وزارة التعليم العالي والمتوسط الفني بجمهورية أوزبكستان
معهد طشقند العالي الحكومي للدراسات الشرقية
الدكتور محمد البخاري
مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي 2 من 2
طشقند - 1997
3/3- التبادل الإعلامي الدولي وتكوين وجهات النظر: تساهم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في خلق التصور وفهم أو سوء فهم أو عدم فهم الشعوب لبعضها البعض، وقد تكونت هذه الظاهرة، كنتيجة حتمية لانعدام التوازن في التدفق الإعلامي الدولي، ونتيجة للتشويه الناتج عن وصف الدول الأقل تطوراً، والدول النامية من خلال المواد التي تنشرها وتبثها مصادر الأنباء المسيطرة في العالم، بشكل سلبي يعطي صورة الاضطراب والفوضى والعنف والفساد والفشل عن تلك الدول.
وقد خلصت بعض الدراسات إلى أن قيام الأفراد ببناء وتقويم التصور الذهني لدى الشعوب، تماثل عملية قيامهم ببناء الصورة الذهنية الواقعية. وأن قيمة أحكامهم ترجع إلى خليط من العوامل الجغرافية والسياسية والعرقية أو إلى جوانب أخرى عن هذه الدول. ويميل القائمون بالاتصال في الدول الغربية عامة، إلى التأكيد على الصراعات والأحداث المشؤومة، مع التركيز على التأثيرات السلبية في تقويمهم للحكومات أو المجتمعات.
كما خلصت بعض الدراسات الميدانية إلى نتيجة مفادها، أن التعليم في كل بلد يظل العامل المستقل والمسيطر على عملية التنبؤ المعرفي، حتى وبعد إضافة عوامل التعرض لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. وأن الرجال أكثر ميلاً من النساء للتعرف على الخصائص الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالبلاد.
ويتأثر التصور الذهني لدى الإنسان، من خلال أخبار العالم التي يتعرض لها بأوجه القصور التالية: أن الأنباء الدولية تركز على الغرب أساساً، لأن مصادر الأنباء هي غربية بشكل عام. وأن التغطية الإخبارية للدول النامية يتم بطريقة سلبية واضحة. وأن الأنباء الدولية تميل للتعقيد بدلاً من أن تكون بسيطة للغاية.
ومما سبق كله نستطيع الخروج بخلاصة مفادها، أن التدفق الإعلامي الدولي يخدم ويؤكد أساساً تكوين التصور الذهني الإيجابي عن الغرب وحده. في نفس الوقت الذي يكون فيه التصور الذهني السلبي عن الدول النامية، رابطاً بين تلك الدول والجوانب السلبية من عنف وفساد وإرهاب وعنف وفشل ... الخ، من صور التشويه في إطار التدفق الإعلامي الدولي، والتبادل الإعلامي الدولي.
3/4- التبادل الإعلامي الدولي والتعاون الدولي: ولمواجهة المشاكل التي خلقها التدفق الإعلامي الدولي للدول النامية، طالبت هذه الدول عبر المحافل الدولية، بإقامة نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي. لتحقيق العدالة وتحسين وضع الدول النامية في عملية التدفق الإعلامي الدولي.
وقد تحقق تحسن ملحوظ في إطار التدفق الإعلامي الدولي، بين الدول النامية والدول الصناعية المتقدمة، بعد ظهور بعض الأنظمة الإعلامية الجديدة، وإنشاء العديد من وكالات الأنباء التابعة للتجمعات الدولية والإقليمية. ومن ضمن تلك الوكالات، وكالة الأنباء الدولية IPS)) The Inter Press Service المتخصصة بتوزيع أنباء الدول النامية، والعمل على تدعيم وتشجيع ربط التبادل الإعلامي الأفقي بين الدول النامية، وتوزيع أنبائها على وسائل الاتصال والإعلام في أوروبا وأمريكا الشمالية. وافتتحت هذه الوكالة مكاتب لها في أكثر من 60 دولة ثلثيها في الدول النامية.
وعقدت وكالة الأنباء الدولية IPS اتفاقيات ثنائية مع 30 وكالة أنباء وطنية في الدول النامية، لتبادل الأنباء بينها. إضافة لتركيزها على قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، والتطور الحاصل في الدول النامية. كما عقدت وكالة الأنباء الدولية اتفاقيات مع عدد من وكالات منظمة الأمم المتحدة لتغطية أخبار أنشطتها المختلفة.(37)
وتحصل وكالة الأنباء الدولية IPS على 70 % من الأنباء التي توزعها، من مراسليها الموزعين في مختلف دول النامية. أما الـ 30 % الباقية فتحصل عليها من وكالات الأنباء الوطنية في الدول النامية، التي أبرمت معها اتفاقيات تبادل إعلامي، بالإضافة لبعض وكالات الأنباء الصغيرة.
وتوزع وكالة الأنباء الدولية IPS أخبارها يومياً، من خلال شبكتين رئيسيتين ناطقتين باللغتين الإسبانية حوالي 30,000 كلمة يومياً، والإنجليزية 20,000 كلمة يومياً. إضافة لترجمة وتوزيع مجموعة مختارة من تلك الأنباء إلى اللغات الفرنسية والألمانية والعربية والبرتغالية والهولندية والنرويجية والسويدية.
ويوضح الجدول التالي توزيع وكالات الأنباء الوطنية للدول النامية وغيرها المشاركة في شبكة توزيع أنباء وكالة الأنباء الدولية IPS :
الشبكة الناطقة بالإنجليزية ENGLISH NETWORK: الوكالة البلد؛ JANA ليبيا؛ INA العراق؛ WAM الإمارات العربية المتحدة؛ MANE نيجيريا؛ QNA قطر؛ TAP تونس؛ LAKAPUVAT سيريلانكا؛ WAFA فلسطين؛ IPS – TAP تونس؛ IPS – JANA ليبيا؛ APA النمسا؛ GNA غرينادا؛ PNA الفلبين.
الشبكة الناطقة بالإسبانية SPANISH NETWORK: VENPRESS فنزويلا؛ NOTIMEX المكسيك؛ TANJUG يوغسلافيا؛ COLPISA إسبانيا؛ ANN نيكاراغوا؛ IFDA الدولية؛ P. L كوبا؛ BOLPRESS بوليفيا؛ ILET المكسيك؛ QNA قطر؛ COLPRESS كولومبيا؛ ECUAPRESS الإكوادور؛ INA العراق؛ JANA ليبيا؛ WAM الإمارات العربية المتحدة؛ PANAPRESS بنمـــا؛ DOMPRESS الدومنيكان؛ NAN نيجيريا؛ RSS نيبال.
ومن كل ذلك نستنتج أن وكالة الأنباء الدولية IPS تشارك بشكل مختلف تماماً في التدفق الإعلامي الدولي، وفي عملية التبادل الإعلامي الدولي، فهي تعكس الوضع في الدول النامية بكل مشاكله وتحدياته، وتسعى إلى خلق تأثير إيجابي في المعرفة والآراء واتجاهات الرأي العام الدولي المتعلقة بقضايا الدول النامية.
وخلاصة القول أن التدفق الحر للإعلام في وضعه الراهن، ليس أكثر من تدفق لسيل من المعلومات باتجاه واحد يخدم مصالح الدول الصناعية المتقدمة، المسيطرة على وسائل الاتصال الحديثة. وأن الدول النامية تنظر بقلق بالغ نحو الواقع المؤلم لها، والمتمثل بسيطرة الدول الصناعية المتقدمة على وسائل الاتصال الحديثة، ومصادر الأنباء وتوظيفها لصالح دعايتها على حساب المصالح الوطنية للدول النامية العاجزة اقتصادياً وتقنياً وعلمياً عن حل هذه المعضلة التي تقف عاجزة أمامها.
وأن التبادل الإعلامي الدولي بحد ذاته هو تبادل رأسي، لا يراعي متطلبات التبادل الأفقي بين كل دول العالم، وفي أكثر الأحيان يكون تدفقاً إعلامياً باتجاه واحد، ووجهة نظر واحدة تعبر عن رأي القوي المسيطر فقط.
ووفقاً لنموذج جوهان جالتونج " المركز والهامش " فإن العالم مقسم إلى جزأين غير متكافئين هما: " المركز " المسيطر وتمثله الدول الصناعية المتقدمة، وهي قليلة العدد، و" الهامش " الأقل تطوراً والمتخلف والذي يمثل دور التابع في النموذج، والذي يتفاعل مع التبادل الإعلامي الدولي رأسياً من فوق ( الدول المتطورة صناعياً) إلى أسفل ( الدول الأقل تطوراً والدول النامية ). إضافة لسيطرة الوكالات الأربع للأنباء في العالم AP, UPI, Reuter, AFP على مصادر الأنباء الأجنبية في معظم دول العالم. من خلال توزيعها حوالي 32,850,000 كلمة في اليوم. إضافة للصور والمواد التلفزيونية المصورة.
وأن تصاعد دور تكنولوجيا وسائل الاتصال الحديثة، وخاصة شبكات الكمبيوتر العالمية(38) وقنوات التلفزيون الفضائية، في عملية التبادل الإعلامي الدولي، قد يسهم في التخفيف من أحادية الجانب المسيطرة حالياً. ويساعد على ظهور نظام إعلامي دولي جديد مازالت الدول النامية تطالب به. لمواجهة مشاكل التدفق الإعلامي الذي يشوه صورة الدول النامية من خلال تركيزه على السلبيات دون الإيجابيات في تلك الدول. نظام إعلامي جديد يقوم بدور أكثر فاعلية في التفاهم الدولي والعلاقات الدولية بشكل عام.
وهذا بحد ذاته يحتاج إلى الاستمرارية والصبر وعدم التراجع من قبل الدول الأقل تطوراً والدول النامية. للانتقال إلى وضع أفضل ومناسب، يستفيد من التغييرات العالمية السريعة والتطورات التي تلت انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي، وهيأت العالم لتقبل نظام دولي جديد بعيد عن ظروف الحرب الباردة بين الشرق الغرب ونتائجها على الدول النامية.
وهذا يرتبط بتغييرات فعالة وجذرية في بنى وسياسات عديدة، للتخلص من المعوقات التي تقف حائلاً دون ظهور نظام إعلامي دولي ديمقراطي جديد. يشمل تطوير النظام الدولي للاتصال ليتمشى والتحديات القائمة، من قضايا مثل: القائم بالاتصال، ومضمون الاتصال، ووسائل الاتصال، وجمهور الاتصال، وتأثير الاتصال، وأهداف الاتصال. واختيار أنسب العناصر الملائمة للتبادل الإعلامي الدولي، ليسهم على المدى القريب في تحسين وضعية الدول النامية والدول الأقل تطوراً في إطار نظام إعلامي ديمقراطي عالمي جديد.
والدعوة إلى نظام إعلامي جديد، ليست سوى دعوة من قبل أكثرية دول العالم لتحقيق العدالة والتوازن في عملية التدفق الإعلامي.(39) وهي دعوة للتأثير المعنوي لا أكثر، لأن تغيير واقع النظام الإعلامي الدولي، وتحسين ظروف التبادل الإعلامي الدولي لا يتم إلا بالاعتماد على النفس، والسعي الدائم من قبل الدول النامية لتطوير إمكانياتها الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية، وإقامة وسائل إعلام جماهيرية حديثة قادرة على مخاطبة الرأي العام الدولي دون وسيط.
3/5- أساليب وتقنيات وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية: أشارت بعض البحوث العلمية إلى أهم عناصر نجاح حملات الدعاية الموجهة والإعلام والموجه للجمهور الإعلامي في الخارج، وهي الأساليب والتقنيات والتكتيكات التي يستخدمها الصحفيون للوصول إلى النجاح، وإقناع القارئ والمستمع والمشاهد، بما يقدمونه له وصولاً للأهداف المرسومة في الخطة الإعلامية. وبينت أن الأساليب المستخدمة في الحملات الإعلامية والدعائية الدولية، تساعد على:(40)
جذب انتباه مستقبل الرسالة الإعلامية وتشده إلى مضمونها من خلال مراعاتها لاهتماماته وميوله الثقافية. ويحدث هذا عندما تعتمد الرسالة الإعلامية على أسلوب شيق لصياغة مادتها بشكل تصبح معه قابلة للتصديق بعيدة عن الشك أو التشكيك لأن ذلك يؤدي إلى استغلال هذا الشك أو التشكيك من قبل الدعاية المضادة، ويتحول إلى عنصر إضعاف للحملة الإعلامية والدعائية ويعيق من وصولها للنتائج المرجوة منها.
واستخدام تقنيات الكذب وحبكه بشكل محكم يحرك مشاعر مستقبل الرسالة الإعلامية ويصعب عليه اكتشاف الكذب المخفي داخل الرسالة الإعلامية. كما وتسعى الحملات الإعلامية الدعائية إلى توريط مستقبل الرسالة الإعلامية وشده للمشاركة معها في العمل مجبرة إياه على تأييد خطتها وأسلوبها في العمل، والبحث عن تبريرات لتأييده لها. كما وتستخدم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية في حملاتها الدعائية، أسلوب التكرار وعرض الموضوع أكثر من مرة للتأكد من وصوله إلى الجمهور الإعلامي المقصود والتأكد من تحقق أكبر قدر ممكن من التأثير المطلوب، ويتم ذلك عادة بمراعاة الوقت الملائم والظروف المؤاتية والوسائل الناجعة للتكرار. وتستخدم كذلك أسلوب المبالغة بشكل يصعب معه اكتشافها من قبل القارئ والمستمع والمشاهد، للتهويل على الجمهور الإعلامي، وصولاً للحد الأقصى من التأثير المعنوي عليه. وتستخدم معه أسلوب الكذب والتضليل لتبرير أمور أو مواقف معينة جرت فعلاً.
ومن الأساليب الشائعة جداً أسلوب التلميح والغمز عند توجيه الاتهام لشخص ما أو جماعة معينة أو دولة بحد ذاتها، كون تأثير هذا الأسلوب أكبر من تأثير الاتهام المباشر على الجمهور الإعلامي. وكذلك تستخدم أسلوب عرض المواضيع بقالب يوحي بأنها حقيقة ثابتة، لا تقبل الجدل لمنع تسرب الشك إلى أذهان الجمهور الإعلامي.
وتسعي وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية دائماً للتقرب من الجمهور الإعلامي باستخدام أشخاص يعرفون ثقافة وميول ورغبات واستعداد مستقبل الرسالة الإعلامية، ويعرضون المادة الإعلامية بالصورة واللغة التي يفهمها جيداً الجمهور الإعلامي المستهدف،إضافة لمحاولة تقمص شخصية القارئ والمستمع والمشاهد أثناء تنفيذ الحملات الإعلامية والدعائية.
وتلجأ وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، في حملاتها الإعلامية والدعائية إلى الاعتماد على المصادر الموثوقة عند إعداد وصياغة المادة الإعلامية، بهدف زيادة الثقة لدى الجمهور الإعلامي وتدعيم تقبله للمادة الإعلامية الموجهة له. أو إلى التجاهل المتعمد لأحداث معينة أو ما تروجه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية والدعائية المضادة، من مواضيع لا يمكن الرد عليها بسبب ضعف الموقف المواجهة للدعاية المضادة.
كما وتلجأ وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية إلى استخدام لغة إعلامية واضحة من خلال العبارات المستخدمة تجنباً للالتباس في المعاني والتفاسير، وتأكيداً للوصول إلى الهدف المرسوم. أو تلجأ إلى الربط المزيف لترك مستقبل الرسالة الإعلامية، يتقبل موقفاً معيناً ويرفض موقفاً آخر، معتمداً على خبراته السابقة، دون وعي أو إدراك أو تفكير. ويزداد أثر هذا الأسلوب على الجمهور الإعلامي الذي يتمتع بمستوى تعليمياً ضعيفاً.
وكثيراً ما تستخدم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية في حملاتها الدعائية، العاطفة وغريزة القطيع في توجيه الحملة الإعلامية للجماعات الإنسانية التي تربط بينها روابط مشتركة كالدين والعقيدة أو العنصر البشري أو الجنس أو البيئة أو المهنة أو العمل أو الانتماء لتنظيم معين أو الاشتراك في حمل جنسية معينة.
ومعروف للجميع أنه من الصعب جداً تحديد مدى التزام، أو عدم التزام، وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية بأخلاقية العمل الصحفي، إذ قد تلجأ في بعض الأحيان مضطرة، أو عن سابق ترصد وإصرار إلى أساليب وتقنيات تتعارض مع أخلاقيات العمل الصحفي المعروفة والمعترف بها دولياً، في حملاتها الدعائية بقصد الوصول لأهداف معينة. في نفس الوقت الذي تنفي فيه عن نفسها هذه التهمة، مؤكدة التزامها بأخلاقيات العمل الصحفي، لأن اعترافها بالخروج عن مواثيق أخلاق العمل الصحفي الدولية، يعني فقدان مصداقيتها وانتهاء دورها الإعلامي الدولي، وهذا وضع لا يستطيع قبوله أحد.
3/6- الجوانب الثقافية للتبادل الإعلامي الدولي: هناك جوانب ثقافية للحملات الدعائية الدولية،(41) يطلق عليها اسم الدعاية الثقافية الدولية ويزداد فاعلية هذا الدور طردياً بالتناسب مع قوة ومكانة ودور الدولة التي تمارسه في النظام الدولي. حيث تركز هذه الدولة على نشر ثقافتها داخل الدول الأخرى، مما حذا بالبعض لوصف هذا النشاط الموجه لمجتمعات الدول الأضعف بالامبريالية الثقافية، إلا أن تطور العلاقات الدولية تقتضي تفاعلاً أكثر بين ثقافات مختلف الأمم. وهناك فرق واضح بين التفاعل الحر بين الثقافات، وبين فرض ثقافة معينة على حساب تحطيم الثقافة الأصلية لشعب معين، من خلال استغلال التبادل الإعلامي الدولي من قبل الدول المتقدمة، في حملات دعايتها الثقافية الموجهة للدول الأقل تطوراً والدول النامية.
ويدخل هذا النشاط الثقافي الهادف إلى التأثير على المجتمعات الأخرى ضمن الحملات الدعائية الدولية، ويشمل في طياته الأدب والفنون والتعليم والرياضة والتبادل الثقافي والمنح التعليمية ودعوة الصفوة من مثقفي الدول الأضعف لزيارة الدولة الأقوى والأكثر تطوراً للإطلاع على المنجزات الثقافية فيها.
وعلى سبيل المثال تمارس الولايات المتحدة الأمريكية حملاتها الدعائية الثقافية، من خلال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، وهيئة الاستعلامات الأمريكية التي تمارس أنشطة متعددة خارج الولايات المتحدة، ومن خلال المكتبات والمراكز الثقافية المنتشرة في العديد من دول العالم. ومن خلال سعيها الحثيث لنشر تعليم اللغة الإنكليزية وأنظمة التعليم الأمريكية في الخارج، وتقديم المنح الدراسية لطلاب من الدول الأخرى، واستيعاب الطلاب الوافدين من الدول الأخرى الراغبين في الحصول على التعليم في مؤسسات التعليم والجامعات الأمريكية.
ومن خلال اتفاقيات التعاون الثقافي الموقعة بينها وبين الدول الأخرى، إضافة لبرامج المساعدات الثقافية الأمريكية للدول النامية.
أما بريطانيا فهي إضافة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، تمارس حملاتها الإعلامية والدعائية والثقافية الدولية من خلال المجلس البريطاني(42) الذي تمده بثلث مخصصاته المالية، مؤسسة التنمية البريطانية فيما وراء البحار. وتدخل معظم الوظائف التعليمية التي يقوم بها المجلس البريطاني في إطار برنامج المعونة الفنية. ويعمل المجلس في أكثر من ثمانين دولة، بتعليم اللغة الإنكليزية، مركزاً على تدريب معلمي اللغة الإنكليزية في هذه الدول. وللمجلس البريطاني مكتبات في أكثر من خمسين دولة، ويعمل على تنمية الاتصالات بين العلماء والفنانين والمهنيين وغيرهم من مثقفي الدول النامية، إضافة لإيفاده العديد من الدارسين من تلك الدول إلى انكلترا للتحصيل العلمي والدراسي. وتختلف أوضاع العاملين في الخارج من موظفي المجلس البريطاني عن الدبلوماسيين المعتمدين. وفي حالات نادرة يكون ممثل المجلس في البلد المتواجد فيها ملحقاً ثقافياً في سفارة بلاده.
أما فرنسا فتمارس حملاتها الإعلامية والدعائية الثقافية الدولية، إضافة لوسائل الاتصال والإعلام الدولية، من خلال رابطة أليانس فرنسيس الذي أحدثته في عام 1883 بهدف مضاعفة تأثيرها في الخارج، ونشر الثقافة واللغة الفرنسية في العالم. ويتبع لرابطة أليانس فرنسيس 1010 لجنة وجمعية في الخارج تقوم بتنظيم المؤتمرات والاجتماعات، وافتتاح المكتبات. و600 مركزاً منتشرة في أنحاء مختلفة من العالم.(43)
والشائع أن تمارس الدول نشاط دعايتها الثقافية من خلال المراكز الثقافية التابعة لسفاراتها في الدول الأخرى، ويتولى إدارة تلك المراكز المستشارون أو الملحقون الثقافيون المعتمدون في السلك الدبلوماسي المتواجد في ذلك البلد. بينما تكتفي الدول غير القادرة على افتتاح مركز ثقافي لها في البلدان الأخرى على نشاط المستشارين والملحقين الثقافيين المعتمدين في سفاراتها بالخارج.
وتبدلت الصورة بعد أن جاء عصر التخطي المعلوماتي للحدود القومية خلال العشرين السنة الأخيرة، والذي تضمن تحولات جذرية في وسائل تخزين، ومعالجة واسترجاع المعلومات، والنمو السريع لتقنيات وتجهيزات الاتصال السلكية واللاسلكية من ميكروويف، وألياف بصرية، وتكنولوجيا الأقمار الصناعية للاتصالات، وبرامج الكمبيوتر، والإذاعتين المسموعة والمرئية.(44)
حاملاً معه ظاهرة الثقافة عابرة القوميات، وهي عملية أساسية يحل فيها بدرجات متفاوتة وفي سياقات مختلفة، تنظيم الشعوب في مجموعات " أفقية " محل تنظيمهم رأسياً في مجموعات وطنية، وبمعنى آخر ترتبط الشعوب بعضها ببعض بأساليب إلكترونية، وليس بالجوار الجغرافي(45)، وليس بالثقافة الوطنية أو القومية. ويذهب البعض إلى أن ظاهرة التخطي المعلوماتي، للحدود المعترف بها لدول العالم، أو الثقافة عابرة القوميات، هي ظاهرة الأمركة "فرض النمط الأمريكي".(46)
ويثير التخطي المعلوماتي للحدود القومية والوطنية، تساؤلات محورية وأساسية ومهمة لكل المجتمعات، بغض النظر عن وضعها الاقتصادي الراهن أو الحالي أو المشاكل التي تواجهها أو الضغوط التي تتعرض لها.
وتتصل هذه التساؤلات بعدد من القضايا الأساسية، وهي: السيطرة الثقافية، والإنتاج الثقافي، وتوزيع الإنتاج الثقافي، والنفاذ إلى المعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية....الخ للدول الأخرى. وخلق نظام إعلامي عالمي جديد، وتنظيم عمليات تدفق البيانات عبر الحدود، والتحكم فيها عن بعد، وتحديد سياسة الدولة في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ....الخ، وتنمية طاقات وطنية تكنولوجية وإنتاجية، وإعادة بناء الفهم لما هو وطني وقومي بالمعنى الثقافي والتاريخي والتراثي وغيره.(47)
ولهذه القضايا المطروحة دائماً للبحث، بعدها العالمي وانعكاساتها على معظم دول العالم، إلا أنه بالنسبة للعديد من دول العالم الثالث، تبدو أكثر ضغطاً وإلحاحاً بسبب أن الدول في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، هي بالمعنى الجوهري من الدول التي بعظمها استقلت حديثاً وما زالت تعاني من مشاكل التخلف الموروثة من العهد الاستعماري.(48) ونضيف إليها الدول المستقلة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، والتي تعاني من مشاكل الانتقال إلى اقتصاد السوق والسيادة الوطنية، ونراها تسعى حثيثاً لإيجاد مكان لائق لنفسها في النظام الإعلامي العالمي، وللمشاركة الفاعلة في عملية التبادل الإعلامي الدولي.
3/7- فاعلية التبادل الإعلامي الدولي: تساعد وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، على تكوين المواقف من القضايا المطروحة، أو تضخيمها. وتلعب دوراً كبيراً في عملية التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري، لدى القراء والمستمعين والمشاهدين.
كما وتساعد وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية في تدعيم سلوك الجمهور الإعلامي من موقف معين، أو التشكيك به، أو رفضه، أو تغييره لصالح موقف جديد. وهذا متوقف على مدى تكثيف الحملة الإعلامية والوسائل المستخدمة فيها، ومدى وضوح موقف مستقبل الرسالة الإعلامية للقائم بالاتصال. أو تعرض مستقبل الرسالة الإعلامية لموقف إعلامي غير متماسك أو لصور نمطية سبق لمستقبل الرسالة الإعلامية وتعرض لها، ومدى تحيزه لمضمون الرسالة الإعلامية بحد ذاتها.(49)
ولابد للقائم بالاتصال من معايير خاصة يعتمد عليها، من أجل الوصول إلى فاعلية أكبر من الحملات الإعلامية الدولية، وإمكانيات أكثر للوصول إلى الأهداف المرسومة للحملة الإعلامية. ولابد من مقاييس يعتمد عليها المخططون للحملات الإعلامية، والقائمون بالاتصال لتحديد مدى نجاح أو فشل الحملة الإعلامية. ومن تلك المعايير مثلاً القدرة على التصدي للإعلام المضاد الموجه لنفس الساحة الإعلامية، ومدى قدرة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية المستخدمة من قبل القائمين بالاتصال على انتزاع المبادرة من الإعلام المضاد والتوجه إلى الجمهور الإعلامي بشكل أكثر فاعلية في المواضيع المطروحة.
والمعيار من الأمور الهامة جداً لقياس راجع صدى الرسالة الإعلامية، ومعرفة مدى نجاح الحملة الإعلامية. ولو أن الظروف الدولية من تأزم أو انفراج العلاقات الدولية، يعتبر من الأمور الخارجة عن نطاق المعايير الإعلامية، ولكن الحملات الإعلامية قد تؤدي في بعض الحالات إلى انفراج أو خلق الأزمات في العلاقات الدولية المتشعبة.
ومن المناهج المستخدمة لقياس راجع الصدى في الحملات الإعلامية الدولية، نذكر:
- المناهج الاستقرائية: التي طورتها إدارة الإعلام والتعليم بجيش الولايات المتحدة الأمريكية من خلال البحوث التطبيقية التي أجرتها إبان الحرب العالمية الثانية، وأعقبتها أبحاث هوفلاند Hovland وزملائه. وجرى من خلال هذه الأبحاث قياس تأثير الاتصال من خلال التجربة المسيطر عليها من خلال التركيز على العناصر التالية:(50)
1- القائم بالاتصال: فتبين أن تأثير الرسالة الإعلامية يزداد في حالة إذا كان القائم بالاتصال ينقل مواقف تتماشى ومواقف مستقبل الرسالة الإعلامية. وأن المستقبل يبدأ بنسيان مصدر الرسالة الإعلامية أو القائم بالاتصال بعد مدة وجيزة، وهو ما أطلق عليه اسم التأثير النائم، وأنه هناك عوامل مساعدة أخرى لزيادة التأثير الذي يمارسه القائم بالاتصال، على مستقبل الرسالة الإعلامية كالسن والجنس والمظهر الخارجي للقائم بالاتصال.
2- الرسالة الإعلامية: وتبين أن زيادة فاعلية الحملة الإعلامية الدولية يمكن أن يتم في حالة إذا تمشت الرسالة الإعلامية مع أهداف الحملة الإعلامية الدولية واحتياجات مستقبلي الرسالة الإعلامية، والقيم السائدة والمواقف الفكرية والآراء والمعتقدات الخاصة بهم. ولوحظ أيضاً أن العرض الجزئي للمشكلة أكثر تأثيراً لدى المستقبل إذا كان محدود الثقافة والتعليم. وأن عرض المشكلة من كل جوانبها يكون أكثر تأثيراً على المستقبل الذي حصل على نسبة أعلى من التعليم والثقافة، أو إذا كان المستقبل يعارض مبدئياً مضمون الرسالة الإعلامية. وهذا يمكن أن يساعد على تحصين المستقبل ضد الدعاية المضادة مستقبلاً، فيما لو روعيت عناصر اختيار المصادر الإعلامية، والطريقة التي يتم من خلالها عرض الرسالة الإعلامية، مع التطورات السابقة واللاحقة للقضية المطروحة.
3- الوسط الإعلامي: حيث تبين أن الرسالة الإعلامية والوسيلة الإعلامية مرتبطتان الواحدة بالأخرى، لأن طريقة عرض وتقديم الرسالة الإعلامية مرتبط بالتأثير الإعلامي إلى درجة تعادل أهمية الرسالة الإعلامية نفسها. وأنه لابد من مراعاة مدى انتشار كل وسيلة اتصال إعلامية جماهيرية في الأوساط المستهدفة من الحملة الإعلامية الدولية قبل استخدامها، واختيار الوسيلة التي يمكن أن تعطي أكبر قدر ممكن من التأثير والفاعلية الإعلامية. وهناك من يرجح الاتصال المباشر، ومن يرجح الإذاعة المسموعة، ومن يرجح الإذاعة المرئية، وهناك من يرجح المادة المطبوعة، وكلها احتمالات يمكن الاستفادة منها في حدودها الممكنة.
4- مستقبل الرسالة الإعلامية (الجمهور الإعلامي): ويتوقف على معرفة خصائص مستقبل الرسالة الإعلامية من النواحي الثقافية والفكرية والمعتقدات والمواقف السياسية وأنماط السلوك والسن والجنس والوضع التعليمي والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والعنصري والإقليم الجغرافي والتنظيم أو النظام الذي ينتمي إليه.
- والمناهج الاستنباطية: المعتمدة على النظرية السلوكية، التي تركز على تغيير المواقف وتكوينها وتعديلها.
- ونظرية الإدراك المعرفي، التي تعمل على شرح تكوين المواقف وتعديلها والتنبؤ بأثر عملية الاتصال، والتركيز على تعديل المواقف من خلال معتقدات وعواطف الفرد، وتحقيق التوافق المنطقي لمعارف الفرد، تعتمد كلها على عملية الاتصال. فما هو الاتصال؟
3/8- وسائل الاتصال كمصدر للتبادل الإعلامي الدولي: عناصر الاتصال: عملية الاتصال في التبادل الإعلامي الدولي، هي مجموعة من الوسائل تربط بني البشر ببعضهم، وتحقق التفاعل في العلاقات الإنسانية. وقد تعرَّف على أنها عمل لتغيير المفاهيم باستعمال اللغة أو أي من الوسائل الأخرى المتيسرة. وعملية الاتصال تهدف إلى إحداث تجاوب مع الشخص أو الأشخاص المتصل بهم. وبعبارة أخرى تحاول أن تشاركه أو تشاركهم في استيعاب المعلومات أو في نقل فكرة أو اتجاه فكري إليه أو إليهم.(51)
ويعرَّف الاتصال أيضاً بأنه عملية يتم من خلالها تبادل المفاهيم بين الأفراد وذلك باستخدام نظام الرموز المتعارف عليها، ويعتبر استخدام الكلمة طريقة من أكثر وسائل الاتصال شيوعاً بين المرسل والمتلقي.
وعلم الاتصال يمتد بجذوره في التاريخ إلى أرسطو الذي وضع أسساً علمية لعملية الاتصال لم تزل قائمة حتى الآن للتفاعل بين (الخطيب - المرسل) و(الجمهور - المستقبل) تقوم على أن يعد المرسل (رسالته - خطبته) بصورة شيقة وجذابة ومقنعة، حتى يمكن أن تؤثر في الجماهير بالصورة المستهدفة. وذلك لأنه لا قيمة للاتصال، من وجهة نظر أرسطو ما لم يكن مقبولاً ومفهوماً من (الجمهور - المستقبلين).(52)
وهنا يتضح محور العلاقة التي أوجدها وحددها أرسطو بين المرسل، والرسالة، والمستقبل. حيث قسم أرسطو الموقف الاتصالي إلى ثلاث مراحل: الخطيب - الخطبة - الجمهور. وأوجب أرسطو على (الخطيب - المرسل) أن يدرك ما يعتمل في نفوس الجمهور من قيم ومبادئ ومعايير وسنن اجتماعية. وعلى أساس إدراك الجمهور للرسالة يتأثر بتفسيره بهذه الرسالة. وهذا التفسير يعتمد على الوضعية الاجتماعية للجمهور من حيث نشأته الاجتماعية، والإطار أو النسق القيمي الذي يأخذ به.(53)
أما الموقف الاتصالي لدى ابن خلدون فينحصر بالآتي: 1- المرسل: ويرى ابن خلدون أن الناقلين " الأخصائيين بالاتصال " لا يعرفون القصد مما عاينوا أو سمعوا، وينقلون الخبر على ما في ظنهم وتخمينهم فيقعون في الكذب في كثير من الأحيان. 2- الرسالة: والتي من الضروري مناقشتها في ذاتها للوقوف على مدى اتفاقها مع طبيعة الأمور، ومع الظروف والملابسات التي يحكيها الراوي - المرسل - ومناقشة مادة تلك الرواية - الرسالة. 3- المستقبل: وقد أوجب عليه ابن خلدون أن يتأكد من أمانة الراوي - المرسل، وصدقه وسلامة ذهنه، وطهارة عقيدته، ومتانة خلقه، وقيمته الشخصية.(54)
وتسلط هذه النظرة الضوء على حقيقة الرسالة والأمانة عند المرسل، والذكاء الاجتماعي عند المستقبل، ونلاحظ أن رؤية أرسطو أكثر شمولاً واتساعاً من نظرة ابن خلدون للاتصال التي يبدو عليها مسحة مثالية. ولكنها تبقى أقرب لأخلاقيات الاتصال المطلوبة.(55)
وهناك عدة نظريات حديثة للاتصال منها على سبيل المثال لا الحصر نظرية كولن للاتصال والتي يمكن تلخيص الموقف الاتصالي فيها على النحو التالي: 1- المرسل ويستمد من عقله الرسالة التي يرغب في توصيلها إلى شخص آخر. 2- الرسالة ويستخدم الإنسان عقله وقدراته واستعداداته النفسية مثل التذكر والإدراك والانتباه لاستيعاب تلك الرسالة. 4- التغذية العكسية أو راجع الصدى وهي الاستجابة للرسالة (المثير) من قبل المرسل، وبذلك تكمل الدورة الاتصالية.(56) وتعتمد هذه النظرية على عقل الإنسان باعتباره المركز الرئيسي للاتصال سواء في الإرسال أم في الاستقبال.
أما ستيفنسون فقد ربط بين نظريته في الاتصال و"الإمتاع" على أساس أن "المستقبل" يشعر بالاستغراق والمتعة فيما يقرأ أو يشاهد لاسيما في الاتصال الجماهيري، ولكي تستمر المتعة فيما يقرأ أو يسمع أو يشاهد من الضروري أن تتخلل العملية الاتصالية بعض القطع الموسيقية أو الأغنيات الخفيفة لتقليل حالة الضغط الإعلامي على المستقبل.
ومن شروط الموقف الاتصالي في هذه النظرية: 1- إلزام المرسل بإيديولوجية المجتمع التي من أهدافها ربط المواطنين بمجتمعهم والارتقاء بأذواقهم في مختلف النواحي الاجتماعية والثقافية. 2- صياغة الرسالة في أسلوب شيّق يعتمد على الإمتاع بشكل يجعل المستقبل على اتصال دائم بمصادر المعلومات.(57) 3- إتاحة الفرصة للمستقبل للدخول في حوار مع المرسل، حتى يؤدي ذلك إلى تكوين رأي عام مستنير، يعتمد على الحقائق الواضحة، وليس على ما تقدمه له الأجهزة التنفيذية، دون أن تكون للجماهير حق معرفة مصادر وصدق وثبات ما يقدم لها من معلومات.(58)
أما نظرية لازر سفيلن فتلخص الموقف الاتصالي بالتالي: 1- المرسل: وهو مؤلف وناقل الرسالة. 2- الرسالة: وهي ما يرغب المرسل إرساله للمستقبل من خلال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. 3- المستقبل (الجمهور الإعلامي): وهو من وجهة نظر تلك النظرية لا يتأثر بالرسالة مباشرة وإنما يتأثر بها أكثر إذا ما نقلت إليه مرة أخرى عن طريق قادة الرأي ويمكن تصور مفهوم قادة الرأي من خلال الدراسات التي أجريت على بنية الاتصال في المجتمعات القروية. حيث يحتكر قائد الرأي بعض الأساليب الاتصالية (القراءة) أو أجهزة الاتصال (جهاز استقبال البث الإذاعي) مثلاً. ومن خلال متابعته للقراءة أو الاستماع، فإنه يستطيع إعادة صياغة الرسالة بشكل يتفق مع الحالة المعنوية للمستقبل.(59)
أما نظرية إسفيروس في الاتصال فقد ركزت على العملية الاتصالية كظاهرة اجتماعية تقوم على التفاعل الذي يتحقق في المجتمع وعلى ارتباط بقية الظواهر الاجتماعية الأخرى. واعتبره موضوعاً إنسانياً بالدرجة الأولى.(60) وعلى ذلك فإن الموقف الاتصالي في هذه النظرية يقوم على: 1- المرسل: وهو المجتمع. 2- الرسالة: وهي التعبير الموضوع الموجه لعقلية الجماهير وروحها وميولها واتجاهاتها. 3- المستقبل: وهو المجتمع أيضاً. 4- وسائل الاتصال: مثل الإذاعتين المسموعة والمرئية، والصحف، وهي المنابر التي لا يرتقيها القادة السياسيون وحسب، وإنما ترتقيها الجماهير أيضاً، لكي تعبر عن مطالبها وآمالها، كي تشترك بالرأي في إدارة شؤون المجتمع التي ليست حكراً لأحد.(61)
أما ويفر وشانون فيحددان العلاقة بين المرسل والرسالة والمستقبل بالتالي: 1- المرسل: (وهو أخصائي اجتماعي) ينتخب أو يختار رسالة (مجموعة توجيهات) يرغب في توصيلها إلى مستقبل (مبحوث) الأمر الذي يضطر المرسل إلى تحويل رسالته إلى شكل أو هيئة أو رمز، بحيث يمكن نقلها عبر قنوات الاتصال إلى المستقبل (المبحوث). وبذلك يكون عقل الأخصائي الاجتماعي هو مصدر المعلومات. 2- الرسالة: وهي عبارة عن مجموعة توجيهات من أخصائي موجهة إلى مبحوث، يتولى صوت الأخصائي الاجتماعي توصيلها، وتقوم الموجات الصوتية بدور قناة الاتصال الرئيسية لعملية الاتصال. 3- المستقبل: وهو متلقي الرسالة ويقوم بتحويلها إلى الشكل أو الرمز التي كانت عليه في هيئتها الأولى، وبذلك يكون عقل المبحوث هو الهدف الذي يرمي الأخصائي الاجتماعي توصيل التوجيهات إليه. على حين تمثل أذن المبحوث جهاز الاستقبال الذي يتلقى المعلومات.(62)
وقد حدد هودينت العناصر الفعالة للعملية الاتصالية في سبعة أجزاء وهي: مشكلة؛ ومرسل؛ ورسالة؛ ووسيلة؛ وأحياناً ناقل؛ ووسيلة للاستقبال؛ واستجابة.(63)
والسؤال المطروح: كيف تؤثر وسائل الاتصال والإعلام على عملية إشباع حاجات الفرد الاجتماعية ؟
لأن وسائل الاتصال والإعلام تنشر المعلومات وتزوِّد الأفراد بعدد من الموضوعات التي تسهِّل على المؤسسة، الاتصال المتبادل. وهذا يعني أن وسائل الاتصال والإعلام تتعرض لجمهور واسع من الناس، وتعرض معلومات عن حوادث أو ظاهرات معينة من التي لها أهمية اجتماعية.
وليس للإنسان دائماً الفرصة ليكوِّن علاقات مع الآخرين وهو وحيد لأسباب مختلفة. وهذا النقص في الترابط مع العالم الخارجي ربما يؤدي به إلى اليأس، ويستطيع جهاز استقبال البث الإذاعي المسموع أو المرئي أن يسدي خدمة كبيرة له. لأن صوت جهاز استقبال البث الإذاعي المسموع يبعد عنه الشعور بالوحدة وهذه إحدى الخدمات النفسية المهمة التي يؤديها جهاز استقبال البث الإذاعي المسموع وهذا ينطبق على جهاز استقبال البث الإذاعي المرئي ولو أن تأثير الأول أوسع في هذا المجال من الثاني. ولكن لماذا يعير عدد كبير من الناس الذين يعانون من هذا النقص في الروابط الاجتماعية اهتماماً كبيراً لوسائل الاتصال والإعلام ؟ (64)
والجواب يأتي من أن الإنسان يحتاج للارتباط بالآخرين وهذه حقيقة لا جدال فيها، ولكن هذه الارتباطات تتطلب منه درجة معينة من التكيف. وتستطيع وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية أن تزوده بتعويضات تتطلب منه درجة معينة من التكيِّف. كما وتستطيع وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية أن تزوِّده بتعويضات لإشباع حاجته للاتصال الاجتماعي. وليستطيع أن يكون صلات اجتماعية مع أشخاص يتمتعون بأهمية اجتماعية كبيرة عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، ويستطيع كذلك أن يناقش ويجادل، ويستطيع أن ينهي المناقشة بإشارة من يديه عندما يرغب ذلك.(65)
وهكذا فإن إشباع حاجة التكيُّف (الملائمة) عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، أصبحت عنصراً ضرورياً في حياة إنسان هذا العصر. وعلى ما يبدو أن قضية التكيُّف ليست متعلقة بسؤال (ماذا) وحسب، وإنما كذلك بـ(كيف) و(لماذا) وهذا يعني أن الإنسان يحتاج أيضاً للتكيُّف لكي يتعلم، وإن هذا التكيف يعلمه أي سلوك عليه أن يتبنى بالنسبة لمواقف معينة، ويسدي له النصيحة في كيفية التصرف في مواقف معينة لكي يصل إلى إشباع أكبر حاجاته. وتأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في هذا المجال واسع جداً لأنها تزوِّد الفرد بخلاصات قيم المجتمع المميزة ومستجداته.(66)
ولا تكتمل دائرة الاتصال إلا حين تتوفر للموقف التعليمي جميع العناصر اللازمة لعملية الاتصال ويدل توافر هذه العناصر على أن الدائرة تؤدي عملها بصرف النظر عن طبيعة التعليم المنتظر. ولتقدير فاعلية التعليم ينبغي إيلاء انتباه خاص للتغييرات التي تبدو متداخلة ومؤثرة على هذه العملية.
و يمكن تحديد العلاقة بين عناصر الاتصال وفقاً للتالي:
أولاً: المصدر: سواء أكان فرداً أو مجموعة من الأفراد. فهو عامل هام في الاتصال ويتوقف أداؤه لمهمته على أنواع المتغيرات التي تتضمنها عملية الاتصال بصرف النظر عن إمكانية توجيهها أو ضبطها. وقد لا تتوافر مصادر المعلومات الكافية والمناسبة، وربما تعوز المصدر المهارة اللازمة لإعداد مضمون رسالته بدقة وفعالية. وإذا كان المصدر شخصاً ما، فما هي اتجاهاته نحو عمله ونحو مستقبلي الرسالة الإعلامية، ونحو الوسيلة الإعلامية التي يستخدمها. وهذه بعض العوامل التي تؤثر على عملية الاتصال في التعليم.(67)
ثانياً: يتطلب استكمال دائرة الاتصال تواجد المصدر في جانب والمستقبل في جانب آخر. ولو أن المصدر قد يكون هو المستقبل في نفس الوقت. فإننا نتحدث هنا عن شخصين مختلفين. وكما كانت توجهات المصدر مهمة فإن اتجاهات المستقبل لا تقل أهمية عنها. وإذا كان للمستقبل اتجاه سلبي نحو المصدر فإن التعليم يصبح قليل الفاعلية، وقد تكون النتيجة مشابهة للشعور المماثل الذي يشعر به المستقبل اتجاه الكتاب أو المواد التعليمية الأخرى، عندما لا يكون في حالة تقبل للمصدر. وأكثر من ذلك فإن استقبال الرسالة الإعلامية يتطلب مهارات معينة، وبصرف النظر عن قدرة المستقبل على استخلاص المعاني والقراءة المناسبة والاستماع والتفكير فإن هناك متغيرات هامة ينبغي اعتبارها في الموقف الاتصالي التعليمي.
ثالثاً: الرسالة الإعلامية: وتعتبر عملية تضمين الرسالة واستخلاص محتواها خطوة هامة في عملية الاتصال. فقد يستخدم المصدر بعض المصطلحات كرموز لجميع أجزاء ومقاطع المعلومات. مما يؤدي إلى صعوبة فهمها من قبل المستقبل، مما يؤدي إلى إضعاف عملية الاتصال. ومثال ذلك ما يحدث أثناء تعليم لغة أجنبية، فإذا أغفل المصدر مستوى المستقبل، وطبيعة الرسالة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات، والأفكار. فمن غير شك أن كثيراً من هذه المعلومات ستتعرض للضياع، بصرف النظر عن شكل أو أسلوب الاتصال الذي يستخدم. لهذا يجب على القائم بالاتصال أن يعالج الرسالة الإعلامية بشكل ملائم ومنسق وأن يعيد صياغة الرسالة الإعلامية في كل مرة لضمان استقبال نافع وفعال.
رابعاً: التوافق بين المرسل والمستقبل: ويمكن أن يكون عندما يراعى في عملية الاتصال مستوى الخبرة المتوفرة لديهما في إطار المعلومات الاجتماعية والثقافية... إلخ. وفي بعض الحالات التي لا يملك فيها المصدر الصورة الواضحة عن مستوى فهم المستقبل وقدراته فإننا نجد أن اللغة المستخدمة والأمثلة المختارة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات قد لا تؤدي إلى استقبال واضح ودقيق لدى المستقبل. الذي يمكنه في هذه الحالة أن يستجيب للمثير فقط من خلال خبراته ومعلوماته المتعلقة بموضوع الرسالة الإعلامية.(68)
وخلاصة القول أن وسائل الاتصال والإعلام هي ركائز أساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع، وتعد أساساً لتفاعلاته الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين المجتمعات المختلفة وبين مواطني البلد الواحد كذلك.
الفصل الرابع: نظريات الصحافة الدولية: هناك مجموعة من العوامل تشترك في تأسيس منطق النظرية العلمية في المجالات الإنسانية والحياتية المختلفة، وهي في حقيقتها نابعة من بيئة الإنسان ومجموعة المنبهات والاستجابات التي تتكون وفقاً لها. وقد عرف الإنسان إنسانيته فعلاً، واستطاع تشخيص تلك العوامل البيئية والاجتماعية والنفسية بعد أن عرف اللغة ومفرداتها، واللغة في شكلها الأول وبطبيعتها البسيطة البدائية كانت ضرورية لحياة الجماعة وأساساً لتكوين العلاقات الإنسانية، وبمرور الزمن تطورت اللغة لتصبح ذاكرة المجتمع ومكنت الإنسان من تنسيق جهوده وتوحيدها في مجرى مشترك عام وجعلت تداول الخبرة ممكناً بين الأفراد والأجيال والمجتمعات.(69)
وفي هذا المعنى الواسع أصبحت اللغة أداة رئيسية للاتصال بين بني البشر، كما أنها في الجانب الثاني أصبحت أداة فكر وأداة لتبادل الآراء والأفكار بين الناس. وجاءت المطبعة لتفتح الطريق أمام الثورة الصناعية بعد أن مهدت لها الثورة العلمية، وما أن دخلنا القرن العشرين حتى صار العالم يعيش ثورة شاملة في الاتصال والإعلام. وانحسرت المسافات الجغرافية أمام القدرات التكنولوجية لوسائل الاتصال والإعلام. ومن أجل تسخير هذه القدرات وتوظيفها لخدمة المعلومات وتبادلها بين المجتمعات أخضعتها الحكومات والدول إلى نظرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مما دفع علماء الإعلام والاتصال لتأسيس نظريات إعلامية مستنتجة من تلك النظريات السياسية الأوسع وتطبيقاتها العملية في المجتمعات المختلفة من رأسمالية أو اشتراكية أو هجينة أو خاصة وغيرها.
ولا غرابة في أن يكون لإعلام الدول النامية قولٌ في هذا المجال لاسيما وأنها ابتليت بالأوضاع التي فرضتها السياسات الاستعمارية، وما تعانيه من شدة الخلافات السياسية التي انعكست بالنتيجة على فعالياتها الإعلامية.
والإعلام هو ظل السياسة في عملية الاتصال اليومية وتطبيق المنهج السياسي والاقتصادي والفكري والتربوي والتعليمي والثقافي، في هذا البلد أو ذاك. ووعي الإنسان لمثل هذه العوامل والتكوينات الاجتماعية وتقديره للظروف الموضوعية والذاتية التي تحيط به، يرتبط ارتباطاً مباشراً بلغته القومية، لأن اللغة هي المعبر عن تقديرنا للواقع الموضوعي، وقد ظهر الوعي واللغة في مرحلة محدد من التطور الاجتماعي للبشرية، ليتمكن بني البشر من التواصل والاتصال فيما بينهم.(70)
و اللغة تمنح الإنسان بالإضافة إلى ما ورثه بيولوجياً فرصة كغيره للاستثمار الأمثل للثقافة والمعرفة. وقد أتاح العلم الحديث للغة ممكنات ووسائل متعددة للتعبير عن دقائق الأحكام الفعلية في صورها النظرية والتطبيقية ولمختلف الحاجات الإنسانية. نظراً لتعدد خصوصيات تلك الحاجات الإنسانية وأساليب إشباعها من الوجهة الاتصالية والإعلامية فقد عمد رجال الإعلام إلى إتباع النظرية المناسبة لهم في خطابهم الاتصالي الإعلامي لتجسيد المستويات الإعلامية الوظيفية المطلوبة وهي: 1- المستوى المعلوماتي: الذي يتوسل باللغة لتوصيل المعلومات إلى المتلقي بأسلوب مباشر وبصياغة واضحة ودقيقة. 2- المستوى الإقناعي: وهو الذي يقصد إقناع المتلقي ودعوته للالتزام الأولي ومن ثم تبني المضمون المطروح أو الفكرة المقصودة أو الرأي المراد إيصاله ومن ثم تدعيمه عن طريق خلق القناعات لدى مجموع الجماهير. 3- المستوى التعبيري: ويدخل في باب فن الأدب المستخدم في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السمعية والمرئية والمقروءة لاسيما المستندة منها على استعمال الصورة المتحركة أو الثابتة. وسنتناول في هذا الفصل عرض أولي للنظريات الإعلامية السائدة في العالم:
4/1- نظرية السلطة المطلقة: السلطة من أنظمة الحكم وتتمثل في الحكم المطلق لديكتاتور لا يؤمن بالحرية أو الديمقراطية ولا يسمح بمشاركة الشعب في الحكم على الإطلاق، وتستند السلطة باعتبارها نظاماً من أنظمة الحكم على فكرة (الحق الإلهي المقدس) وعلى الفكرة القائلة (بأن الحاكم ظل الله وخليفته في الأرض).
آ - مدخل لنظرية السلطة المطلقة: من المتفق عليه أن عام 1450 هو تاريخ ولادة الإعلام المطبوع وتشير المصادر إلى أنه تاريخ ظهور الطباعة، وقد كان الإعلام المطبوع خاضعاً للسلطة، ومقدار هذا الخضوع مرتبط بطبيعة المجتمع الذي يتواجد فيه. فإما أن يكون المجتمع يخضع للسلطة المطلقة، أو أن الفلسفة التي تحكم هذا المجتمع تدعو إلى ذلك.
وقد شهد العالم من هذه الفلسفات شتى أنواع السلطة المطلقة. وعلى سبيل المثال سيطرة الكنيسة ورجال الدين في المجتمع الأوروبي، التي خلقت من النظام السائد مجتمعاً خاضعاً للسلطة المطلقة، تحتل فيه الدولة درجة أعلى من الفرد في سلم القيم الاجتماعية ولا يستطيع الفرد في مثل هذا المجتمع أن يحقق أهدافه أو ينمي قدراته وملكاته إلا عن طريق خضوعه للدولة خضوع الخانع الذليل. وأن يكون أسمى تفكير عنده التفكير التابعي الذي يلغي الوعي والعقل والشخصية.
وفي دولة السلطة المطلقة، رجل أو رجال قليلون يشغلون مراكز القيادة، ويتمتعون بسلطات مطلقة، على الآخرين الطاعة والخنوع لها ولا وجود للتمثيل الشعبي في مثل هذه الدول. ولكن ما هو مصدر الحقيقة في مجتمع السلطة المطلقة؟
وللجواب على هذا السؤال يمكن أن نعتمد على حقيقة التفويض الإلهي أو على الإدعاء العنصري في مثل هذا المجتمع. الذي يقول بوجود جنس معين يعتبر نفسه أعلى من الأجناس الأخرى ويتمتع بحكمة أكثر منهم. وباختصار فالحقيقة تتمثل في قدرة القائد أو الجماعة المعينة على تقدير الظروف وتفهم المخاطر وتشخيص إمكانيات تخطيها.
وتعتبر الحقيقة في هذا المجتمع حكراً لهذه القلة التي تعتبر نفسها حكيمة، وترى أن من حقها أن توجه الجماهير الغفيرة. أي أن الحقيقة تتمركز حول مراكز القوة والسلطة، وليس من المهم في هذه الحالة البحث عن مصدر الحقيقة التي تستمد منها الدولة المتسلطة فلسفتها وسياستها. إذ أنها مقصورة على فئة محدودة من الناس، ولا يحق لأي فرد من الأفراد أن يتخذ إليها سبيلاً، لأن من أهداف الدولة المتسلطة الحفاظ على وحدة الفكر والعمل حسب اجتهادات السلطة، لإبقاء الجماهير في حالة من العوز والقهر حسبما تشاء.
بـ - أسس نظرية السلطة المطلقة: مذهب الحق الإلهي: وهو مذهب أعتمد من قبل الأباطرة في الحكم و توارثه النبلاء للاحتفاظ بأوضاعهم ومراكزهم وامتيازاتهم في السياسة والحكم وترجع هذه النظرية إلى أقدم عصور التاريخ.
وقد يرجع سيادة هذه الفلسفة أو النظرة إلى الإمبراطوريات الشرقية والغربية على حد سواء ما عدا بعض الاختلافات الجزئية الطفيفة التي تحدث بين كل حاكم وآخر في ممارسة التعسف على المجتمع. إذ لا ينكر أن بعضهم كان يؤمن بالحق والفضيلة وتبادل الرأي والمشورة، كما كان نقيضه يمارس الاستبداد والقسوة تحت تعبير أو فلسفة ظل الله وخليفته في الأرض، وقد كانت أوروبا تحت هذا الحكم خلال العصور الوسطى وتحول الشعب خلاله إلى عبيد أقنان خاضعين بصورة مطلقة لهذا الحاكم أو ذاك.
ج - الصحافة والسلطة المطلقة: لم تستطع الصحافة وأساليبها من تغيير شيء في نظرية السلطة المطلقة، بل إن سطوة هذه النظرية ازدادت وظلت تمارس تسلطاً جوهرياً على الصحافة وعلاقتها بالمجتمع ووظيفتها التي الإعلامية التي مارستها تحت سيطرة الحكم المطلق، ودأبت السلطة على تعزيز نظرية السلطة المطلقة للحفاظ على سلطانها المطلق وأخذت تحيط نفسها، بالعقلاء والحكماء وأصحاب الامتيازات الفكرية، القادرين على إدراك أهداف الدولة في السيطرة والاستقرار. وأخذت تمنحهم المناصب المرموقة في المجتمع ليعملون كمستشارين للحكام يحتكرون كل الحقائق الفكرية لأنفسهم ويسخروا فلسفاتهم وأفكارهم لخدمة الطبقة المسيطرة على جهاز الدولة، التي تعطيهم حق مخاطبة الشعب وأن يكونوا ألسنة للحكام تتصل بالجماهير عن طريق وسائل الاتصال الجماهيرية المتاحة، ومنها الصحافة المطبوعة التي حظروا عليها كل الآراء التي توقظ الشعب من سباته العميق، للإبقاء على الأوضاع القائمة.
وقد ارتبطت هذه النظرية في العصر الحديث ارتباطاً وثيقاً بأنظمة الحكم الشيوعية والفاشية والنازية، كالنظام الهتلري في ألمانيا النازية، ونظام موسوليني الفاشي في إيطاليا والنظم الفاشية في إسبانيا والبرتغال. حيث سيطرت الدولة المستبدة سيطرة تامة على أجهزة ووسائل الإعلام الجماهيرية وفرضت عليها تعبئة الشعب تعبئة عدوانية خدمة للأهداف التوسعية التي رسمتها لنفسها وتسببت في قيام الحرب العالمية الثانية التي أزهقت ملايين الأرواح البريئة لبني البشر.
د - الرقابة وسيطرة الأجهزة المسؤولة على الصحافة: تعتبر الرقابة من الركائز الهامة في نظرية السلطة المطلقة. ويمكن أن نرجع تاريخها إلى الرقابة الدينية في العصور الوسطى بأوروبا عندما كانت الكنيسة الرومانية في أوج قوتها. وكانت مصدر التفويض الإلهي. واستطاعت الكنيسة أن تسيطر في بلاد كثيرة، على الرأي العام وعلى حرية التعبير لعدة قرون. وسيطرت الكنيسة واستفادت من اختراع الطباعة إلى أن قامت الحكومات بالسيطرة على الوسيلة الإعلامية الجديدة. وكانت السيطرة عن طريق إصدار التراخيص للطابعين والناشرين ومن ثم تحكمت الحكومات على من مارس هذه المهنة بشكل عام. وقد كان الترخيص آنذاك يعتبر امتيازاً يلزم الناشر بطبع وتوزيع ما يرغبه الحاكم. غير أن هذا الأسلوب لم يجد نفعاً، مما أدى إلى فرض الرقابة المسبقة وفحص جميع الأصول المخطوطة من قبل ممثلي الحكومة قبل الطبع والنشر لإصدار الترخيص بالطبع، بقصد السيطرة على ما تنشره الصحف ودور النشر بشكل محكم.
وأخضعت الحكومات الاستبدادية دائرة الاتصال بالجماهير لقيود وعقبات ومعوقات كثيرة جعلت الطريق مفتوحاً أمام الدولة فقط، وأغلقته في وجه الأفراد لاغية بذلك أي نوع من أنواع حرية الإعلام. بحجة تحقيق أمن وسلامة الدولة. وبهذه الذريعة ألغت كل الحريات، وهو ما استقت منه الفلسفات الفاشية والعنصرية كل المبررات لإهدار حقوق الإنسان.
هـ - التاريخ الطويل للإيديولوجية السياسية لنظرية السلطة المطلقة: رأى أفلاطون أن تقسيم السلطة بالتساوي داخل الدولة يعتبر بداية تفكك وانهيار الدولة. وكانت حجة أفلاطون في ذلك أنه مادام الإنسان يتحكم بغرائزه وشهواته عن طريق العقل، فإنه على الحكام في الدولة بالمقابل أن يمنعوا المصالح المادية والعواطف الأنانية للجماهير من أن تسيطر على المجتمع.
وأكد أكثر فلاسفة العصور اللاحقة على قوة السلطة كميكافيلي الذي دعى إلى إخضاع كل شيء لأمن الدولة. وبرروا الأعمال اللا أخلاقية التي يمارسها القادة السياسيون والرقابة الصارمة على الحوار والمناقشة وعلى نشر المعلومات في المجتمع. معتبرين أن لها ما يبررها مادامت تخدم مصالح الدولة وسلطة الحاكم، أي أن الغاية تبرر كل وسيلة.
أما جورج هيجل الذي لقب بأبو الفاشية الحديثة والشيوعية الحديثة، فقد أعطى فلسفة السلطة المطلقة لمساتها النهائية حين قال: الدولة هي: روح الأخلاق وهي الإرادة وهي العقل. والدولة كحكم أو سلطة تعتبر هدفاً في حد ذاته وبالتالي فهي تتمتع بأكبر قدر من الحقوق التي هي فوق المواطنين الأفراد.
وهكذا فرضت نظرية السلطة المطلقة وجوهاً فكرية صارمة، تنبع من الإسهام الفكري للحكماء شريطة أن تخدم نظرياتهم المجتمع، الذي تسهر عليه الدولة بالرعاية والإرشاد واليقظة والرقابة. وهو ما صاغه الفلاسفة الأقدمون أمثال: سقراط وأفلاطون وأرسطو من نظريات فلسفية تخدم السلطة الاستبدادية، بدليل أن أفلاطون خلع صفة المثالية على الشكل الارستقراطي للدولة معتقداً أن طبيعة الإنسان واهتماماته المادية وعواطفه الأنانية تتسبب في تدهور الحكم من الارستقراطية إلى الديمقراطية، أي إلى التفتت والانحلال. واعتبر أن الدولة لا تجد الأمان إلا في أيدي الحكماء من رجالها، ورجال القانون من أنصارها، أصحاب المثل الأخلاقية العليا الني يتم فرضها على كل عناصر المجتمع، ليظلوا على الطريق القويم الذي رسموه لهم. معتبراً أن هذه الصفوة من البشر تجعل العقل يسيطر على عواطف القلب وغرائز الجسم.
4/2- نظرية الصحافة الحرة: سميت هذه النظرية بنظرية الصحافة الحرة كونها تؤمن بالفرد أساساً لها، وتعتبر أن الفرد يولد وهو مزود بحقوق طبيعية، وتؤمن وتفترض أن الفرد كائن عقلاني وأخلاقي وأن أخلاقيته تحدد له ما يجب المحافظة عليه دون قانون، أي تمتعه بالحرية المطلقة في حياته، وآرائه، والدعوة إلى العيش الكريم دون أي تدخل من السلطة. ويرى أصحاب هذه النظرية أن الفرد أسمى من الحكومة، ومن الدولة. وأن الدولة هي وسيلة فقط، أو واسطة يمارس من خلالها الفرد نشاطه، وحين تقف الدولة في وجهه فعليه محاربة تلك القوة التي تمنع تحقيق أهدافه التي يرغب الوصول إليها.
وقد ولدت هذه النظرية من رحم نظرية السلطة المطلقة، والاستبداد العبودي للإنسان متمثلة بسلطة: طبقة الحكام؛ وطبقة النبلاء؛ وطبقة الإقطاع؛ وسلطة الكنيسة. التي عانت منها الشرائح الاجتماعية على اختلاف أنواعها بالاضطهاد السياسي والاقتصادي والنفسي وحتى الديني، وكان الظلم المتمثل بنظام الأقنان من أقسى أنواع الظلم البشري، ولذلك فقد تمتع النظام الحر أو الليبرالي في بعض التسميات، بمسحة سحرية تمتع بها الفرد ومن ثم المجتمع بالديمقراطية الليبرالية والتقدم بمعايير ذلك الزمن.
آ - مبادئ النظرية الحرة: تعتمد نظرية الصحافة الحرة على مبدأين أساسيين هما: 1- مبدأ الفردية. 2- مبدأ المنافسة.
ويرتبط هذان المبدآن ارتباطاً وثيقاً بالنظريات الاقتصادية والسياسية. ويعتبران مبدأ الفردية أو الحرية الفردية من المبادئ الواضحة في مفهوم النظرية الحرة ويرتكز أساساً على حرية النشاط الفردي في المجالات الاقتصادية والسياسية، كرد فعل لما ظل سائداً لقرون طويلة من اضطهاد للفرد من قبل الإقطاع. حيث ناضل الرواد الأوائل لهذه النظرية من أجل أن تظل الحكومات بمنأى عن التدخل في شؤون الأفراد ونشاطاتهم الاقتصادية والفكرية. وفي شؤون وسائل الاتصال والإعلام أيضاً.
بـ - إيديولوجية نظرية الصحافة الحرة: كان ظهور نظرية الصحافة الحرة نتيجة للتطورات الفكرية والأحداث السياسية والاجتماعية التي مر بها المجتمع الأوروبي. ومن أهم تلك الأحداث في التاريخ الأوروبي الحديث اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789 التي أعلنت حقوق الإنسان وطرحت مبادئ كان لها تأثير كبير في التاريخ الإنساني. سمحت للفرد بالتحرر ومزاولة نشاطاته الاقتصادية والفكرية دون أي نوع من التدخل من جانب الدولة. واعتبرت الدولة مسؤولة عن وظائف محددة هي: 1- المحافظة على القضاء والأمن في الداخل. 2- الدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء خارجي. 3- احترام حقوق المواطن في التفكير والعمل الاقتصادي والاجتماعي والفكري والسياسي.
ورأت نظرية الحرية المرتكزة على الإيمان المطلق بالإنسان، على عكس نظرية السلطة المطلقة التي تنظر إلى الإنسان على أنه جزء من المجتمع تنحصر قيمته وفقاً لفهم السلطة. أن سعادة الفرد هي الغاية من وجود المجتمع، بينما رأى أنصار مذهب السلطة المطلقة أن سعادة المجتمع هي الغاية من وجود الفرد حتى وإن كانت تلك السعادة على حساب حياته الخاصة. وساعدت نظرية الحرية على ظهور الديمقراطيات الرأسمالية، ومن ثم ظهور الاحتكارات بأوسع معانيها.(71)
وحقق مفهوم نظرية الحرية انتصارات كبيرة على صعيد المجتمع وعلى صعيد الفرد فتوسع التعليم الذي لم يكن متيسراً كما هو معروف الآن قياساً بما تحقق بعد زوال العهد الإقطاعي الاستبدادي، ومنح حق الانتخاب لأكثر المواطنين ومنها حق الفرد في ممارسة نشاطاته الاجتماعية، والتنافس للحصول على أكبر قدر ممكن من الربح المادي، وزيادة الإنتاج مما حقق للمجتمعات الرفاهية والتقدم.
وظهر مفهوم الحرية بادئ الأمر في أوساط الطبقة الوسطى في المجتمع الأوروبي، مطالباً بالحرية، وضمان حقوق الأكثرية في المجتمع. وتجلى هذا الأمر بوضوح عندما تبنت الحركات السياسية مبدأ المناشدة بالحرية.
وكان لظهور الفيلسوف جون لوك أثر كبير على تطور نظرية الحرية، عندما قال: أن الشعب هو مصدر السلطات. وفسر هذا القول بأن الشعب يمكنه أن يسحب السلطة متى شعر بأن الحكومة لا تعمل لصالحه.
وجاء جون ملتون 1644م ليقول: أن الحقيقة لا تضمن لنفسها البقاء إلا إذا أتيحت لها الفرصة لأن تتقابل وجهاً لوجه مع غيرها من الحقائق في طرح كامل وبحرية تامة.
بينما رأى جون راسكين: أن كل إنسان يسعى لتنوير الآخرين لا إلى تضليلهم، ومن حقه أن ينشر كل ما يدور بعقله وما يختلج ضميره سواء أكان في الموضوعات الحكومية أم في الموضوعات الخاصة.
أما جون ستيوارت فقال: أن من حق الفرد الناضج في المجتمع أن يفكر ويتصرف كما يشاء مادام لا يؤذي أحداً بتفكيره أو تصرفه. وما دام هذا التفكير والتصرف يؤديان إلى منفعة الآخرين.
وانتشرت هذه الطروحات الفلسفية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وكانت ترمي في الأساس ما يلي: 1- تطبيق الحرية بمعناها الواسع. 2- احترام الإنسانية وحفظ قيمة الفرد. 3- ضمان مستقبل الفرد. 4- تحقيق الرفاهية والسعادة للمجتمع. ولم تجد تلك المبادئ طريقها إلى التطبيق إلا في العقود الأخيرة من القرن العشرين، في ظل هيمنة الدول الصناعية المتقدمة وسيطرتها على الاقتصاد ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
د - الصحافة الحرة ووسائل الإعلام الجماهيرية: لكل نظرية من النظريات شكلها المعين ومفاهيمها المعينة التي تسيطر من خلالها على أساليب وأنماط الإعلام. وتنبع فلسفة الإعلام عادة من فلسفة الدولة، فالإعلام في نظرية السلطة المطلقة هو إعلام استبدادي شمولي، أي أن الدولة كما ذكرنا تحل محل الشعب عن طريق كتابها وألسنتها الناطقة باسمها، ولا تسمح إطلاقاً إلا بما يراعي مصالحها وتوجهاتها. إضافة لتفرضها رقابة قسرية على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
وقد أدى ظهور نظرية الحرية إلى صراع تمثل بين المفهوم الغربي للحرية، والمفهوم السوفييتي للحرية، إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بقيادة الإتحاد السوفييتي والاختلاف المطروح كان في أي المفهومين أصدق أو أقرب أو أنفع للفرد والمجتمع؟ فكلا الجانبين يتهمان بعضهما باضطهاد الإنسان واستغلاله وكل منهما طرح أسلوبه وأفكاره وفلسفته بين الجماهير وروج لها بين الشعوب. وقد سخر الماركسيون من الحرية النظرية التي عرفها العالم الغربي عندما أعلن ستالين: "إنه لا معنى مطلقاً للحرية بالنسبة للمتعطل، ولا معنى للحرية بالنسبة للجائع فإن الحرية لا توجد إلا عندما يختفي الاستغلال والتسول والخوف أو يختفي شبح البطالة من المجتمع اختفاء تاماً ".(72)
وهذا كلام واضح لا يحتاج إلى تعليق. فالسخرية تبدو رافضة تماماً لهذه النظرية.بينما أعلن الغربيون أن صحافتهم تتمتع بالحرية المطلقة وأن الصحافة السوفييتية تنوء تحت وطأة السلطة، وأنها تخضع كل الخضوع للرقابة الحكومية أو رقابة الحزب الواحد. بينما أعلن السوفيت أن صحافتهم غير مأجورة كالصحافة الأمريكية التي اتهموها بأنها مأجورة، وأن الصحافة السوفييتية ليست خاضعة لسيطرة رأس المال والاحتكار كما هو الحال في الغرب. ووصفت الصحافة الأمريكية نفسها بأنها صحافة الخبر وأنها تساير في ذلك التطور الصحفي في البلاد المتقدمة، وأنها قادرة على نشر الأخبار بسرعة فائقة، وأنها أقدر من سواها على تسلية القارئ وإمتاعه وتزويده بالمعلومات النافعة.
بينما ردت الصحافة السوفييتية بقولها أن السبق الصحفي في الأخبار وتسلية القراء لا يعتبران جزءاً من الخدمة العامة التي تقدمها الصحافة الرشيدة للشعب. كون أن خبر التسلية والترفيه عن القراء كثيراً ما يكون منافياً للشرف الصحفي وفق المفهوم السوفييتي له.
وعلى العموم فإن الغرب يضع الحرية في المرتبة الأولى والمسؤولية في المرتبة الثانية بينما السوفييت قبل الانفتاح الغورباتشوفي كانوا يضعون المسؤولية أولاً والحرية بعد ذلك. وتغيرت الظروف والطروحات بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، ولاحت تباشير الانفتاح على المفهوم الغربي للحرية والديمقراطية في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للدول المستقلة التي قامت على أنقاض الإتحاد السوفييتي السابق، وأنقاض المنظومة الاشتراكية السابقة التي كان يقودها الإتحاد السوفييتي في أوروبا الشرقية.
4/3- النظرية الاشتراكية للصحافة : ظهر مفهوم النظرية الاشتراكية مع بداية عام 1830 واستمر في تطوره حتى عام 1948. وخلال هذه الفترة الطويلة التي دامت قرابة القرن من الزمن ظهر الكثير من المفاهيم والمذاهب الفلسفية والأفكار السياسية المكملة لمفهوم الاشتراكية. وكان أولها ما ظهر في فرنسا إبان الثورة الفرنسية التي اعتمدت على المنشورات والمطبوعات في نشر أفكارها.
ولأول مرة ظهر مصطلح الاشتراكية بمعناه السياسي الحديث الدال على نظام اجتماعي واقتصادي في الصحافة عندما نشرت صحيفة (كلوب) عام 1832 مقالة عنها بقلم بيير ليرو أحد أتباع مدرسة سان سيمون الفلسفية. وأطلق تعبير الاشتراكية للتعبير عن الفلسفة الاجتماعية الإصلاحية التي آمن بها أتباع هذه المدرسة المؤمنة بالنظرة الإنسانية إلى الطبقات المعدمة. ولكن سرعان ما اتسع مدلول الاشتراكية بفضل فورييه، وبرودون، ولويس بلان، لتعبر عن التطلع إلى نوع جديد من النظم الاجتماعية.
آ - التيارات الاشتراكية: تبلورت في أوروبا ثلاثة تيارات اشتراكية، وهي تيارات تمثل خلاصة للصراع الإنساني ضد الاحتكار الرأسمالي وفق المفهوم الاشتراكي، وهي:
1- الاشتراكية الإنتاجية: التي تتبنى مشاريع تنمية الثروة القومية وإطلاق طاقات رأس المال في المشروعات الإقليمية والعالمية. داعية الناس القادرين على الإنتاج والبذل وفق مفهوم الكل منتج دون تدخل من الدولة، تاركين الأمر للتجار والصناعيين والمثقفين والعلماء والفنيين لتحقيق الكفاية، وتزعم هذه المدرسة الفيلسوف سان سيمون وأتباعه.
2- الاشتراكية التعاونية: وتزعم هذا الاتجاه في إنكلترا الفيلسوف ورجل الصناعة روبيرت أوين، وفي فرنسا شارل فورييه، واعتبر أوين أن حل المشكلة يتوقف على خلق النموذج الاشتراكي الإنساني الذي سوف يجذب أصحاب النوايا الطيبة من الأغنياء ورجال المال والصناعة. وأعطى المثال بنفسه عندما أقام مستعمرة اشتراكية على أساس المساواة المطلقة والمشاركة في الجهود والأرباح، وانتفاء الأسلوب الرأسمالي الاستغلالي في التعامل.
3- الاشتراكية العلمية: التي صاغ نظريتها الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية كارل ماركس، بعد استيعابه الفلسفة الجدلية لهيجل، ومذهب الاقتصاد الحر لآدم سميث، والدراسات الفلسفية الاجتماعية لسان سيمون وتلاميذه.
بـ - دعائم النظرية الاشتراكية للصحافة: تقوم النظرية الاشتراكية للصحافة والإعلام على دعائم أساسية هي: 1- ملكية الشعب لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. 2-ربط مؤسسات ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالمجتمع الاشتراكي ربطاً وثيقاً، وتحديد دور إيجابي يلتزم به جميع العاملين في الميدان الإعلامي.
وبهذا الوضع وانطلاقاً من هذه الأفكار فإن الصحافة التي تؤمن بهذه الفلسفة هي صحافة واقعية لا عناية لها إلا بالموضوع أو الموضوعية الأكاديمية، لذلك فهي تؤمن بالواقع الملموس من المكاسب التي تحصل عليها الطبقة الكادحة. وتضع المسؤولية العامة اتجاه الطبقة أولاً والحرية ثانياً.
وعلى هذا الأساس أصبح للحرية الصحفية في النظام الاشتراكي معنى مخالفاً تماماً لمعناها في النظام الرأسمالي، ووفقاً لمصالح الطبقة الكادحة(73) فإن النظام الإعلامي الاشتراكي يؤمن بما يلي: 1- حرية القول. 2- حرية الاجتماع بما في ذلك الاجتماعات الشعبية. 3- حرية التجمع أو المواكبة أو التظاهرات لتحقيق غرض معين.
ولم يعد بالإمكان التحدث عن نظرية إعلامية اشتراكية سوفيتية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، وتفكك الجمهوريات السوفييتية إلى جمهوريات مستقلة ذات سيادة واستقلال وطني، وتحول أغلبية دول المنومة الاشتراكية إلى أنظمة ديمقراطية لها أساليبها السياسية والإعلامية الخاصة بها وعلاقاتها الدولية المبنية على مفاهيم جديدة. بل أن بعض هذه الجمهوريات الجديدة أخذت تعمل على تكييف نظرية الإعلام الحر لممارساتها الإعلامية الفعلية.
4/4 - نظرية المسؤولية الاجتماعية: ولدت نظرية المسؤولية الاجتماعية نتيجة للمعاناة من النظريات التي سبقتها. وبتأثير من نتائج الحرب العالمية الثانية. وقد وجد المفكرون في المبادئ والوظائف والصيغ الجديدة انعكاساً للنظرية الليبرالية.
وأعتبر القرن العشرين الميدان التطبيقي لأفكار هذه النظرية في المجتمع والدولة، وكان أمثل تطبيق لأفكار هذه النظرية في الولايات المتحدة الأمريكية التي طبقت فيها ومن ثم أخذت بالانتشار في بقية أنحاء العالم.
وتوجهت أفكار ومبادئ هذه النظرية بالنقد لأفكار النظرية الليبرالية (نظرية الحرية). ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها هذه النظرية: 1- إعطاء الحقيقة للفرد ولا يحق التستر عليها ولا يجوز تزويد الفرد بمعلومات كاذبة أو ناقصة. 2- ممارسة النقد البنّاء والقبول بأي فكرة أو طرح جديد من قبل الفرد وتقبل مناقشة ذلك الفرد، لتصحيح الخطأ إن وجد بأسلوب ديمقراطي بناء هادف وهادئ. 3- نشر أهداف المجتمع وخططه التربوية والتعليمية والاقتصادية. فالإعلام يهدف إلى خدمة المجتمع ويبشره بالرفاهية، واحترام حقوق الفرد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. 4- إتاحة الفرصة للفرد للحصول على المعلومة التي يستفيد منها أو يريد أن يتعلمها أو يضيفها إلى حصيلة مستواه الثقافي والسياسي من خلال فكر الدولة أو فكره الشخصي.
وتتلخص الوظائف العامة لنظرية المسؤولية الاجتماعية بالتالي: 1- خدمة النظام السياسي المتفق عليه من قبل الأغلبية. 2- إعلام الرأي العام وإعلاء ممارسة حكم الشعب لنفسه. 3- حماية حقوق الأفراد في المجتمع، وحقوق الدولة لخدمة المجتمع باحترام النظام العام، واحترام حركة الإعلام. 4- خدمة النظام من خلال إبراز الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. 5- تقديم البرامج المتوازنة الخاصة بالتسلية والترفيه للفرد من خلال ذلك القسط من الحرية الممنوح من الدولة وبما يحقق راحة الجميع. 6- التركيز على مبدأ تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ووجهت هذه النظرية بعض أوجه النقد للنظرية الليبرالية (نظرية الحرية) وتمثل هذا النقد في: 1- أن الصحافة لم تؤد دورها الصحيح في عرض وجهات النظر المختلفة للأفكار المطروحة في المجتمع. بينما تؤمن نظرية المسؤولية الاجتماعية بضرورة إعطاء الحقيقة ووجهات النظر المختلفة كلها دون مراوغة أو تضليل الفرد وإنما منحه حقيقة الفكر المطروح من خلال الوسائل الإعلامية الجماهيرية. 2- وأن نظرية الحرية الليبرالية تهدف إلى إثارة الأحاسيس والمشاعر في المجتمع. ولذلك فإنها لا تعطي الحقيقة كلها بل تجزئها وأحياناً تحرفها، بشكل يؤدي إلى خداع المجتمع في النهاية، وقد يساند الفرد ممارسات تلك الدولة أو تلك دون أن يعرف توجهها الصحيح، ولكنه يكتشف بعد فوات الأوان أنه كان مخدوعاً. بينما تخالف نظرية المسؤولية الاجتماعية هذا الرأي وتؤكد على ضرورة ممارسة حرية إعلام المواطن بالخبر والأحداث ومنحه حق منافسة الدولة والآخرين بشكل يؤدي إلى العمل والتعاون والتقدم.
وتتحمل الصحافة ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الأخرى قدراً من المسؤولية في ممارسة البناء والنمو الاجتماعي على أساس الالتزام بحقوق الآخرين. فالحرية تنطوي على قدر كبير من المسؤولية الاجتماعية ولذلك فإن الحرية ليست حقاً طبيعياً يعطى دون مقابل، بل حقاً مشروطاً بمسؤوليات يمارسها الإنسان اتجاه نفسه واتجاه المجتمع.
ولا يحق لأحد الاعتداء على حريات الآخرين. أي أن الحكومة والشعب يعطيان للصحافة حقها في حرية التعبير، ولكن في نفس الوقت يمكن أن يفقد هذا الحق فيما لو أسيء استعماله ولا يمكن عزل المجتمع والصحافة والدولة عن بعضهم البعض
والتمتع بالحقيقة وحرية الرأي أمر ضروري للأطراف الثلاثة الدولة والمجتمع ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية لأن الغاية واضحة للجميع. وتبدأ عملية تفكير الفرد فور تسلمه للخبر ليناقشه مع نفسه أولاً ومن ثم مع السياسة المعلنة للدولة ووسيلة الاتصال والإعلام الجماهيرية المنتمية لتلك الدولة مخالفة أم مؤيدة لرأي وفكر الدولة.
وبذلك يصبح الفرد متمتعاً بالحرية والحقيقية والقدرة على التعبير عن رأيه وأفكاره ومفاهيمه ومواقفه. إلا أن هذا لا ينفي وجود الرقابة الموضوعية على النشر. إذ أن الرقابة موجودة ولا تسمح بنشر أي شيء يتعارض وتوجه وخدمة الجماهير العريضة، ولا يهم الرقابة الآراء المتعلقة بالأفراد كأفراد، لأنها تضع مصلحة المجتمع فوق كل المصالح، وتحترم المصلحة الجماعية لذلك المجتمع.
4/5 - نظرية المسؤولية العالمية للصحافة: تهدف نظرية المسؤولية العالمية، إلى: 1- ربط أجهزة الاتصال والإعلام والعاملين فيها بقضية الإنسان في كل مكان. 2- رفع مسؤولية الإعلام إلى مستوى القضايا العالمية التي تحتاج إلى كلمة الحق المنزهة عن الهوى، وإلى الموضوعية التي تفتقر لها أجهزة الاتصال والإعلام في المجتمعات المختلفة. 3- تحقيق المساهمة الإيجابية لأجهزة الاتصال والإعلام في معركة الوجود الإنساني نفسه. 4- نبذ ومحاربة التهديدات الإنسانية المصيرية والمتمثلة في الحرب النووية والاحتكارات والمصالح الدولية.
وأهداف وغايات هذه النظرية بالأساس تنبثق من مفهوم خدمة المجتمع الإنساني ككل. وهذه النظرية تعتبر امتداداً للنظريات الإعلامية السابقة ولكنها قد تكون أكثرها شمولاً كونها تنطلق من وإلى المجتمع الإنساني الأشمل. دون تحديد لجنس هذا المجتمع لأنها ترفض الأفكار العنصرية والعرقية والدينية وتعمل على خدمة الإنسان من كل جوانب حياته، وتؤمن بتوفير الحرية الكاملة والكافية التي تمكن الإنسان من إبداء رأيه وأفكاره، من خلال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المتاحة. وتتلخص فلسفة هذه النظرية بالعبارة التالية: (حب الإنسان للإنسان)....
ومهما تكن الاختلافات بين الإنسان والإنسان الآخر فإن شعار هذه النظرية يؤكد على التآخي ودعوتها الصريحة تتسم بالبساطة والوضوح. فقد استندت إلى حقيقة موضوعية في ارتباط الإنسان بالإنسان الآخر من حيث الحضارة والمصالح والتاريخ والجغرافية والديانات وكل ذلك يستدعي من الإنسان أن يحب أخيه الإنسان الآخر في العالم الإنساني الواسع الفسيح الأرجاء. وقد تختلف أو لا تختلف الغاية من الأهداف التي تتضمنها هذه النظرية. إلا أن الغاية الأساسية تركز على تكييف طبيعة الصراع الإنساني لتحقيق الغاية الأسمى. غير أن هذه النظرية لا يمكن تحقيقها ما لم يظهر من بين دعاتها أفراداً مخلصون لمبادئ الإنسانية عموماً.
والذاتية كنزعة إنسانية فردية تقود بعض المنظرين والسياسيين المتزعمين لحركة المجتمع أو المتزعمين لحركته الفلسفية والفكرية إلى ضيق الأفق. فالإخلاص هنا يركز على مبادئ الإنسانية جمعاء، وليس على المبادئ الذاتية التي تضلل الناس المتطلعين إلى السلام والحرية. ومحاربة كل وسائل الإعلام الرأسمالية التي تعمل على استلاب حياة الناس واستلاب رغيف الخبز الذي يعيشون عليه.
وتعتبر أن الإنسان المتطلع إلى مبادئ المسؤولية العالمية بحق، هو ذلك الإنسان المنادي بالحرية الحقيقية وبمفهومها الحقيقي، ومعناها المناهض للوسائل المتخلفة التي تعمل على تفكيك وتجزئة شعوب العالم من خلال النزاعات الدينية والتوسعية والعبودية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. والتي في النهاية تحطم الإنسان في كل مكان. لذلك ومع توسع الثورة الإعلامية والتكنولوجية وخضوع أجهزة الاتصال والإعلام للاحتكارات أو الفئات الحاكمة والسير في ركابها وعدم ارتباطها بالمجتمع وتسخير قدراتها لخدمة قضاياه.
ويحتاج تطبيق هذه النظرية العالمية لأولئك الرجال الذين يستطيعون تخطي الحواجز الإقليمية والارتفاع فوق الصراعات والمصالح الشخصية والقطاعية والإقليمية والنظرة إلى الإنسان كإنسان في كل مكان. وقد وجدت محاولات فردية كالمحاولة التي قام بها الفيلسوف البريطاني برتراند راسل، وعارض فيها الحرب الفيتنامية، وجهود بعض الكتاب الأحرار في مقاومة التفرقة العنصرية.
ولكن هذا الذي يحدث هنا وهناك لم تواتيه القوة المؤثرة ولا زالت تلك النظرية بعيدة عن الرواج أو التأثير. كما ونجد أن الكثير من المحاولات العالمية الإعلامية والسياسية لمناصرة حقوق الشعوب المضطهدة وقضاياهم العادلة، وفضح المخططات التوسعية والعنصرية في العالم، دون المستوى المطلوب. ونرى أن الأمم المتحدة معنية في إعادة النظر في جميع الممارسات الإعلامية المستندة على مبدأ حق امتلاك التكنولوجيا، الذي يعني حق احتكار المعلومات والأخبار. فالقضايا الإنسانية وحقوق الشعوب المهضومة جميعها تمثل جوهر عملية الاتصال والإعلام الإنساني الموالي للحب والسلام والوئام بين شعوب العالم على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المنافع والمصالح الإنسانية.(74)
الهوامش
(1) - د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص ص 365 - 366.
- William L: Rivers and Wilbur Schramm, Responsibility Mass Communication. New York, Harper & Row, 1969. p. 6
(2) - W. Schramm: One Day In the Wold's Press. pp. 3 - 6.
- Harry Goldstein: " Reading and Listening Comprehension at Various Controlled Rates " (N.Y.: Teachers College, Columbia University Bureau of Publications, 1940).
(3) - P. Lazarsfeld: Radio and the printed Page. ( N.Y.: Duell Sloan and Pearce, 1940 ).
- Lazarsfeld et al: The People's Choice, McGhee, New strategies for Research in the Mass Media.( N.Y.: Bureau of Applied Social Research, Columbia University 1953 ).
- Leo Bogart: the Age of Television. ( N.Y.: Frederick Unger, 1956 ).
((4 - رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984، ص81.
(5) - نفس المصدر السابق. ص ص 81 - 85.
(6) - د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص ص 368 - 369. و
- H. Blumer: Movies and Conduct. ( N.Y.: the Macmillan Company 1933);
- W. Charters: Motion Pictures and Youth. (N. Y.: Macmillan 1933);
- Doob, Propaganda: Its Psychology and Technique. (N.Y.: Henry, Holt and Company 1935)
((7 د. جهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 355.
(8) Schramm: " Communication Development and the Development Process," in Lucian Pye (ed) Communication and Political Development. (N. J.: Princeton University Press 1963).
((9 د. جهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص ص 356 -357.
- Alan Hancock: Mass Communication (London, Longmans, 1966) pp. 1-4.
((10 جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. صحيفة الدستور الأردنية 1/7/1997.
(11) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990، ص18.
(12) W. Phillips Davison: International Political Communication. New York. Fredrick A. Paeger. 1965, pp. 3-10.
((13 إيهاب السوقي: الأبعاد الاقتصادية للتقدم التكنولوجي على أداء التجارة الخارجية. مجلة السياسة الدولية، العدد 129، مؤسسة الأهرام ، القاهرة يوليو 1997. ص 213.
(14) كريم حجاج: حرب المعلومات وتطور المذهب العسكري الأمريكي. مجلة السياسة الدولية، العدد 123، مؤسسة الأهرام، القاهرة يناير 1996. ص 122. و
- Peter Drucker: The New Realities: In Government and Politics, In Economics and Business, In Society and World View (New York: Harper & Row Publishers, 1989), Scott Lash., John Urry. The End of Organized Capitalism (Cambridge: Polity Press, 1993).
(15) Colin Cherry: World Communication, Threat or Promise. A sociotechnical App-roach, London, Wiley-Interscience. 1971. pp.57-102.
- د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، 1990، ص 31.
(16) Bogdan Osolnik: Some Problems Concerning International Communication from the View Point of Implementing the Principles of the Charter of the U.N. and the Declaration of Human Rights, Symposium Ljubljana 1968, Mass Media and International Understanding. School of Sociology, Political Scince and Journalism. Ljubljana. 1968, pp. 7-15.
((17 د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990، ص 35.
(18) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص ص 35 - 36.
(19) حقائق أساسية عن الأمم المتحدة 1972 - ص ص. 140-146.
(20) القاموس الدبلوماسي في ثلاثة أجزاء، الطبعة الرابعة، ناووكا موسكو 1986. (باللغة الروسية)
(21) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990،ص 41.
- Dinker Rao: Mankekar, Mass Media and International Understanding as a Newly - Emerged. Underdeveloped Country Looks at the Problem. Symposium Ljubljana 1968, op. cit. pp. 235 - 239.
- Theodore E: Kruglak. The international News Agencies and the Reduction of International Tensions. Symposium Ljubljana 1968. op. cit., pp. 240-244.
- Khalil Sabat: Role de La Veracite del' Information Dans La Compréhension Internationale. Symposium Ljubljana 1968. op. cit., pp. 245-252.
(22) Oton Pancer: Le Roie de la Langue International Dans La Communication Publique et Dans La Compréhension Internationale. Symposium Ljubljana 1968, op. cit., pp. 337 - 339.
(23 د.محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990، ص 43.
(24) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأ نجلو المصرية، القاهرة 1990، ص ص 50 - 53.
(25) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990.
- Wilbur Schamm: Mass Media and National Development, The Role of Information in the Developing Countries Stanford University Press, 1966.
- Mohamed Habiboullah Ould Abdou: L'information en Mauritanie, Thèse de Doctorat de 3e. Cycle. Université de Paris 2, 1975.
-Mohamed Ali Khandan: Sima, Information et Politique Pétrolière. Thèse de Doctorat de Spécialité en Science de L'Information, Université de Paris 2, 1973-1974.
((26 د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 573.
(27) د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 373.
- Marshall McLuhan, Quentin Fiore: The Medium is the Massage: An Inventory of Effect (N. Y. Bantam Books 1967) pp. 26-40.
((28 د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص ص 61- 63.
- Theodore E. Kruglak: The International News Agencies and the Reduction of International Tensions, Symposium Ljubljana, 1968. op. cit., pp. 240-244.
((29 جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. صحيفة الدستور الأردنية، عدد 1/7/1997.
(30) رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص ص631-658.
- د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 65-70.
(31) Carol H. Wese: What America's Leaders Read. Public Opinion Quarterly, Voi. XXXVIII. No. 1. Spring 1974, pp. 1-22.
(32) Sean MacBride and Others: One World: Many Voices More Efficient World Inform-Just and Towards a New More ation and Communication Order, Paris: Unesco, 1980, p. 34.
((33 د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 72.
(34) Paul A. V. Ansah: International News: Mutual Responsibilities of Developed and Developing Nations in World Communication. Edited by Gerbner & Siefert, N. y., Longman inc, 1984, pp. 83-85.
(35)- Hamid Mowlana: International Flow of Information: a Global Report and Analysis, Paris: Unesco, 1985, pp. 21-23.
- Ithiel de Sola Pool: The Changing Flow of Television, Journal of Communication, Spring 1977.
(36) C. Anthony Giffard: The Inter-Press Service: New Information for a New Order, Journalism Quarterly, Spring 1985. pp. 17-18.
((37 د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، الـتأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. السياسة الدولية العدد 123، مؤسسة الأهرام، القاهرة يناير 1996.
- د. عارف رشاد: التعامل مع انترنيت: العالم رهن إشارتك. مجلة عالم الكمبيوتر العدد 86، السنة الثامنة، فبراير 1995. ص ص 18-22. والعدد 87، مارس 1995. ص ص 18-23.
- د. عارف رشاد: انترنيت: نشأتها، تطورها، حجمها، وسبل الولوج إليها. مجلة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونيات العدد 7، المجلد 12، سبتمبر 1995. ص ص 26-74.
(38) د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال. التأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. مجلة السياسة الدولية العدد 123- يناير 1996. ص ص 102-116.
(39) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 84.
-International Information and Communication Order. Source Book, Prague: International Organization of Journalists, 1986.
(40) Ralph k. Whito: Propaganda, Morally Questionable and Morally Unquestionable Techniques, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971. pp. 26-35.
- Charles A. Siepmann: Propaganda Techniques, Voice of the people Readings in Public Opinion and Propaganda, Editod by Reo M. Christenson and Robert O. Mc Williams, 2nd Edition, New York, Mc Graw - Hill Book Company. 1967. pp. 331-339.
(41) Arthur Goodfriend: The Dilemma of Cultural Propaganda. " Let It Be ", The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Voi. 398, Nov. 1971. pp. 104-112.
(42)- LE PETIT LAROUSSE: Dictionnaire encyclopédique. Larousse, Paris 1993. p. 1124.
(43) Geoffrey Reeves: Communications and the Third World, London, Rout ledge, 1993,p.1.
((44 د. الفت حسن أغا: النظام الإعلامي الأوروبي في عالم متغير. مجلة السياسة الدولية، العدد 109، يوليو 1993. ص 318.
(45)- نفس المرجع السابق.
(46) Josiane Jouet & Sylvie: New Communication Technologies: Research Trends, Reports and Papers on Mass Communication, No. 105, Unisco, Paris, 1991, pp. 27-39.
((47 د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، التأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. مجلة السياسة الدولية، العدد 123، يناير 1996. ص 105.
(48) Harold Beeley: The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398 Nov. 1971, pp. 125-127.
(49) John Martin: Effectiveness of International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971, p. 61.
- د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص ص 97-100.
(50) - نفس المصدر السابق. و
- Joseph T. Klapper: The Effects of Mass Communication. New York, Free Press, 1960, pp. 108-109.
((51 ليستريبرسون: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، القاهرة، دار المعارف بمصر 1971. ص 35 وما بعدها.
- د. جبار عودة العبيدي، هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص ص 7-13.
(52) محمد عاطف غيث: التنمية الشاملة والتغير الاجتماعي. مطبعة كريدية. بيروت 1974.
- سها سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها. معهد الإنماء العربي. بيروت 1978.
(53) Carlo Mongardini: A new definition of the concept of development. The New International Economic order Vienna 1980. p. 41.
((54 حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى ندوة خبراء السياسات الإعلامية والوطنية. بنغازي 25-28 نيسان/ أبريل 1983. ص 105.
(55) د. جبار عودة العبيدي، هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص 8.
(56) التقرير الختامي لندوة خبراء " إستراتيجية تنميـة القـوى العاملـة العـربية في بغداد "
4-6 تشرين أول/أكتوبر 1982. مجلة العمل العربي العدد 25/1982. ص 105.
(57) د. كمال بلان، وسليمان الخطيب: المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي ومدلولاتها على التنمية. مجلة الإعلام العربي. العدد 2 المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليسكو). تونس 1982. ص 78.
(58) أوسكار لانجه: التخطيط والتنمية الاقتصادية. مركز الدراسات الاقتصادية. دمشق 1970. ص 9 وما بعدها.
(59) ليستريبرسن: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، دار المعارف بمصر، القاهرة 1971. ص 233.
(60) د. طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث. دار الطليعة. بيروت 1971. ص 74.
(61) محمد مصالحة: نحو مقترب علمي لحق الاتصال في الوطن العربي. مجلة شؤون عربية العدد 24 آذار/مارس 1983.
(62) إدوارد كوين: مقدمة إلى وسائل الاتصال. ترجمة وديع فلسطين، مطابع الأهرام، القاهرة 1977. ص 28.
(63) اليونسكو: التقرير الختامي للجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلان. باريس 1978. ص 21 وما بعدها.
(64) د. الإدريس العلمي: الإعلام الذي نريده: دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الإعلام والاتصال في الوطن العربي. 1983. ص 11.
(65) د. سهير بركات: الإعلام الإنمائي وإعداد البنية البشرية الإعلامية العربية. مجلة الإعلام العربي العدد 2، كانون أول/ديسمبر 1982. ص 82.
(66) ولبر شرام: وسائل الإعلام والتنمية القومية. ترجمة أديب يوسف. وزارة الثقافة، دمشق 1969.
(67)- د. عبد الوهاب مطر الداهري: دراسات في اقتصاديات الوطن العربي. معهد البحوث والدراسات العربية. بغداد 1983. ص 31 وما بعدها.
(68) نادي روما: من التحدي إلى الحوار. ج2، ترجمة عيسى عصفور. وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق 1980. ص 150.
(69) حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983. ص ص 9-10.
(70) جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972. ص 82.
(71)- انظر نص الإعلان في مجلة الإعلام العربي (الأليسكو) العدد 2 ديسمبر/كانون الأول 1982. ص 171 وما بعدها.
(72) د. جبار عودة العبيدي، و هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص 21-23.
(73) UNESCO: Final Report. Intergovernmental Conference on Communication in Latin American & the Caribbean. San Jose Costa July 1976. p. 23.
(74) د. جبار عودة العبيدي، وهادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص ص 29-31.
المراجع
باللغة العربية:
1. إدوارد كوين: مقدمة إلى وسائل الاتصال. ترجمة وديع فلسطين، مطابع الأهرام، القاهرة 1977.
2. د. الإدريس العلمي: الإعلام الذي نريده: دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الإعلام والاتصال في الوطن العربي. 1983.
3. أوسكار لانجه: التخطيط والتنمية الاقتصادية. مركز الدراسات الاقتصادية. دمشق 1970.
4. إيهاب السوقي: الأبعاد الاقتصادية للتقدم التكنولوجي على أداء التجارة الخارجية. مجلة السياسة الدولية، العدد 129، مؤسسة الأهرام ، القاهرة يوليو 1997.
5. د. الفت حسن أغا: النظام الإعلامي الأوروبي في عالم متغير. مجلة السياسة الدولية، العدد 109، يوليو 1993.
6. التقرير الختامي لندوة خبراء " إستراتيجية تنميـة القـوى العاملـة العـربية في بغداد "4-6 تشرين أول/أكتوبر 1982. مجلة العمل العربي العدد 25/1982.
7. د. جبار عودة العبيدي، وهادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993.
8. جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. صحيفة الدستور الأردنية 1/7/1997.
9. د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978.
10. جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972.
11. حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983.
12. حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى ندوة خبراء السياسات الإعلامية والوطنية. بنغازي 25-28 نيسان/ أبريل 1983.
13. حقائق أساسية عن الأمم المتحدة 1972.
14. رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984.
15. سها سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها. معهد الإنماء العربي. بيروت 1978.
16. د. سهير بركات: الإعلام الإنمائي وإعداد البنية البشرية الإعلامية العربية. مجلة الإعلام العربي العدد 2، كانون أول/ديسمبر 1982.
17. د. طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث. دار الطليعة. بيروت 1971.
18. د. عارف رشاد: التعامل مع انترنيت: العالم رهن إشارتك. مجلة عالم الكمبيوتر العدد 86، السنة الثامنة، فبراير 1995. والعدد 87، مارس 1995.
19. د. عارف رشاد: انترنيت: نشأتها، تطورها، حجمها، وسبل الولوج إليها. مجلة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونيات العدد 7، المجلد 12، سبتمبر 1995.
20. د. عبد الوهاب مطر الداهري: دراسات في اقتصاديات الوطن العربي. معهد البحوث والدراسات العربية. بغداد 1983.
21. القاموس الدبلوماسي في ثلاثة أجزاء، الطبعة الرابعة، ناووكا موسكو 1986. (باللغة الروسية)
22. كريم حجاج: حرب المعلومات وتطور المذهب العسكري الأمريكي. مجلة السياسة الدولية، العدد 123، مؤسسة الأهرام، القاهرة يناير 1996.
23. د. كمال بلان، وسليمان الخطيب: المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي ومدلولاتها على التنمية. مجلة الإعلام العربي. العدد 2 المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليسكو). تونس 1982.
24. ليستريبرسن: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، دار المعارف بمصر، القاهرة 1971.
25. مجلة الإعلام العربي ( الأليسكو) العدد 2 ديسمبر/كانون الأول 1982.
26. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990.
27. محمد عاطف غيث: التنمية الشاملة والتغير الاجتماعي. مطبعة كريدية. بيروت 1974.
28. محمد مصالحة: نحو مقترب علمي لحق الاتصال في الوطن العربي. مجلة شؤون عربية العدد 24 آذار/مارس 1983.
29. د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، الـتأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. السياسة الدولية العدد 123، مؤسسة الأهرام، القاهرة يناير 1996.
30. نادي روما: من التحدي إلى الحوار. ج2، ترجمة عيسى عصفور. وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق 1980.
31. ولبر شرام: وسائل الإعلام والتنمية القومية. ترجمة أديب يوسف. وزارة الثقافة، دمشق 1969.
32. اليونسكو: التقرير الختامي للجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلان. باريس 1978.
باللغات الأجنبية:
33. Alan Hancock: Mass Communication (London, Longmans, 1966)
34. Arthur Goodfriend: The Dilemma of Cultural Propaganda. " Let It Be ", The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Voi. 398, Nov. 1971.
35. Bogdan Osolnik: Some Problems Concerning International Communication from the View Point of Implementing the Principles of the Charter of the U.N. and the Declaration of Human Rights, Symposium Ljubljana 1968, Mass Media and International Understanding. School of Sociology, Political Scince and Journalism. Ljubljana. 1968,
36. Carlo Mongardini: A new definition of the concept of development. The New International Economic order Vienna 1980.
37. Carol H. Wese: What America's Leaders Read. Public Opinion Quarterly, Voi. XXXVIII. No. 1. Spring 1974,
38. Colin Cherry: World Communication, Threat or Promise. A sociotechnical App-roach, London, Wiley-Interscience. 1971.
39. C. Anthony Giffard: The Inter-Press Service: New Information for a New Order, Journalism Quarterly, Spring 1985.
40. Charles A. Siepmann: Propaganda Techniques, Voice of the people Readings in Public Opinion and Propaganda, Edited by Reo M. Christenson and Robert O. Mc Williams, 2nd Edition, New York, Mc Graw - Hill Book Company. 1967.
41. Dinker Rao: Mankekar, Mass Media and International Understanding as a Newly .
42. Doob, Propaganda: Its Psychology and Technique. (N.Y.: Henry, Holt and Company 1935)
43. Emerged. Underdeveloped Country Looks at the Problem. Symposium Ljubljana 1968,
44. Geoffrey Reeves: Communications and the Third World, London, Rout ledge, 1993,
45. Hamid Mowlana: International Flow of Information: a Global Report and Analysis, Paris: Unesco, 1985,
46. Harold Beeley: The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398 Nov. 1971,
47. Harry Goldstein: " Reading and Listening Comprehension at Various Controlled Rates " ( N.Y.: Teachers College, Columbia University Bureau of Publications, 1940).
48. H. Blumer: Movies and Conduct. ( N.Y.: the Macmillan Company 1933);
49. International Information and Communication Order. Source Book, Prague: International Organization of Journalists, 1986.
50. Ithiel de Sola Pool: The Changing Flow of Television, Journal of Communication, Spring 1977.
51. Josiane Jouet & Sylvie: New Communication Technologies: Research Trends, Reports and Papers on Mass Communication, No. 105, Unisco, Paris, 1991,
52. John Martin: Effectiveness of International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971,
53. Joseph T. Klapper: The Effects of Mass Communication. New York, Free Presse, 1960,
54. Khalil Sabat: Role de La Veracite del' Information Dans La Compréhension Internationale. Symposium Ljubljana 1968.
55. LE PETIT LAROUSSE: Dictionnaires encyclopédique. Larousse, Paris 1993.
56. Lazarsfeld et al: The People's Choice, McGhee, New strategies for Research in the Mass Media.( N.Y.: Bureau of Applied Social Research, Columbia University 1953 ).
57. Leo Bogart: the Age of Television. ( N.Y.: Frederick Ungar, 1956 ).
58. Marshall McLuhan, Quentin Fiore: The Medium is the Massage: An Inventory of Effect (N. Y. Bantam Books 1967)
59. Mohamed Habiboullah Ould Abdou: L'information en Mauritanie, Thèse de Doctorat de 3e. Cycle. Université de Paris 2, 1975.
60. Mohamed Ali Khandan: Sima, Information et Politique Pétrolière. Thèse de Doctorat de Spécialité en Science de L'Information, Université de Paris 2, 1973-1974.
61. Oton Pancer: Le Roie de la Langue International Dans La Communication Publique et Dans La Compréhension Internationale. Symposium Ljubljana 1968,
62. Paul A. V. Ansah: International News: Mutual Responsibilities of Developed and Developing Nations in World Communication. Edited by Gerbner & Siefert, N. y., Longman inc, 1984,
63. P. Lazarsfeld: Radio and the printed Page. ( N.Y.: Duell Sloan and Pearce, 1940 ).
64. Peter Drucker: The New Realities: In Government and Politics, In Economics and Businesses, In Society and World View (New York: Harper & Row Publishers, 1989),
65. Ralph k. Whito: Propaganda, Morally Questionable and Morally Unquestionable Techniques, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
66. Scott Lash., John Urry. The End of Organized Capitalism (Cambridge: Polity Press, 1993).
67. Sean MacBride and Others: One World: Many Voices More Efficient World Inform-Just and Towards a New More ation and Communication Order, Paris: Unesco, 1980,
68. Schramm: "Communication Development and the Development Process," in Lucian Pye (ed) Communication and Political Development. (N. J.: Princeton University Press 1963).
69. Theodore E. Kruglak: The International News Agencies and the Reduction of International Tensions, Symposium Ljubljana, 1968.
70. UNESCO: Final Report. Intergovernmental Conference on Communication in Latin American & the Caribbean. San Jose Costa July 1976.
71. William L: Rivers and Wilbur Schramm, Responsibility Mass Communication. New York, Harper & Row, 1969.
72. W. Schramm: One Day In the Wold's Press.
73. W. Charters: Motion Pictures and Youth. (N. Y.: Macmillan 1933);
74. Wilbur Schamm: Mass Media and National Development, The Role of Information in the Developing Countries Stanford University Press, 1966.
75. W. Phillips Davison: International Political Communication. New York. Fredrick A. Paeger. 1965.
Kirish
Hozirgi kunda xalqaro axborot almashuvi mavzusi jahondagi eng dolzarb masalalardan biri bo'lib qolmoqda. Keng ko'lamda rivojlanayotgan elektron aloqa vositalari bu sohada yangidan yangi imkoniyatlar yaratib, axborot almashish jarayonining yanada mukammallashuviga sabab bo'lmoqda. Yaponiyalik olim Yuniji Masudining bashorat qilishicha, xx asr oxiriga borib, insonlarga o'zlarini qiziqtirgan ma'lumotlarni istagan vaqtlarida, zudlik bilan olish imkoniyatlarini berishi kerak edi.
Haqiqatdan ham yuqoridagi tahmin xalqaro kompyuter tizimi va sun'iy yo'ldosh telekanallari, teleks, faks va boshqa yangidan yangi aloqa vositalari orqali ro'yobga chiqmoqda. Ommaviy aloqa vositalari, xalqaro va milliy axborot agentliklari zamonaviy axborot uzatish vositalaridan xabarlarni tez va sifatli etkazib berishda, mamlakatlar va xalqlar orasida yangi muloqot vositalari sifatida unumli foydalanmoqdalar. Shuni ham alohida ta'kidlash kerakki, inson aynan ommaviy axborot vositalari yordamida yanada keng dunyoqarash, mukammal bilimlarga ega bo'lish sharafiga ega bo'lmoqda.
So'ngi o'ttiz yil mobaynida axborot almashuvi sohasidagi inqilobiy o'zgarishlar mamlakatlar hamda xalqaro tashkilotlar tomonidan bu yo'nalishga e'tibor kuchayishiga sabab bo'ldi.
Ilgari ham xalqaro axborot almashuvi sohasida rivojlangan va boy mamlakatlar bilan rivojlanayotgan va kambag'al davlatlar o'rtasidagi tengsizlikka barham berish, bu masalada adolatga erishish asosiy muammolardan biri bo'lgan. Hozirda xalqaro axborot almashuvi jarayoni, xalqaro kommunikasiyalar muammolarini o'rganish bilan chambarchas bog'liq bo'lib qoldi. Yangi xalqaro axborot almashuvi tizimini shakllantirishdagi asosiy masala rivojlangan davlatlar va rivojlanayotgan davlatlar orasida bu sohada tengsizlikka barham berish muammosidir.
Bu muammolarni o'rganish xalqaro jurnalistika va xalqaro axborot almashuvi sohalarini jadal rivojlanishiga sabab bo'luvchi omil bo'lib xizmat qiladi.
Universitetlarning xalqaro jurnalistika va xalqaro munosabatlar bo'limlari talabalarining shu muhim yo'nalish bo'yicha adabiyotga bo'lgan extiyojlarini qisman bo'lsada qondirish maqsadida mazkur qo'llanma yaratildi.
Qo'llanmaning birinchi bobida xalqaro jurnalistika yo'nalishi haqida so'z yuritilib, matbuot, radio, televideniening ushbu yo'nalishdagi ish faoliyati, vazifalari va muammolari haqida fikr bildiriladi. Xalqaro jurnalistika istiqbollari tog'risida gap boradi.
Ikkinchi bobda xalqaro munosabatlar va davlatlar tashqi siyosati doirasida xalqaro axborot almashuvi jarayoni, undagi muammolar va uning xalqaro miqyosda mamlakatlar ortasidagi yanada yaqinlashuv, hamjihatlikni ta'minlashdagi o'rni yoritiladi.
Uchinchi bobda xalqaro axborot oqimi, xalqaro axborot almashuvi hamda ularning hamkorlikni mustahkamlash va jamoatchilik fikrini shakllantirishdagi o'rni haqida hamda turli sohalarda xalqaro axborot almashuvi samaradorligi xususiyatlari ko'rib chiqiladi.
To'rtinchi bobda turli mamlakatlarda qabul qilingan jurnalistika nazariyalari haqida qisqacha ma'lumotlar beriladi.
Umid qilamanki, bu kamtarona ilmiy izlanishlar, tadqiqotchilar va talabalar faoliyatlarida kerakli maktab bo'lib xizmat qiladi.
Toshkent 28 iyul 1997 yil Doktor Muhammad Al Buxoriy
معهد طشقند العالي الحكومي للدراسات الشرقية
الدكتور محمد البخاري
مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي 2 من 2
طشقند - 1997
3/3- التبادل الإعلامي الدولي وتكوين وجهات النظر: تساهم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في خلق التصور وفهم أو سوء فهم أو عدم فهم الشعوب لبعضها البعض، وقد تكونت هذه الظاهرة، كنتيجة حتمية لانعدام التوازن في التدفق الإعلامي الدولي، ونتيجة للتشويه الناتج عن وصف الدول الأقل تطوراً، والدول النامية من خلال المواد التي تنشرها وتبثها مصادر الأنباء المسيطرة في العالم، بشكل سلبي يعطي صورة الاضطراب والفوضى والعنف والفساد والفشل عن تلك الدول.
وقد خلصت بعض الدراسات إلى أن قيام الأفراد ببناء وتقويم التصور الذهني لدى الشعوب، تماثل عملية قيامهم ببناء الصورة الذهنية الواقعية. وأن قيمة أحكامهم ترجع إلى خليط من العوامل الجغرافية والسياسية والعرقية أو إلى جوانب أخرى عن هذه الدول. ويميل القائمون بالاتصال في الدول الغربية عامة، إلى التأكيد على الصراعات والأحداث المشؤومة، مع التركيز على التأثيرات السلبية في تقويمهم للحكومات أو المجتمعات.
كما خلصت بعض الدراسات الميدانية إلى نتيجة مفادها، أن التعليم في كل بلد يظل العامل المستقل والمسيطر على عملية التنبؤ المعرفي، حتى وبعد إضافة عوامل التعرض لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. وأن الرجال أكثر ميلاً من النساء للتعرف على الخصائص الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالبلاد.
ويتأثر التصور الذهني لدى الإنسان، من خلال أخبار العالم التي يتعرض لها بأوجه القصور التالية: أن الأنباء الدولية تركز على الغرب أساساً، لأن مصادر الأنباء هي غربية بشكل عام. وأن التغطية الإخبارية للدول النامية يتم بطريقة سلبية واضحة. وأن الأنباء الدولية تميل للتعقيد بدلاً من أن تكون بسيطة للغاية.
ومما سبق كله نستطيع الخروج بخلاصة مفادها، أن التدفق الإعلامي الدولي يخدم ويؤكد أساساً تكوين التصور الذهني الإيجابي عن الغرب وحده. في نفس الوقت الذي يكون فيه التصور الذهني السلبي عن الدول النامية، رابطاً بين تلك الدول والجوانب السلبية من عنف وفساد وإرهاب وعنف وفشل ... الخ، من صور التشويه في إطار التدفق الإعلامي الدولي، والتبادل الإعلامي الدولي.
3/4- التبادل الإعلامي الدولي والتعاون الدولي: ولمواجهة المشاكل التي خلقها التدفق الإعلامي الدولي للدول النامية، طالبت هذه الدول عبر المحافل الدولية، بإقامة نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي. لتحقيق العدالة وتحسين وضع الدول النامية في عملية التدفق الإعلامي الدولي.
وقد تحقق تحسن ملحوظ في إطار التدفق الإعلامي الدولي، بين الدول النامية والدول الصناعية المتقدمة، بعد ظهور بعض الأنظمة الإعلامية الجديدة، وإنشاء العديد من وكالات الأنباء التابعة للتجمعات الدولية والإقليمية. ومن ضمن تلك الوكالات، وكالة الأنباء الدولية IPS)) The Inter Press Service المتخصصة بتوزيع أنباء الدول النامية، والعمل على تدعيم وتشجيع ربط التبادل الإعلامي الأفقي بين الدول النامية، وتوزيع أنبائها على وسائل الاتصال والإعلام في أوروبا وأمريكا الشمالية. وافتتحت هذه الوكالة مكاتب لها في أكثر من 60 دولة ثلثيها في الدول النامية.
وعقدت وكالة الأنباء الدولية IPS اتفاقيات ثنائية مع 30 وكالة أنباء وطنية في الدول النامية، لتبادل الأنباء بينها. إضافة لتركيزها على قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، والتطور الحاصل في الدول النامية. كما عقدت وكالة الأنباء الدولية اتفاقيات مع عدد من وكالات منظمة الأمم المتحدة لتغطية أخبار أنشطتها المختلفة.(37)
وتحصل وكالة الأنباء الدولية IPS على 70 % من الأنباء التي توزعها، من مراسليها الموزعين في مختلف دول النامية. أما الـ 30 % الباقية فتحصل عليها من وكالات الأنباء الوطنية في الدول النامية، التي أبرمت معها اتفاقيات تبادل إعلامي، بالإضافة لبعض وكالات الأنباء الصغيرة.
وتوزع وكالة الأنباء الدولية IPS أخبارها يومياً، من خلال شبكتين رئيسيتين ناطقتين باللغتين الإسبانية حوالي 30,000 كلمة يومياً، والإنجليزية 20,000 كلمة يومياً. إضافة لترجمة وتوزيع مجموعة مختارة من تلك الأنباء إلى اللغات الفرنسية والألمانية والعربية والبرتغالية والهولندية والنرويجية والسويدية.
ويوضح الجدول التالي توزيع وكالات الأنباء الوطنية للدول النامية وغيرها المشاركة في شبكة توزيع أنباء وكالة الأنباء الدولية IPS :
الشبكة الناطقة بالإنجليزية ENGLISH NETWORK: الوكالة البلد؛ JANA ليبيا؛ INA العراق؛ WAM الإمارات العربية المتحدة؛ MANE نيجيريا؛ QNA قطر؛ TAP تونس؛ LAKAPUVAT سيريلانكا؛ WAFA فلسطين؛ IPS – TAP تونس؛ IPS – JANA ليبيا؛ APA النمسا؛ GNA غرينادا؛ PNA الفلبين.
الشبكة الناطقة بالإسبانية SPANISH NETWORK: VENPRESS فنزويلا؛ NOTIMEX المكسيك؛ TANJUG يوغسلافيا؛ COLPISA إسبانيا؛ ANN نيكاراغوا؛ IFDA الدولية؛ P. L كوبا؛ BOLPRESS بوليفيا؛ ILET المكسيك؛ QNA قطر؛ COLPRESS كولومبيا؛ ECUAPRESS الإكوادور؛ INA العراق؛ JANA ليبيا؛ WAM الإمارات العربية المتحدة؛ PANAPRESS بنمـــا؛ DOMPRESS الدومنيكان؛ NAN نيجيريا؛ RSS نيبال.
ومن كل ذلك نستنتج أن وكالة الأنباء الدولية IPS تشارك بشكل مختلف تماماً في التدفق الإعلامي الدولي، وفي عملية التبادل الإعلامي الدولي، فهي تعكس الوضع في الدول النامية بكل مشاكله وتحدياته، وتسعى إلى خلق تأثير إيجابي في المعرفة والآراء واتجاهات الرأي العام الدولي المتعلقة بقضايا الدول النامية.
وخلاصة القول أن التدفق الحر للإعلام في وضعه الراهن، ليس أكثر من تدفق لسيل من المعلومات باتجاه واحد يخدم مصالح الدول الصناعية المتقدمة، المسيطرة على وسائل الاتصال الحديثة. وأن الدول النامية تنظر بقلق بالغ نحو الواقع المؤلم لها، والمتمثل بسيطرة الدول الصناعية المتقدمة على وسائل الاتصال الحديثة، ومصادر الأنباء وتوظيفها لصالح دعايتها على حساب المصالح الوطنية للدول النامية العاجزة اقتصادياً وتقنياً وعلمياً عن حل هذه المعضلة التي تقف عاجزة أمامها.
وأن التبادل الإعلامي الدولي بحد ذاته هو تبادل رأسي، لا يراعي متطلبات التبادل الأفقي بين كل دول العالم، وفي أكثر الأحيان يكون تدفقاً إعلامياً باتجاه واحد، ووجهة نظر واحدة تعبر عن رأي القوي المسيطر فقط.
ووفقاً لنموذج جوهان جالتونج " المركز والهامش " فإن العالم مقسم إلى جزأين غير متكافئين هما: " المركز " المسيطر وتمثله الدول الصناعية المتقدمة، وهي قليلة العدد، و" الهامش " الأقل تطوراً والمتخلف والذي يمثل دور التابع في النموذج، والذي يتفاعل مع التبادل الإعلامي الدولي رأسياً من فوق ( الدول المتطورة صناعياً) إلى أسفل ( الدول الأقل تطوراً والدول النامية ). إضافة لسيطرة الوكالات الأربع للأنباء في العالم AP, UPI, Reuter, AFP على مصادر الأنباء الأجنبية في معظم دول العالم. من خلال توزيعها حوالي 32,850,000 كلمة في اليوم. إضافة للصور والمواد التلفزيونية المصورة.
وأن تصاعد دور تكنولوجيا وسائل الاتصال الحديثة، وخاصة شبكات الكمبيوتر العالمية(38) وقنوات التلفزيون الفضائية، في عملية التبادل الإعلامي الدولي، قد يسهم في التخفيف من أحادية الجانب المسيطرة حالياً. ويساعد على ظهور نظام إعلامي دولي جديد مازالت الدول النامية تطالب به. لمواجهة مشاكل التدفق الإعلامي الذي يشوه صورة الدول النامية من خلال تركيزه على السلبيات دون الإيجابيات في تلك الدول. نظام إعلامي جديد يقوم بدور أكثر فاعلية في التفاهم الدولي والعلاقات الدولية بشكل عام.
وهذا بحد ذاته يحتاج إلى الاستمرارية والصبر وعدم التراجع من قبل الدول الأقل تطوراً والدول النامية. للانتقال إلى وضع أفضل ومناسب، يستفيد من التغييرات العالمية السريعة والتطورات التي تلت انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي، وهيأت العالم لتقبل نظام دولي جديد بعيد عن ظروف الحرب الباردة بين الشرق الغرب ونتائجها على الدول النامية.
وهذا يرتبط بتغييرات فعالة وجذرية في بنى وسياسات عديدة، للتخلص من المعوقات التي تقف حائلاً دون ظهور نظام إعلامي دولي ديمقراطي جديد. يشمل تطوير النظام الدولي للاتصال ليتمشى والتحديات القائمة، من قضايا مثل: القائم بالاتصال، ومضمون الاتصال، ووسائل الاتصال، وجمهور الاتصال، وتأثير الاتصال، وأهداف الاتصال. واختيار أنسب العناصر الملائمة للتبادل الإعلامي الدولي، ليسهم على المدى القريب في تحسين وضعية الدول النامية والدول الأقل تطوراً في إطار نظام إعلامي ديمقراطي عالمي جديد.
والدعوة إلى نظام إعلامي جديد، ليست سوى دعوة من قبل أكثرية دول العالم لتحقيق العدالة والتوازن في عملية التدفق الإعلامي.(39) وهي دعوة للتأثير المعنوي لا أكثر، لأن تغيير واقع النظام الإعلامي الدولي، وتحسين ظروف التبادل الإعلامي الدولي لا يتم إلا بالاعتماد على النفس، والسعي الدائم من قبل الدول النامية لتطوير إمكانياتها الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية، وإقامة وسائل إعلام جماهيرية حديثة قادرة على مخاطبة الرأي العام الدولي دون وسيط.
3/5- أساليب وتقنيات وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية: أشارت بعض البحوث العلمية إلى أهم عناصر نجاح حملات الدعاية الموجهة والإعلام والموجه للجمهور الإعلامي في الخارج، وهي الأساليب والتقنيات والتكتيكات التي يستخدمها الصحفيون للوصول إلى النجاح، وإقناع القارئ والمستمع والمشاهد، بما يقدمونه له وصولاً للأهداف المرسومة في الخطة الإعلامية. وبينت أن الأساليب المستخدمة في الحملات الإعلامية والدعائية الدولية، تساعد على:(40)
جذب انتباه مستقبل الرسالة الإعلامية وتشده إلى مضمونها من خلال مراعاتها لاهتماماته وميوله الثقافية. ويحدث هذا عندما تعتمد الرسالة الإعلامية على أسلوب شيق لصياغة مادتها بشكل تصبح معه قابلة للتصديق بعيدة عن الشك أو التشكيك لأن ذلك يؤدي إلى استغلال هذا الشك أو التشكيك من قبل الدعاية المضادة، ويتحول إلى عنصر إضعاف للحملة الإعلامية والدعائية ويعيق من وصولها للنتائج المرجوة منها.
واستخدام تقنيات الكذب وحبكه بشكل محكم يحرك مشاعر مستقبل الرسالة الإعلامية ويصعب عليه اكتشاف الكذب المخفي داخل الرسالة الإعلامية. كما وتسعى الحملات الإعلامية الدعائية إلى توريط مستقبل الرسالة الإعلامية وشده للمشاركة معها في العمل مجبرة إياه على تأييد خطتها وأسلوبها في العمل، والبحث عن تبريرات لتأييده لها. كما وتستخدم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية في حملاتها الدعائية، أسلوب التكرار وعرض الموضوع أكثر من مرة للتأكد من وصوله إلى الجمهور الإعلامي المقصود والتأكد من تحقق أكبر قدر ممكن من التأثير المطلوب، ويتم ذلك عادة بمراعاة الوقت الملائم والظروف المؤاتية والوسائل الناجعة للتكرار. وتستخدم كذلك أسلوب المبالغة بشكل يصعب معه اكتشافها من قبل القارئ والمستمع والمشاهد، للتهويل على الجمهور الإعلامي، وصولاً للحد الأقصى من التأثير المعنوي عليه. وتستخدم معه أسلوب الكذب والتضليل لتبرير أمور أو مواقف معينة جرت فعلاً.
ومن الأساليب الشائعة جداً أسلوب التلميح والغمز عند توجيه الاتهام لشخص ما أو جماعة معينة أو دولة بحد ذاتها، كون تأثير هذا الأسلوب أكبر من تأثير الاتهام المباشر على الجمهور الإعلامي. وكذلك تستخدم أسلوب عرض المواضيع بقالب يوحي بأنها حقيقة ثابتة، لا تقبل الجدل لمنع تسرب الشك إلى أذهان الجمهور الإعلامي.
وتسعي وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية دائماً للتقرب من الجمهور الإعلامي باستخدام أشخاص يعرفون ثقافة وميول ورغبات واستعداد مستقبل الرسالة الإعلامية، ويعرضون المادة الإعلامية بالصورة واللغة التي يفهمها جيداً الجمهور الإعلامي المستهدف،إضافة لمحاولة تقمص شخصية القارئ والمستمع والمشاهد أثناء تنفيذ الحملات الإعلامية والدعائية.
وتلجأ وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، في حملاتها الإعلامية والدعائية إلى الاعتماد على المصادر الموثوقة عند إعداد وصياغة المادة الإعلامية، بهدف زيادة الثقة لدى الجمهور الإعلامي وتدعيم تقبله للمادة الإعلامية الموجهة له. أو إلى التجاهل المتعمد لأحداث معينة أو ما تروجه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية والدعائية المضادة، من مواضيع لا يمكن الرد عليها بسبب ضعف الموقف المواجهة للدعاية المضادة.
كما وتلجأ وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية إلى استخدام لغة إعلامية واضحة من خلال العبارات المستخدمة تجنباً للالتباس في المعاني والتفاسير، وتأكيداً للوصول إلى الهدف المرسوم. أو تلجأ إلى الربط المزيف لترك مستقبل الرسالة الإعلامية، يتقبل موقفاً معيناً ويرفض موقفاً آخر، معتمداً على خبراته السابقة، دون وعي أو إدراك أو تفكير. ويزداد أثر هذا الأسلوب على الجمهور الإعلامي الذي يتمتع بمستوى تعليمياً ضعيفاً.
وكثيراً ما تستخدم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية في حملاتها الدعائية، العاطفة وغريزة القطيع في توجيه الحملة الإعلامية للجماعات الإنسانية التي تربط بينها روابط مشتركة كالدين والعقيدة أو العنصر البشري أو الجنس أو البيئة أو المهنة أو العمل أو الانتماء لتنظيم معين أو الاشتراك في حمل جنسية معينة.
ومعروف للجميع أنه من الصعب جداً تحديد مدى التزام، أو عدم التزام، وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية بأخلاقية العمل الصحفي، إذ قد تلجأ في بعض الأحيان مضطرة، أو عن سابق ترصد وإصرار إلى أساليب وتقنيات تتعارض مع أخلاقيات العمل الصحفي المعروفة والمعترف بها دولياً، في حملاتها الدعائية بقصد الوصول لأهداف معينة. في نفس الوقت الذي تنفي فيه عن نفسها هذه التهمة، مؤكدة التزامها بأخلاقيات العمل الصحفي، لأن اعترافها بالخروج عن مواثيق أخلاق العمل الصحفي الدولية، يعني فقدان مصداقيتها وانتهاء دورها الإعلامي الدولي، وهذا وضع لا يستطيع قبوله أحد.
3/6- الجوانب الثقافية للتبادل الإعلامي الدولي: هناك جوانب ثقافية للحملات الدعائية الدولية،(41) يطلق عليها اسم الدعاية الثقافية الدولية ويزداد فاعلية هذا الدور طردياً بالتناسب مع قوة ومكانة ودور الدولة التي تمارسه في النظام الدولي. حيث تركز هذه الدولة على نشر ثقافتها داخل الدول الأخرى، مما حذا بالبعض لوصف هذا النشاط الموجه لمجتمعات الدول الأضعف بالامبريالية الثقافية، إلا أن تطور العلاقات الدولية تقتضي تفاعلاً أكثر بين ثقافات مختلف الأمم. وهناك فرق واضح بين التفاعل الحر بين الثقافات، وبين فرض ثقافة معينة على حساب تحطيم الثقافة الأصلية لشعب معين، من خلال استغلال التبادل الإعلامي الدولي من قبل الدول المتقدمة، في حملات دعايتها الثقافية الموجهة للدول الأقل تطوراً والدول النامية.
ويدخل هذا النشاط الثقافي الهادف إلى التأثير على المجتمعات الأخرى ضمن الحملات الدعائية الدولية، ويشمل في طياته الأدب والفنون والتعليم والرياضة والتبادل الثقافي والمنح التعليمية ودعوة الصفوة من مثقفي الدول الأضعف لزيارة الدولة الأقوى والأكثر تطوراً للإطلاع على المنجزات الثقافية فيها.
وعلى سبيل المثال تمارس الولايات المتحدة الأمريكية حملاتها الدعائية الثقافية، من خلال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، وهيئة الاستعلامات الأمريكية التي تمارس أنشطة متعددة خارج الولايات المتحدة، ومن خلال المكتبات والمراكز الثقافية المنتشرة في العديد من دول العالم. ومن خلال سعيها الحثيث لنشر تعليم اللغة الإنكليزية وأنظمة التعليم الأمريكية في الخارج، وتقديم المنح الدراسية لطلاب من الدول الأخرى، واستيعاب الطلاب الوافدين من الدول الأخرى الراغبين في الحصول على التعليم في مؤسسات التعليم والجامعات الأمريكية.
ومن خلال اتفاقيات التعاون الثقافي الموقعة بينها وبين الدول الأخرى، إضافة لبرامج المساعدات الثقافية الأمريكية للدول النامية.
أما بريطانيا فهي إضافة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، تمارس حملاتها الإعلامية والدعائية والثقافية الدولية من خلال المجلس البريطاني(42) الذي تمده بثلث مخصصاته المالية، مؤسسة التنمية البريطانية فيما وراء البحار. وتدخل معظم الوظائف التعليمية التي يقوم بها المجلس البريطاني في إطار برنامج المعونة الفنية. ويعمل المجلس في أكثر من ثمانين دولة، بتعليم اللغة الإنكليزية، مركزاً على تدريب معلمي اللغة الإنكليزية في هذه الدول. وللمجلس البريطاني مكتبات في أكثر من خمسين دولة، ويعمل على تنمية الاتصالات بين العلماء والفنانين والمهنيين وغيرهم من مثقفي الدول النامية، إضافة لإيفاده العديد من الدارسين من تلك الدول إلى انكلترا للتحصيل العلمي والدراسي. وتختلف أوضاع العاملين في الخارج من موظفي المجلس البريطاني عن الدبلوماسيين المعتمدين. وفي حالات نادرة يكون ممثل المجلس في البلد المتواجد فيها ملحقاً ثقافياً في سفارة بلاده.
أما فرنسا فتمارس حملاتها الإعلامية والدعائية الثقافية الدولية، إضافة لوسائل الاتصال والإعلام الدولية، من خلال رابطة أليانس فرنسيس الذي أحدثته في عام 1883 بهدف مضاعفة تأثيرها في الخارج، ونشر الثقافة واللغة الفرنسية في العالم. ويتبع لرابطة أليانس فرنسيس 1010 لجنة وجمعية في الخارج تقوم بتنظيم المؤتمرات والاجتماعات، وافتتاح المكتبات. و600 مركزاً منتشرة في أنحاء مختلفة من العالم.(43)
والشائع أن تمارس الدول نشاط دعايتها الثقافية من خلال المراكز الثقافية التابعة لسفاراتها في الدول الأخرى، ويتولى إدارة تلك المراكز المستشارون أو الملحقون الثقافيون المعتمدون في السلك الدبلوماسي المتواجد في ذلك البلد. بينما تكتفي الدول غير القادرة على افتتاح مركز ثقافي لها في البلدان الأخرى على نشاط المستشارين والملحقين الثقافيين المعتمدين في سفاراتها بالخارج.
وتبدلت الصورة بعد أن جاء عصر التخطي المعلوماتي للحدود القومية خلال العشرين السنة الأخيرة، والذي تضمن تحولات جذرية في وسائل تخزين، ومعالجة واسترجاع المعلومات، والنمو السريع لتقنيات وتجهيزات الاتصال السلكية واللاسلكية من ميكروويف، وألياف بصرية، وتكنولوجيا الأقمار الصناعية للاتصالات، وبرامج الكمبيوتر، والإذاعتين المسموعة والمرئية.(44)
حاملاً معه ظاهرة الثقافة عابرة القوميات، وهي عملية أساسية يحل فيها بدرجات متفاوتة وفي سياقات مختلفة، تنظيم الشعوب في مجموعات " أفقية " محل تنظيمهم رأسياً في مجموعات وطنية، وبمعنى آخر ترتبط الشعوب بعضها ببعض بأساليب إلكترونية، وليس بالجوار الجغرافي(45)، وليس بالثقافة الوطنية أو القومية. ويذهب البعض إلى أن ظاهرة التخطي المعلوماتي، للحدود المعترف بها لدول العالم، أو الثقافة عابرة القوميات، هي ظاهرة الأمركة "فرض النمط الأمريكي".(46)
ويثير التخطي المعلوماتي للحدود القومية والوطنية، تساؤلات محورية وأساسية ومهمة لكل المجتمعات، بغض النظر عن وضعها الاقتصادي الراهن أو الحالي أو المشاكل التي تواجهها أو الضغوط التي تتعرض لها.
وتتصل هذه التساؤلات بعدد من القضايا الأساسية، وهي: السيطرة الثقافية، والإنتاج الثقافي، وتوزيع الإنتاج الثقافي، والنفاذ إلى المعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية....الخ للدول الأخرى. وخلق نظام إعلامي عالمي جديد، وتنظيم عمليات تدفق البيانات عبر الحدود، والتحكم فيها عن بعد، وتحديد سياسة الدولة في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ....الخ، وتنمية طاقات وطنية تكنولوجية وإنتاجية، وإعادة بناء الفهم لما هو وطني وقومي بالمعنى الثقافي والتاريخي والتراثي وغيره.(47)
ولهذه القضايا المطروحة دائماً للبحث، بعدها العالمي وانعكاساتها على معظم دول العالم، إلا أنه بالنسبة للعديد من دول العالم الثالث، تبدو أكثر ضغطاً وإلحاحاً بسبب أن الدول في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، هي بالمعنى الجوهري من الدول التي بعظمها استقلت حديثاً وما زالت تعاني من مشاكل التخلف الموروثة من العهد الاستعماري.(48) ونضيف إليها الدول المستقلة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، والتي تعاني من مشاكل الانتقال إلى اقتصاد السوق والسيادة الوطنية، ونراها تسعى حثيثاً لإيجاد مكان لائق لنفسها في النظام الإعلامي العالمي، وللمشاركة الفاعلة في عملية التبادل الإعلامي الدولي.
3/7- فاعلية التبادل الإعلامي الدولي: تساعد وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، على تكوين المواقف من القضايا المطروحة، أو تضخيمها. وتلعب دوراً كبيراً في عملية التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري، لدى القراء والمستمعين والمشاهدين.
كما وتساعد وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية في تدعيم سلوك الجمهور الإعلامي من موقف معين، أو التشكيك به، أو رفضه، أو تغييره لصالح موقف جديد. وهذا متوقف على مدى تكثيف الحملة الإعلامية والوسائل المستخدمة فيها، ومدى وضوح موقف مستقبل الرسالة الإعلامية للقائم بالاتصال. أو تعرض مستقبل الرسالة الإعلامية لموقف إعلامي غير متماسك أو لصور نمطية سبق لمستقبل الرسالة الإعلامية وتعرض لها، ومدى تحيزه لمضمون الرسالة الإعلامية بحد ذاتها.(49)
ولابد للقائم بالاتصال من معايير خاصة يعتمد عليها، من أجل الوصول إلى فاعلية أكبر من الحملات الإعلامية الدولية، وإمكانيات أكثر للوصول إلى الأهداف المرسومة للحملة الإعلامية. ولابد من مقاييس يعتمد عليها المخططون للحملات الإعلامية، والقائمون بالاتصال لتحديد مدى نجاح أو فشل الحملة الإعلامية. ومن تلك المعايير مثلاً القدرة على التصدي للإعلام المضاد الموجه لنفس الساحة الإعلامية، ومدى قدرة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية المستخدمة من قبل القائمين بالاتصال على انتزاع المبادرة من الإعلام المضاد والتوجه إلى الجمهور الإعلامي بشكل أكثر فاعلية في المواضيع المطروحة.
والمعيار من الأمور الهامة جداً لقياس راجع صدى الرسالة الإعلامية، ومعرفة مدى نجاح الحملة الإعلامية. ولو أن الظروف الدولية من تأزم أو انفراج العلاقات الدولية، يعتبر من الأمور الخارجة عن نطاق المعايير الإعلامية، ولكن الحملات الإعلامية قد تؤدي في بعض الحالات إلى انفراج أو خلق الأزمات في العلاقات الدولية المتشعبة.
ومن المناهج المستخدمة لقياس راجع الصدى في الحملات الإعلامية الدولية، نذكر:
- المناهج الاستقرائية: التي طورتها إدارة الإعلام والتعليم بجيش الولايات المتحدة الأمريكية من خلال البحوث التطبيقية التي أجرتها إبان الحرب العالمية الثانية، وأعقبتها أبحاث هوفلاند Hovland وزملائه. وجرى من خلال هذه الأبحاث قياس تأثير الاتصال من خلال التجربة المسيطر عليها من خلال التركيز على العناصر التالية:(50)
1- القائم بالاتصال: فتبين أن تأثير الرسالة الإعلامية يزداد في حالة إذا كان القائم بالاتصال ينقل مواقف تتماشى ومواقف مستقبل الرسالة الإعلامية. وأن المستقبل يبدأ بنسيان مصدر الرسالة الإعلامية أو القائم بالاتصال بعد مدة وجيزة، وهو ما أطلق عليه اسم التأثير النائم، وأنه هناك عوامل مساعدة أخرى لزيادة التأثير الذي يمارسه القائم بالاتصال، على مستقبل الرسالة الإعلامية كالسن والجنس والمظهر الخارجي للقائم بالاتصال.
2- الرسالة الإعلامية: وتبين أن زيادة فاعلية الحملة الإعلامية الدولية يمكن أن يتم في حالة إذا تمشت الرسالة الإعلامية مع أهداف الحملة الإعلامية الدولية واحتياجات مستقبلي الرسالة الإعلامية، والقيم السائدة والمواقف الفكرية والآراء والمعتقدات الخاصة بهم. ولوحظ أيضاً أن العرض الجزئي للمشكلة أكثر تأثيراً لدى المستقبل إذا كان محدود الثقافة والتعليم. وأن عرض المشكلة من كل جوانبها يكون أكثر تأثيراً على المستقبل الذي حصل على نسبة أعلى من التعليم والثقافة، أو إذا كان المستقبل يعارض مبدئياً مضمون الرسالة الإعلامية. وهذا يمكن أن يساعد على تحصين المستقبل ضد الدعاية المضادة مستقبلاً، فيما لو روعيت عناصر اختيار المصادر الإعلامية، والطريقة التي يتم من خلالها عرض الرسالة الإعلامية، مع التطورات السابقة واللاحقة للقضية المطروحة.
3- الوسط الإعلامي: حيث تبين أن الرسالة الإعلامية والوسيلة الإعلامية مرتبطتان الواحدة بالأخرى، لأن طريقة عرض وتقديم الرسالة الإعلامية مرتبط بالتأثير الإعلامي إلى درجة تعادل أهمية الرسالة الإعلامية نفسها. وأنه لابد من مراعاة مدى انتشار كل وسيلة اتصال إعلامية جماهيرية في الأوساط المستهدفة من الحملة الإعلامية الدولية قبل استخدامها، واختيار الوسيلة التي يمكن أن تعطي أكبر قدر ممكن من التأثير والفاعلية الإعلامية. وهناك من يرجح الاتصال المباشر، ومن يرجح الإذاعة المسموعة، ومن يرجح الإذاعة المرئية، وهناك من يرجح المادة المطبوعة، وكلها احتمالات يمكن الاستفادة منها في حدودها الممكنة.
4- مستقبل الرسالة الإعلامية (الجمهور الإعلامي): ويتوقف على معرفة خصائص مستقبل الرسالة الإعلامية من النواحي الثقافية والفكرية والمعتقدات والمواقف السياسية وأنماط السلوك والسن والجنس والوضع التعليمي والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والعنصري والإقليم الجغرافي والتنظيم أو النظام الذي ينتمي إليه.
- والمناهج الاستنباطية: المعتمدة على النظرية السلوكية، التي تركز على تغيير المواقف وتكوينها وتعديلها.
- ونظرية الإدراك المعرفي، التي تعمل على شرح تكوين المواقف وتعديلها والتنبؤ بأثر عملية الاتصال، والتركيز على تعديل المواقف من خلال معتقدات وعواطف الفرد، وتحقيق التوافق المنطقي لمعارف الفرد، تعتمد كلها على عملية الاتصال. فما هو الاتصال؟
3/8- وسائل الاتصال كمصدر للتبادل الإعلامي الدولي: عناصر الاتصال: عملية الاتصال في التبادل الإعلامي الدولي، هي مجموعة من الوسائل تربط بني البشر ببعضهم، وتحقق التفاعل في العلاقات الإنسانية. وقد تعرَّف على أنها عمل لتغيير المفاهيم باستعمال اللغة أو أي من الوسائل الأخرى المتيسرة. وعملية الاتصال تهدف إلى إحداث تجاوب مع الشخص أو الأشخاص المتصل بهم. وبعبارة أخرى تحاول أن تشاركه أو تشاركهم في استيعاب المعلومات أو في نقل فكرة أو اتجاه فكري إليه أو إليهم.(51)
ويعرَّف الاتصال أيضاً بأنه عملية يتم من خلالها تبادل المفاهيم بين الأفراد وذلك باستخدام نظام الرموز المتعارف عليها، ويعتبر استخدام الكلمة طريقة من أكثر وسائل الاتصال شيوعاً بين المرسل والمتلقي.
وعلم الاتصال يمتد بجذوره في التاريخ إلى أرسطو الذي وضع أسساً علمية لعملية الاتصال لم تزل قائمة حتى الآن للتفاعل بين (الخطيب - المرسل) و(الجمهور - المستقبل) تقوم على أن يعد المرسل (رسالته - خطبته) بصورة شيقة وجذابة ومقنعة، حتى يمكن أن تؤثر في الجماهير بالصورة المستهدفة. وذلك لأنه لا قيمة للاتصال، من وجهة نظر أرسطو ما لم يكن مقبولاً ومفهوماً من (الجمهور - المستقبلين).(52)
وهنا يتضح محور العلاقة التي أوجدها وحددها أرسطو بين المرسل، والرسالة، والمستقبل. حيث قسم أرسطو الموقف الاتصالي إلى ثلاث مراحل: الخطيب - الخطبة - الجمهور. وأوجب أرسطو على (الخطيب - المرسل) أن يدرك ما يعتمل في نفوس الجمهور من قيم ومبادئ ومعايير وسنن اجتماعية. وعلى أساس إدراك الجمهور للرسالة يتأثر بتفسيره بهذه الرسالة. وهذا التفسير يعتمد على الوضعية الاجتماعية للجمهور من حيث نشأته الاجتماعية، والإطار أو النسق القيمي الذي يأخذ به.(53)
أما الموقف الاتصالي لدى ابن خلدون فينحصر بالآتي: 1- المرسل: ويرى ابن خلدون أن الناقلين " الأخصائيين بالاتصال " لا يعرفون القصد مما عاينوا أو سمعوا، وينقلون الخبر على ما في ظنهم وتخمينهم فيقعون في الكذب في كثير من الأحيان. 2- الرسالة: والتي من الضروري مناقشتها في ذاتها للوقوف على مدى اتفاقها مع طبيعة الأمور، ومع الظروف والملابسات التي يحكيها الراوي - المرسل - ومناقشة مادة تلك الرواية - الرسالة. 3- المستقبل: وقد أوجب عليه ابن خلدون أن يتأكد من أمانة الراوي - المرسل، وصدقه وسلامة ذهنه، وطهارة عقيدته، ومتانة خلقه، وقيمته الشخصية.(54)
وتسلط هذه النظرة الضوء على حقيقة الرسالة والأمانة عند المرسل، والذكاء الاجتماعي عند المستقبل، ونلاحظ أن رؤية أرسطو أكثر شمولاً واتساعاً من نظرة ابن خلدون للاتصال التي يبدو عليها مسحة مثالية. ولكنها تبقى أقرب لأخلاقيات الاتصال المطلوبة.(55)
وهناك عدة نظريات حديثة للاتصال منها على سبيل المثال لا الحصر نظرية كولن للاتصال والتي يمكن تلخيص الموقف الاتصالي فيها على النحو التالي: 1- المرسل ويستمد من عقله الرسالة التي يرغب في توصيلها إلى شخص آخر. 2- الرسالة ويستخدم الإنسان عقله وقدراته واستعداداته النفسية مثل التذكر والإدراك والانتباه لاستيعاب تلك الرسالة. 4- التغذية العكسية أو راجع الصدى وهي الاستجابة للرسالة (المثير) من قبل المرسل، وبذلك تكمل الدورة الاتصالية.(56) وتعتمد هذه النظرية على عقل الإنسان باعتباره المركز الرئيسي للاتصال سواء في الإرسال أم في الاستقبال.
أما ستيفنسون فقد ربط بين نظريته في الاتصال و"الإمتاع" على أساس أن "المستقبل" يشعر بالاستغراق والمتعة فيما يقرأ أو يشاهد لاسيما في الاتصال الجماهيري، ولكي تستمر المتعة فيما يقرأ أو يسمع أو يشاهد من الضروري أن تتخلل العملية الاتصالية بعض القطع الموسيقية أو الأغنيات الخفيفة لتقليل حالة الضغط الإعلامي على المستقبل.
ومن شروط الموقف الاتصالي في هذه النظرية: 1- إلزام المرسل بإيديولوجية المجتمع التي من أهدافها ربط المواطنين بمجتمعهم والارتقاء بأذواقهم في مختلف النواحي الاجتماعية والثقافية. 2- صياغة الرسالة في أسلوب شيّق يعتمد على الإمتاع بشكل يجعل المستقبل على اتصال دائم بمصادر المعلومات.(57) 3- إتاحة الفرصة للمستقبل للدخول في حوار مع المرسل، حتى يؤدي ذلك إلى تكوين رأي عام مستنير، يعتمد على الحقائق الواضحة، وليس على ما تقدمه له الأجهزة التنفيذية، دون أن تكون للجماهير حق معرفة مصادر وصدق وثبات ما يقدم لها من معلومات.(58)
أما نظرية لازر سفيلن فتلخص الموقف الاتصالي بالتالي: 1- المرسل: وهو مؤلف وناقل الرسالة. 2- الرسالة: وهي ما يرغب المرسل إرساله للمستقبل من خلال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. 3- المستقبل (الجمهور الإعلامي): وهو من وجهة نظر تلك النظرية لا يتأثر بالرسالة مباشرة وإنما يتأثر بها أكثر إذا ما نقلت إليه مرة أخرى عن طريق قادة الرأي ويمكن تصور مفهوم قادة الرأي من خلال الدراسات التي أجريت على بنية الاتصال في المجتمعات القروية. حيث يحتكر قائد الرأي بعض الأساليب الاتصالية (القراءة) أو أجهزة الاتصال (جهاز استقبال البث الإذاعي) مثلاً. ومن خلال متابعته للقراءة أو الاستماع، فإنه يستطيع إعادة صياغة الرسالة بشكل يتفق مع الحالة المعنوية للمستقبل.(59)
أما نظرية إسفيروس في الاتصال فقد ركزت على العملية الاتصالية كظاهرة اجتماعية تقوم على التفاعل الذي يتحقق في المجتمع وعلى ارتباط بقية الظواهر الاجتماعية الأخرى. واعتبره موضوعاً إنسانياً بالدرجة الأولى.(60) وعلى ذلك فإن الموقف الاتصالي في هذه النظرية يقوم على: 1- المرسل: وهو المجتمع. 2- الرسالة: وهي التعبير الموضوع الموجه لعقلية الجماهير وروحها وميولها واتجاهاتها. 3- المستقبل: وهو المجتمع أيضاً. 4- وسائل الاتصال: مثل الإذاعتين المسموعة والمرئية، والصحف، وهي المنابر التي لا يرتقيها القادة السياسيون وحسب، وإنما ترتقيها الجماهير أيضاً، لكي تعبر عن مطالبها وآمالها، كي تشترك بالرأي في إدارة شؤون المجتمع التي ليست حكراً لأحد.(61)
أما ويفر وشانون فيحددان العلاقة بين المرسل والرسالة والمستقبل بالتالي: 1- المرسل: (وهو أخصائي اجتماعي) ينتخب أو يختار رسالة (مجموعة توجيهات) يرغب في توصيلها إلى مستقبل (مبحوث) الأمر الذي يضطر المرسل إلى تحويل رسالته إلى شكل أو هيئة أو رمز، بحيث يمكن نقلها عبر قنوات الاتصال إلى المستقبل (المبحوث). وبذلك يكون عقل الأخصائي الاجتماعي هو مصدر المعلومات. 2- الرسالة: وهي عبارة عن مجموعة توجيهات من أخصائي موجهة إلى مبحوث، يتولى صوت الأخصائي الاجتماعي توصيلها، وتقوم الموجات الصوتية بدور قناة الاتصال الرئيسية لعملية الاتصال. 3- المستقبل: وهو متلقي الرسالة ويقوم بتحويلها إلى الشكل أو الرمز التي كانت عليه في هيئتها الأولى، وبذلك يكون عقل المبحوث هو الهدف الذي يرمي الأخصائي الاجتماعي توصيل التوجيهات إليه. على حين تمثل أذن المبحوث جهاز الاستقبال الذي يتلقى المعلومات.(62)
وقد حدد هودينت العناصر الفعالة للعملية الاتصالية في سبعة أجزاء وهي: مشكلة؛ ومرسل؛ ورسالة؛ ووسيلة؛ وأحياناً ناقل؛ ووسيلة للاستقبال؛ واستجابة.(63)
والسؤال المطروح: كيف تؤثر وسائل الاتصال والإعلام على عملية إشباع حاجات الفرد الاجتماعية ؟
لأن وسائل الاتصال والإعلام تنشر المعلومات وتزوِّد الأفراد بعدد من الموضوعات التي تسهِّل على المؤسسة، الاتصال المتبادل. وهذا يعني أن وسائل الاتصال والإعلام تتعرض لجمهور واسع من الناس، وتعرض معلومات عن حوادث أو ظاهرات معينة من التي لها أهمية اجتماعية.
وليس للإنسان دائماً الفرصة ليكوِّن علاقات مع الآخرين وهو وحيد لأسباب مختلفة. وهذا النقص في الترابط مع العالم الخارجي ربما يؤدي به إلى اليأس، ويستطيع جهاز استقبال البث الإذاعي المسموع أو المرئي أن يسدي خدمة كبيرة له. لأن صوت جهاز استقبال البث الإذاعي المسموع يبعد عنه الشعور بالوحدة وهذه إحدى الخدمات النفسية المهمة التي يؤديها جهاز استقبال البث الإذاعي المسموع وهذا ينطبق على جهاز استقبال البث الإذاعي المرئي ولو أن تأثير الأول أوسع في هذا المجال من الثاني. ولكن لماذا يعير عدد كبير من الناس الذين يعانون من هذا النقص في الروابط الاجتماعية اهتماماً كبيراً لوسائل الاتصال والإعلام ؟ (64)
والجواب يأتي من أن الإنسان يحتاج للارتباط بالآخرين وهذه حقيقة لا جدال فيها، ولكن هذه الارتباطات تتطلب منه درجة معينة من التكيف. وتستطيع وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية أن تزوده بتعويضات تتطلب منه درجة معينة من التكيِّف. كما وتستطيع وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية أن تزوِّده بتعويضات لإشباع حاجته للاتصال الاجتماعي. وليستطيع أن يكون صلات اجتماعية مع أشخاص يتمتعون بأهمية اجتماعية كبيرة عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، ويستطيع كذلك أن يناقش ويجادل، ويستطيع أن ينهي المناقشة بإشارة من يديه عندما يرغب ذلك.(65)
وهكذا فإن إشباع حاجة التكيُّف (الملائمة) عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، أصبحت عنصراً ضرورياً في حياة إنسان هذا العصر. وعلى ما يبدو أن قضية التكيُّف ليست متعلقة بسؤال (ماذا) وحسب، وإنما كذلك بـ(كيف) و(لماذا) وهذا يعني أن الإنسان يحتاج أيضاً للتكيُّف لكي يتعلم، وإن هذا التكيف يعلمه أي سلوك عليه أن يتبنى بالنسبة لمواقف معينة، ويسدي له النصيحة في كيفية التصرف في مواقف معينة لكي يصل إلى إشباع أكبر حاجاته. وتأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في هذا المجال واسع جداً لأنها تزوِّد الفرد بخلاصات قيم المجتمع المميزة ومستجداته.(66)
ولا تكتمل دائرة الاتصال إلا حين تتوفر للموقف التعليمي جميع العناصر اللازمة لعملية الاتصال ويدل توافر هذه العناصر على أن الدائرة تؤدي عملها بصرف النظر عن طبيعة التعليم المنتظر. ولتقدير فاعلية التعليم ينبغي إيلاء انتباه خاص للتغييرات التي تبدو متداخلة ومؤثرة على هذه العملية.
و يمكن تحديد العلاقة بين عناصر الاتصال وفقاً للتالي:
أولاً: المصدر: سواء أكان فرداً أو مجموعة من الأفراد. فهو عامل هام في الاتصال ويتوقف أداؤه لمهمته على أنواع المتغيرات التي تتضمنها عملية الاتصال بصرف النظر عن إمكانية توجيهها أو ضبطها. وقد لا تتوافر مصادر المعلومات الكافية والمناسبة، وربما تعوز المصدر المهارة اللازمة لإعداد مضمون رسالته بدقة وفعالية. وإذا كان المصدر شخصاً ما، فما هي اتجاهاته نحو عمله ونحو مستقبلي الرسالة الإعلامية، ونحو الوسيلة الإعلامية التي يستخدمها. وهذه بعض العوامل التي تؤثر على عملية الاتصال في التعليم.(67)
ثانياً: يتطلب استكمال دائرة الاتصال تواجد المصدر في جانب والمستقبل في جانب آخر. ولو أن المصدر قد يكون هو المستقبل في نفس الوقت. فإننا نتحدث هنا عن شخصين مختلفين. وكما كانت توجهات المصدر مهمة فإن اتجاهات المستقبل لا تقل أهمية عنها. وإذا كان للمستقبل اتجاه سلبي نحو المصدر فإن التعليم يصبح قليل الفاعلية، وقد تكون النتيجة مشابهة للشعور المماثل الذي يشعر به المستقبل اتجاه الكتاب أو المواد التعليمية الأخرى، عندما لا يكون في حالة تقبل للمصدر. وأكثر من ذلك فإن استقبال الرسالة الإعلامية يتطلب مهارات معينة، وبصرف النظر عن قدرة المستقبل على استخلاص المعاني والقراءة المناسبة والاستماع والتفكير فإن هناك متغيرات هامة ينبغي اعتبارها في الموقف الاتصالي التعليمي.
ثالثاً: الرسالة الإعلامية: وتعتبر عملية تضمين الرسالة واستخلاص محتواها خطوة هامة في عملية الاتصال. فقد يستخدم المصدر بعض المصطلحات كرموز لجميع أجزاء ومقاطع المعلومات. مما يؤدي إلى صعوبة فهمها من قبل المستقبل، مما يؤدي إلى إضعاف عملية الاتصال. ومثال ذلك ما يحدث أثناء تعليم لغة أجنبية، فإذا أغفل المصدر مستوى المستقبل، وطبيعة الرسالة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات، والأفكار. فمن غير شك أن كثيراً من هذه المعلومات ستتعرض للضياع، بصرف النظر عن شكل أو أسلوب الاتصال الذي يستخدم. لهذا يجب على القائم بالاتصال أن يعالج الرسالة الإعلامية بشكل ملائم ومنسق وأن يعيد صياغة الرسالة الإعلامية في كل مرة لضمان استقبال نافع وفعال.
رابعاً: التوافق بين المرسل والمستقبل: ويمكن أن يكون عندما يراعى في عملية الاتصال مستوى الخبرة المتوفرة لديهما في إطار المعلومات الاجتماعية والثقافية... إلخ. وفي بعض الحالات التي لا يملك فيها المصدر الصورة الواضحة عن مستوى فهم المستقبل وقدراته فإننا نجد أن اللغة المستخدمة والأمثلة المختارة والأسلوب الذي تقدم به المعلومات قد لا تؤدي إلى استقبال واضح ودقيق لدى المستقبل. الذي يمكنه في هذه الحالة أن يستجيب للمثير فقط من خلال خبراته ومعلوماته المتعلقة بموضوع الرسالة الإعلامية.(68)
وخلاصة القول أن وسائل الاتصال والإعلام هي ركائز أساسية لتبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع، وتعد أساساً لتفاعلاته الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين المجتمعات المختلفة وبين مواطني البلد الواحد كذلك.
الفصل الرابع: نظريات الصحافة الدولية: هناك مجموعة من العوامل تشترك في تأسيس منطق النظرية العلمية في المجالات الإنسانية والحياتية المختلفة، وهي في حقيقتها نابعة من بيئة الإنسان ومجموعة المنبهات والاستجابات التي تتكون وفقاً لها. وقد عرف الإنسان إنسانيته فعلاً، واستطاع تشخيص تلك العوامل البيئية والاجتماعية والنفسية بعد أن عرف اللغة ومفرداتها، واللغة في شكلها الأول وبطبيعتها البسيطة البدائية كانت ضرورية لحياة الجماعة وأساساً لتكوين العلاقات الإنسانية، وبمرور الزمن تطورت اللغة لتصبح ذاكرة المجتمع ومكنت الإنسان من تنسيق جهوده وتوحيدها في مجرى مشترك عام وجعلت تداول الخبرة ممكناً بين الأفراد والأجيال والمجتمعات.(69)
وفي هذا المعنى الواسع أصبحت اللغة أداة رئيسية للاتصال بين بني البشر، كما أنها في الجانب الثاني أصبحت أداة فكر وأداة لتبادل الآراء والأفكار بين الناس. وجاءت المطبعة لتفتح الطريق أمام الثورة الصناعية بعد أن مهدت لها الثورة العلمية، وما أن دخلنا القرن العشرين حتى صار العالم يعيش ثورة شاملة في الاتصال والإعلام. وانحسرت المسافات الجغرافية أمام القدرات التكنولوجية لوسائل الاتصال والإعلام. ومن أجل تسخير هذه القدرات وتوظيفها لخدمة المعلومات وتبادلها بين المجتمعات أخضعتها الحكومات والدول إلى نظرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مما دفع علماء الإعلام والاتصال لتأسيس نظريات إعلامية مستنتجة من تلك النظريات السياسية الأوسع وتطبيقاتها العملية في المجتمعات المختلفة من رأسمالية أو اشتراكية أو هجينة أو خاصة وغيرها.
ولا غرابة في أن يكون لإعلام الدول النامية قولٌ في هذا المجال لاسيما وأنها ابتليت بالأوضاع التي فرضتها السياسات الاستعمارية، وما تعانيه من شدة الخلافات السياسية التي انعكست بالنتيجة على فعالياتها الإعلامية.
والإعلام هو ظل السياسة في عملية الاتصال اليومية وتطبيق المنهج السياسي والاقتصادي والفكري والتربوي والتعليمي والثقافي، في هذا البلد أو ذاك. ووعي الإنسان لمثل هذه العوامل والتكوينات الاجتماعية وتقديره للظروف الموضوعية والذاتية التي تحيط به، يرتبط ارتباطاً مباشراً بلغته القومية، لأن اللغة هي المعبر عن تقديرنا للواقع الموضوعي، وقد ظهر الوعي واللغة في مرحلة محدد من التطور الاجتماعي للبشرية، ليتمكن بني البشر من التواصل والاتصال فيما بينهم.(70)
و اللغة تمنح الإنسان بالإضافة إلى ما ورثه بيولوجياً فرصة كغيره للاستثمار الأمثل للثقافة والمعرفة. وقد أتاح العلم الحديث للغة ممكنات ووسائل متعددة للتعبير عن دقائق الأحكام الفعلية في صورها النظرية والتطبيقية ولمختلف الحاجات الإنسانية. نظراً لتعدد خصوصيات تلك الحاجات الإنسانية وأساليب إشباعها من الوجهة الاتصالية والإعلامية فقد عمد رجال الإعلام إلى إتباع النظرية المناسبة لهم في خطابهم الاتصالي الإعلامي لتجسيد المستويات الإعلامية الوظيفية المطلوبة وهي: 1- المستوى المعلوماتي: الذي يتوسل باللغة لتوصيل المعلومات إلى المتلقي بأسلوب مباشر وبصياغة واضحة ودقيقة. 2- المستوى الإقناعي: وهو الذي يقصد إقناع المتلقي ودعوته للالتزام الأولي ومن ثم تبني المضمون المطروح أو الفكرة المقصودة أو الرأي المراد إيصاله ومن ثم تدعيمه عن طريق خلق القناعات لدى مجموع الجماهير. 3- المستوى التعبيري: ويدخل في باب فن الأدب المستخدم في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السمعية والمرئية والمقروءة لاسيما المستندة منها على استعمال الصورة المتحركة أو الثابتة. وسنتناول في هذا الفصل عرض أولي للنظريات الإعلامية السائدة في العالم:
4/1- نظرية السلطة المطلقة: السلطة من أنظمة الحكم وتتمثل في الحكم المطلق لديكتاتور لا يؤمن بالحرية أو الديمقراطية ولا يسمح بمشاركة الشعب في الحكم على الإطلاق، وتستند السلطة باعتبارها نظاماً من أنظمة الحكم على فكرة (الحق الإلهي المقدس) وعلى الفكرة القائلة (بأن الحاكم ظل الله وخليفته في الأرض).
آ - مدخل لنظرية السلطة المطلقة: من المتفق عليه أن عام 1450 هو تاريخ ولادة الإعلام المطبوع وتشير المصادر إلى أنه تاريخ ظهور الطباعة، وقد كان الإعلام المطبوع خاضعاً للسلطة، ومقدار هذا الخضوع مرتبط بطبيعة المجتمع الذي يتواجد فيه. فإما أن يكون المجتمع يخضع للسلطة المطلقة، أو أن الفلسفة التي تحكم هذا المجتمع تدعو إلى ذلك.
وقد شهد العالم من هذه الفلسفات شتى أنواع السلطة المطلقة. وعلى سبيل المثال سيطرة الكنيسة ورجال الدين في المجتمع الأوروبي، التي خلقت من النظام السائد مجتمعاً خاضعاً للسلطة المطلقة، تحتل فيه الدولة درجة أعلى من الفرد في سلم القيم الاجتماعية ولا يستطيع الفرد في مثل هذا المجتمع أن يحقق أهدافه أو ينمي قدراته وملكاته إلا عن طريق خضوعه للدولة خضوع الخانع الذليل. وأن يكون أسمى تفكير عنده التفكير التابعي الذي يلغي الوعي والعقل والشخصية.
وفي دولة السلطة المطلقة، رجل أو رجال قليلون يشغلون مراكز القيادة، ويتمتعون بسلطات مطلقة، على الآخرين الطاعة والخنوع لها ولا وجود للتمثيل الشعبي في مثل هذه الدول. ولكن ما هو مصدر الحقيقة في مجتمع السلطة المطلقة؟
وللجواب على هذا السؤال يمكن أن نعتمد على حقيقة التفويض الإلهي أو على الإدعاء العنصري في مثل هذا المجتمع. الذي يقول بوجود جنس معين يعتبر نفسه أعلى من الأجناس الأخرى ويتمتع بحكمة أكثر منهم. وباختصار فالحقيقة تتمثل في قدرة القائد أو الجماعة المعينة على تقدير الظروف وتفهم المخاطر وتشخيص إمكانيات تخطيها.
وتعتبر الحقيقة في هذا المجتمع حكراً لهذه القلة التي تعتبر نفسها حكيمة، وترى أن من حقها أن توجه الجماهير الغفيرة. أي أن الحقيقة تتمركز حول مراكز القوة والسلطة، وليس من المهم في هذه الحالة البحث عن مصدر الحقيقة التي تستمد منها الدولة المتسلطة فلسفتها وسياستها. إذ أنها مقصورة على فئة محدودة من الناس، ولا يحق لأي فرد من الأفراد أن يتخذ إليها سبيلاً، لأن من أهداف الدولة المتسلطة الحفاظ على وحدة الفكر والعمل حسب اجتهادات السلطة، لإبقاء الجماهير في حالة من العوز والقهر حسبما تشاء.
بـ - أسس نظرية السلطة المطلقة: مذهب الحق الإلهي: وهو مذهب أعتمد من قبل الأباطرة في الحكم و توارثه النبلاء للاحتفاظ بأوضاعهم ومراكزهم وامتيازاتهم في السياسة والحكم وترجع هذه النظرية إلى أقدم عصور التاريخ.
وقد يرجع سيادة هذه الفلسفة أو النظرة إلى الإمبراطوريات الشرقية والغربية على حد سواء ما عدا بعض الاختلافات الجزئية الطفيفة التي تحدث بين كل حاكم وآخر في ممارسة التعسف على المجتمع. إذ لا ينكر أن بعضهم كان يؤمن بالحق والفضيلة وتبادل الرأي والمشورة، كما كان نقيضه يمارس الاستبداد والقسوة تحت تعبير أو فلسفة ظل الله وخليفته في الأرض، وقد كانت أوروبا تحت هذا الحكم خلال العصور الوسطى وتحول الشعب خلاله إلى عبيد أقنان خاضعين بصورة مطلقة لهذا الحاكم أو ذاك.
ج - الصحافة والسلطة المطلقة: لم تستطع الصحافة وأساليبها من تغيير شيء في نظرية السلطة المطلقة، بل إن سطوة هذه النظرية ازدادت وظلت تمارس تسلطاً جوهرياً على الصحافة وعلاقتها بالمجتمع ووظيفتها التي الإعلامية التي مارستها تحت سيطرة الحكم المطلق، ودأبت السلطة على تعزيز نظرية السلطة المطلقة للحفاظ على سلطانها المطلق وأخذت تحيط نفسها، بالعقلاء والحكماء وأصحاب الامتيازات الفكرية، القادرين على إدراك أهداف الدولة في السيطرة والاستقرار. وأخذت تمنحهم المناصب المرموقة في المجتمع ليعملون كمستشارين للحكام يحتكرون كل الحقائق الفكرية لأنفسهم ويسخروا فلسفاتهم وأفكارهم لخدمة الطبقة المسيطرة على جهاز الدولة، التي تعطيهم حق مخاطبة الشعب وأن يكونوا ألسنة للحكام تتصل بالجماهير عن طريق وسائل الاتصال الجماهيرية المتاحة، ومنها الصحافة المطبوعة التي حظروا عليها كل الآراء التي توقظ الشعب من سباته العميق، للإبقاء على الأوضاع القائمة.
وقد ارتبطت هذه النظرية في العصر الحديث ارتباطاً وثيقاً بأنظمة الحكم الشيوعية والفاشية والنازية، كالنظام الهتلري في ألمانيا النازية، ونظام موسوليني الفاشي في إيطاليا والنظم الفاشية في إسبانيا والبرتغال. حيث سيطرت الدولة المستبدة سيطرة تامة على أجهزة ووسائل الإعلام الجماهيرية وفرضت عليها تعبئة الشعب تعبئة عدوانية خدمة للأهداف التوسعية التي رسمتها لنفسها وتسببت في قيام الحرب العالمية الثانية التي أزهقت ملايين الأرواح البريئة لبني البشر.
د - الرقابة وسيطرة الأجهزة المسؤولة على الصحافة: تعتبر الرقابة من الركائز الهامة في نظرية السلطة المطلقة. ويمكن أن نرجع تاريخها إلى الرقابة الدينية في العصور الوسطى بأوروبا عندما كانت الكنيسة الرومانية في أوج قوتها. وكانت مصدر التفويض الإلهي. واستطاعت الكنيسة أن تسيطر في بلاد كثيرة، على الرأي العام وعلى حرية التعبير لعدة قرون. وسيطرت الكنيسة واستفادت من اختراع الطباعة إلى أن قامت الحكومات بالسيطرة على الوسيلة الإعلامية الجديدة. وكانت السيطرة عن طريق إصدار التراخيص للطابعين والناشرين ومن ثم تحكمت الحكومات على من مارس هذه المهنة بشكل عام. وقد كان الترخيص آنذاك يعتبر امتيازاً يلزم الناشر بطبع وتوزيع ما يرغبه الحاكم. غير أن هذا الأسلوب لم يجد نفعاً، مما أدى إلى فرض الرقابة المسبقة وفحص جميع الأصول المخطوطة من قبل ممثلي الحكومة قبل الطبع والنشر لإصدار الترخيص بالطبع، بقصد السيطرة على ما تنشره الصحف ودور النشر بشكل محكم.
وأخضعت الحكومات الاستبدادية دائرة الاتصال بالجماهير لقيود وعقبات ومعوقات كثيرة جعلت الطريق مفتوحاً أمام الدولة فقط، وأغلقته في وجه الأفراد لاغية بذلك أي نوع من أنواع حرية الإعلام. بحجة تحقيق أمن وسلامة الدولة. وبهذه الذريعة ألغت كل الحريات، وهو ما استقت منه الفلسفات الفاشية والعنصرية كل المبررات لإهدار حقوق الإنسان.
هـ - التاريخ الطويل للإيديولوجية السياسية لنظرية السلطة المطلقة: رأى أفلاطون أن تقسيم السلطة بالتساوي داخل الدولة يعتبر بداية تفكك وانهيار الدولة. وكانت حجة أفلاطون في ذلك أنه مادام الإنسان يتحكم بغرائزه وشهواته عن طريق العقل، فإنه على الحكام في الدولة بالمقابل أن يمنعوا المصالح المادية والعواطف الأنانية للجماهير من أن تسيطر على المجتمع.
وأكد أكثر فلاسفة العصور اللاحقة على قوة السلطة كميكافيلي الذي دعى إلى إخضاع كل شيء لأمن الدولة. وبرروا الأعمال اللا أخلاقية التي يمارسها القادة السياسيون والرقابة الصارمة على الحوار والمناقشة وعلى نشر المعلومات في المجتمع. معتبرين أن لها ما يبررها مادامت تخدم مصالح الدولة وسلطة الحاكم، أي أن الغاية تبرر كل وسيلة.
أما جورج هيجل الذي لقب بأبو الفاشية الحديثة والشيوعية الحديثة، فقد أعطى فلسفة السلطة المطلقة لمساتها النهائية حين قال: الدولة هي: روح الأخلاق وهي الإرادة وهي العقل. والدولة كحكم أو سلطة تعتبر هدفاً في حد ذاته وبالتالي فهي تتمتع بأكبر قدر من الحقوق التي هي فوق المواطنين الأفراد.
وهكذا فرضت نظرية السلطة المطلقة وجوهاً فكرية صارمة، تنبع من الإسهام الفكري للحكماء شريطة أن تخدم نظرياتهم المجتمع، الذي تسهر عليه الدولة بالرعاية والإرشاد واليقظة والرقابة. وهو ما صاغه الفلاسفة الأقدمون أمثال: سقراط وأفلاطون وأرسطو من نظريات فلسفية تخدم السلطة الاستبدادية، بدليل أن أفلاطون خلع صفة المثالية على الشكل الارستقراطي للدولة معتقداً أن طبيعة الإنسان واهتماماته المادية وعواطفه الأنانية تتسبب في تدهور الحكم من الارستقراطية إلى الديمقراطية، أي إلى التفتت والانحلال. واعتبر أن الدولة لا تجد الأمان إلا في أيدي الحكماء من رجالها، ورجال القانون من أنصارها، أصحاب المثل الأخلاقية العليا الني يتم فرضها على كل عناصر المجتمع، ليظلوا على الطريق القويم الذي رسموه لهم. معتبراً أن هذه الصفوة من البشر تجعل العقل يسيطر على عواطف القلب وغرائز الجسم.
4/2- نظرية الصحافة الحرة: سميت هذه النظرية بنظرية الصحافة الحرة كونها تؤمن بالفرد أساساً لها، وتعتبر أن الفرد يولد وهو مزود بحقوق طبيعية، وتؤمن وتفترض أن الفرد كائن عقلاني وأخلاقي وأن أخلاقيته تحدد له ما يجب المحافظة عليه دون قانون، أي تمتعه بالحرية المطلقة في حياته، وآرائه، والدعوة إلى العيش الكريم دون أي تدخل من السلطة. ويرى أصحاب هذه النظرية أن الفرد أسمى من الحكومة، ومن الدولة. وأن الدولة هي وسيلة فقط، أو واسطة يمارس من خلالها الفرد نشاطه، وحين تقف الدولة في وجهه فعليه محاربة تلك القوة التي تمنع تحقيق أهدافه التي يرغب الوصول إليها.
وقد ولدت هذه النظرية من رحم نظرية السلطة المطلقة، والاستبداد العبودي للإنسان متمثلة بسلطة: طبقة الحكام؛ وطبقة النبلاء؛ وطبقة الإقطاع؛ وسلطة الكنيسة. التي عانت منها الشرائح الاجتماعية على اختلاف أنواعها بالاضطهاد السياسي والاقتصادي والنفسي وحتى الديني، وكان الظلم المتمثل بنظام الأقنان من أقسى أنواع الظلم البشري، ولذلك فقد تمتع النظام الحر أو الليبرالي في بعض التسميات، بمسحة سحرية تمتع بها الفرد ومن ثم المجتمع بالديمقراطية الليبرالية والتقدم بمعايير ذلك الزمن.
آ - مبادئ النظرية الحرة: تعتمد نظرية الصحافة الحرة على مبدأين أساسيين هما: 1- مبدأ الفردية. 2- مبدأ المنافسة.
ويرتبط هذان المبدآن ارتباطاً وثيقاً بالنظريات الاقتصادية والسياسية. ويعتبران مبدأ الفردية أو الحرية الفردية من المبادئ الواضحة في مفهوم النظرية الحرة ويرتكز أساساً على حرية النشاط الفردي في المجالات الاقتصادية والسياسية، كرد فعل لما ظل سائداً لقرون طويلة من اضطهاد للفرد من قبل الإقطاع. حيث ناضل الرواد الأوائل لهذه النظرية من أجل أن تظل الحكومات بمنأى عن التدخل في شؤون الأفراد ونشاطاتهم الاقتصادية والفكرية. وفي شؤون وسائل الاتصال والإعلام أيضاً.
بـ - إيديولوجية نظرية الصحافة الحرة: كان ظهور نظرية الصحافة الحرة نتيجة للتطورات الفكرية والأحداث السياسية والاجتماعية التي مر بها المجتمع الأوروبي. ومن أهم تلك الأحداث في التاريخ الأوروبي الحديث اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789 التي أعلنت حقوق الإنسان وطرحت مبادئ كان لها تأثير كبير في التاريخ الإنساني. سمحت للفرد بالتحرر ومزاولة نشاطاته الاقتصادية والفكرية دون أي نوع من التدخل من جانب الدولة. واعتبرت الدولة مسؤولة عن وظائف محددة هي: 1- المحافظة على القضاء والأمن في الداخل. 2- الدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء خارجي. 3- احترام حقوق المواطن في التفكير والعمل الاقتصادي والاجتماعي والفكري والسياسي.
ورأت نظرية الحرية المرتكزة على الإيمان المطلق بالإنسان، على عكس نظرية السلطة المطلقة التي تنظر إلى الإنسان على أنه جزء من المجتمع تنحصر قيمته وفقاً لفهم السلطة. أن سعادة الفرد هي الغاية من وجود المجتمع، بينما رأى أنصار مذهب السلطة المطلقة أن سعادة المجتمع هي الغاية من وجود الفرد حتى وإن كانت تلك السعادة على حساب حياته الخاصة. وساعدت نظرية الحرية على ظهور الديمقراطيات الرأسمالية، ومن ثم ظهور الاحتكارات بأوسع معانيها.(71)
وحقق مفهوم نظرية الحرية انتصارات كبيرة على صعيد المجتمع وعلى صعيد الفرد فتوسع التعليم الذي لم يكن متيسراً كما هو معروف الآن قياساً بما تحقق بعد زوال العهد الإقطاعي الاستبدادي، ومنح حق الانتخاب لأكثر المواطنين ومنها حق الفرد في ممارسة نشاطاته الاجتماعية، والتنافس للحصول على أكبر قدر ممكن من الربح المادي، وزيادة الإنتاج مما حقق للمجتمعات الرفاهية والتقدم.
وظهر مفهوم الحرية بادئ الأمر في أوساط الطبقة الوسطى في المجتمع الأوروبي، مطالباً بالحرية، وضمان حقوق الأكثرية في المجتمع. وتجلى هذا الأمر بوضوح عندما تبنت الحركات السياسية مبدأ المناشدة بالحرية.
وكان لظهور الفيلسوف جون لوك أثر كبير على تطور نظرية الحرية، عندما قال: أن الشعب هو مصدر السلطات. وفسر هذا القول بأن الشعب يمكنه أن يسحب السلطة متى شعر بأن الحكومة لا تعمل لصالحه.
وجاء جون ملتون 1644م ليقول: أن الحقيقة لا تضمن لنفسها البقاء إلا إذا أتيحت لها الفرصة لأن تتقابل وجهاً لوجه مع غيرها من الحقائق في طرح كامل وبحرية تامة.
بينما رأى جون راسكين: أن كل إنسان يسعى لتنوير الآخرين لا إلى تضليلهم، ومن حقه أن ينشر كل ما يدور بعقله وما يختلج ضميره سواء أكان في الموضوعات الحكومية أم في الموضوعات الخاصة.
أما جون ستيوارت فقال: أن من حق الفرد الناضج في المجتمع أن يفكر ويتصرف كما يشاء مادام لا يؤذي أحداً بتفكيره أو تصرفه. وما دام هذا التفكير والتصرف يؤديان إلى منفعة الآخرين.
وانتشرت هذه الطروحات الفلسفية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وكانت ترمي في الأساس ما يلي: 1- تطبيق الحرية بمعناها الواسع. 2- احترام الإنسانية وحفظ قيمة الفرد. 3- ضمان مستقبل الفرد. 4- تحقيق الرفاهية والسعادة للمجتمع. ولم تجد تلك المبادئ طريقها إلى التطبيق إلا في العقود الأخيرة من القرن العشرين، في ظل هيمنة الدول الصناعية المتقدمة وسيطرتها على الاقتصاد ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
د - الصحافة الحرة ووسائل الإعلام الجماهيرية: لكل نظرية من النظريات شكلها المعين ومفاهيمها المعينة التي تسيطر من خلالها على أساليب وأنماط الإعلام. وتنبع فلسفة الإعلام عادة من فلسفة الدولة، فالإعلام في نظرية السلطة المطلقة هو إعلام استبدادي شمولي، أي أن الدولة كما ذكرنا تحل محل الشعب عن طريق كتابها وألسنتها الناطقة باسمها، ولا تسمح إطلاقاً إلا بما يراعي مصالحها وتوجهاتها. إضافة لتفرضها رقابة قسرية على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
وقد أدى ظهور نظرية الحرية إلى صراع تمثل بين المفهوم الغربي للحرية، والمفهوم السوفييتي للحرية، إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بقيادة الإتحاد السوفييتي والاختلاف المطروح كان في أي المفهومين أصدق أو أقرب أو أنفع للفرد والمجتمع؟ فكلا الجانبين يتهمان بعضهما باضطهاد الإنسان واستغلاله وكل منهما طرح أسلوبه وأفكاره وفلسفته بين الجماهير وروج لها بين الشعوب. وقد سخر الماركسيون من الحرية النظرية التي عرفها العالم الغربي عندما أعلن ستالين: "إنه لا معنى مطلقاً للحرية بالنسبة للمتعطل، ولا معنى للحرية بالنسبة للجائع فإن الحرية لا توجد إلا عندما يختفي الاستغلال والتسول والخوف أو يختفي شبح البطالة من المجتمع اختفاء تاماً ".(72)
وهذا كلام واضح لا يحتاج إلى تعليق. فالسخرية تبدو رافضة تماماً لهذه النظرية.بينما أعلن الغربيون أن صحافتهم تتمتع بالحرية المطلقة وأن الصحافة السوفييتية تنوء تحت وطأة السلطة، وأنها تخضع كل الخضوع للرقابة الحكومية أو رقابة الحزب الواحد. بينما أعلن السوفيت أن صحافتهم غير مأجورة كالصحافة الأمريكية التي اتهموها بأنها مأجورة، وأن الصحافة السوفييتية ليست خاضعة لسيطرة رأس المال والاحتكار كما هو الحال في الغرب. ووصفت الصحافة الأمريكية نفسها بأنها صحافة الخبر وأنها تساير في ذلك التطور الصحفي في البلاد المتقدمة، وأنها قادرة على نشر الأخبار بسرعة فائقة، وأنها أقدر من سواها على تسلية القارئ وإمتاعه وتزويده بالمعلومات النافعة.
بينما ردت الصحافة السوفييتية بقولها أن السبق الصحفي في الأخبار وتسلية القراء لا يعتبران جزءاً من الخدمة العامة التي تقدمها الصحافة الرشيدة للشعب. كون أن خبر التسلية والترفيه عن القراء كثيراً ما يكون منافياً للشرف الصحفي وفق المفهوم السوفييتي له.
وعلى العموم فإن الغرب يضع الحرية في المرتبة الأولى والمسؤولية في المرتبة الثانية بينما السوفييت قبل الانفتاح الغورباتشوفي كانوا يضعون المسؤولية أولاً والحرية بعد ذلك. وتغيرت الظروف والطروحات بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، ولاحت تباشير الانفتاح على المفهوم الغربي للحرية والديمقراطية في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للدول المستقلة التي قامت على أنقاض الإتحاد السوفييتي السابق، وأنقاض المنظومة الاشتراكية السابقة التي كان يقودها الإتحاد السوفييتي في أوروبا الشرقية.
4/3- النظرية الاشتراكية للصحافة : ظهر مفهوم النظرية الاشتراكية مع بداية عام 1830 واستمر في تطوره حتى عام 1948. وخلال هذه الفترة الطويلة التي دامت قرابة القرن من الزمن ظهر الكثير من المفاهيم والمذاهب الفلسفية والأفكار السياسية المكملة لمفهوم الاشتراكية. وكان أولها ما ظهر في فرنسا إبان الثورة الفرنسية التي اعتمدت على المنشورات والمطبوعات في نشر أفكارها.
ولأول مرة ظهر مصطلح الاشتراكية بمعناه السياسي الحديث الدال على نظام اجتماعي واقتصادي في الصحافة عندما نشرت صحيفة (كلوب) عام 1832 مقالة عنها بقلم بيير ليرو أحد أتباع مدرسة سان سيمون الفلسفية. وأطلق تعبير الاشتراكية للتعبير عن الفلسفة الاجتماعية الإصلاحية التي آمن بها أتباع هذه المدرسة المؤمنة بالنظرة الإنسانية إلى الطبقات المعدمة. ولكن سرعان ما اتسع مدلول الاشتراكية بفضل فورييه، وبرودون، ولويس بلان، لتعبر عن التطلع إلى نوع جديد من النظم الاجتماعية.
آ - التيارات الاشتراكية: تبلورت في أوروبا ثلاثة تيارات اشتراكية، وهي تيارات تمثل خلاصة للصراع الإنساني ضد الاحتكار الرأسمالي وفق المفهوم الاشتراكي، وهي:
1- الاشتراكية الإنتاجية: التي تتبنى مشاريع تنمية الثروة القومية وإطلاق طاقات رأس المال في المشروعات الإقليمية والعالمية. داعية الناس القادرين على الإنتاج والبذل وفق مفهوم الكل منتج دون تدخل من الدولة، تاركين الأمر للتجار والصناعيين والمثقفين والعلماء والفنيين لتحقيق الكفاية، وتزعم هذه المدرسة الفيلسوف سان سيمون وأتباعه.
2- الاشتراكية التعاونية: وتزعم هذا الاتجاه في إنكلترا الفيلسوف ورجل الصناعة روبيرت أوين، وفي فرنسا شارل فورييه، واعتبر أوين أن حل المشكلة يتوقف على خلق النموذج الاشتراكي الإنساني الذي سوف يجذب أصحاب النوايا الطيبة من الأغنياء ورجال المال والصناعة. وأعطى المثال بنفسه عندما أقام مستعمرة اشتراكية على أساس المساواة المطلقة والمشاركة في الجهود والأرباح، وانتفاء الأسلوب الرأسمالي الاستغلالي في التعامل.
3- الاشتراكية العلمية: التي صاغ نظريتها الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية كارل ماركس، بعد استيعابه الفلسفة الجدلية لهيجل، ومذهب الاقتصاد الحر لآدم سميث، والدراسات الفلسفية الاجتماعية لسان سيمون وتلاميذه.
بـ - دعائم النظرية الاشتراكية للصحافة: تقوم النظرية الاشتراكية للصحافة والإعلام على دعائم أساسية هي: 1- ملكية الشعب لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. 2-ربط مؤسسات ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالمجتمع الاشتراكي ربطاً وثيقاً، وتحديد دور إيجابي يلتزم به جميع العاملين في الميدان الإعلامي.
وبهذا الوضع وانطلاقاً من هذه الأفكار فإن الصحافة التي تؤمن بهذه الفلسفة هي صحافة واقعية لا عناية لها إلا بالموضوع أو الموضوعية الأكاديمية، لذلك فهي تؤمن بالواقع الملموس من المكاسب التي تحصل عليها الطبقة الكادحة. وتضع المسؤولية العامة اتجاه الطبقة أولاً والحرية ثانياً.
وعلى هذا الأساس أصبح للحرية الصحفية في النظام الاشتراكي معنى مخالفاً تماماً لمعناها في النظام الرأسمالي، ووفقاً لمصالح الطبقة الكادحة(73) فإن النظام الإعلامي الاشتراكي يؤمن بما يلي: 1- حرية القول. 2- حرية الاجتماع بما في ذلك الاجتماعات الشعبية. 3- حرية التجمع أو المواكبة أو التظاهرات لتحقيق غرض معين.
ولم يعد بالإمكان التحدث عن نظرية إعلامية اشتراكية سوفيتية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، وتفكك الجمهوريات السوفييتية إلى جمهوريات مستقلة ذات سيادة واستقلال وطني، وتحول أغلبية دول المنومة الاشتراكية إلى أنظمة ديمقراطية لها أساليبها السياسية والإعلامية الخاصة بها وعلاقاتها الدولية المبنية على مفاهيم جديدة. بل أن بعض هذه الجمهوريات الجديدة أخذت تعمل على تكييف نظرية الإعلام الحر لممارساتها الإعلامية الفعلية.
4/4 - نظرية المسؤولية الاجتماعية: ولدت نظرية المسؤولية الاجتماعية نتيجة للمعاناة من النظريات التي سبقتها. وبتأثير من نتائج الحرب العالمية الثانية. وقد وجد المفكرون في المبادئ والوظائف والصيغ الجديدة انعكاساً للنظرية الليبرالية.
وأعتبر القرن العشرين الميدان التطبيقي لأفكار هذه النظرية في المجتمع والدولة، وكان أمثل تطبيق لأفكار هذه النظرية في الولايات المتحدة الأمريكية التي طبقت فيها ومن ثم أخذت بالانتشار في بقية أنحاء العالم.
وتوجهت أفكار ومبادئ هذه النظرية بالنقد لأفكار النظرية الليبرالية (نظرية الحرية). ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها هذه النظرية: 1- إعطاء الحقيقة للفرد ولا يحق التستر عليها ولا يجوز تزويد الفرد بمعلومات كاذبة أو ناقصة. 2- ممارسة النقد البنّاء والقبول بأي فكرة أو طرح جديد من قبل الفرد وتقبل مناقشة ذلك الفرد، لتصحيح الخطأ إن وجد بأسلوب ديمقراطي بناء هادف وهادئ. 3- نشر أهداف المجتمع وخططه التربوية والتعليمية والاقتصادية. فالإعلام يهدف إلى خدمة المجتمع ويبشره بالرفاهية، واحترام حقوق الفرد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. 4- إتاحة الفرصة للفرد للحصول على المعلومة التي يستفيد منها أو يريد أن يتعلمها أو يضيفها إلى حصيلة مستواه الثقافي والسياسي من خلال فكر الدولة أو فكره الشخصي.
وتتلخص الوظائف العامة لنظرية المسؤولية الاجتماعية بالتالي: 1- خدمة النظام السياسي المتفق عليه من قبل الأغلبية. 2- إعلام الرأي العام وإعلاء ممارسة حكم الشعب لنفسه. 3- حماية حقوق الأفراد في المجتمع، وحقوق الدولة لخدمة المجتمع باحترام النظام العام، واحترام حركة الإعلام. 4- خدمة النظام من خلال إبراز الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. 5- تقديم البرامج المتوازنة الخاصة بالتسلية والترفيه للفرد من خلال ذلك القسط من الحرية الممنوح من الدولة وبما يحقق راحة الجميع. 6- التركيز على مبدأ تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ووجهت هذه النظرية بعض أوجه النقد للنظرية الليبرالية (نظرية الحرية) وتمثل هذا النقد في: 1- أن الصحافة لم تؤد دورها الصحيح في عرض وجهات النظر المختلفة للأفكار المطروحة في المجتمع. بينما تؤمن نظرية المسؤولية الاجتماعية بضرورة إعطاء الحقيقة ووجهات النظر المختلفة كلها دون مراوغة أو تضليل الفرد وإنما منحه حقيقة الفكر المطروح من خلال الوسائل الإعلامية الجماهيرية. 2- وأن نظرية الحرية الليبرالية تهدف إلى إثارة الأحاسيس والمشاعر في المجتمع. ولذلك فإنها لا تعطي الحقيقة كلها بل تجزئها وأحياناً تحرفها، بشكل يؤدي إلى خداع المجتمع في النهاية، وقد يساند الفرد ممارسات تلك الدولة أو تلك دون أن يعرف توجهها الصحيح، ولكنه يكتشف بعد فوات الأوان أنه كان مخدوعاً. بينما تخالف نظرية المسؤولية الاجتماعية هذا الرأي وتؤكد على ضرورة ممارسة حرية إعلام المواطن بالخبر والأحداث ومنحه حق منافسة الدولة والآخرين بشكل يؤدي إلى العمل والتعاون والتقدم.
وتتحمل الصحافة ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الأخرى قدراً من المسؤولية في ممارسة البناء والنمو الاجتماعي على أساس الالتزام بحقوق الآخرين. فالحرية تنطوي على قدر كبير من المسؤولية الاجتماعية ولذلك فإن الحرية ليست حقاً طبيعياً يعطى دون مقابل، بل حقاً مشروطاً بمسؤوليات يمارسها الإنسان اتجاه نفسه واتجاه المجتمع.
ولا يحق لأحد الاعتداء على حريات الآخرين. أي أن الحكومة والشعب يعطيان للصحافة حقها في حرية التعبير، ولكن في نفس الوقت يمكن أن يفقد هذا الحق فيما لو أسيء استعماله ولا يمكن عزل المجتمع والصحافة والدولة عن بعضهم البعض
والتمتع بالحقيقة وحرية الرأي أمر ضروري للأطراف الثلاثة الدولة والمجتمع ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية لأن الغاية واضحة للجميع. وتبدأ عملية تفكير الفرد فور تسلمه للخبر ليناقشه مع نفسه أولاً ومن ثم مع السياسة المعلنة للدولة ووسيلة الاتصال والإعلام الجماهيرية المنتمية لتلك الدولة مخالفة أم مؤيدة لرأي وفكر الدولة.
وبذلك يصبح الفرد متمتعاً بالحرية والحقيقية والقدرة على التعبير عن رأيه وأفكاره ومفاهيمه ومواقفه. إلا أن هذا لا ينفي وجود الرقابة الموضوعية على النشر. إذ أن الرقابة موجودة ولا تسمح بنشر أي شيء يتعارض وتوجه وخدمة الجماهير العريضة، ولا يهم الرقابة الآراء المتعلقة بالأفراد كأفراد، لأنها تضع مصلحة المجتمع فوق كل المصالح، وتحترم المصلحة الجماعية لذلك المجتمع.
4/5 - نظرية المسؤولية العالمية للصحافة: تهدف نظرية المسؤولية العالمية، إلى: 1- ربط أجهزة الاتصال والإعلام والعاملين فيها بقضية الإنسان في كل مكان. 2- رفع مسؤولية الإعلام إلى مستوى القضايا العالمية التي تحتاج إلى كلمة الحق المنزهة عن الهوى، وإلى الموضوعية التي تفتقر لها أجهزة الاتصال والإعلام في المجتمعات المختلفة. 3- تحقيق المساهمة الإيجابية لأجهزة الاتصال والإعلام في معركة الوجود الإنساني نفسه. 4- نبذ ومحاربة التهديدات الإنسانية المصيرية والمتمثلة في الحرب النووية والاحتكارات والمصالح الدولية.
وأهداف وغايات هذه النظرية بالأساس تنبثق من مفهوم خدمة المجتمع الإنساني ككل. وهذه النظرية تعتبر امتداداً للنظريات الإعلامية السابقة ولكنها قد تكون أكثرها شمولاً كونها تنطلق من وإلى المجتمع الإنساني الأشمل. دون تحديد لجنس هذا المجتمع لأنها ترفض الأفكار العنصرية والعرقية والدينية وتعمل على خدمة الإنسان من كل جوانب حياته، وتؤمن بتوفير الحرية الكاملة والكافية التي تمكن الإنسان من إبداء رأيه وأفكاره، من خلال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المتاحة. وتتلخص فلسفة هذه النظرية بالعبارة التالية: (حب الإنسان للإنسان)....
ومهما تكن الاختلافات بين الإنسان والإنسان الآخر فإن شعار هذه النظرية يؤكد على التآخي ودعوتها الصريحة تتسم بالبساطة والوضوح. فقد استندت إلى حقيقة موضوعية في ارتباط الإنسان بالإنسان الآخر من حيث الحضارة والمصالح والتاريخ والجغرافية والديانات وكل ذلك يستدعي من الإنسان أن يحب أخيه الإنسان الآخر في العالم الإنساني الواسع الفسيح الأرجاء. وقد تختلف أو لا تختلف الغاية من الأهداف التي تتضمنها هذه النظرية. إلا أن الغاية الأساسية تركز على تكييف طبيعة الصراع الإنساني لتحقيق الغاية الأسمى. غير أن هذه النظرية لا يمكن تحقيقها ما لم يظهر من بين دعاتها أفراداً مخلصون لمبادئ الإنسانية عموماً.
والذاتية كنزعة إنسانية فردية تقود بعض المنظرين والسياسيين المتزعمين لحركة المجتمع أو المتزعمين لحركته الفلسفية والفكرية إلى ضيق الأفق. فالإخلاص هنا يركز على مبادئ الإنسانية جمعاء، وليس على المبادئ الذاتية التي تضلل الناس المتطلعين إلى السلام والحرية. ومحاربة كل وسائل الإعلام الرأسمالية التي تعمل على استلاب حياة الناس واستلاب رغيف الخبز الذي يعيشون عليه.
وتعتبر أن الإنسان المتطلع إلى مبادئ المسؤولية العالمية بحق، هو ذلك الإنسان المنادي بالحرية الحقيقية وبمفهومها الحقيقي، ومعناها المناهض للوسائل المتخلفة التي تعمل على تفكيك وتجزئة شعوب العالم من خلال النزاعات الدينية والتوسعية والعبودية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. والتي في النهاية تحطم الإنسان في كل مكان. لذلك ومع توسع الثورة الإعلامية والتكنولوجية وخضوع أجهزة الاتصال والإعلام للاحتكارات أو الفئات الحاكمة والسير في ركابها وعدم ارتباطها بالمجتمع وتسخير قدراتها لخدمة قضاياه.
ويحتاج تطبيق هذه النظرية العالمية لأولئك الرجال الذين يستطيعون تخطي الحواجز الإقليمية والارتفاع فوق الصراعات والمصالح الشخصية والقطاعية والإقليمية والنظرة إلى الإنسان كإنسان في كل مكان. وقد وجدت محاولات فردية كالمحاولة التي قام بها الفيلسوف البريطاني برتراند راسل، وعارض فيها الحرب الفيتنامية، وجهود بعض الكتاب الأحرار في مقاومة التفرقة العنصرية.
ولكن هذا الذي يحدث هنا وهناك لم تواتيه القوة المؤثرة ولا زالت تلك النظرية بعيدة عن الرواج أو التأثير. كما ونجد أن الكثير من المحاولات العالمية الإعلامية والسياسية لمناصرة حقوق الشعوب المضطهدة وقضاياهم العادلة، وفضح المخططات التوسعية والعنصرية في العالم، دون المستوى المطلوب. ونرى أن الأمم المتحدة معنية في إعادة النظر في جميع الممارسات الإعلامية المستندة على مبدأ حق امتلاك التكنولوجيا، الذي يعني حق احتكار المعلومات والأخبار. فالقضايا الإنسانية وحقوق الشعوب المهضومة جميعها تمثل جوهر عملية الاتصال والإعلام الإنساني الموالي للحب والسلام والوئام بين شعوب العالم على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المنافع والمصالح الإنسانية.(74)
الهوامش
(1) - د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص ص 365 - 366.
- William L: Rivers and Wilbur Schramm, Responsibility Mass Communication. New York, Harper & Row, 1969. p. 6
(2) - W. Schramm: One Day In the Wold's Press. pp. 3 - 6.
- Harry Goldstein: " Reading and Listening Comprehension at Various Controlled Rates " (N.Y.: Teachers College, Columbia University Bureau of Publications, 1940).
(3) - P. Lazarsfeld: Radio and the printed Page. ( N.Y.: Duell Sloan and Pearce, 1940 ).
- Lazarsfeld et al: The People's Choice, McGhee, New strategies for Research in the Mass Media.( N.Y.: Bureau of Applied Social Research, Columbia University 1953 ).
- Leo Bogart: the Age of Television. ( N.Y.: Frederick Unger, 1956 ).
((4 - رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984، ص81.
(5) - نفس المصدر السابق. ص ص 81 - 85.
(6) - د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص ص 368 - 369. و
- H. Blumer: Movies and Conduct. ( N.Y.: the Macmillan Company 1933);
- W. Charters: Motion Pictures and Youth. (N. Y.: Macmillan 1933);
- Doob, Propaganda: Its Psychology and Technique. (N.Y.: Henry, Holt and Company 1935)
((7 د. جهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 355.
(8) Schramm: " Communication Development and the Development Process," in Lucian Pye (ed) Communication and Political Development. (N. J.: Princeton University Press 1963).
((9 د. جهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص ص 356 -357.
- Alan Hancock: Mass Communication (London, Longmans, 1966) pp. 1-4.
((10 جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. صحيفة الدستور الأردنية 1/7/1997.
(11) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990، ص18.
(12) W. Phillips Davison: International Political Communication. New York. Fredrick A. Paeger. 1965, pp. 3-10.
((13 إيهاب السوقي: الأبعاد الاقتصادية للتقدم التكنولوجي على أداء التجارة الخارجية. مجلة السياسة الدولية، العدد 129، مؤسسة الأهرام ، القاهرة يوليو 1997. ص 213.
(14) كريم حجاج: حرب المعلومات وتطور المذهب العسكري الأمريكي. مجلة السياسة الدولية، العدد 123، مؤسسة الأهرام، القاهرة يناير 1996. ص 122. و
- Peter Drucker: The New Realities: In Government and Politics, In Economics and Business, In Society and World View (New York: Harper & Row Publishers, 1989), Scott Lash., John Urry. The End of Organized Capitalism (Cambridge: Polity Press, 1993).
(15) Colin Cherry: World Communication, Threat or Promise. A sociotechnical App-roach, London, Wiley-Interscience. 1971. pp.57-102.
- د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، 1990، ص 31.
(16) Bogdan Osolnik: Some Problems Concerning International Communication from the View Point of Implementing the Principles of the Charter of the U.N. and the Declaration of Human Rights, Symposium Ljubljana 1968, Mass Media and International Understanding. School of Sociology, Political Scince and Journalism. Ljubljana. 1968, pp. 7-15.
((17 د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990، ص 35.
(18) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص ص 35 - 36.
(19) حقائق أساسية عن الأمم المتحدة 1972 - ص ص. 140-146.
(20) القاموس الدبلوماسي في ثلاثة أجزاء، الطبعة الرابعة، ناووكا موسكو 1986. (باللغة الروسية)
(21) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990،ص 41.
- Dinker Rao: Mankekar, Mass Media and International Understanding as a Newly - Emerged. Underdeveloped Country Looks at the Problem. Symposium Ljubljana 1968, op. cit. pp. 235 - 239.
- Theodore E: Kruglak. The international News Agencies and the Reduction of International Tensions. Symposium Ljubljana 1968. op. cit., pp. 240-244.
- Khalil Sabat: Role de La Veracite del' Information Dans La Compréhension Internationale. Symposium Ljubljana 1968. op. cit., pp. 245-252.
(22) Oton Pancer: Le Roie de la Langue International Dans La Communication Publique et Dans La Compréhension Internationale. Symposium Ljubljana 1968, op. cit., pp. 337 - 339.
(23 د.محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990، ص 43.
(24) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأ نجلو المصرية، القاهرة 1990، ص ص 50 - 53.
(25) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990.
- Wilbur Schamm: Mass Media and National Development, The Role of Information in the Developing Countries Stanford University Press, 1966.
- Mohamed Habiboullah Ould Abdou: L'information en Mauritanie, Thèse de Doctorat de 3e. Cycle. Université de Paris 2, 1975.
-Mohamed Ali Khandan: Sima, Information et Politique Pétrolière. Thèse de Doctorat de Spécialité en Science de L'Information, Université de Paris 2, 1973-1974.
((26 د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 573.
(27) د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 373.
- Marshall McLuhan, Quentin Fiore: The Medium is the Massage: An Inventory of Effect (N. Y. Bantam Books 1967) pp. 26-40.
((28 د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص ص 61- 63.
- Theodore E. Kruglak: The International News Agencies and the Reduction of International Tensions, Symposium Ljubljana, 1968. op. cit., pp. 240-244.
((29 جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. صحيفة الدستور الأردنية، عدد 1/7/1997.
(30) رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص ص631-658.
- د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 65-70.
(31) Carol H. Wese: What America's Leaders Read. Public Opinion Quarterly, Voi. XXXVIII. No. 1. Spring 1974, pp. 1-22.
(32) Sean MacBride and Others: One World: Many Voices More Efficient World Inform-Just and Towards a New More ation and Communication Order, Paris: Unesco, 1980, p. 34.
((33 د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 72.
(34) Paul A. V. Ansah: International News: Mutual Responsibilities of Developed and Developing Nations in World Communication. Edited by Gerbner & Siefert, N. y., Longman inc, 1984, pp. 83-85.
(35)- Hamid Mowlana: International Flow of Information: a Global Report and Analysis, Paris: Unesco, 1985, pp. 21-23.
- Ithiel de Sola Pool: The Changing Flow of Television, Journal of Communication, Spring 1977.
(36) C. Anthony Giffard: The Inter-Press Service: New Information for a New Order, Journalism Quarterly, Spring 1985. pp. 17-18.
((37 د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، الـتأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. السياسة الدولية العدد 123، مؤسسة الأهرام، القاهرة يناير 1996.
- د. عارف رشاد: التعامل مع انترنيت: العالم رهن إشارتك. مجلة عالم الكمبيوتر العدد 86، السنة الثامنة، فبراير 1995. ص ص 18-22. والعدد 87، مارس 1995. ص ص 18-23.
- د. عارف رشاد: انترنيت: نشأتها، تطورها، حجمها، وسبل الولوج إليها. مجلة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونيات العدد 7، المجلد 12، سبتمبر 1995. ص ص 26-74.
(38) د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال. التأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. مجلة السياسة الدولية العدد 123- يناير 1996. ص ص 102-116.
(39) د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 84.
-International Information and Communication Order. Source Book, Prague: International Organization of Journalists, 1986.
(40) Ralph k. Whito: Propaganda, Morally Questionable and Morally Unquestionable Techniques, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971. pp. 26-35.
- Charles A. Siepmann: Propaganda Techniques, Voice of the people Readings in Public Opinion and Propaganda, Editod by Reo M. Christenson and Robert O. Mc Williams, 2nd Edition, New York, Mc Graw - Hill Book Company. 1967. pp. 331-339.
(41) Arthur Goodfriend: The Dilemma of Cultural Propaganda. " Let It Be ", The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Voi. 398, Nov. 1971. pp. 104-112.
(42)- LE PETIT LAROUSSE: Dictionnaire encyclopédique. Larousse, Paris 1993. p. 1124.
(43) Geoffrey Reeves: Communications and the Third World, London, Rout ledge, 1993,p.1.
((44 د. الفت حسن أغا: النظام الإعلامي الأوروبي في عالم متغير. مجلة السياسة الدولية، العدد 109، يوليو 1993. ص 318.
(45)- نفس المرجع السابق.
(46) Josiane Jouet & Sylvie: New Communication Technologies: Research Trends, Reports and Papers on Mass Communication, No. 105, Unisco, Paris, 1991, pp. 27-39.
((47 د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، التأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. مجلة السياسة الدولية، العدد 123، يناير 1996. ص 105.
(48) Harold Beeley: The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398 Nov. 1971, pp. 125-127.
(49) John Martin: Effectiveness of International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971, p. 61.
- د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص ص 97-100.
(50) - نفس المصدر السابق. و
- Joseph T. Klapper: The Effects of Mass Communication. New York, Free Press, 1960, pp. 108-109.
((51 ليستريبرسون: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، القاهرة، دار المعارف بمصر 1971. ص 35 وما بعدها.
- د. جبار عودة العبيدي، هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص ص 7-13.
(52) محمد عاطف غيث: التنمية الشاملة والتغير الاجتماعي. مطبعة كريدية. بيروت 1974.
- سها سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها. معهد الإنماء العربي. بيروت 1978.
(53) Carlo Mongardini: A new definition of the concept of development. The New International Economic order Vienna 1980. p. 41.
((54 حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى ندوة خبراء السياسات الإعلامية والوطنية. بنغازي 25-28 نيسان/ أبريل 1983. ص 105.
(55) د. جبار عودة العبيدي، هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص 8.
(56) التقرير الختامي لندوة خبراء " إستراتيجية تنميـة القـوى العاملـة العـربية في بغداد "
4-6 تشرين أول/أكتوبر 1982. مجلة العمل العربي العدد 25/1982. ص 105.
(57) د. كمال بلان، وسليمان الخطيب: المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي ومدلولاتها على التنمية. مجلة الإعلام العربي. العدد 2 المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليسكو). تونس 1982. ص 78.
(58) أوسكار لانجه: التخطيط والتنمية الاقتصادية. مركز الدراسات الاقتصادية. دمشق 1970. ص 9 وما بعدها.
(59) ليستريبرسن: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، دار المعارف بمصر، القاهرة 1971. ص 233.
(60) د. طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث. دار الطليعة. بيروت 1971. ص 74.
(61) محمد مصالحة: نحو مقترب علمي لحق الاتصال في الوطن العربي. مجلة شؤون عربية العدد 24 آذار/مارس 1983.
(62) إدوارد كوين: مقدمة إلى وسائل الاتصال. ترجمة وديع فلسطين، مطابع الأهرام، القاهرة 1977. ص 28.
(63) اليونسكو: التقرير الختامي للجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلان. باريس 1978. ص 21 وما بعدها.
(64) د. الإدريس العلمي: الإعلام الذي نريده: دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الإعلام والاتصال في الوطن العربي. 1983. ص 11.
(65) د. سهير بركات: الإعلام الإنمائي وإعداد البنية البشرية الإعلامية العربية. مجلة الإعلام العربي العدد 2، كانون أول/ديسمبر 1982. ص 82.
(66) ولبر شرام: وسائل الإعلام والتنمية القومية. ترجمة أديب يوسف. وزارة الثقافة، دمشق 1969.
(67)- د. عبد الوهاب مطر الداهري: دراسات في اقتصاديات الوطن العربي. معهد البحوث والدراسات العربية. بغداد 1983. ص 31 وما بعدها.
(68) نادي روما: من التحدي إلى الحوار. ج2، ترجمة عيسى عصفور. وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق 1980. ص 150.
(69) حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983. ص ص 9-10.
(70) جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972. ص 82.
(71)- انظر نص الإعلان في مجلة الإعلام العربي (الأليسكو) العدد 2 ديسمبر/كانون الأول 1982. ص 171 وما بعدها.
(72) د. جبار عودة العبيدي، و هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص 21-23.
(73) UNESCO: Final Report. Intergovernmental Conference on Communication in Latin American & the Caribbean. San Jose Costa July 1976. p. 23.
(74) د. جبار عودة العبيدي، وهادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص ص 29-31.
المراجع
باللغة العربية:
1. إدوارد كوين: مقدمة إلى وسائل الاتصال. ترجمة وديع فلسطين، مطابع الأهرام، القاهرة 1977.
2. د. الإدريس العلمي: الإعلام الذي نريده: دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الإعلام والاتصال في الوطن العربي. 1983.
3. أوسكار لانجه: التخطيط والتنمية الاقتصادية. مركز الدراسات الاقتصادية. دمشق 1970.
4. إيهاب السوقي: الأبعاد الاقتصادية للتقدم التكنولوجي على أداء التجارة الخارجية. مجلة السياسة الدولية، العدد 129، مؤسسة الأهرام ، القاهرة يوليو 1997.
5. د. الفت حسن أغا: النظام الإعلامي الأوروبي في عالم متغير. مجلة السياسة الدولية، العدد 109، يوليو 1993.
6. التقرير الختامي لندوة خبراء " إستراتيجية تنميـة القـوى العاملـة العـربية في بغداد "4-6 تشرين أول/أكتوبر 1982. مجلة العمل العربي العدد 25/1982.
7. د. جبار عودة العبيدي، وهادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993.
8. جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. صحيفة الدستور الأردنية 1/7/1997.
9. د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978.
10. جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972.
11. حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983.
12. حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى ندوة خبراء السياسات الإعلامية والوطنية. بنغازي 25-28 نيسان/ أبريل 1983.
13. حقائق أساسية عن الأمم المتحدة 1972.
14. رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984.
15. سها سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها. معهد الإنماء العربي. بيروت 1978.
16. د. سهير بركات: الإعلام الإنمائي وإعداد البنية البشرية الإعلامية العربية. مجلة الإعلام العربي العدد 2، كانون أول/ديسمبر 1982.
17. د. طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث. دار الطليعة. بيروت 1971.
18. د. عارف رشاد: التعامل مع انترنيت: العالم رهن إشارتك. مجلة عالم الكمبيوتر العدد 86، السنة الثامنة، فبراير 1995. والعدد 87، مارس 1995.
19. د. عارف رشاد: انترنيت: نشأتها، تطورها، حجمها، وسبل الولوج إليها. مجلة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونيات العدد 7، المجلد 12، سبتمبر 1995.
20. د. عبد الوهاب مطر الداهري: دراسات في اقتصاديات الوطن العربي. معهد البحوث والدراسات العربية. بغداد 1983.
21. القاموس الدبلوماسي في ثلاثة أجزاء، الطبعة الرابعة، ناووكا موسكو 1986. (باللغة الروسية)
22. كريم حجاج: حرب المعلومات وتطور المذهب العسكري الأمريكي. مجلة السياسة الدولية، العدد 123، مؤسسة الأهرام، القاهرة يناير 1996.
23. د. كمال بلان، وسليمان الخطيب: المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي ومدلولاتها على التنمية. مجلة الإعلام العربي. العدد 2 المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليسكو). تونس 1982.
24. ليستريبرسن: ماذا يجري في العالم الغني والعالم الفقير. إعداد إبراهيم نافع، دار المعارف بمصر، القاهرة 1971.
25. مجلة الإعلام العربي ( الأليسكو) العدد 2 ديسمبر/كانون الأول 1982.
26. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990.
27. محمد عاطف غيث: التنمية الشاملة والتغير الاجتماعي. مطبعة كريدية. بيروت 1974.
28. محمد مصالحة: نحو مقترب علمي لحق الاتصال في الوطن العربي. مجلة شؤون عربية العدد 24 آذار/مارس 1983.
29. د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، الـتأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. السياسة الدولية العدد 123، مؤسسة الأهرام، القاهرة يناير 1996.
30. نادي روما: من التحدي إلى الحوار. ج2، ترجمة عيسى عصفور. وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق 1980.
31. ولبر شرام: وسائل الإعلام والتنمية القومية. ترجمة أديب يوسف. وزارة الثقافة، دمشق 1969.
32. اليونسكو: التقرير الختامي للجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلان. باريس 1978.
باللغات الأجنبية:
33. Alan Hancock: Mass Communication (London, Longmans, 1966)
34. Arthur Goodfriend: The Dilemma of Cultural Propaganda. " Let It Be ", The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Voi. 398, Nov. 1971.
35. Bogdan Osolnik: Some Problems Concerning International Communication from the View Point of Implementing the Principles of the Charter of the U.N. and the Declaration of Human Rights, Symposium Ljubljana 1968, Mass Media and International Understanding. School of Sociology, Political Scince and Journalism. Ljubljana. 1968,
36. Carlo Mongardini: A new definition of the concept of development. The New International Economic order Vienna 1980.
37. Carol H. Wese: What America's Leaders Read. Public Opinion Quarterly, Voi. XXXVIII. No. 1. Spring 1974,
38. Colin Cherry: World Communication, Threat or Promise. A sociotechnical App-roach, London, Wiley-Interscience. 1971.
39. C. Anthony Giffard: The Inter-Press Service: New Information for a New Order, Journalism Quarterly, Spring 1985.
40. Charles A. Siepmann: Propaganda Techniques, Voice of the people Readings in Public Opinion and Propaganda, Edited by Reo M. Christenson and Robert O. Mc Williams, 2nd Edition, New York, Mc Graw - Hill Book Company. 1967.
41. Dinker Rao: Mankekar, Mass Media and International Understanding as a Newly .
42. Doob, Propaganda: Its Psychology and Technique. (N.Y.: Henry, Holt and Company 1935)
43. Emerged. Underdeveloped Country Looks at the Problem. Symposium Ljubljana 1968,
44. Geoffrey Reeves: Communications and the Third World, London, Rout ledge, 1993,
45. Hamid Mowlana: International Flow of Information: a Global Report and Analysis, Paris: Unesco, 1985,
46. Harold Beeley: The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398 Nov. 1971,
47. Harry Goldstein: " Reading and Listening Comprehension at Various Controlled Rates " ( N.Y.: Teachers College, Columbia University Bureau of Publications, 1940).
48. H. Blumer: Movies and Conduct. ( N.Y.: the Macmillan Company 1933);
49. International Information and Communication Order. Source Book, Prague: International Organization of Journalists, 1986.
50. Ithiel de Sola Pool: The Changing Flow of Television, Journal of Communication, Spring 1977.
51. Josiane Jouet & Sylvie: New Communication Technologies: Research Trends, Reports and Papers on Mass Communication, No. 105, Unisco, Paris, 1991,
52. John Martin: Effectiveness of International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971,
53. Joseph T. Klapper: The Effects of Mass Communication. New York, Free Presse, 1960,
54. Khalil Sabat: Role de La Veracite del' Information Dans La Compréhension Internationale. Symposium Ljubljana 1968.
55. LE PETIT LAROUSSE: Dictionnaires encyclopédique. Larousse, Paris 1993.
56. Lazarsfeld et al: The People's Choice, McGhee, New strategies for Research in the Mass Media.( N.Y.: Bureau of Applied Social Research, Columbia University 1953 ).
57. Leo Bogart: the Age of Television. ( N.Y.: Frederick Ungar, 1956 ).
58. Marshall McLuhan, Quentin Fiore: The Medium is the Massage: An Inventory of Effect (N. Y. Bantam Books 1967)
59. Mohamed Habiboullah Ould Abdou: L'information en Mauritanie, Thèse de Doctorat de 3e. Cycle. Université de Paris 2, 1975.
60. Mohamed Ali Khandan: Sima, Information et Politique Pétrolière. Thèse de Doctorat de Spécialité en Science de L'Information, Université de Paris 2, 1973-1974.
61. Oton Pancer: Le Roie de la Langue International Dans La Communication Publique et Dans La Compréhension Internationale. Symposium Ljubljana 1968,
62. Paul A. V. Ansah: International News: Mutual Responsibilities of Developed and Developing Nations in World Communication. Edited by Gerbner & Siefert, N. y., Longman inc, 1984,
63. P. Lazarsfeld: Radio and the printed Page. ( N.Y.: Duell Sloan and Pearce, 1940 ).
64. Peter Drucker: The New Realities: In Government and Politics, In Economics and Businesses, In Society and World View (New York: Harper & Row Publishers, 1989),
65. Ralph k. Whito: Propaganda, Morally Questionable and Morally Unquestionable Techniques, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
66. Scott Lash., John Urry. The End of Organized Capitalism (Cambridge: Polity Press, 1993).
67. Sean MacBride and Others: One World: Many Voices More Efficient World Inform-Just and Towards a New More ation and Communication Order, Paris: Unesco, 1980,
68. Schramm: "Communication Development and the Development Process," in Lucian Pye (ed) Communication and Political Development. (N. J.: Princeton University Press 1963).
69. Theodore E. Kruglak: The International News Agencies and the Reduction of International Tensions, Symposium Ljubljana, 1968.
70. UNESCO: Final Report. Intergovernmental Conference on Communication in Latin American & the Caribbean. San Jose Costa July 1976.
71. William L: Rivers and Wilbur Schramm, Responsibility Mass Communication. New York, Harper & Row, 1969.
72. W. Schramm: One Day In the Wold's Press.
73. W. Charters: Motion Pictures and Youth. (N. Y.: Macmillan 1933);
74. Wilbur Schamm: Mass Media and National Development, The Role of Information in the Developing Countries Stanford University Press, 1966.
75. W. Phillips Davison: International Political Communication. New York. Fredrick A. Paeger. 1965.
Kirish
Hozirgi kunda xalqaro axborot almashuvi mavzusi jahondagi eng dolzarb masalalardan biri bo'lib qolmoqda. Keng ko'lamda rivojlanayotgan elektron aloqa vositalari bu sohada yangidan yangi imkoniyatlar yaratib, axborot almashish jarayonining yanada mukammallashuviga sabab bo'lmoqda. Yaponiyalik olim Yuniji Masudining bashorat qilishicha, xx asr oxiriga borib, insonlarga o'zlarini qiziqtirgan ma'lumotlarni istagan vaqtlarida, zudlik bilan olish imkoniyatlarini berishi kerak edi.
Haqiqatdan ham yuqoridagi tahmin xalqaro kompyuter tizimi va sun'iy yo'ldosh telekanallari, teleks, faks va boshqa yangidan yangi aloqa vositalari orqali ro'yobga chiqmoqda. Ommaviy aloqa vositalari, xalqaro va milliy axborot agentliklari zamonaviy axborot uzatish vositalaridan xabarlarni tez va sifatli etkazib berishda, mamlakatlar va xalqlar orasida yangi muloqot vositalari sifatida unumli foydalanmoqdalar. Shuni ham alohida ta'kidlash kerakki, inson aynan ommaviy axborot vositalari yordamida yanada keng dunyoqarash, mukammal bilimlarga ega bo'lish sharafiga ega bo'lmoqda.
So'ngi o'ttiz yil mobaynida axborot almashuvi sohasidagi inqilobiy o'zgarishlar mamlakatlar hamda xalqaro tashkilotlar tomonidan bu yo'nalishga e'tibor kuchayishiga sabab bo'ldi.
Ilgari ham xalqaro axborot almashuvi sohasida rivojlangan va boy mamlakatlar bilan rivojlanayotgan va kambag'al davlatlar o'rtasidagi tengsizlikka barham berish, bu masalada adolatga erishish asosiy muammolardan biri bo'lgan. Hozirda xalqaro axborot almashuvi jarayoni, xalqaro kommunikasiyalar muammolarini o'rganish bilan chambarchas bog'liq bo'lib qoldi. Yangi xalqaro axborot almashuvi tizimini shakllantirishdagi asosiy masala rivojlangan davlatlar va rivojlanayotgan davlatlar orasida bu sohada tengsizlikka barham berish muammosidir.
Bu muammolarni o'rganish xalqaro jurnalistika va xalqaro axborot almashuvi sohalarini jadal rivojlanishiga sabab bo'luvchi omil bo'lib xizmat qiladi.
Universitetlarning xalqaro jurnalistika va xalqaro munosabatlar bo'limlari talabalarining shu muhim yo'nalish bo'yicha adabiyotga bo'lgan extiyojlarini qisman bo'lsada qondirish maqsadida mazkur qo'llanma yaratildi.
Qo'llanmaning birinchi bobida xalqaro jurnalistika yo'nalishi haqida so'z yuritilib, matbuot, radio, televideniening ushbu yo'nalishdagi ish faoliyati, vazifalari va muammolari haqida fikr bildiriladi. Xalqaro jurnalistika istiqbollari tog'risida gap boradi.
Ikkinchi bobda xalqaro munosabatlar va davlatlar tashqi siyosati doirasida xalqaro axborot almashuvi jarayoni, undagi muammolar va uning xalqaro miqyosda mamlakatlar ortasidagi yanada yaqinlashuv, hamjihatlikni ta'minlashdagi o'rni yoritiladi.
Uchinchi bobda xalqaro axborot oqimi, xalqaro axborot almashuvi hamda ularning hamkorlikni mustahkamlash va jamoatchilik fikrini shakllantirishdagi o'rni haqida hamda turli sohalarda xalqaro axborot almashuvi samaradorligi xususiyatlari ko'rib chiqiladi.
To'rtinchi bobda turli mamlakatlarda qabul qilingan jurnalistika nazariyalari haqida qisqacha ma'lumotlar beriladi.
Umid qilamanki, bu kamtarona ilmiy izlanishlar, tadqiqotchilar va talabalar faoliyatlarida kerakli maktab bo'lib xizmat qiladi.
Toshkent 28 iyul 1997 yil Doktor Muhammad Al Buxoriy
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق