نظرة
أوزبكستانية في الأدب السوري المعاصر
المراحل
الأساسية وخصائص تطور الرواية العربية المعاصرة في سورية من خلال مؤلفات حنا مينه،
كان موضوع رسالة دكتوراه فلسفة في الأدب دافع عنها بتفوق الصيف الماضي، الباحث عبد
الحي عبد اللاييف نائب رئيس الجامعة الإسلامية الحكومية في طشقند عاصمة جمهورية
أوزبكستان، أمام المجلس العلمي المتخصص في جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية.
والملاحظ
أن القاعة غصت بالحضور، الذين كان بينهم متخصصون في الأدب العربي، ومستعربون كبار
وفي مقدمتهم شخصيات رفيعة في مواقع المسؤولية بالدولة، ودبلوماسيون عرب، وعدد كبير
من الطلبة من مختلف المراحل الدراسية. مما جعل من عملية الدفاع مناسبة طيبة
للتعبير عن المشاعر التي تربط بين المتحدثين الأوزبك وسورية التي يكنون لها كل حب،
وتقدير، ومودة، وطيب مشاعر، وذكريات العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين التي
عمل خلالها معظم المتحدثين في مختلف مشاريع التنمية الطموحة التي حققتها سورية
بقيادة قائدها الخالد المغفور له حافظ الأسد، والتي تسير اليوم على نفس الخطى
الجريئة لتحقيق التنمية الشاملة، واستقلال قرارها الوطني بقيادة قائدها الشاب
الدكتور بشار الأسد. والكلام طبعاً للمتحدثين الكثيرين الذين أخذوا أيضاً بالتعبير
عن عدم فهمهم واستغرابهم لبرود العلاقات الحميمية التي كانت تربط بين أوزبكستان
وسورية قبل استقلالها عام 1991، والسبب في التعبير عن الاستغراب على ما أعتقد كان
وجود دبلوماسيين عرب في القاعة. على كل حال هذا ليس موضوعنا، ولكن لنقل صورة ما
حصل أثناء الدفاع، وأسباب وجود هذا الحشد الكبير الذي لم ألحظه في القاعة التي
شهدت الكثير، الكثير من مثل تلك الجلسات خلال السنوات العشر الأخيرة، ولم تشهد مثل
هذا الحشد الكبير من قبل.
والسبب
الآخر هو أن الباحث عبد الحي عبد اللاييف بدأ كلمته أمام المجلس العلمي المتخصص،
والحضور، ومقدمة بحثه التي استهلها بالسياسة، عندما ذكر: أن أوزبكستان دخلت القرن
الحادي والعشرين كدولة مستقلة ذات سيادة، وأصبحت عضواً متساوياً في الحقوق
والواجبات في المجتمع الدولي المعاصر. وأكد على أن أوزبكستان آخذة اليوم بتوسيع
آفاق تعاونها مع كل دول العالم، غربية كانت أم شرقية، ومن بينها طبعاً دول المنطقة
العربية. وتابع أن العالم اليوم أصبح "بالكامل نظام متشابك، لا يوجد فيه مكان
للانعزال"،[2]
وأن في جوهر السياسة الخارجية لأوزبكستان، الاهتمام بالتكامل الروحي للشعب
الأوزبكستاني مع شعوب العالم، من خلال الاهتمام في كل المجالات العلمية والثقافية
والتعليمية والإعلامية. مستشهداً بما أعلنه رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف،
"نحن، عندما نبني الدولة، ننطلق من المبادئ التالية. أولاً: إحياء كل ما هو
عظيم في الثقافة القديمة التي خلفها أجدادنا. ثانياً: ضم التراث العظيم إلى كل
منجزات الحضارة الإنسانية"[3]
ومن
هذا المنطلق جاء تأكيد الباحث على أن العلماء الأوزبك يصبون اهتمامهم اليوم، ليس
على دراسة التراث الثقافي القومي وحسب، بل ودراسة واستيعاب ما حققته شعوب العالم
الأخرى من منجزات ثقافية وعلمية، مع الاهتمام بشكل خاص على ما حققته الشعوب
العربية من منجزات في المجالات الثقافية والأدبية. وبرر ذلك بالروابط التاريخية
والثقافية التي تربط بين الأوزبك والعرب، والتي لم تقف في السابق عند الروابط
الدينية الإسلامية والثقافية وحسب، بل والكثير من المشاكل المتشابكة والمتداخلة في
الوقت الحاضر، ومن بينها مشاكل التغلب على مخلفات التركة الاستعمارية، وإعادة
تشكيل الوعي القومي وتطويره إلى مستوى جديد، للوصول إلى المكانة الملائمة داخل
المجتمع الدولي المعاصر.
وبعد
تلك المقدمة ذات الطابع السياسي انتقل الباحث إلى الأدب، معتبراً أن المرحلة التي
امتدت من أواسط خمسينات وحتى نهاية سبعينات القرن العشرين كانت هامة جداً في تاريخ
الأدب العربي بشكل عام وفي تاريخ الأدب السوري بشكل خاص. لأنه تم خلال تلك المرحلة
التخلص من القوالب الجامدة للتقاليد العربية الإسلامية المتبعة في الأدب آنذاك،
دون التخلي عن العناصر التقليدية الإيجابية في الأدب العربي بشكل عام. ولهذه
الأسباب كانت منجزات الأدب الأوروبي تمر خلال تلك المرحلة عبر مصفاة (فلترة)
للأفكار ووجهات النظر بما يتلاءم والخصائص الجمالية والأخلاقية والقومية للثقافة
العربية. واعتبر أن فهم تلك المرحلة ضروري جداً لفهم نماذج تطور العملية الأدبية
في العالم العربي بشكل عام. وأشار إلى أنه لم يقتصر في بحثه على تحليل مؤلفات
الكاتب السوري حنا مينه فقط، ولكنه حاول تسليط الضوء على ما كتبه النقاد العرب عن
تلك المرحلة. معتبراً أن النقد الأدبي جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الأدب المعاصر،
ودراسته هامة جداً من أجل الدراسة الشاملة لكل هياكل الإبداع والحياة الأدبية في
فترة معينة، وضرورية لتكامل دراسة إبداع كاتب معين في مرحلة معينة. لأن مفهوم
النقد الأدبي تعني للباحث شمولية البحث في الأدب بكل مجالاته المختلفة التي تشمل
النشاط الأدبي بشكل عام، وللتخلص من الإشكال الذي أشار إليه الباحث الروسي آغاننوي
ل. ا.، بأنه "في أكثر بلدان الشرق لا يوجد فصل دقيق حتى الآن بين تاريخ
الأدب، والدراسات الأدبية، والنقد الأدبي". [4]
وتابع
بأنه من الخصائص الأساسية للنقد في سورية خلال ستينات وسبعينات القرن العشرين (بما
فيه النقد الأدبي)، إتباعه لأساليب علم الاجتماع في دراسة الأدب. وبرر ذلك بالظروف
التي كان تمر بها البلدان العربية، حيث كانت تجري في تلك المرحلة عملية تشكيل
الأيدلوجية القومية التي تلبي تلك المرحلة من تاريخ الأدب، وكان من الطبيعي في
أعمال النقاد الأدبيين الذين كتبوا في تلك المرحلة استخدام أساليب علم الاجتماع في
دراسة وتحليل إبداعات الكتاب الذين عاصروا تلك المرحلة أمثال الأديب السوري حنا
مينه. ولهذا كان من الطبيعي بروز مصطلحات، مثل: "النقد الاجتماعي"،
و"النقد الأيديولوجي" في كتاباتهم النقدية.
واعتبر
الباحث أنه لدراسة القصة العربية المعاصرة ولإلقاء الضوء بعمق على المراحل الأساسية
التي تطور خلالها فن القصة العربية المعاصرة، ومحاولة اكتشاف خصائص فن الرواية في
الأدب العربي بشكل عام، وفي الأدب السوري بشكل خاص، لابد من دراسة ما كتبه الكثير
من النقاد العرب، ومنهم د. حسام الخطيب، الذي درس "الرواية السورية في مرحلة
النهضة الثقافية والاجتماعية والسياسية"، ومحسن جاسم علي الموسوي، الذي كتب
في "موضوع نضال الشعب العربي من أجل الحرية والسلام في الرواية العربية
المعاصرة"، وعمر الدقاق، الذي كتب عن "الأدب العربي المعاصر في
سورية"، ومعتز عبد المالك، الذي كتب "مقدمة في دراسة الرواية العربية
المعاصرة"، وعدنان بن ذريل الذي كتب عن "القصة في سورية".
ولكن
الباحث توقف هنا عند ملاحظة هامة اكتشفها عند دراسته لكل تلك الأعمال النقدية التي
تجمعها حسب رأيه خاصية واحدة، عندما يحاول النقاد فيها التحدث بإسهاب عن مضمون
الرواية على الأكثر، دون تناول موضوع دراسة وتحليل النواحي الفنية للعمل الأدبي
الذي تم تناوله بالنقد. وحتى دون اهتمام يذكر أحياناً بمشاكل أخرى كان يجب على
الناقد تناولها كالتركيب، والأسلوب، واللغة، وشخصية البطل الرئيسي، وموقف الكاتب،
وهو ما يسمى بشكل عام بالأهداف الإضافية لتحليل العمل الأدبي. خاصة وأن فن الرواية
قد أخذ يجذب اهتمام النقاد والباحثين والكتاب العرب في الآونة الأخيرة، هذا
الاهتمام الذي عبرت عنه الإصدارات الخاصة لمجلات "المعرفة" في تشرين
أول/أكتوبر 1980، و"الطريق" آب/أغسطس 1991، و"الموقف الأدبي"
كانون ثاني/يناير 1982، التي تناولت خصائص تطور فن الرواية في الأدب السوري
الحديث.
والرواية
السورية تناولها بالنقد والتحليل الناقد المعروف نبيل سليمان في دراسته
"النقد والرواية السورية" التي صدرت عام 1981 وأشار فيها إلى أن
"الرواية السورية لم تتشكل كفن أدبي مستقل يستطيع أن يفرض نفسه في أدبنا حتى
الآن. لأن الشعر والقصة على الأكثر يحظون باهتمام القراء لمختلف الأجيال. أما فيما
يتعلق بالرواية فهي على الأكثر من مزايا الكتاب غير المحترفين، أولئك الذين
يعتبرون العمل الأدبي محطة عابرة. فالرواية يكتبها عدد قليل من الكتاب المحترفين،
ولكن إبداعهم في هذا الفن الأدبي لا يكاد ينقطع لسنوات طويلة".[5]
وتناوله نقاد آخرون في مجلة "الموقف الأدبي" كانون ثاني/يناير 1982 التي
نشرت مقالات لباحثين في الأدب، والنقاد أمثال: د. حسام الخطيب، الذي كتب عن
"تبعات قومية في الرواية السورية"،[6]
وعدنان بن ذريل الذي كتب عن "القرائن والمعنى في الرواية العربية
السورية"،[7]
وسمر روحي الفيصل الذي كتب عن "شكل السيرة في الرواية التاريخية
السورية"،[8]
وهاني عبود الذي حلل "شخصية البطل في الرواية السورية".
والباحث
عبد الحي عبد اللاييف الذي تلقى تعليمه الجامعي في مدرسة الاستشراق السوفييتية
خلال سبعينات القرن العشرين، ورغم تبدل أهداف الدراسات الشرقية في أوزبكستان بعد
استقلالها، وتحولها عن تبعيتها للمدرسة الاستشراقية الروسية، لتصبح مدرسة وطنية
تدرس التراث الثقافي القومي للشعوب الشرقية، لم يستطع التحلل من التقاليد التي وضع
أسسها الأكاديميون الروس كراتشوفسكي ي. يو.،[9]
كريمسكي ا.يي.،[10]
وأمثالهم، وحصر نفسه في مقارنته بأعمال المستعربين المتخصصين في الأدب العربي
كدولينينا ا.ا.،[11]
وعثمانوف ن.ك.،[12]
وكيربيتشينكو ف.ن.،[13]
وعلي زادة إ.ا.،[14]
وماهرة أكباروفا،[15]
وغيرهم الذين كتبوا دراسات تناولت مشاكل الأدب العربي الجديد خلال المرحلة موضوع
البحث، وصدرت خلال العهد السوفييتي.
ومن
جملة الدراسات التي تناولت الأدب السوري وأشار إليها الباحث دراسة دولينينا، في
تاريخ الأدب العربي (1870-1914)، والتي خصصتها لدراسة ما نشر في مصر وسورية خلال
الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وتضمنت الدراسة وصفاً
عاماً لتلك المرحلة، ومقالات عن حياة ونشاطات الأدباء الكبار الذين يعتبرون
الأوائل الذين كتبت عنهم الباحثة دولينينا في سلسلة مقالاتها عن أدب التربية
العربية. وأشارت بشكل خاص إلى أن تلك المقالات قد عكست بكل سطوع تناقضات تاريخ
الفكر الاجتماعي العربي، والتناقضات في السعي من أجل تجديد الأسلوب الأدبي، الذي
من دونه كان من الصعب فهم تاريخ الأدب العربي لتلك السنوات. وبمقالاتها عن نشاطات
عدد من كبار الأدباء في سورية ومصر في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن
العشرين. واعتبر الباحث عبد اللاييف دراسته لكل تلك المقالات والدراسات ضرورة
للتعرف على سمات تلك المرحلة التاريخية، وللتعرف على صورة الحياة، والأفكار
السياسية والاجتماعية والنشاطات الأدبية السائدة خلال تلك المرحلة.
والكتاب
الثاني الذي استعرضه الباحث لدولينينا أيضاً تضمن مجموعة "مقالات تاريخ الأدب
العربي الحديث، والرواية التنويرية في مصر سورية"، خلال المرحلة من عام 1870
وحتى عام 1914، وشمل وصفاً شاملاً لتلك المرحلة التي اعتبرتها المؤلفة مرحلة
تنويرية من تاريخهما. وتضمن الكتاب تحليلاً للأساليب الفنية المتبعة في القصة
العربية، وعلاقتها الوثيقة بأهم الاتجاهات الفكرية والاجتماعية العربية، وخصائص
التطور التاريخي في المشرق العربي، وللتأثير المتبادل للتقاليد المتوارثة،
والتأثير الأوروبي في الأدب العربي، من خلال تحليلها لأعمال كبار ممثلي الأسلوب
الفني للرواية التنويرية العربية.
كما
وتعرض في أطروحته لأبحاث د. ماهرة هداياتوفنا أكباروفا رئيسة قسم آداب الدول
الشرقية في جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، التي تناولت فيها القصة
السورية وتشكلها ومراحل تطورها، من خلال متابعتها وتحليلها لمؤلفات مجموعة من
الكتاب السوريين التقدميين، وكذلك بحوثها في مراحل تكون الأدب الواقعي في سورية،
والظروف الاجتماعية والسياسية التي أثرت على تطور الأدب السوري. وأعمال المستشرقين
الأوزبك والروس كالمستعرب الأوزبكي الكبير البروفيسور نعمة الله إبراهيموف، عضو أكاديمية
العلوم الأوزبكستانية ورئيس جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، ود. رانو
حجاييفا، رئيسة قسم اللغة العربية في نفس الجامعة، ود. ا. دولينينا، ود. ليفين ز.،
وغيرهم.
وأشار
إلى أبحاث الباحثين العرب الذين درسوا في الاتحاد السوفييتي السابق، وركزوا في
أبحاثهم على نواح معينة في الأدب العربي المعاصر، منوهاً إلى أوجه التأثير
الأيديولوجي والنظري للأدب السوفييتي عليهم، والتي لاحظها الباحث في أعمال
الكثيرين منهم كأطروحة دكتوراه الفلسفة التي أعدها علاء الدين مجيد سليم عن
"الأدب السوفييتي وأعمال الكتاب المعاصرين في سورية" (1979)، وأطروحة
محمد عبده النجاري عن "مكسيم غوركي والأدب العربي المعاصر" (1980)، التي
تناول فيها النجاري وبشكل موجز تأثير أسلوب غوركي على إحدى روايات حنا مينه،
وأطروحة أنيس المتي عن "الأدب السوفييتي وتطور القصة السورية في الخمسينات"
(1982)، وأطروحة فيصل سماق عن "الاتجاه الواقعي في الرواية السورية
المعاصرة" (1983).
وأعتبر
الباحث عبد اللاييف أن المراحل الأساسية لتطور الأدب السوري كانت خلال السنوات
التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، ومن هذا المنطلق حاول إثبات أهمية خصائص
التشابه في عملية التفاعل الأدبي في الدول العربية من خلال مؤلفات حنا مينه التي
تظهر حسب رأيه عمق خاص يميزها عن غيرها من مؤلفات الكتاب العرب، إضافة للمسائل
النظرية التي عالجها حنا مينه في أعماله، ومن خلال ما نشر عنه حتى الآن، مركزاً
على: تحديد مكانة ودور حنا مينه في تطوير الأدب السوري؛ وإظهار خلفيات وتراكيب
وخصائص مؤلفات حنا مينه؛ وتحليل خصائص أسلوب الكاتب.
وحاول
تحديد مداخل وأطر نظرية عامة جديدة لفهم ظاهرة المعاصرة، وفق المفهوم السائد في
جمهورية أوزبكستان بعد استقلالها عن الاتحاد السوفييتي السابق. مقارناً في ذلك ما
بين العالم ذو القطبين الذي كان سائداً خلال القرن العشرين، واستمر حتى مطلع القرن
الواحد والعشرين، حيث بدأت الإنسانية تعي ضرورة الاعتراف بمبدأ تعدد الأقطاب في
عالمنا المعاصر الذي تسعى فيه شعوب العالم إلى الحرية، والتفاهم والتقدم، وتحاول
تجنب اللجوء إلى استخدام العنف والضغوط في العلاقات الدولية، واستخدام التطرف
للوصول إلى غايات محددة، واستند في ذلك إلى الخطاب السياسي للقيادة الأوزبكستانية
الذي يقول أنه هناك "قناعة ثابتة، بأن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن الغنى
الروحي، وقرن التعليم، والعلوم، والثقافة والمعلومات"،[16]
وتوسيع الديمقراطية بمعناها الشامل للمبادئ الإنسانية، والمجتمع المنفتح
و"القناعة بأن قيم الإنسان، وأهميته قبل كل شيء"،[17]
هي المنطلق لخلق أدب إبداعي لكل الشعوب، أدب يعتمد على القيم الذاتية للإنسان، وهو
ما يميل إليه الأدب العربي المعاصر أيضاً.
وبعد
تحديده للمدخل النظري حدد الباحث إطار بحثه لأعمال حنا مينه الأدبية التي ظهرت
خلال الفترة من عام 1945 وحتى عام 1975، وخاصة مؤلفاته الشهيرة "المصابيح
الزرق" (1954)، و"الشراع والعاصفة" (1966)، و"الثلج يأتي من
النافذة" (1969)، و"الشمس في يوم غائم" (1973)،
و"الياطر" (1975) ، وأعمال النقاد الأدبيين السوريين المعروفين أمثال:
حسام الخطيب، ومحسن جاسم، وعلي الموسوي، وعمر الدقاق، ومعتز عبد المالك، وعدنان بن
ذريل، وفيصل سماق، وما كتبه الباحثين والنقاد الأوزبك والنقاد في رابطة الدول
المستقلة عن الكاتب السوري الكبير حنا مينه.
وهنا
لابد لي من الإشارة إلى ما قاله أحد المناقشين الرسميين للأطروحة أمام جلسة الدفاع،
وهي أن أطروحة عبد اللاييف تعتبر المحاولة الجدية الأولى في إطار الدراسات الشرقية
الوطنية في أوزبكستان التي تحلل أعمال كاتب سوري كبير، لعب إبداعه الأدبي دوراً
كبيراً في تطور العملية الأدبية في الدول العربية بشكل كامل. وأن الباحث نجح في
تحليل: المراحل الأساسية لتطور الأدب السوري في الفترة الأخيرة؛ وكشف عن التركيبة
الفنية وأعطى وصفاً دقيقاً للروايات المنشورة في الأدب السوري المعاصر؛ وحدد
النواحي العلمية والأدبية والاجتماعية، وأشار للتراث العلمي والأدبي الذي وضعه
الكاتب والروائي السوري حنا مينه؛ واستطاع تحديد مكانة ودور الكاتب السوري الكبير
حنا مينه في تطور الأدب السوري بشكل عام وفي المجال الروائي بشكل خاص؛ واستطاع
اكتشاف خصائص تطور الرواية السورية خلال القرن الماضي؛ وحدد مواضيع وتركيبة وخصائص
الحبكة الروائية في روايات حنا مينه.
وأشار
إلى أن المواد والنتائج التي تضمنتها الأطروحة يمكن أن تستخدمها مؤسسات التعليم
العالي الأوزبكستانية مستقبلاً في إلقاء محاضرات عن الأدب السوري الحديث، وفي
تاريخ الأدب العربي خلال القرن العشرين، كما ويمكن الاستعانة بما ورد في الأطروحة
لكتابة تاريخ الأدب السوري المعاصر، من ضمن دراسة عملية التطور الأدبي العالمية،
وفي دراسة التفاعل والتأثير المتبادل بين الأدبين الشرقي والغربي. خاصة وأنه قد تم
فعلاً خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين مناقشة والإطلاع على بعض النتائج
الأساسية للبحث أمام المؤتمرات العلمية السنوية في جامعة طشقند الحكومية للدراسات
الشرقية (1989، 1990، 1992، 1996)، وفي المؤتمر العلمي للمستشرقين الشباب
بأكاديمية العلوم الروسية، ومعهد الاستشراق بأكاديمية العلوم بموسكو (1983، 1985)،
إضافة إلى سلسلة محاضرات ألقاها الباحث على طلاب اللغة والأدب العربي، وطلاب
الدراسات العليا في مؤسسات التعليم العالي الأوزبكستانية، وفي حلقة البحث العلمية
التي نظمتها الجامعة عن "مشاكل الأدب العربي المعاصر (النقد الأدبي)".
ومجموعة المقالات التي نشرتها الدوريات الأوزبكستانية عن جوهر مضمون البحث الذي
قام به الباحث عبد اللاييف عبر عقدين من الزمن.
وتتألف
الأطروحة من مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة بالإضافة لقائمة بالمراجع المستخدمة في
البحث. وتضمنت المقدمة أهم الأسباب التي دفعت بالباحث لاختيار موضوعه، وأهميته،
وأهدافه، ومبادئه، وعرضاً موجزاً لأهم المراجع التي استخدمها في بحثه، والجديد من
النواحي العلمية والتطبيقية.
وتناول
الفصل الأول الذي جاء بعنوان "المراحل الأساسية لتطور الأدب السوري بعد الحرب
العالمية الثانية (1945- 1975)". مسائل دراسة الأدب الشرقي في الوقت الحاضر.
وعملية تشكل الأدباء القوميين الشباب في الدول الشرقية عامة وخاصة في الدول
العربية. تلك العملية التي جاءت (حسب تعبير الباحث) تحت تأثير التقاليد الثقافة
للقرون الوسطى القوية والثابتة، ومع تصاعد التفاعلات السياسية والاجتماعية بعد
الحرب العالمية الثانية، وتوسع الصلات الثقافية العالمية. وهي المرحلة ذاتها التي
برز فيها عدد من الأدباء القوميين في الدول العربية، الذين آخذوا تدريجياً
بالتغلغل في عمق الظروف والحياة الإنسانية في أعمالهم الأدبية، وأصبحت الحبكة
التاريخية، أكثر صعوبة لتناولها حياة الناس، وأكثر جوهرية لتناولها مصادر اجتماعية
وسيكولوجية في تحليلها لتصرفات الشخصيات الرئيسية في العمل الأدبي. وهو ما أجبر
الأدباء على إدخال أساليب ومقاييس جديدة في الأدب من أجل التوفيق بين العملية
الأدبية، ومستوى تفكير القارئ المعاصر اجتماعياً وفلسفياً وجمالياً. مما أدى إلى
ظهور عصر جديد في الأدب السوري ارتبط بالتبدلات التي حدثت في مطلع القرن العشرين.
وأصبحت
الرواية في طليعة الأساليب السائدة في القصة الملحمية المميزة لتلك المرحلة، التي
كان من روادها مجموعة من المنورين السوريين أمثال: أديب إسحاق، وعبد الرحمن
الكواكبي، ونجيب حداد، وفرح أنطون، الذين تمكنوا من استيعاب الوسط المحيط، ولكن
بآلية تطبيقية، برزت في أحادية وعيهم ونضوجهم الفكري. وتميزت المرحلة التطبيقية
باستخدام الأحاسيس للتعرف على الواقع والأحداث والظواهر المحيطة، دون أن يستطيعوا
إمعان النظر في الجوهر الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع الذين عاشوا ضمنه.
ولهذا كانت الواقعية بالنسبة لهم آلية لترابط الحقائق وليست "كنظام"
متكامل، ولهذا كان من السمات الطبيعية لأعمالهم التوجه نحو وصف حقائق معينة، دون
التمكن من الأسلوب الأدبي اللازم لكشف أي صراع اجتماعي بحتمية نتائجه مع التأثير
المتبادل للظروف والطبيعة المميزة للموضوع، ودون التمكن من التعبير عن أفكارهم،
ولهذا يرى الباحث أنهم اكتفوا فقط بالتعبير البسيط وبتدوين ملاحظاتهم حول الظاهرة
التي يعالجونها بشكل مباشر من خلال أسلوب الوصف النقدي.
كما
واعتبر الباحث عبد اللاييف أن عملية التطور الأدبي في البلدان العربية أخذت
بالتكامل خلال القرن العشرين، ولهذا اعتبر القرن العشرين بمثابة قرن التطور
الإبداعي للأدب العربي.[18]
لأنها تميزت قبل كل شيء بتجدد مبادئ الفهم الجمالي والتفكير الواقعي، وبتغير الطرق
التقليدية المتبعة، وتغير التراكيب الأدبية، وتبدل التقاليد القومية بشكل عام. لأن
الأدب لا يمكن أن يعيش بدون فضاء خاص به، ومن دون علاقات وصلات متبادلة مع الآداب
الأخرى، والتأثر مع ما يجري على الساحة الأدبية العالمية من تفاعلات. ولهذا ركز
الباحث في أطروحته على إمكانية إظهار جميع النواحي التي مكنت الأديب في المرحلة
التي تناولها من استيعاب التركيبة الأدبية الداخلية، والخارجية في العمل الأدبي،
بما فيها سمات التطور الاجتماعي والسياسي، والنظم الفلسفية، والمبادئ الأيديولوجية
السائدة في المجتمع، وأسباب التغييرات الجارية في المجتمع وظروفها. لأن العملية
الأدبية الحية (والتعبير للباحث) لا تعطي المقاييس الجمالية المطلوبة بالكامل، إلا
عندما يتم وضع عناصر الموضوع بشكل جميل وبالترتيب وفق الخط المرسوم والمحدد
مسبقاً، ودون الامتناع عن التردد في استخدام مبادئ التطور الأدبي، كالتردد في
المواقف بين الواقعية، وضد الواقعية، رغم أن كل الظواهر المؤثرة في وصفها للماضي
تفصح عن الواقعية. ورغم ذلك يعتبر الباحث أن من الظواهر المميزة لعملية التفاعل
الأدبي في القرن العشرين كان الالتزام بمطالب المبادئ الصارمة للمجتمع الشرقي،
وليست من مظاهر معاداة الواقعية.[19]
وربط
الباحث عبد اللاييف عملية تشكل الأدباء القوميين الشباب في الدول العربية بمراحل
مثل انتعاش الحياة الثقافية، التي أشارت إليها الدراسات الأدبية الكثيرة بأنها
دخلت وبشكل قوي في المنعطف العلمي المميز لمرحلة النهضة الشاملة،[20]
التي آخذت خلالها بالتشكل نظرات جمالية جديدة، واتجاهات جديدة في الأدب لم تكن
معروفة من قبل. وأتت بمجموعة كاملة من الملامح المميزة الخاصة، التي سمحت للباحث
باعتبارها مرحلة للنهضة وعصراً للتنوير، مشبعة بالمفاهيم التاريخية، ولكن عكس
المرحلة الأوروبية المشابهة.[21]
واعتبر
الباحث أن المرحلة المبكرة لتشكل الرواية الحديثة في سورية تكونت خلال عشرينات
القرن العشرين، وكانت أكثر وضوحاً في النظرة إلى المصادر الأدبية المتنوعة
بألوانها الجمالية، وهي التي سمحت بتشكل أسلوب جديد في الأدب السوري كانت الرواية
فيه بمثابة المؤشر لولادة الأدب السوري الحديث الذي انسابت فيه العلاقات
والتفاعلات المميزة لهذا الفن الحديث. وأشار إلى أن تلك العملية كانت جارية في
البلدان العربية وخاصة في سورية منذ فترة طويلة من خلال نظام واسع للتفاعل الثقافي
العالمي.[22]
وانتقد معادلة ذكرتها م. باختينا من أن "الأسلوب هو أثر للفن" لأنها
بذلك تحاول دفع العملية الأدبية إلى مداخل محددة تاريخية وتقليدية تؤدي إلى خلق
تناقضات في الأسلوب الأدبي، لأن الأسلوب في تطور دائم وخاضع لمتغيرات الحياة، وهو
ما ينطبق على مضمون الإنتاج الأدبي بشكل عام، وينطبق على العملية الأدبية في سورية
أيضاً.
وأشار
الباحث إلى فترة ثلاثينات القرن العشرين واعتبرها الفترة التي توجه فيها أكثر
الكتاب العرب إلى تقاليد النص العربي حيث ظهرت السير التي تصف حياة الرسول العربي
(ص)، وهو الأسلوب الذي اتبعه طه حسين (1889-1973)، وتوفيق الحكيم (ولد عام 1898)
في مصر، ومعروف الأرنأوط (1892-1948) مؤلف الرواية التاريخية "سيد قريش"
في ثلاثة أجزاء (1929)، ورواية "عمر بن الخطاب" في جزأين، ورواية
"فاطمة الزهراء" في سورية. واعتبر أن هؤلاء الكتاب قاموا بمحاولة لتجديد
أسلوب كتابة السير والرواية مع وضعهم لمدخل جديد لإعادة تأليف النص يتماشى
والمستوى العلمي للعصر الجديد. واعتبر محاولتهم حافزاً لإنشاء روايات تاريخية
مشابهة، عندما ظهرت مساعي الكتاب العرب لإظهار بطولات أجدادهم، وإنشاء لوحات تعبر عن
حياة المجتمع العربي في العصور القديمة. وأضاف أن الكتاب العرب الذين اتبعوا أسلوب
الرواية التاريخية توجهوا بذلك إلى المراحل التاريخية التي مرت بها الدول العربية،
واعتبرها أكثر سطوعاً في عرضها للنضال المثالي من أجل الحرية.
وأشار
إلى أهمية دور شكيب الجابري (ولد في عام 1912)، الذي بدأ نشاطه الأدبي في ثلاثينات
القرن العشرين، في تطور أدب الرواية في الأدب السوري الحديث، والدور الذي لعبه في
الفترة التي أصبحت فيه سورية أكثر اطلاعاً على الثقافة الأوروبية، وتأثير
الثقافتين الفرنسية والألمانية في بدايات الإبداع الأدبي لشكيب الجابري. وذكر أن
شكيب الجابري الذي بدأ نشاطه الأدبي برواية "الجشع" (1937)، وروايته
الثانية "المصير لا يهزأ" كان قد أصدرهما على أعتاب الحرب العالمية
الثانية عام 1939، ومن ثم روايته "قوس قزح" التي كتبها في عام 1946،
ورواية "وداعاً يا أفاميا" التي صدرت عام 1961. وقارن بينه وبين معروف
أرناؤط الذي اتخذ التاريخ موضوعاً لرواياته، بينما ركز شكيب الجابري اهتمامه على
النواحي السلوكية لأبطاله، معتبراً ذلك من التأثير الملحوظ لأسلوب الرواية
الألمانية على الأدب السوري في تلك المرحلة. وذكر أن الروايات السورية حملت طابع
الوحدة والترابط بينها، ولكنا لم تستفيد حتى النهاية من خبرة الأدب الأوروبي، ولم
تستفد من التقاليد القومية في الأدب كما يجب. واعتبر ذلك تأكيداً على الاهتمام
بالفكرة، وفي الترابط الفني، دون ثبات الشكل الفني في تطور الأسلوب الروائي في
الأدب السوري، الذي كان يجب أن يجري بعد استيعاب تأثير التقاليد الأدبية المتنوعة.
مستشهداً بأفكار الباحث السوفييتي غيوناشفيلي عن خصائص تطور الرواية الفارسية التي
جاءت بتناغم كامل مع عملية تطور فن القصة في سورية.[23]
وأشار إلى ما ذكره الأديب العربي عمر الدقاق عن شكيب الجابري الذي "لعب دوراً
كبيراً في الأدب، عندما كشف في إبداعاته الأدبية عن العالم الداخلي لأبطاله،
ومحاولته إظهار وتحلل الخصائص النفسية، وطبيعة سلوك أبطاله، واعتباره أن ولادة
الرواية الجديدة في الأدب السوري كانت مع ظهور روايات شكيب الجابري".[24]
وعن
الفترة التي بدأت مع أواسط خمسينات القرن العشرين في الأدب العربي بشكل عام، وفي الأدب
السوري بشكل خاص، وهي المرحلة التي اعتبرها الباحث عصر "سيادة الرواية"،[25]
ذكر أن كل الأساليب بقيت بمستوى معين ذات طابع روائي، بسبب الحضور القوي للرواية في
الأدب السوري بأسلوب جديد، بدأت معه أصوات جديدة للغة، وقوانين صارمة تقيد هذا
الأسلوب الأدبي الجديد.[26]
وعن
الإبداعات الأدبية للكاتب السوري الكبير حنا مينه ذكر أنه كتب الكثير في حينه، لأن
اسم حنا مينه ككاتب مبدع في القصة، وكشخصية اجتماعية معروفة بشكل واسع في البلدان
العربية وخارجها، وضعته إلى جانب أسماء أدباء كبار كنجيب محفوظ، ويوسف السباعي،
وحسين مروة والكثيرين غيرهم. وأكد أنه لا يعتبر ذلك تضخيماً بل حقيقة لأنه أعطى
القارئ العربي فرصة التعرف على حياة سكان المدن السورية كاللاذقية، ودمشق، وحلب،
بمستوى كبير ما كان لولا إبداعات هذا الكاتب الكبير. وأكد في نفس الوقت على أن هذا
الوضع قد حتم على الكاتب نفسه، وعلى الناقد، أن ينظرا من خلال ذلك لشرح المدى الذي
وصلت إليه الرواية السورية بعمق يعكس الواقع كما هو في كتابات الأديب السوري حنا
مينه التي تتمتع باهتمام وانتشار واسع بين القراء. معتبراً أن إبداعات حنا مينه هي
مادة ثمينة وممتعة للنقد والتحليل، رغم الصعوبة في تحليل هذا الإبداع المتميز،
الذي يعطي أساساً كاملاً من أجل تنويع أساليب الدراسة والتحليل رغم تناقضها.
معتبراً الطبيعة الاجتماعية لمؤلفات حنا مينه على الأكثر هي قلب الخلافات التي
دارت حول هذا الكاتب الكبير. ورغم كل تلك الخلافات بين النقاد فإنهم يجمعون على
صدقه في التعبير والتصوير دون خوف من النتائج، واعتبارهم هذا من شروط تقبل العالم
الذي قدمه هذا الكاتب المبدع.[27]
وأن حنا مينه لم يبتعد في إبداعاته عن تصوير الوضع الواقعي القائم في سورية خلال
الحرب العالمية الثانية، حيث نجد من يعجب بهتلر، ومن تخلى عن الغنى الروحي. واعتبر
الباحث أن أي انتقاد وجه إليه ما هو سوى اعتداء على شجاعة هذا الكاتب الكبير، لأن
حنا مينه عن وعي وتصور واضح تعمد الدقة فيه لنقل بعض الصور الاجتماعية، وهو حسب
رأي النقاد أكثر ميلاً لمشاهدة الظواهر السلبية، عندما "يحول النظر عن مراحل
الحياة المتقدمة، فهو عن سابق إصرار يحور الواقع".[28]
وذكر
أنه من المعقول في النقد الأدبي الذي تناول أعمال حنا مينه التحدث عن الانتقادات
الإيجابية الكثيرة، التي أخذت في اعتبارها الجدل الذي دار حول إبداعاته. ونرى أنه
كانت هناك وجهات نظر متطرفة في طبيعتها، انطلقت من خلال معاييرهم الخاصة، المتأتية
من الواقعية المتناقضة في مؤلفات حنا مينه نفسها. ورغم محاولة النقاد التخفيف من
تلك التناقضات وتبسيط طبيعتها، يبقى صعباً جداً تحديد الترابط الذي يحدد عالم هذا
المبدع. ومع ذلك فإبداع حنا مينه من جوانبه القوية والضعيفة من الصعب فهمه إن لم
يشرح الناقد طبيعة الإبداع الفردي المتميز لهذا الكاتب الكبير.
وفي
الفصل الثاني الذي جاء بعنوان: "التركيبية الفنية لروايات حنا مينه"
وخصصه الباحث لدراسة وتحليل مؤلفات حنا مينه واكتشاف الجديد في موضوعات مؤلفاته،
وتحديد الأساس الذي اتبعه في التركيب والتكوين الأدبي. لاحظ أن حنا مينه في
رواياته بعيد عن الاستطالة غير الموضوعية، في وضع خلفيات لوحاته التعبيرية التي
يمكن أن تصرف القارئ عن الاهتمام بمصير أبطاله الرئيسيين.
واعتبر
حنا مينه في عداد أكثر الأدباء شهرة في الأدب العربي لأواسط القرن العشرين. لأن كل
عمل جديد قدمه هذا المبدع الكبير للمجتمع، أو أي عمل تم نشره له، حظي بقبول القارئ
والناقد على حد سواء في البلدان العربية، مما دعى النقاد العرب للاعتراف به من بين
أكبر الكتاب في الدول العربية، الذين يقفون على قاعدة الأساليب الواقعية.[29]
ولكن في هذه الشهرة التي تمتع بها بين الجمهور، ونجاحه كشخصية اجتماعية، لم تقف
عند شخصيته المبدعة التي تتميز بالموهوبة الخلاقة، والشاعرية، والموهبة الروائية،
بل تعدتها إلى أحاسيسه المرهفة، وتجاوبه الدقيق مع روح العصر، وفي مقدرته على
اكتشاف الواقع والتعبير عنه بشكل واضح، والتعبير عن النواحي المخفية. ولهذا اعتبر
عبد اللاييف أن حنا مينه يتمتع بمستوى أعمق وأكثر بعث في نفسه الكثير من الأحاسيس
والخصائص المميزة في سيرة حياته الإبداعية والروحية من بين الكتاب العرب من أبناء
جيله، أمثال: نجيب محفوظ، ويوسف السباعي، ويوسف إدريس، وعبد الرحمن الشرقاوي،
وسعيد حورانية، ومحمد أمين العالم، وحسين مروة. ورغم مرور أكثر من نصف قرن تقريباً
على ظهور أول رواية مشهورة له "الشراع والعاصفة"،[30]
بقيت الرواية الأكثر أهمية في تاريخ الأدب السوري خلال نصف القرن المنصرم، رغم
صعوبة فهمها وتعقيدها.[31]
وأشار
الباحث إلى أن اسم حنا مينه قد ظهر في الصحافة لأول مرة في عام 1945 عندما نشرت
قصته الأولى "طفل للبيع"، وفي عام 1954 نشرت روايته "اللمبة
الزرقاء". وعلى ما يبدوا أن الخطوات الأولى تلك لحنا مينه قد حظيت بانتباه
القارئ والصحافة على حد سواء. ومثل نجاح روايته "الشراع والعاصفة" بعد
ذلك نجاح كبير للأدب السوري على صعيد الرواية التي حظيت بإعجاب كبير من قبل القراء،
وبردود فعل عاصفة في الصحافة العربية. وتابع الباحث أنه من غير الممكن أن يكون أي
كاتب من معاصري حنا مينه في سورية قد حظي بمثل الاهتمام الذي حظي به هذا الكاتب
الكبير من قبل النقاد العرب الذين واجهوه بردود فعل متباينة تراوحت ما بين الإعجاب
بموهبته الروائية، إلى الشك في مقدراته واتهامه بـ"المجون" و
"الإساءة للإسلام" وغير ذلك، هذا في الوقت الذي كانت مؤلفاته تقرأ في
معظم الدول العربية، وتترجم إلى الكثير من لغات العالم.
ويتابع
الباحث أنه في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن العشرين وهو الوقت الذي
أبدع فيه حنا مينه تزايد انفتاح المثقفين العرب.[32]
بالمقارنة مع الماضي، ضمن الأدب العربي التقدمي الذي بدأت ملامحه في الظهور منذ
مطلع القرن العشرين. ولعل المؤرخين يذكرون ما قاله السياسي البريطاني ونستون
تشرتشل في تلك المرحلة "بأن سورية لا تقبل السلطة من الخارج، وهي غير مؤهلة
لإدارة نفسها من الداخل"، وهو ما ولد لدى المثقفين والأوساط الأدبية نوعاً من
الشعور بالإحباط، فراحوا يدفعون بأبطالهم الرمزيين، عبر الفلسفة والتقنيات الفنية
لـ"الأدب غير المعقول" حسب النموذج الفرنسي للتعبير عما يجول في
خواطرهم.
ومن
تلك الصور أيضاً كان تصوير القديم بقوالب جديدة دون التغاضي عن الخصائص الكبيرة
لعالم الأحاسيس عند الكاتب والقارئ في نفس الوقت. وتركيز عدد كبير من الكتاب العرب
في تلك المرحلة على تضخيم الدور التربوي للأدب، وهو ما أشار إليه المستشرق الروسي
ف.ن. كيربيتشينكو في كتابه "القصة المصرية الحديثة" (موسكو: 1986)، في
أن "سعي الكتاب في العالم العربي منشغل في المواقف التربوية والأخلاقية،
وإصلاح الأخلاق، التي نفهمها كملاحظة لا يمكن تبريرها، كعدم فهم
"المثالية".[33]
والمثالية في الأدب السوري تعتبر من ألد أعداء حنا مينه، وقد لاحقته تلك العداوة
في كل مراحل أدبه، وفي كل الظواهر التي عالجها، واكتفى الباحث بذكر المواقف
"الاستعراضية" في عرضه للموانئ، والسجون وغيرها، من وجهة نظر بعض النقاد
الذين أشاروا إلى العروضية في اللغة القصصية عند حنا مينه والتي تدمر من خلالها كل
القيم الأخلاقية السائدة آنذاك، تلك القيم التي تنبعث من خلال الحماس الفاشل
لشخصيات النص الأدبي.
كما
وأشار الباحث إلى أهمية الانفعالات السلوكية ومصادر تصرفات الأشخاص الذين اختارهم
حنا مينه في سياق عرضه الأدبي. وأشار إلى ناحية هامة جداً لم يتنبه إليها النقاد
وهي أن حنا مينه كان كاتباً ساخراً، وهو ككاتب ساخر، تجنب الأوضاع الأحادية في
نماذجه الأدبية في عالم الإبداع، وكان من النادر جداً دخوله في تلك النماذج مباشرة
دون مناقشة مستفيضة للتوجه الأخلاقي لأشخاصه، معتمداً في ذلك على غياب الوعي عند
القراء للقيم الأخلاقية غير المتصورة، مثال: أن ألمانيا الفاشية تعتبر شراً، وأن
القتل، والخيانة، وخيانة الوطن، تعتبر أيضاً شراً.
وفي
معرض استعراضه لمواضيع رواية حنا مينه "الشراع والعاصفة" أشار الباحث
إلى أن مواقفها كانت وكأنها مواقف حقيقية تتابع التقاليد المتواصلة في الأدب
العربي، التي عرض الكاتب فيها مبادئ فنية مغايرة تماماً للمألوف من خلال الواقع
الجديد الذي صوره في روايته. ومن المواضيع الجديدة التي تمتاز بها رواية حنا مينه،
تتابعها مع مؤلفاته السابقة، المكرسة للبحر والبحارة. وفي السياق يرى أن حنا مينه قد
ركز وحافظ على حبكته الفنية الخاصة به. وظهر ذلك في المبادئ التي اتبعها لإظهار
ملامح البطل الروائي، وفي محاولته لإحداث تغيير في الطبيعة القومية المميزة لهم.
وهذه الخاصية ظهرت في حبكة القصة عند حنا مينه. وانطلاقاً من ذلك اعتقد الباحث عبد
اللاييف أن حنا مينه استطاع بدقة إعطاء التقاليد الأدبية حقها الإبداعي ووقف عند
حاجة القارئ أكثر مما أعطى للطريق الجديد الذي اختاره في إبداعه الأدبي. وذكر أن
من طبيعة الحبكة القصصية عند حنا مينه إظهار الشكل العام الذي قدمه للقارئ، والذي
شمل الأفكار والأحاسيس في إطار يتقبله وعي القارئ، بأسلوب "قصصي، منظم من
وجهة نظر شخصيات العمل الأدبي" عبر "تسلسل قصصي" ممتع. واستند في
ذلك على آراء عدد من الباحثين في "طرق آداب القرنين التاسع عشر والعشرين،
التي اتبعت طريق إيجابية للمؤلف، وإيجابية شخصيات العمل الأدبي".[34]
وهو ما كان متبعاً في الأدب الروسي، الذي استمد منه أسلوب القصة عند ا.ب. تشيخوف،
وانعكاس هذا الأسلوب في لغة القصة العربية من حيث "المستوى"
و"الجوهر" في تصوير الشخصيات.[35]
مؤكداً على أننا لو فتحنا أي صفحة من صفحات الروايات البحرية لحنا مينه، نلاحظ
كثرة الإشارات المستمدة من أفكار وأقوال أبطال الرواية، مستعرضاً الأمثلة التالية
المقتطفة من إبداع حنا مينه: "- في رأسي أفكار لا أعرف كيف أشرحها. أنا عنيد،
كافر ومؤمن، أربح وأنفق، أشرب وأحب، وآخذ حظي من الحياة، وأخالف الدين طمعاً في
المغفرة، ولكنني لا أشرب من البئر وأرمي فيها حجراً، ولم أقض ليلة مع امرأة إلا
شكرتها وتمنيت لو أن معي زهرة أتركها لها على الطاولة."[36]
"أسكتهم الرحموني: - لا تقولوا هذا. الباخرة جسم واحد وروح واحدة ولا عبرة
لما يجري بيننا على البر، نحن عائلة واحدة مهما اختلفنا."[37]
واعتبر الباحث أن الكثرة في الإشارات إلى ما يقوله أبطال الرواية، إشارة حقيقية
لاستخدام حنا مينه لهذا الأسلوب عن وعي كامل، مما أعطي البعد القصصي طابع القصد
والمهارة.
وتوقع
عبد اللاييف أن مصدر هذا الأسلوب قد يكون أدب القرون الوسطى، الذي أشار إليه
الكثير من الباحثين في تقاليد القصة العربية في القرون الوسطى، وقربها من القارئ
ومن واقع القصة العربية في القرون الوسطى نفسها، حسب إشارة ب.ل. ريفتين، الذي
اعتبر أن "كتاب القرون الوسطى كانوا أكثر تعبيراً عن تلك التقاليد في
مؤلفاتهم، من أعمال المبدعين المعاصرين". ولهذا كان "الكاتب في القرون
الوسطى أشبه بلاعب الشطرنج، الذي يعرف نتائج اللعبة، ويجب أن يلعبها مرة أخرى على
الرقعة، ولا يملك معلومات دقيقة عن بعض الخطوات".[38]
أو ما أشار إليه البروفيسور نعمة الله إبراهيموف، عن خصائص القصة في الروايات
الشعبية العربية معتبراً أن القارئ عرف أفكار وطريقة تفكير البطل في الرواية
الشعبية العربية، من خلال طرح تلك الأفكار عند تأليف القصة.[39]
وأشار
الباحث كذلك إلى محاولات حنا مينه إدخال بعض الحوارات الشخصية في الوصف التعبيري،
وفي كثرتها كانت كلمات غير مستحبة ومخفية كما كانت في أساليب الرواية الشعبية،
مثال: "- لا يا مصطفى، لا تفعل يا بني، ارحم شبابك، إذا فجعت أمك بأخيك فلا
تفجعها فيك، وإذا رفضت نصيحتي أخذت القيادة منك؛ المسافة بين العين ومرمى البصر
ليست المسافة الوحيدة للرؤية، وليست كذلك المسافة الأكثر طولاً أو بهجة؛ وحين
يتلفت القلب تتبدى له التهويل صوراً مجسداً على لوحة الفضاء؛ إنه نصف هالة قمر على
منبسط في سفر جبل؛ إن للصبر نهاية، وحين يفرغ صبر البحر فأحذره." [40]
واعتبر
أن كل هذا الكم من المواد ومن الجمالية في التعبير قد صب صباً، وكان من الممكن أن
يظهره الكاتب بشكل أكثر جمالاً وتعبيراً ودقة، لولا بساطة تلك النصوص المعروفة
للقارئ العربي وسهولة تقبله لها. وهو ما ينسحب أيضاً على موقف حنا مينه من ارتفاع
الشاعرية القصصية في أعماله، من خلال وصفه الشاعري للبحر، وحياة البحر :
"نعم، البحر سر عظيم. فيه الكثير من الأسرار، وسيبلع واحدة أخرى، ولن يكشفها
لأحد أبداً.." فالبحر يغلق العيون لعمقه، في مناغمة الفضاء، وهو الشيء نفسه
الذي نشاهده في أسلوب الحشو الزائد في تشكيل اللوحة التعبيرية فقط، ولكنه يأتي
فاقداً للمحسوس في وصفه للعاصفة، حيث يضيع في السياق الزمن المحدد والحدة
الاجتماعية، فيظهر بدلاً عن ذلك الفقر المعدم، كما هو في الواقع العملي.
وكل
هذا اعتمد على مستوى التركيبة القصصية عند حنا مينه، حيث صادف الباحث عبد اللاييف
صوراً رائعة في الحبكة القصصية، التي تعكس خصائص استخدام أقوال الشخصيات، وعلامات
الوسط الذي يصوره في ذلك الحوار. بينما استبدلها في رواياته "الشراع
والعاصفة" و"الثلج يأتي من خلف النافذة" التي يأخذ فيها المثقفين
وسطاً ويتوجه فيها إلى القارئ المثقف، بتركيز الاهتمام على العرض بشكل عام من خلال
مواقف معروفة، ومع ذلك نراها قد كتبت بلغة لا تخلو من غرابة في وصف الوسط المحيط.
كما
أورد الباحث عبد الحي عبد اللاييف أمثلة أخرى من الأسلوب القصصي لرواية حنا مينه،
بنيت على مبادئ أخرى مغايرة في أسلوب الرواية مثال: "- وتراكضت الغيوم السود
الزاحفة من الغرب، فغطت البقعة، وامتدت طبقة أسفلية فوق الثغرة التي فتحتها إشعاعة
القمر."[41]
"- فوقه كانت تنبسط سماء صافية، فاتحة الزرقة وصافية، ونسمات تهب كأنها
مدفوعة بمروحة، وأبنية شاهقة، ترتفع من الهضبة إلى البحر."[42]
واعتبر الشاعرية في هذا الوصف محاولة من الكاتب لتلوين النص القصصي، ولكنه تحدث في
أسلوبه أيضاً بكلمات مشابهة لكلمات رعاع المدن، ورواد الحانات، والشرائح الدنيا في
الأسواق. كما وتعرض الباحث في أطروحته لأسلوب الصحف والمجلات في القصة وأحاديث
الأبطال، وأورد مثال على ذلك في المقتطفات التالية: "- قال الرئيس في نفسه:
"ليس هذا بسؤال. إنه دعوة إلى الرجوع، لهاث إنسان تعب يفكر بالكاف عن
المقاومة .."[43]
"- فأية كلمة يمكن أن تقال أن تؤثر وتدفئ هذه النفوس الواجفة المقرورة
؟"[44]
واعتبر
أن الكاتب قد حاول أن يظهر للقارئ الوضع النفسي الصعب للناس، ومعاناتهم لأنهم لم
يستطيعوا إنقاذ الأصدقاء، ولكنه فعل ذلك دون تعمق، بل باستعراضية كما هو متبع
بأسلوب اللقطة في الصحف والمجلات. وهو ما خلق في روائية حنا مينه مواقف فيها نوعاً
من التوتر والصدام والصراعات الاجتماعية الصعبة، خالية في بعض الأحيان من الحبكة
الفنية والترابط الفني.
وخرج
الباحث بنتيجة بعد تلك الأمثلة بأنها بعيدة عن مضمون التسلسل في الرواية الملحمية،
وبأنها تأتي في إطار الخبر، كمسعى من الكاتب لتقديم "خبرته الشخصية".
وهو ما يستدعي الاحترام للكاتب، الذي سعى للإحاطة بعالم واسع، ومحاولة تقديمه بشكل
واقعي غير مشوه. لأن الأساليب التوثيقية في الأدب حسب رأيه قادرة على إعطاء الكثير
في الأدب الإبداعي، وهي حقيقة قديمة تؤكد مرة أخرى على الواقع الجمالي للإقناع
بالجديد، وكوسيلة شاملة توفر أداء الوظائف الأدبية في الرواية.
وعن
المصطلح في الروايات البحرية لحنا مينه، اكتشف الباحث في رواية "الشراع
والعاصفة" ثلاثة كلمات متخصصة فقط وهي: فلوكة، رومبل، حبل، ولكنه اعتبرها
مصطلحات بحرية لم تضفي على الرواية عناصر تصور طبيعة وتطور اللوحة ولم تأخذ وظيفة
فنية في سياق النص. واعتبر الأهم في الروائية أنها تبدأ بتناقض مع المضمون، لأن
الكاتب تحدث عن البحارة البسطاء بمستوى لغوي مميز لأنصاف المثقفين. وفي محاولاته
رسم المنظور، وعالم الأدوات، فإنه يرى أن المؤلف قد تهرب عندما استخدم وسائل
تسجيلية عادية، ولكن بشكل واقعي، معتمداً على الأهمية العامة للأحداث، وبذلك يكون
قد ألغى عملياً في النص دور جبلة الإسمنت، الذي يلحق انطباعاً خاصاً غير ضروري.
وعن
الشاعرية في روايات حنا مينه استنتج الباحث أن وسائل التصوير النفسي، والحوارات الداخلية،
وتناقضات البطل مع نفسه، والتركيز على وضعه النفسي كلها شغلت مكانة هامة في
إبداعاته الأدبية، رغم أنه يعتبرها بعيدة عن النفسية. لأن أبطال حنا مينه شخصيات
اجتماعية، وشرائح اجتماعية معينة، اختارهم لخدمه أهداف وطنية معينة في الرواية.
واعتبر أن حنا مينه قد استعار في أسلوبه لتكوين التسلسل الرئيسي في رواياته من
روايات القرون الوسطى.[45]
واعتبر
أن حنا مينه قد أخذ على نفسه مهمة تحمل مسؤولية تصوير ارتفاع الحس القومي عند
الجماهير العريضة، والتعبير عن نضالهم من أجل الحرية والاستقلال. وهو بذلك قد
اختار أبطال رواياته من ممثلي الطليعة الشعبية. ولهذا كان من الطبيعي أن يحاول في
رواياته إظهار أبطاله في حالة تطور دائم، وفي حركة مستمرة نحو الأمام. واستنتج أن
حنا مينه، كان يهتم قبل كل شيء بالتغيرات الجارية في ملامح وطبيعة وسلوك الناس من
عامة الشعب، وتصويرهم كمناضلين من أجل الحرية والاستقلال.
ويضيف
الباحث بأن الواقعية عند حنا مينه تكمن في قدرته على ربط الأبطال بخيوط دقيقة مع
الوسط المحيط، وهو ما أعطي دينامكية معينة لكل خلفية من خلفيات الموضوع خاصة في
الدقائق الحرجة من الرواية، في تصويره لكل ممثلي الطبقات والشرائح والجماعات
الاجتماعية الأساسية في المجتمع. كما ويلاحظ أن أبطال حنا مينه منغمسون في الوسط
الحياتي، الذي يصوره في بعض الأحيان بأدوار ثانوية في اللوحات الحياتية الكثيرة التي
وظفها الكاتب كوسيلة من وسائل التعبير عن الطبيعة الاجتماعية للأبطال. إضافة
لاهتمامه بالتعبير عن العالم الخارجي، والهموم الحياتية اليومية للبشر التي تعتبر
هنا من ملامح الأسلوب التي تضفي رونقاً خاصاً على التركيبة الجمالية للعمل الأدبي.
ويعتبر أن معالجة المواضيع في "الشراع والعاصفة" محاولة لإضفاء شكل معين
على الحياة الإنسانية (الحياة في الميناء مثلاً).
وفي
الفصل الثالث الذي جاء تحت عنوان: "مؤلفات حنا مينه والأدب السوري في أواسط
القرن العشرين" عالج الباحث فيه دور حنا مينه في تشكل وتطور الأدب السوري في
نهاية القرن العشرين. فيقول أن "الأدب السوري كغيره من الآداب في العالم
العربي كله، أخذت اليوم طابع التنوع، الصعوبة والتناقض، في الظروف الضرورية للتطور
الطبيعي للثقافة. والأدب السوري في القرن العشرين أعطانا عدد من الروايات، مرتبطة
كلها بعقدة المصير الشخصي والحدث التاريخي. كرواية ن. سليمان "السجين"
(1972)، ورواية "الثلج في الصيف" (1973)، ورواية عبد العزيز خيالي
"من يعرف الفقر" (1974)، ورواية خيري الذهبي "عالم البسطاء"
(1976)، و"تحليق الأيام الرائعة" (1977). الروايات التي أحدث أبطالها
تأثيراً في العالم المحيط، في الوقت الذي كان فيه وضعهم النفسي غير منفصل عن الزمن
التاريخي بل كان جزءاً منه.
لأن
التقاليد الواقعية في الأدب السوري أصبحت مادة للدراسة في العديد من أبحاث النقاد
كنبيل سليمان "دراسات في الرواية العربية"؛ وعدنان بن ذريل "أدب
القصة في سورية"، وفيصل سماق "الواقعية في الرواية السورية". ولأن
الاهتمام انصب خاصة آنذاك على ما يبدوا من تسميات الروايات. وهذا يفسر بشكل كامل
تقدم وعي المجتمع الذي جذب ورائه تغييرات في التركيبة الفنية والأسلوبية للرواية
السورية. خاصة وأن الباحثين قد أشاروا في أبحاثهم إلى مدى تعدد الأساليب الأدبية،
وإلى وحدة مختلف الأشكال الروائية (المقالة، التحقيق، العناصر الدرامية، أشكال
الحوارات، تصادم مختلف وجهات النظر حول المشاكل السياسية، الأخلاق) ومختلف
العناصر: العاطفية، والظرفية وغيرها. خاصة وأننا نحس من هذه الظاهرة التي ظهرت
جلية في الروايات البحرية لحنا مينه الذي كتبها وكأنها "صور"، مرتبطة
بتقنية المونتاج؛ وليس صدفة أن خاصية الرواية السورية عند الناقد نبيل سليمان هي
شاهد تماماً "كبذرة للتركيب" عند حنا مينه في "اللمبة
الزرقاء"."[46]
والمبدأ
الآخر الذي عالجه الباحث يكمن في جوهر رواية "الشراع والعاصفة"، من خلال
محاولة الأديب حنا مينه إظهار "دقائق محددة للتاريخ" خلال أعوام 1934،
1941، 1945، بأسلوب خاص فياض بالأحداث، يصور فيه وبالتوازي مصير الأبطال الرئيسيين
للرواية. ويعتبر أن الواقعية في التصوير هي حقيقة ملموسة في هذا العمل الفني
الكبير، وصفة مميزة لمؤلفات حنا مينه، وفارس زرزور، وهاني الراهب وغيرهم. ولكنه
يشير في نفس الوقت إلى تأثير اتجاهات أدبية أخرى في أعمال أولئك الأساتذة المبدعين
كمذهب العصرية مثلاً. وقيامهم بتوسيع حدود الواقعية عندما لجأوا في رواياتهم إلى
أساليب ووسائل فنية أخرى كالمقتطفات الكتابية التي اختلطت بأساليب المونتاج
السينمائي الحديثة.[47]
واعتبر
الباحث أن موقف حنا مينه كان مغايراً لمواقف بعض الأدباء العرب الواقعين تحت تأثير
موضة المذاهب الغربية، وحذر قراءه من التأثر بالأشكال "الأكثر حداثة"،
وأعتبر أن مثل تلك "الاتجاهات الحديثة" قد تضعف الصلة بين الكاتب
وقراءه، وقد تعيق وصول الفكرة الفنية من العمل الأدبي لأوسع الجماهير.
وأشار
إلى أن الرواية العربية الحديثة بما فيها السورية، أخذت تجذب اهتماماً متصاعداً
مؤخراً في أوساط النقاد الأدبيين في مختلف الدول العربية. مستنداً إلى عدد
آب/أغسطس 1981 من المجلة البيروتية "الطريق" الخاص عن أدب الرواية، وما
ذكره الكاتب والناقد اللبناني المعروف محمد دكروب في كلمته الافتتاحية لهذا العدد
إن ما "دفعنا لفكرة إصدار هذا العدد الخاص الواقع نفسه، فخلال السنوات العشر
الأخيرة ظهر ارتفاع كبير في مستوى فن الرواية في العديد من الدول العربية. وبغض
النظر عن أن الشعر عندنا تاريخياً هو الفن الأكثر انتشاراً، لأن جذوره ضاربة في
عمق تاريخنا، إلا أن الرواية أصبحت "تزاحم الشعر"، وأصبحت مثل الشعر،
واسعة الانتشار، وأصبحت أكثر الفنون شهرة". واعتبر أن نظرة النقاد السوريين
من الرواية الحديثة في الكثير متناقضة، مشيراً إلى رأي الناقد نبيل سليمان الذي اعتبر
الرواية عند بعض الكتاب غير المحترفين ليست سوى مهمة عابرة، ونمطية ومصورة، وتتميز
بانعدام الخبرة، ومضايقتها لدراسة الحياة الفنية، وطبقاتها الجديدة، وظواهرها
الجديدة.
وأشار
الباحث كذلك إلى غلبة ظاهرة تخلف الاتجاه الاجتماعي في الأدب السوري الحديث، من
خلال إشارته لمؤلف خيري الذهبي "عالم البسطاء"، ومجموعة حيدر حيدر
"الزمن القاتم"، و"الوميض"، التي كتبها معتمداً على تقاليد
وقوانين أدب الفضائح الاجتماعية، ووصف هذا اللون الأدبي بـ"مثير
الفضائح"، الذي كان في مجموعة المقدمة في القصة السورية، ولم يتوقع أن يتغير
هذا الوضع في المدى المنظور، لا في أدب الفضائح الاجتماعية، ولا في أدب الحماس
الاجتماعي واسع الانتشار في سورية.
أما
فيما يتعلق بالأديب حنا مينه فاعتبره الباحث كاتب من نوع آخر حدد بدقة الانتماء
الاجتماعي لشخصيات رواياته، الذين يمكن يكونوا عمالاً في الميناء، أو باعة، أو
مثقفين. إضافة لخاصية هامة أخرى في قصصه، تتميز بوقوفه على الحقائق الثابتة في
تصوير شخصياته التي اعتبرها عبد اللاييف واضحة الملامح كأبطال الأفلام السينمائية.
وخرج بنتيجة أخرى لا تقل أهمية وتتمثل بدقة الكاتب نفسه في التعبير. واستنتج أن
روايات حنا مينه، بغض النظر عن الانطباع الأولي نراها تصب لا بالوسط الاجتماعي
وحسب، بل وفي الطبيعة الفنية للشخصيات الرئيسية التي استخدمها الكاتب للتعبير عن
الفكرة الأدبية، وجوهر الأدوار التي أسندها لشخصياته، وللتعبير عن أحاسيسه
والتأكيد على العدالة، في تصوير إنسانية شخصياته المحبوبة (تاروسي، وأحمد).
ومن
طبيعة روايات حنا مينه التي استنتجها الباحث أيضاً دقة موقفه من الحياة، ودقة
الواقع في إبداعه الأدبي، وتحليله النقدي الدقيق للأحداث الجارية وموقف الجماهير
العريضة منها، وهي التي مع سقوط ثوابت العالم القديم وقفت للنضال ضد الفقر،
والاحتقار، والتخلف، وعزمها الثابت على بناء المستقبل، ولهذا اعتبر الباحث أن
أبطاله، هم أناس حقيقيين، بضعفهم، وشكهم، وترددهم.
وفي
ختام مناقشته لروايات حنا مينه والقصة السورية بشكل عام، أكد الباحث عبد الحي عبد
اللاييف على أنه "لا يوجد عندنا بعد مدخل واحد، أو نظرية أدبية، يمكنها
بمسؤولية أن تعطي الأهمية الأسلوبية للأعمال الأدبية التي صدرت تقريباً منذ زمن
قريب. لأن الظروف الجديدة وضعتنا في تناقض. ولكن الأهمية التي لا تغيب عن
الكلاسيكيين (ويعتبر حنا مينه من كلاسيكيي الأدب العربي في القرن العشرين) خلال
العديد من السنوات، لتنفتح أمامنا اليوم على شكل لمحات سريعة. والآن نرى الماضي
يحيى بالتمام والكمال. ومرة أخرى نعود إلى أسلوب الكاتب في الروايات التي درسها،
لنسأل، أين تكمن القوة ؟ على ما نعتقد تكمن في الحياة الضاربة بجذورها في القيم
الإنسانية المشتركة، التي هي دائماً بسيطة جداً في الوضع العائلي، والحرفة،
والموضع. أسلوب الكاتب قيم جداً، ويمكن التعبير عنه بكلمة واحدة، أو كلمتين حسب
فهمنا للأدب، فهو دائم الحوار مع نفسه. وهذه ميزة من ميزات النثر الأدبي، ولو أن
النثر الأدبي متشابه وضعيف، فإن روايات حنا مينه تعتبر تاريخية، من خلال إسهامها
في تطوير الأدب السوري الجيد الموجود فعلاً والذي سيبقى طويلاً بفضل الأديب الكبير
حنا مينه".[48]
وفي
الخاتمة خرج الباحث عبد الحي عبد اللايف بالنتائج التالية: أن المرحلة من أواسط
الخمسينات وحتى نهاية سبعينات القرن العشرين تعتبر هامة جداً في تاريخ الأدب
العربي بشكل عام، وفي تاريخ الأدب السوري ضمناً. وهي المرحلة التي يمكن تسميتها
بمرحلة الخروج عن تقاليد الأدب العربي الإسلامي، والتضييق على عناصر التقاليد التي
لم تزل موجودة، وأن منجزات الأدب الأوروبي دون أي شك قد تم إدخالها من خلال
"فلترة" النظرات القومية والجمالية والفلسفية العربية؛ وأن مؤلفات
الأديب السوري حنا مينه تميزت بتكامل بناء عصر الأدب السوري، وبداية مرحلة جديدة
من تطور الفن الواقعي، الذي زينته أعماله الاجتماعية، وكرهه لانعدام العدالة،
وإحساسه الصادق بالالتزام "بالنظام" الذي كشف عبره مدى معرفته الرائعة
لحياة الشعب، ومعاناته، وأحلامه الممتدة عبر القرون بالتحرر والعدالة والحرية؛ وأن
الأديب الكبير حنا مينه ينتمي لمجموعة الكتاب التي أبدعت في كل الاتجاهات الجديدة،
ولكن من دون تغيير الحقيقة والواقعية، ورسمه للحقيقة كما هي في لوحة الحياة، وفي
نضال الشعب السوري من أجل السلام والعدالة في السنوات العاصفة من حركة التحرر
القومي؛ وأن الأديب حنا مينه وهو يحاول إيجاد تفسير جديد للواقع، وغيره من
العلاقات المنطقية بين مظاهر الحياة، وبين الإنسان والعالم، الذي يعيش فيه، أسهم
في تشكل وتطور القصة الحديثة العربية، والرواية السورية؛ وأنه قبل ظهور رواية حنا
مينه الرئيسية "الشراع والعاصفة" في أدب القصة السورية، لم يكن قد ظهر
بعد على ما يبدوا أية أعمال صورت بسطوع وصدق، تأثير التحولات الاجتماعية على حياة
الفرد العادي. وهو ما عبرت عنه شخصيات أبطال روايات حنا مينه التي عالج من خلالها
الكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يعني أن كل تلك
المشاكل كانت تشغل أحاسيس الكاتب. وأن علاقات خاصة جداً كانت تربط بين الكاتب
وأبطاله والشخصيات الأخرى، تحت تأثير ثقافة. ن. غوغول، وف. دوستويفسكي، غ. وفلوبر،
وج. لندن، وو. فولكنير، وإ. همنغوي، ود. ستينبك، وهي قائمة غير كاملة للكتاب الذين
حلل الكاتب الكبير أفكارهم ونظراتهم في مؤلفاته، وهذا يعني في شخصياته على خلفية
الواقع السوري؛ وأن أسلوب الإبداع الفني الأساسي عند الأديب حنا مينه كان عبارة عن
خليط بين الزمن والفضاء، مع تناوب دقائق ردود الأفعال التي التقطها من خلال أخطاء
شخصياته الروائية، وأن مثل هذا الأسلوب طبيعي للكثير من أدباء العالم. وأن
الخلفيات السينمائية المتعمدة، ربطت دائماً بوحدة المنطق الذي استخدمه، من خلال
تلاقي الشرائح المتشابهة أو المتعاكسة، أو عندما يصور موقف مسرحي واحد ويبدله
بغيره دون أي تمهيد، مما يعطي الحبكة القصصية حركة وسعي دائم؛ وأنه مع ظهور رواية
"الشراع والعاصفة" أصبحت الرواية السورية أكثر وضوحاً، ووصلت بها إلى
النضوج الفني، وأن مسلسل الروايات البحرية التي كتبها الأديب حنا مينه تشهد على
تنوع الأشكال في الأدب السوري التي عرضتها أعمال رمزية لأدباء سوريين آخرين كـ:
حيدر، وهلالي، والذهبي، ونبيل سليمان، الذين تابعوا وطوروا طريقة وأسلوب حنا مينه،
ولكنهم زادوا من صعوبة تكوين لوحة العالم المحيط، عندما لجأوا إلى أمراض قروية في
الأدب، حطت من مستوى تقدير كتاباتهم ومكانتهم الأدبية؛ وأن طرق دراسة إبداعات بعض
الكتاب من دون شك يجب أن تدخل فيها المنجزات الإبداعية الشخصية، والإخفاقات التي
ألمت بالأديب، وأن ينظر إليها كخلفية، ومضمون للتطور الاجتماعي والتاريخي.
وهكذا
نكون قد استعرضنا نظرة أوزبكستانية حديثة في الأدب السوري المعاصر وخصائص تطور
الرواية العربية المعاصرة في سورية من خلال مؤلفات حنا مينه.
7/10/2002
هوامش:
[1] أ.د. محمد البخاري: عربي
سوري مقيم في أوزبكستان، مستشار رئيس جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية في
العلاقات الدولية.
[2] إسلام كريموف: أوزبكستان
على عتبة القرن الحادي والعشرين، الأمن، وظروف وضمانات التقدم. // على طريق الأمن
والاستقرار والتطور. الجزء الرابع. طشقند: أوزبكستان، 1998، ص 225. (باللغة
الروسية)
[3] إسلام كريموف: السعي نحو
القرن الحادي والعشرين. // مستقبلنا نحن نبنيه بأيدينا. الجزء السابع. طشقند:
أوزبكستان، 1999. ص 346. (باللغة الروسية)
[4] للمزيد أنظر: ل. ا.
آغاننوي: النقد الأدبي لبلدان الشرق الأجنبية، ودورها في تطوير الفكر الاجتماعي
والجمالي. موسكو: 1988. ص 4. (باللغة الروسية)
[5] نبيل سليمان: النقد
والرواية السورية. دمشق: 1981. ص 8. (النص المذكور ترجمة حرفية لما جاء في النص
الروسي)
[6] د. حسام الخطيب: تبعات
قومية في الرواية السورية. دمشق: مجلة الموقف الأدبي، 1982، كانون ثاني/يناير. ص
9.
[7] عدنان بن ذريل: القرائن
والمعنى في الرواية العربية السورية. دمشق: مجلة الموقف الأدبي، 1982، كانون
ثاني/يناير. ص 20.
[8] سمر روحي الفيصل: شكل
السيرة في الرواية التاريخية السورية. دمشق: مجلة الموقف الأدبي، 1982، كانون
ثاني/يناير. ص 40.
[10] كريمسكي ا.يي.: تاريخ
الأدب العربي الجديد في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. موسكو: ناووكا،
1971. ص 749. (باللغة الروسية)
[11] دولينينا ا.ا.: مقالات في
تاريخ الأدب العربي في الوقت الجديد. مصر وسورية. المنشور خلال أعوام 1870 و 1914.
موسكو: ناووكا، 1968؛ مقالات في تاريخ الأدب العربي في الوقت الجديد (مصر وسورية).
موسكو: ناووكا، 1973. ص 272. (باللغة الروسية)
[13] كيربيتشينكو ف.: إمكانيات
البطل (ملاحظات عن الرواية الواقعية المصرية في النصف الثاني من الستينات
والسبعينات)، أدب دول الشرق الأجنبي في السبعينات. 1982. ص 311. (باللغة الروسية)
[16] إسلام كريموف: من دون
الماضي لا يوجد مستقبل، من دون التعاون لا يوجد نقدم. // على طريق البناء. الجزء
الرابع. طشقند: أوزبكستان، 1996. ص 336. (باللغة الروسية)
[17] إسلام كريموف: المستقبل
العظيم: هذا روحية عالية للشعب. // التفكير والعمل بشكل جديد، من متطلبات الوقت.
الجزء الخامس. طشقند: أوزبكستان، 1977. ص 143. (باللغة الروسية)
[18] للمزيد انظر: ف. ن.
كيربيتشينكو: عن طرق تطور الواقعية في القصة الحديثة المصرية. // شعوب آسيا
وأفريقيا، 1976، العدد 3. ص 86. (باللغة الروسية)
[19] للمزيد أنظر: كيربيتشينكو
ف.ن.: القصة المصرية الحديثة، في السينات والسبعينات. موسكو: ناووكا، 1976. ص 295.
(باللغة الروسية)
[20] للمزيد أنظر: دولينينا
ا.ا.: مقالات في تاريخ الأدب العربي في الوقت الجديد (مصر وسورية). موسكو: ناووكا،
1968؛ ليفين ز.ي.: تطور الفكر الاجتماعي العربي 1917-1945. موسكو: ناووكا، 1979.
(باللغة الروسية)
[21] للمزيد أنظر: دولينينا
ا.ا.: مقالات في تاريخ الأدب العربي في الوقت الجديد (مصر وسورية). موسكو: ناووكا،
1968. ص 5. (باللغة الروسية)
[22] عن ظهور الأساليب الأدبية
الحديثة أنظر: فيسيلوفسكي ا.ن.: الشعر التاريخي. موسكو: 1990، باختين م.: مسائل
الأدب والجمال. موسكو: 1973. (باللغة الروسية)
[23] للمزيد أنظر: غيوناشفيلي
ل.س.: مشاكل تشكل وتطور الواقعية في القصة الفارسية الحديثة. تبليسي: ميتسييريبا،
1985. (باللغة الروسية)
[29] محمد كامل الخطيب: عالم
حنا مينه الروائي. بيروت: دار الأدب، 1979. ص 37. (ولو أن الباحث الروسي في الأدب
السوري ك. تشوغونوف يعتبر أنه "في مجال التقدير الكبير هناك بعض
التضخيم"، ولكن على ما أعتقد أن حنا مينه لم يأخذ بأسلوب الواقعية فقط، بل
عمل على تطوره لاحقاً "الباحث").
[30] صدرت الترجمة الروسية
للشراع والعاصفة في موسكو، عن دار رادوغا، 1985. ترجمة: ل. ميدفيدكو، و ف. شاغال.
[33] يستمد الباحث موقفه هنا من
روايات يوسف إدريس "الخطيئة" (1958)، وثلاثية نجيب محفوظ "بين
القصرين" (1956)، ورواية الشرقاوي "الأرض".
[34] كوجيفنيكوفا ن.ا.: نماذج
القصصية في الأدب الروسي في القرنين التاسع عشر والعشرين. موسكو: 1994. ص 10.
(باللغة الروسية)
[38] ريفتبن ب. ل.: أشكال
والتأثير المتبادل لأدب القرون الوسطى الشرقي. موسكو: ناووكا، 1969. ص 81. (باللغة
الروسية)
[39] أ.د. نعمة الله إبراهيموف:
الملاحم العربية في القرون المتأخرة. طشقند: 1994. ص 158-159. (باللغة الروسية)
[45] استند الباحث عبد الحي عبد
اللاييف في موقفه هذا على آراء النقاد العرب، ورأي عبد الرزاق سيد: رحلة الكشف
والاكتشاف. في مجموعة عالم حنا مينه الروائي. بيروت: 1979. ص 53؛ ورأي ف.ن.
كيربيتشينكو: الرواية العربية الحديثة وتاريخ الأسلوب التوثيقي في القرون الوسطى.
موسكو: ناووكا. (باللغة الروسية)
[46] عبد الحي عبد اللاييف:
المراحل الأساسية وخصائص تطور الرواية العربية المعاصرة في سورية من خلال مؤلفات
حنا مينه. ملخص أطروحة. طشقند: جامعة
[48] عبد الحي عبد اللاييف:
المراحل الأساسية وخصائص تطور الرواية العربية المعاصرة في سورية من خلال مؤلفات
حنا مينه. ملخص أطروحة. طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2002. ص
24-25. (باللغة الروسية)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق