الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

أوزبكستان الطريق الطويل نحو الاستقلال 2 من 3

أ.د. محمد البخاري
أوزبكستان الطريق الطويل نحو الاستقلال 2 من 3
طشقند - 2000
والموضوع الرئيسي في العلاقات المتبادلة لأوزبكستان مع أطراف رابطة الدول المستقلة، هو تطوير وتعزيز العلاقات المتساوية مع روسيا المستقلة اعتماداً على إمكانياتها. وأثناء تحديد سياستنا الخارجية والداخلية، لا يمكننا تجاوز حقيقة أنه ولأكثر من 70 سنة كانت روسيا وأوزبكستان ضمن الإتحاد السابق، وكانتا مرتبطتان ببعضهما بقوة في جميع مجالات الحياة، الاقتصادية، والثقافية. وجذور هذه العلاقات تمتد عميقاً في الماضي. وإذا كان لروسيا تأثير حقيقي على الحياة في أوزبكستان، ومصيرها ومستقبلها، فيجب أن نعترف بإيجابية وأهمية علاقاتنا العظيمة. ومن أجل أن نقف بثبات على أرجلنا، يجب أن نهتم بديناميكية وطبيعة اقتصادنا، وأن نستخدم بالكامل إمكانيات شعوب المنطقة، ومن الضروري تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وتأمين سلامة الحدود. ويجب أن يكون للجمهورية عمقاً مضموناً. ومن أجل الحفاظ على بيتنا، والحدود الحالية فإننا نحتاج لدعم روسيا التي تملك إمكانيات قوية. والتأثير المتبادل عظيم في حل المشاكل الاقتصادية، واكتشاف الطرق للخروج من الأزمة. ومن أجل معافاة اقتصاد أوزبكستان يتمتع توريد الموارد الهامة للحياة من روسيا إلى أوزبكستان بأهمية خاصة، كالمعادن، والنفط، والخشب ومشتقاته، ووسائل المواصلات، والمعدات التكنولوجية، وغيرها من البضائع. وتعتبر أوزبكستان بدورها المورد الرئيسي لروسيا للألياف القطنية، والشروت، والحرير الطبيعي، والخضروات وغيرها من البضائع. ومن الضروري أن نأخذ في الاعتبار حقيقة مفادها أن أكثرية سكان أوزبكستان يريدون الحفاظ على الصداقة مع روسيا. ومع روسيا خاصة وليس مع المركز السابق. وفي الجوهر روسيا كغيرها من جمهوريات الإتحاد السابق، لم تكن مستقلة، وأصبحت الآن مستقلة. وتوقيع معاهدة الصداقة والتعاون بين جمهورية أوزبكستان وروسيا الاتحادية، يعتبر دفعة قوية للتطور اللاحق للعلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية، تلبي المصالح الحيوية لشعبي الدولتين المستقلتين.
والأسبقية في سياسة أوزبكستان الخارجية موجهة إلى تعزيز علاقات الأخوة والصداقة مع الجمهوريات المستقلة في آسيا الوسطى وقازاقستان، وتعميق وتطوير العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، وتوسيع التبادل العلمي والثقافي معها. لأن بلدان هذه المنطقة تتميز بسعيها التاريخي للتعاون. وتفرض ذلك ليس الحدود المشتركة وحسب، بل وتقارب الثقافة القومية، واللغة، والعادات والتقاليد. لأن اقتصاد هذه الجمهوريات متشابك بقوة، ويعيش حالة من التأثير المتبادل، في ظروف صعبة واحدة. ومن الضروري الحفاظ وتعزيز العلاقات الاقتصادية النابعة من ظروف الاستخدام المشترك للطاقة، والمواصلات، وشبكات الري، وشبكات توزيع المياه والغاز. ويضاف إلى ذلك أيضاً التعاون داخل المنطقة في تصنيع المعادن والمواد الخام والمنتجات الزراعية. ويتمتع بأهمية خاصة من ضمن العلاقات في المنطقة تطبيق إجراءات مشتركة للخروج من الكارثة البيئية في منطقة الأورال، وإنقاذ بحر الأورال. والتعاون المثمر بين الجمهوريات المستقلة في آسيا الوسطى وقازاقستان سيوفر الإمكانية لتحقيق المزيد من المشاريع الناجحة المشتركة مع دول من خارج المنطقة، وخاصة مع الشرق الإسلامي. ومع توطد الاستقلال الحكومي لأوزبكستان وغيرها من جمهوريات آسيا الوسطى أصبحت الإمكانية أمامها مفتوحة لإقامة علاقات مباشرة مع الدول القريبة روحياً، في الدين، والعادات والتقاليد من بلدان الحضارة الإسلامية الأسيوية. وتوطيد التعاون الحكومي على أرفع المستويات مع الدول الشقيقة يمكن الجمهورية من الدخول إلى نظام العلاقات الاقتصادية العالمي على مبدأ الشريك المتساوي فعلاً، وعلى مبدأ الاحترام المتبادل. هذا وقد وضعنا في مقدمة مساعينا إقامة علاقات خارجية مع دول آسيا والمحيط الهادئ.
وهناك تقارب خاص وعلاقات مثمرة تتشكل بيننا وبين الجمهورية التركية، التي فعلت الكثير من أجل تقديم المساعدة الحقيقية لنا. واتفاقية أسس وأهداف التعاون بين جمهورية أوزبكستان والجمهورية التركية، والاتفاقية في مجال التجارة والاقتصاد، وغيرها من الاتفاقيات فتحت آفاقاً جديدة للتعاون بين الدولتين الصديقتين. الخبرة التركية، وطريقها للإصلاح الاقتصادي، والوصول لعلاقة منسجمة بين الدولة والدين، انطلاقاً من ظروف سكانية وثقافية متشابهة، وكلها تحظى باهتمام كبير لدينا من أجل تحديد طريقنا الخاص للتطور الاجتماعي والاقتصادي ودولة القانون. وأوزبكستان وتركيا، انطلاقاً من اهتماماتهما المشتركة، عقدتا النية على التعاون في مجال صناعة النسيج والألبسة الجاهزة، وتصنيع المنتجات الزراعية، والتنقيب واستخراج واستخدام مختلف الثروات الباطنية، وبناء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنظيم إعداد الكوادر، وتطوير السياحة. والتعاون الفاعل التجاري والاقتصادي والثقافي، والتعرف الأفضل على أسلوب حياة الشعوب، التي تملك جذوراً روحية مشتركة، ستخدمها الرحلات الجوية المنتظمة، وتبادل البرامج الإذاعية والتلفزيونية. وأوزبكستان تسعى أيضاً لتعميق علاقاتها المتبادلة مع الدول الإسلامية الأخرى، وهناك تحرك معين على هذا الطريق. ويبشر لقاء عشق آباد لدول آسيا الوسطى وقازاقستان وإيران وباكستان وتركيا، بآمال جيدة. وقد تم أثناءه التوصل لاتفاق مشترك لبناء خط السكك الحديدية ترانس آسيا. وتحقيق هذا المشروع يوفر لأوزبكستان مخرجاً للمحيط العالمي، وللمراكز التجارية العالمية، ويحقق رفع مستوى الحركة والخيارات في اتجاهات النشاطات الخارجية.
كما وتمت الخطوات الأولى لإقامة علاقات مع الدول العربية، وخاصة مع العربية السعودية. والشعب الأوزبكي تمكن من التعرف على التراث الثقافي والديني معها، وإلى تطوير التجارة والسياحة وإعداد الكوادر. وتتطور العلاقات المثمرة لأوزبكستان مع العمالقة الآسيويين الصين والهند. وقد تم التوقيع معهما على اتفاقيات للتجارة والاقتصاد. يوفر تعميق الاهتمامات المشتركة في مجالات متعددة: من توريد الخامات الضرورية وبضائع الاستهلاك الشعبي، إلى بناء الفنادق، والتعاون التقني والعلمي في مجالات الصحة، وإنتاج الأدوية، واستخدام مصادر الطاقة غير التقليدية. وخصوصية العلاقات الاقتصادية بين أوزبكستان والصين والهند هي إمكانية تحقيقها على أساس التقاص دون الحاجة للعملة الصعبة. والاتجاه الهام في تنشيط السياسة الخارجية الأوزبكستانية هو إقامة علاقات متساوية مع الدول المصنعة الحديثة في جنوب شرق آسيا. ولجمهوريتنا اهتمام خاص بخبرتهم في ترشيد الاقتصاد، وجذب استثمارات هذه الدول لتصنيع المنتجات الزراعية وخاصة الصناعية منها، وفي المجالات الصناعة المبنية على الأسس العلمية.
تعددية وانفتاح السياسة الخارجية الأوزبكستانية تتمثل في إقامة علاقات اقتصادية قوية مبنية على المنفعة المتبادلة مع الدول المتقدمة. وشعوب منطقتنا تتعامل مع الحضارة الأوروبية منذ أكثر من ألفين وخمسمائة عام. وفي الوقت الراهن انفتحت ظروف جديدة للتعامل المتساوي مع الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول المتقدمة. والتعاون مع العالم الغربي يفتح الطريق أمامنا إلى التكنولوجيا المتقدمة، وإلى جذب الاستثمارات للمجالات الصناعية الأساسية، واستخدام الخامات الطبيعية بشكل كامل. ومهمة لنا المساعدة التي يمكن أن يقدموها لنا لإعداد الكوادر، وخاصة في مجالات البنوك والإدارة، وشبكات المعلومات، وإقامة الصلات مع بورصات العالم الكبرى، ودراسة الخبرة التشريعية الأجنبية.
وأوزبكستان لا ترغب قطع صلاتها القائمة مع دول أوروبا الشرقية، تلك العلاقات التي تشكلت في إطار الإتحاد السابق. والجمهورية مهتمة في استمرار توريد المعدات التكنولوجية وقطع الغيار، والأدوية، والمواد الغذائية وغيرها من البضائع، من تلك الدول. ومن الطبيعي أن نقدر الأهمية التي تتمتع بها الألياف القطنية وغيرها من المواد الأولية لاقتصاد هذه الدول. وتشغل العوامل الاقتصادية موقع الصدارة في السياسة الخارجية الأوزبكستانية. وهذا يفرض علينا إجراء إصلاحات عميقة لتنظيم كل نشاطاتنا الاقتصادية الخارجية. وهذا العامل الهام يؤمن دخول أوزبكستان في الاقتصاد العالمي، وتدعيم موقعها في المجتمع الدولي والاعتراف بعملتها القومية، التي تدعمها الإمكانيات التصديرية الكبيرة للجمهورية. ومع الأسف كانت هذه الإمكانيات الكبيرة في السابق تستخدم لصالح الإتحاد السابق ومركزه.
وفي التجارة الخارجية، والعلاقات الاقتصادية والعلمية والثقافية فإننا نعطى الأفضلية: للتعزيز المستقبلي وتطوير القدرات التصديرية للجمهورية، وتشكيل اقتصاد موجه للتصدير، والإسراع بتطوير صناعة المواد المستوردة. وفي الوقت نفسه تحقيق تغييرات عميقة في التركيبة التصديرية من المواد الخام إلى أشكال أكثر فائدة لأوزبكستان: كتصدير منتجات زراعية مصنعة جاهزة، ومنتجات الصناعات الخفيفة والمجالات المستوعبة علمياً. آخذين بعين الاعتبار حاجة الجمهورية الماسة من العملات الأجنبية لدعم إعادة التنظيم، وحل المشاكل الملحة وتأمين معيشة السكان، ومن المواد الرئيسة المعدة للتصدير الحفاظ مبدئياً على القطن والأليوك واللينت والشرانق الحريرية والمعادن الملونة والكابرولاكت والكارباميد وغيرها من المواد؛ وإتباع سياسة هادفة لتحقيق ليبرالية النشاطات الاقتصادية الخارجية، وتوفير حرية كبيرة لإقامة علاقات مباشرة مع الشركاء الأجانب، وتسويق المنتجات في الخارج، ووضع حوافز تشجيعية أكثر لتصدير واستيراد البضائع؛ وتشجيع الاستثمار والنشاطات الاستثمارية للمؤسسات في مجال تصدير المنتجات، عن طريق إقامة تسهيلات إدارية وضريبية؛ وتوفير الظروف القانونية والاجتماعية والاقتصادية الضرورية وغيرها من أجل جذب المستثمرين الأجانب للاستثمار في اقتصاد الجمهورية، وإعطاء الأفضلية لاستثمار رؤوس الأموال، والمساهمة في إقامة المنشآت المشتركة، وتأمين الحماية لمصالح المستثمرين؛ واستخدام القروض الأجنبية، وعائدات التصدير من القطع الأجنبي بالدرجة الأولى، لشراء المواد الغذائية الهامة والأدوية والمعدات التكنولوجية من الخارج، لتـأمين حاجة منشآت تصنيع المواد الأولية الزراعية، وبضائع الاستهلاك الشعبي؛ وإنشاء قواعد قانونية، لتنظم النشاطات الاقتصادية الخارجية. واتخاذ الإجراءات والتعديلات العملية على القوانين الناظمة للاستثمار الأجنبي وضماناته، والضرائب على التصدير والاستيراد في الوقت المناسب، وإعداد مشاريع القوانين الناظمة للعملات الأجنبية، والتأمين، واللوائح الجمركية وغيرها من القوانين في الجمهورية؛ وإعداد كوادر رفيعة المستوى للعمل الدبلوماسي، وفي مجال الحقوق الدولية والنشاطات الاقتصادية الخارجية، والنظام المصرفي وغيرها من الأجهزة الجديدة التي سيتم إحداثها. والتوسع في تنظيم الدراسة والدورات التدريبية للطلاب والمتخصصين في أفضل المراكز التعليمية والعلمية، والمؤسسات، والبنوك والشركات الأجنبية؛ والقيام بالإجراءات التنظيمية اللازمة، للانتساب إلى المنظمات الاقتصادية والمالية الدولية وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للإعمار والتنمية، والبنك الآسيوي للتنمية، وإقامة علاقات مع الرابطة الرئيسية للتجارة والتعرفات، والمجموعة الاقتصادية الأوروبية وغيرها؛ وإقامة البنية التحتية للنشاطات الاقتصادية الخارجية، والمؤسسات المتخصصة بالتجارة الخارجية، والليزنغ، والاستشارات والتأمين، ونظام النقل، والاتصالات، بما يلبي احتياجات وظروف تطوير العلاقات الخارجية؛ وتشكيل نظامنا الخاص لإصدار التراخيص والامتيازات، والانضمام للاتفاقيات الدولية لحماية الملكية الفكرية للمواطنين والشخصيات الاعتبارية في الجمهورية. وتنظيم الانتقال التدريجي للنظام الدولي للمقاييس وجودة الإنتاج. وتحقيق كل ذلك يسمح بإقامة القاعدة الاقتصادية والتنظيمية والقانونية لاندماج الاقتصاد الأوزبكستاني في المجتمع الاقتصادي الدولي بشكل واسع.
وفي مجال تطوير العلاقات الخارجية، وحل عدد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الداخلية، يمكن مواطنينا المقيمين في الخارج تقديم المساعدة الكبيرة. فالأوزبكستانيون المقيمون في الخارج يمكن أن يكونوا الفقرة الحية لإقامة الصلات الاقتصادية والثقافية وغيرها من العلاقات مع أوساط رجال الأعمال الأجانب. والتاريخ نفسه أثبت أن أوزبكستان تقع على مفترق عقد الطرق المركزية الأسيوية الأوروبية. مما يعطي خاصية إستراتيجية لمستقبل السياسة الخارجية للجمهورية، وإحداث مكانة أوروبية آسيوية اقتصادية وثقافية، مشابهة لطريق الحرير العظيم". ومن خلال هذا البرنامج المتكامل تقدم إسلام كريموف للناخب الأوزبكستاني، وجاءت نتائج الانتخابات الأخيرة مرة أخرى تأكيداً على التأييد الساحق من قبل كل شرائح الشعب الأوزبكستاني لقيادته وبرنامجه الإصلاحي الذي يعمل على تنفيذه منذ الاستقلال بنتائج ملموسة دون انقطاع.
كما ويمكن التأكيد هنا على حقيقة هامة وهي أن نتائج الانتخابات الأخيرة جاءت متفقة والمبادئ الأساسية الأربع لمفهوم التعددية السياسية، الذي هو عند هنري كاريل، بأنها: "ترتيبات مؤسسية خاصة لتوزيع السلطة الحكومية والمشاركة فيها" من خلال: الإقرار بحق التنظيم السياسي، بمعنى الاعتراف بحق القوى السياسية والاجتماعية في تنظيم نفسها على شكل أحزاب وجمعيات؛ والتعدد المتكافئ للأحزاب بمعنى إتاحة الفرصة المتكافئة لجميع الأحزاب في الاتصال بالقاعدة الجماهيرية؛ والحماية الدستورية، وتعني البعد المؤسسي الذي يوفر الحماية لمختلف القوى؛ وحرية تداول السلطة عبر الانتخابات الدورية والتعاقب الدستوري المنتظم للحكام. إضافة إلى أن القوانين الانتخابية الأوزبكستانية استندت حسب رأي أكمال سعيدوف مدير المركز القومي لحقوق الإنسان في جمهورية أوزبكستان، إلى: الوثائق الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، وخاصة إعلان حقوق الإنسان لعام 1948، ووثيقة الحقوق السياسية للمواطنين لعام 1966؛ ووثائق مجلس التعاون والأمن في أوروبا، وخاصة وثائق مؤتمر كوبنهاجن لعام 1990؛ ووثائق الإتحاد البرلماني الذي يضم في عضويته 129 دولة من بينها جمهورية أوزبكستان، وخاصة إعلان حرية وعدالة الانتخابات الصادر عام 1994.
القاعدة القانونية للانتخابات في جمهورية أوزبكستان: يعتبر الدستور الدائم لجمهورية أوزبكستان الذي أقره البرلمان الأوزبكستاني في 8/12/1992 الشعب المصدر الوحيد للسلطات الحكومية (المادة 7)، ويتشكل الشعب الأوزبكستاني من جميع مواطني الجمهورية بغض النظر عن الانتماء القومي أو الديني أو العرقي (المادة 8)، وأن القضايا الهامة والحيوية التي تهم المجتمع والدولة يتم عرضها على الاستفتاء العام (المادة 9)، وأن الممثل الشرعي للشعب الأوزبكستاني هو عالي مجلس (البرلمان) ورئيس الجمهورية المنتخبون من قبل الشعب، ولا يحق لأي غيرهم مهما كان حزباً سياسياً، أو إتحاداً أو حركة شعبية، أو أية شخصية التحدث باسم الشعب (المواد 10،76-97)، وانطلق من مبدأ تقسيم السلطات إلى تشريعية وتنفيذية وقضائية (المواد 11، 76-116)، والتعددية السياسية والفكرية، وعدم جواز إتباع الدولة لأية إيديولوجية (المادة 12)، معتمدة على الديمقراطية والمبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان (المادة 13)، والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون (المادة 14)، وعدم جواز تعارض القوانين مع الدستور (المادة 16)، ومساواة جميع المواطنين أمام القانون (المادة 18)، وضمان مبدأ حق المواطنين في الإتحاد ضمن النقابات والأحزاب والحركات السياسية، وحماية حرية المعارضة والأقليات، ومنع إقامة تنظيمات سرية (المواد 34-56-57-58)، ومسؤولية الحكومة عن ضمان الحقوق والحريات التي ينص عليها الدستور (المواد 43-58)، وفصل المنظمات الدينية عن الدولة، وعدم تدخل الدولة في شؤون المنظمات الدينية (المادة 61). كما وكفل الدستور حق الانتخاب لجميع المواطنين البالغين من العمر 18 عاماً يوم الانتخاب، عدا أولئك الصادرة بحقهم أحكاماً قضائية تمنع ذلك (المادة 117). وقد جرت الانتخابات الأخيرة على قاعدة واضحة من القوانين أساسها قانون "انتخاب رئيس الجمهورية" الصادر في 18/11/1991، وقانون "انتخابات عالي مجلس (البرلمان)"، الصادر بتاريخ 28/12/1993، وقانون "اللجنة المركزية للانتخابات" الصادر بتاريخ 30/4/1998، والمعدلين بتاريخ 26/12/1997، و19/8/1999. وجاء في المبادئ العامة أن انتخاب رئيس الجمهورية لفترة رئاسية مدتها خمس سنوات، يتم من قبل مواطني الجمهورية عن طريق الاقتراع الحر والسري والمباشر، من بين المرشحين لهذا المنصب، الذين يشترط إتمامهم سن الخامسة والثلاثين من العمر، وإتقان اللغة الرسمية للدولة (أي اللغة الأوزبكية)، ويعيشون في أوزبكستان بصورة متصلة لمدة عشر سنوات قبل موعد الانتخابات.
وفي انتخابات مجلس عالي (البرلمان)، الذي يضم 250 عضواً يتم انتخابهم على أساس جغرافي لمدة خمس سنوات، من قبل المواطنين بالانتخاب الحر والسري والمباشر. ويشترط في المرشح بلوغ الخامسة والعشرين من العمر يوم الانتخابات. بينما منح المشرع حق التصويت لجميع مواطني الجمهورية من الجنسين البالغين من العمر 18 عاماً يوم الانتخاب بالتساوي، صوت واحد لكل مواطن. باستثناء أولئك الصادرة بحقهم أحكاماً قضائية. كما وضمن القانون العلنية في الإعداد وإجراء الانتخابات التي تنظمها وتشرف عليها اللجنة المركزية للانتخابات، استناداً لأحكام الدستور والقوانين النافذة بشكل مستقل وعادل، وتشكل بقرار من عالي مجلس الجمهورية من بين الشخصيات المستقلة التي لا تنتمي لأي حزب سياسي. وقضت القوانين أن يتم تمويل الحملة الانتخابية من قبل موازنة الدولة فقط، مع إمكانية التبرع لصالحها بأموال تحول لحساب لجنة الانتخابات المركزية التي تستخدمها خلال الحملة الانتخابية. وضمنت القوانين حق تقديم مرشح واحد لكل حزب، لمنصب رئيس الجمهورية لقيادات الأحزاب السياسية المسجلة في وزارة العدل قبل ستة أشهر من تاريخ تحديد موعد الانتخابات، من بين أعضاء الحزب أو من الشخصيات المستقلة، وجوغارغي كينيسا (برلمان) جمهورية قره قلباقستان، ومجالس الإدارة المحلية في المحافظات بغض النظر عن الانتماء الحزبي للمرشح. شريطة تقديم لوائح تحمل تواقيع 1 % من عدد الناخبين في الجمهورية تؤيد الترشيح للمنصب، ولا تقبل طلبات تسجيل المرشحين الذين سبق وصدرت بحقهم أحكاماً قضائية، والذين هم تحت المحاكمة، والعاملين في المنظمات الدينية. بينما اشترط المشرع حصول الأحزاب السياسية على تواقيع 50 ألف ناخب في لوائح خاصة تؤيد اشتراك الحزب المذكور في الحملة الانتخابية لعضوية عالي مجلس، واشترط حصول أجهزة الإدارة المحلية على تواقيع 8% من الناخبين الخمسين ألف في كل دائرة انتخابية، تؤيد اشتراكهم في الحملة الانتخابية.
وأعطى لكل حزب من الأحزاب السياسية وجوغارغي كينيسا (برلمان) جمهورية قره قلباقستان، ومجالس الإدارة المحلية حق ترشيح 250 مرشحاً، أي مرشح واحد عن كل دائرة انتخابية تضم 50 ألف ناخب، دون التدخل في طريقة اختيارهم لأولئك المرشحين. كما وأعطى الحق للمواطنين المستقلين بتشكيل لجان مبادرة تضم أكثر من مئة ناخب لتقديم مرشحهم الخاص في الدائرة الانتخابية التي ينتمون إليها. واشترط المشرع أن لا يكون المرشح قد صدرت بحقه أحكاماً قضائية، وأن يكون مقيماً بشكل دائم في أوزبكستان لمدة خمس سنوات على الأقل قبل تحديد موعد الانتخابات، وأن لا يكون في الخدمة العسكرية، أو أجهزة الأمن القومي، أو أجهزة وزارة الداخلية وغيرها من الأجهزة العسكرية، أو العاملين في المنظمات الدينية، وأعضاء الحكومة، والقضاء، والنائب العام، والمسؤولين في النيابة العامة، ومدراء الوزارات والأجهزة الحكومية ونوابهم، والمسؤولين في أجهزة الإدارة الحكومية باستثناء حكام الولايات والمناطق والمدن، ما لم يستقيلوا من مناصبهم. وضمنت التشريعات الحق المتساوي للمرشحين والأحزاب السياسية، القيام بحملتهم الانتخابية من تاريخ تسجيل ترشيحهم، واستخدام وسائل الإعلام الجماهيرية ضمن الحدود التي تضعها لجنة الانتخابات المركزية، وعقد اللقاءات بالشكل المناسب للناخبين، وألزمت اللجان الانتخابية بالاشتراك مع السلطات الحكومية وأجهزة الإدارة المحلية بتهيئة الأماكن لتلك اللقاءات وتجهيزها بالتجهيزات اللازمة، وتقديم كل المساعدات للمرشحين في تنظيم تلك اللقاءات، وتقديم كل المعلومات المطلوبة لهم. وضمنت حق المرشحين والأحزاب السياسية بتقديم برامجهم الانتخابية للناخبين شريطة أن لا توجه تلك البرامج ضد استقلال وسلامة أراضي وأمن الجمهورية، وأن لا تتعدى على الصحة والأخلاق العامة، وأن لا تدعو للحرب وأن لا تثير النعرات القومية والعرقية والدينية، وأن لا تدعو لاستخدام العنف لتبديل النظام الدستوري، وكل ما يحد من الحقوق الدستورية وحريات المواطنين. ومنع المشرع تقديم المرشح من خلال حملته الانتخابية، التسهيلات والخدمات (عدا المعلوماتية) والسلع المجانية والأموال للناخبين، وألزم بوقف الحملة الانتخابية يوم الاقتراع. ومنح المشرع المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية وعضوية عالي مجلس من تاريخ تسجيلهم وحتى نهاية الانتخابات الحصانة القانونية، وحق الإجازة مدفوعة الأجر واستخدام وسائط النقل الحكومية بالمجان خلال حملتهم الانتخابية، وتسمية مندوبيهم في الدوائر الانتخابية. واشترط المشرع للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، وعضوية عالي مجلس، حصول المرشح على أكثر من نصف أصوات المشاركين في التصويت، وفي حال عدم حصول أحد على النسبة تعاد الانتخابات بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى نسبة من أصوات الناخبين خلال أربعين يوماً من إعلان النتائج الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية وأسبوعين لأعضاء عالي مجلس.
الانتخابات البرلمانية الأوزبكستانية: عشية الاستقلال في عام 1989 ولأول مرة عرف التاريخ المعاصر لجمهورية أوزبكستان الحياة الديمقراطية التي دعى إليها البيان العالمي لحقوق الإنسان، عندما انتخب البرلمان الأوزبكستاني إسلام كريموف أول رئيس لجمهورية أوزبكستان، وشكل لجنة الانتخابات المركزية الدائمة، التي توضحت معالم مهامها القانونية بعد إصدار البرلمان الأوزبكستاني قانون "اللجنة المركزية للانتخابات" في نيسان/أبريل 1998، الذي شكل على أساسه البرلمان لجنة مركزية دائمة للانتخابات من 21 عضواً منهم ثلاثة دائمون، وجدد تشكيلها في 20/8/1999. ومهمتها إجراء الانتخابات على منصب رئيس الجمهورية وعضوية عالي مجلس (البرلمان) على أسس ديمقراطية وضمان حرية اختيار الناخبين. وعشية انتهاء فترة البرلمان الأوزبكستاني الأول بعد الاستقلال، وفترة رئاسة الرئيس إسلام كريموف، جدد البرلمان في دورته الأخيرة اللجنة المركزية للانتخابات برئاسة الشخصية المستقلة والمعروفة في الأوساط العلمية البروفيسور نجم الدين كاميلوف لإجراء الانتخابات على منصب رئيس الجمهورية وعضوية البرلمان الثاني في ظروف صعبة تعرضت فيها الجمهورية لضغوط وأعمال عدوانية خارجية كان هدفها تقويض الخط السياسي الذي اتبعه الرئيس كريموف منذ توليه لمنصبه مع فجر الاستقلال. وحدد البرلمان تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية يوم 5/12/1999، وانتخاب رئيس الجمهورية يوم 9/1/2000. معلنا بدء العد التنازلي للمعركة الانتخابية بين القوى السياسية في الجمهورية التي بلغت العام التاسع للاستقلال في إطار ديمقراطي تعددي لم يعرفه تاريخها من قبل، وشارك فيها مراقبون من دول أجنبية ومنظمات دولية عديدة.
القوى السياسية على الساحة الأوزبكستانية عشية الانتخابات: وعملاً بمضمون القوانين الانتخابية النافذة في الجمهورية، كانت هناك خمسة أحزاب سياسية مسجلة في وزارة العدل الأوزبكستانية مؤهلة قانونياً لخوض المعركة الانتخابية للفوز بمنصب رئيس الجمهورية وعضوية البرلمان، وهي: حزب الشعب الديمقراطي الأوزبكستاني تأسس بتاريخ 15/11/1991؛ وحزب "وطن ترقياتي" تأسس بتاريخ 10/7/1992؛ والحزب الاجتماعي الديمقراطي الأوزبكستاني "عدالات" تأسس بتاريخ 18/2/1995؛ والحزب الديمقراطي "مللي تيكلانيش" تأسس بتاريخ 9/6/1995؛ والحزب القومي الديمقراطي "فيدوكورلار" تأسس بتاريخ 4/1/1999. وأعربت جميعها عن رغبتها المشاركة في الحملة الانتخابية للبرلمان الثاني، إلى جانب لجان المبادرة للمرشحين المستقلين، وممثلي أجهزة السلطة المحلية، وتم تسجيلهم لذلك من قبل لجنة الانتخابات المركزية وفق الأصول القانونية النافذة في الجمهورية. وقد أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات في 31/10/1999 انتهاء فترة الترشيح لعضوية البرلمان الأوزبكي، ونشرت الصحف المركزية الأوزبكستانية يومي 4 و5/11/1999 أسماء المرشحين لعضوية البرلمان والبالغ عددهم 1242 مرشحاً، وفيما يلي قائمة تظهر التنافس الشديد بين المرشحين حسب انتمائهم للقوى السياسية المختلفة المشاركة في الانتخابات البرلمانية الثانية في جمهورية أوزبكستان وهي: حزب الشعب الديمقراطي وله 439 مرشحاً أو 35,34%؛ وغير منتمين لأحزاب سياسية ولهم 345 مرشحاً أو 27,79%؛ والحزب القومي الديمقراطي وله 171 مرشحاً أو 13,77%؛ والحزب الاجتماعي الديمقراطي وله 117 مرشحاً أو 9,42%؛ والحزب الديمقراطي وله 100 مرشح أو 8,05%؛ وحزب "وطن ترقياتي" وله 70 مرشح أو 5,63%؛ المجموع 1242 مرشح.
ويظهر من القائمة أعلاه أن المنافسة الرئيسية على مقاعد البرلمان أثناء الحملة الانتخابية كانت بين مرشحي حزب الشعب الديمقراطي، والمرشحين المستقلين الذين ضمت قائمتهم، مرشحين رشحتهم الأحزاب السياسية المتنافسة، كمرشحين مستقلين، إضافة لمرشحي السلطات الحكومية، ومرشحي لجان المبادرة الشعبية المستقلة. ومن المعروف أن التركيبة السكانية في جمهورية أوزبكستان هي تركيبة متعددة القوميات. (أنظر الفصل الأول) وكان من الطبيعي أن ينعكس هذا التركيب على الانتماء القومي للمرشحين المتنافسين لشغل المقاعد البرلمانية في البرلمان الثاني لجمهورية أوزبكستان، وهو ما يوضحه التالي: أوزبك 1106 مرشحين أو 89,05%؛ وقره قلباق 52 مرشح أو 4,18%؛ وطاجيك 22 مرشح أو 1,77%؛ وروس 16 مرشح أو 1,3%؛ وقازاق 13 مرشح أو 1,06% من عدد المرشحين. إضافة لمرشحين ينتمون للقوميات القرغيزية، والتركمانية، والتترية، والأوكرانية، واليونانية، والأرمينية، والإيرانية، والكورية، والتركية، والويغورية، واليهود.
وقد شهدت القوائم المتنافسة على مقاعد البرلمان الثاني وللمرة الأولى في تاريخ أوزبكستان الحديث، دخول المرأة المعترك البرلماني بشكل واسع، حيث بلغت نسبة المرشحات للتنافس على مقاعد البرلمان نسبة 14,01 % أو 174 امرأة من إجمالي عدد المرشحين البالغ 1242 مرشحاً، على الشكل التالي: حزب الشعب الديمقراطي 219 رجال و28 نساء أي 247 مرشحاً أو 11,33% من عدد المرشحين؛ ممثلو أجهزة الإدارة 203 رجال و36 نساء أي 239 مرشح أو 15,06%؛ والحزب القومي الديمقراطي 185 رجال و37 نساء أي 222 مرشح أو 16,67%؛ والحزب الاجتماعي الديمقراطي 130 رجال و24 نساء أي 154 مرشح أو 15,58%؛ وحزب "وطن ترقياتي" 119 رجال و15 نساء أي 134 مرشح أو 11,19%؛ ومستقلون 110 رجال و22 نساء أي 132 مرشح أو 16,67%؛ والحزب الديمقراطي 102 رجال و12 نساء أي 114 مرشح أو 10,53%؛ أي ما مجموعه 1068 رجال و174 نساء وبالكامل 1242 مرشحاً. ومنه يتضح لنا أن أحدث الأحزاب السياسية في جمهورية أوزبكستان، الحزب القومي الديمقراطي، كان أكثر تحمساً لمشاركة المرأة الأوزبكستانية في الحياة البرلمانية في البلاد، وكان كل سادس مرشح له يمثل الجنس اللطيف. وشاركه هذا التوجه المرشحون المستقلون. بينما كان أقل الأحزاب السياسية تحمساً لمشاركة المرأة، الحزب الديمقراطي الذي رشح 12 امرأة فقط من أصل مرشحيه الـ 102 أو ما نسبته 10,53 %.
وكان الحزب القومي الديمقراطي أيضاً السباق في مضمار ترشيح الشباب لشغل مقاعد البرلمان الثاني، دون سن الخمسين من العمر. بينما انفرد حزب الشعب الديمقراطي، ومرشحي أجهزة السلطات المحلية بترشيح أكثرية من هم فوق سن الخمسين من العمر. وظاهرة قلة عدد المرشحين من الفئات العمرية فوق سن الستين الذين بلغت نسبتهم المؤوية من إجمالي عدد المرشحين 8 % فقط، وهو ما توضحه الأرقام التالية: (فئات السن 25-29؛ 30-34؛ 35-39؛ 40-44؛ 45-49؛ 50-54؛ 55-59؛ 60-64؛ 65-69؛ 70-74) حزب الشعب الديمقراطي: -؛ 2؛ 14؛ 44؛ 62؛ 70؛ 36؛ 14؛ 5؛ -. الحزب القومي الديمقراطي: 6؛ 19؛ 63؛ 63؛ 31؛ 28؛ 6؛ 3؛ 2؛ 1. الحزب الاجتماعي الديمقراطي: -؛ 2؛ 11؛ 42؛ 40؛ 28؛ 15؛ 10؛ 6؛ -. الحزب الديمقراطي: -؛ 2؛ 3؛ 25؛ 29؛ 27؛ 11؛ 15؛ 1؛ 1. حزب "وطن ترقياتي": 2؛ -؛ 10؛ 31؛ 28؛ 39؛ 16؛ 5؛ 2؛ 1. مستقلون: -؛ 2؛ 16؛ 22؛ 31؛ 35؛ 15؛ 9؛ 2؛ -. ممثلو أجهزة السلطات المحلية: 1؛ 1؛ 10؛ 49؛ 50؛ 71؛ 37؛ 17؛ 3؛ -. المجموع: 9؛ 28؛ 127؛ 276؛ 271؛ 298؛ 136؛ 73؛ 21؛ 3.
وكان من الملاحظات الهامة البارزة ارتفاع نسبة المثقفين من بين المرشحين، وخاصة حملة الدرجات والألقاب العلمية والأكاديميين، بالمقارنة مع حملة الشهادات الجامعية الدنيا، وذوي التعليم المتوسط الفني والثانوي، وهو ما نستطيع قراءته في التالي: تعليم عالي 1218 مرشح أو 98,07%؛ تعليم متوسط ثانوي 8 مرشحين أو 0,65%؛ تعليم جامعي غير تام 5 مرشحين أو 0,40%؛ تعليم متوسط فني 11 مرشح أو 0,88%؛ المجموع: 1242 مرشح. وتوزع المرشحون على مختلف المهن والتخصصات العلمية والاجتماعية، وخاصة المهندسين والأطباء والمدرسين والاقتصاديين وغيرهم، وهو ما نستطيع قراءته في التالي: مهندسون 332 مرشح أو 26,73%؛ ومدرسون 276 مرشح أو 21,50%؛ واقتصاديون 193 مرشح أو 15,54%؛ وأطباء 101 مرشح أو 8,13%؛ ومهندسون زراعيون 71 مرشح أو 5,72%؛ حقوقيون 54 مرشح أو 4,35%؛ وصحفيون 43 مرشح أو 3,46%؛ وتقنيون 43 مرشح أو 3,46%؛ وأدباء 28 مرشح أو 2,25%؛ ودون تخصص 21 مرشح أو 1,69%. وكانت 2 % من إجمالي المرشحين من المتخصصين في العلوم السياسية، والكيميائية، والحيوانية، والميكانيكية، والجيولوجية، والفنون، والعمارة، وغيرها من التخصصات العلمية.
ولكن يبقى الأهم في دراستنا هذه تحليل عامل التنافس بين المرشحين في الدوائر الانتخابية، البالغ عددها 250 دائرة انتخابية مركزية، و 7650 دائرة انتخابية فرعية تضمها التقسيمات الإدارية لجمهورية أوزبكستان، التي تشمل جمهورية قره قلباقستان، و12 ولاية إضافة للعاصمة طشقند. فقد تراوح التنافس أثناء الحملة الانتخابية مابين 2 إلى 8 مرشحين على المقعد الواحد في البرلمان الثاني في الدائرة الواحدة، وهو ما يوضحه التالي: تنافس 8 مرشحين في 1 دائرة انتخابية؛ و7 مرشحين في 18 دائرة انتخابية؛ و6 مرشحين في 48 دائرة انتخابية؛ و5 مرشحين في 100 دائرة انتخابية؛ و4 مرشحين في 73 دائرة انتخابية؛ و3 مرشحين في 8 دوائر انتخابية؛ و2 مرشحين في 2 دائرة انتخابية؛ المجموع 250 دائرة انتخابية. وهو ما يوضح لنا مدى التنافس الشديد على مقاعد البرلمان الثاني في أكثرية الدوائر الانتخابية، وقلة عدد الدوائر الانتخابية التي كان التنافس فيها بين مرشحين أو ثلاثة. وانعدام دوائر المرشح الواحد من قائمة التنافس على التمثيل الديمقراطي في البرلمان. وقد سجل التنافس أعلى معدلاته 8 مرشحين على المقعد الواحد في البرلمان، في الدائرة الانتخابية رقم 94 بمحافظة نمنغان.
وعشية إجراء الانتخابات البرلمانية أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات في 4 من كانون الأول/ديسمبر 1999 نتائج التحضيرات النهائية للانتخابات المقرر إجراؤها في اليوم التالي لشغل مقاعد البرلمان الثاني لجمهورية أوزبكستان، وتضمنت أن: عدد الناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية بلغ 12,644,122 ناخباً؛ وعدد الدوائر الانتخابية المركزية 250 دائرة؛ وعدد الدوائر الانتخابية الفرعية 7723 دائرة؛ وعدد المرشحين الذين سجلوا حتى نهاية فترة الترشيح 1242 مرشحاً؛ وعدد المرشحين الذين تم شطبهم من قوائم المرشحين 228 مرشحاً؛ وعدد المرشحين الذين تضمنتهم القوائم الانتخابية 1014 مرشحاً، موزعين حسب المناطق الجغرافية على الشكل التالي: مدينة طشقند 113 مرشحاً؛ ولاية فرغانة 112 مرشحاً؛ ولاية سمرقند 95 مرشحاً؛ ولاية نمنغان 91 مرشحاً؛ ولاية أنديجان 90 مرشحاً؛ ولاية طشقند 90 مرشحاً؛ ولاية قشقاداريا 73 مرشحاً؛ ولاية بخارى 64 مرشحاً؛ ولاية خوارزم 64 مرشحاً؛ ولاية سورخانداريا 62 مرشحاً؛ جمهورية قره قلباقستان 59 مرشحاً؛ ولاية نوائي 41 مرشحاً؛ ولاية جيزاخ 38 مرشحاً؛ ولاية سرداريا 22 مرشحاً؛ المجموع 1014 مرشحاً. موزعين على القوى السياسية المتنافسة على مقاعد البرلمان الثاني وفق التالي: الحزب القومي الديمقراطي 208 مرشحاً؛ ممثلي أجهزة السلطات المحلية 206 مرشحين؛ حزب الشعب الديمقراطي 181 مرشحاً؛ الحزب الاجتماعي الديمقراطي 119 مرشحاً؛ حزب "وطن ترقياتي" 108 مرشحين؛ مستقلين 99 مرشحاً؛ الحزب الديمقراطي 93 مرشحاً؛ المجموع 1014 مرشحاً.
وبدأت الانتخابات في الساعة السادسة صباحاً واستمرت حتى الساعة الثامنة من مساء يوم الأحد 5/12/1999 بمشاركة مراقبين دوليين وعن الهيئات الدبلوماسية المعتمدة في جمهورية أوزبكستان، وممثلين عن المنظمات الدولية المعتمدة في الجمهورية، بلغ عددهم 120 مراقباً من 26 دولة، وممثلين عن وسائل الإعلام المحلية والدولية، الذين وضعت تحت تصرفهم كل الخدمات الفورية اللازمة وخاصة وسائل الاتصال في المركز الصحفي الذي أنشأته لجنة الانتخابات المركزية خصيصاً لهذا الهدف.
نتائج الانتخابات البرلمانية الأوزبكستانية: وتم إعلان النتائج النهائية لتلك الانتخابات في المركز الصحفي يوم 10/12/1999، وجاء فيها، أن الانتخابات جرت بجو من التنافس الديمقراطي في الدوائر المركزية الـ 250، و الدوائر الفرعية الـ 7723، وأن القوائم تضمنت أسماء 1010 مرشحين نتيجة لانسحاب أربعة مرشحين يوم الانتخابات. لتصبح المنافسة موزعة بين مرشحي القوى السياسية المتنافسة لشغل مقاعد البرلمان الـ 250 على الشكل التالي: الحزب القومي الديمقراطي 207 مرشحين؛ ممثلو أجهزة السلطات المحلية 205 مرشحين؛ حزب الشعب الديمقراطي 180 مرشح؛ الحزب الاجتماعي الديمقراطي 119 مرشحاً؛ حزب "وطن ترقياتي" 108 مرشحين؛ مستقلون 98 مرشحاً؛ الحزب الديمقراطي 93 مرشح؛ المجموع 1010 مرشحين.
وكان التنافس بين المرشحين على المقعد الواحد في البرلمان بواقع: 7 مرشحين في 9 مراكز انتخابية؛ و6 مرشحين في 22 مركز انتخابي؛ و5 مرشحين في 53 مركز انتخابي؛ و4 مرشحين في 82 مركز انتخابي؛ و3 مرشحين في 57 مركز انتخابي؛ و2 مرشحين في 28 مركز انتخابي. وهو ما يشير إلى انعدام دوائر المرشح الواحد وتوفر شروط المنافسة الحقيقية بين المرشحين، وإمكانية الاختيار من أكثر من بديل للناخبين. وأن عدد الناخبين المدرجة أسماؤهم في القوائم الانتخابية بلغ 12,692,202 ناخباً، أدلى بأصواتهم منهم 12,061,266 أو 95,03 % من إجمالي عدد الناخبين. وجاءت نسبة المشاركة الفعلية في التصويت وفق المناطق الجغرافية لجمهورية أوزبكستان كالتالي: ولاية نمنغان 98,10 %؛ ولاية جيزاخ 98,10%؛ ولاية خوارزم 97,85%؛ ولاية بخارى 97,68%؛ ولاية أنديجان 97,27%؛ جمهورية قره قلباقستان 97,08%؛ ولاية سرداريا 96,84%؛ ولاية قشقاداريا 95,98%؛ ولاية فرغانة 95,92؛ ولاية سمرقند 94,92%؛ ولاية طشقند 92,66%؛ ولاية سورخانداريا 92,03%؛ ولاية نوائي 90,34%؛ مدينة طشقند 88,75. وهو ما يوضح أن أكبر نسبة للمشاركة كانت في ولاية نمنغان التي بلغت فيها 98,10 %، وأن أخفض نسبة كانت في العاصمة طشقند وبلغت 88,75 %. وهو ما يشير إلى حقيقتين هامتين هما: ارتفاع الوعي السياسي لدى المواطن الأوزبكستاني حيثما كان، وشعوره بالمسؤولية الانتخابية؛ ونجاح القوى السياسية المتنافسة في كسب تأييد وتعاطف الأعظمية المطلقة للناخبين الذي أوضحته النسبة العالية للمشاركين في التصويت، وأن تلك القوى موجودة فعلاً على الساحة الأوزبكستانية وتتمتع بالتأييد. وأن الانتخابات وفقاً القوانين الانتخابية النافذة التي تفرض مشاركة أكثر من 50 % من الناخبين في التصويت قانونية قد حققت أهدافها، وجاء في نتيجة فرز الأصوات فوز أحد المرشحين المتنافسين في 184 دائرة انتخابية مركزية، نشرت الصحف المركزية الأوزبكستانية أسماءهم، إضافة للقوة السياسية التي ينتمون إليها وكانت كالتالي: ممثلو أجهزة السلطات المحلية 98 فائز؛ حزب الشعب الديمقراطي 32 فائز؛ الحزب القومي الديمقراطي 19 فائز؛ مستقلون 11 فائز؛ الحزب الاجتماعي الديمقراطي 9 فائزين؛ حزب "وطن ترقياتي" 9 فائزين؛ الحزب الديمقراطي 6 فائزين. وهو ما يوضح تفوق ممثلي أجهزة السلطات المحلية على جميع المنافسين وفوزهم بأكثرية المقاعد، يليهم حزب الشعب الديمقراطي، وفوز النساء بـ 11 مقعداً من مقاعد البرلمان الثاني.
وأظهرت النتائج فشل أحد المرشحين المتنافسين في 66 دائرة انتخابية مركزية بالفوز بالمقعد المخصص لدائرته الانتخابية في البرلمان. الأمر الذي تطلب إعادة الانتخابات في تلك الدوائر بين المرشحين اللذان فازا بأكثرية أصوات الناخبين، حتى يتم فوز أحدهم بأكثر من نصف الأصوات المطلوبة للفوز بالمقعد البرلماني كما تشترط القوانين الأوزبكستانية.
وجرت إعادة الانتخابات بين المتنافسين الاثنين اللذان فازا بأكثرية الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات، في الموعد الذي قررته اللجنة المركزية للانتخابات وهو يوم 19 كانون أول/ديسمبر 1999. في كافة تلك الدوائر الانتخابية وهو ما يوضح أيضاً أن تلك الولايات شهدت أشد التنافس بين المرشحين، وهي: ولاية نمنغان 8 دوائر انتخابية؛ ولاية طشقند 8 دوائر انتخابية؛ ولاية فرغانة 8 دوائر انتخابية؛ مدينة طشقند 7 دوائر انتخابية؛ ولاية سمرقند 7 دوائر انتخابية؛ ولاية سورخانداريا 5 دوائر انتخابية؛ ولاية قشقاداريا 5 دوائر انتخابية؛ ولاية بخارى 4 دوائر انتخابية؛ ولاية أنديجان 3 دوائر انتخابية؛ ولاية سرداريا 3 دوائر انتخابية؛ جمهورية قره قلباقستان 3 دوائر انتخابية؛ ولاية جيزاخ 2 دائرة انتخابية؛ ولاية نوائي 2 دائرة انتخابية؛ ولاية خوارزم 1 دائرة انتخابية؛ المجموع 66 دائرة انتخابية.
أي أنها شملت كل المناطق الجغرافية في الجمهورية، وشارك في تلك الانتخابات المعادة أكثر من ثلاثة ملايين ناخب، أو ربع عدد الناخبين المسجلين في الجمهورية. وجاءت النتائج التي أعلنت شغل 65 مقعداً من مقاعد البرلمان الثاني، وبقاء مقعد واحد شاغراً لعدم فوز أي من المرشحين بالعدد المطلوب من الأصوات للفوز به. وبذلك يكون توزع مقاعد البرلمان الثاني الأوزبكستاني وفق التالي: ممثلو أجهزة السلطات المحلية 110 مقاعد أو 44,17%؛ حزب الشعب الديمقراطي 48 مقعد أو 19,27%؛ الحزب القومي الديمقراطي 34 مقعد أو 13,65%؛ حزب "وطن ترقياتي" 20 مقعد أو 8,03%؛ مستقلون 16 مقعد أو 6,42%؛ الحزب الاجتماعي الديمقراطي 11 مقعد أو 4,41%؛ الحزب الديمقراطي 10 مقاعد أو 4,01%؛ المجموع 249 مقعداً. وهو ما يوضح عدم تمتع أي من القوى السياسية في البرلمان الثاني بالأكثرية المطلقة في البرلمان، ويظهر مدى شفافية ميزان القوى داخل البرلمان الذي سينعكس حتماً على المساومات السياسية التي لابد وأن تجري بين تلك القوى أثناء التشاور والتصويت على مختلف مشاريع القوانين لتحقيق ما وعدت به تلك القوى ناخبيها في برامجها الانتخابية، أثناء الحملة الانتخابية الحرة والديمقراطية التي لم تشهد مثلها أوزبكستان في تاريخها المعاصر. ولو أنها أدت بعد التصويت السري لأعضاء البرلمان الثاني بدورته الأولى باحتفاظ إيركين خليلوف برئاسة البرلماني الأوزبكستاني للمرة الثانية. وهو ما أدى فعلاً إلى قيام تحالفات بين الكتل داخل البرلمان الجديد. أدت واحدة منها إلى الاندماج الكامل في نيسان/أبريل عام 2000 بين حزب "وطن ترقياتي" الذي يضم في صفوفه علماء ومثقفين ورجال أعمال ومزارعين، وأحدث الأحزاب السياسية على الساحة الأوزبكستانية الحزب القومي الديمقراطي "فيدوكارلار" الذي أعلن الهدف من تشكيله، وهو دعم أصحاب المهن الحرة، وتحفيز المواطنين على المشاركة في العملية الديمقراطية الجارية في الجمهورية، ويضم في صفوفه أكثر من 14 ألف عضو، وتتبع له منظمات "يوشلار كانوتي" (المنظمة الشبابية للحزب)، "فيدوكار عيولاري" (المنظمة النسائية للحزب)، و"يوش فيدوكار عالملار" (منظمة العلماء الشباب للحزب). واحتفظ الحزب الجديد باسم (الحزب القومي الديمقراطي "فيدوكارلار")، وانتخب أ. تورسونوف رئيس المجلس السياسي المركزي لحزب "وطن ترقياتي"، سكرتيراً أولاً للجنة المركزية للحزب الجديد. وبذلك تصبح الكتلة البرلمانية للحزب الجديد داخل البرلمان الثاني مؤلفة من 54 عضواً، وتمثل القوة الثانية بين الكتل البرلمانية المشكلة فيه.
وأخيراً بقي أن نذكر حقيقة هامة أخرى، وهي أن الناخبين كانوا أكثر ميلاً للمرشحين الذين يفترض عدم انتمائهم لأي حزب سياسي، خاصة وأن تلك الأحزاب تلتقي من حيث الأهداف العامة، وتختلف في أسلوب تحقيق تلك الأهداف فقط، حيث كانت نسبة فوز المستقلين وممثلي أجهزة السلطات المحلية معاً، مقارنة بعدد مرشحي هذه الفئة 52,36 %، بينما تراوحت نسبة الفائزين من بين مرشحي الأحزاب السياسية الأخرى مابين 9,4 % التي حصل عليها مرشحي الحزب الاجتماعي الديمقراطي، و28,57 % التي حصل عليها مرشحي حزب "وطن ترقياتي"، ولعل السبب كان قلة عدد مرشحي الحزب الأخير لخوض المعركة الانتخابية. بينما لم تتجاوز نسبة الثقة التي حصل عليها مرشحي حزب الشعب الديمقراطي 10,93 % رغم فوزه بنسبة 19,27 % من عدد مقاعد البرلمان الثاني، وهي المرتبة الثانية بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان، يليه أحدث الأحزاب السياسية على الساحة الأوزبكستانية، وهو الحزب القومي الديمقراطي الذي فاز بـ 13,65% من عدد مقاعد البرلمان، بينما لم تتجاوز نسبة ثقة الناخبين بمرشحيه 19,88%، وهو ما يوضحه التالي: غير منتمين لأحزاب سياسية، وممثلي أجهزة السلطات المحلية 126 مقعداً أو 50,6% عدد المرشحين 345 مرشحاً أو 27,77% ونسبة الفائزين مقارنة بعدد المرشحين كانت 36,52%؛ حزب الشعب الديمقراطي 48 مقعد أو 19,27 % وعدد المرشحين 439 مرشحاً أو 35,34% ونسبة الفائزين مقارنة بعدد المرشحين كانت 10,93%؛ الحزب القومي الديمقراطي 34 مقعد أو 13,65% وعدد المرشحين 171 مرشحاً أو 13,76% ونسبة الفائزين مقارنة بعدد المرشحين كانت 19,88%؛ الحزب الاجتماعي الديمقراطي 11 مقعد أو 4,41% وعدد المرشحين 117 مرشحاً أو 9,42% ونسبة الفائزين مقارنة بعدد المرشحين كانت 9,4%؛ الحزب الديمقراطي 10 مقاعد أو 4% وعدد المرشحين 100 مرشح أو 8% ونسبة الفائزين مقارنة بعدد المرشحين كانت 10%؛ حزب "وطن ترقياتي" 20 مقعد أو 8% وعدد المرشحين 70 مرشحاً أو 5,63% ونسبة الفائزين مقارنة بعدد المرشحين كانت 28,57%؛ المجموع 249 مقعد وعدد المرشحين 1242.
وبلغت نسبة تمثيل المرأة في البرلمان الجديد 6,9 % من أصل 14,01 % بين المرشحين، موزعين على أربع من القوى السياسية السبعة الممثلة في البرلمان، وهو ما يوضحه التالي: ممثلو أجهزة السلطات المحلية 110 مقاعد منها 102 رجال و8 نساء ونسبة النساء 7,3%؛ حزب الشعب الديمقراطي 48 مقعد منها 43 رجال و5 نساء ونسبة النساء 10,4%؛ الحزب القومي الديمقراطي 34 مقعد منها 32 رجال و2 نساء ونسبة النساء 5,9%؛ حزب "وطن ترقياتي" 20 مقعد منها 20 رجال؛ مستقلون 16 مقعد منها 16 رجال؛ الحزب الاجتماعي الديمقراطي 11 مقعد منها 11 رجال؛ الحزب الديمقراطي 10 مقاعد منها 8 رجال و2 نساء ونسبة النساء 20%؛ المجموع 249 مقعداً منها 232 رجال و17 نساء ونسبة النساء 6,9%.
وأخيراً بقي أن نذكر حقيقة هامة أخرى، وهي أن الناخبين كانوا أكثر ميلاً للمرشحين الذين يفترض عدم انتمائهم لأي حزب سياسي، خاصة وأن تلك الأحزاب تلتقي من حيث الأهداف العامة، وتختلف في أسلوب تحقيق تلك الأهداف فقط، حيث كانت نسبة فوز المستقلين وممثلي أجهزة السلطات المحلية معاً، مقارنة بعدد مرشحي هذه الفئة 52,36 %، بينما تراوحت نسبة الفائزين من بين مرشحي الأحزاب السياسية الأخرى مابين 9,4 % التي حصل عليها مرشحي الحزب الاجتماعي الديمقراطي، و28,57 % التي حصل عليها مرشحي حزب "وطن ترقياتي"، ولعل السبب كان قلة عدد مرشحي الحزب الأخير لخوض المعركة الانتخابية. بينما لم تتجاوز نسبة الثقة التي حصل عليها مرشحي حزب الشعب الديمقراطي 10,93 % رغم فوزه بنسبة 19,27 % من عدد مقاعد البرلمان الثاني، وهي المرتبة الثانية بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان، يليه أحدث الأحزاب السياسية على الساحة الأوزبكستانية، وهو الحزب القومي الديمقراطي الذي فاز بـ 13,65% من عدد مقاعد البرلمان، بينما لم تتجاوز نسبة ثقة الناخبين بمرشحيه 19,88%، وهو ما يوضحه التالي: (فئة السن 30-34؛ 35-39؛ 40-44؛ 45-49؛ 50-54؛ 55-59؛ 60-64؛ 65-69) ممثلو أجهزة السلطات المحلية -؛ 3؛ 18؛ 30؛ 27؛ 19؛ 9؛ 4. حزب الشعب الديمقراطي -؛ 1؛ 8؛ 10؛ 14؛ 7؛ 6؛ 2. الحزب القومي الديمقراطي 1؛ 9؛ 6؛ 9؛ 7؛ -؛ 1؛ 1. حزب "وطن ترقياتي" -؛ 1؛ 7؛ 3؛ 4؛ 3؛ 1؛ 1. مستقلون -؛ 1؛ 3؛ 1؛ 5؛ 3؛ 3؛ -. الحزب الاجتماعي الديمقراطي -؛ 1؛ 1؛ 2؛ 1؛ 2؛ 2؛ 2. الحزب الديمقراطي -؛ -؛ 2؛ 1؛ 4؛ -؛ 2؛ 1. المجموع 1؛ 16؛ 45؛ 56؛ 62؛ 34؛ 24؛ 11. ومن حيث السن نرى أن الناخبين فضلوا الفئات التي تزيد أعمارها عن الخامسة والثلاثين من العمر، باستثناء نائب واحد عن الحزب القومي الديمقراطي من الفئة العمرية 30-34 سنة، بينما لم يفز أحد من المرشحين التسعة للفئة العمرية 25-29، كما هو موضح في الجدول التالي:
ومن بين ممثلي 16 قومية في قوائم المرشحين، لم يفز منهم سوى النصف. وكانت أعلى نسبة هي التي سجلها الفائزون من الأوزبك الذين بلغت نسبتهم بين الفائزين بعضوية البرلمان الثاني 90,76 %، كما هو موضح في التالي: أوزبك 226 أو 90,76%؛ روس 8 أو 3,21%؛ قره قلباق 7 أو 2,81%؛ قازاق 3 أو 1,2%؛ طاجيك 2 أو 0,8%؛ أوكران 1 أو 0,4%؛ أرمن 1 أو 0,4%؛ كوريون 1 أو 0,4%. كما وأوضحت نتائج الانتخابات ميل الناخب الأوزبكستاني الواضح للشريحة المثقفة، عندما لم يختار الناخبون أي مرشح من مستوى التعليم قبل الجامعي، وأعتقد أن السبب كامن في تركيبة المجتمع الأوزبكستاني الذي تنعدم فيه الأمية، ويتمتع بنسبة تعليم عالية مقارنة بدول العالم الأخرى، تصل إلى 98 % بين الذكور، و96 % بين الإناث، وهو ما يوضحه التالي: تعليم عالي 248 أو 99,59%؛ تعليم عالي غير تام 1 أو 0,4%؛ المجموع 249.
الفصل الرابع: سياسة أوزبكستان الخارجية. تبلورت السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان، كفاعل مؤثر في العلاقات الدولية، وتكاملت ضمن إطار يحمي مصالحها القومية، ويطور تلك المصالح من خلال رؤية متكاملة وضع أسسها رئيس الجمهورية إسلام كريموف. وعبر عقد من الزمن تقريباً منذ إعلان الاستقلال وحتى اليوم تمكنت القيادة الأوزبكستانية من التصدي للمشكلات الرئيسية التي كانت تعترض إتباع سياسة خارجية مستقلة تعبر عن المصالح القومية والسيادة الوطنية للشعب الأوزبكستاني.
مشاكل السياسة الخارجية الأوزبكستانية: نتجت المشكلة الأولى عن تبعات الاستقلال، في ظروف كان المركز في موسكو يحتكر السياسة الخارجية بكاملها، مما حرم أوزبكستان خلال العهد السوفييتي أية صلاحيات في إقامة علاقات دولية من أي نوع، وحتى المشاركة في صياغة القرار في السياسة السوفييتية الخارجية. وكان لابد للقيادة الأوزبكستانية من القيام ببعض الإجراءات العاجلة انطلاقاً من نقطة الصفر، لصياغة سياسة خارجية خاصة بها وإقامة شبكة من العلاقات الدولية، وتحديد أولويات المصلحة القومية الأوزبكستانية في السيادة والاستقلال. فقد نتج عن احتكار المركز للسياسة الخارجية تركز كل الأجهزة والكوادر والخبرة الدبلوماسية في موسكو، وامتنعت روسيا الاتحادية بعد استقلالها عن التعاون واقتسام تلك الأجهزة والكوادر والخبرات والموارد التي ورثتها عن الإتحاد السوفييتي السابق مع جمهورية أوزبكستان، بحكم وجودها على أراضيها. وشملت ممتلكات وأجهزة وموارد وزارة الخارجية السوفييتية الملغاة وخبراتها الدبلوماسية في الخارج أيضاً. وكان على أوزبكستان أن تقوم بإعداد كوادرها السياسية والدبلوماسية الوطنية القادرة على تنفيذ مهام سياستها الخارجية، وتزويدها بالاحتياجات اللازمة على ضوء توسع علاقاتها الدولية. ومواجهة متطلبات النظام الدولي الجديد أحادي القطبية والمتمثل بتكتل الدول الصناعية الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. والتعامل مع القيم الفكرية الجديدة التي تفرض نظام السوق والليبرالية السياسية، والتعامل مع القوى الدولية الجديدة التي أخذت بالتصاعد في أوروبا وشرق آسيا، والاتجاه الدولي الجديد الذي سار بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق نحو إقامة تكتلات وتجمعات دولية جديدة، متعددة الأطراف تتطلع نحو تحرير التجارة والاقتصاد الدولي ضمن الاتجاه الذي عرف اقتصادياً وسياسياً بالعولمة. وكان لابد لأية صياغة للسياسة الخارجية أن تضمن المصالح الوطنية الأوزبكستانية، في ظروف اقتصادية صعبة نتجت عن تفكك الإتحاد السوفييتي السابق، وأدى الاستقلال لقطع العلاقات الاقتصادية التي كانت قائمة مع غيرها من جمهوريات الإتحاد المتفكك، وبالتالي خسارتها لـ 85,8 % من موارد تجارتها الخارجية مع تلك الجمهوريات، والذي أثر بشكل مباشر على اقتصادها. فكان على القيادة الأوزبكستانية أن تصب اهتمامها أثناء صياغة سياستها الخارجية نحو حماية حياة ورفاهية المواطن الأوزبكستاني دون إبطاء.
والمشكلة الأخرى التي واجهت السياسة الخارجية المستقلة لأوزبكستان، مشكلة كونها دولة داخلية جغرافياً، ولا تملك منافذ على البحار والمحيطات العالمية. وهو ما فرض عليها إتباع سياسة خارجية متوازنة والتعامل والتفاوض والمساومة والمحافظة على علاقاتها مع دول الجوار، لضمان طرق الترانزيت التي هي بمثابة شرايين الحياة بالنسبة لها، ومواجهة مشكلة أمنها المائي لأن معظم الأنهار الجارية عبر أوزبكستان تنبع من أراضي الدول المجاورة وخاصة طاجيكستان وقرغيزستان. وكان لابد لأوزبكستان أن تصوغ سياستها الخارجية في ظروف من عدم الاستقرار الإقليمي والدولي، والتنافس بين القوى الإقليمية والعالمية لفرض تصورها ونموذجها لسد الفراغ الذي نشأ في آسيا المركزية بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق. وهو ما أشار إليه دوغلاس هيرد، وزير خارجية بريطانيا السابق، بقوله: "أن آسيا المركزية تعود لعصر (المباراة الكبرى) التي دارت في الماضي، والمباراة الراهنة تدور بين روسيا وتركيا والصين وإيران والهند، من أجل الحصول على المزايا الاقتصادية والسياسية. مما يجعل المباراة أكثر خطورة عما كانت عليه منذ مائة عام مضت، لأن الإقليم يعج بالسلاح اليوم". إضافة لتأثيرات التنافس الإيراني التركي، والباكستاني الهندي، والأدوار الصينية والأمريكية والإسرائيلية الجديدة والمؤثرة في المنطقة. وحركات التطرف الديني التي برزت بعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان. وتمثلت المشكلة الأخيرة في أنه على أوزبكستان أن تصيغ سياستها الخارجية من نقطة الصفر، في ظل وضع داخلي يشهد تحولات سياسية واقتصادية جوهرية، ومحاولة بعض القوى تسييس المشكلات العرقية والقومية والدينية، بقصد الإساءة للعلاقات التاريخية لأوزبكستان مع الدول الإسلامية والعربية والدول المجاورة لها. ولهذا شرعت أوزبكستان في إجراء تحول نحو التعددية السياسية، واقتصاد السوق، وأخذت القيادة الأوزبكستانية بصياغة قواعد جديدة للتعامل مع كل تلك المشكلات. ومن هنا يمكن أن نلمس أية مهمة شاقة اعترضت الرئيس إسلام كريموف في صياغة سياسة خارجية لأوزبكستان. فقد تطلب منه التعامل مع تلك المشكلات، وبلورة رؤية إستراتيجية لطبيعة التحولات الإقليمية والعالمية وآثارها على أوزبكستان، ووضع إستراتيجية للتعامل معها. إستراتيجية تتضمن فلسفة السياسة الخارجية وخارطتها. واتضحت تلك الرؤية في الخطاب الذي ألقاه الرئيس إسلام كريموف من على منبر منظمة الأمم المتحدة خلال دورتها الثامنة والأربعين في 28/9/1993. واكتملت تلك الرؤية في مؤلفاته "أوزبكستان على عتبة القرن الحادي والعشرين"، و"أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية"، و"أوزبكستان على طريق المستقبل العظيم" المنشورين باللغة العربية في بيروت وجدة، والذين يعتبرون وثيقة مرجعية لفلسفة السياسة الخارجية الأوزبكستانية.
فلسفة السياسة الخارجية الأوزبكستانية: انطلقت رؤية الرئيس كريموف من تحليل موضوعي لطبيعة النظام العالمي وموقع أوزبكستان فيه، لأن هذا النظام كما يراه في عصر العولمة مترابط ومتعدد الأبعاد. ويعني هذا أنه لم يعد هناك مكان في النظام العالمي للانعزال، ويتطلب الاندماج مع مجمل التيارات الفكرية والهيكلية للنظام العالمي الجديد. وهذه الرؤية للعولمة في النظام العالمي تشكل المدخل الحقيقي الأول لرؤية الرئيس كريموف لسياسة أوزبكستان الخارجية. والمدخل الثاني في تأكيده على أن أوزبكستان تقع في قلب هذا النظام، فهي تقع في قلب آسيا، حيث تتركز مصادر الطاقة، وبالذات منابع النفط والغاز، وفي منطقة تتقاطع فيها مصالح القوى الآسيوية والأوروبية القوية، والدول الكبرى من العالم الإسلامي. كما أنها بحكم موقعها الجغرافي، ومواردها الطبيعية والبشرية، وخبراتها التكنولوجية، وتراثها الثقافي والحضاري، مؤهلة لتلعب دور "مركز آسيا". وقد عبر الرئيس كريموف عن ذلك في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن أوزبكستان يمكن أن تكون "نافذة آسيا، وجسراً للتعاون بين المؤسسات الدولية لتوفير الأمن في آسيا. وتواجه أوزبكستان في تلك المنطقة الإستراتيجية الهامة، مجموعة من التهديدات التي تؤثر على أمنها الوطني. وتتميز تلك التهديدات، بأنها ذات صلة متعددة الأبعاد، ومركبة ومتداخلة.ولا يرى الرئيس كريموف أن التهديدات الموجهة ضد جمهورية أوزبكستان، مجرد تهديدات عسكرية، بل أنها تهديدات اجتماعية واقتصادية وبيئية، متعددة ولا تقتصر على التهديد العسكري وحده.
ويرى الرئيس كريموف أن التهديد الأساسي والأول للأمن القومي الأوزبكستاني يكمن في النزاعات الإقليمية في آسيا، وفي مقدمتها الصراعات القائمة في أفغانستان وطاجيكستان، تلك النزاعات التي أدت إلى تأخير تطور الدولة لعشرات من السنين. وأن تلك الصراعات يمكن أن تمتد إلى أوزبكستان ذاتها حسب تعبير الرئيس كريموف "فكل نزاع في أية دولة من الدول لا يمكن أن يبقى لفترة طويلة محصوراً داخل حدود تلك الدولة. فلأسباب عديدة سيمتد هذا النزاع تلقائياً إلى الدول المجاورة. وأثبتت أحداث جنوب قرغيزستان في صيف عام 1999 صواب تلك الرؤية. فالنزاعات يمكن أن تؤدي إلى نسف الوفاق الاجتماعي، والاستقرار في الدول المجاورة، وخاصة عند استخدام عنصر الدين فيها. واستمرار تلك النزاعات يعطي البعض فرصة إثارة مشاكل الشعوب المقسمة لإعادة ترسيم الحدود تحت ستار توحيد الطاجيك أو الأوزبك أو غيرهم من الشعوب في العالم. إضافة إلى أن الحرب الأهلية الأفغانستانية قد أعاقت بالفعل وصول أوزبكستان إلى بحر العرب والمحيط الهندي، وخلقت مشكلة اللاجئين الذين يندفعون عبر الحدود إلى الدول المجاورة هرباً من الحروب، وإلى بروز مشاكل أخرى تمثلت في ازدهار تجارة المخدرات، وتهريب الأسلحة، وانتشار العنف المسلح والإرهاب.
ويأتي التهديد الثاني من التطرف الديني، حيث أكد الرئيس كريموف على الدور التربوي الهام للدين، وعلى دور الإسلام في الصراع السياسي من أجل توحيد المجتمع. ويعتبر الإفراط بالرأي الديني لطرف واحد، ومحاولة تغيير النظم السياسية بغير الطرق الديمقراطية والقوة تهديداً أمنياً خطيراً. ويرى الرئيس كريموف أن أوزبكستان هي جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي، ولكن المشكلة تكمن في تحويل الشعارات الدينية من قبل البعض، إلى راية من أجل الوصول إلى السلطة بطرق غير شرعية، ودافعاً للتدخل في السياسة. خاصة وأن تلك القوى والحركات يمكن أن تزعزع الأمن والاستقرار، وخلق مجابهة عالمية بين الحضارة الإسلامية وحضارات الأديان الأخرى، وهذا ليس من مصلحة الشعوب الإسلامية وغيرها من شعوب العالم.
وأما التهديد الثالث فيتمثل في التعصب القومي الإمبراطوري، والعداوة القومية، من خلال سعي بعض الأمم لفرض سيطرتها خارج حدودها. لهذا يعتبر الرئيس كريموف أن التناقضات القومية والعرقية داخل أوزبكستان، مصدر آخر لتهديد أمنها. فأوزبكستان اليوم دولة متعددة القوميات. ويمثل أبناء القوميات الأخرى بين مواطنين الجمهورية 20 % من عدد السكان نتيجة لسياسة التهجير والاستيطان خلال الحكم الروسي. ويفرض هذا على أوزبكستان اليوم إتباع سياسة قومية ترتكز على مبدأ احترام حقوق الأقليات القومية، وحل كل المتناقضات القومية بأسلوب بناء.
ويعتبر الرئيس كريموف أن انتشار جرائم الرشوة وغسيل الأموال وتجارة المخدرات وتهريب الأسلحة، والنزاعات العشائرية ضيقة الأفق داخل الدولة، تهديداً لأمن أوزبكستان الاقتصادي والاجتماعي، وخاصة إذا ارتبطت تلك النزعات بتوزيع الوظائف والمكاسب بين عناصر الفئة المنحرفة التي تحاول دوماً الاستفادة من مرحلة التحول الاقتصادي، لتحقيق مكاسب ذاتية غير مشروعة على حساب الآخرين.
وأخيراً يعتبر الرئيس كريموف المشاكل البيئية من مصادر تهديد الأمن القومي لأوزبكستان. وتشمل مشاكل التصحر، وزيادة ملوحة الأرض، وإساءة استخدام الموارد المائية، وتلوث التربة بالنفايات الصناعية والمنزلية، والتلوث الإشعاعي، ويعتبر مشكلة انحسار مياه بحر الأورال من أكبر الكوارث البيئية في تاريخ البشرية.
ومما سبق يتضح لنا أن مصادر تهديد الأمن القومي الأوزبكستاني، وفق منظور القيادة الأوزبكستانية هي تهديد اجتماعي واقتصادي شامل، ولا تقتصر على البعد العسكري التقليدي وحده. فهي تهديدات داخلية، واجتماعية وبيئية. وأكثرها وفق منظور الرئيس كريموف هي تهديدات داخلية، ويتطلب التعامل معها إستراتيجية شاملة للعمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وإستراتيجية للسياسة الخارجية تحقق أهداف داخلية تتعلق بمصادر تهديد الأمن الوطني لأوزبكستان.
إستراتيجية التكامل مع المجتمع الدولي: حدد الرئيس كريموف عدة استراتيجيات محورية لمواجهة مصادر التهديدات التي أشار إليها. ويتلخص اتجاه هذه الإستراتيجيات في الحفاظ على التوازن الإستراتيجي الداخلي والخارجي، وبناء الاستقرار. انطلاقاً من عدة أبعاد، وهي: أن تحقيق الاستقرار والتوازن الداخلي شرط جوهري لتحقيق استقرار وتوازن مماثلين في الخارج؛ ولأن السياسة الخارجية الفعالة هي تلك التي تستند إلى قاعدة اجتماعية واقتصادية قوية ومتوازنة. وهو ما أشار إليه الرئيس كريموف بالتفصيل في كتابه "أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية" الذي صدر باللغة العربية في بيروت، وكتابه "أوزبكستان على طريق المستقبل العظيم" الذي صدر في جدة، حيث ركز فيهما على إستراتيجية الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في أوزبكستان. ومن هذا المنطلق فإستراتيجية السياسة الخارجية لأوزبكستان، وفق تصور الرئيس كريموف، تركز على التكامل مع المجتمع الدولي لأنها "ليست مجرد حتمية تاريخية، بل كعامل قوي للاستقرار"، الذي يعني "الاندماج بالنظام السياسي والاقتصادي العالمي على أساس المنفعة المتبادلة، وأولوية المصالح الاقتصادية على الاعتبارات الأيديولوجية، وأولوية معايير القانون الدولي على المعايير الداخلية، والعمل ضمن النظام الدولي طبقاً للمعايير الإنسانية العامة".
وتقع إستراتيجية التكامل هذه وفق تصور الرئيس كريموف، في قلب إستراتيجية "الاندماج في الاقتصاد العالمي"، التي يهدف منها إلى إقامة اقتصاد سوق اجتماعي، حر ومنفتح على العلاقات الاقتصادية العالمية، داخل التقسيم الدولي للعمل. ويشمل الانخراط في المؤسسات الاقتصادية العالمية، مثل: منظمة التعاون الاقتصادي، ومنظمة التجارة العالمية، مع جذب الاستثمار الأجنبي. وهذا يعني أن أوزبكستان تتكامل مع مجمل توجهات ومؤسسات النظام العالمي انطلاقاً من المنفعة المتبادلة. ولترجمة هذه الإستراتيجية، إلى سياسات واقعية، حدد الرئيس كريموف بعض الخطوط الأساسية، وهي: بناء شبكة علاقات تحقق تنوع البدائل وزيادة الشركاء، وبناء التوازن، واتفاقيات الأمن الجماعي التي تضمن ذلك، بما فيها إعلان آسيا المركزية منطقة خالية من السلاح النووي؛ والاعتراف بالحدود القائمة بين جمهوريات رابطة الدول المستقلة، عند الاستقلال، باعتبارها حدوداً سياسية نهائية؛ وحل النزاعات القومية في آسيا المركزية، وبالذات في طاجيكستان وأفغانستان بالطرق السلمية؛ وبناء علاقات من خلال الحوار مع العالمين الإسلامي والعربي لتجنب حدوث صدام ناتج عن تفاقم التيارات الأصولية المتشددة، والعمل على إدارة نقاش فعال بين الحضارات؛ وإقامة حوار استراتيجي متكافئ مع روسيا، أساسه المشاركة والمنفعة المتبادلة؛ والتعاون مع دول آسيا المركزية لحل مشكلات البيئة؛ وتشجيع الاستثمار الأجنبي. مما يسمح بإيجاز التوجهات الرئيسية لسياسة أوزبكستان الخارجية في خطوط محددة، أهمها: الحفاظ على المصالح الوطنية الأوزبكستانية الراهنة من خلال استمرار الروابط مع الشركاء القدامى مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة؛ وإتباع سياسة تدريجية لتنويع البدائل والشركاء من خلال عقد روابط اقتصادية وسياسية جديدة مع مختلف القوى الإقليمية والعالمية، والاندماج التدريجي في المؤسسات الإقليمية والعالمية؛ والاهتمام بالقضايا الدولية التي تؤثر مباشرة في المصالح الوطنية الأوزبكستانية. ويعني هذا التركيز على ما يهم أوزبكستان مباشرة. وتفادي امتداد نطاق الاهتمامات الخارجية للدولة بما يتخطى مقدراتها، أو إلى ما لا يعود عليها بأثر إيجابي مباشر.
وظيفة ووسائل السياسة الخارجية: يتضح لمن يلقي نظرة متفحصة في كتابات الرئيس كريموف، أن وظيفة السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان هي: إعطاء دفعة قوية لعملية التحول الاقتصادي. لأن السياسة الخارجية بما توفره من تشابك في العلاقات مع المؤسسات الدولية، يجب أن توفر انعكاسات إيجابية على مدى قدرة أوزبكستان في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الاستقلال. ولهذا ومن ضمن الوسائل المحتملة للسياسة الخارجية، نرى أن أوزبكستان تركز على الوسائل الاقتصادية، أي أنها تستعمل مقدراتها الاقتصادية لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، ليكون لها أثر اقتصادي إيجابي على الصعيد المحلي. بإتباع سياسة اقتصادية خارجية تقوم على تحقيق المنافع المتبادلة بصرف النظر عن الاعتبارات الإيديولوجية. دون إهمال الوسيلة العسكرية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية. ولهذا عملت أوزبكستان على إيجاد قوة عسكرية حقيقية جيدة التدريب، وقادرة على التحرك السريع لحماية أمن الدولة. فأحدثت جيشاً وطنياً قوامه 35 ألف جندي، مزود بمعدات عسكرية تبلغ حوالي 280 دبابة، و780 عربة مدرعة، و265 طائرة مقاتلة، و24 طائرة مروحية. وتقوم القوات المسلحة الأوزبكستانية بحفظ الأمن والسلام على حدودها الدولية، إضافة لدور في عمليات حفظ الأمن والسلام على الحدود الأفغانية الطاجيكية. كما وتحرص أوزبكستان بحكم تراثها الحضاري والثقافي، ومن ضمن الحوار العالمي القائم بين الحضارات، على توظيف الوسيلة الثقافية والحضارية في سياستها الخارجية. وقد دعى الرئيس كريموف إلى حوار حضاري بين العالم الإسلامي والعالم العربي، لأن الوسيلة الثقافية تمثل الجسر الذي يمكن أن تعبر عليه أوزبكستان إلى العالم الإسلامي، ولعل إنشاء صندوق الإمام البخاري الدولي، الذي يعمل على افتتاح فروع له في شتى أنحاء العالم الإسلامي، خير دليل على توظيف الوسيلة الثقافية في السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان.
السياسة الأوزبكستانية مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة: اتسعت سياسة أوزبكستان الخارجية بعد الاستقلال وتعددت أبعادها. إذ تقيم جمهورية أوزبكستان اليوم علاقات دبلوماسية مع أكثر من 120 دولة من دول العالم، وتقيم في عاصمتها طشقند حوالي 40 سفارة معتمدة من بينها خمسة عربية، وممثليات لأكثر من 25 منظمة دولية حكومية، و13 منظمة غير حكومية، بعد أن أصبحت عضواً كامل الأهلية في كافة المنظمات العالمية السياسية والاقتصادية. وقد حرصت أوزبكستان منذ استقلالها على تنويع شركائها من خلال علاقاتها الدولية. (أنظر الملاحق) ويعتبر الخط الذي يربط أوزبكستان بشركائها التقليديين، من الخطوط الرئيسية لسياستها الخارجية.وهو خط العلاقات مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة، وخاصة العلاقة مع روسيا وجمهوريات آسيا المركزية، حماية لمصالحها الوطنية في علاقاتها مع تلك الدول التي تشكل نسبة التجارة معها 85 % من حجم تجارتها الخارجية.
وكانت جمهورية أوزبكستان قد دخلت في عضوية رابطة الدول المستقلة بموجب اتفاق آلماأتا الذي وقع في 21/12/1991. وانضمت لاتفاقية الأمن الجماعي التي وقعت في طشقند في 15/5/1992، وضمت كلاً من روسيا، وقازاقستان، وقرغيزستان، وطاجيكستان، وأرمينيا، وهي الاتفاقية التي تمنع الدول المشاركة فيها من الدخول في أية تحالفات عسكرية أو تجمعات موجهة ضد الدول المشاركة في الاتفاقية، ومسؤولية الدول الموقعة على الاتفاقية جماعياً عن حماية أمن وحدود الدول المشاركة فيها. ويرى الدكتور محمد السيد سليم مدير مركز الدراسات الأسيوية بجامعة القاهرة أن أوزبكستان حرصت دائماً على أن لا تتحول الرابطة إلى مؤسسة فوق قومية تنتقص من سيادة الدول الأعضاء فيها، لهذا رفض الرئيس كريموف كذلك الانضمام إلى المعاهدة التي ضمت الجمهوريات الأربع روسيا، وقازاقستان، وقرغيزستان، وروسيا البيضاء، معتبراً إياها محاولة لإحياء الإتحاد السوفييتي السابق، وعزل دول المعاهدة عن الاقتصاد العالمي. وفي المؤتمر الذي انعقد في طشقند في كانون أول/يناير 1993 أعلن مشروع إنشاء منظمة آسيا المركزية، كما ودعت أوزبكستان إلى إنشاء إتحاد آسيوي أوروبي يضم في عضويته كلاً من الصين وتركيا وجمهوريات آسيا المركزية وأوروبا ليحل مكان رابطة الدول المستقلة.
وأوزبكستان تعتبر جمهوريات آسيا المركزية ذات أفضلية في سياستها الخارجية، تتكامل معها اقتصادياً وتتعاون معها عسكرياً. ولذلك من المهم أن نشير إلى حقيقة هامة وهي أن الرئيس كريموف لا يرى في آسيا المركزية منطقة ثقافية أو عرقية واحدة في إطار المفهوم الإقليمي السابق الذي كانت تعرف فيه بتركستان، بل على العكس يرى فيها مساحة جغرافية تتعايش فيها مجموعة من الدول المستقلة على أساس من المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة. وأشار الصحفي العربي المقيم في موسكو د.سامي عمارة إلى أن موقف أوزبكستان من دول آسيا المركزية كان واضحاً خلال اجتماع رؤساء جمهوريات آسيا المركزية الخمس الذي انعقد في طشقند خلال كانون ثاني/يناير 1993، والذي قرر خلاله الرؤساء الخمسة إنشاء تعاون إقليمي باسم منظمة آسيا المركزية، من خلال إقامة سوق اقتصادية مشتركة، ونظام ضريبي موحد، وساحة إعلامية مشتركة، ونظام أمن دفاعي لكل الأعضاء. واستمرت لقاءات التنسيق والتعاون بين دول المنطقة بعد ذلك، وفي لقاء بيشكيك عاصمة قرغيزستان الذي جرى في نيسان/أبريل 1994 وضم رؤساء جمهوريات أوزبكستان وقرغيزستان وقازاقستان، وقعت الدول الثلاث على اتفاقية لبناء مجال اقتصادي موحد، وتشكيل مجلس مشترك للإشراف عليه. إضافة للتعاون العسكري بين الدول الثلاث التي أنشأت من أجله مجلس وزراء الدفاع الذي أسندت له مهمة وضع مقترحات محددة للتعاون العسكري والأمن الإقليمي بين الدول الثلاث. واتفقت الدول الثلاث كذلك على تنسيق أنشطتها في ميادين الأمن الوطني لكل منها، والأمن الجماعي في إطار رابطة الدول المستقلة، وبناء نظام أمني بين أوروبا وآسيا المركزية بالتنسيق مع مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي، وخلق نظام آسيوي للأمن يعتمد على بناء الثقة، ونظام عالمي للأمن في إطار منظمة الأمم المتحدة. ووقعت الدول الثلاث في كانون أول/ديسمبر 1995 كذلك اتفاقاً لإنشاء قيادة مشتركة لحفظ الأمن والسلام بين الدول الثلاث تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة. ومن الواضح أن أوزبكستان تنظر إلى ترتيبات الأمن من عدة مستويات تبدأ من الأمن الوطني وتمتد حتى بناء الأمن الجماعي العالمي. وأثبتت الأحداث التي جرت في جنوب قرغيزستان في صيف عام 1999 صحة وصواب وبعد نظر القيادة الأوزبكستانية في موضوع التعاون الأمني المتبادل بين دول المنطقة، لمواجهة الأخطار الداخلية والخارجية على السواء.
وتشمل سياسة أوزبكستان للتعاون الإقليمي في آسيا المركزية على التعاون لمواجهة المشاكل البيئية التي تواجهها مجتمعة، ومن الأمثلة على ذلك مشاركة أوزبكستان في الاجتماع الذي عقد بين قادة آسيا المركزية في قازاقستان خلال آذار/مارس 1993 لمناقشة مشكلة الكارثة البيئية في منطقة بحر الأورال، وأسفر الاجتماع عن تشكيل مجلس حكومي من ممثلي دول آسيا المركزية، ولجنة تنفيذية، وصندوق دولي لإنقاذ بحر الأورال الآخذة مياهه بالانحسار. وفي كانون ثاني/يناير 1994 عقد اجتماع ثان لنفس الغرض في نوقوس بجمهورية أوزبكستان، أقر خلاله برنامج من الإجراءات العملية لتحسين الوضع البيئي في منطقة حوض بحر الأورال خلال فترة تمتد مابين 3 إلى 5 سنوات، روعيت فيه نواحي التطور الاجتماعي والاقتصادي. كما وصدر عن الاجتماع إعلان دول آسيا المركزية والمنظمات الدولية حول مشاكل تطوير حوض بحر الأورال. إضافة لمشاكل الأمن المائي لدول المنطقة كمشكلة تدفق مياه الأنهار التي تعتمد عليها أوزبكستان في ري محاصيلها الزراعية الصيفية وخاصة القطن، والتي تنبع من الأراضي القرغيزية، وتوصلت الدولتان إلى اتفاق عام 1994 بعد مطالبة قرغيزستان بدفع ثمن للمياه التي تتدفق من أراضيها، ووافقت أوزبكستان نتيجة الاتفاق المذكور على تزويد قرغيزستان بالطاقة والكهرباء شتاءً لقاء تدفق المياه إلى أوزبكستان خلال الصيف. وهذا جزء من المشكلة التي خلفها الإتحاد السوفييتي السابق وراءه لجمهوريات آسيا المركزية وتشترك كلها فيها بسبب التداخل في منابع ومجاري الأنهار وشبكات الري والسدود الكثيرة المقامة عليها.
وأخيراً فإننا نرى في أوزبكستان الدولة الإقليمية المحورية التي تسعى دائماً للقيام بدور فعال في حل وتسوية النزاعات الإقليمية في المنطقة، وخاصة المشكلتين الأفغانية، والطاجيكية. لأن حل المشكلة وإحلال السلام على الأرض الأفغانية يفتح الطريق أمام أوزبكستان التي لا تملك منافذ على البحار المفتوحة، نحو موانئ بحر العرب والمحيط الهندي، ويحد من انتشار موجات التطرف الديني المتشددة ويقلل من فرض التدخل الأجنبي في شؤون آسيا المركزية. وقد كانت أوزبكستان صاحبة السبق في المبادرات العديدة، التي تناولت القضية الأفغانية بقصد حل عقدتها المستعصية، منذ استقلالها وحتى اليوم. ولا غرابة في ذلك، لأن أوزبكستان كانت الممر البري الرئيسي لقوات التدخل السوفييتية، في دخولها للأراضي الأفغانية قبل عشرين عاماً، وفي خروجها منها قبل انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، وكانت أفغانستان ملجأ للكثيرين من أبناء المنطقة عبر مراحل الاحتلال الروسي، وملاذاً لأمير بخارى وبقايا جيشه، بعد احتلال بخارى في 2/9/1920 وسقوط آخر الإمارات المستقلة التي كانت تربطها بأفغانستان علاقات أخوة وحسن جوار، في ما كان يعرف بتركستان الروسية بقبضة القوات الروسية، بقيادة الجنرال البلشفي ميخائيل فرونزة. وكانت أوزبكستان أيضاً من بين الجمهوريات السوفييتية السابقة الأكثر تضرراً بشرياً ومادياً ومعنوياً من حرب التدخل السوفييتي الدامية قبل عقدين من الزمن، ولم تزل آثارها ماثلة للعيان حتى اليوم. نضيف إلى ذلك حوالي الثلاثة ملايين من المواطنين الأفغان من أصول أوزبكية القاطنين في المناطق الشمالية من أفغانستان. وكل تلك المعطيات لا يمكن أن تدع الحكومة الأوزبكستانية بعد الاستقلال، تقف موقف المتفرج حيال ما يجري على الأرض الأفغانية الملتهبة، تحسباً من انتقال أعراض الأوضاع الملتهبة على الأرض الأفغانية إلى داخل أراضيها. وهو ما حدث فعلاً منذ ثمان سنوات في طاجيكستان المجاورة لأفغانستان، والتي تشترك معها في المعطيات أنفة الذكر أيضاً. وقد أثبتت الوقائع صحة التوقعات الأوزبكستانية أكثر من مرة في الأحداث المتفرقة التي حدثت على أراضيها، وكان آخرها تفجيرات 16/2/1999 في العاصمة طشقند التي نفذها متطرفون إسلاميون. وأثبتت المحاكمات العلنية التي جرت للمتهمين فيها، ضلوع بعض الجهات المتواجدة في أفغانستان والدول المجاورة والقريبة من أوزبكستان وفي بعض الدول العربية، إما بمساندة أو بتمويل تلك الحركة الإسلامية المتطرفة، وهي المتهم الأول بما جرى ويجري ليس في أوزبكستان وحدها، بل وفي تطلعها لتوسيع نشاطها إلى قرغيزستان وقازاقستان ودول آسيا المركزية الأخرى، انطلاقاً من الأراضي الأفغانية والطاجيكية، وفق الأنباء التي نشرت عن التحقيقات التي جرت قبل وأثناء محاكمة وإدانة المتهمين. وثبتت التوقعات في الأحداث التي جرت جنوب قرغيزستان في صيف نفس العام وفي جنوب أوزبكستان وقرغيزستان صيف عام 2000. وهذا طبعاً لا يمكن أن لا يوتر ويعيق العلاقات الودية بين تلك الدول والحكومة الأوزبكستانية.
وبالفعل بادر إسلام كريموف رئيس جمهورية أوزبكستان ومن عام 1993 أي مع باكورة الاستقلال إلى لفت أنظار العالم نحو تلك الفاجعة المستمرة على الأرض الأفغانية، من على منبر الدورة الـ 48 لمنظمة الأمم المتحدة. وعاود وطرح القضية من جديد خلال الدورة الـ 50 للمنظمة في عام 1995، وقدم مقترحات محددة يمكن أن تساعد في حل تلك العقدة المستعصية في أفغانستان، منبها الرأي العام العالمي إلى ضرورة منع تزويد الأطراف المتنازعة بالسلاح، وخطورة الأوضاع في أفغانستان على الأمن ليس في المنطقة المحيطة بأفغانستان وحدها، بل وعلى مستقبل الأمن والاستقرار العالمي، بسبب ازدهار تهريب المخدرات والسلاح، وانتشار الإرهاب والتطرف الديني إلى الدول المجاورة لها، وهو ما أثبتته الوقائع الجارية في المنطقة وأنحاء متفرقة من العالم. وأشار إليها البيان الختامي للقاء طشقند الذي شارك فيه ممثلين عن القوتين الرئيسيتين على الساحة الأفغانية. وهي نفس الأسباب التي دعت الرئيس الأوزبكستاني في حزيران/يونيو 1999 لتوجيه النقد إلى الأسلوب الذي تتعامل به مع تلك المشاكل، منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي انضمت إليها أوزبكستان مع بقية دول آسيا المركزية منذ سبع سنوات مضت.
وكان آخر المبادرات الإيجابية التي قدمها الرئيس الأوزبكستاني لحل القضية الأفغانية، مبادرة عام 1997، التي دعى فيها إلى إنشاء مجموعة للتنسيق تضم الدول الست المحيطة بأفغانستان، بالإضافة للولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والتي عرفت باسم مجموعة " 6+2 ". وبالفعل عقدت المجموعة أولى جلساتها في نيويورك في 16/10/1997. وتوجت اللقاءات، باللقاء الذي عقدته المجموعة في العاصمة الأوزبكستانية طشقند ضمن الجهود الدولية لحل الأزمة المستعصية، وبمشاركة طرفي الصراع على الأرض الأفغانية، والأخضر الإبراهيمي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، الذي أشار في المؤتمر الصحفي الذي عقد إثر التوقيع على بيان طشقند للمبادئ الأساسية لحل القضية الأفغانية، إلى الأهمية الخاصة للقاء طشقند الذي شارك فيه وللمرة الأولى ممثلين عن الجهتين الرئيسيتين المعنيتين في الصراع الدامي الجاري على الأرض الأفغانية، وهي: حركة "طاليبان"، والجبهة المتحدة. معتبراً بيان طشقند خطوة هامة على طريق إحلال السلام في أفغانستان. وقال: أن البيان جاء نتيجة لجهود طويلة قامت بها المجموعة في البحث عن المبادئ الأساسية لإحلال السلام على الأرض الأفغانية، وتمكنت من خلالها مجموعة "6+2" من توحيد مواقف المشاركين فيها، ولو أنها لا تعتبر الهدف الأخير، فهي أساس لمتابعة المفاوضات بين أعضاء مجموعة "6+2"، وبين الأطراف المتنازعة على الأرض الأفغانية، حركة "طاليبان"، والجبهة المتحدة، اللتان أكد ممثليهما في المؤتمر الصحفي الذي عقد في طشقند عن استعدادهما لمتابعة المفاوضات. ولكن الرد الحقيقي على كل التساؤلات التي يمكن أن تطرح في المستقبل، هو إلى أي مدى ستلتزم حركة "طاليبان" التي تسيطر على 85% من الأراضي الأفغانية، بما أعلنه ممثلها في لقاء طشقند أمير خان متقي عن نية الحركة تحسين الأوضاع في أفغانستان واستعدادها للتفاوض مع المعارضة، ومدى الجدية التي ستتعامل بها الحركة مع ما جاء من مطالب في بيان طشقند لحل القضية الأفغانية بصورة عادلة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كل فئات الشعب الأفغاني الذي أقضت مضاجعه تلك الحرب المدمرة، حكومة تقيم علاقات تعاون وحسن جوار مع جيرانها من الدول، وهي نفس المطالب التي تطالب بها تقريباً المعارضة الأفغانية أيضاً. ولتجني أخيراً أوزبكستان ثمار مبادراتها، وتدعم هدوئها وطمأنينتها واستقرارها، الذي تتمناه لجارتها أفغانستان، ولتعود علاقات حسن الجوار إلى ماضي عهدها، وتعود الطرق التجارية البرية التقليدية التي كانت تربط أوزبكستان في الماضي عبر الأراضي الأفغانية بباكستان والهند والموانئ البحرية على المحيط الهندي وبحر العرب منذ الأزل إلى سابق عهدها.
السياسة الأوزبكستانية مع الدول المجاورة لآسيا المركزية: انضمت أوزبكستان إلى عضوية منظمة التعاون الاقتصادي التي كانت تضم كلاً من تركيا وإيران وباكستان، أثناء الاجتماع الوزاري الثاني لأعضاء المنظمة في 6/2/1992. وقبلت عضويتها رسمياً وعضوية تركمانستان وأذربيجان في المنظمة خلال اجتماع القمة الذي انعقد بعد ذلك التاريخ بأسبوعين وضم رؤساء الدول الأعضاء الثلاث فيها. وفي تشرين ثاني/نوفمبر 1992 انضمت للمنظمة كلاً من قزاقستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأفغانستان، لتصبح عضوية المنظمة بذلك تضم عشر دول. وتنبأ أحمد عبد الونيس أن توفر العضوية في هذه المنظمة التي يمكن أن تكون تكتلاً اقتصادياً مهماً، لأوزبكستان مجالاً لتنويع الشركاء الاقتصاديين. ولكن من الواضح أن أوزبكستان حرصت في سياستها مع شركائها في المنظمة من غير جمهوريات آسيا المركزية على تطوير علاقات اقتصادية، دون أية التزامات سياسية. ورغم الروابط الثقافية والعرقية القوية التي تربطها بتركيا، فإن أوزبكستان تجنبت نقل النموذج التركي للتطور السياسي والاقتصادي، وفضلت اختيار نموذجها الخاص الذي ينبع من صميم ظروف أوزبكستان نفسها. رغم انتقالها للأبجدية اللاتينية في الكتابة الأوزبكية كما فعلت تركيا في العشرينات من القرن العشرين. ورغم مشاركتها لتركيا في الاجتماعات الدورية للدول الناطقة باللغة التركية، التي كان الهدف منها التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية، وإحياء طريق الحرير وتطوير السياحة بين تلك الدول، وحرصها على تشجيع الاستثمارات التركية في أوزبكستان. بينما ركزت أوزبكستان في علاقاتها مع باكستان على إيجاد صيغة متوازنة تضمن مصالحها الاقتصادية، والتفاهم على صيغة يمكن من خلالها الاستفادة من النفوذ الباكستاني لإنهاء الصراع الدائر في أفغانستان. لتتمكن من الوصول إلى الموانئ الباكستانية عبر أفغانستان بعد إحلال الوفاق والسلام فيها.
السياسة الأوزبكستانية مع دول أوروبا الغربية وشمال أمريكا: حرصت أوزبكستان منذ استقلالها على تنويع علاقاتها الخارجية. لهذا اهتمت بتطوير علاقاتها مع دول التحالف الأطلسي والإتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وإتحاد غرب أوروبا، للاستفادة من الدعم الاقتصادي والفني الذي تقدمه تلك الدول والمنظمات لمساعدة أوزبكستان خلال مرحلة التحول والاندماج داخل الاقتصاد العالمي. معتمدة في ذلك على ثقلها السياسي والاقتصادي والبشري في آسيا المركزية، المهم جداً في أية معادلات مستقبلية للمنطقة بآسرها. ولعل هدف إبعاد خطر عودة "الحرب الباردة" وتوفير الأمن لأوروبا، بعد انهيار المنظومة الشيوعية. كان من وراء مساعي الدول الأوروبية منذ عام 1992 إلى ضم أكثر الدول المستقلة حديثاً عن الإتحاد السوفييتي السابق، إلى عضوية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وللمشاركة في برنامج "المشاركة من أجل السلام" في إطار حلف الأطلسي. وكان من بين تلك الدول، جمهوريات آسيا المركزية (أوزبكستان، قازاقستان، قرغيزستان، تركمانستان، طاجيكستان) رغم بعدها الجغرافي الكبير عن أوروبا. وقد تكون تلك الخطوة من منطلق سد الفراغ في المنطقة والحيلولة دون عودة النظام الشيوعي إلى المنطقة، وخوفاً من مفاجآت قد تحصل على الواقع السياسي في منطقة هامة وحيوية في قلب القارة الآسيوية، أكثرية سكانها المطلقة من المسلمين، وكان لأجدادهم حتى نهاية القرن الماضي تأثير يذكر على موازين العلاقات الدولية. ولعل منطلق دول آسيا المركزية للانضمام للمنظمة الأوروبية، كان قبل كل شيء رغبة التمتع بالعضوية متساوية الحقوق في منظمة أوروبية ذات وزن عالمي، تساعد العضوية فيها على تسريع عملية اندماجها في المجتمع الدولي. بعد عزلة استمرت منذ بدايات الاحتلال الروسي للمنطقة في القرون الماضية، وازدادت حدة خلال سبعة عقود ونيف من الحكم السوفييتي الذي قسم تركستان الروسية خلال عشرينات القرن الحالي إلى ما نعرفه اليوم بجمهوريات آسيا المركزية، وتحقيق الأمن والاستقرار الذي تحتاجه تلك الدول للنهوض بخطط الإصلاحات الجذرية المستمرة فيها حتى اليوم. ولكن الذي حدث بعد مرور سبع سنوات على انضمام تلك الدول للمنظمة الأوروبية، أن برزت تساؤلات عديدة أمام المسؤولين في تلك الدول، تحتاج لإجابات شافية، تقنع بمدى جدوى انضمام دول آسيا المركزية لهذه المنظمة الأوروبية، وعلى الخصوص ما تحقق لها بمساعدة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في مجال تعزيز الأمن والاستقرار في آسيا المركزية، والدول المجاورة لها. حيث يشير المراقبون في المنطقة إلى حقيقة هامة مفادها صعوبة إيجاد أية خطوات إيجابية قامت بها المنظمة الأوروبية في هذا المجال الحيوي لدول المنطقة.
مما دفع رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف، أثناء استقباله للممثل الخاص لرئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ويلهلم هاينك في مقره بقصر أق ساراي بطشقند، في حزيران/يونيو 1999 إلى طرح تلك التساؤلات. فأوزبكستان المتمتعة بأهمية إستراتيجية خاصة في المنطقة، بسكانها البالغ عددهم حوالي الـ 23 مليون نسمة، إضافة لثرواتها الطبيعية الكبيرة، والتقدم العلمي والتقني الذي وضعها في المركز الرابع بين جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق الـ 15، انضمت إلى عضوية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا منذ سبع سنوات مضت. واتخذت المنظمة الأوروبية من عاصمتها طشقند مقراً لمكتبها الإقليمي بآسيا المركزية. وقطعت أشواطاً كبيرة لبناء أسس الديمقراطية في الدولة والمجتمع، وسعت دائماً للتكامل مع الدول الأوروبية، والتعاون معها استراتيجياً، ضمن إطار تلك المنظمة التي توليها أوزبكستان أهمية خاصة، وضمن الإتحاد الأوروبي المتحالفة معه استراتيجياً. وقد أشار الرئيس الأوزبكستاني خلال ذلك اللقاء إلى حقيقة هامة، مفادها غياب مشاكل المنطقة عن وثائق المنظمة الأوروبية، التي لم تتعرض أبداً لمشاكل الأمن في آسيا المركزية. رغم مرور سبع سنوات على عضوية دولها في المنظمة الأوروبية، ولمس ذلك من خلال مشاركته في العديد من اللقاءات التي دعت إليها المنظمة الأوروبية. وتساءل عن الكيفية التي تم من خلالها الدفاع عن مصالح دول آسيا المركزية خلال تلك المدة. وعبر عن أسفه الشديد ! لإراقة الدماء المستمر في أفغانستان المجاورة لدول آسيا المركزية. ولاستمرار تهريب المخدرات والأسلحة في المنطقة بشكل واسع. إضافة لاستمرار العمليات العسكرية المقلقة في طاجيكستان. ودعى المنظمة الأوروبية إلى المساهمة الجدية في حل تلك المشاكل الحيوية بالنسبة لدول آسيا المركزية، وعدم الاكتفاء بالدفاع عن أمن وتقدم أوروبا فقط، بل الدفاع عن مصالح كل الدول الأعضاء في المنظمة. وإفساح المجال أمام كل الدول الأعضاء في المنظمة بما فيها دول آسيا المركزية، للمشاركة في اتخاذ القرارات، انطلاقاً من المكانة الهامة التي تشغلها فيها. وانتقد الرئيس كريموف كذلك مبدأ حصر المناصب القيادية في المنظمة الأوروبية بممثلي الدول الأوروبية فقط، واقترح إنشاء هيئة داخل المنظمة تعنى بمصالح دول آسيا المركزية. انطلاقاً من قناعته بأن أحادية الجانب تلك، معيقة لاتخاذ القرارات العادلة في إطار المنظمة. مشيراً إلى عدم تطابق معايير الدول الغربية دائماً مع معايير الدول الشرقية. مؤكداً على أن الإجراءات التي تتخذها المنظمة انطلاقاً من وجهة نظر المعايير الأوروبية فقط، قد تلحق الضرر بمصالح آسيا المركزية، خاصة وأن "لكل شعب مقدساته، ولكل قومية معاييرها الخاصة".
ومن المعروف أن الأهداف التي قامت المنظمة الأوروبية من أجلها هي: شؤون الأمن، والاقتصاد، وحقوق الإنسان. ورغم ذلك وكما يلاحظ المراقبون، أن المنظمة ركزت اهتمامها في آسيا المركزية على حقوق الإنسان فقط، وتناست الأهداف الأخرى التي قامت من أجلها. مما دعى الرئيس كريموف مرة أخرى لانتقاد قيادة المنظمة التي تركز على حد تعبيره على حقوق الإنسان من خلال التقارير فقط، وقال: "إذا نحن أبدينا الاهتمام بالدفاع عن حقوق الإنسان، وتحسين حياة الناس، فنحن نفعل ذلك ليس من أجل تقارير المنظمة أو غيرها من المنظمات. لأن بناء المجتمع الديمقراطي العادل يعتبر هدفنا الرئيسي". وعلى ما نعتقد أن الوضع بحاجة للتغيير، وهو ما انتظرته دول المنطقة وخاصة أوزبكستان من نتائج اجتماع المنظمة الذي انعقد في اسطنبول، رغم الوعد الذي قطعه ممثل الرئيس الحالي للمنظمة الأوروبية، خلال زيارته لأوزبكستان، بطرحها من خلال تقريره على قيادة المنظمة، تمهيداً لمناقشتها من كل الجوانب خلال الاجتماع المنتظر. تلك النتائج التي يمكن أن تعطي الرد الحاسم على الكثير من التساؤلات المطروحة، والتي يمكن أن تلقي الضوء على الوضع الحقيقي لعضوية دول آسيا المركزية في المنظمة، والدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمة الأوروبية في حل العديد من المشاكل المستعصية التي تواجه تلك الدول، على الصعيدين الإقليمي والعالمي. خاصة بعد بدء سريان اتفاقية الشراكة والتعاون الإستراتيجي بين جمهورية أوزبكستان والإتحاد الأوروبي، منذ مطلع تموز/يوليو 1999، والتي سبق ووقعها رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف أثناء لقاء رؤساء، ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي بتاريخ 21/6/1996 في فلورنسا. واحتاج سريانها لعامين من الجهود والإجراءات المعقدة اللازمة لتصديقها من قبل برلمانات الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، ومن قبل البرلمان الأوروبي أيضاً.
وفسر المعلق السياسي لوكالة الأنباء الأوزبكستانية "جهان"، نظرة أوزبكستان من "الإتحاد الأوروبي بأنه يشغل اليوم المرتبة الأولى في العالم من حجم التجارة العالمية، ويعتبر من أضخم المصدرين في العالم للمواد الغذائية والمنتجات الصناعية". ومن المعروف أن للإتحاد الأوروبي علاقات دبلوماسية مع أكثر من 130 دولة من دول العالم، إضافة لكونه عضو مراقب في منظمة الأمم المتحدة، ويشارك في لقاءات القمة للدول السبع المتقدمة في العالم، ممثلاً بشخصية رئيس الإتحاد الأوروبي، وأعضاءه الأربعة الكبار فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا العظمى، وإيطاليا. وكانت العلاقات الدبلوماسية بين أوزبكستان والإتحاد الأوروبي، قد أقيمت رسمياً في خريف عام 1994، ورافقها افتتاح الممثلية الدبلوماسية الأوزبكستانية في بروكسيل. كما يمكن اعتبار أوزبكستان اليوم، الشريك التجاري والاقتصادي المهم للإتحاد الأوروبي في آسيا المركزية. بعد زيادة حجم التبادل التجاري بين أوزبكستان ودول الإتحاد الأوروبي إلى نحو 1 مليار و 592.6 مليون دولار أمريكي في عام 1998 والذي من المتوقع زيادته خلال عام 1999 بعد سريان اتفاقية الشراكة والتعاون الإستراتيجي بينهما.
ومن الحلقات الهامة في التعاون بين أوزبكستان والإتحاد الأوروبي، لجنة برنامج المساعدة التقنية للإتحاد الأوروبي (تاسيس)، . الذي يقدم الدعم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للإصلاحات التي تنفذها الحكومة الأوزبكستانية منذ الاستقلال، وتشمل مجالات ترشيد النظام القانوني، وتطوير شبكات الطاقة، والنقل، والاتصالات التلفزيونية، والزراعة والتصنيع الزراعي، والقطاع الخاص، وعملية الخصخصة، وإعداد وإعادة إعداد الكوادر، وفي تدعيم نظام الإدارة الحكومية. وتم منذ بداية تطبيق برنامج (تاسيس) في أوزبكستان في عام 1992 وحتى الآن، تمويل 79 مشروعاً بمبلغ إجمالي بلغ 80 مليون دولار أمريكي.
ومن المعروف أيضاً الدور الهام الذي يلعبه برنامج الإتحاد الأوروبي "تراسيكا"، الموجه نحو تطوير ممر للنقل البري يربط غرب وشرق أوروبا، عبر البحر الأسود، والقوقاز، وبحر قزوين بآسيا المركزية. ليفتح أمامها إمكانيات كبيرة بديلة وأكثر ثباتاً لكل الدول التي يمر داخل أراضيها ولا تملك منافذ على البحر، للخروج إلى شبكات طرق النقل الأوروبية والأسيوية، ويفتح أمامها الآفاق الجديدة واسعة لتوسيع قدراتها التصديرية، وتنشيط نشاطاتها التجارية الخارجية. وهنا لابد من الإشارة إلى الدور الهام والرئيسي لأوزبكستان في تنفيذ هذا المشروع من خلال كوادرها المدربة، والذي يعتبر من مشاريع القرن القادم. ويعتبر سريان مفعول اتفاقية الشراكة والتعاون الإستراتيجي بين أوزبكستان والإتحاد الأوروبي، قبل كل شيء ترسيخ للأساس القانوني والرسمي المنظم لعلاقات الشراكة والتعاون بين جمهورية أوزبكستان والإتحاد الأوروبي. ويعني أن العلاقات الأوزبكستانية مع الإتحاد الأوروبي قد حظيت بقاعدة قانونية صلبة، من خلال المبادئ الواضحة والمتفق عليها والتي يترتب عنها التزامات مشتركة ومتبادلة في العلاقات الدولية.
وقد اعتبر المحللون الأوزبكستانيون دخول اتفاقية الشراكة والتعاون الإستراتيجي حيز التنفيذ الفعلي، حدث هام في تاريخ أوزبكستان المستقلة، وهي تستعد لدخول القرن الحادي والعشرين. لأن الاتفاقية تبشر بفتح مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين أوزبكستان والإتحاد الأوروبي، لما ستوفره تلك الشراكة من فرص لنقل الخبرة الغنية للديمقراطية وإقامة اقتصاد السوق الحر، وانتقال التكنولوجيا الأوروبية المتطورة إليها، بفاعلية أكثر من أي وقت مضى، معلقين الآمال على أن تسهم الاتفاقية في إنجاح تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الجارية في أوزبكستان المستقلة دون المساس بسيادتها ومصالحها القومية. ونصت الاتفاقية على التعاون الوثيق في المواضيع التي تمس احترام مبادئ الديمقراطية، والاحترام المتبادل، والدفاع عن حقوق الإنسان، وإقامة الإطارات اللازمة من أجل تطوير واستمرار الحوار السياسي، وخلق الظروف المناسبة لإقامة أجهزة جديدة للتعاون المشترك. وبموجب الاتفاقية سيتم الحوار السياسي على مستوى الوزراء ضمن إطار مجلس التعاون القائم. والذي يدخل ضمن اختصاصاته دراسة القضايا المستجدة في إطار تنفيذ الاتفاقية، وغيرها من المسائل الثنائية والعالمية، التي تتمتع بأهمية مشتركة من وجهة نظر الجانبين حيال تطبيقها. كما وسيتم تشكيل لجنة للتعاون المشترك، تضم ممثلين عن حكومة جمهورية أوزبكستان ومجلس الإتحاد الأوروبي، واللجنة الأوروبية (CEC)، وظيفتها متابعة تطبيق المهام الملقاة على عاتق المجلس القائم. وأما فيما يتعلق بلجنة التعاون البرلماني، الذي نصت عليه المادة 83 من اتفاقية الشراكة والتعاون الإستراتيجي على إنشائه، فستكون عبارة عن ملتقى لتبادل الآراء بين أعضاء "عالي مجلس" (برلمان) جمهورية أوزبكستان والبرلمان الأوروبي.
وبهذا تصبح أوزبكستان أول دولة في آسيا المركزية ترتبط منذ تموز/يوليو 1999 باتفاقية شراكة وتعاون استراتيجي نافذة مع الإتحاد الأوروبي، تبشر بفتح الأفاق أمامها واسعة لدخول القرن القادم، بعلاقات متميزة مع الدول الصناعية المتقدمة الأعضاء في تلك المنظمة الهامة في الموازين الاقتصادية والسياسية الدولية. ومن ضمن برنامج "المشاركة من أجل السلام" في إطار حلف شمال الأطلسي، شاركت أوزبكستان في بعض المناورات العسكرية للحلف. انطلاقاً من نقطتي ارتكاز في السياسة الخارجية الأوزبكستانية، حددهما الرئيس كريموف، وهما: أن يصبح حلف شمال الأطلسي قوة تشيع الاستقرار ليس في القارة الأوروبية وحسب، بل وفي المنطقة الأوروبية الآسيوية الواسعة، ضمن معادلة التوازن والاستقرار؛ وتطابق وجهات النظر في السياسة الخارجية بين أوزبكستان، وحلف شمال الأطلسي اتجاه مشاكل الأمن الإقليمي والعالمي. إضافة للدور الهام الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في تعزيز الإصلاحات الجارية في أوزبكستان، والذي عبر عنه الرئيس كريموف، بأن الولايات المتحدة الأمريكية، هي دولة عظمى أساسية في العالم، وتتمتع بقدرات سياسية واقتصادية وعسكرية وتكنولوجية وفكرية هائلة، وتقدم مساهمة ضخمة لعملية تجديد وإصلاح المجتمع الأوزبكستاني، وجعله ديمقراطياً، وتعزيز استقلال وسيادة الجمهورية.
منظمة الأمم المتحدة في السياسة الخارجية الأوزبكستانية: انضمت أوزبكستان إلى عضوية منظمة الأمم المتحدة في آذار/مارس 1992، وحضر الرئيس كريموف أعمال الدورة الثامنة والأربعين للجمعية العمومية للمنظمة في أيلول/سبتمبر 1993. وألقى خلال الدورة ومن على منبر المنظمة كلمة حدد فيها ملامح السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان. وكان ذلك الحدث المرة الأولى التي تظهر فيها جمهورية أوزبكستان على هذا المستوى القيادي الرفيع في منظمة الأمم المتحدة. والهدف من ذلك كما حدده الرئيس كريموف نفسه، أنه: "عندما نتحدث عن التكامل مع المجتمع الدولي، فإننا نقصد قبل كل شيء مساهمتنا في عمل منظمة الأمم المتحدة". وهي إشارة صريحة للأهمية التي توليها أوزبكستان لمنظمة الأمم المتحدة كإطار لتكاملها مع المجتمع الدولي. من خلال ما تتمتع به منظمة الأمم المتحدة من مقدرات ضخمة في عمليات دعم السلام العالمي. وتأكيداً لهذا الخط استضافت أوزبكستان العديد من أنشطة الأمم المتحدة، ومنها المؤتمر الدولي لمشكلات الأمن في آسيا المركزية عام 1995، الذي نظمته الأمم المتحدة بمشاركة ممثلين عن 30 دولة. والمؤتمر الدولي لتسوية القضية الأفغانية عام 1999. وتتعاون أوزبكستان كذلك مع المنظمات الاقتصادية والمالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وغيرها من المنظمات. ولأوزبكستان وجهة نظر خاصة فيما يتعلق بعملية إصلاح منظمة الأمم المتحدة. وفي هذا الصدد كان لأوزبكستان العديد من المقترحات، وأهمها: توسيع عضوية مجلس الأمن، بدخول دول جديدة دائمة العضوية؛ وتحديث بنية ونشاط الأمم المتحدة في مجال عمليات حفظ السلام.
السياسة الخارجية الأوزبكستانية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي: اتبعت أوزبكستان منذ استقلالها سياسة خاصة لتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية، في إطار عملية بناء اقتصاد سوق بأبعاد اجتماعية. واستناداً للقوانين الاستثمارية النافذة في الجمهورية، يحق للمستثمرين الأجانب الاستثمار داخل أراضي جمهورية أوزبكستان من خلال المشاركة في المؤسسات الاقتصادية، وشركات التضامن، والبنوك، وشركات التأمين، وغيرها من المشاريع مع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في الجمهورية. كما ويحق للمستثمرين الأجانب إنشاء مؤسسات اقتصادية، وشركات تضامن، وبنوك، ومشاريع أخرى يملكونها بالكامل. ويحق للمستثمرين الأجانب شراء الممتلكات والأسهم والسندات وغيرها من الأوراق المالية. والحصول بشكل مستقل، أو بمشاركة أشخاص طبيعيين أو اعتباريين على حقوق الملكية، بما فيها تملك واستخدام وتأجير الأراضي، وتملك واستخدام الثروات الطبيعية. ومشروعات الاستثمار الأجنبي في أوزبكستان وفقاً للقوانين النافذة، هي: تلك المشروعات التي يشكل الاستثمار الأجنبي فيها نسبة 10 % من رأس المال، ويحق لتلك المشروعات العمل وفق أي إطار تنظيمي وقانوني لا يتعارض والتشريعات المعمول بها في الجمهورية. ويمكن إقامة أي مشروع باستثمارات أجنبية، سواء عن طريق التأسيس، أو شراء المستثمر الأجنبي لحصة في مشروع قائم دون مشاركة أجنبية، أو شراع المشروع بالكامل، بما فيها المشروعات المعروضة للخصخصة. ويخضع أي مشروع برأس مال أجنبي لإجراءات التسجيل المعمول بها، ويجوز تأسيس فروع أو وكالات تابعة، أو أقسام فرعية لأي مشروع استثماري أجنبي قائم خارج أوزبكستان. وللمستثمر الأجنبي الحق كذلك في التملك والاستخدام والتصرف في استثماراته، بما في ذلك إعادة الاستثمار، أو مزاولة العمليات التجارية داخل أو خارج جمهورية أوزبكستان. والاستثمارات الأجنبية محمية من التأميم والمصادرة فيما عدا حالات الكوارث الطبيعية والنكبات والأوبئة، وتكون المصادرة في تلك الحالات بقرار من مجلس الوزراء. لقاء تعويض يتناسب وحجم الضرر الذي يتعرض له المستثمر الأجنبي. كما ويكفل القانون الأوزبكستاني للمستثمرين الأجانب حق إخراج أرباحهم أو أية أموال أخرى حصلوا عليها نتيجة لنشاطاتهم بالطرق القانونية إلى خارج الجمهورية. وحق استثمار تلك الأرباح أو الأموال مرة أخرى داخل أوزبكستان، واستخدامها بأية طريقة يراها المالك. ويجوز للمستثمرين الأجانب فتح حسابات لهم بأي عملة في البنوك الأوزبكستانية دون أية قيود. ويجوز لهم استخدام أموالهم المودعة في حساباتهم بالعملة المحلية لشراء عملات أجنبية من السوق المحلية.
بينما ترك موضوع التأمين على الاستثمارات والمستثمرين الأجانب ضد المخاطر ليكون اختيارياً. ووضع نظاماً لتأمين وحماية الاستثمارات الأجنبية في أوزبكستان، ويضم هذا النظام شركة التأمين الوطنية في جمهورية أوزبكستان، كمؤسسة رسمية تابعة للدولة، إضافة لشركات التأمين المشتركة بمشاركة من هيئات التأمين الأجنبية. وتنحصر مسؤولية شركات التأمين المشتركة في ضمان الاستثمارات الأجنبية بحدود الاتفاقيات الموقعة من قبل الطرفين. وبشكل عام يكفل نظام التأمين في الجمهورية للمستثمرين الأجانب، التأمين ضد: مصادرة الممتلكات، أو أي إجراء قانوني أو إداري يؤدي إلى مصادرتها، أو فقدان السيطرة عليها وعلى الأرباح الناجمة عنها. عدا الإجراءات العامة غير التمييزية التي تتخذها الدولة لتنظيم النشاط الاقتصادي على أراضيها؛ والحروب والاضطرابات الداخلية؛ وتدخل السلطات الحكومية في العلاقات التعاقدية بين شركات التأمين والمستثمرين؛ وفرض السلطات الحكومية لأية قيود على تحويل العملات المحلية إلى العملات الأخرى، أو تحويلها إلى خارج البلاد؛ وفرض قوانين جديدة لها طابع تمييزي ضد جماعات معينة من المستثمرين. كما ويقدم قانون الاستثمار الأجنبي في أوزبكستان مجموعة من التسهيلات والإعفاءات وفي مقدمتها: منح المؤسسات التي تزيد نسبة صادراتها عن 30 % من إنتاجها الإجمالي، إعفاءات ضريبية تصل إلى 50 % من الضرائب المطبقة حينه، وتسري هذه الإعفاءات على كل أشكال المؤسسات الوطنية والأجنبية والمشتركة؛ وإعفاء المؤسسات التي تدخل ضمن نطاق برنامج الدولة الاستثماري من الضرائب لمدة خمس سنوات؛ ومنح المؤسسات الأجنبية والمشتركة حق استيراد مستلزماتها الإنتاجية دون رسوم جمركية؛ وضمان مشاركة المؤسسات الاعتبارية الأجنبية في عملية الخصخصة، بما فيها الملكية العقارية؛ وتأمين حق استعمال الأراضي لفترة طويلة لتنفيذ المشروعات الاستثمارية عليها. وتخضع النزاعات الناشئة بين المستثمرين الأجانب والهيئات الرسمية في أوزبكستان، لمحاكم جمهورية أوزبكستان، ما لم يرد نص مخالف في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعة من قبل الحكومة الأوزبكستانية. وأما النزاعات الناشئة بين المستثمرين الأجانب، وشركات الاستثمار الأجنبي، مع الشركات الأخرى والهيئات العامة والشخصيات الطبيعية والاعتبارية في جمهورية أوزبكستان، والنزاعات الناشئة نتيجة للنشاطات بين المستثمرين والمشروعات الاستثمارية الأجنبية فتخضع للمحاكم الاقتصادية في أوزبكستان، والتحكيم خارج أوزبكستان حسب اختيار أطراف النزاع.
ونتيجة لتلك الضمانات والتسهيلات والإعفاءات فقد تم إنشاء حوالي 2397 مشروعاً أجنبياً، وحوالي 80 مشروعاً مملوكاً للأجانب بشكل كامل حتى تشرين أول/أكتوبر 1996، شارك فيها مستثمرون أجانب من 70 دولة. وبلغ إجمالي حجمها الاستثماري 9 مليون دولار أمريكي في عام 1992، و 18 مليون دولار أمريكي عام 1993. وظفت بشكل رئيسي في مجالات الطاقة والتعدين والصناعات الكيماوية وصناعة الآلات والنسيج. وفي قطاع الاتصالات ومشروعات البنية الأساسية التي تميزت باستثمارات كبيرة كان من بينها العقد الذي وقعته عام 1995 الشركة الألمانية "سيمنس" لإقامة مشاريع مشتركة في مجال الاتصالات تزيد قيمتها عن 900 مليون دولار أمريكي. وحتى عام 1997 تم في أوزبكستان تسجيل 3061 مشروعاً برأس مال أجنبي.
الفصل الخامس: العلاقات العربية الأوزبكستانية. الجذور التاريخية المشتركة للعرب والأوزبك: بدأ التاريخ العربي الأوزبكي المشترك مع بدايات الفتح الإسلامي في منتصف القرن السابع الميلادي، عند ضم منطقة ما وراء النهر إلى الخلافة العربية الإسلامية في العهد الأموي. وهذا لا ينفي أبداً أن العلاقات التجارية والسياسية والثقافية بين العرب وشعوب آسيا المركزية آنذاك كانت قائمة قبل الإسلام بوقت طويل، وخاصة مع بلاد الشام والرافدين. ولكن الذي حدث مع مطلع القرن الثامن الميلادي أنهم أصبحوا معاً داخل دولة واحدة امتدت في وقت ما من المحيط الأطلسي غرباً إلى أسوار الصين شرقاً. ويحمل التاريخ حقائق كثيرة عن توجه جيوش الفتح الإسلامي العربية شرقاً عام 633م، وبعد سيطرتها على الدولة الساسانية في فارس، انطلقت منها لنشر الدعوة الإسلامية فيما وراء النهر. واعتباراً من عام 674م انتشرت جيوش الفتح الإسلامي بقيادة عبيد الله بن زياد داخل المنطقة. وبعد تعيين قتيبة بن مسلم الباهلي والياً على خراسان عام 705م دخل بخارى فاتحاً عام 709م، وخوارزم وسمرقند عام 712م، وما أن حل عام 715م حتى خضعت المنطقة الممتدة حتى وادي فرغانة للخلافة العربية الإسلامية. ويفسر الباحثان الأوزبكيان المعاصران بوري باي أحميدوف، وزاهد الله منواروف، أسباب سرعة انتشار الفتح الإسلامي في المنطقة، بالخلافات التي كانت قائمة آنذاك بين الحكام المحليين، والاهتمام الكبير الذي أبداه القادة العرب المسلمين بالمنطقة بعد أن استقرت الأمور لصالحهم في خراسان. ويشيران إلى أن العرب "لعبوا دوراً تقدمياً في المنطقة، وغالباً ما كانوا يلجأون إلى السبل السلمية، ويعفون معتنقي الدين الإسلامي من الخراج والجزية". ويضيفان حقيقة هامة، وهي أنه لا مجال لمقارنة الفتح العربي الإسلامي، بالغزو المغولي أو الروسي أو البلشفي. لأن الإسلام لعب دوراً إيجابياً أدى إلى توحيد المدن والدول والقبائل والشعوب المختلفة، وإلى تطوير العلاقات بين تلك الشعوب، إضافة للأثر الإيجابي الكبير في عادات وأخلاق وتقاليد الناس، والذي بفضله تم القضاء على العيوب الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك. وأشارا إلى الدور الهام الذي لعبته اللغة العربية قي تعريف شعوب آسيا المركزية وإطلاعهم على مؤلفات علماء اليونان القدامى، والمخترعات الصينية.
ولا أحد يستطيع إنكار الدور الكبير لشعوب آسيا المركزية، وخاصة الشعب الأوزبكي في الثقافة العربية الإسلامية وتطوير الحضارة الإنسانية. ومعروفة أسماء أعلام إسلامية من أبناء شعوب آسيا المركزية أمثال: عالم الفلك أحمد الفرغاني (توفي عام 850م)، وعالم الرياضيات محمد بن موسى الفرغاني (783م-850م)، والفيلسوف الكبير أبو نصر الفارابي (873م-950م)، والطبيب الموسوعي أبو علي حسين بن سينا (980م-1037م)، والعالم الموسوعي أبو ريحان البيروني (973م-1048م)، والموسوعي فخر الدين الرازي، والنحوي والمحدث الكبير الزمخشري (1075م-1144م)، وشيخ المحدثين الإمام البخاري، وغيرهم الكثير. واستمر إسهام العلماء الأوزبك في الحضارة العربية الإسلامية والعالمية لقرون عدة، ولم تزل أثاره ماثلة للعيون حتى اليوم. الذين ارتحلوا في طلب العلم مابين دمشق وبغداد والبصرة والقاهرة. وخير مثال على ذلك التراث الذي خلفه إمام المحدثين أبو عبد الله إسماعيل البخاري (809م-869م)، والذي يضم أكثر من عشرين مؤلفاً في علوم الحديث أشهرها الجامع الصحيح الذي يضم 7250 حديثاً نبوياً شريفاً. وغيره من علماء الحديث الشريف أمثال: السمرقندي (785م-868م)، والهمذاني (1048م-1140م). وعبر مئات السنين استقرت بعض الهجرات العربية في ما وراء النهر وأدى التفاعل والاندماج الكامل بينهم وبين شعوب آسيا المركزية (أنظر الفصل السادس)، إلى قيام تجمعات سكانية محلية من أصول عربية وخاصة في ولايات بخارى وسمرقند وقشقاداريا وسورخان داريا، لم تزل حتى اليوم تحتفظ بطابع حياتها المتميزة. وقد أخذت العلاقات العربية بشعوب المنطقة تضعف بالتدريج منذ الاجتياح المغولي خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، وما نتج عن قيام الدولة المغولية من تأثير على اللغة والثقافة العربية فيما وراء النهر. دون أن يتمكنوا من المساس بالثقافة الإسلامية بسبب اعتناق المغول أنفسهم للدين الإسلامي الحنيف. وقيام الدولة التيمورية التي أسسها الأمير تيمور "تيمور لانك" (1336م-1405م) التي امتدت من آسيا الوسطى إلى إيران وأفغانستان والقوقاز وبلاد الرافدين وسورية وشمال الهند على أنقاضها. تلك الدولة التي اتخذت أيام ازدهارها من سمرقند عاصمة لها. وقامت جمهورية أوزبكستان على القسم المركزي منها في تركستان.
وأدى تفكك الدولة التيمورية في تركستان إلى قيام ثلاث دول مستقلة في المنطقة هي: بخارى وخيوة، وقوقند، وهو ما سهل الطريق أمام الأطماع الروسية للتوسع في المنطقة. حيث قام الاحتلال الروسي فيما بعد بقطع كل الصلات التي كانت قائمة بين تركستان والعالم العربي والإسلامي، سواء أثناء الحكم القيصري الروسي، أم خلال الحكم الشيوعي الروسي. واقتصرت العلاقات العربية مع دول المنطقة على العلاقات الرسمية التي كانت تمر عبر موسكو فقط. وكان من النادر جداً كما أشار الباحث الأوزبكي زاهد الله منواروف أن تتصل طشقند مباشرة بالعواصم العربية، وأن الاحتلال الروسي والبلشفي قضى على أية إمكانية يمكن أن تسمح بإقامة علاقات مباشرة بين أوزبكستان والدول العربية. ويتابع أنه رغم ذلك فإن الروابط الثقافية والحضارية التي جمعت العرب والأوزبك استمرت، وعلى أساسها قامت العلاقات العربية الأوزبكستانية بعد الاستقلال.
ولذلك لم يكن غريباً أن قيل بأن العرب قد فوجئوا باستقلال جمهورية أوزبكستان وغيرها من جمهوريات آسيا المركزية عام 1991. لأنهم أمام الهيمنة السوفييتية على جمهورية أوزبكستان، وضعف علاقاتهم معها، لم يكونوا ليتوقعوا أبداً استقلالها، ولهذا كان تقارب الدول العربية معها بطيئاً جداً في البداية. لأن الدول العربية كانت حريصة على استكشاف الطريق إلى أوزبكستان دون أن تؤثر علاقاتها المحتملة معها على العلاقات مع الإتحاد السوفييتي قبل الاستقلال، ومن ثم العلاقات مع الإتحاد الروسي بعد الاستقلال. خاصة وأنها رافقت فترة صعبة من التاريخ كان العرب فيها منشغلين بتداعيات حرب الخليج الثانية، والحلول الدولية المنتظرة لقضية الشرق الأوسط والتمهيد لانعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط. ومع ذلك نرى كماً هائلاً من المؤتمرات والندوات قد انعقدت في العديد من الدول العربية بحثت كلها عن أفضل السبل لإقامة علاقات مع جمهوريات آسيا المركزية ومنها طبعاً أوزبكستان. ورغم سرعة الدول العربية بالاعتراف الدبلوماسي باستقلال أوزبكستان، تلبية لقرار مجلس جامعة الدول العربية في آذار/مارس 1992، الذي حث الدول العربية على تنشيط الاتصالات بدول آسيا المركزية وفتح سفارات فيها، وإقامة تعاون في كل الميادين، وإقامة مراكز ثقافية عربية فيها، فإننا نرى أن مصر والأردن وفلسطين والجزائر والسعودية فقط افتتحت سفارات لها في العاصمة طشقند، وكانت مصر الدولة العربية الوحيدة التي أقامت مركزاً ثقافياً عربياً في أوزبكستان، وأن العلاقات الاقتصادية والسياسية لم تزل بطيئة ولا تتجاوب مع العلاقات التاريخية حتى الآن.
المصالح الأوزبكستانية العربية المشتركة: نتيجة لعمليات البحث والمراجعة التي أجرتها مؤسسات البحث العلمي، ومراكز صنع القرار العربية والأوزبكستانية للموقف الجديد الذي تكون في آسيا المركزية بعد استقلال جمهورياتها الخمس، ظهر جلياً أنه هناك شبكة من المصالح المشتركة تجمع بين أوزبكستان والدول العربية. وأن هذه الشبكة تحتم بناء مجموعة من السياسات التي تضمن حماية تلك المصالح. تعتمد على:
التطور الاقتصادي والسياسي المستقل لجمهورية أوزبكستان: لأنه بدا واضحاً بعد استقلال جمهوريات آسيا المركزية، أنه هناك تنافساً شديداً بين القوى الإقليمية والعالمية المختلفة، للتأثير على نمط التطور الاقتصادي والسياسي المستقل لجمهوريات آسيا المركزية. وهو ما أسماه بعض المراقبين "بالمباراة الكبرى الجديدة"، تمييزاً لها عن المباراة الكبرى التي كانت في تركستان بين بريطانيا العظمى والإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. وما سيترتب عن النتيجة النهائية لتلك المباراة الكبرى الجديدة من تأثير مباشر على آسيا المركزية والدول العربية. سيما وأن أوزبكستان تقع في قلب المنطقة التي تربط آسيا بأوروبا، وأن ما يحدث فيها لابد وأن يؤثر بشكل ما على الأحداث الجارية في المنطقة العربية وخاصة الشرق الأوسط بشكل كامل. وتنبأ الباحث المصري إبراهيم عرفات بأن النزاعات الإقليمية في آسيا المركزية، أو نشوء سباق للتسلح فيها، أو إنشاء منطقة منزوعة السلاح النووي هناك لابد وأن يكون له انعكاسات مباشرة على الأمة العربية، ومن ثم توقع أن يكون من مصلحة العرب أن تتبع دول آسيا المركزية وفي مقدمتها أوزبكستان منهجاً مستقلاً للتطور يعتمد على رؤية الشعب والنخبة الحاكمة للمصالح الوطنية، وألا تهيمن قوة إقليمية أو عالمية معينة على دول آسيا المركزية.
المصالح الاقتصادية: رأينا في الفصل الأول من هذا الكتاب أهمية الموقع الإستراتيجي المتميز لأوزبكستان، وامتلاكها لكميات مهمة من الموارد الطبيعية والخبرات البشرية والتكنولوجية المتطورة. وأوزبكستان على ضوء هذا يمكن أن تكون الشريك المحتمل والمهم لاستثمار الموارد المالية العربية وتنويع البدائل الاقتصادية التقليدية، من خلال الاستفادة من الخبرات والمقدرات العربية والأوزبكستانية. وقد أشار الباحث العربي ناصيف حتى في هذا المجال، إلى أن الكتلة الجديدة تمثل عمقاً حضارياً واستراتيجياً، وهي ذات قدرات علمية وإستراتيجية أيضاً، وعند بعضها قدرات تسليحية كبيرة. والمنحى الذي سيتخذه التنافس بين القوى في الجوار الإقليمي حولها، لابد وأن ينعكس على موازين القوى فيها وفي منطقة الشرق الأوسط بكاملها.
المصالح الإستراتيجية: تكاملت أوزبكستان منذ استقلالها مع المجتمع الدولي، وبدأت تلعب دوراً بارزاً في منطقة آسيا المركزية، وأخذت تسهم بقسطها في تسوية النزاعات الإقليمية، وخاصة الصراع الدائر على الأرض الأفغانية. وبادر رئيسها إسلام كريموف للسعي لإعلان آسيا المركزية منطقة منزوعة السلاح النووي. وبات من الواضح أن أوزبكستان هي القوة الأساسية في آسيا المركزية. وأن أية علاقات مع دول المنطقة لابد وأن تمر عبر أوزبكستان بحكم دورها التاريخي والحضاري في العلاقات العربية مع دول المنطقة.
دور أوزبكستان في إبراز الوجه المعتدل للإسلام في مواجهة حركات التطرف الديني: فقد ظهرت في آسيا المركزية بعد استقلال جمهورياتها حركات دينية متطرفة، هدفها الصدام مع النظم السياسية الدستورية، ومحاولة تغييرها بغير الطرق الديمقراطية السلمية واستخدام القوة والعنف المسلح لبلوغ الهدف. وقد أشار إليها الرئيس إسلام كريموف عندما حدد مصادر تهديد الأمن والاستقرار في أوزبكستان. وكان بعض تلك التيارات مدعوماً من قبل المجاهدين الأفغان، ومن بينهم عناصر عربية عرفت باسم "الأفغان العرب"، وتناقلت الأنباء أخبار الدور المدمر الذي لعبته تلك القوى في أفغانستان بعد انسحاب القوات السوفييتية منها. وهو ما يثبت الفهم الخاطئ للإسلام من قبل تلك القوى، وانتشارها إلى دول الجوار بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، واستقلال جمهوريات آسيا المركزية، لابد أن يهدد السلام ليس في آسيا المركزية وحسب، بل وأمن وسلامة الشعوب العربية أيضاً. ومن هذا المنطلق كان من مصلحة العرب الحقيقية توضيح الوجه الحقيقي للإسلام أمام شعوب آسيا المركزية، عن طريق نشر الثقافة الإسلامية بوجهها المتسامح والمعتدل من خلال العلاقات والروابط الثقافية العربية الأوزبكستانية. وهو ما تسعى إليه أوزبكستان نفسها.
ويرى المحللون أن لأوزبكستان مصالح مع الدول العربية لا تقل عن مصالح الدول العربية مع أوزبكستان. ومن نظرة متعمقة في السياسية الخارجية الأوزبكستانية فإننا نرى أن القيادة الأوزبكستانية قد توصلت لجملة من المصالح المهمة التي تجعلها تلتقي مع الدول العربية منها أن: الدول العربية ميدان لتنويع البدائل في السياسة الخارجية الأوزبكستانية: فعلى ضوء التنافس الدولي حول آسيا المركزية، يظهر ما للدول العربية من أهمية كامتداد جغرافي قريب ووثيق الصلة بأوزبكستان حضارياً وثقافياً، وتتمتع بإمكانيات اقتصادية هائلة كمصدر للإسثمارات وللبضائع الاستهلاكية، وكسوق لليد العاملة والتكنولوجيا والمنتجات الأوزبكستانية. فضلاً عن أنه ليس للعرب أية تطلعات إقليمية أو سياسية في أوزبكستان. ومن هذا المنطلق فإن التعامل المكثف مع الدول العربية يحقق لأوزبكستان مصلحة جوهرية في توسيع البدائل المتاحة أما السياسة الخارجية الأوزبكستانية، وتخلق لها مجالاً استراتيجياً جديداً يمكنها من خلال دعم المجموعة العربية من التعامل على قدم المساواة مع القوى الأخرى في العالم. ومن المؤكد أنه كلما زادت البدائل المتاحة أمام أوزبكستان في العلاقات الدولية، كلما زادت قدرتها على الحركة في مجال العلاقات الدولية، بشكل يؤمن لها أفضل الشروط في التعامل مع الشركاء الدوليين. والمصالح الاقتصادية الأوزبكستانية في الدول العربية: فالدول العربية كمجموعة تشكل قوة اقتصادية ومالية تستطيع الاستثمار في أوزبكستان، لتمكينها من استغلال مواردها بشكل فعال. إضافة لامتلاك بعض الدول العربية للخبرات الفنية اللازمة لأوزبكستان لإتمام عملية بناء الدولة، وبالذات خلال مرحلة التحول إلى اقتصاد السوق، وما يترتب عنها من بناء نظم اقتصادية ومصرفية، إضافة لفرص التدريب التي يمكن أن تتيحها بعض الدول العربية لأوزبكستان في مجال إعداد الكوادر في مختلف المجالات. والدور الحضاري لأوزبكستان: فالدول العربية بالنسبة لجمهورية أوزبكستان هي الساحة والمدخل المهم للاضطلاع بدور ثقافي وحضاري فعال في العالمين العربي والإسلامي. خاصة وأن أوزبكستان تملك تراثاً ثقافياً ودينياً وحضارياً، سبق وأشرنا له، وكان له أثر بالغ في تطور الحضارة العربية. وهو ما يؤهلها لتضطلع بدور حضاري متميز في العالمين العربي والإسلامي.
وانطلاقاً من المصالح المشتركة والمتشابكة بدأ العرب والأوزبك بصياغة مجموعة من السياسات التي يمكن أن تكفل تحقيق وحماية مصالحهما المشتركة. ومن المنطقي أن تكون نقطة البداية إنشاء وتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدول العربية وأوزبكستان. ولهذا الهدف قام رئيس إسلام كريموف ضمن أولى جولاته بعد الاستقلال بزيارة رسمية شملت كلاً من المملكة العربية السعودية ومصر عام 1992، وأتبعها بزيارة لفلسطين عام 1998، تم خلالها الاتفاق على تبادل العلاقات الدبلوماسية، والتوقيع على مجموعة من الاتفاقيات الثنائية. وكان الرئيس ياسر عرفات القائد العربي الوحيد الذي زار أوزبكستان بعد الاستقلال. وكما سبق وأشرنا ففي أوزبكستان سفارات لمصر والسعودية والأردن والجزائر وفلسطين معتمدة ومقيمة في طشقند، وللكويت والمغرب واليمن سفير معتمد غير مقيم. ولأوزبكستان سفارات معتمدة مقيمة في مصر والسعودية وفلسطين، إضافة للتمثيل القنصلي المقيم في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وجدة بالمملكة العربية السعودية. ويمثل السفير الأوزبكستاني في القاهرة بلاده كسفير غير مقيم في الأردن. وفي إطار العلاقات الدولية تدعم الدول العربية المبادرة الأوزبكستانية لإعلان آسيا المركزية منطقة خالية من الأسلحة النووية. وقد شاركت بعض الدول العربية في أعمال المؤتمر الدولي الذي عقد في أيلول/سبتمبر 1997 بطشقند، لإعلان آسيا المركزية منطقة خالية من الأسلحة النووية. وأعلن فيه الوفد المصري أن إنشاء تلك المنطقة يعتبر حافزاً لإنشاء منطقة مماثلة في الشرق الأوسط.
كما وبدأت الدول العربية ببناء علاقات اقتصادية مع أوزبكستان، إلا أنها لم تزل محدودة رغم أهميتها. ولابد أن الأسباب تعود لتراجع الموارد المالية لدول الخليج العربية، أو لعدم الإلمام بالفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة في أوزبكستان. وهي نفس الأسباب التي نعتقد أنها وراء إحجام الدول العربية الخليجية عن الدخول بقوة في السوق الاستثمارية الأوزبكستانية، مكتفية بالأنشطة قصيرة الأجل في التجارة والمقاولات. أما باقي الدول العربية فالمعضلة الرئيسية نقص مواردها بالعملات الأجنبية، ولو أننا لا نعتبرها سبباً لأن المشكلة كان يمكن حلها عن طريق التبادل التجاري بالتقاص ودون الحاجة للقطع الأجنبي والذي تحميه الدولة من قبل الجانبين. ومن صيغ الصفقات المتكافئة بين الدول العربية وأوزبكستان، نورد ذكر الاتفاقية الموقعة عام 1992 بين مصر وأوزبكستان بقيمة 30 مليون دولار أمريكي. وفي المجال الثقافي والديني فقد نشطت كلاً من الكويت والسعودية ومصر، من خلال الدور الذي يؤديه كلاً من الأزهر الشريف في مصر، ورابطة العالم الإسلامي في السعودية، وهيئة الإغاثة الكويتية الإسلامية التي افتتحت لها فرعاً في طشقند. إضافة لقيام أوزبكستان بإنشاء صندوق الإمام البخاري الدولي، الذي يخطط حالياً لإنشاء فروع له في مختلف الدول العربية والإسلامية.
العلاقات الثنائية العربية الأوزبكستانية: عند الحديث عن تطور العلاقات الثنائية الأوزبكستانية العربية يتحتم علينا الإشارة إلى عام 1962 عندما شهدت الأوساط الاجتماعية في أوزبكستان مولد جمعية الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول العربية. فمنذ ذلك العام بدأت تلك العلاقات عبر مركز الإتحاد السوفييتي السابق "موسكو"، وكانت الإطلالة الأولى التي أخذت بالتدريج بتعزيز العلاقات المشتركة عبر الدبلوماسية الشعبية بين أوزبكستان والدول العربية. وبدأت بالعلاقات الثنائية بين أوزبكستان ومصر في عام 1963 واستمرت بنجاح حتى برودها في عام 1977، وكان أهمها تآخي مدينة تشرتشك الأوزبكستانية في غمار بناء السد العالي في مصر مع مدينة أسوان، وتبادل الوفود الرسمية بين المدينتين المتآخيتين خلال أعوام 1965، 1972، 1975. بينما استمرت العلاقات بالتطور مع البلدان العربية الأخرى وخاصة سورية وفلسطين والأردن واليمن والكويت وعمان ودولة الإمارات العربية المتحدة والمغرب وتونس والعراق، حتى عادت علاقات الدبلوماسية الشعبية مع مصر للدفء بعد الزيارة التي قام بها أ.أ. يوسوبوف مدير عام مصانع "زينيت" الأوزبكستانية لمصر ضمن وفد جمعية الصداقة مع الدول العربية في عام 1990 للمشاركة في أعمال مؤتمر "السوق الاقتصادية الدولية والتأثير الاقتصادي المتبادل". وفي نفس العام وعلى عتبة الاستقلال قام المنصف الماي (من تونس) ممثل جامعة الدول العربية في موسكو بزيارة لأوزبكستان.
وبعد استقلال جمهورية أوزبكستان ومع اعتراف الدول العربية باستقلالها، وتبادل بعض الدول العربية للتمثيل الدبلوماسي معها، فتحت أفاقاً جديدة لتعزيز التعاون الثنائي المباشر، شمل الدبلوماسية العربية في إطار العلاقات الثقافية والصداقة أيضاً. وتم إدماج جمعية الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية مع جمعية "وطن" للعلاقات الثقافية مع المهاجرين الأوزبك في الخارج وشكلتا معاً الرابطة الأوزبكستانية العلاقات الثقافية والتربوية مع الدول الأجنبية، وتحولت هذه الرابطة في عام 1997 إلى مجلس جمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية. وخطط المجلس لاستبدال رابطة الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول العربية، التي ترأسها آنذاك الدبلوماسي الأوزبكي ب.أ. عبد الرزاقوف بجمعيات للصداقة مع الدول العربية. وبالفعل تم تأسيس جمعيتين للصداقة مع مصر والأردن، ويجري التحضير الآن لتشكيل جمعيات للصداقة مع الدول العربية الأخرى. وهو ما سنتحدث عنه بالتفصيل من خلال استعراض العلاقات الثنائية لكل دولة من الدول العربية لاحقاً في هذا الفصل. كما ويحافظ المجلس على علاقات ودية مع المواطنين من أصل أوزبكي في المملكة العربية السعودية وسورية وفلسطين والأردن ومصر منذ أواسط السبعينات، وبرزت من خلال مشاركة ممثلين عنهم في المؤتمر الشبابي الأول للمهاجرين الأوزبك من مختلف دول العالم الذي انعقد في طشقند عام 1992. وللوقوف على صورة واقعية عن العلاقات الثنائية العربية الأوزبكستانية، رأينا استعراضها لكل دولة عربية على حدى وفق التسلسل الأبجدي، في العرض السريع التالي:
العلاقات الثنائية الأردنية الأوزبكستانية: اعترفت المملكة الأردنية الهاشمية باستقلال جمهورية أوزبكستان في 28/12/1991، وفي 15/2/1993 تم التوقيع في طشقند على بروتوكول لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، أثناء الزيارة الرسمية لوفد أردني رفيع المستوى برئاسة الأمير رعد بن زيد. وفي تموز/يوليو 1994 افتتحت السفارة الأردنية في طشقند، وفي تشرين أول/أكتوبر من نفس العام تسلم الرئيس كريموف أوراق اعتماد وليد السعد البطاينة كأول سفير مفوض فوق العادة للملكة الأردنية الهاشمية في أوزبكستان. بينما اعتمدت جمهورية أوزبكستان في أيلول/سبتمبر 1996 شمس الدين بابا خانوف سفيرها في مصر كسفير غير مقيم في الأردن، بعد تسليمه لأوراق اعتماده للملك حسين بن طلال. وفي 19/6/2000 تسلم الملك عبد الله الثاني أوراق اعتماد صالح إنعاموف سفير أوزبكستان في مصر كسفير غير مقيم لبلاده في الأردن. وفي تشرين ثاني/نوفمبر 1996 قام وزير الخارجية الأوزبكستاني بزيارة للأردن تم خلالها التوقيع على اتفاقيتين للتعاون الاقتصادي والتجاري والنقل الجوي بين البلدين. وفي أيلول/سبتمبر 2000 قام الأمير الحسن بن طلال بزيارة لأوزبكستان شارك خلالها في المؤتمر الدولي "أديان العالم على طريق ثقافة السلام"، والتقى خلال الزيارة أتكور سلطانوف الوزير الأول، وحميد الله كرماتوف نائب الوزير الأول، وتبادل معهما الآراء حول إمكانيات تطوير العلاقات الثنائية بين أوزبكستان والأردن، والعلاقات في المجالات العلمية والثقافية والتعليمية. كما وزار جامعة طشقند الإسلامية التابعة لمكتب الوزراء في الجمهورية.
وفي المجالات الاقتصادية: أقامت مجموعة من الشركات الأردنية معرضاً لمنتجاتها في طشقند في آب/أغسطس 1996. وبلغ حجم التبادل التجاري بين أوزبكستان والأردن عام 1997 حوالي 4,5 مليون دولار أمريكي. وتعمل في أوزبكستان حوالي 12 شركة أوزبكستانية أردنية مشتركة، يسهم فيها الجانب الأردني بنسبة 70 %، والجانب الأوزبكستاني بنسبة 30 % من رأس المال المشترك. وخلال عام 1999 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 24,1 ألف دولار أمريكي، منها 23,7 صادرات، و0,4 واردات. وسجلت خلال العام 8 شركات بمساهمة ممولين أردنيين، منها 4 شركات مشتركة أوزبكستانية أردنية، و4 شركات برأس مال أردني 100%. ووفق معطيات إدارة الإحصاء الحكومية الأوزبكستانية بلغ حجم أعمال الشركات التي يساهم فيها مستثمرون أردنيون 7,5 ألف دولار أمريكي.
وفي المجالات الثقافية والعلمية: يدرس في الجامعات الأوزبكستانية حالياً حوالي 150 طالباً أردنياً. وهناك علاقات تعاون بين مؤسسات التعليم العالي في البلدين، ومن بينها التعاون القائم بين جامعة العلاقات الاقتصادية الدولية والدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الأوزبكستانية، وأكاديمية بناء الدولة والمجتمع التابعة لجهاز رئيس الجمهورية، والمعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية الأردنية. وفي عام 1996 وقعت اتفاقية بين البلدين حول المساهمة في إعادة بناء المساجد وأضرحة الصحابة في أوزبكستان.
وفي مجال الدبلوماسية الشعبية: تم بالتعاون بين السفارة الأردنية في طشقند والمجلس الأوزبكستاني لجمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية، في عام 1998 تأسيس جمعية الصداقة الأوزبكستانية الأردنية برئاسة خديقول جماييف نائب رئيس المؤسسة الوطنية للبترول والغاز في أوزبكستان، وبدأت الجمعية نشاطاتها الفعلية اعتباراً من كانون ثاني/يناير 1999. وأثناء اللقاء الذي عقد بمبادرة من المؤسسة الوطنية للبترول والغاز في أوزبكستان مع أعضاء السفارة الأردنية في طشقند تم الاتفاق على برنامج شامل لتطوير العلاقات الثقافية الأوزبكستانية الأردنية، ومن ضمنها الاحتفال بيوم استقلال المملكة الأردنية الهاشمية، الذي جرى في قاعة الاحتفالات بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية في 25/5/1999 وشارك فيه السفير الأردني وليد مجيد السعد البطاينة وأعضاء السفارات الأردنية والمصرية والجزائرية والفلسطينية والسعودية في طشقند، وأعضاء جمعية الصداقة الأوزبكستانية الأردنية وطلاب الجامعة. وقام الفنانون التشكيليون الأوزبكستانيون بالمناسبة بتنظيم معرض للفنون التشكيلية، بحضور ومشاركة الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية.
العلاقات الثنائية الإماراتية الأوزبكستانية: اعترفت دولة الإمارات العربية المتحدة باستقلال جمهورية أوزبكستان في 26/12/1991، وأتفق على إقامة العلاقات الدبلوماسية في 25/11/1992. وبدأت العلاقات بالتعاون الثنائي مع إمارتي دبي والشارقة. وفي تشرين ثاني/نوفمبر 1992 افتتحت أوزبكستان قنصلية لها في دبي، وكانت من أولى ممثليات الدبلوماسية الأوزبكستانية في الخارج، وفي آذار/مارس 1994 تم رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي فيها إلى قنصلية عامة؛ وفي شباط/فبراير 1992 بدأت "الخطوط الجوية الأوزبكستانية" بتسيير خط جوي منتظم ومباشر بين طشقند والشارقة؛ وفي كانون أول/ديسمبر 1992 شاركت أوزبكستان في معرض "إكسبو 92" الدولي في دبي؛ وفي الفترة الممتدة من 20وحتى 22/12/1994 قام وفد رسمي عن حكومة إمارة دبي بزيارة أوزبكستان، وأثناء الزيارة التقى الوفد الضيف بالمسؤولين في وزارات الخارجية، والعلاقات الاقتصادية الخارجية، ومؤسسة السياحة الوطنية "أوزبك توريزم"، ومؤسسة الطيران الوطنية "أوزبكستان هوا يولاري"، والبنك الوطني، وإدارة أملاك الدولة؛ وفي أيار/مايو 1997 قام وزير الداخلية الأوزبكستاني باطير بربييف بزيارة لإمارة دبي، تم خلالها التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية الأوزبكستانية، والقيادة العامة لشرطة دبي، أعقبتها زيارة القائد العام لشرطة دبي لأوزبكستان خلال تشرين أول/أكتوبر وتشرين ثاني/نوفمبر 1997. ومن تشرين ثاني/نوفمبر 1997 طورت العلاقات الثنائية على المستوى الاتحادي، حيث قام نائب رئيس الوزراء الأوزبكستاني بختيار حميدوف بزيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة التقى خلالها بنظيره الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، وشارك خلال الزيارة في أعمال مؤتمر لرجال الأعمال. تم خلاله التوقيع على بروتوكولات للتعاون بين الشركات الأوزبكستانية والإماراتية. سبقه في آذار/مارس 1997 مؤتمر مماثل في دبي عن فرص الاستثمار في أوزبكستان. وفي تشرين ثاني/نوفمبر 1998 زار وزير الخارجية الأوزبكستاني البروفيسور عبد العزيز كاميلوف دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم خلال الزيارة توقيع اتفاقية للنقل الجوي، واتفاقية لحماية الاستثمارات.
وفي المجالات الاقتصادية: وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 1997 إلى 75,671 مليون دولار أمريكي، وهو أعلى مستوى للتبادل التجاري بين أوزبكستان وأية دولة عربية أخرى. ويميل ميزان التبادل التجاري بين البلدين لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ بلغ حجم صادراتها في نفس العام 64,680 مليون دولار أمريكي نتيجة لتجارة إعادة التصدير من إمارة دبي. بواسطة الشركات التجارية المشتركة بين البلدين. وخلال عام 1999 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 43,053,5 مليون دولار أمريكي، منها 8,637,6 مليون دولار أمريكي صادرات، و 34,415,9 مليون دولار أمريكي واردات.
وفي المجالات الثقافية والعلمية: صدر في دولة الإمارات العربية المتحدة كتاب إسلام كريموف "أوزبكستان على طريق الانبعاث الروحي"، الذي كتب مقدمته للقارئ العربي الشيخ محمد بن خليفة آل مكتوم، الذي تبرع لدعم جامعة طشقند الإسلامية بمبلغ 100 ألف دولار أمريكي عند افتتاحها في عام 1999، وبمبلغ 150 ألف دولار أمريكي في عام 2000، أثناء زيارته لها. كما وقام وفد عن جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكستانية برئاسة نائب رئيس الجامعة للعلاقات الدولية البروفيسور خوندامير غلاموف، وعضوية لوبوف عثمانوفا، وأ.د. محمد البخاري، بزيارة لجامعة الإمارات العربية المتحدة في نهاية عام 1998 للبحث في أوجه التعاون العلمي والثقافي المشترك. وفي نيسان/أبريل 2000 زارت الدكتورة فاطمة الصايغ رئيسة قسم التاريخ والآثار بجامعة الإمارات العربية المتحدة، جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية وألقت سلسلة من المحاضرات أمام الهيئة التدريسية وطلاب الجامعة التي يدرس فيها طالب إماراتي واحد العلاقات الدولية.
العلاقات الثنائية البحرانية الأوزبكستانية: اعترفت دولة البحرين باستقلال جمهورية أوزبكستان في 28/12/1991، وفي 29/5/1992 تم التوقيع على بروتوكول لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.
العلاقات الثنائية التونسية الأوزبكستانية: اعترفت الجمهورية التونسية باستقلال جمهورية أوزبكستان في 26/12/1991، وفي 26/11/1992 تم التوقيع على بروتوكول لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.
وفي مجال الدبلوماسية الشعبية: قام العالم الأوزبكي المستعرب م.يو. من معهد الاستشراق في أكاديمية العلوم الأوزبكستانية بزيارة لها ضمن وفد من جمعية الصداقة الأوزبكية العربية في أيار/مايو 1990. وفي نفس العام زار أوزبكستان السفير التونسي في الإتحاد السوفييتي السابق على رأس وفد ضم رشيد دريز مدير مركز الأبحاث الدولية التونسي، ومصطفى عون عضو الأكاديمية الدولية للعمارة. إضافة لوفد برلماني تونسي.
العلاقات الثنائية الجزائرية الأوزبكستانية: اعترفت الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية باستقلال جمهورية أوزبكستان في 26/12/1991، وتم التوقيع على بروتوكول تبادل العلاقات الدبلوماسية في 30/6/1992. وفي عام 1993 قدم عامر عقلي أوراق اعتماده للرئيس كريموف كأول سفير مفوض فوق العادة لبلاده مقيم في أوزبكستان.
وفي المجالات العلمية والتقنية: تقوم أوزبكستان بتدريب الكوادر الجزائرية في مؤسساتها العلمية، إضافة للعلاقات القائمة بين معهد البحوث المائية بأكاديمية العلوم الأوزبكستانية، والمعهد العالي للري بمدينة بليدة الجزائرية. وفي عام 1996 اشترت الجزائر طائرتي نقل طراز (IL 79) من إنتاج أوزبكستان، ويجري البحث للتوصل إلى اتفاقية تقوم بموجبها أوزبكستان بصيانة طائرات الخطوط الجوية الجزائرية.
العلاقات الثنائية بين جزر القمر وأوزبكستان: لا توجد أية علاقات بين البلدين.
العلاقات الثنائية الجيبوتية الأوزبكستانية: اعترفت جمهورية جيبوتي رسمياً باستقلال جمهورية أوزبكستان في 6/1/1992، ولم يتم توقيع مذكرة تفاهم حول تبادل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
العلاقات الثنائية السعودية الأوزبكستانية: اعترفت المملكة العربية السعودية رسمياً باستقلال جمهورية أوزبكستان في 30/12/1991، وفي 20/2/1992 تم توقيع مذكرة تفاهم حول تبادل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وفي نيسان/أبريل 1992 قام الرئيس إسلام كريموف بزيارة رسمية للمملكة العربية السعودية؛ وأعقبها في تشرين ثاني/نوفمبر 1992 افتتاح قنصلية أوزبكستانية في جدة، وفي أيار/مايو 1995 السفارة الأوزبكستانية في الرياض، وأثناء زيارة وزير الخارجية الأوزبكستانية البروفيسور عبد العزيز كاميلوف للمملكة، تم في 25 جماد الثاني 1416 هـ الموافق 18/11/1995 التوقيع على اتفاقية عامة شملت التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والرياضة والشباب بين البلدين، وقعها عن الجانب السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية، وعن الجانب الأوزبكي معالي البروفيسور عبد العزيز كاميلوف وزير خارجية جمهورية أوزبكستان. وفي 27/3/1997 تم افتتاح سفارة المملكة العربية السعودية في طشقند، وقدم أبو بكر عباس رفيع أوراق اعتماده كأول سفير للمملكة العربية السعودية في أوزبكستان بتاريخ 6/6/1997.
وفي المجالات الاقتصادية: قدمت المملكة العربية السعودية في عام 1992 معونة اقتصادية لأوزبكستان شملت 800 ألف طن من القمح؛ وفي عام 1997 أسست مجموعة من رجال الأعمال السعوديين "الشركة الدولية للاستثمارات في دول آسيا المركزية"، وفي حزيران/يونيه من نفس العام زار وفد من الشركة أوزبكستان لتنشيط المشروعات الاستثمارية المشتركة، وتم خلال الزيارة الاتفاق على إقامة جملة من المشاريع الاستثمارية المشتركة في مجالات الصناعات الغذائية والتشييد والبناء. والتفاوض على إنشاء شركة أوزبكستانية سعودية مشتركة لإنتاج الأنابيب البلاستيكية في أوزبكستان؛ وبدأت المفاوضات لإنشاء لجنة مشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي بين الدولتين، بعد أن وصل مؤشر التبادل التجاري بين الجانبين الأوزبكستاني والسعودي 2,83 مليون دولار أمريكي عام 1997، وبلوغ الصادرات الأوزبكستانية إلى المملكة 1,442 مليون دولار أمريكي في نفس العام. وفي 18/8/1999 قام معالي الأستاذ أسامة بن جعفر فقيه وزير التجارة السعودي أوزبكستان للمشاركة في الدورة الأولى للجنة السعودية الأوزبكية المشتركة لمتابعة تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين البلدين، والتي يرأسها عن الجانب الأوزبكي أبرار عثمانوف نائب رئيس الوزراء. وسجل مؤشر التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 1999 ارتفاعاً ملحوظاً حيث بلغ 3,678,6 مليون دولار أمريكي، منها 2,080,1 مليون دولار أمريكي صادرات، و1,598,5 مليون دولار أمريكي واردات. ومسجل في قيود وزارة العلاقات الاقتصادية الخارجية الأوزبكستانية في الوقت الحاضر 7 شركات بمشاركة سعودية، منها 4 شركات مشتركة، و3 شركات برأس مال سعودي 100%. إضافة لممثلية "مجموعة دار السلام" السعودية التي تعمل في مجال إنتاج وبيع الألعاب، والمواد الغذائية، وتجارة القمح، والمعدات الطبية، والسياحة. إضافة للشركة الأوزبكستانية السعودية المشتركة "م س فود بروغريسينغ كو" التي يشارك فيها المستثمر السعودي الشيخ محمد سعيد، وقامت بتجديد معدات وتوسيع مصنع الكونسروة القائم في فرغانة. والمصنع الذي أصبح بإمكانه تصنيع مابين 70 إلى 80 طن من الخضار والفواكه، وينتج حوالي 20 صنفاً من المعلبات والعصير بعد إدخال أحدث المعدات التكنولوجية الأمريكية وإيطالية على خطوطه الإنتاجية، أتاح 350 فرصة عمل جديدة ليصبح عدد العاملين فيه 647 عاملاً. وتم افتتاحه بتاريخ 22/7/2000 بحضور المسؤولين الأوزبك وسفير المملكة وعدد كبير من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في أوزبكستان.
وفي المجال العلمي والثقافي: زار خالد العنقري وزير التعليم العالي السعودي أوزبكستان في تشرين أول/أكتوبر 1997 على رأس وفد رسمي كبير ضم بعض رؤساء الجامعات في المملكة من بينهم الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد الفيصل مدير جامعة الملك سعود، والأستاذ الدكتور غازي عبيد مدني مدير جامعة الملك عبد العزيز، والأستاذ الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الدخيل مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وسبق الزيارة قيام الأستاذ الدكتور نعمة الله إبراهيموف رئيس معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، بزيارة للملكة في حزيران/يونيو من نفس العام، وأعارت الجامعة اثنين من مدرسيها يعملان حالياً في جامعات المملكة. ويدرس عدد من الطلاب الأوزبك في الجامعات السعودية. كما وتقوم بعض الهيئات السعودية بتقديم المعونة للمؤسسات الإسلامية الأوزبكستانية في مجال طباعة الكتب الدينية باللغتين العربية والأوزبكية، وفي ترميم المساجد، ودعم الجامعة الحكومية الإسلامية في طشقند التي فتحت أبوابها في أيلول/سبتمبر 1999. كما وأصدرت مجموعة دار السلام السعودية ومطابع السروات بجدة كتاب الرئيس إسلام كريموف "أوزبكستان على طريق المستقبل العظيم" الذي ترجمه إلى اللغة العربية أ.د. محمد البخاري عام 1999. وفي الفترة من 18وحتى 25/5 2000 زار أوزبكستان وفد من وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، برئاسة الدكتور خالد عبد الرحمن الحمودي وكيل جامعة الملك سعود في الرياض.
العلاقات الثنائية السودانية الأوزبكستانية: اعترفت جمهورية السودان رسمياً باستقلال جمهورية أوزبكستان في 30/12/1991، ولم يتم توقيع مذكرة تفاهم حول تبادل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
العلاقات الثنائية السورية الأوزبكستانية: اعترفت الجمهورية العربية السورية باستقلال جمهورية أوزبكستان في 28/12/1991، وخلال الفترة من 23وحتى 24/4/1992 زار وفد رسمي سوري رفيع المستوى برئاسة فاروق الشرع وزير الخارجية أوزبكستان، واستقبل رئيس الجمهورية إسلام كريموف الوفد في مقره أثناء الزيارة كما وتم خلالها التوقيع على بروتوكول لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. وتتميز العلاقات الأوزبكستانية السورية بوضع خاص بسبب مشاركة أجيال من الخبراء الأوزبكستانيين زملائهم السوريين في بناء سد الفرات والمشاريع الملحقة به، والأبحاث العلمية المشتركة وإعداد الكوادر الوطنية السورية في مؤسسات التعليم العالي الأوزبكستانية، ومشاريع الري واستصلاح الأراضي البكر في حوض الفرات وغيرها من المناطق في سورية، وخاصة مزرعة مسكنة الحكومية بمساحة 4 آلاف هكتار التي جهزتها وقدمتها أوزبكستان هدية للشعب السوري. ولو أن بعض تلك المشاريع مستمرة حتى اليوم إلا أن العلاقات الثنائية بعد الاستقلال لم يتم رفعها للمستوى المطلوب لتعزيز الصداقة والتعاون بين الدولتين.
وفي المجالات الاقتصادية: في عام 1999 بلغ ميزان التبادل التجاري بين البلدين 2 مليون دولار أمريكي، منها 0,5 مليون دولار أمريكي صادرات، و1,5 مليون دولار أمريكي واردات. وهناك 11 شركة مسجلة في وزارة العلاقات الاقتصادية الخارجية الأوزبكستانية بمشاركة مستثمرين سوريين، منها 8 شركات مشتركة، و3 شركات برأس مال سوري 100%. ووفق معطيات إدارة الإحصاء المركزية الأوزبكستانية، بلغ حجم أعمال الشركات العاملة في أوزبكستان بمساهمة سورية خلال عام 1999 بما فيها تصدير البضائع والخدمات مبلغ 29,9 ألف دولار أمريكي.
وفي مجال الدبلوماسية الشعبية: خلال المدة من 21 وحتى 26/6/1990 جرت في مدن طشقند ونمنغان وسمرقند أيام الصداقة الأوزبكستانية السورية، التي شارك فيها وفد سوري برئاسة عضو البرلمان السوري ورئيس الإتحاد الوطني لطلبة سورية حسام دويني، ضم عدد من الشخصيات السورية المعروفة وفرقة أمية للفنون الشعبية في وزارة الثقافة.
العلاقات الثنائية الصومالية الأوزبكستانية: لا توجد أية علاقات بين البلدين.
العلاقات الثنائية العراقية الأوزبكستانية: اعترفت الجمهورية العراقية باستقلال جمهورية أوزبكستان في 1/1/1992، وفي 19/6/1993 تم التوقيع على بروتوكول لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.
وفي مجال الدبلوماسية الشعبية: قام ش. وهابوف عضو مجلس إدارة جمعية الصداقة الأوزبكستانية العربية بزيارة للعراق في 1990 للتباحث في مواضيع تعزيز علاقات الصداقة والتعاون المشترك، وإقامة أيام الصداقة التي جرت في مدن طشقند وسمرقند وبخارى خلال الفترة الممتدة من 19 إلى 25/7/1990. ولهذا الغرض زار أوزبكستان وفد برئاسة إرشاد الزبيري وزير الدولة في الحكومة العراقية، ورافق الوفد فرقة البيرق للفنون الشعبية، والفرقة البغدادية للموسيقى العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق