجد في باطن أرض أوزبكستان كميات كبيرة من النفط والغاز، وأن حوالي 60 % من أراضي الجمهورية صالحة لإنتاجهما. وهنا لابد أن نخص بالذكر خمسة مناطق رئيسية لإنتاج النفط والغاز، وهي: منطقة أوستيورت، ومنطقة بخارى – خيوة، ومنطقة جنوب غرب غيسارة، ومنطقة سورخانداريا، ومنطقة فرغانة. وتبلغ قيمة احتياطي النفط والغاز حسب التقديرات الحالية أكثر من تريليون دولار أمريكي.
وتعتبر آبار شورتان ومبارك من أكبر المواقع المنتجة للغاز في الجمهورية بالمقارنة مع آبار جنوب غرب غيسارة وبخارى وخيوة. ويحتوي الغاز المنتج في الجمهورية على الإيتان والبروبان والبوتان، وغيرها من عناصر الغاز الطبيعي، الصالحة للحصول على مواد البولومير، والبولي إيتلين والبوليوي نيلخلوريد وغيرها. بالإضافة إلى غاز البروبان ينتج المجمع الكيميائي في شرتان حمض نيتريل أكريل الصالح لإنتاج خيوط النيترون.
ولهذا كله نرى أن اهتمام أوزبكستان منصب على تعزيز العلاقات الاقتصادية والعلمية والتقنية مع الدول العربية، وخاصة الدول الخليجية ومصر. لأن تلك العلاقات تنبع من ضرورات محددة تتطلب تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية التي تعزز من استقلال وسيادة أوزبكستان. وحتى اليوم لأوزبكستان علاقات اقتصادية ودبلوماسية جيدة مع كافة تلك الدول.
واعترفت دولة الإمارات العربية المتحدة باستقلال جمهورية أوزبكستان في 26/12/1991، وأتفق على إقامة العلاقات الدبلوماسية في 25/10/1992. وبدأت العلاقات بالتعاون الثنائي مع إمارتي دبي والشارقة.
وفي تشرين ثاني/نوفمبر 1992 افتتحت أوزبكستان قنصلية لها في دبي، وكانت من أولى ممثليات الدبلوماسية الأوزبكستانية في الخارج، وفي نفس العام رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي فيها إلى قنصلية عامة.
وفي شباط/فبراير 1992 بدأت "الخطوط الجوية الأوزبكستانية" بتسيير خط جوي منتظم ومباشر بين طشقند والشارقة؛ وفي كانون أول/ديسمبر 1992 شاركت أوزبكستان في معرض "إكسبو 92" الدولي في دبي؛ وفي كانون أول/ديسمبر 1994 قام وفد رسمي عن حكومة إمارة دبي بزيارة أوزبكستان؛ وفي أيار/مايو 1997 قام وزير الداخلية الأوزبكستاني باطير بربييف بزيارة لإمارة دبي، تم خلالها التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية الأوزبكستانية، والقيادة العامة لشرطة دبي، أعقبتها زيارة القائد العام لشرطة دبي لأوزبكستان خلال تشرين أول/أكتوبر وتشرين ثاني/نوفمبر 1997.
ومن تشرين ثاني/نوفمبر 1997 طورت العلاقات الثنائية على المستوى الاتحادي، حيث قام نائب رئيس الوزراء الأوزبكستاني بختيار حميدوف بزيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة التقى خلالها بنظيره الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، وشارك خلال الزيارة في أعمال مؤتمر لرجال الأعمال. تم خلاله التوقيع على بروتوكولات للتعاون بين الشركات الأوزبكستانية والإماراتية. سبقه في آذار/مارس 1997 مؤتمر مماثل في دبي عن فرص الاستثمار في أوزبكستان. وفي فبراير/شباط 1998 تم في طشقند التوقيع على اتفاقية ضمان منع الازدواج الضريبي، واتفاقية تشجيع الاستثمار في البلدين، واتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي. وفي تشرين ثاني/نوفمبر 1998 زار وزير الخارجية الأوزبكستاني البروفيسور عبد العزيز كاميلوف دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم خلال الزيارة توقيع اتفاقية للنقل الجوي، واتفاقية لحماية الاستثمارات.
وفي المجالات الاقتصادية: وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 1997 إلى 75,671 مليون دولار أمريكي، وهو أعلى مستوى للتبادل التجاري بين أوزبكستان وأية دولة عربية أخرى. ويميل ميزان التبادل التجاري بين البلدين لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ بلغ حجم صادراتها في نفس العام 64,680 مليون دولار أمريكي نتيجة لتجارة إعادة التصدير من إمارة دبي. بواسطة الشركات التجارية المشتركة بين البلدين.
وفي المجالات الثقافية والعلمية: قام وفد عن جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكستاني برئاسة نائب رئيس الجامعة للعلاقات الدولية، بزيارة لجامعة الإمارات العربية المتحدة في نهاية عام 1998 للبحث في أوجه التعاون العلمي والثقافي المشترك. وفي نيسان/أبريل 2000 زارت الدكتورة فاطمة الصايغ رئيسة قسم التاريخ والآثار بجامعة الإمارات العربية المتحدة، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية وألقت سلسلة من المحاضرات أمام الهيئة التدريسية وطلاب الجامعة التي يدرس فيها طالب إماراتي واحد العلاقات الدولية.
واعترفت دولة البحرين باستقلال جمهورية أوزبكستان في 28/12/1991، وفي مايو/أيار 1992 أثناء الزيارة الرسمية للوفد البحراني لأوزبكستان تم التوقيع على اتفاقية لتبادل التمثيل الدبلوماسي، وهذا بدوره فتح الطريق لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية بين الدولتين. وفي فبراير/شباط 1997 زار وفد من رجال الأعمال البحرانيين طشقند بهدف التعرف على إمكانيات تطوير التجارة بين البلدين.
واعترفت المملكة العربية السعودية رسمياً باستقلال جمهورية أوزبكستان في 30/12/1991، وفي 20/2/1992 تم توقيع مذكرة تفاهم حول تبادل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أثناء زيارة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في المملكة لأوزبكستان.
وفي نيسان/أبريل 1992 قام الرئيس إسلام كريموف بزيارة رسمية للمملكة العربية السعودية، وكانت تلك الزيارة خطوة هامة عززت من فرص توفير الظروف الطبيعية للتعاون الاقتصادي بين البلدين، الذين تربطهما علاقة قرابة يمكن أن يسهم من خلالها المواطنون السعوديون من أصل أوزبكي في توطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين؛ أعقبها في تشرين ثاني/نوفمبر 1992 افتتاح قنصلية أوزبكستانية في جدة، وفي أيار/مايو 1995 السفارة الأوزبكستانية في الرياض، وأثناء زيارة وزير الخارجية الأوزبكستانية البروفيسور عبد العزيز كاميلوف للمملكة، تم في 25 جماد الثاني 1416 هـ الموافق 18/11/1995 التوقيع على اتفاقية عامة شملت التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والرياضة والشباب بين البلدين، وقعها عن الجانب السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية، وعن الجانب الأوزبكي معالي البروفيسور عبد العزيز كاميلوف وزير خارجية جمهورية أوزبكستان. وفي 27/3/1997 سفارة المملكة العربية السعودية في طشقند، وقدم سعاد السفير الأستاذ أبو بكر عباس رفيع أوراق اعتماده كأول سفير للمملكة العربية السعودية في أوزبكستان بتاريخ 6 /6/1997.
وفي المجالات الاقتصادية: قدمت المملكة العربية السعودية في عام 1992 معونة اقتصادية شملت 800 ألف طن من القمح؛ وفي عام 1997 أسست مجموعة من رجال الأعمال السعوديين "الشركة الدولية للاستثمارات في دول آسيا المركزية"، وفي حزيران/يونيه من نفس العام زار وفد من الشركة أوزبكستان لتنشيط المشروعات الاستثمارية المشتركة، تم خلال الزيارة الاتفاق على إقامة جملة من المشاريع الاستثمارية المشتركة في مجالات الصناعات الغذائية والتشييد والبناء. والتفاوض على إنشاء شركة أوزبكستانية سعودية مشتركة لإنتاج الأنابيب البلاستيكية في أوزبكستان؛ والمفاوضات جارية لإنشاء لجنة مشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي بين الدولتين، بعد أن وصل مؤشر التبادل التجاري بين الجانبين الأوزبكستاني والسعودي 2,83 مليون دولار أمريكي عام 1997، وبلوغ الصادرات الأوزبكستانية إلى المملكة 1,442 مليون دولار أمريكي في نفس العام. وفي 18/8/1999 قام معالي الأستاذ أسامة بن جعفر فقيه وزير التجارة السعودي بزيارة لأوزبكستان للمشاركة في الدورة الأولى للجنة السعودية الأوزبكية المشتركة لمتابعة تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين البلدين، والتي يرأسها عن الجانب الأوزبكي معالي السيد أبرار عثمانوف نائب رئيس الوزراء.
وفي المجال العلمي والثقافي: زار معالي خالد العنقري وزير التعليم العالي السعودي أوزبكستان في تشرين أول/أكتوبر 1997 على رأس وفد رسمي كبير ضم بعض رؤساء الجامعات في المملكة من بينهم الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد الفيصل مدير جامعة الملك سعود، والأستاذ الدكتور غازي عبيد مدني مدير جامعة الملك عبد العزيز، والأستاذ الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الدخيل مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وسبق الزيارة قيام الأستاذ الدكتور نعمة الله إبراهيموف رئيس معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، بزيارة للملكة في حزيران/يونيو من نفس العام، وأعار الجامعة اثنين من مدرسيها يعملان حالياً في جامعات المملكة. كما ويدرس عدد من الطلاب الأوزبك في الجامعات السعودية. وتقوم بعض الهيئات السعودية بتقديم المعونة للمؤسسات الإسلامية الأوزبكستانية في مجال طباعة الكتب الدينية باللغتين العربية والأوزبكية، وفي ترميم المساجد، ودعم الجامعة الحكومية الإسلامية في طشقند التي فتحت أبوابها للدراسة في أيلول/سبتمبر 1999. وفي الفترة من 18-25/5/2000 زار أوزبكستان وفد من وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، برئاسة الدكتور خالد عبد الرحمن الحمودي وكيل جامعة الملك سعود في الرياض.
والعلاقات السياسية بين سلطنة عمان وجمهورية أوزبكستان بدأت مع زيارة الوفد الرسمي العماني برئاسة يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني في يناير-فبراير/كانون أول/شباط 1992 لأوزبكستان. وفي المؤتمر الدولي الذي انعقد في طشقند تحت عنوان "آسيا المركزية: منطقة خالية من الأسلحة الذرية" في سبتمبر/إيلول 1997 شارك وفداً عمانياً رفيعاً.
واعترفت دولة الكويت باستقلال جمهورية أوزبكستان في 8/7/1994، وفي 8/7/1994 تم الاتفاق على تبادل العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. ومثل السفير الكويتي في الإتحاد الروسي بلاده كسفير غير مقيم في جمهورية أوزبكستان، ويمثل السفير الأوزبكستاني في المملكة العربية السعودية بلاده كسفير غير مقيم في دولة الكويت، من شباط/فبراير 1999.
وفي المجالات الاقتصادية: تم في أيار/مايو 1997 إشهار شركة أنوار الهدى الأوزبكستانية الكويتية الأفغانية المشتركة لإنتاج وتسويق الأثاث.
وفي المجالات الثقافية والعلمية: يقدم صندوق عبد العزيز البابطين للدراسات العليا حوالي 100 منحة دراسية للطلاب الأوزبكستانيين للدراسة في جامعة القاهرة، وتمويل نفقات عمل الأساتذة المصريين الذين يدرسون اللغة العربية في المعهد العالي الحكومي للدراسات الشرقية في طشقند، وخصص جائزة "عبد العزيز سعود البابطين لأحفاد الإمام البخاري" التي فاز بها عام 1996 أ.د. نعمة الله إبراهيموف رئيس المعهد. وخلال الفترة من عام 1995 وحتى عام 1998 درس عدد من طلاب المعهد اللغة العربية في مركز اللغات الكويتي. وفي آب/أغسطس 1996 افتتحت هيئة الإغاثة الكويتية/لجنة مسلمي آسيا، فرعاً لها في طشقند.
واعترفت دولة قطر باستقلال جمهورية أوزبكستان في 28/12/1991.
واعترفت جمهورية مصر العربية باستقلال جمهورية أوزبكستان في 26/12/1991. وقام وفد رفيع برئاسة نائب رئيس الوزراء المصري آنذاك الدكتور كمال الجنزوري بزيارة طشقند في 23/1/1992. وتم خلالها التوقيع على بيان مشترك لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. وفي كانون أول/ديسمبر 1992 زار الرئيس إسلام كريموف القاهرة على رأس وفد حكومي كبير. وتم خلالها التوقيع على اتفاقية أسس العلاقات والتعاون بين مصر وأوزبكستان، واتفاقية التعاون الاقتصادي والعلمي والفني، واتفاقية النقل الجوي، واتفاقية لتشجيع وحماية الاستثمارات . وللتغلب على مشكلة نقص العملات الأجنبية تم الاتفاق على صيغة الصفقات المتكافئة، كصيغة للتبادل التجاري بين البلدين. وقد مثلت تلك الاتفاقيات الأساس الذي استندت إليه العلاقات الثنائية فيما بعد. وفي نيسان/أبريل 1992 تم توقيع اتفاقية بين وزارة الصناعات الغذائية الأوزبكستانية، وشركة السكر والصناعات التكميلية المصرية. وفي أيار/مايو 1992 تم التوقيع على أربع اتفاقيات للتعاون بين معهد طشقند العالي الحكومي للدراسات الشرقية، وكلاً من جامعات القاهرة، والزقازيق، وأسيوط، ومركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة. والبرنامج التنفيذي لاتفاقية التعاون العلمي والثقافي الموقعة بين معهد طشقند العالي الحكومي للدراسات الشرقية وجامعة الأزهر. واتفاقية تبادل افتتاح المراكز الثقافية والتعليمية.
وفي أيار/مايو 1993 تم افتتاح السفارة المصرية في طشقند ، والسفارة الأوزبكستانية في القاهرة في تشرين أول/أكتوبر 1995 أثناء زيارة وزير الخارجية الأوزبكستاني الدكتور عبد العزيز كاميلوف للقاهرة. وفي إيلول/سبتمبر 1993تم توقيع بروتوكول التعاون في مجال الشؤون الإسلامية والأوقاف. وفي أيار /مايو 1995 تم أثناء زيارة وزير التعليم المصري لطشقند التوقيع على اتفاقية للتعاون في مجال التعليم بين وزارتي التعليم في البلدين، واتفاقية بين وزارة التعليم الأوزبكستانية وجامعة الأزهر، واتفاق للتعاون العلمي بين جامعتي طشقند والقاهرة. وفي تشرين أول/أكتوبر 1995 تم توقيع اتفاقية للتعاون السياحي. وفي حزيران/يونيو 1996 تم التوقيع على اتفاق للتعاون في المجال الزراعي.
وفي المجال الاقتصادي: تم إنشاء اللجنة المصرية الأوزبكستانية المشتركة برئاسة وزيري الاقتصاد في البلدين، التي عقدت أول دورة لها في طشقند في حزيران/يونيو 1996، أقيم خلال انعقادها معرضاً للمنتجات المصرية بطشقند شاركت فيه 62 شركة مصرية، وتنعقد اللجنة سنوياً في طشقند والقاهرة بالتناوب.
وفي مجال التعاون العلمي والثقافي: قام الصندوق المصري للتعاون مع دول الكومنولث التابع لوزارة الخارجية المصرية، منذ إنشائه بتقديم حوالي 170 منحة تدريبية متخصصة لأوزبكستان في مجالات نقل الخبرة والتدريب في المراكز والمعاهد العلمية المصرية، وشملت أكاديمية الشرطة، والمعهد المصرفي، ومعهد الدراسات الدبلوماسية، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، ومركز المعلومات واتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء المصري، والهيئة العامة للتنشيط السياحي، والمعهد القومي للنقل، والمركز الدولي للزراعة، ومعهد الدراسات الإستراتيجية، وإتحاد الإذاعة والتلفزيون، والمركز الدولي للتدريب والاستشارات، وهيئة كهرباء مصر، ومعهد التبّين للدراسات المعدنية. وأوفد الصندوق في حزيران/يونيو 1995 أربع خبراء مصريين من وزارة الري لإجراء مشاورات أولية لإعداد عمل الخبراء المصريين في برنامج إعادة تأهيل بحر الأورال. وتقدم مصر حوالي 20 منحة دراسية لمدة عام للطلاب الأوزبكستانيين للاستماع بأقسام اللغة العربية بالجامعات المصرية، و 20 منحة دراسية للحصول على درجتي الليسانس والبكالوريوس. وأعارت وزارة التعليم المصرية 6 مدرسين، يقومون حاليا بتدريس اللغة العربية في المعهد العالي الحكومي للدراسات الشرقية وجامعات سمرقند وبخارى ونمغان الحكومية، إضافة لخمسة مدرسين موفدين من جامعة الأزهر. وأثناء الزيارة التي قام بها وزير الزراعة الأوزبكستاني للقاهرة عام 1997 تم الاتفاق على تدريب الخبراء الأوزبكستانيين في المركز الدولي للزراعة على الأساليب الزراعية الحديثة في مصر، وتزويد الجانب الأوزبكستاني بالبذور المحسنة للمنتجات الزراعية المتقدمة. ومنذ عام 1993 يعمل في طشقند مركز التعليم والعلوم المصري، الذي ينظم دورات دائمة لتعليم اللغة العربية للعموم، ويقوم بنشاطات ثقافية متنوعة. وفي عام 1999 صدر عن مطابع الشروق في القاهرة كتاب "أوزبكستان: الدولة والقائد"، كثمرة للتعاون المشترك في مجال البحث العلمي، شارك في تأليفه عن الجانب المصري أ.د. محمد السيد سليم، ود. إبراهيم عرفات، وعن الجانب الأوزبكستاني المستعربان المعروفان أ.د. نعمة الله إبراهيموف، وأ.د. صالح إنعاموف.
وفي المجال الإعلامي: يتعاون المكتب الإعلامي التابع للسفارة المصرية في طشقند، مع وسائل الإعلام الأوزبكستانية، ويوفر للتلفزيون الأوزبكستاني المسلسلات التلفزيونية المصرية التي تبثها القنوات الأوزبكستانية بعد دبلجتها باللغات الأوزبكية والروسية. وسبق أن قام المكتب الإعلامي المصري في طشقند نيابة عن إتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري بإهداء تلفزيون أوزبكستان محطة استقبال أرضية مكنته من التقاط القناة التلفزيونية الفضائية المصرية، التي كثيراً ما يقوم التلفزيون الأوزبكستاني بإعادة بث بعض فقراتها للمشاهد المحلي.
وعلى صعيد المنظمات والهيئات الدولية: دعمت أوزبكستان المرشحين المصريين لشغل بعض المناصب الدولية، ومنها: ترشيح الدكتور فتحي سرور لشغل منصب رئيس الإتحاد البرلماني الدولي؛ وترشيح الدكتور فؤاد رياض لعضوية المحكمة الدولية، لمحاكمة مجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة؛ وترشيح الدكتور مفيد شهاب لعضوية المجلس التنفيذي لليونسكو؛ وترشيح الدكتورة هدى بدران لعضوية لجنة الطفل التابعة للأمم المتحدة؛ وترشيح مصر لعضوية المجلس التنفيذي الاستشاري لإتحاد البريد العالمي؛ وترشيح مصر لعضوية مجلس إدارة الإتحاد الدولي للاتصالات؛ وعضوية مصر لعضوية لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة.
وتنتظر آفاق التعاون الثنائية المصرية الأوزبكستانية، افتتاح الخط الجوي المباشر بين القاهرة وطشقند، وإنشاء معرض دائم للمنتجات المصرية في طشقند، والمنتجات الأوزبكستانية في القاهرة. وهو ما يساعد على تشجيع إقامة الشركات المشتركة في البلدين.
وفي مجال الدبلوماسية الشعبية: في عام 1997 بادرت الأوساط الاجتماعية الأوزبكستانية إلى تأسيس جمعية الصداقة الأوزبكستانية المصرية برئاسة الشخصية الاجتماعية المعروفة وعضو البرلمان الأوزبكستاني الأستاذ الدكتور نعمة الله إبراهيموف رئيس جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، وعضو أكاديمية العلوم الأوزبكستانية. وبدأت الجمعية بممارسة نشاطاتها اعتباراً من عام 1998. وكان من أبرز نشاطات الجمعية خلال عام 1999 الاحتفال في شباط/فبراير بذكرى مرور 100 عام على ميلاد الأديب المصري الكبير توفيق الحكيم، بتقديم عمل "غرائب المساء" المسرحي من تأليفه على خشبة مسرح أبرار هيداياتوف في طشقند، وحضر الاحتفال السفير المصري الدكتور ممدوح شوقي، وأعضاء السفارة المصرية، ومركز العلم والتعليم المصري، والمكتب الإعلامي المصري في طشقند، وأعضاء جمعية الصداقة ولفيف من أبرز المستعربين والشخصيات الثقافية والفنية الأوزبكستانية، إضافة للاحتفالات بالمناسبات الوطنية للبلدين. وتم مؤخراً إقامة جمعية للصداقة المصرية الأوزبكستانية في مصر برئاسة رئيس جامعة القاهرة.
وكما أشار الرئيس كريموف واضع مبادئ التطور اللاحق لجمهورية أوزبكستان فإن "إتباع سياسة مراحل الأبواب المفتوحة ستكون مع أولئك المستثمرين الأجانب، الذين يقدمون للجمهورية تكنولوجيا بمستوى عالمي، ويساهمون في إقامة البنية المستقلة للاقتصاد الوطني".(4) وعملياً فهناك إمكانيات كبيرة وناجحة لكل دول المشرق العربي للعمل في الساحة السياسية والاقتصادية لدول آسيا المركزية الجديدة بالنسبة لهم.
وعن المجالات المتعددة والمحددة لإمكانيات التعاون الاقتصادي بين أوزبكستان ودول المشرق العربي يمكن ذكر الكثير والأهم أنها تنبع من تعدد إمكانيات كل تلك الدول. وأهمها هو جذب رؤوس الأموال العربية للاستثمار في أوزبكستان والتي يمكن أن تكون على شكل إقامة شبكة من الشركات الاستثمارية والإنتاجية المشتركة بإسهام من الحكومات، والقطاع الخاص في تلك الدول على السواء. والاتجاه الآخر يمكن أن يكون عن طريق المساهمة العربية في تطوير عمليات استخراج النفط والغاز في أوزبكستان، وفي صناعات النفط والغاز، وفي توظيف الخبرة الهائلة المتراكمة في بعض دول المشرق العربي في هذا المجال الاقتصادي الحيوي، لترشيد الصناعات البترولية الأوزبكستانية لما فيه المنفعة المتبادلة للجانبين. إذ أن مستقبل تطور العلاقات الواسعة بين أوزبكستان ودول المشرق العربي، ستعزز من قدرات أوزبكستان وتعزز من موقعها على الساحة الدولية، ولابد أن تلقي بظلها أيضاً على مستقبل العلاقات بين دول المشرق العربي ودول آسيا المركزية الأخرى، خاصة وأن الأوساط العربية بدأت تنظر إلى الموقع الريادي لأوزبكستان في آسيا المركزية برمتها.
والحقائق التي تشير إلى إمكانيات تطور العلاقات العربية الأوزبكستانية كثيرة جداً، وتتضمن إلى جانب الحقائق الاقتصادية، حقائق تاريخية وثقافية ودينية مشتركة تقربها من بعضها البعض. إضافة لتطابق المصالح السياسية والاقتصادية الوطنية. ومن دون شك فإن تطور العلاقات المشتركة ستعود بالفائدة السياسية والاقتصادية والمالية للجميع. وواضح أن التعاون في المجالات الاقتصادية واستثمار الموارد الطبيعية في آسيا المركزية وخاصة في أوزبكستان هو من أكثر الاتجاهات المبشرة في العلاقات الاقتصادية الخارجية لدول المشرق العربي وأوزبكستان على أعتاب القرن الحادي والعشرين، وتحمل في طياتها فوائد اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وعلمية كبيرة لصالح شعوب تلك الدول.
هوامش:
1) إسلام كريموف: أوزبكستان على عتبة القرن الحادي والعشرين: تهديدات الأمن، وظروف ضمان التقدم. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1997. ص 12. باللغة الروسية.
2) The Arab Economist/Beirut, 1981, v. 13. No. 139. p. 65; Petroleum Economist//The International Energy Journal. L., 1982. p.6.
3) زاهد الله منواروف: دول شبه الجزيرة العربية في العلاقات السياسية والاقتصادية العالمية في القرن العشرين. ملخص أطروحة دكتوراه في العلوم. طشقند 1997. ص 4.
4) إسلام كريموف: كلمة أمام الدورة السادسة لعالي مجلس (البرلمان) جمهورية أوزبكستان. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1996. ص 45.
طشقند في 29/8/2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق