جمهورية أوزبكستان
بحث كتبه: أ.د.محمد البخاري
1 - لمحة تاريخية: تاريخ الشعب الأوزبكي جزءاً لا يتجزأ من تاريخ شعوب وسط آسيا، ويمتد في جذوره إلى الألف الأولى قبل الميلاد عندما بدأت بالظهور مجتمعات مستقرة ذات تنظيم إداري وسياسي واضح المعالم، وهو ما يعتبر من الأشكال المبكرة لتكون الدولة بمفهومها الحديث. وتكونت تلك المجتمعات على ضفاف الأنهار وفي الواحات الخصبة المنتشرة في المنطقة التي تشغلها اليوم أوزبكستان المعاصرة. وشكلت أولى دولها كالدولة البكتيرية، والدولة الخوارزمية، والدولة البرثية، والدولة الصغدية ومنذ ذلك الوقت بدأت أطماع دول الجوار تتجه نحو تلك الدول الغنية، طمعاً بخيراتها وثرواتها، وتتالت موجات الغزو على المنطقة تارة تحت راية البحث عن الثروة، وتارة تحت راية الدين، وتارة لبناء مجد إمبراطوري على حساب الشعوب المقهورة والمغلوبة على أمرها.
وفي القرن السادس قبل الميلاد خضعت مناطق واسعة من وسط آسيا للإمبراطورية الفارسية مترامية الأطراف واستمرت تلك الحال حتى هزيمة الفرس على يد الإسكندر المقدوني في القرن الرابع قبل الميلاد. وفي الفترة الممتدة مابين عامي 312 - 64 قبل الميلاد فرض السلوقيين سيطرتهم على المنطقة إلى أن بدأ النفوذ الصيني خلال الفترة الممتدة مابين عامي 138 - 52 قبل الميلاد ينتشر فيها وكان هدف الصينيين آنذاك السيطرة على وسط آسيا الذي يعني السيطرة على طريق الحرير العظيمة التي تمر عبر المنطقة لأن طريق الحرير كانت تعني للصين آنذاك الشريان التجاري الهام والضروري لرخائها وازدهار تجارتها. وعاد الساسانيون الفرس ليربطوا المنطقة بمصالحهم خلال الفترة الممتدة مابين عامي 226 - 641 م.
ووصل العرب إلى ما وراء النهر(تركستان)، حاملين معهم الدين الإسلامي الحنيف عام 651م ورغم قصر المدة التي حكم بها الخلفاء العرب ما وراء النهر فإن الديانة الإسلامية بقيت وضربت جذورها عميقاً في وجدان شعوب المنطقة وبقيت ماثلة للعيون حتى يومنا هذا. وكان العامل الديني الإسلامي الحافز القوي ومصدر الإلهام الروحي للشعب الأوزبكي وشعوب وسط آسيا الأخرى للدفاع عن ذاتهم القومية.
وتعاقبت الدول الإسلامية في المنطقة بعد زوال الحكم العربي منها فجاءت الدولة السامانية خلال الفترة مابين عامي 700 - 999م وعملت على تجديد روابط المنطقة ببلاد فارس. وأدت هجرات القبائل التركية من المناطق المتاخمة لمنغوليا واستقرارها في الواحات وعلى ضفاف الأنهار في وسط آسيا خلال القرن العاشر واختلاطها بالسكان المحليين واندماجها بهم إلى اعتناقها للدين الإسلامي الحنيف وإضفاء الطابع التركي على المنطقة التي أطلق عليها آنذاك تسمية تركستان (أي بلاد الترك) وهو الطابع المستمر في معظم أنحاء وسط آسيا حتى اليوم.
وفي عام 999م تمكنت قبيلة قره خان (الملك الأسود) التركية من انتزاع السلطة من أيدي السامانيين واستولوا على عاصمتهم بخارى وغيرها من المدن في وسط آسيا. متخذين من سمرقند عاصمة لحكمهم وعملوا على إبعاد المنطقة عن النفوذ الفارسي. وتمكن القره خانيون أثناء فترة حكمهم من حمل لواء الإسلام بعيداً عن المنطقة نحو الشرق حتى مشارف الصين. وحال الصراع بين القبائل التركية دون بسط سلطة القره خانيين على كافة أراضي المنطقة إلى أن نجح السلاجقة الأتراك من انتزاع السلطة منهم في مطلع القرن الحادي عشر الميلادي، الذين تمكنوا من بسط سلطتهم على مناطق شاسعة من العالم الإسلامي شملت بلاد الأناضول وبلاد فارس والعراق وبلاد الشام، وسرعان ما تعرضت سلطة السلاجقة الأتراك لتحدي قبائل قره كيتاي (الصينيون السود) القادمين من منغوليا خلال الفترة الممتدة مابين عامي 1125 - 1210م وحاولت قبائل قره كيتاي فرض نمط الحكم الصيني على المنطقة ولكن الذي حدث كان عكس ذلك فقد تأثر القادمون الجدد بنمط الحياة التركية الإسلامية داخل الدولة الخوارزمية آنذاك وانصهروا داخلها.
وأدت الصراعات والحروب المحلية في وسط آسيا خلال القرن الثالث عشر إلى قيام إمبراطور المغول جينغيز خان بغزو المنطقة خلال الفترة الممتدة مابين عامي 1219 - 1221م مما أدى إلى تمتع المنطقة بفترة هدوء نسبية. وبعد وفاة جينغيز خان عام 1227م عادت الصراعات والحروب المحلية لتعصف بالمنطقة مرة أخرى إلى أن نجح الأمير تيمور (الشهير بتيمور لانك، أي تيمور الأعرج) بفرض سلطته على المنطقة في عام 1371م متخذاً من سمرقند عاصمة لحكمه الذي استمر من بعده في السلالة التيمورية. واستمر حكم السلالة التيمورية في وسط آسيا إلى أن استطاعت بعض القبائل المنحدرة من سلالة أوزبك خان (1281-1342م) تحت قيادة شيباني خان من انتزاع مناطق شاسعة في وسط آسيا ضمت مدناً هامة كبخارى، وخيوة، وقوقند، وغيرها من المدن الكبيرة مع نهاية القرن الخامس عشر معلنة عن مولد الدولة الشيبانية التي استمرت في الحكم إلى أن تفرقت مناطق سكن العشائر الأوزبكية إلى ثلاث دويلات هي: إمارة بخارى، ودولة خيوة، وخانية قوقند، مع نهاية القرن السادس عشر وهي الفترة التي بدأت تتوجه فيها الأطماع الروسية نحو التوسع والسيطرة على تركستان للاستيلاء على خيراتها ضمن لعبة السباق الروسية البريطانية للحصول على المزيد من المستعمرات في المناطق الإسلامية الآسيوية الداخلية. وامتداداً للحروب الروسية العثمانية الدائرة رحاها آنذاك في آسيا الصغرى وعلى سواحل البحر الأسود وشرق أوروبا.
وبعد سلسلة طويلة من التوسعات الروسية داخل المناطق الإسلامية في حوض نهر الفولغا وقازاقستان. بدأت الحملات العسكرية الروسية على تركستان بين كر وفر إلى أن تمكنت الجيوش الروسية بقيادة الجنرال تشيرنياييف من الاستيلاء على مدينة طشقند التي كانت تابعة آنذاك لخانية قوقند في 15 يونيو عام 1865م. وبعد معارك شرسة وغير متكافئة بين جيوش الأمراء المنقسمين على أنفسهم والجيش الروسي المجهز بأحدث الأسلحة والعتاد العسكري تمكن الروس من فرض حمايتهم على بخارى عام 1868م وخيوة عام 1873م ومن القضاء نهائياً على خانية قوقند عام 1876م بعد تدمير العديد من مدنها وقراها وقتل وتشريد المتبقي من سكانها، وانتقل آخر أمرائها للعيش في دمشق حيث يعيش بعض أحفاده حتى الآن.
ومنذ اللحظة الأولى للتواجد الروسي على الأراضي الأوزبكية قاوم الأوزبك الاحتلال بشتى الصور من المقاومة المسلحة إلى تشكيل الجمعيات السرية المناهضة للاحتلال الروسي إلى إصدار الصحف والمنشورات التي تندد بالاحتلال والاستيطان وفرض اللغة والثقافة الروسية إلى دعوة الأوزبك للحفاظ على لغتهم وثقافتهم وتقاليدهم القومية. ومن الصور الساطعة التي يحملها تاريخ الشعب الأوزبكي عن مقاومة الاحتلال والوجود الروسي الحركة التي قادها محمد علي دهشة إيشان عام 1898م والتي انطلقت من مدينة أنديجان وانتشرت إلى مدن أوش ومرغيلان في وادي فرعانة وقامت الجيوش الروسية بقمعها بوحشية بالغة ودمرت وأحرقت كل شيء صادفته في طريقها لزرع الرهبة في قلوب الأوزبك العزل من السلاح ولعبت المدارس الدينية الكثيرة المنتشرة في المنطقة دوراً كبيرة في إثارة الوعي القومي والأحاسيس الوطنية ضد الاحتلال والاستيطان الروسي. وكان من أبرزها المدارس الدينية في إمارة بخارى التي كانت آنذاك مستقلة تحت الحماية الروسية وكانت قمة في إثارة الوعي والإحساس الديني والوطني والثقافي ضد الاحتلال والسيطرة الروسية في المنطقة. وسارت حركة المقاومة الوطنية للاحتلال الروسي في أوزبكستان مع مطلع القرن العشرين ضمن إطار فكري شامل عرف بحركة "مجددي" (المجددين) التي عاصرت حركة الدعوة للتجديد في مصر وبلاد الشام وأخذت على عاتقها مهمة تجديد المفاهيم الدينية بعيداً عن التصلب والجمود والأخذ بأسباب التطور الحديث في أوروبا وكان من أبرز دعاتها عبد الرشيد قاري. وتحت ستار التعليم والتجارة شكل المثقفون الأوزبك جمعيات سرية لمقاومة الاحتلال منذ مطلع القرن العشرين ومن تلك الجمعيات: "جمعية تعليم الصبية" وجمعية "بركة" التجارية وغيرها من الجمعيات. وكانت تلك الجمعيات تلقى الدعم والتأييد من الجميع وخاصة من الطبقة الثرية في الأوساط الأوزبكية.
واستيلاء البلاشفة على السلطة في روسيا لم يكن عامل تغيير يبشر بتخلص تركستان من نير الاحتلال بل على العكس قام البلاشفة فور استيلائهم على السلطة في روسيا بتشديد قبضتهم على تركستان ووسعوا أملاكهم الإمبراطورية فيها وقاموا باحتلال إمارة بخارى وألغوا استقلالها بعد استيلائهم على مدينة بخارى في 2/9/1920م وشرعوا بتطبيق سياسة جديدة حيال المنطقة منذ تأسيسهم للاتحاد السوفييتي في ديسمبر 1922م وقضت تلك السياسة التي قادها مسؤول الشؤون القومية في الحكومة السوفييتية آنذاك جوزيف ستالين بتقسيم تركستان وتقطيع أوصالها بشكل تصبح معه لقمة صائغة لأية خطط قادمة لنهب واستغلال خيرات المنطقة. واستمرت عملية التقسيم هذه لفترة طويلة بدأت مع مطلع العشرينات وانتهت عام 1936م عندما تم تأسيس جمهورية قازاقستان السوفييتية الاشتراكية، وجمهورية قرغيزستان السوفييتية الاشتراكية ليبلغ بذلك عدد جمهوريات آسيا المركزية خمس جمهوريات كما هي الحال اليوم وهي: أوزبكستان، وكازاخستان، وقرغيزيا، وتركمانيا، وطاجكستان.
وكانت جمهورية أوزبكستان بحدودها الحالية قد أحدثت بقرار فرضته موسكو في 17،10/1924م إثر إعادة تقسيم جمهورية تركستان وجمهورية بخارى وجمهورية خيوة على أساس قومي. ومنذ ذلك التاريخ عاشت جمهورية أوزبكستان وراء الستار الحديدي الذي فرض عليها وحرمها من الانفتاح على العالم الخارجي وأصبحت الإطلالة الوحيدة لأوزبكستان على العالم الخارجي تمر عبر موسكو فقط. وتحولت مواردها وخيراتها لخدمة التطور الصناعي في مجموعة الدول السلافية داخل الاتحاد السوفييتي السابق، وفتحت أسواقها لترويج البضائع الرديئة المنتجة في مصانع تلك المجموعة كما هي الحال في أية مستعمرة من المستعمرات الأوروبية في التاريخ الحديث.
وبقيت جمهورية أوزبكستان ولمدة تزيد عن السبعين عاماً مرتبطة بعلاقة "استعمار هيكلي" مع موسكو التي احتكرت كل نواحي التطور والتنمية في أوزبكستان لصالحها وصالح المجموعة السلافية. ولم يتجاوز إسهام موسكو في تطوير الاقتصاد والعلوم والثقافة في أوزبكستان على مدار نحو سبعة عقود من الزمن أكثر من كونه بمثابة إسهام في تحويل أوزبكستان إلى مزرعة ضخمة منتجة للقطن الذي تحتاجه مصانع الغزل والنسيج في المجموعة السلافية، رغم الآثار الضارة المتوقعة على الاقتصاد الأوزبكي وعلى القوة البشرية والثروة الحيوانية والتربة من جراء استخدام المواد الكيماوية الضارة لزيادة المحاصيل وهو ما حدثت فعلاً في نهاية العهد السوفييتي. وإلى مصدر رخيص للمواد الخام والمعادن الثمينة التي كانت تستخرج بطرق لم تراعى فيها أية قواعد لحماية الطبيعة والبيئة المحيطة بمناطق الاستخراج وإلى تابع سياسي وإيديولوجي احتاجته موسكو لأغراض الدعاية للسياسة الخارجية السوفييتية.
وكل تلك العوامل وغيرها ساعدت على نضوج فكرة الاستقلال التام للحفاظ على الهوية القومية وعلى الموارد الاقتصادية والسعي للتخلص من سياسة الابتلاع الثقافي والاقتصادي الذي استمرت عليه روسيا طيلة فترة احتلالها لأوزبكستان. وبرز واضحاً خلال السنوات الأخيرة من الحكم السوفييتي وخاصة فيما عرف بلجنة غيدلان وإيفانوف سيئة الصيت التي شكلتها موسكو في ثمانينات القرن العشرين للإساءة لبعض الشخصيات الوطنية الأوزبكية التي لا ترتاح لها. ولم تكن الحالة بأفضل منها لا في عهد المتشددين من القادة السوفييت أمثال ستالين وبريجنيف ولا في عهد الإصلاحيين أمثال خروتشوف وغورباتشوف. فالهدف غير المعلن كان واحداً وهو الاستغلال الاقتصادي والفرض الثقافي وقمع أي تطلع قومي أو إسلامي في المدن الهامة الأوزبكستانية التي تتمتع بتأثير كبير في المنطقة والعالم الإسلامي كبخارى، وسمرقند، وطشقند التي تحولت إبان الحكم السوفييتي إلى العاصمة الثقافية والعلمية لآسيا الوسطى وقازاقستان السوفييتية وأدارت من خلالها موسكو عملية السيطرة الثقافية والاقتصادية في المنطقة بأسرها منذ العشرينات من القرن العشرين. إضافة إلى جعلها مقراً لقيادة قوات الاحتلال الروسية ("تركستانسكي فاييني أوكروك" قطاع تركستان الحربي ! والاسم هذا لم يتغير من أيام الإمبراطورية الروسية وحتى انسحاب هذه القيادة والقوات السوفييتية بعد إعلان استقلال أوزبكستان). وأقدم البلاشفة أولاً على تجزئة تركستان كما سبق وذكرنا، تحت حجة حماية حقوق القوميات والأقليات وهي الحجة التي اتخذتها ذريعة لخلق الأسباب المشجعة لسياسة الاستيطان الروسي والسلافي فيها وتجزئة شعوبها التركية. ومن ثم إتباع سياسة الاستيطان والتخريب الديموغرافي من قبل السلطات السوفييتية المتمثل في التهجير القسري لشعوب بأكملها من مناطق سكنها الأصلية إلى آسيا المركزية ولعل تتار القرم والشيشان والكوريين وغيرهم الذين هجروا قسراً إلى المنطقة خير مثال على ذلك.
وراح البلاشفة أبعد من ذلك في سياسة طمس المعالم الثقافية لشعب كان حتى الاحتلال منارة علمية وثقافية في المنطقة وفي العالم الإسلامي. فأغلقت المساجد ومؤسسات التعليم الإسلامية بكل مستوياتها وألغت تعليم اللغة العربية في كل أنحاء المنطقة واستبدلت الحرف العربي المستخدم آنذاك في الكتابة بالحرف اللاتيني أولاً في عام 1927م كفترة انتقالية لتخفي أهدافها الحقيقية التي نضجت في عام 1940م فاستبدلته مرة أخرى بالحرف الروسي (الكيريلي). بعد أن نجحت في تحويل اللهجات المحلية غير المكتوبة إلى لغات وضعت لها الأبجديات السلافية بعد أن نجحت في خلق الحواجز القومية بين الأشقاء من أبناء تركستان، ولنتصور معاً وضع شعب بأكمله حوِّل إلى شعب أمي لا يعرف القراءة والكتابة بلغة أجداده مرتين خلال فترة تجاوزت العشر سنوات بقليل. وبني سد منيع يحول بينه وبين التراث المكتوب لأجداده العظام أمثال: الخوارزمي والبيروني وابن سينا والبخاري والترمذي والنقشبندي ونوائي والكثيرون الكثيرون غيرهم الذين أبدعوا إنتاجهم الفكري الشهير في العالم أجمع وكتبوه باللغة العربية وبلغتهم الأصلية بالحرف العربي. وتحول هذا التراث كمادة للمستشرقين الروس وتلاميذهم يأخذون منه أسباب السيطرة الثقافية على الشعوب الإسلامية الرازحة تحت حكمهم والتخطيط لإخضاع غيرهم من الشعوب.
وأدى فرض زراعة القطن في أوزبكستان إلى إجراء تغييرات جذرية في نظام الري والصرف يتفق واحتياجات إنتاج هذا المحصول الإستراتيجي. وشهدت مناطق أوزبكستان المختلفة توسعاً ملحوظاً في بناء شبكات الري ولكن بنفس الأسلوب الاستعماري الذي اتبعه المستعمر الأوروبي في أنحاء مختلفة من العالم الثالث. فقد تم في عام 1939م إنشاء قناة لاغان البالغ طولها 19 كم خلال فترة قياسية لذلك الوقت بلغت سبعة عشر يوماً فقط. استخدمت فيه السلطات السوفييتية أربعة عشر ألف مواطن أوزبكي بنظام السخرة. وفي نفس العام تم تشييد 45 قناة للري بنفس أسلوب السخرة السيئ من بينها قناة فرغانة الكبرى بطول 18 ميلاً وسخر بالمجان لبنائها أكثر من ستة عشر ألف أوزبكي وعشرين ألف طاجيكي خلال 45 يوماً. وأشرف عليهم حوالي ألف مهندس من العناصر السلافية وخاصة الروسية التي كانت تحتكر لها المراكز القيادية في النشاطات الصناعية والسكنية في المدن الكبرى في أوزبكستان. مما ولد شعور الاضطهاد الجماعي لدى الأوزبك في بلادهم.
وعند الحديث عن البنية السياسية في جمهورية أوزبكستان خلال العهد السوفييتي فإننا نرى أنها تعرضت للضغوط والتبعية لروسيا مثلها مثل البنية الاقتصادية. وبدت تلك الضغوط واضحة منذ ترسيم الحدود السياسية والديموغرافية لأوزبكستان بعد أن أتمت القوات البلشفية احتلال إمارة بخارى في سبتمبر عام 1920م والطريقة التي تعامل بها لينين مع التقرير الذي رفعته له لجنة شؤون تركستان. فقد كان رأي لينين تقسيم تركستان إلى ثلاث كيانات هي: أوزبكستان، وقرغيزستان، وتركمانستان. إلا أن مؤتمر السوفييتات الذي انعقد في موسكو في ديسمبر عام 1922م تبنى معاهدة الاتحاد التي تعتبر تركستان إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي ولكن المكتب السياسي للحزب الشيوعي الروسي عاد مرة أخرى في 12 يونيو عام 1924م وأصدر مرسوماً قسم بموجبه المنطقة على أساس قومي وفي 27 أكتوبر عام 1924م أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي مرسوماً آخر قسم المنطقة وفقاً لمبدأ تقرير المصير؟، وأحدث جمهورية أوزبكستان السوفييتية الاشتراكية، وضمت حينها جمهورية طاجكستان السوفييتية الاشتراكية ذاتية الحكم، ومن ثم فصلت عن أوزبكستان وأصبحت جمهورية اتحادية في عام 1929م. وصدق مجلس السوفييت الأعلى لجمهورية أوزبكستان في فبراير 1925 على المرسوم وأعلن قيام جمهورية أوزبكستان السوفييتية الاشتراكية وتبعه اختيار أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأوزبكي، وأعضاء مجلس قوميساري الشعب (مجلس الوزراء).
ونجحت روسيا بذلك ولأول مرة في إضفاء الشرعية على تقسيم تركستان الروسية إلى دول قومية غير واضحة المعالم لأن الكثير من الأوزبك كانوا يعيشون في الجمهوريات الأخرى وأبناء القوميات الأخرى يعيشون داخل أوزبكستان، وهو الوضع غير المتجانس الذي خلقته موسكو في المنطقة ويخدم مصالحها ومخططاتها الاستعمارية الضيقة فقط وهو ما تعاني منه الجمهوريات المستقلة في آسيا المركزية حتى اليوم. وتواجهها جمهورية أوزبكستان بعد استقلالها بجهود مخلصة لخلق روح التضامن الوطني بين أبناء كل القوميات التي تسكن الجمهورية وإزكاء الشعور بالانتماء للوطن الذي يجمعهم جميعاً متساوين بالحقوق الواجبات. واستفادت أوزبكستان من الظروف التي كانت تعصف بالاتحاد السوفييتي السابق خلال عام 1990م واستغلت فرصة إعلان البرلمان الروسي في يونيو 1990م أولوية القوانين الروسية على القوانين السوفييتية، وانتخاب باريس يلتسن رئيساً للفيدرالية الروسية. فقام مجلس السوفييت الأعلى في جمهورية أوزبكستان بإعلان السيادة وأولوية القوانين الأوزبكية عن القوانين السوفييتية وانتخب إسلام كريموف رئيساً للجمهورية. وكان هذا دعماً للخط الذي سار عليه منذ توليه للسلطة في أوزبكستان لتصفية القواعد السياسية لتبعية أوزبكستان لموسكو السوفييتية. والمضي قدماً نحو تحقيق الاستقلال والسيادة وهو ما تبناه وأعلنه البرلمان الأوزبكي في 31 أغسطس 1991م. وتبعه إعلان الحزب الشيوعي الأوزبكي في 4 سبتمبر 1991 عن حل نفسه طواعية لتدشن مرحلة جديدة من حياة الشعب الأوزبكي، التي طالما انتظرها، وهي مرحلة بناء الدولة المستقلة المتمتعة بكامل السيادة على ترابها الوطني.
2 - جغرافية الدولة: تقع جمهورية أوزبكستان من الناحية الجغرافية في قلب وسط آسيا بين خطوط الطول 60 و80 وخطوط العرض 40 و50. ولها حدوداً مشتركة يبلغ طولها 2203 كم مع جمهورية قازاقستان من الشمال والغرب، ومع الجمهورية القرغيزية بطول 1099 كم من الشرق، ومع جمهورية طاجكستان بطول 1161 كم من الشرق والجنوب الشرقي، ومع جمهورية تركمانيا بطول 1621 كم من الجنوب الغربي، ومع الجمهورية الإسلامية الأفغانية بطول 137 كم من الجنوب. وبذلك يبلغ طول حدودها الدولية مع دول الجوار 6221 كم ولهذا حرصت جمهورية أوزبكستان منذ اللحظة الأولى لاستقلالها الفتي على إتباع سياسة التعايش السلمي وحسن الجوار وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول المجاورة حرصاً منها على سلامة حدودها القومية مع تلك الدول.
وتبلغ مساحة جمهورية أوزبكستان 447,400 كم2، منها 425,400 كم2 يابسة والبقية عبارة عن مسطحات مائية مختلفة بين أنهار وسدود وبحيرات صناعية إضافة للجزء الخاص بها من بحر الأورال وبذلك تزيد مساحتها عن مساحة كلاً من بريطانيا وبلجيكا والدانمرك وسويسرا والنمسا مجتمعة.
وأوزبكستان من الناحية الطبوغرافية مناطق صحراوية منبسطة يخترقها مجرى نهري أموداريا (تاريخياً نهر جيحون)، وسيرداريا (تاريخياً نهر سيحون) الحوضين الخصيبين بالأراضي الزراعية الغنية، إضافة للمرتفعات الجبلية في المناطق الشرقية من الجمهورية والتي تصل أعلى قمة لها داخل الأراضي الأوزبكستانية 4663 متراً. وكلها كانت من العوامل الهامة لإيجاد مجتمع مستقر ومتحضر عبر القرون، على المساحة التي تشغلها أوزبكستان من آسيا المركزية اليوم.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية الصالحة فيها 27,6 مليون هكتاراً، ويبلغ إنتاجها من القطن الخام أكثر من (4) مليون طن، ومن الحبوب أكثر من (4,1) مليون طن، ويبلغ إنتاجها من الكهرباء (47,5) مليار كيلو وات ساعي، ومن النفط (7,6) مليون طن، والغاز الطبيعي (48،6) مليار متر مكعب، ومن الذهب حوالي (80) طن.
وتضم جمهورية أوزبكستان إدارياً جمهورية قره قلباقستان ذاتية الحكم، و12 ولاية تضم 163 منطقة ريفية و119 مدينة. ويبلغ عدد سكان جمهورية أوزبكستان أكثر من 24 مليون نسمة، وتأتي بالمرتبة الثالثة بعد روسيا وأوكرانيا في رابطة الدول المستقلة. وتتوزع الفئات العمرية للسكان فيها على الشكل التالي: 40 % حتى سن 14 عاماً، 55 % مابين الـ 15 و 64 عاماً، 5 % فوق الـ 65 عاماً. ومن معطيات إحصاءات عام 1996 نرى أن معدل المواليد كان 29,86 بالألف ومعدل الوفيات 8,02 بالألف. ومن هذا نستنتج مدى الثروة البشرية التي تتمتع بها جمهورية أوزبكستان، لتحقيق خطط التنمية الإنتاجية. إضافة لميزة هامة تتمتع بها القاعدة السكانية المتميزة بارتفاع مستوى التعليم المتوسط، الذي يبلغ مستواه 99,15 % وفق معطيات عام 1998م. مما يضع أوزبكستان في مقدمة الدول الأكثر نجاحاً في القضاء على الأمية بين مواطنيها في العالم.
وأوزبكستان عكس الكثير من دول العالم الأخرى، تتميز بتركز السكان في الأرياف حيث تصل نسبتهم هناك إلى 61,6 % من عدد السكان، بينما يعيش في المناطق الحضرية 38,4 % فقط. مما يخفف من أعباء خطط التنمية القومية التي تتطلبها الحياة في المدن الكبيرة. ومن ناحية التركيبة الديموغرافية للسكان في جمهورية أوزبكستان التي تضم حوالي 130 قومية، تصل نسبة الأوزبك بينهم إلى أكثر من 75 %، معظمهم عدا (القره قلباق، ويهود بخارى) جاؤا إلى أوزبكستان بعد الاحتلال نتيجة لسياسة تهجير السكان وتغيير البنية الديموغرافية للمناطق المحتلة التي اتبعتها السلطات الإمبراطورية الروسية، ومن ثم السلطات السوفييتية طيلة فترة الاحتلال. وتضم التركيبة الديموغرافية للسكان في الجمهورية الروس، والتتر، والبيلاروس، والأوكران، والأرمن، والكوريين، والأذربيجان، والقرغيز، والقازاق، والعرب، والويغور، والطاجيك، والتركمان، والألمان، واليهود السفرديم والأشكيناز، والأتراك، وغيرهم من الشعوب والقوميات.
ويبلغ وسطي درجة الحرارة في أوزبكستان خلال شهر يوليو من 26 درجة فوق الصفر في الشمال إلى 32 درجة في الجنوب، وخلال شهر يناير من 10 درجات تحت الصفر في الشمال الغربي إلى 3 درجات فوق الصفر في الجنوب الشرقي، ويبلغ معدل هطول الأمطار من 80 مم في السهول إلى 1000 مم في الجبال في السنة.
3 - الوضع السياسي: بعد استقلال جمهورية أوزبكستان صدر الدستور الدائم الدولة وتم التصويت عليه من قبل المواطنين في استفتاء عام وعدل أكثر من مرة وينص الدستور على أن نظام الحكم جمهوري رئاسي. وتنقسم السلطات إلى السلطة التنفيذية وتخضع لرئيس الجمهورية مباشرة وتتكون من مجلس الوزراء، والوزارات، وحكام الولايات والمناطق الذين يرأسون أجهزة الإدارة المحلية المنتخبة فيها، وتشريعية وتتألف من مجلسين منتخبين من قبل الشعب وهما المجلس التشريعي، ومجلس الشيوخ اللذان يشكلان معاً السلطة التشريعية البرلمان، والسلطة القضائية التي تتمتع باستقلالها وفقاً الدستور.
ونظام الانتخابات استناداً للدستور الدائم لجمهورية أوزبكستان[1] الذي أقره البرلمان الأوزبكستاني في 8/12/1992م أن: الشعب هو المصدر الوحيد للسلطات الحكومية (المادة 7)، ويتشكل الشعب الأوزبكستاني من جميع مواطني الجمهورية بغض النظر عن الانتماء القومي أو الديني أو العرقي (المادة 8)، وأن القضايا الهامة والحيوية التي تهم المجتمع والدولة يتم عرضها على الاستفتاء العام (المادة 9)، وأن الممثل الشرعي للشعب الأوزبكستاني هو عالي مجلس (البرلمان) ورئيس الجمهورية المنتخبون من قبل الشعب، ولا يحق لأي غيرهم مهما كان حزباً سياسياً، أو اتحادا أو حركة شعبية، أو أية شخصية التحدث باسم الشعب (المواد 10،76-97)، وانطلق من مبدأ تقسيم السلطات إلى تشريعية وتنفيذية وقضائية (المواد 11، 76-116)، والتعددية السياسية والفكرية، وعدم جواز إتباع الدولة لأية إيديولوجية (المادة 12)، معتمدة على الديمقراطية والمبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان (المادة 13)، والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون (المادة 14)، وعدم جواز تعارض القوانين مع الدستور (المادة 16)، ومساواة جميع المواطنين أمام القانون (المادة 18)، وضمان مبدأ حق المواطنين في التنظيم ضمن النقابات والأحزاب والحركات السياسية، وحماية حرية المعارضة والأقليات، ومنع إقامة تنظيمات سرية (المواد 34-56-57-58)، ومسؤولية الحكومة عن ضمان الحقوق والحريات التي ينص عليها الدستور (المواد 43-58)، وفصل المنظمات الدينية عن الدولة، وعدم تدخل الدولة في شؤون المنظمات الدينية (المادة 61). ويكفل الدستور حق الانتخاب لجميع المواطنين رجالاً ونساء البالغين من العمر 18 عاماً يوم الانتخاب عدا أولئك الصادرة بحقهم أحكاماً قضائية تمنع ذلك (المادة 117).
وقد جرت الانتخابات للبرلمان السابق على قاعدة واضحة من القوانين الآخذة بالتكامل منذ الاستقلال، أساسها قانون "انتخاب رئيس الجمهورية" الصادر في 18/11/1991، وقانون "انتخابات عالي مجلس (البرلمان)"، الصادر بتاريخ 28/12/1993، وقانون "اللجنة المركزية للانتخابات" الصادر بتاريخ 30/4/1998، والمعدلين بتاريخ 26/12/1997، و19/8/1999. ورغم ذلك نلمس اتجاه واضح للقوى السياسية ظهر بعد الانتخابات الأخيرة واتجه نحو العمل من خلال البرلمان الأخير على تطوير تلك القوانين قبل الانتخابات القادمة.[2] وهو ما حدث فعلاً وتم تعديلهم في 25/4/ 2003، وأصبح البرلمان الأوزبكي الحالي يتشكل من مجلسين تشريعي (النواب) والشيوخ (سيناتور).
وجاء في المبادئ العامة لتلك القوانين أن انتخاب رئيس الجمهورية لفترة رئاسية مدتها خمس سنوات، وتم تعديلها إلى سبع سنوات في عام 2003، ويتم انتخابه من قبل مواطني الجمهورية عن طريق الاقتراع الحر والسري والمباشر، من بين المرشحين لهذا المنصب، الذين يشترط إتمامهم سن الخامسة والثلاثين من العمر، وإتقان اللغة الرسمية للدولة (أي اللغة الأوزبكية)، ويعيشون في أوزبكستان بصورة متصلة لمدة عشر سنوات قبل موعد الانتخابات.
وانتخابات عالي مجلس (البرلمان) الذي يضم مجلسي النواب والشيوخ اللذين يتم انتخابهم على أساس جغرافي لمدة خمس سنوات ويشترط في المرشح بلوغ الخامسة والعشرين من العمر يوم الانتخابات ومنح المشرع حق التصويت لجميع مواطني الجمهورية من الجنسين البالغين من العمر 18 عاماً يوم الانتخاب بالتساوي، صوت واحد لكل مواطن باستثناء أولئك الصادرة بحقهم أحكاماً قضائية. وضمن القانون العلنية في الإعداد وإجراء الانتخابات التي تنظمها وتشرف عليها اللجنة المركزية للانتخابات استناداً لأحكام الدستور والقوانين النافذة بشكل مستقل وعادل، وتشكل بقرار من عالي مجلس الجمهورية (البرلمان)، من بين الشخصيات المستقلة التي لا تنتمي لأي حزب سياسي. وقضت القوانين أن يتم تمويل الحملة الانتخابية من قبل موازنة الدولة فقط مع إمكانية التبرع لصالحها بأموال تحول لحساب لجنة الانتخابات المركزية التي تستخدمها خلال الحملة الانتخابية. وضمنت القوانين حق تقديم مرشح واحد لكل حزب، لمنصب رئيس الجمهورية لقيادات الأحزاب السياسية المسجلة في وزارة العدل قبل ستة أشهر من تاريخ تحديد موعد الانتخابات من بين أعضاء الحزب أو من بين الشخصيات المستقلة، وجوغارغي كينيسا (برلمان) جمهورية قره قلباقستان، ومجالس الإدارة المحلية في المحافظات بغض النظر عن الانتماء الحزبي للمرشح. شريطة تقديم لوائح تحمل توقيع 1 % من عدد الناخبين في الجمهورية تؤيد الترشيح للمنصب، وعدم قبول طلبات تسجيل المرشحين الذين سبق وصدرت بحقهم أحكاماً قضائية، أو الذين هم تحت المحاكمة، والعاملين في المنظمات الدينية تجنباً لإقحام المنظمات الدينية في الصراعات الحزبية والسياسية وفق وجهة النظر الرسمية. ويبلغ عدد المنظمات الدينية المسجلة في الجمهورية 1671 منظمة، منها 1555 إسلامية، و 100 مسيحية، و 8 بهائية، و 8 يهودية، وفق معطيات نشرها تقرير منظمة undp التابعة لمنظمة الأمم المتحدة عن التطور الإنساني في أوزبكستان لعام 1999.[3]
بينما اشترط المشرع حصول الأحزاب السياسية على توقيع 50 ألف ناخب في لوائح خاصة، تؤيد اشتراك الحزب المذكور في الحملة الانتخابية لعضوية عالي مجلس (البرلمان)، واشترط حصول مجالس الإدارة المحلية على توقيع 8 % من الناخبين الخمسين ألف في كل دائرة انتخابية، وتواقيع 100 مواطن للجان المبادرة الشعبية تؤيد إشراكهم في الحملة الانتخابية. وضمنت التشريعات الحق المتساوي للمرشحين والأحزاب السياسية، للقيام بحملاتهم الانتخابية من تاريخ تسجيل ترشيحهم، واستخدام وسائل الإعلام الجماهيرية ضمن الحدود التي تضعها لجنة الانتخابات المركزية، وعقد اللقاء آت بالشكل المناسب للناخبين، وألزمت اللجان الانتخابية بالاشتراك مع السلطات الحكومية وأجهزة مجالس الإدارة المحلية بتهيئة الأماكن لتلك اللقاءات وتجهيزها بالتجهيزات اللازمة، وتقديم كل المساعدات للمرشحين في تنظيم تلك اللقاءات، وتقديم كل المعلومات المطلوبة لهم. وضمنت حق المرشحين والأحزاب السياسية بتقديم برامجهم الانتخابية للناخبين شريطة أن لا توجه تلك البرامج ضد استقلال وسلامة أراضي وأمن الجمهورية، وأن لا تتعدى على الصحة والأخلاق العامة، وأن لا تدعو للحرب، وأن لا تثير النعرات القومية والعرقية والدينية وأن لا تدعو لاستخدام العنف لتبديل النظام الدستوري وكل ما يحد من الحقوق الدستورية وحريات المواطنين. ومنع المشرع تقديم المرشح من خلال حملته الانتخابية التسهيلات والخدمات (عدا المعلوماتية) والسلع المجانية والأموال للناخبين وألزمه بوقف الحملة الانتخابية يوم الاقتراع. ومنح المشرع المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية وعضوية عالي مجلس من تاريخ تسجيلهم وحتى نهاية الانتخابات الحصانة القانونية، وحق الإجازة مدفوعة الأجر واستخدام وسائط النقل الحكومية بالمجان خلال حملتهم الانتخابية، وتسمية مندوبيهم في الدوائر الانتخابية. واشترط المشرع للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، وعضوية عالي مجلس، حصول المرشح على أكثر من نصف أصوات المشاركين في التصويت، وفي حال عدم حصول أحد على النسبة تعاد الانتخابات بين المرشحين الذين حصلا على أعلى نسبة من أصوات الناخبين خلال أربعين يوماً من إعلان النتائج الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية وأسبوعين لأعضاء عالي مجلس. ومع ذلك هناك قوى سياسية على الساحة الأوزبكستانية غبر مرخص لها بالعمل وتمارس نشاطاتها السياسية وفقاً للقانون وبشكل غير قانوني عندما تفرض الضرورة، كحزب "بيرلاشغان" و"بيرليك" وغيرها من الحركات السياسية غير الدينية.
السياسة الداخلية للدولة: تتبع الحكومة سياسة داخلية مبنية على نظرتها الخاصة وتعمل من خلالها على تعزيز مصالح أفرادها وتدعم موقعها ضمن الخارطة السياسية للبلاد وضمت الحكومة الأوزبكية التي شكلها الرئيس الأوزبكي بعد الانتخابات لعضوية البرلمان الأوزبكي وانتخابات أجهزة الإدارة المحلية لتنفيذ السياسة الحكومية بتاريخ 4/2/2005 م أي كلاً من: الوزير الأول (رئيس الوزراء)، ورئيس تجمع التصنيع الزراعي؛ والنائب الأول للوزير الأول، ووزير الاقتصاد، ورئيس المجمع الاقتصادي ومجمع السلع الاستهلاكية والتجارة؛ ونائب الوزير الأول، ورئيس تجمع شؤون مجالات الخدمات، والمواصلات، والتشييد والبناء؛ ونائب الوزير الأول، رئيس تجمع شؤون التكنولوجيا والكيمياء والتعدين وبناء الآلات؛ ونائب الوزير الأول، ومدير عام "أوزآسي"، ورئيس تجمع شؤون نظم المعلوماتية والاتصالات الهاتفية؛ ونائب الوزير الأول، وزير التعليم العالي والمتوسط التخصصي، رئيس تجمع شؤون التعليم والصحة والضمان الاجتماعي؛ ونائب الوزير الأول، وزير الخارجية، ورئيس تجمع شؤون العلاقات الخارجية؛ ونائبة الوزير الأول، رئيسة لجنة المرأة الأوزبكستانية؛ ووزير العمل والضمان الاجتماعي للسكان؛ ووزير الشؤون الثقافية والرياضة؛ ووزير الداخلية؛ ووزير الدفاع؛ ووزير التعليم الشعبي؛ ووزير الزراعة والثروة المائية؛ ووزير العدل؛ ووزير الصحة؛ ووزير المالية؛ ووزير الحالات الطارئة؛ ورئيس اللجنة الحكومية لإدارة أملاك الدولة ودعم العمل الحر؛ ورئيس اللجنة الحكومية للجيولوجيا والثروات المعدنية؛ ورئيس اللجنة الحكومية للإحصاء؛ ورئيس اللجنة الحكومية للجمارك؛ ورئيس اللجنة الحكومية للضرائب؛ ورئيس اللجنة الحكومية لمحاربة الاحتكار وتطوير المنافسة؛ ورئيس اللجنة الحكومية للهندسة المعمارية والبناء؛ ورئيس اللجنة الحكومية للثروات الباطنية، والمساحة، والخرائط والتسجيل العقاري؛ ورئيس مجلس الوزراء في جمهورية قره قلباقستان.
ويرى الرئيس كريموف أن التهديد الأساسي والأول الذي يجب مراعاته عن التخطيط للسياسة الداخلية الأوزبكستانية يكمن في التصدي للنزاعات الإقليمية في آسيا، وفي مقدمتها الصراعات التي كانت قائمة في أفغانستان وطاجكستان، تلك النزاعات التي أدت إلى تأخير تطور الدولة لعشرات من السنين. وأن تلك الصراعات يمكن أن تمتد إلى أوزبكستان ذاتها حسب تعبير الرئيس كريموف "فكل نزاع في أية دولة من الدول لا يمكن أن يبقى لفترة طويلة محصوراً داخل حدود تلك الدولة فلأسباب عديدة سيمتد هذا النزاع تلقائياً إلى الدول المجاورة". وأثبتت أحداث جنوب قرغيزستان في صيف عام 1999، والأحداث المأساوية التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية في 11/9/2001 صواب تلك الرؤية، وأحداث طشقند عام 2004 وأنديجان عام 2005. فالنزاعات يمكن أن تؤدي إلى نسف الوفاق الاجتماعي، والاستقرار في الدول المجاورة والبعيدة، وخاصة عند استخدام عنصر الدين فيها. واستمرار تلك النزاعات يعطي البعض فرصة إثارة مشاكل الشعوب المقسمة لإعادة ترسيم الحدود تحت ستار توحيد الطاجيك أو الأوزبك أو غيرهم من الشعوب في العالم. إضافة لمشكلة اللاجئين الذين يندفعون عبر الحدود إلى الدول المجاورة هرباً من الحروب وإلى بروز مشاكل أخرى تمثلت في ازدهار تجارة المخدرات، وتهريب الأسلحة، وانتشار الجريمة المنظمة والعنف المسلح والإرهاب.
ويأتي تهديد التطرف الديني وفق وجهة النظر الرسمية الأوزبكية من الإفراط بالرأي الديني لطرف واحد، ومحاولة تغيير النظم السياسية بغير الطرق الديمقراطية عن طري استخدام القوة والعنف المسلح بما يحمل من تهديدات أمنية خطيرة. ورغم أن الرئيس كريموف يرى أن أوزبكستان هي جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي، فإن المشكلة تكمن في تحويل الشعارات الدينية من قبل البعض، إلى راية من أجل الوصول إلى السلطة بطرق غير شرعية، ودافعاً للتدخل في السياسة. خاصة وأن تلك القوى والحركات يمكن أن تزعزع الأمن والاستقرار وخلق مجابهة عالمية بين الحضارة الإسلامية وحضارات الأديان الأخرى، وهذا ليس من مصلحة الشعوب الإسلامية وغيرها من شعوب العالم. وهو ما حدث فعلاً بعد أحداث 11/9/2001 في الولايات المتحدة الأمريكية وأدى إلى تحول هام وجذري في النظام العالمي لم تدرك أبعاده الفعلية بعد.
بالإضافة لتهديد التعصب القومي والعداوة بين القوميات من خلال سعي بعض الأمم لفرض سيطرتها خارج حدودها ولهذا يعتبر الرئيس كريموف أن التناقضات القومية والعرقية داخل أوزبكستان، مصدر آخر لتهديد أمنها. لأن أوزبكستان اليوم دولة متعددة القوميات ويمثل أبناء القوميات الأخرى بين مواطنين الجمهورية 20 % من عدد السكان نتيجة لسياسة التهجير القسري والاستيطان خلال الحكم الروسي والسوفييتي. وفرض على أوزبكستان اليوم إتباع سياسة قومية ترتكز على مبدأ احترام حقوق الأقليات القومية، وحل كل المتناقضات القومية بأسلوب بناء.
والتهديد الآخر يكمن حسب تعبير الرئيس كريموف نفسه بانتشار وباء الرشوة وغسيل الأموال وتجارة المخدرات وتهريب الأسلحة، والنزاعات العشائرية ضيقة الأفق داخل الدولة، ويهدد أمن أوزبكستان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي خاصة وأن تلك النزعات ترتبط بتوزيع الوظائف والمكاسب بين عناصر الفئة المنحرفة وأكثرها من قيادات الحزب الشيوعي السابق التي حاولت دوماً الاستفادة من مرحلة التحول الاقتصادي، لتحقيق مكاسب ذاتية غير مشروعة على حساب الآخرين، والاستيلاء على أملاك الدولة بطرق غير مشروعة.
وتأتي أخيراً المخاطر البيئية كتهديد للأمن الوطني لأوزبكستان. وتشمل مشاكل التصحر، وزيادة ملوحة الأرض، وإساءة استخدام الموارد المائية، وتلوث التربة بالنفايات الصناعية والمنزلية، والتلوث الإشعاعي، وتعتبر مشكلة انحسار مياه بحر الأورال من أكبر الكوارث البيئية في تاريخ البشرية.
ومما سبق يتضح لنا أن مصادر تهديد الأمن الوطني الأوزبكي وفق منظور القيادة الأوزبكستانية هي تهديدات اجتماعية واقتصادية وسياسية شاملة ولا تقتصر على البعد العسكري التقليدي وحده. وهي تهديدات داخلية واجتماعية وبيئية. وأكثرها وفق منظور الرئيس كريموف هي تهديدات داخلية، ويتطلب التعامل معها إستراتيجية شاملة للعمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وإستراتيجية للسياسة الخارجية تحقق أهداف داخلية تتعلق بمصادر تهديد الأمن الوطني لأوزبكستان.
المنظمات والأحزاب السياسية: تعمل في جمهورية أوزبكستان وفقاً للدستور والقوانين المعمول بها في البلاد الأحزاب السياسية التالية: حزب الشعب الديمقراطي وهو أقوى الأحزاب السياسية على الساحة الأوزبكستانية، وهو وريث للحزب الشيوعي المنحل. رئيسه أصل الدين رستاموف، ويضم في صفوفه 580 ألف عضو؛ والحزب الاجتماعي الديمقراطي "عدالات" ويمثل الشرائح الاجتماعية المثقفة ورجال القانون ويسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية. رئيسه تورغون بولات دامينوف. ويضم 51 ألف عضو؛ والحزب الديمقراطي "مللي تيكلانيش" ويسعى لبعث الثقافة والتقاليد القومية الأوزبكية. رئيسه خورشيد دوست محمد. ويضم في صفوفه حوالي 50 ألف عضو 25 % منهم من النساء؛ والحزب القومي الديمقراطي "فيدوكورلار" ويمثل شرائح اجتماعية متنوعة وخاصة الشباب يجمعها هدف واحد هو دعم خطوات الإصلاحات السياسية الجارية لتحقيق الديمقراطية في أوزبكستان. رئيسه أختام تورسونوف. ويضم في صفوفه 61 ألف عضو؛ والحزب الديمقراطي الليبرالي وهو حزب من طراز جديد في أوزبكستان ويضم في صفوفه شرائح اجتماعية متنوعة وخاصة من الطبقة الاجتماعية الجديدة التي تشكلت في المجتمع وتضم رجال الأعمال من تجار وصناعيين وزراعيين. ورئيسه محمد جان أحمد جانوف. ويضم في صفوفه 135 ألف عضواً.
وبالإضافة لتلك الأحزاب يعمل في أوزبكستان عدد كبير من الجمعيات والهيئات الاجتماعية المرخصة من قبل وزارة العدل وفقاً للقوانين النافذة في الجمهورية. وتعمل فيها المنظمات المهنية والاجتماعية التالية: اتحاد العمال الذي يضم في صفوفه جميع العاملين والموظفين والمعلمين وأساتذة الجامعات في أوزبكستان، ولجنة المرأة، واتحاد الصحفيين، واتحاد الكتاب، واتحاد الفنانين التشكيليين الذي تحول إلى أكاديمية بعد استقلال الجمهورية، واتحاد الغرف الصناعية والتجارية ومنظمة الشباب "كمالات"، كما وتملك كل جماعة عرقية في أوزبكستان جمعية ثقافية يوحدها كلها اتحاد الجمعيات الثقافية للأقليات المقيمة في أوزبكستان، واتحاد جمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية والتربوية مع الدول الأجنبية وغيرها.
السياسة الخارجية للدولة: عند الحديث عن السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان، لابد من أن نأخذ في اعتبارنا أنها تبلورت كفاعل مؤثر في العلاقات الدولية، وتكاملت ضمن إطار يحمي مصالحها القومية، وتطور تلك المصالح من خلال رؤية متكاملة وضع أسسها رئيس الجمهورية إسلام كريموف الذي تمكن عبر عقد ونصف من الزمن منذ إعلان الاستقلال وحتى اليوم من التصدي للمشكلات الرئيسية التي كانت تعترض إتباع سياسته خارجية تعبر عن المصالح القومية والسيادة الوطنية الأوزبكستانية. خاصة وأنه نتج عن احتكار المركز في الاتحاد السوفييتي السابق للسياسة الخارجية تركيز كل الأجهزة والكوادر والخبرة الدبلوماسية في موسكو وحدها، وامتنعت الفيدرالية الروسية بعد استقلالها عن التعاون واقتسام تلك الأجهزة والكوادر والخبرات والموارد التي ورثتها عن الاتحاد السوفييتي السابق مع جمهورية أوزبكستان، بحكم وجودها على أراضيها. وشملت ممتلكات وأجهزة وموارد وزارة الخارجية السوفييتية الملغاة وخبراتها الدبلوماسية وممتلكاتها في الخارج.
فكان على أوزبكستان أن تقوم بإعداد كوادرها السياسية والدبلوماسية الوطنية القادرة على تنفيذ مهام سياستها الخارجية، وتزويدها بالاحتياجات اللازمة على ضوء توسع علاقاتها الدولية ومواجهة متطلبات النظام الدولي الجديد أحادي القطبية والمتمثل بتكتل الدول الصناعية الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. والتعامل مع القيم الفكرية الجديدة التي تفرض نظام السوق والاعتدال السياسي، والتعامل مع القوى الدولية الجديدة التي أخذت بالتصاعد في أوروبا وشرق آسيا، والاتجاه الدولي الجديد الذي سار بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق نحو إقامة تكتلات وتجمعات دولية جديدة، متعددة الأطراف تتطلع نحو تحرير التجارة والاقتصاد الدولي ضمن الاتجاه الذي عرف اقتصاديا وسياسياً بالعولمة، فأنشأت لهذا الغرض جامعة العلاقات الاقتصادية الدولية والدبلوماسية وألحقتها بوزارة الخارجية.
وتطلعت القيادة الأوزبكستانية الجديدة وهي القيادة الشيوعية نفسها التي سبقت الاستقلال من خلال صياغتها للسياسة الخارجية نحو ضمان المصالح الوطنية الأوزبكستانية، في ظروف اقتصادية صعبة نتجت عن تفكك الاتحاد السوفييتي السابق، وأدى الاستقلال لقطع العلاقات الاقتصادية التي كانت قائمة مع غيرها من جمهوريات الاتحاد المتفكك، وبالتالي خسارتها لـ 85,8 % من موارد تجارتها الخارجية مع تلك الجمهوريات، والذي أثر بشكل مباشر على اقتصادها. فكان عليها صب اهتمامها أثناء صياغة سياستها الخارجية على حماية مصالحها في الحكم دون إبطاء.
والمشكلة الأخرى التي واجهت السياسة الخارجية المستقلة لأوزبكستان مشكلة كونها دولة محصورة جغرافياً، ولا تملك منافذ على البحار والمحيطات العالمية. وهو ما فرض عليها إتباع سياسة خارجية متوازنة والتعامل والتفاوض والمساومة والمحافظة على علاقاتها مع دول الجوار، لضمان طرق الترانزيت التي هي بمثابة شرايين الحياة بالنسبة لها، ومواجهة مشكلة أمنها المائي لأن معظم الأنهار الجارية عبر أوزبكستان تنبع من أراضي الدول المجاورة وخاصة طاجكستان وقرغيزستان.
وكان لابد لأوزبكستان أن تصوغ سياستها الخارجية في ظروف من عدم الاستقرار الإقليمي والدولي، والتنافس بين القوى الإقليمية والعالمية لفرض تصورها ونموذجها لسد الفراغ الذي نشأ في آسيا المركزية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. وهو ما أشار إليه دوغلاس هيرد وزير خارجية بريطانيا السابق، بقوله: "أن آسيا المركزية تعود لعصر (المباراة الكبرى) التي دارت في الماضي، والمباراة الراهنة تدور بين روسيا وتركيا والصين وإيران والهند، من أجل الحصول على المزايا الاقتصادية والسياسية، مما يجعل المباراة أكثر خطورة عما كانت عليه منذ مائة عام مضت، لأن الإقليم يعج بالسلاح اليوم"، إضافة لتأثيرات التنافس الإيراني التركي، والباكستاني الهندي، والأدوار الصينية والروسية والأمريكية والإسرائيلية الجديدة والمؤثرة في المنطقة. وحركات التطرف الديني التي أخذت بالتعاظم بعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان. وتمثلت المشكلة الأخيرة في أنه على أوزبكستان أن تصيغ سياستها الخارجية من نقطة الصفر، في ظل وضع داخلي يشهد تحولات سياسية واقتصادية جوهرية، ومحاولة بعض القوى تسييس المشكلات العرقية والقومية والدينية، بقصد الإساءة للعلاقات التاريخية لأوزبكستان مع الدول الإسلامية والعربية والدول المجاورة لها. ولهذا شرعت أوزبكستان في إجراء تحول نحو التعددية السياسية، واقتصاد السوق، وأخذت القيادة الأوزبكستانية بصياغة قواعد جديدة للتعامل مع كل تلك المشكلات. ومن هنا يمكن أن نلمس أية مهمة شاقة اعترضت مهندس السياسة الخارجية الأوزبكية الرئيس إسلام كريموف في صياغة سياسة خارجية لأوزبكستان. فقد تطلب منه التعامل مع تلك المشكلات، وبلورة رؤية إستراتيجية لطبيعة التحولات الإقليمية والعالمية وآثارها على أوزبكستان، ووضع إستراتيجية للتعامل معها. إستراتيجية تتضمن فلسفة السياسة الخارجية وخارطتها. واتضحت تلك الرؤية في الخطاب الذي ألقاه الرئيس إسلام كريموف من على منبر منظمة الأمم المتحدة خلال دورتها الثامنة والأربعين في 28 أيلول/سبتمبر 1993. واكتملت تلك الرؤية في مؤلفاته "أوزبكستان على عتبة القرن الحادي والعشرين"، و"أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية"، و"أوزبكستان على طريق المستقبل العظيم"، "أوزبكستان على طريق الانبعاث الروحي" المنشورين باللغة العربية في بيروت وجدة ودبي، والذين يعتبرون وثيقة مرجعية لفلسفة السياسة الخارجية الأوزبكستانية.
وانطلقت رؤية الرئيس كريموف من تحليل طبيعة النظام العالمي وموقع أوزبكستان فيه، لأن هذا النظام كما يراه في عصر العولمة مترابط ومتعدد الأبعاد. ويعني هذا أنه لم يعد هناك مكان في النظام العالمي للانعزال ويتطلب الاندماج مع مجمل التيارات الفكرية والهيكلية للنظام العالمي الجديد. وهذه الرؤية للعولمة في النظام العالمي تشكل المدخل الحقيقي الأول لرؤية الرئيس كريموف لسياسة أوزبكستان الخارجية. والمدخل الثاني في تأكيده على أن أوزبكستان تقع في قلب هذا النظام، فهي تقع في قلب آسيا، حيث تتركز مصادر الطاقة، وبالذات منابع النفط والغاز، ومناجم اليورانيوم، وفي منطقة تتقاطع فيها مصالح القوى الآسيوية والأوروبية القوية، والدول الكبرى من العالم الإسلامي كما أنها بحكم موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية والبشرية، وخبراتها التكنولوجية، وتراثها الثقافي والحضاري، مؤهلة لتلعب دور "مركز آسيا". وقد عبر الرئيس كريموف عن ذلك في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن أوزبكستان يمكن أن تكون "نافذة آسيا"، وجسراً للتعاون بين المؤسسات الدولية لتوفير الأمن في آسيا.
وتواجه أوزبكستان في تلك المنطقة الإستراتيجية الهامة، مجموعة من التهديدات التي تؤثر على أمنها الوطني. وتتميز تلك التهديدات بأنها ذات صلة متعددة الأبعاد ومركبة ومتداخلة. ولا يرى الرئيس كريموف أن التهديدات الموجهة ضد جمهورية أوزبكستان، مجرد تهديدات عسكرية، بل أنها تهديدات اجتماعية واقتصادية وبيئية، متعددة ولا تقتصر على التهديد العسكري وحده. وحدد في خطابه السياسي عدة استراتيجيات محورية لمواجهة مصادر التهديدات التي أشار إليها، ويتلخص اتجاه تلك الإستراتيجيات في الحفاظ على التوازن الإستراتيجي الداخلي والخارجي وبناء الاستقرار انطلاقا من عدة أبعاد هي: تحقيق الاستقرار والتوازن الداخلي شرط جوهري لتحقيق استقرار وتوازن في العلاقات الدولية؛ وإتباع سياسة خارجية فعالة تستند إلى قاعدة اجتماعية اقتصادية متوازنة وقوية. وهو ما أشار إليه الرئيس كريموف بالتفصيل في كتابه "أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية" الذي صدر باللغة العربية في بيروت، وكتابه "أوزبكستان على طريق المستقبل العظيم" الذي صدر في جدة، حيث ركز فيهما على إستراتيجية الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في أوزبكستان.
ومن هذا المنطلق فإستراتيجية السياسة الخارجية لأوزبكستان، وفق تصور الرئيس كريموف، تركز على التكامل مع المجتمع الدولي لأنها "ليست مجرد حتمية تاريخية، بل كعامل قوي للاستقرار"، الذي يعني "الاندماج بالنظام السياسي والاقتصادي العالمي على أساس المنفعة المتبادلة، وأولوية المصالح الاقتصادية على الاعتبارات الأيديولوجية، وأولوية معايير القانون الدولي على المعايير الداخلية، والعمل ضمن النظام الدولي طبقاً للمعايير الإنسانية العامة".
وتقع إستراتيجية التكامل هذه وفق تصور الرئيس كريموف، في قلب إستراتيجية "الاندماج في الاقتصاد العالمي"، التي يهدف منها إقامة اقتصاد سوق منفتح على الاقتصاد العالمي، داخل التقسيم الدولي للعمل. ويشمل الانخراط في المؤسسات الاقتصادية العالمية، مثل: منظمة التعاون الاقتصادي، ومنظمة التجارة العالمية وغيرها، مع جذب الاستثمار الأجنبي. وهذا يعني أن أوزبكستان تتكامل مع مجمل توجهات ومؤسسات النظام العالمي انطلاقا من المنفعة المتبادلة. ولترجمة هذه الإستراتيجية، إلى سياسات واقعية، حدد الرئيس كريموف بعض الخطوط الأساسية، وهي: بناء شبكة علاقات تحقق تنوع البدائل وزيادة الشركاء وبناء التوازن واتفاقيات الأمن الجماعي التي تضمن ذلك، بما فيها إعلان آسيا المركزية منطقة خالية من السلاح النووي؛ والاعتراف بالحدود القائمة بين جمهوريات رابطة الدول المستقلة، عند الاستقلال باعتبارها حدوداً سياسية نهائية؛ وحل النزاعات القومية في آسيا المركزية بالطرق السلمية؛ وبناء علاقات من خلال الحوار مع العالمين الإسلامي والعربي لتجنب حدوث صدام ناتج عن تفاقم التيارات الأصولية المتشددة والعمل على إدارة حوار فعال بين الحضارات؛ وإقامة حوار استراتيجي ومتكافئ مع روسيا، أساسه المشاركة والمنفعة المتبادلة؛ والتعاون مع دول آسيا المركزية لحل مشكلات البيئة؛ وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
مما يسمح بإيجاز التوجهات الرئيسية لسياسة أوزبكستان الخارجية في خطوط محددة، أهمها: الحفاظ على المصالح الوطنية الأوزبكستانية الراهنة من خلال استمرار الروابط مع الشركاء القدامى أي مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة؛ وإتباع سياسة تدريجية لتنويع البدائل والشركاء من خلال عقد روابط اقتصادية وسياسية جديدة مع مختلف القوى الإقليمية والعالمية، والاندماج التدريجي في المؤسسات الإقليمية والعالمية؛ والاهتمام بالقضايا الدولية التي تؤثر مباشرة في المصالح الوطنية الأوزبكستانية.
ويعني هذا التركيز على ما يهم أوزبكستان مباشرة. وتفادي امتداد نطاق الاهتمامات الخارجية للدولة بما يتخطى مقدراتها أو إلى ما لا يعود عليها بأثر إيجابي مباشر. واتسعت سياسة أوزبكستان الخارجية وتعددت أبعادها. إذ تقيم جمهورية أوزبكستان اليوم علاقات دبلوماسية مع أكثر من 120 دولة من دول العالم، وتقيم في عاصمتها طشقند حوالي 40 سفارة معتمدة من بينها سبعة عربية، وممثليات لأكثر من 25 منظمة دولية حكومية، و13 منظمة غير حكومية، بعد أن أصبحت عضواً كامل الأهلية في معظم المنظمات العالمية السياسية والاقتصادية. وقد حرصت أوزبكستان منذ استقلالها على تنويع شركائها من خلال علاقاتها الدولية. ويعتبر الخط الذي يربط أوزبكستان بشركائها التقليديين، من الخطوط الرئيسية لسياستها الخارجية. وهو خط العلاقات مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة، وخاصة العلاقة مع روسيا وجمهوريات آسيا المركزية، حماية لمصالحها الوطنية في علاقاتها مع تلك الدول التي تشكل نسبة التجارة معها 85 % من حجم تجارتها الخارجية. وكانت جمهورية أوزبكستان قد دخلت في عضوية رابطة الدول المستقلة بموجب اتفاق آلما أتا الذي وقع في 21/12/1991.
وأوزبكستان تعتبر جمهوريات آسيا المركزية ذات أفضلية في سياستها الخارجية، تتكامل معها اقتصاديا وتتعاون معها عسكرياً. ولذلك من المهم أن نشير إلى حقيقة هامة وهي أن الرئيس كريموف لا يرى في آسيا المركزية منطقة ثقافية أو عرقية واحدة في إطار المفهوم الإقليمي السابق الذي كانت تعرف فيه باسم تركستان بل على العكس يرى فيها مساحة جغرافية تتعايش فيها مجموعة من الدول المستقلة على أساس من المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة.
وتشمل سياسة أوزبكستان للتعاون الإقليمي في آسيا المركزية على التعاون لمواجهة المشاكل البيئية التي تواجهها مجتمعة، ومن الأمثلة على ذلك مشاركة أوزبكستان في الاجتماع الذي عقد بين قادة آسيا المركزية في قازاقستان خلال مارس 1993 لمناقشة مشكلة الكارثة البيئية في منطقة بحر الأورال، وأسفر الاجتماع عن تشكيل مجلس حكومي من ممثلي دول آسيا المركزية، ولجنة تنفيذية، وصندوق دولي لإنقاذ بحر الأورال الآخذة مياهه بالانحسار. وفي يناير 1994 عقد اجتماع ثان لنفس الغرض في نوقوس بجمهورية أوزبكستان، أقر خلاله برنامج من الإجراءات العملية لتحسين الوضع البيئي في منطقة حوض بحر الأورال خلال فترة تمتد مابين 3 إلى 5 سنوات، روعيت فيه نواحي التطور الاجتماعي والاقتصادي. كما وصدر عن الاجتماع إعلان دول آسيا المركزية والمنظمات الدولية حول مشاكل تطوير حوض بحر الأورال.
إضافة لمشاكل الأمن المائي لدول المنطقة كمشكلة تدفق مياه الأنهار التي تعتمد عليها أوزبكستان في ري محاصيلها الزراعية الصيفية وخاصة القطن، والتي تنبع من الأراضي القرغيزية، وتوصلت الدولتان إلى اتفاق عام 1994 بعد مطالبة قرغيزستان بدفع ثمن للمياه التي تتدفق من أراضيها، ووافقت أوزبكستان نتيجة الاتفاق المذكور على تزويد قرغيزستان بالطاقة والكهرباء شتاءً لقاء تدفق المياه إلى أوزبكستان خلال الصيف وهذا جزء من المشكلة التي خلفها الاتحاد السوفييتي السابق وراءه لجمهوريات آسيا المركزية وتشترك كلها فيها بسبب التداخل في منابع ومجاري الأنهار وشبكات الري والسدود الكثيرة المقامة عليها. وأخيراً فإننا نرى في أوزبكستان الدولة الإقليمية المحورية التي تحاول دائماً القيام بدور فعال في حل وتسوية النزاعات الإقليمية في المنطقة.
خاصة وأن أوزبكستان كانت من بين الجمهوريات السوفييتية السابقة الأكثر تضرراً بشرياً ومادياً ومعنوياً من حرب التدخل السوفييتي الدامية قبل ثلاثة عقود من الزمن تقريباً، ولم تزل آثارها ماثلة للعيان حتى اليوم. نضيف إلى ذلك قرابة الثلاثة ملايين من المواطنين الأفغان من أصول أوزبكية القاطنين في المناطق الشمالية من أفغانستان. وكل تلك المعطيات لا يمكن أن تدع الحكومة الأوزبكستانية بعد الاستقلال، تقف موقف المتفرج حيال ما يجري على الأرض الأفغانية الملتهبة، تحسباً من انتقال أعراض الأوضاع الملتهبة على الأرض الأفغانية إلى داخل أراضيها. وهو ما حدث فعلاً منذ الاستقلال في طاجكستان المجاورة لأفغانستان، والتي تشترك معها في المعطيات أنفة الذكر أيضاً. وقد أثبتت الوقائع صحة التوقعات الأوزبكستانية أكثر من مرة في الأحداث المتفرقة التي حدثت على أراضيها، وكان من بينها تفجيرات 16/2/1999 في العاصمة طشقند التي نفذها متطرفون إسلاميون. وأثبتت المحاكمات العلنية التي جرت للمتهمين فيها، ضلوع بعض الجهات المتواجدة في أفغانستان وفي بعض الدول المجاورة والقريبة من أوزبكستان وفي بعض الدول العربية، إما بمساندة أو بتمويل تلك الحركة الإسلامية المتطرفة، وهي المتهم الأول بما جرى ويجري ليس في أوزبكستان وحدها، بل وفي تطلعها لتوسيع نشاطها إلى قرغيزستان وقازاقستان ودول آسيا المركزية الأخرى، انطلاقاً من الأراضي الأفغانية والطاجيكية وفق الأنباء التي نشرت عن التحقيقات التي جرت قبل وأثناء محاكمة وإدانة المتهمين. وأثبتت التوقعات في الأحداث التي جرت جنوب قرغيزستان في صيف نفس العام وفي جنوب أوزبكستان وقرغيزستان صيف عام 2000. وجرت في أنديجان عام 2005 وهذا طبعاً كان لا يمكن أن لا يوتر ويعيق العلاقات الودية بين تلك الدول والحكومة الأوزبكستانية.
كما وتحرص أوزبكستان منذ استقلالها على تطوير علاقاتها مع دول الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، واتحاد غرب أوروبا، للاستفادة من الدعم الاقتصادي والفني الذي تقدمه تلك الدول والمنظمات لمساعدة أوزبكستان خلال مرحلة التحول والاندماج بالاقتصاد العالمي. معتمدة في ذلك على ثقلها السياسي والاقتصادي والبشري في آسيا المركزية، المهم جداً في أية معادلات مستقبلية للمنطقة بآسرها. ولو أن أحداث أنديجان عام 2005 أثرت سلباً على تلك العلاقات. وتم الإعلان عن وقف سريان اتفاقية الشراكة والتعاون الإستراتيجي بين جمهورية أوزبكستان والاتحاد الأوروبي، التي كانت سارية منذ مطلع يوليو 1999، والتي سبق ووقعها رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف أثناء لقاء رؤساء، ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتاريخ 21/6/1996 في فلورنسا. [4]
وانضمت أوزبكستان إلى منظمة شنغهاي للتعاون عام 2001، وهي آلية متعددة الجوانب للتعاون الشامل، تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة ومكافحة أخطار الإرهاب الدولي والتطرف الديني والقومي وتجارة المخدرات والتصدي لأخطارها بشكل فاعل. وأهمية منظمة شنغهاي للتعاون تنبع من أنها أصبحت تجمع قادة دول تتفق وجهات نظرهم حول القضايا السياسية، وقضايا الأمن والاستقرار الإقليمي، وقضايا التطور في منطقة آسيا المركزية برمتها، إضافة لوجود روسيا والصين العضوين الدائمين في مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة داخل هذه المنظمة. وما دفع أوزبكستان للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، (قبل بدء عمليات الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي انتهت بالقضاء على حكم طاليبان في أفغانستان) كان رغبتها السعي من خلال المنظمة لحل عقدة القضايا الحيوية المعلقة، وفي مقدمتها القضية الأفغانية، والسعي من خلال هذه المنظمة لوقف إراقة الدماء في أفغانستان، ومنع التهديد المستمر لأمن واستقرار المنطقة برمتها. والإقلال من شأن المشاكل الناتجة عنها، والمتمثلة بالعنف والإرهاب والتطرف الديني والقومي، وتجارة المخدرات، وتهريب الأسلحة، وهي قضايا متصلة ولا تنفصل عن بعضها البعض، حسب رأي القيادة الأوزبكستانية التي اعتبرت دائماً أن الخطر يأتي من ملايين الدولارات التي يتم الحصول عليها من تجارة المخدرات، وتستخدم في تجنيد المتطرفين الذين يرسلون للقيام بأعمال عنف إجرامية في مناطق مختلفة من العالم، وهو ما يحتاج للتنسيق الفاعل بين دول العالم للتصدي لها بشكل مشترك للوصول إلى نتائج ملموسة ومنتظرة. أما دوافع روسيا والصين العضوين الدائمين في مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة، من اشتراكهم في عضوية منظمة شنغهاي للتعاون، وفق معظم المصادر الصحفية فهو بالدرجة الأولى التصدي للنفوذ الأمريكي والأوروبي المتصاعد في آسيا المركزية. وبالدرجة الثانية إيجاد إطار إقليمي تعمل من خلاله للتصدي لتفاقم التطرف الديني في القوقاز (روسيا)، وسانزيان ويغور (الصين).
وكما أعربت كلا من منغوليا والهند وباكستان وإيران عن نيتهما الانضمام للمنظمة، وكانت هناك إشارات غير واضحة في بعض المصادر الصحفية باللغة الروسية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين يعربون فيها عن رغبة الولايات المتحدة الأمريكية بالانضمام ولو مراقب لعضوية المنظمة، وهو الأمر الذي سيصطدم في إعلانه رسمياً بالمصالح الروسية والصينية التي تتعارض وتلك الرغبة، وقد تغبرت الأوضاع بعد أحداث أنديجان وطالبت المنظمة في مؤتمر قمتها الأخير خلال العام الحالي بإنهاء التواجد الأمريكي في أوزبكستان وقرغيزيا.
ولأوزبكستان وجهة نظر خاصة فيما يتعلق بعملية إصلاح منظمة الأمم المتحدة. وفي هذا الصدد كان لأوزبكستان العديد من المقترحات، وأهمها: توسيع عضوية مجلس الأمن بدخول دول جديدة دائمة العضوية؛ وتحديث بنية ونشاط الأمم المتحدة في مجال عمليات حفظ السلام.
4 – الوضع الأمني للدولة: بناء الدول ليس نوعاً من التمنيات بل هو ثمرة عمل منهجي ومدروس ينطلق من أهداف محددة مع التأكيد على توافر الشروط اللازمة لتحقيق الأهداف المرسومة وتوفير تلك الشروط هو أصعب بكثير من رسم الأهداف ومهما كانت الأهداف واضحة ومقبولة اجتماعيا، فهي مرتبطة بتوافر الظروف الملائمة والبيئة المناسبة، التي يمكن أن تترجم الأهداف إلى عمل ملموس. ومن أول تلك الشروط تحقيق الاستقلال الحقيقي لأن عملية بناء الدولة يسبقها إزالة قواعد النظام الاستعماري القديم لإتاحة الفرصة أمام تيارات التغيير لتعمل بنجاح، وأهمها قرار إعلان الاستقلال. وبمجرد إعلان استقلال جمهورية أوزبكستان، بدأت قيادة البلاد بوضع تصورها النظري للمبادئ التي تتحكم بعملية بناء الدولة وتحقيق أمنها لأن من الشروط الأساسية لبناء الدولة على أسس سليمة، امتلاك القيادة لرؤية واضحة تحدد من خلالها توقعات المجتمع، وترسم صورة المستقبل التي يجب أن تكون بحد ذاتها حافزاً لها لإتمام عملية بناء الدولة. وحتم هذا على أوزبكستان وهي تبني الدولة الحديثة والمستقلة، أن تراعي خصوصياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن تنتج نموذجها الخاص، الذي لابد وأن يستفيد من تجارب الدول الأخرى. ومن هذا المنطلق حدد الرئيس إسلام كريموف خمسة مبادئ أساسية تتحكم بعملية بناء الدولة، وهي:
تقديم الاعتبارات الاقتصادية على الاعتبارات السياسية؛ والتأكيد على دور الدولة في برامج الإصلاح؛ وسيادة القانون؛ والضمان الاجتماعي لأصحاب الدخل المحدود؛ والتدرج في الانتقال إلى اقتصاد السوق الحر. ومثلت هذه المبادئ الخمسة الأساس الذي استندت إليه عملية بناء الدولة، وارتكز عليها مشروع التنمية الشاملة الأوزبكستاني لفترة ما بعد الاستقلال. إلا أن تحقيق تلك المبادئ لابد أن يرتبط بتلبية الشروط البديهية اللازمة لنجاح العمل السياسي. والتي حددتها القيادة الأوزبكية وخاصة الرئيس إسلام كريموف بعدة شروط يمكن تلخيصها بالتالي:
مواجهة أخطار التطرف الديني ولم تقتصر جهود الحكومة بمواجهة تيارات التطرف والعنف الديني، باستخدام القوة المشروعة ضد تلك التيارات المتطرفة، بل شملت أساليب أخرى كالاحتواء عن طريق طرح بدائل معتدلة؛ والتصدي للتناقضات العرقية والقومية؛ ومحاولة القضاء على الرشوة والجريمة. لأن الحكومة الأوزبكية تعتبر أن انتشار الرشوة والفساد، ورغم انتشاره حتى في صفوفها ينسف الأسس الدستورية للدولة من جذورها، ويقوض الدعائم التي قام عليها دستور البلاد؛ ومقاومة النزعات الإقليمية والقبلية والعشائرية؛ وإصلاح القوات المسلحة، وقوات حرس الحدود والأمن الداخلي، على أسس حديثة تجعلها قادرة على حماية وحدة أراضي، وسلامة حدود جمهورية أوزبكستان.
5 – الوضع العسكري: ومن أجل تعزيز القدرة الدفاعية للبلاد كان لابد من بناء الجيش لأن بناء الدولة المستقلة يحتاج لإطار أمني يحقق لها الاستقرار الذي تحتاجه عملية التنمية الشاملة، ومن ضمن هذا الإطار القدرة على التصدي لأي تهديد محتمل داخلياً وخارجياً. وقد تبنت القيادة الأوزبكستانية مفهوماً خاصاً للقدرات الدفاعية، لم يقتصر على مجرد الاحتياجات العسكرية اللازمة للدفاع عن الدولة وتحقيق الأمن القومي المطلوب، بل تعدته ليشمل البعد السياسي أيضاً، بهدف إقامة القواعد والضوابط السياسية اللازمة لضمان عدم الانحراف عن الخط السليم المرسوم لعملية بناء الدولة المستقلة. وأولت القيادة الأوزبكستانية ذات الاهتمام لتعزيز القدرات العسكرية الدفاعية للدولة المستقلة. وبدأت الحكومة ببناء جيش وطني محترف، أناطت به مهام حماية الحدود المعترف بها للدولة، والحفاظ على وحدة أراضيها، وحماية وضمان الأمن القومي للبلاد. ومن ضمن هذا الإطار تم إنشاء المؤسسات اللازمة لإعداد كوادر وضباط الجيش الوطني وتدريبهم، وافتتح لذلك أربعة معاهد عسكرية متوسطة، وكلية حربية عليا فتحت أبوابها عام 1991 لتدريب وإعداد المتخصصين لسلاح الإشارة، وتبعها افتتاح أكاديمية القوات المسلحة عام 1994. رافقه تفعيل دور مجلس الأمن القومي ليلعب دوراً بارزاً في تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية للدولة المستقلة.
ولهذا عملت أوزبكستان على إيجاد قوة عسكرية حقيقية جيدة التدريب، وقادرة على التحرك السريع لحماية أمن الدولة فأحدثت جيشاً وطنياً قوامه 35 ألف جندي، مزود بمعدات عسكرية تبلغ حوالي 280 دبابة، و780 عربة مدرعة، و265 طائرة مقاتلة، و24 طائرة مروحية. وتقوم القوات المسلحة الأوزبكستانية بحفظ الأمن والسلام على حدودها الدولية، إضافة لدور في عمليات حفظ الأمن والسلام على الحدود مع الدول المجاورة. بالإضافة إلى قوى الأمن الداخلي وأجهزة أمن الدولة التي تتبع كلها لرئيس الجمهورية.
6 – الوضع الاقتصادي للدولة: تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في جمهورية أوزبكستان 27,6 مليون هكتاراً، ويبلغ إنتاجها من القطن الخام 1,4 مليون طن، ومن الحبوب 4,1 مليون طن، ويبلغ إنتاج أوزبكستان من الكهرباء 47,5 مليار كيلو وات ساعي، ومن النفط 7,6 مليون طن، ومن الغاز الطبيعي 48،6 مليار متر مكعب.
وتتمتع جمهورية أوزبكستان بثروات طبيعية هائلة، ظلت مخفية عن العالم الخارجي وراء الستار الحديدي الذي فرضه الاتحاد السوفييتي عليها، ليتمتع وحده بخيراتها. ومن المؤكد اليوم أن أوزبكستان تملك رابع أكبر احتياطي عالمي من الذهب (الإنتاج السنوي يزيد عن 70 طن تقريباً)، وعاشر أكبر احتياطي من النحاس. إضافة لاحتياطي ضخم من الغاز الطبيعي يصل إلى 5 ترليون متر مكعب، وإلى أكثر من 4 بليون طن من النفط، وأكثر من 2 بليون طن من الفحم الحجري.
ومن حيث الثروة الزراعية تنتج جمهورية أوزبكستان سنوياً أكثر من 1,3 مليون طن من القطن، و5 مليون طن من الخضار والفواكه، وأكثر من 20 ألف طن من الحرير الطبيعي الخام، وتملك ثروة حيوانية كبيرة مؤلفة أساساً من الأغنام والأبقار والخيول والجمال والدواجن تقدر ببضعة آلاف من كل منها. وكل هذه الإمكانيات الاقتصادية الضخمة، إضافة للإمكانيات البشرية الماهرة والمدربة، سمحت لأوزبكستان رغم حداثة استقلالها من الانفتاح على العالم، وشجعت على جذب المستثمرين الأجانب، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية التي وصل مجموع استثماراتها عام 1995 فقط إلى بليون دولار أمريكي.
ومعروف أن أوزبكستان تتمتع بثروات طبيعية هائلة، وهو ما أكده اكتشاف كل أنواع المعادن التي يشملها جدول مندلييف للمعادن في أراضيها فعلاً، إذ تم حتى اليوم اكتشاف أكثر من 2500 موقعاً يحوي على أكثر من 100 معدن خام، يستخرج من بعضها ويستثمر صناعياً أكثر من 60 معدناً. ومن بين المواقع التي تم اكتشافها أكثر من 900 موقع تقدر قيمة المعادن الخام المختزنة في باطنها بأكثر من 970 مليار دولار أمريكي، من القيمة الإجمالية للثروة الطبيعية في الجمهورية المقدرة بأكثر من 3,3 ترليون دولار أمريكي.
ومن الثروات الإستراتيجية الهامة كالنفط والغاز الطبيعي تم في أوزبكستان اكتشاف 155 موقعاً، ومن المعادن الثمينة أكثر من 40 موقعاً، ومن المعادن النادرة والمشعة 40 موقعاً، ومن الخامات الكيميائية 15 موقعاً. وبفضل المستوى العلمي والتقني للكوادر الوطنية، ومستواها التكنولوجي تم اكتشاف الكثير من مواقع الثروات الطبيعية، التي دخل بعضها حيز الاستثمار الفعلي ومن بينها مواقع غنية بالمعادن الملونة والمشعة والنادرة، إضافة لكل أنواع مصادر الطاقة كالنفط والغاز والفحم الحجري، ومواد البناء، وهو ما يسمح للخبراء الاقتصاديين بتقدير مدى المستقبل الذي ينتظر أوزبكستان على المدى القريب، لو تم توظيف الاستثمارات المحلية والأجنبية بالشكل الذي يضمن مصالحها ومستقبل تطور اقتصادها الوطني. إذ تقدر قيمة الثروات الطبيعية التي تستخرج سنوياً من باطن أرض أوزبكستان بـ 5,5 مليار دولار أمريكي، وهو ما يشجع على التوسع في عمليات التنقيب والاستكشاف واكتشافات المزيد منها لزيادة احتياطي الثروات الوطنية التي تكفل لهذه الدولة الفتية الوصول للمستقبل الذي تنشده.
ومن بين الثروات الطبيعية الهامة المكتشفة في الجمهورية الذهب، والفضة، واليورانيوم، والتيتان، والمنغنيز، والنحاس، والزنك، والسترونتيوم، والولفرام، والملح القلوي، والفوسفوريت، والكاولين. إذ يشغل احتياطي أوزبكستان اليوم من الذهب المركز الرابع في العالم، وفي الذهب المستخرج المركز السابع. وفي احتياطي النحاس المركز 10، واليورانيوم المركز 7. ولهذا ركز الخطاب السياسي للرئيس الأوزبكي بعد الاستقلال على أهمية اشتراك رؤوس الأموال الأجنبية في مجال استثمار ثروات باطن الأرض سعياً للخروج من فترة ما بعد الاستقلال الانتقالية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود، عندما أكد على "أن أوزبكستان تتبع سياسة الأبواب المفتوحة مع أولئك المستثمرين الأجانب الذين يقدمون للجمهورية التكنولوجيا المتقدمة بمستوى عالمي، ويساهمون في بناء البنية الحديثة للاقتصاد الوطني".[5]
وشغلت أوزبكستان في التسعينات من القرن العشرين المركز الرابع في إنتاج واحتياطي الذهب في العالم، بعد أن بلغ إنتاجها السنوي من الذهب 70 طناً، وزاد في الآونة الأخيرة إلى أكثر من 80 طناً. بينما كانت أوزبكستان خلال سنوات السلطة السوفييتية تنتج ثلث الذهب المنتج في الاتحاد السوفييتي السابق، واستطاعت المحافظة على مركزها بين دول رابطة الدول المستقلة بعد الاستقلال، وشغلت المركز الثاني بعد الفيدرالية الروسية في إنتاج الذهب.[6]
وتسيطر على استثمارات المعادن الثمينة كالذهب والفضة وغيرها، شركة "زر فشان نيومونت" الأوزبكستانية-الأمريكية، وشركة "لو نرو" البريطانية، اللتان كانتا ولم تزالان الشركتين الاستثماريتين الوحيدتين المستثمرتين في مجال استثمار واستخراج وتصنيع الذهب في جمهورية أوزبكستان وأخيراً دخلت حلبة الاستثمار شركة "أمان تاي تاو غولد فيلدس" الأوزبكستانية - البريطانية المشتركة لاستخراج وتصنيع المواد الخام الحاوية على معدن الذهب. ففي ولاية نوائي تعمل شركة "أمان تاي تاو غولد فيلدس" الأوزبكستانية - البريطانية المشتركة لاستخراج وتصنيع الخامات الحاوية على معدن الذهب. التي شارك في تأسيسها كلا من: مؤسسة الجيولوجيا الحكومية الأوزبكستانية، وشركة استخراج وتصنيع المعادن بولاية نوائي، وشركة "أو كسوس ريسورسيز كاربريشين" البريطانية، بحصص متساوية في رأس المال.
وأشارت معطيات الدراسات التقنية والاقتصادية للمشروع الجديد، إلى أن تنفيذه سيتم على مرحلتين يتم خلال المرحلة الأولى منه بناء منشآت معالجة المواد الخام بطاقة إنتاجية تبلغ مليون طن من المواد الخام سنوياً، وتشمل بناء وإعداد وتجهيز مناجم الاستخراج ومعامل التكرير بالمعدات اللازمة للعمل. وتبلغ الكلفة الإجمالية للمرحلة 45 مليون دولار أمريكي منها 5,8 مليون دولار لبناء منشآت البنية التحتية للمشروع، ويتم في نفس الوقت توريد المعدات والتكنولوجيا اللازمة للمشروع حسب تصريح الجانب الأوزبكستاني في المشروع. وفي المرحلة الثانية تم بناء الأنفاق في مناجم استخراج المواد الخام، ومصنع تكرير مادة "أوبورني سول فيد" التي لا تملك أوزبكستان حالياً التقنية اللازمة لمعالجتها، وتشمل فصل مادتي "سول فيد" و"مشياك" ومعالجتهما والحد من أخطارهما الضارة، عن طريق التخمر البيولوجي المستخدم عالمياً وهي الطريقة الجديدة في أوزبكستان التي أعطت المخابر الأوزبكستانية نتائج ملموسة جيدة لها.
كما وأشارت الدراسات الأولية إلى أن المشروع احتاج لإنفاق حوالي 170 مليون دولار استثمرت في شراء المعدات التكنولوجية الحديثة، وإعداد الكوادر البشرية اللازمة للمشروع التي تقدر بنحو 600 متخصصاً محلياً، إلى جانب 10 خبراء أجانب يستمرون في عملهم بعد اكتمال المشروع ودخوله مرحلة الاستثمار القصوى المخططة.
واستناداً للجانب الأوزبكستاني، فإن شركة "أو كسوس ريسورسيز كاربريشين" قامت بتمويل المرحلة الأولى للمشروع، إضافة للقروض الممنوحة من المصارف، دون أي إسهام مالي من الجانب الأوزبكي، ويتم استرداد الأموال المستثمرة في المشروع من قيمة الذهب المستخرج لاحقاً، بينما تم تمويل المرحلة الثانية من المشروع وتم تطويره من الأرباح المحققة بعد بدء الإنتاج الفعلي للمشروع. وتوقع الجانب الأوزبكي أن يحصل على دخل قدره 200 مليون دولار أمريكي من الضرائب وعائدات حصته خلال السنوات العشر المقررة للمشروع. وأن يستمر المشروع بعد انتهاء العشر سنوات الأولى، على ضوء النتائج الفعلية المحققة والاحتياطي المتوفر من المواد الخام، والأعمال الاستكشافية التي يقوم بها الجانب الأوزبكستاني والتي ترافق المشروع وتستمر لعشرة أو عشرين سنة قادمة.
أما شركة "نيومونت مايننغ" التي تعتبر من كبريات شركات استخراج الذهب في العالم، فقد استخرجت 152 طناً من الذهب خلال عام 2000، محققة ربحاً قدره 1,6 مليار دولار أمريكي، قد بدأت استثماراتها في أوزبكستان عام 1995، بالاشتراك في إنشاء شركة "زر فشان نيومونت" الأوزبكستانية – الأمريكية المشتركة، التي استخرجت حتى عام 2000 حسب تصريح رونالد كمبري رئيس مجلس إدارة شركة "نيومونت مايننغ" للتلفزيون الأوزبكستاني في شباط/فبراير 2001، كمية 350 طناً من الذهب قسمت عائداتها بالتساوي ما بين الشريكين الأوزبكستاني والأمريكي. وهو ما يعني تجاوز إنتاج الذهب في أوزبكستان معدل السبعين طناً سنوياً، إذا أخذنا بعين الاعتبار إنتاج الشركات الأخرى العاملة في هذا المجال في أوزبكستان. وقد ترددت أنباء بعد استقبال إسلام كريموف رئيس جمهورية أوزبكستان لرولاند كمبري رئيس مجلس إدارة شركة "نيومونت مايننغ"، وواين ميروي المدير العام التنفيذي للشركة، عن مشروع جديد لاستخراج الذهب في منطقة أنغرين الغنية بالمعادن شرق العاصمة الأوزبكستانية، يقدم له بنك التعمير والتنمية الأوروبي قرضاً قيمته 500 مليون دولار أمريكي.
وإنتاج اليورانيوم بدأ في أوزبكستان عام 1953، بعد اكتشاف أول منجم لليورانيوم في منطقة أوتشكودوك بصحراء قزل قوم. وبدأ العمل في بناء مجمع نوائي لاستخراج المعادن عام 1958، وتم التوسع باكتشاف مناجم جديدة في مواقع سوغرالي، وبوكيناي، وصابر صاي، ومايلي صاي، وكينديك تيوبيه، ولولا كان، وكيتميتشي، وغيرها من مواقع استخراج اليورانيوم والتي يبلغ عددها اليوم في أوزبكستان 30 موقعاً ويكفي مخزونها للعمل لعدة عقود قادمة، والمجمع هو الجهة الوحيدة المنتجة ليورانيوم زاكيسي– أوكيسي في أوزبكستان. ويخطط الاتحاد للتوسع في إنتاج اليورانيوم حتى عام 2005، عن طريق التوسع بأعمال الحفر عما كانت عليه في عام 2001، أي حفر نحو 500 ألف متراً للتوسع بالإنتاج عن طريق التوسع باستخدام أحدث الطرق والمعدات التكنولوجية لإنتاج اليورانيوم. وتشير المراجع إلى تراجع إنتاج اليورانيوم في أواسط تسعينات القرن العشرين إلى 1.7 ألف طن بسبب انخفاض الطلب عليه في الأسواق العالمية، ونتيجة لانتعاش أسواق اليورانيوم وأسعاره منذ عام 2001 ازداد الإنتاج بنحو 10%.
وأوزبكستان اليوم أيضاً تعتبر من كبار مصدري الغاز الطبيعي في رابطة الدول المستقلة، ويشكل الدخل الناتج عن تصديره عنصراً من عناصر استقرار الدخل الوطني الأوزبكستاني. بينما توفر لها الثروة البترولية في حقول النفط بولاية قشقاداريا ووادي فرغانة الاكتفاء الذاتي من المشتقات البترولية التي يحتاجها الاستهلاك المحلي، ويدعم صناعاتها البتروكيميائية. ووفقاً لنتائج أعمال التنقيب الجارية، وتقديرات الأخصائيين يوجد في باطن الأرض الأوزبكستانية كميات كبيرة من النفط والغاز والفحم الحجري، وأن حوالي 60 % من أراضي الجمهورية صالحة لإنتاجهما. ويبلغ احتياطي الغاز 2 ترليون متراً مكعباً، ومن الفحم الحجري أكثر من 2 مليار طن، إضافة لأكثر من 160 موقعاً منتجاً للنفط.
ويمكننا على سبيل المثال ذكر خمسة مناطق رئيسية لإنتاج النفط والغاز في أوزبكستان، وهي: منطقة أوستي يورط، ومنطقة بخارى، ومنطقة خيوة، ومنطقة جنوب غرب غيسارة، ومنطقة سورخانداريا، ومنطقة فرغانة. حيث تبلغ قيمة احتياطي النفط والغاز حسب التقديرات الحالية للخبراء أكثر من ترليون دولار أمريكي. وتعتبر آبار شورتان ومبارك من أكبر المواقع المنتجة للغاز الطبيعي في الجمهورية بالمقارنة مع آبار جنوب غرب غيسارة وبخارى وخيوة. ويحتوي الغاز المنتج في الجمهورية على "الإيتان" و"البروبان" و"البوتان"، وغيرها من عناصر الغاز الطبيعي، الصالحة للحصول على مواد "البولومير"، و"البولي إيتلين" و"البوليوي نيلخلوريد" وغيرها. بالإضافة إلى غاز "البر وبان" ينتج المجمع الكيميائي في شرتان حمض "نيتريل أكريل" الصالح لإنتاج خيوط "النيترون".
خاصة وأن أوزبكستان كانت ولم تزل حتى الوقت الراهن من كبار مصدري الغاز الطبيعي بين دول رابطة الدول المستقلة، الذي تستورده منها حتى الآن بعض تلك الدول، ليشكل بذلك واحداً من عوامل استقرار الدخل الوطني الأوزبكي. ومعروف أن أوزبكستان كانت ولقبل عشر سنوات مضت تستورد سنوياً لسد احتياجات استهلاكها المحلي من المشتقات البترولية أكثر من 6 ملايين طن من البترول.
ولكن الصورة تبدلت مع عام 1995 عندما سجل مؤشر الإنتاج إلى استخراج كمية 7,6 مليون طن من البترول والغاز المضغوط،[7] وعام 1997 عندما بدأت أكبر مصفاة للبترول في بخارى إنتاجها من المشتقات البترولية، وأصبحت أوزبكستان ومنذ ذلك الحين تحقق بالتدريج الاكتفاء الذاتي من احتياجاتها الأساسية من الوقود اللازم للاستهلاك المحلي، لا بل وتصدير قسم منه للخارج. وسبب تبدل الوضع ذلك كان اكتشاف الآبار الكبيرة المنتجة للبترول في ولاية قشقاداريا جنوب أوزبكستان، ووادي فرغانة شمال شرق البلاد مع باكورة الاستقلال التي أخذت تبشر بتبدل الوضع والتوسع في استثمار الثروة البترولية الوطنية لحد الوصول للاكتفاء الذاتي بإنتاج المشتقات البترولية التي كانت أوزبكستان ولفترة قريبة تستوردها من روسيا وقازاقستان.
ولم تخف القيادة الأوزبكستانية وفي أكثر من مناسبة تطلعها لتحقيق تعاون استثماري فعال مع كافة دول العالم وخاصة الدول العربية وفي طليعتها مجموعة الدول العربية الخليجية المنتجة للبترول، تلك العلاقات التي كان متوقعاً أن تعزز بعد استقلال أوزبكستان لتتيح لها البدائل المطلوبة لتحقيق سياسة خارجية متوازنة تضمن مصالحها الوطنية. وترجمت القيادة الأوزبكستانية تطلعها ذلك بالزيارتين التاريخيتين لرئيس الجمهورية إسلام كريموف للمملكة العربية السعودية ومصر عام 1992، وزيارته لفلسطين عام 1998، وللكويت عام 2004م، ولمصر عام 2007، والإمارات العربية المتحدة عام 2008، ومحاولة وضع قاعدة قانونية ملائمة لمشاركة المستثمرين الأجانب، في استثمار وتطوير استخراج وتصنيع الثروات الباطنية والطبيعية في أوزبكستان بهدف النهوض بالاقتصاد الوطني.
ومن ثمار التعاون مع المستثمرين الأجانب كان إنشاء محطة الضغط التي شيدت في كوكدومولاك، ودخلت حيز العمل في أواسط عام 1997، وصرح حينها الرئيس إسلام كريموف للصحفيين بأن "المقدرات البترولية والغاز في الجمهورية تفتح أمام أوزبكستان إمكانيات وآفاق من أجل تعزيز الاستقلال في مجال الطاقة لأوزبكستان في المستقبل، وتحقيق الاستقرار للتطور الاجتماعي والاقتصادي والرفاهية للشعب الأوزبكي". وكان قد شارك في بناء محطة الضغط تلك وتركيب معداتها مؤسسات مالية دولية كبيرة، وشركات أجنبية معروفة من بينها "دريسر-ريند" و"كيلوك" الأمريكية، والشركة الهندسية "بيتمان"، والشركة اليابانية "كيشو إيفاي".
ولدعم خطوات الإصلاح الاقتصادي في مجال إنتاج الطاقة أصدر الرئيس كريموف في عام 1999 قراراً بتحويل الاتحاد الوطني للصناعات البترولية "أوزبك نيفتي غاز" إلى شركة قابضة وطنية، ارتبطت بتأسيسها الإجراءات الجذرية للإصلاحات اللاحقة التي تمت في هذا المجال الهام من الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني.
ومن الملفت للنظر في الآونة الأخيرة ازدياد اهتمام روسيا في عمليات استخراج البترول الخام والغاز الطبيعي في العديد من مناطق إنتاجهما في جمهورية أوزبكستان، وتم إعداد اتفاقية للتعاون الثنائي في هذا المجال تشمل حقول البترول الخام في مناطق كيماتشي وأوميد. خاصة بعد أن أصدر البرلمان الأوزبكستاني في 7/12/2001 قانون "اتفاقيات اقتسام الإنتاج"، والذي بموجبه تنفتح آفاقاً واسعة أمام الاستثمارات الأجنبية، حيث يؤمن القانون المذكور حماية للاتفاقيات الموقعة ويوفر إمكانيات كبيرة أمام المستثمرين الأجانب ليساهموا في مجالات شق الطرق، والأعمال الهندسية، والاستطلاع الجيولوجي، والبحث والتنقيب لتحديد أماكن تواجد البترول الخام والغاز الطبيعي، بضمانات تقدمها الدولة وتضمن حقوق المستثمرين الأجانب. ووظفت الشركة الروسية "لوكويل" مبلغ (2.5) مليار دولار أمريكي لاستثمار النفط ومصادر الطاقة الطبيعية في أوزبكستان عام 2004.
وأعلن عن التوقيع على اتفاقية للتعاون بين الجانب الأوزبكستاني وشركاء من الصين، يتم بموجبها تطبيق أسلوب الحفر الأفقي الذي يوفر لأوزبكستان إمكانية مضاعفة إنتاجها من البترول الخام لثلاث مرات. وخلال عام 2005 تم التوقيع على اتفاقيات مع شركات ماليزية. ومن دعائم الاكتفاء الذاتي من المشتقات البترولية كان تنفيذ القرار الحكومي القاضي بتطوير وإعادة النظر في الطرق الإنتاجية والمنتجات التي كانت تنتجها مصفاة تكرير البترول في فرغانة. وقد تم بالفعل تجديد المصفاة بعد أن أعلن عن مناقصة دولية فازت بنتيجتها الشركة اليابانية "ميتسوي"، وقام بتمويل المشروع البنك الياباني "إكسيم بانك"، وبنك الإعمار والتنمية الأوروبي، بينما قام بتنفيذ الأعمال الإنشائية كلاً من الشركة اليابانية "تويو إنجينيرينغ"، والشركة التركية "تيكنيب". ومنذ عام 1996م بدأت أعمال تشييد وبناء واسعة، تمكن الأتراك بنتيجتها من تنفيذ تعهداتهم في الموعد المحدد من عام 2000م. وتمكنت المصفاة عند بدأ العمل من تخفيض نسبة النفط الخام المتبقي في وقود الديزل المنتج في المصفاة إلى نسبة 0,3% فقط. والأهم من كل ذلك أن البترول الخام الذي كان يجلب لهذه المصفاة من روسيا وغرب سيبيريا، أصبح يجلب للمصفاة من آبار البترول في منغ بولاق، وكوكدومالاك، وشورتان. ومع دخول مصافي البترول العاملة في الجمهورية حيز الإنتاج الفعلي تمكنت الجمهورية ومنذ استقلالها من تأمين احتياجات استهلاكها من المشتقات البترولية ذاتياً، من خلال مشاريع التنمية الوطنية الخاصة بها بعد أن تخلصت من التخطيط المركزي الذي كان يفرض عليها قبل الاستقلال من موسكو وحددت إنتاج أوزبكستان بالبنزين والكيروسين والمازوت. ومصفاة فرغانة فقط تنتج اليوم أكثر من خمسين مادة من المشتقات البترولية، تصدر قسماً منها في الوقت الحاضر إلى أكثر من عشر دول أجنبية من بينها روسيا، وأوكرانيا، وطاجكستان، وقرغيزستان، وتركيا، وسلوفاكيا، وإيران، وملدافيا.
والاهتمام الأكبر منصب اليوم في أوزبكستان على إنتاج الزيوت والدهون المعدنية لسد احتياجات صناعة السيارات القائمة في أوزبكستان. بالإضافة للخطط القاضية في المستقبل بإنتاج ستة أصناف جديدة من الزيوت المعدنية من بينها "فرليتا"، و"فيرغانون SAE-30"، ومن أجل هذا الهدف تم التوصل إلى اتفاقية لإنشاء شركة مشتركة بين الاتحاد العلمي الروسي "كواليتيت" والمؤسسة الأوزبكستانية "أوزفارموي"، تنص على تزويد الشركة المشتركة بالمعدات التكنولوجية الحديثة وبعض مكونات الإنتاج الأولية خلال المرحلة الأولى من الإنتاج المشترك الذي ينتظر أن تبلغ طاقته 9,5 ألف طن من الزيوت المعدنية عالية الجودة، تبلغ قيمتها 8 مليون و 750 ألف دولاراً أمريكياً، بربح قدره 2 مليون و250 ألف دولاراً أمريكياً.
وفي سبتمبر/أيلول من عام 1993 وقعت حكومة أوزبكستان عقداً بقيمة 500 مليون دولار أمريكي مع الشركة الكورية الجنوبية (دايو) لبناء مصنع لإنتاج السيارات بطاقة إنتاجية إجمالية 180 ألف سيارة في العام، أقيم بولاية أنديجان المكتظة بالسكان. ودخل هذا المصنع حيز الإنتاج الفعلي عام 1996. ليؤهل أوزبكستان لتصبح في عداد الدول المصدرة للسيارات الخفيفة في العالم.
ومن حيث الثروة الزراعية تنتج جمهورية أوزبكستان سنوياً حوالي 1,3 مليون طن من القطن ، و5 مليون طن من الخضار والفواكه، وأكثر من 30 ألف طن من الحرير الطبيعي الخام.
إضافة لشبكة مواصلات عصرية تمتد مابين أبعد نقطة شرق الجمهورية وأبعد نقطة إلى غربها والبالغ البعد بينهما 1425 كم، وما بين أبعد نقطة شمالاً وأبعد نقطة جنوباً والبالغ البعد بينهما 930 كم، ممثلة بشبكة حديثة من السكك الحديدية يبلغ مجموع طولها 6700 كم، إضافة إلى 80 ألف كم من الطرق البرية المعبدة، و261 ميناءً جوياً، ثلاثون منها مزودة بمدارج للإقلاع والهبوط يتراوح طولها مابين 1524 إلى 3047 متراً، مما يجعلها قادرة على تلبية حاجات الانفتاح على العالم الخارجي وهبوط وإقلاع كل أنواع الطائرات.
وتم وضع ضوابط ضريبية تنظم حقوق ومسؤوليات وحوافز الاستثمارات الأجنبية التي أخذت تتدفق على أوزبكستان. وأحدثت لجنة الدولة للضرائب لتضطلع بمسؤولية وضع سياسة ضريبية وجمركية موحدة. وانطلاقاً من متطلبات اقتصاد السوق، ومن خبرة العديد من دول العالم بدأت اللجنة تطبق جملة من الإجراءات الضريبية منها:
ضريبة الدخل على المشروعات، ووضعت لتنفذ بشكل مرن لتشجيع المشروعات الإنتاجية، سواء أكانت برؤوس مال وطنية أو مشتركة مع مستثمرين أجانب. وبلغ معدل هذه الضريبة 18,5 % يمكن تخفيضها إلى 3 % أو رفعها إلى 60 % حسب القطاع الاقتصادي للمشروع. وتصل هذه الضريبة إلى 10 % في المشروعات المشتركة التي يصل فيها نسبة الاستثمار الأجنبي إلى 30 % ، مع إمكانية الإعفاء من هذه الضريبة في حال ارتباطها بمشروعات تحسين البنية الأساسية لفترة تصل إلى خمس سنوات كما هي الحال في المشاريع الزراعية، والسلع الاستهلاكية، والمنشآت الطبية، والميكنة الزراعية … الخ؛ وضريبة القيمة المضافة، ويبلغ معدلها 18 % يدفعها الممولون عن المشروعات والمؤسسات الاعتبارية والشركات التابعة لها، وتحتفظ بحسابات مصرفية ودفاتر حسابات خاصة بها؛ وضريبة الإنتاج، وتفرض بالدرجة الأولى على السلع الكمالية، وتتفاوت نسبتها وفق المادة المنتجة، وتشمل: المشروبات الكحولية، والغازولين والسجائر والسجاد والكريستال. وتعفى من الضريبة المنتجات المصدرة منها.
وقد أوضحت بعض التقديرات أن حجم الاستثمار الأجنبي في أوزبكستان وصل إلى 5 بليون دولار أمريكي، وظف في 3061 مشروعاً استثماريا، بينها 30 مشروعاً ضخماً. ومن أجل الاستمرار في جذب الاستثمارات الأجنبية وتبسيط إجراءات دخول واستثمار رؤوس الأموال الأجنبية تم تأسيس الهيئة القومية للاستثمار لتقديم الدعم والمشورة للمستثمرين الأجانب. كما وتلعب وزارة العلاقات الاقتصادية الخارجية منذ إعادة هيكلتها في عام 1997 دوراً كبيراً في دعم وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، ومنذ عام 1995 أصبح تسجيل تراخيص المشاريع الاستثمارية المشتركة من واجب وزارتي المالية والعدل. ولم تغفل الإجراءات المشجعة للاستثمار الأجنبي المؤسسات المساعدة فتم تشكيل الشركة الوطنية للتأمين ضد المخاطر السياسية والتجارية إضافة للعديد من المكاتب الاستشارية المتخصصة.
ومن الحوافز التي شجعت رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في أوزبكستان: منح المؤسسات التي تزيد نسبة صادراتها على 30 % من إنتاجها الإجمالي إعفاءات ضريبية تصل إلى 50 %؛ إعفاء المؤسسات والمشاريع الداخلة ضمن برنامج الدولة الاستثماري من الضرائب لمدة خمسة أعوام؛ ضمان تصدير الإنتاج إلى الخارج دون عوائق؛ إعفاء مستوردات الشركات المشتركة اللازمة للعمل من الضرائب؛ إعطاء الأجانب سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين، فرصة الاشتراك في الخصخصة والملكية العقارية؛ ضمان حقوق المستثمرين الأجانب ضد المصادرة أو الاضطرابات السياسية، والحق في تحويل الأرباح إلى الخارج، وتحويل العملة المحلية إلى عملات أجنبية وفق الأنظمة المالية المتبعة دون قيود أو عقبات.
وفي مجال الخصخصة وإلغاء ملكية الدولة، اعتبرت الحكومية الأوزبكستانية أن "حل مشكلة الملكية يعتبر حجر الزاوية في مجمل الإجراءات الهادفة إلى إقامة اقتصاد السوق". وابتعدت عن علاج الصدمة وأخذت بالخصخصة على مراحل بدأت على نطاق محدود في عام 1993، أطلق عليها الرئيس كريموف تسمية "الخصخصة الصغرى" وانتهت عام 1994، وتبعتها "الخصخصة الكبرى" المتواصلة حتى اليوم. وكان الهدف من ذلك تثبيت مفهوم الخصخصة في الوعي الاقتصادي لدى الفرد الأوزبكستاني، كمفتاح لبناء اقتصاد السوق الحر. وتميزت مرحلة الخصخصة الصغرى ببعض السمات، نذكر منها:
إقامة المؤسسات الدستورية المعنية بإدارة عملية الاقتصاد، وانتقال الملكية من الدولة إلى أشكال جديدة غير تلك التي كانت سائدة خلال الحكم السوفييتي. حيث أصدرت الدولة جملة من القوانين التي تضمن حقوق المشاركين في عملية التنمية، وضمان الانتقال من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق. كما أكد الرئيس كريموف على أن: "الضمانة مهمة جداً للتطور الاقتصادي، ولحماية الاستثمارات الموظفة. وهي استقرار قاعدتنا التشريعية"؛ واعتماد مبدأ الانتقال التدريجي، من ملكية الدولة إلى ملكية القطاع الخاص. لأن الخصخصة وانتقال الملكية في البلدان الاشتراكية السابقة تحتاج إلى طريق خاصة للوصول إلى الهدف المنشود، يراعى فيه الميراث المتميز بعد خضوعها الطويل للجمود واحتكار الدولة لكل أوجه الاقتصاد. لهذا كانت المرحلة الأولى، مرحلة تمهيدية لإزالة احتكار الدولة لملكية وسائل الإنتاج؛ وتمت الخصخصة عن طريق نقل الملكية من الدولة إلى الملكية الخاصة عن طريق طرح أسهم الاكتتاب العام؛ كما ركزت مرحلة الخصخصة الصغرى على نقل ملكية المساكن والمؤسسات التجارية والصناعات المحلية وخدمات الإنتاج الزراعي.
وهكذا تم خلال مرحلة الخصخصة الصغرى نقل ملكية نحو مليون وحدة سكنية أي 95 % تقريباً من مساكن الدولة إلى المواطنين وأخذ البعد الاجتماعي في الاعتبار خلال عملية الخصخصة، فقد تم منح ثلث المساكن للمواطنين إما مجاناً أو وفق شروط ميسرة. وشهدت تلك المرحلة أيضاً نقل ملكية المؤسسات التجارية والخدمية والترفيهية والصناعات المحلية من القطاع العام إلى القطاعين الخاص والمشترك، ومنها ما أخذ شكل تعاونيات. وهكذا أصبحت ملكية 82 % منها حصة القطاع الخاص. وبدأت مرحلة الخصخصة الكبرى في منتصف عام 1994، وأعطت الدولة فيها مجالاً واسعاً للقطاع الخاص لتولي مسؤولياته في عملية تطوير الاقتصاد الوطني وصدر من أجل ذلك مرسوم تشريعي حول تعميق الإصلاح الاقتصادي بتاريخ 21 يناير 1994، وتبعه مرسوم آخر حول الخطوط العامة لتطوير اللامركزية والخصخصة في 16 مارس من نفس العام، تضمنا:
تحويل الشركات ذات المسؤولية المحدودة، والمساهمة المغلقة إلى شركات مساهمة، يملك العاملون فيها القسم الأكبر من الأسهم، بهدف السماح لقاعدة أوسع من المستثمرين بما فيهم الأجانب للمشاركة في ملكية القاعدة الاقتصادية؛ وتوسيع نطاق عمليات الخصخصة لتضم قطاعات اقتصادية هامة مثل الصناعات الكيماوية وبناء الآلات؛ وإنشاء بورصة وطنية للعقارات، لبيع ما تعرضه الدولة من ملكيتها على القطاع الخاص؛ وإنشاء بورصة وطنية لطرح أسهم المشروعات المملوكة للدولة، للاكتتاب العام؛ ورفع القيود عن مؤسسات الأراضي والخدمات المملوكة للدولة، والسماح ببيع تلك الأراضي للملاك من المواطنين والأجانب على السواء.
وبذلك انتقلت الحكومة الأوزبكية خلال مرحلة الخصخصة الكبرى من مجرد طرح المشروعات الصغيرة على القطاع الخاص، إلى وضع تصور جديد ومتكامل للخصخصة. يقوم على أساس تنمية وتطوير عملية إقامة الشركات المختلطة، واجتذاب المواطنين والمستثمرين الأجانب للمساهمة فيها. وتم بالفعل خصخصة المؤسسات الكبيرة ومتوسطة الحجم في قطاعات الهندسة المدنية والصناعة والنقل والمواد الغذائية ومحالج القطن. ولكن كان المستفيد الأول من عملية الخصخصة المقربون من السلطة ومن قيادات الحزب الشيوعي المنحل وتم خصخصة أكثر من 54 ألف مشروع ومؤسسة، نقلت ملكية 18400 منها إلى الأفراد، 26100 إلى الشركات المساهمة، و 8700 إلى المؤسسات التعاونية. وبذلك أصبحت ملكية ثلث المؤسسات الحكومية في الاقتصاد القومي الأوزبكستاني ملكاً للقطاع الخاص. وتابعت الحكومة الأوزبكستانية جهودها في دفع عمليات الخصخصة، بدخولها في مجالات هامة وتم الإعلان عن توسيع عمليات الخصخصة لتشمل المشروعات الكبيرة والمتوسطة في القطاعات الإستراتيجية بما في ذلك 1300 مشروعاً، في قطاعات المعادن الحديدية وغير الحديدية والثمينة والنادرة و 412 مؤسسة زراعية وأصبح من المألوف مطالعة الإعلان عن مزايدات الخصخصة المفتوحة للمواطنين والمستثمرين الأجانب في الصحف المحلية.
وتعاونت الحكومة الأوزبكستانية مع عدد من المنظمات الدولية، كمنظمة الاستثمار والتنمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة (اليونيدو) التي قامت بتأسيس ثلاث مراكز لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى أوزبكستان. والمفوضية الأوروبية التي أقامت مركزاً للعلاقات التجارية لتنشيط الاستثمارات الأوروبية ودعم التجارة في أوزبكستان. وأتاحت الفرصة للصندوق البريطاني للاستثمارات، ومنظمة التجارة الأمريكية، لتقديم الاستشارات والمساعدة على تدريب الكوادر المتخصصة، للتجاوب مع متطلبات توسع حصة الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الوطني الأوزبكي. وبقي أن نذكر ملاحظة هامة أن ميزانية الدولة يتم الاحتفاظ بها ضمن الأجهزة الحكومية المختصة ولا يتم إعلانها عن طريق وسائل الإعلام وكل ما يتم إعلانه عبر وسائل الإعلام هو تخفيض العملة المحلية الصوم أسبوعياً أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى، ونشر أخبار مناقشة بنود الميزانية في البرلمان الأوزبكي دون تفاصيل.
7 – المواصلات من مطارات وسكك حديدية وطرق برية والاتصالات السلكية واللاسلكية: تملك أوزبكستان شبكة مواصلات عصرية تمتد مابين أبعد نقطة شرق الجمهورية وأبعد نقطة إلى غربها والبالغ البعد بينهما 1425 كم، وما بين أبعد نقطة شمالاً وأبعد نقطة جنوباً والبالغ البعد بينهما 930 كم، ممثلة بشبكة حديثة من السكك الحديدية يبلغ مجموع طولها 6700 كم، إضافة إلى 80 ألف كم من الطرق البرية المعبدة، و261 ميناءً جوياً، ثلاثون منها مزودة بمدارج للإقلاع والهبوط يتراوح طولها مابين 1524 إلى 3047 متراً، مما يجعلها قادرة على تلبية حاجات الانفتاح على العالم الخارجي وهبوط وإقلاع كل أنواع الطائرات.
وتملك أوزبكستان شبكة حديثة للاتصالات السلكية واللاسلكية تربط بين مدنها ومدن العالم على الرمز الدولي 00998، وسمحت أوزبكستان للاستثمارات الأجنبية في العمل بهذا المجال وتعمل فيه اليوم شركات مشتركة مثل شركات: "Uzdunrobita"؛ و"Daewoo Unitel"؛ و"Coscom"؛ و"Uzmacom"؛ و"Perfectum mobile" وغيرها من الشركات المشتركة وقد بلغ عدد المشتركين بالهاتف الخلوي عام 2005 أكثر من مليون مشترك.
8 – التقدم العلمي والتقني: تعمل في جمهورية أوزبكستان أكثر من ستين مؤسسة للتعليم العالي في مختلف التخصصات العلمية، والعديد من مراكز ومؤسسات البحث العلمي التابعة لأكاديمية العلوم الأوزبكية التي تأسست عام 1943، وأكاديمية البحوث الطبية، وغيرها من المؤسسات العلمية في المجالات الزراعية والكيميائية والبترولية والصناعية والآلات والطيران والفضاء والطب والهندسة وغيرها. وتنتج مصانعها الجرارات والمعدات الزراعية، والسيارات بمختلف أنواعها، وطائرات النقل والركاب، والصناعات البتروكيماوية، ومواد البناء، والأدوية، والأسمدة الكيماوية، والثلاجات، والكابلات والآلات والمعدات الكهربائية. وكوادرها العلمية والتقنية قادرة على بناء الطرق والسكك الحديدية والمطارات والأنفاق والسدود السطحية والمباني الحديثة.
9 – اللغة والسكان: اللغة الرسمية في الدولة اللغة الأوزبكية، إلى جانب اللغة الروسية وهي واسعة الانتشار. وأوزبكستان عكس الكثير من دول العالم الأخرى، تتميز بتركز السكان في الأرياف حيث يصل نسبتهم هناك إلى 61,6 % من عدد السكان، بينما يعيش في المناطق الحضرية 38,4 % فقط. ومن ناحية التركيبة الديموغرافية للسكان في جمهورية أوزبكستان التي تضم حوالي 130 قومية، تصل نسبة الأوزبك بينهم إلى أكثر من 75 %، معظمهم عدا (القره قلباق، ويهود بخارى) جاؤا إلى أوزبكستان نتيجة لسياسة تهجير السكان وتغيير البنية الديموغرافية للمناطق المحتلة، التي اتبعتها السلطات الإمبراطورية الروسية، ومن ثم السلطات السوفييتية طيلة فترة الاحتلال. وبلغ عدد سكان أوزبكستان عام 1989 14,142,500 نسمة منهم 71,4 % أوزبك، و8,3% روس، و4,7% طاجيك، و4,1 قازاق، و3,3% تتر، و2,1% قره قلباق، و0,9% لكل من القرغيز والكوريين، و0,8% أوكرانيين، و0,6% تركمان، و0,5% لكل من الأتراك واليهود، و0,3% أرمن، و0,2% لكل من الأذربيجان والويغور، و0,1% لكل من البيلاروس، والفرس، والألمان، و1,0% لقوميات أخرى. [8] وقد تبدل الوضع بعد استقلال جمهورية أوزبكستان وبدأت تظهر أرقام واضحة عن توزع السكان حسب القومية التي يحددها المواطن لنفسه عند بلوغه سن الرشد، في مختلف ولايات الجمهورية، وعاد ذكر المواطنين الأوزبك من أصول عربية إلى الظهور في الإحصائيات الرسمية المنشورة، في ولاية قشقاداريا وفق نتائج تعداد السكان لعام 1995.[9]
ورغم تتمتع جمهورية أوزبكستان بثروات طبيعية هائلة، فإن مستوى معيشة الأكثرية العظمى من السكان متدني جداً وفي بعض المناطق الريفية دون خط الفقر ولا تأثير يذكر لهم على الرأي العام المحلي الذي تهيمن عليه المصالح الشخصية فقط.
10 – التعليم: تتمتع أوزبكستان بقاعدة سكانية متميزة بارتفاع مستوى التعليم المتوسط، الذي يبلغ مستواه 99,15 % وفق معطيات عام 1998. مما يضع أوزبكستان في مقدمة الدول الأكثر نجاحاً في القضاء على الأمية بين مواطنيها في العالم. ونظام التعليم يتم باللغتين الأوزبكية والروسية ويشمل التعليم قبل الجامعي رياض الأطفال من سن الثالثة وحتى سن الدخول إلى المدرسة. والتعليم المدرسي العام مجاني ويشمل الأطفال من بلوغهم سن السابعة ويتألف من إحدى عشرة سنة دراسية دون توقف من المرحلة الابتدائية التي تشمل أربع سنوات دراسية، والمتوسطة وتشمل أربع سنوات دراسية، والصفوف العليا وتشمل ثلاث سنوات دراسية. وهناك مدارس متخصصة من الصف الأول الابتدائي وخاصة في مجال اللغات والرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها من التخصصات، ومدارس متخصصة من الصف الخامس ومدارس متخصصة مهنية من الصف التاسع. ومعاهد متوسطة مهنية من الصف التاسع والصف العاشر والحادي عشر حسب التخصص.
ونظام التعليم العالي يتم القبول فيه بمسابقة قبول تجريها الدولة ويضم أكثر من ستين مؤسسة للتعليم العالي موزعة في كل أنحاء الجمهورية وتتألف من جامعات ومعاهد للتعليم العالي وتشمل كلياتها التخصصات الأدبية والعلمية والتقنية وتشمل اللغات والاقتصاد والجغرافيا والصحافة والسياسة والعلاقات الدولية وعلم النفس والتربية والحقوق والرياضيات والكيمياء والزراعة والطيران وصناعة الحاسب الآلي وبرمجته والمياه والري والهندسة الميكانيكية والمعمارية والطب البشري والحيواني والصيدلة والبنوك والشؤون المالية والفنون والموسيقى والفلك وغيرها من التخصصات. والتعليم الجامعي يشمل مرحلتين البكالوريوس وتمتد لأربع سنوات، والماجستير وتمتد لسنتين بعدها يتابع الراغبون من الخريجين البحث العلمي. وتتبع الجامعات والمعاهد وزارة التعليم العالي والمتوسط التخصصي، وبعض الوزارات حسب اختصاصها مثال الثقافة، والمالية، والخارجية، والزراعة، والصحة، والدفاع إلخ.
والبحث العلمي في الجامعات والمعاهد ومراكز البحث العلمي المتخصصة، يتألف من مرحلتين الأولى مرحلة دكتوراه الفلسفة في العلوم (ph.D)، ومدتها ثلاث سنوات بتفرغ للبحث العلمي وأربع سنوات دون تفرغ. والثانية مرحلة دكتوراه العلوم (DC)، ومدتها ثلاث سنوات بتفرغ للبحث العلمي ودون حدود دون تفرغ ولا يشترط على العاملين في مراكز البحث العلمي الحصول على درجة الدكتوراه ويتم تعيينهم بعد التخرج من التعليم الجامعي برتبة باحث علمي مبتدئ، ومن ثم باحث علمي متقدم، ومن ثم باحث علمي ماهر.
وأكثر معاهد البحث العلمي تابعة لأكاديمية العلوم الأوزبكية التي تأسست عام 1943. أما أول جامعة في أوزبكستان فكانت جامعة تركستان وتأسست عام 1918 وتبدل اسمها عدة مرات وآخرها كان بعد الاستقلال وأصبحت تحمل اسم جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.
11- الأعياد الدينية والرسمية: ويحتفل في الدولة بأعياد الفطر والأضحى المبارك ويعطى فيهما يوم عطلة واحد منذ الاستقلال، كما ويحتفل بأعياد رأس السنة الميلادية ويوم الاستقلال ويوم الدستور ويوم المعلم ويوم المرأة وعيد النيروز ويوم الشهداء ويعطى فيهم يوم عطلة واحد.
ولا يوجد دين رسمي للدولة لأنها علمانية إلا أن التجربة العلمانية الأوزبكستانية تختلف عن غيرها في دول العالم، وتتمثل في التعايش السلمي بين الدين والدولة، فالدولة تصون الدين وتمنحه حرية الدعوة وممارسة عقائده الدينية، ويوفر رجال الدين للدولة فرصة العمل على تصريف شؤون البلاد في ظل من الوئام الوطني والاستقرار، والجميع يعملون في ظل دستور البلاد وقوانينها الصادرة بالطرق الديمقراطية والملزمة للجميع شكلاً.
وعن مستوى التسامح الديني في جمهورية أوزبكستان يتحدث تقرير مكتب منظمة الأمم المتحدة في طشقند عن التطور الإنساني في أوزبكستان لعام 1999 الذي أورد أرقام عن عدد المنظمات الدينية المسجلة والعاملة في الجمهورية والبالغة 1671 منها 1555 إسلامية، و8 بهائية، و8 يهودية والبقية مراكز مسيحية منها 26 للكنيسة الروسية الأرثوذكسية، و44 للكنيسة البروتستانتية الكورية، بالإضافة إلى 10 مؤسسات تعليمية إسلامية تأسس 8 منها بعد الاستقلال، ويدرس فيها 994 طالباً ويعمل فيها 169 مدرساً منهم 78 يحملون مؤهلات التعليم العالي، ومؤسسة تعليمية مسيحية واحدة تأسست عام 1998، تابعة للكنيسة الروسية الأرثوذكسية يدرس فيها 13 طالباً، ويعمل فيها 13 مدرساً يحملون جميعاً مؤهلات التعليم العالي.
وعن الموقع الإسلامي الهام للجمهورية يتحدث التقرير نفسه فيذكر المقدسات الإسلامية الـ 160، والأكثر من 2000 مسجد الموزعة في أنحاء مختلفة من الجمهورية. ويذكر أيضاً أنه خلال ثمانية سنوات بعد الاستقلال أدى فريضة الحج أكثر من 30 ألف حاج مسلم، والعمرة أكثر من 50 ألف مسلم.[10]ولا تعيق السلطات توجه المسلمين الأوزبك للعمرة والحج ولا تعيق غيرهم من أبناء الديانات الأخرى من الحج للأماكن المقدسة لديهم وتقوم على خدمتهم لجنة الشؤون الدينية التابعة لمجلس الوزراء الأوزبكي.
والالتزام الديني عند الأكثرية المطلقة للسكان بمختلف دياناتهم نسبي بسبب التأثر بالفترة الشيوعية الملحدة التي كانت تفرض عادات مغايرة لأصول الدين، إضافة لأعمال العنف النابعة من التطرف الديني، الناتج عن الفراغ الإيديولوجي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. ونشاط بعض التيارات الإسلامية المتشددة التي تسللت إلى داخل أوزبكستان لسد ذلك الفراغ، وطرحها لبدائل دينية متشددة اصطدمت مع توجهات الدولة التي تعمل على بث روح التسامح الديني وثقافة التحديث. ولا تكمن خطورة تلك الحركات في الأفكار المتشددة التي طرحتها بل بجذبها لبعض قطاعات الشعب، وخاصة الشباب الذين يفتقرون للوعي الديني الأصيل. والخطورة الأكبر في أنها نشأت على أرضية الصعوبات الاقتصادية التي برزت بعد الاستقلال، وأخذت شعاراتها البراقة طريقها لأوساط اجتماعية معينة. ومن هذا المنطلق تعمل الحكومة الأوزبكستانية وفق منظورها على مواجهة كل تعبير مشوه عن الدين الإسلامي الحنيف قد تلجأ إليه القوى المتطرفة. وتعمل على مواجهة التخريب الذي أخذت تمارسه تلك القوى المتطرفة، لعرقلة عملية بناء الدولة المستقلة وزعزعة استقرارها وأمنها الداخلي وسلامة حدودها الخارجية، والنيل من أمن وسلامة المواطنين.
ولم تقتصر جهود الحكومة بمواجهة تيارات التطرف والعنف الديني، باستخدام القوة المشروعة ضد تلك التيارات المتطرفة، بل شملت أساليب أخرى كالاحتواء عن طريق طرح بدائل معتدلة. وقامت بتأسيس المركز الدولي للدراسات الإسلامية بطشقند في ربيع عام 1994. وأتبعته في خريف عام 1999 بافتتاح الجامعة الإسلامية الحكومية بطشقند. ومع ذلك لم تؤدي كل تلك الجهود بأكلها لأن العمليات الإرهابية المتسترة بالدين لم تزل مستمرة في أوزبكستان وكان أخرها أحداث أنديجان في مايو 2005 وراح ضحيتها مئات القتلى والجرحى وخسائر مادية كبيرة. بالإضافة للفساد مثل: الرشوة والابتزاز والتعدي على الأموال العامة والسرقة والزنا والبغاء والغش والنفاق، المستشري في جميع الأوساط بسبب الفاقة والجشع وما ورثته أوزبكستان من الحكم السوفييتي الذي كان يشجع على الفساد الإداري والمسلكي والأخلاقي في أوزبكستان.
12 – الإعلام حريته توجهه أهدافه: تستخدم وسائل الإعلام اللغتين الأوزبكية والروسية بشكل رئيسي وبشكل ضيق اللغات الأخرى مثل القره قلباقية والطاجيكية والتركمانية والتترية والقازاقية والقرغيزية والإنكليزية والألمانية والفارسية والعربية، ووفقاً للقوانين النافذة تتمتع بحرية كبيرة ولكن المثير للانتباه أن الرئيس الأوزبكي نفسه تحدث أكثر من مرة عن تخلف وتقصير وسائل الإعلام عن أداء واجبها الإعلامي. وتملك أوزبكستان أكثر من (928) وسيلة إعلامية منها: (597) صحيفة، و(145) مجلة، و(43) محطة تلفزيونية، و(12) محطة إذاعية، و(34) دائرة تلفزيونية مغلقة، و(93) وسيلة إعلام إلكترونية غير حكومية، و(4) وكالات أنباء، يوضح تطورها خلال عشر سنوات الجدول التالي.[11] وهي بعيدة عن المبادرة والاستقلالية في مادتها الإعلامية خاضعة تماماً لتوجهات الدولة وتقع الصحف الحزبية ضمن هذا الإطار العام والمشترك لكل وسائل الإعلام المحلية.
المراجع المستخدمة في البحث
1. أحميدوف إ.، سعيد أمينوفا ز.: جمهورية أوزبكستان. (باللغة الروسية)
2. مراد جان أمينوف: جمهورية أوزبكستان، موسوعة (طشقند: قاموسلار باش محررياتي، 1997). (باللغة الأوزبكية)
3. إسلام كريموف: أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية. طشقند- أوزبكستان 1995.
4. تقرير UNDP عن التطور الإنساني في أوزبكستان 1999. المستشار العلمي، غالينا سعيدوفا. (طشقند: دار أوزبكستان، 2000). (باللغات الأوزبكية والإنكليزية والروسية)
5. دستور جمهورية أوزبكستان. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1998. (باللغة الروسية)
6. صحيفة ترود 27/2/1996. (باللغة الروسية)
7. شيرزاد قدرت حجاييف (مدير المركز الصحفي للجنة المركزية للانتخابات). صحيفة "نارودنويه صلوفا"، 13 أكتوبر 2004.
8. عالم نوربيكوف: صناعات البترول والغاز تتطور. طشقند: برافدا فاستوكا، 17/1/2002.
9. قوانين جمهورية أوزبكستان. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1999. (باللغة الروسية)
10. أ.د. محمد البخاري: مشاكل التبادل الإعلامي الدولي في ظروف التبادل الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. طشقند: بصمة، 2004.
11. أ.د. محمد البخاري، مولان تورسونوف: العرب والأوزبك علاقات من الأخوة والصداقة تمتد بجذورها عبر التاريخ. القاهرة: النشرة الإستراتيجية، العدد الأول، تموز/يوليو 2004.
12. أ.د. محمد البخاري: المشاركة الكويتية الأوزبكستانية تخلق نوعاً من الثقة والتعاون والاعتماد المتبادل. في كتاب مواد ندوة ومسابقة آفاق تطور العلاقات الثنائية الكويتية الأوزبكستانية في القرن الحادي والعشرين. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2004.
13. أ.د. محمد البخاري: أوزبكستان تنفتح على الاستثمارات الكويتية. الكويت: القبس، 26 ديسمبر 2003.
14. أ.د. محمد البخاري: آفاق التعاون الأوزبكي العربي. في كتاب "ستراتيغيك هامكارليك"، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2003. (باللغة الروسية)
15. أ.د. محمد البخاري: التجربة الديمقراطية في أوزبكستان في ضوء الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية. الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد السادس عشر، 1422 هـ، 2002م.
16. أ.د. محمد البخاري: آفاق التعاون العربي الأوزبكستاني. الرياض: مجلة "تجارة الرياض"، العدد 482/2002 نوفمبر/تشرين الثاني.
17. أ.د. محمد البخاري: واقع إستراتيجية السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان. أبو ظبي: الاتحاد، 7 يناير 2002.
18. أ.د. محمد البخاري: جمهورية أوزبكستان .. خطوات إيجابية نحو النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي. أبو ظبي: الاتحاد، 6/3/2001.
19. أ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الماجستير. طشقند: معهد طشقند العالي الحكومي للدراسات الشرقية، 2001؛
20. أ.د. محمد البخاري، د. سر فار جان غفور وف: من أجل تعاون سياسي واقتصادي وعلمي وثقافي أعمق بين أوزبكستان والدول العربية. القاهرة: مجلة الدبلوماسي الدولي الأسبوعية المتخصصة، العدد (21) السنة الثانية، مارس 2001.
21. أ.د. محمد البخاري، د. سرفار جان غفوروف: من أجل تعاون سياسي واقتصادي أعمق بين أوزبكستان والدول العربية. أبو ظبي: الاتحاد، 29/1/2001.
22. أ.د. محمد البخاري، د. سرفار جان غفوروف: المشرق العربي وأوزبكستان: شراكه على طريق التقدم والمصلحة المتبادلة. القاهرة: مجلة الدبلوماسي الدولي الأسبوعية المتخصصة، العدد (19) السنة الثانية، يناير 2001.
23. أ.د. محمد البخاري: أوزبكستان والشراكة والتعاون الاستراتيجي والأمن في أوروبا وآسيا الوسطى. القاهرة: مجلة السياسة الدولية، 1999 العدد 138.
24. مواد وكالة الأنباء الأوزبكية "UZA".
طشقند في 3/7/2009
هوامش:
[1] دستور جمهورية أوزبكستان. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1998. (باللغة الروسية)
[2] قوانين جمهورية أوزبكستان. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1999. (باللغة الروسية)
[3] أوزبكستان: تقرير منظمة undp التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، عن التطور الإنساني لعام 1999. المستشار العلمي: أ.د. غالينا سعيدوفا، ومجموعة مؤلفين. دار نشر أوزبكستان، طشقند 2000. ص65. (باللغات الأوزبكية والروسية والإنكليزية)
[4] د. محمد البخاري: أوزبكستان والشراكة والتعاون الاستراتيجي والأمن في أوروبا و آسيا الوسطى. القاهرة: مجلة السياسة الدولية، 1999 العدد 138. ص 193-195.
[5] إسلام كريموف: أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية. طشقند- أوزبكستان 1995 ص 107.
[6] تتحدث أرقام عام 1995 عن أن روسيا الاتحادية استخرجت 130 طناً من الذهب. انظر صحيفة ترود 27/2/1996.
[7] عالم نوربيكوف: صناعات البترول والغاز تتطور. طشقند: برافدا فاستوكا، 17/1/2002.
[8] أحميدوف إ.، سعيد أمينوفا ز.: جمهورية أوزبكستان. ص62. (باللغة الروسية)
[9] مراد جان أمينوف، جمهورية أوزبكستان، موسوعة (طشقند: قاموسلار باش محررياتي، 1997). ص 604-653. (باللغة الأوزبكية)
[10] :UNDP تقرير عن التطور الإنساني في أوزبكستان 1999. المستشار العلمي، غالينا سعيدوفا. (طشقند: دار أوزبكستان، 2000). (باللغات الأوزبكية والإنكليزية والروسية)
[11] شيرزاد قدرت حجاييف (مدير المركز الصحفي للجنة المركزية للانتخابات). صحيفة "نارودنويه صلوفا"، 13 أكتوبر 2004.
1 - لمحة تاريخية: تاريخ الشعب الأوزبكي جزءاً لا يتجزأ من تاريخ شعوب وسط آسيا، ويمتد في جذوره إلى الألف الأولى قبل الميلاد عندما بدأت بالظهور مجتمعات مستقرة ذات تنظيم إداري وسياسي واضح المعالم، وهو ما يعتبر من الأشكال المبكرة لتكون الدولة بمفهومها الحديث. وتكونت تلك المجتمعات على ضفاف الأنهار وفي الواحات الخصبة المنتشرة في المنطقة التي تشغلها اليوم أوزبكستان المعاصرة. وشكلت أولى دولها كالدولة البكتيرية، والدولة الخوارزمية، والدولة البرثية، والدولة الصغدية ومنذ ذلك الوقت بدأت أطماع دول الجوار تتجه نحو تلك الدول الغنية، طمعاً بخيراتها وثرواتها، وتتالت موجات الغزو على المنطقة تارة تحت راية البحث عن الثروة، وتارة تحت راية الدين، وتارة لبناء مجد إمبراطوري على حساب الشعوب المقهورة والمغلوبة على أمرها.
وفي القرن السادس قبل الميلاد خضعت مناطق واسعة من وسط آسيا للإمبراطورية الفارسية مترامية الأطراف واستمرت تلك الحال حتى هزيمة الفرس على يد الإسكندر المقدوني في القرن الرابع قبل الميلاد. وفي الفترة الممتدة مابين عامي 312 - 64 قبل الميلاد فرض السلوقيين سيطرتهم على المنطقة إلى أن بدأ النفوذ الصيني خلال الفترة الممتدة مابين عامي 138 - 52 قبل الميلاد ينتشر فيها وكان هدف الصينيين آنذاك السيطرة على وسط آسيا الذي يعني السيطرة على طريق الحرير العظيمة التي تمر عبر المنطقة لأن طريق الحرير كانت تعني للصين آنذاك الشريان التجاري الهام والضروري لرخائها وازدهار تجارتها. وعاد الساسانيون الفرس ليربطوا المنطقة بمصالحهم خلال الفترة الممتدة مابين عامي 226 - 641 م.
ووصل العرب إلى ما وراء النهر(تركستان)، حاملين معهم الدين الإسلامي الحنيف عام 651م ورغم قصر المدة التي حكم بها الخلفاء العرب ما وراء النهر فإن الديانة الإسلامية بقيت وضربت جذورها عميقاً في وجدان شعوب المنطقة وبقيت ماثلة للعيون حتى يومنا هذا. وكان العامل الديني الإسلامي الحافز القوي ومصدر الإلهام الروحي للشعب الأوزبكي وشعوب وسط آسيا الأخرى للدفاع عن ذاتهم القومية.
وتعاقبت الدول الإسلامية في المنطقة بعد زوال الحكم العربي منها فجاءت الدولة السامانية خلال الفترة مابين عامي 700 - 999م وعملت على تجديد روابط المنطقة ببلاد فارس. وأدت هجرات القبائل التركية من المناطق المتاخمة لمنغوليا واستقرارها في الواحات وعلى ضفاف الأنهار في وسط آسيا خلال القرن العاشر واختلاطها بالسكان المحليين واندماجها بهم إلى اعتناقها للدين الإسلامي الحنيف وإضفاء الطابع التركي على المنطقة التي أطلق عليها آنذاك تسمية تركستان (أي بلاد الترك) وهو الطابع المستمر في معظم أنحاء وسط آسيا حتى اليوم.
وفي عام 999م تمكنت قبيلة قره خان (الملك الأسود) التركية من انتزاع السلطة من أيدي السامانيين واستولوا على عاصمتهم بخارى وغيرها من المدن في وسط آسيا. متخذين من سمرقند عاصمة لحكمهم وعملوا على إبعاد المنطقة عن النفوذ الفارسي. وتمكن القره خانيون أثناء فترة حكمهم من حمل لواء الإسلام بعيداً عن المنطقة نحو الشرق حتى مشارف الصين. وحال الصراع بين القبائل التركية دون بسط سلطة القره خانيين على كافة أراضي المنطقة إلى أن نجح السلاجقة الأتراك من انتزاع السلطة منهم في مطلع القرن الحادي عشر الميلادي، الذين تمكنوا من بسط سلطتهم على مناطق شاسعة من العالم الإسلامي شملت بلاد الأناضول وبلاد فارس والعراق وبلاد الشام، وسرعان ما تعرضت سلطة السلاجقة الأتراك لتحدي قبائل قره كيتاي (الصينيون السود) القادمين من منغوليا خلال الفترة الممتدة مابين عامي 1125 - 1210م وحاولت قبائل قره كيتاي فرض نمط الحكم الصيني على المنطقة ولكن الذي حدث كان عكس ذلك فقد تأثر القادمون الجدد بنمط الحياة التركية الإسلامية داخل الدولة الخوارزمية آنذاك وانصهروا داخلها.
وأدت الصراعات والحروب المحلية في وسط آسيا خلال القرن الثالث عشر إلى قيام إمبراطور المغول جينغيز خان بغزو المنطقة خلال الفترة الممتدة مابين عامي 1219 - 1221م مما أدى إلى تمتع المنطقة بفترة هدوء نسبية. وبعد وفاة جينغيز خان عام 1227م عادت الصراعات والحروب المحلية لتعصف بالمنطقة مرة أخرى إلى أن نجح الأمير تيمور (الشهير بتيمور لانك، أي تيمور الأعرج) بفرض سلطته على المنطقة في عام 1371م متخذاً من سمرقند عاصمة لحكمه الذي استمر من بعده في السلالة التيمورية. واستمر حكم السلالة التيمورية في وسط آسيا إلى أن استطاعت بعض القبائل المنحدرة من سلالة أوزبك خان (1281-1342م) تحت قيادة شيباني خان من انتزاع مناطق شاسعة في وسط آسيا ضمت مدناً هامة كبخارى، وخيوة، وقوقند، وغيرها من المدن الكبيرة مع نهاية القرن الخامس عشر معلنة عن مولد الدولة الشيبانية التي استمرت في الحكم إلى أن تفرقت مناطق سكن العشائر الأوزبكية إلى ثلاث دويلات هي: إمارة بخارى، ودولة خيوة، وخانية قوقند، مع نهاية القرن السادس عشر وهي الفترة التي بدأت تتوجه فيها الأطماع الروسية نحو التوسع والسيطرة على تركستان للاستيلاء على خيراتها ضمن لعبة السباق الروسية البريطانية للحصول على المزيد من المستعمرات في المناطق الإسلامية الآسيوية الداخلية. وامتداداً للحروب الروسية العثمانية الدائرة رحاها آنذاك في آسيا الصغرى وعلى سواحل البحر الأسود وشرق أوروبا.
وبعد سلسلة طويلة من التوسعات الروسية داخل المناطق الإسلامية في حوض نهر الفولغا وقازاقستان. بدأت الحملات العسكرية الروسية على تركستان بين كر وفر إلى أن تمكنت الجيوش الروسية بقيادة الجنرال تشيرنياييف من الاستيلاء على مدينة طشقند التي كانت تابعة آنذاك لخانية قوقند في 15 يونيو عام 1865م. وبعد معارك شرسة وغير متكافئة بين جيوش الأمراء المنقسمين على أنفسهم والجيش الروسي المجهز بأحدث الأسلحة والعتاد العسكري تمكن الروس من فرض حمايتهم على بخارى عام 1868م وخيوة عام 1873م ومن القضاء نهائياً على خانية قوقند عام 1876م بعد تدمير العديد من مدنها وقراها وقتل وتشريد المتبقي من سكانها، وانتقل آخر أمرائها للعيش في دمشق حيث يعيش بعض أحفاده حتى الآن.
ومنذ اللحظة الأولى للتواجد الروسي على الأراضي الأوزبكية قاوم الأوزبك الاحتلال بشتى الصور من المقاومة المسلحة إلى تشكيل الجمعيات السرية المناهضة للاحتلال الروسي إلى إصدار الصحف والمنشورات التي تندد بالاحتلال والاستيطان وفرض اللغة والثقافة الروسية إلى دعوة الأوزبك للحفاظ على لغتهم وثقافتهم وتقاليدهم القومية. ومن الصور الساطعة التي يحملها تاريخ الشعب الأوزبكي عن مقاومة الاحتلال والوجود الروسي الحركة التي قادها محمد علي دهشة إيشان عام 1898م والتي انطلقت من مدينة أنديجان وانتشرت إلى مدن أوش ومرغيلان في وادي فرعانة وقامت الجيوش الروسية بقمعها بوحشية بالغة ودمرت وأحرقت كل شيء صادفته في طريقها لزرع الرهبة في قلوب الأوزبك العزل من السلاح ولعبت المدارس الدينية الكثيرة المنتشرة في المنطقة دوراً كبيرة في إثارة الوعي القومي والأحاسيس الوطنية ضد الاحتلال والاستيطان الروسي. وكان من أبرزها المدارس الدينية في إمارة بخارى التي كانت آنذاك مستقلة تحت الحماية الروسية وكانت قمة في إثارة الوعي والإحساس الديني والوطني والثقافي ضد الاحتلال والسيطرة الروسية في المنطقة. وسارت حركة المقاومة الوطنية للاحتلال الروسي في أوزبكستان مع مطلع القرن العشرين ضمن إطار فكري شامل عرف بحركة "مجددي" (المجددين) التي عاصرت حركة الدعوة للتجديد في مصر وبلاد الشام وأخذت على عاتقها مهمة تجديد المفاهيم الدينية بعيداً عن التصلب والجمود والأخذ بأسباب التطور الحديث في أوروبا وكان من أبرز دعاتها عبد الرشيد قاري. وتحت ستار التعليم والتجارة شكل المثقفون الأوزبك جمعيات سرية لمقاومة الاحتلال منذ مطلع القرن العشرين ومن تلك الجمعيات: "جمعية تعليم الصبية" وجمعية "بركة" التجارية وغيرها من الجمعيات. وكانت تلك الجمعيات تلقى الدعم والتأييد من الجميع وخاصة من الطبقة الثرية في الأوساط الأوزبكية.
واستيلاء البلاشفة على السلطة في روسيا لم يكن عامل تغيير يبشر بتخلص تركستان من نير الاحتلال بل على العكس قام البلاشفة فور استيلائهم على السلطة في روسيا بتشديد قبضتهم على تركستان ووسعوا أملاكهم الإمبراطورية فيها وقاموا باحتلال إمارة بخارى وألغوا استقلالها بعد استيلائهم على مدينة بخارى في 2/9/1920م وشرعوا بتطبيق سياسة جديدة حيال المنطقة منذ تأسيسهم للاتحاد السوفييتي في ديسمبر 1922م وقضت تلك السياسة التي قادها مسؤول الشؤون القومية في الحكومة السوفييتية آنذاك جوزيف ستالين بتقسيم تركستان وتقطيع أوصالها بشكل تصبح معه لقمة صائغة لأية خطط قادمة لنهب واستغلال خيرات المنطقة. واستمرت عملية التقسيم هذه لفترة طويلة بدأت مع مطلع العشرينات وانتهت عام 1936م عندما تم تأسيس جمهورية قازاقستان السوفييتية الاشتراكية، وجمهورية قرغيزستان السوفييتية الاشتراكية ليبلغ بذلك عدد جمهوريات آسيا المركزية خمس جمهوريات كما هي الحال اليوم وهي: أوزبكستان، وكازاخستان، وقرغيزيا، وتركمانيا، وطاجكستان.
وكانت جمهورية أوزبكستان بحدودها الحالية قد أحدثت بقرار فرضته موسكو في 17،10/1924م إثر إعادة تقسيم جمهورية تركستان وجمهورية بخارى وجمهورية خيوة على أساس قومي. ومنذ ذلك التاريخ عاشت جمهورية أوزبكستان وراء الستار الحديدي الذي فرض عليها وحرمها من الانفتاح على العالم الخارجي وأصبحت الإطلالة الوحيدة لأوزبكستان على العالم الخارجي تمر عبر موسكو فقط. وتحولت مواردها وخيراتها لخدمة التطور الصناعي في مجموعة الدول السلافية داخل الاتحاد السوفييتي السابق، وفتحت أسواقها لترويج البضائع الرديئة المنتجة في مصانع تلك المجموعة كما هي الحال في أية مستعمرة من المستعمرات الأوروبية في التاريخ الحديث.
وبقيت جمهورية أوزبكستان ولمدة تزيد عن السبعين عاماً مرتبطة بعلاقة "استعمار هيكلي" مع موسكو التي احتكرت كل نواحي التطور والتنمية في أوزبكستان لصالحها وصالح المجموعة السلافية. ولم يتجاوز إسهام موسكو في تطوير الاقتصاد والعلوم والثقافة في أوزبكستان على مدار نحو سبعة عقود من الزمن أكثر من كونه بمثابة إسهام في تحويل أوزبكستان إلى مزرعة ضخمة منتجة للقطن الذي تحتاجه مصانع الغزل والنسيج في المجموعة السلافية، رغم الآثار الضارة المتوقعة على الاقتصاد الأوزبكي وعلى القوة البشرية والثروة الحيوانية والتربة من جراء استخدام المواد الكيماوية الضارة لزيادة المحاصيل وهو ما حدثت فعلاً في نهاية العهد السوفييتي. وإلى مصدر رخيص للمواد الخام والمعادن الثمينة التي كانت تستخرج بطرق لم تراعى فيها أية قواعد لحماية الطبيعة والبيئة المحيطة بمناطق الاستخراج وإلى تابع سياسي وإيديولوجي احتاجته موسكو لأغراض الدعاية للسياسة الخارجية السوفييتية.
وكل تلك العوامل وغيرها ساعدت على نضوج فكرة الاستقلال التام للحفاظ على الهوية القومية وعلى الموارد الاقتصادية والسعي للتخلص من سياسة الابتلاع الثقافي والاقتصادي الذي استمرت عليه روسيا طيلة فترة احتلالها لأوزبكستان. وبرز واضحاً خلال السنوات الأخيرة من الحكم السوفييتي وخاصة فيما عرف بلجنة غيدلان وإيفانوف سيئة الصيت التي شكلتها موسكو في ثمانينات القرن العشرين للإساءة لبعض الشخصيات الوطنية الأوزبكية التي لا ترتاح لها. ولم تكن الحالة بأفضل منها لا في عهد المتشددين من القادة السوفييت أمثال ستالين وبريجنيف ولا في عهد الإصلاحيين أمثال خروتشوف وغورباتشوف. فالهدف غير المعلن كان واحداً وهو الاستغلال الاقتصادي والفرض الثقافي وقمع أي تطلع قومي أو إسلامي في المدن الهامة الأوزبكستانية التي تتمتع بتأثير كبير في المنطقة والعالم الإسلامي كبخارى، وسمرقند، وطشقند التي تحولت إبان الحكم السوفييتي إلى العاصمة الثقافية والعلمية لآسيا الوسطى وقازاقستان السوفييتية وأدارت من خلالها موسكو عملية السيطرة الثقافية والاقتصادية في المنطقة بأسرها منذ العشرينات من القرن العشرين. إضافة إلى جعلها مقراً لقيادة قوات الاحتلال الروسية ("تركستانسكي فاييني أوكروك" قطاع تركستان الحربي ! والاسم هذا لم يتغير من أيام الإمبراطورية الروسية وحتى انسحاب هذه القيادة والقوات السوفييتية بعد إعلان استقلال أوزبكستان). وأقدم البلاشفة أولاً على تجزئة تركستان كما سبق وذكرنا، تحت حجة حماية حقوق القوميات والأقليات وهي الحجة التي اتخذتها ذريعة لخلق الأسباب المشجعة لسياسة الاستيطان الروسي والسلافي فيها وتجزئة شعوبها التركية. ومن ثم إتباع سياسة الاستيطان والتخريب الديموغرافي من قبل السلطات السوفييتية المتمثل في التهجير القسري لشعوب بأكملها من مناطق سكنها الأصلية إلى آسيا المركزية ولعل تتار القرم والشيشان والكوريين وغيرهم الذين هجروا قسراً إلى المنطقة خير مثال على ذلك.
وراح البلاشفة أبعد من ذلك في سياسة طمس المعالم الثقافية لشعب كان حتى الاحتلال منارة علمية وثقافية في المنطقة وفي العالم الإسلامي. فأغلقت المساجد ومؤسسات التعليم الإسلامية بكل مستوياتها وألغت تعليم اللغة العربية في كل أنحاء المنطقة واستبدلت الحرف العربي المستخدم آنذاك في الكتابة بالحرف اللاتيني أولاً في عام 1927م كفترة انتقالية لتخفي أهدافها الحقيقية التي نضجت في عام 1940م فاستبدلته مرة أخرى بالحرف الروسي (الكيريلي). بعد أن نجحت في تحويل اللهجات المحلية غير المكتوبة إلى لغات وضعت لها الأبجديات السلافية بعد أن نجحت في خلق الحواجز القومية بين الأشقاء من أبناء تركستان، ولنتصور معاً وضع شعب بأكمله حوِّل إلى شعب أمي لا يعرف القراءة والكتابة بلغة أجداده مرتين خلال فترة تجاوزت العشر سنوات بقليل. وبني سد منيع يحول بينه وبين التراث المكتوب لأجداده العظام أمثال: الخوارزمي والبيروني وابن سينا والبخاري والترمذي والنقشبندي ونوائي والكثيرون الكثيرون غيرهم الذين أبدعوا إنتاجهم الفكري الشهير في العالم أجمع وكتبوه باللغة العربية وبلغتهم الأصلية بالحرف العربي. وتحول هذا التراث كمادة للمستشرقين الروس وتلاميذهم يأخذون منه أسباب السيطرة الثقافية على الشعوب الإسلامية الرازحة تحت حكمهم والتخطيط لإخضاع غيرهم من الشعوب.
وأدى فرض زراعة القطن في أوزبكستان إلى إجراء تغييرات جذرية في نظام الري والصرف يتفق واحتياجات إنتاج هذا المحصول الإستراتيجي. وشهدت مناطق أوزبكستان المختلفة توسعاً ملحوظاً في بناء شبكات الري ولكن بنفس الأسلوب الاستعماري الذي اتبعه المستعمر الأوروبي في أنحاء مختلفة من العالم الثالث. فقد تم في عام 1939م إنشاء قناة لاغان البالغ طولها 19 كم خلال فترة قياسية لذلك الوقت بلغت سبعة عشر يوماً فقط. استخدمت فيه السلطات السوفييتية أربعة عشر ألف مواطن أوزبكي بنظام السخرة. وفي نفس العام تم تشييد 45 قناة للري بنفس أسلوب السخرة السيئ من بينها قناة فرغانة الكبرى بطول 18 ميلاً وسخر بالمجان لبنائها أكثر من ستة عشر ألف أوزبكي وعشرين ألف طاجيكي خلال 45 يوماً. وأشرف عليهم حوالي ألف مهندس من العناصر السلافية وخاصة الروسية التي كانت تحتكر لها المراكز القيادية في النشاطات الصناعية والسكنية في المدن الكبرى في أوزبكستان. مما ولد شعور الاضطهاد الجماعي لدى الأوزبك في بلادهم.
وعند الحديث عن البنية السياسية في جمهورية أوزبكستان خلال العهد السوفييتي فإننا نرى أنها تعرضت للضغوط والتبعية لروسيا مثلها مثل البنية الاقتصادية. وبدت تلك الضغوط واضحة منذ ترسيم الحدود السياسية والديموغرافية لأوزبكستان بعد أن أتمت القوات البلشفية احتلال إمارة بخارى في سبتمبر عام 1920م والطريقة التي تعامل بها لينين مع التقرير الذي رفعته له لجنة شؤون تركستان. فقد كان رأي لينين تقسيم تركستان إلى ثلاث كيانات هي: أوزبكستان، وقرغيزستان، وتركمانستان. إلا أن مؤتمر السوفييتات الذي انعقد في موسكو في ديسمبر عام 1922م تبنى معاهدة الاتحاد التي تعتبر تركستان إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي ولكن المكتب السياسي للحزب الشيوعي الروسي عاد مرة أخرى في 12 يونيو عام 1924م وأصدر مرسوماً قسم بموجبه المنطقة على أساس قومي وفي 27 أكتوبر عام 1924م أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي مرسوماً آخر قسم المنطقة وفقاً لمبدأ تقرير المصير؟، وأحدث جمهورية أوزبكستان السوفييتية الاشتراكية، وضمت حينها جمهورية طاجكستان السوفييتية الاشتراكية ذاتية الحكم، ومن ثم فصلت عن أوزبكستان وأصبحت جمهورية اتحادية في عام 1929م. وصدق مجلس السوفييت الأعلى لجمهورية أوزبكستان في فبراير 1925 على المرسوم وأعلن قيام جمهورية أوزبكستان السوفييتية الاشتراكية وتبعه اختيار أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأوزبكي، وأعضاء مجلس قوميساري الشعب (مجلس الوزراء).
ونجحت روسيا بذلك ولأول مرة في إضفاء الشرعية على تقسيم تركستان الروسية إلى دول قومية غير واضحة المعالم لأن الكثير من الأوزبك كانوا يعيشون في الجمهوريات الأخرى وأبناء القوميات الأخرى يعيشون داخل أوزبكستان، وهو الوضع غير المتجانس الذي خلقته موسكو في المنطقة ويخدم مصالحها ومخططاتها الاستعمارية الضيقة فقط وهو ما تعاني منه الجمهوريات المستقلة في آسيا المركزية حتى اليوم. وتواجهها جمهورية أوزبكستان بعد استقلالها بجهود مخلصة لخلق روح التضامن الوطني بين أبناء كل القوميات التي تسكن الجمهورية وإزكاء الشعور بالانتماء للوطن الذي يجمعهم جميعاً متساوين بالحقوق الواجبات. واستفادت أوزبكستان من الظروف التي كانت تعصف بالاتحاد السوفييتي السابق خلال عام 1990م واستغلت فرصة إعلان البرلمان الروسي في يونيو 1990م أولوية القوانين الروسية على القوانين السوفييتية، وانتخاب باريس يلتسن رئيساً للفيدرالية الروسية. فقام مجلس السوفييت الأعلى في جمهورية أوزبكستان بإعلان السيادة وأولوية القوانين الأوزبكية عن القوانين السوفييتية وانتخب إسلام كريموف رئيساً للجمهورية. وكان هذا دعماً للخط الذي سار عليه منذ توليه للسلطة في أوزبكستان لتصفية القواعد السياسية لتبعية أوزبكستان لموسكو السوفييتية. والمضي قدماً نحو تحقيق الاستقلال والسيادة وهو ما تبناه وأعلنه البرلمان الأوزبكي في 31 أغسطس 1991م. وتبعه إعلان الحزب الشيوعي الأوزبكي في 4 سبتمبر 1991 عن حل نفسه طواعية لتدشن مرحلة جديدة من حياة الشعب الأوزبكي، التي طالما انتظرها، وهي مرحلة بناء الدولة المستقلة المتمتعة بكامل السيادة على ترابها الوطني.
2 - جغرافية الدولة: تقع جمهورية أوزبكستان من الناحية الجغرافية في قلب وسط آسيا بين خطوط الطول 60 و80 وخطوط العرض 40 و50. ولها حدوداً مشتركة يبلغ طولها 2203 كم مع جمهورية قازاقستان من الشمال والغرب، ومع الجمهورية القرغيزية بطول 1099 كم من الشرق، ومع جمهورية طاجكستان بطول 1161 كم من الشرق والجنوب الشرقي، ومع جمهورية تركمانيا بطول 1621 كم من الجنوب الغربي، ومع الجمهورية الإسلامية الأفغانية بطول 137 كم من الجنوب. وبذلك يبلغ طول حدودها الدولية مع دول الجوار 6221 كم ولهذا حرصت جمهورية أوزبكستان منذ اللحظة الأولى لاستقلالها الفتي على إتباع سياسة التعايش السلمي وحسن الجوار وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول المجاورة حرصاً منها على سلامة حدودها القومية مع تلك الدول.
وتبلغ مساحة جمهورية أوزبكستان 447,400 كم2، منها 425,400 كم2 يابسة والبقية عبارة عن مسطحات مائية مختلفة بين أنهار وسدود وبحيرات صناعية إضافة للجزء الخاص بها من بحر الأورال وبذلك تزيد مساحتها عن مساحة كلاً من بريطانيا وبلجيكا والدانمرك وسويسرا والنمسا مجتمعة.
وأوزبكستان من الناحية الطبوغرافية مناطق صحراوية منبسطة يخترقها مجرى نهري أموداريا (تاريخياً نهر جيحون)، وسيرداريا (تاريخياً نهر سيحون) الحوضين الخصيبين بالأراضي الزراعية الغنية، إضافة للمرتفعات الجبلية في المناطق الشرقية من الجمهورية والتي تصل أعلى قمة لها داخل الأراضي الأوزبكستانية 4663 متراً. وكلها كانت من العوامل الهامة لإيجاد مجتمع مستقر ومتحضر عبر القرون، على المساحة التي تشغلها أوزبكستان من آسيا المركزية اليوم.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية الصالحة فيها 27,6 مليون هكتاراً، ويبلغ إنتاجها من القطن الخام أكثر من (4) مليون طن، ومن الحبوب أكثر من (4,1) مليون طن، ويبلغ إنتاجها من الكهرباء (47,5) مليار كيلو وات ساعي، ومن النفط (7,6) مليون طن، والغاز الطبيعي (48،6) مليار متر مكعب، ومن الذهب حوالي (80) طن.
وتضم جمهورية أوزبكستان إدارياً جمهورية قره قلباقستان ذاتية الحكم، و12 ولاية تضم 163 منطقة ريفية و119 مدينة. ويبلغ عدد سكان جمهورية أوزبكستان أكثر من 24 مليون نسمة، وتأتي بالمرتبة الثالثة بعد روسيا وأوكرانيا في رابطة الدول المستقلة. وتتوزع الفئات العمرية للسكان فيها على الشكل التالي: 40 % حتى سن 14 عاماً، 55 % مابين الـ 15 و 64 عاماً، 5 % فوق الـ 65 عاماً. ومن معطيات إحصاءات عام 1996 نرى أن معدل المواليد كان 29,86 بالألف ومعدل الوفيات 8,02 بالألف. ومن هذا نستنتج مدى الثروة البشرية التي تتمتع بها جمهورية أوزبكستان، لتحقيق خطط التنمية الإنتاجية. إضافة لميزة هامة تتمتع بها القاعدة السكانية المتميزة بارتفاع مستوى التعليم المتوسط، الذي يبلغ مستواه 99,15 % وفق معطيات عام 1998م. مما يضع أوزبكستان في مقدمة الدول الأكثر نجاحاً في القضاء على الأمية بين مواطنيها في العالم.
وأوزبكستان عكس الكثير من دول العالم الأخرى، تتميز بتركز السكان في الأرياف حيث تصل نسبتهم هناك إلى 61,6 % من عدد السكان، بينما يعيش في المناطق الحضرية 38,4 % فقط. مما يخفف من أعباء خطط التنمية القومية التي تتطلبها الحياة في المدن الكبيرة. ومن ناحية التركيبة الديموغرافية للسكان في جمهورية أوزبكستان التي تضم حوالي 130 قومية، تصل نسبة الأوزبك بينهم إلى أكثر من 75 %، معظمهم عدا (القره قلباق، ويهود بخارى) جاؤا إلى أوزبكستان بعد الاحتلال نتيجة لسياسة تهجير السكان وتغيير البنية الديموغرافية للمناطق المحتلة التي اتبعتها السلطات الإمبراطورية الروسية، ومن ثم السلطات السوفييتية طيلة فترة الاحتلال. وتضم التركيبة الديموغرافية للسكان في الجمهورية الروس، والتتر، والبيلاروس، والأوكران، والأرمن، والكوريين، والأذربيجان، والقرغيز، والقازاق، والعرب، والويغور، والطاجيك، والتركمان، والألمان، واليهود السفرديم والأشكيناز، والأتراك، وغيرهم من الشعوب والقوميات.
ويبلغ وسطي درجة الحرارة في أوزبكستان خلال شهر يوليو من 26 درجة فوق الصفر في الشمال إلى 32 درجة في الجنوب، وخلال شهر يناير من 10 درجات تحت الصفر في الشمال الغربي إلى 3 درجات فوق الصفر في الجنوب الشرقي، ويبلغ معدل هطول الأمطار من 80 مم في السهول إلى 1000 مم في الجبال في السنة.
3 - الوضع السياسي: بعد استقلال جمهورية أوزبكستان صدر الدستور الدائم الدولة وتم التصويت عليه من قبل المواطنين في استفتاء عام وعدل أكثر من مرة وينص الدستور على أن نظام الحكم جمهوري رئاسي. وتنقسم السلطات إلى السلطة التنفيذية وتخضع لرئيس الجمهورية مباشرة وتتكون من مجلس الوزراء، والوزارات، وحكام الولايات والمناطق الذين يرأسون أجهزة الإدارة المحلية المنتخبة فيها، وتشريعية وتتألف من مجلسين منتخبين من قبل الشعب وهما المجلس التشريعي، ومجلس الشيوخ اللذان يشكلان معاً السلطة التشريعية البرلمان، والسلطة القضائية التي تتمتع باستقلالها وفقاً الدستور.
ونظام الانتخابات استناداً للدستور الدائم لجمهورية أوزبكستان[1] الذي أقره البرلمان الأوزبكستاني في 8/12/1992م أن: الشعب هو المصدر الوحيد للسلطات الحكومية (المادة 7)، ويتشكل الشعب الأوزبكستاني من جميع مواطني الجمهورية بغض النظر عن الانتماء القومي أو الديني أو العرقي (المادة 8)، وأن القضايا الهامة والحيوية التي تهم المجتمع والدولة يتم عرضها على الاستفتاء العام (المادة 9)، وأن الممثل الشرعي للشعب الأوزبكستاني هو عالي مجلس (البرلمان) ورئيس الجمهورية المنتخبون من قبل الشعب، ولا يحق لأي غيرهم مهما كان حزباً سياسياً، أو اتحادا أو حركة شعبية، أو أية شخصية التحدث باسم الشعب (المواد 10،76-97)، وانطلق من مبدأ تقسيم السلطات إلى تشريعية وتنفيذية وقضائية (المواد 11، 76-116)، والتعددية السياسية والفكرية، وعدم جواز إتباع الدولة لأية إيديولوجية (المادة 12)، معتمدة على الديمقراطية والمبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان (المادة 13)، والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون (المادة 14)، وعدم جواز تعارض القوانين مع الدستور (المادة 16)، ومساواة جميع المواطنين أمام القانون (المادة 18)، وضمان مبدأ حق المواطنين في التنظيم ضمن النقابات والأحزاب والحركات السياسية، وحماية حرية المعارضة والأقليات، ومنع إقامة تنظيمات سرية (المواد 34-56-57-58)، ومسؤولية الحكومة عن ضمان الحقوق والحريات التي ينص عليها الدستور (المواد 43-58)، وفصل المنظمات الدينية عن الدولة، وعدم تدخل الدولة في شؤون المنظمات الدينية (المادة 61). ويكفل الدستور حق الانتخاب لجميع المواطنين رجالاً ونساء البالغين من العمر 18 عاماً يوم الانتخاب عدا أولئك الصادرة بحقهم أحكاماً قضائية تمنع ذلك (المادة 117).
وقد جرت الانتخابات للبرلمان السابق على قاعدة واضحة من القوانين الآخذة بالتكامل منذ الاستقلال، أساسها قانون "انتخاب رئيس الجمهورية" الصادر في 18/11/1991، وقانون "انتخابات عالي مجلس (البرلمان)"، الصادر بتاريخ 28/12/1993، وقانون "اللجنة المركزية للانتخابات" الصادر بتاريخ 30/4/1998، والمعدلين بتاريخ 26/12/1997، و19/8/1999. ورغم ذلك نلمس اتجاه واضح للقوى السياسية ظهر بعد الانتخابات الأخيرة واتجه نحو العمل من خلال البرلمان الأخير على تطوير تلك القوانين قبل الانتخابات القادمة.[2] وهو ما حدث فعلاً وتم تعديلهم في 25/4/ 2003، وأصبح البرلمان الأوزبكي الحالي يتشكل من مجلسين تشريعي (النواب) والشيوخ (سيناتور).
وجاء في المبادئ العامة لتلك القوانين أن انتخاب رئيس الجمهورية لفترة رئاسية مدتها خمس سنوات، وتم تعديلها إلى سبع سنوات في عام 2003، ويتم انتخابه من قبل مواطني الجمهورية عن طريق الاقتراع الحر والسري والمباشر، من بين المرشحين لهذا المنصب، الذين يشترط إتمامهم سن الخامسة والثلاثين من العمر، وإتقان اللغة الرسمية للدولة (أي اللغة الأوزبكية)، ويعيشون في أوزبكستان بصورة متصلة لمدة عشر سنوات قبل موعد الانتخابات.
وانتخابات عالي مجلس (البرلمان) الذي يضم مجلسي النواب والشيوخ اللذين يتم انتخابهم على أساس جغرافي لمدة خمس سنوات ويشترط في المرشح بلوغ الخامسة والعشرين من العمر يوم الانتخابات ومنح المشرع حق التصويت لجميع مواطني الجمهورية من الجنسين البالغين من العمر 18 عاماً يوم الانتخاب بالتساوي، صوت واحد لكل مواطن باستثناء أولئك الصادرة بحقهم أحكاماً قضائية. وضمن القانون العلنية في الإعداد وإجراء الانتخابات التي تنظمها وتشرف عليها اللجنة المركزية للانتخابات استناداً لأحكام الدستور والقوانين النافذة بشكل مستقل وعادل، وتشكل بقرار من عالي مجلس الجمهورية (البرلمان)، من بين الشخصيات المستقلة التي لا تنتمي لأي حزب سياسي. وقضت القوانين أن يتم تمويل الحملة الانتخابية من قبل موازنة الدولة فقط مع إمكانية التبرع لصالحها بأموال تحول لحساب لجنة الانتخابات المركزية التي تستخدمها خلال الحملة الانتخابية. وضمنت القوانين حق تقديم مرشح واحد لكل حزب، لمنصب رئيس الجمهورية لقيادات الأحزاب السياسية المسجلة في وزارة العدل قبل ستة أشهر من تاريخ تحديد موعد الانتخابات من بين أعضاء الحزب أو من بين الشخصيات المستقلة، وجوغارغي كينيسا (برلمان) جمهورية قره قلباقستان، ومجالس الإدارة المحلية في المحافظات بغض النظر عن الانتماء الحزبي للمرشح. شريطة تقديم لوائح تحمل توقيع 1 % من عدد الناخبين في الجمهورية تؤيد الترشيح للمنصب، وعدم قبول طلبات تسجيل المرشحين الذين سبق وصدرت بحقهم أحكاماً قضائية، أو الذين هم تحت المحاكمة، والعاملين في المنظمات الدينية تجنباً لإقحام المنظمات الدينية في الصراعات الحزبية والسياسية وفق وجهة النظر الرسمية. ويبلغ عدد المنظمات الدينية المسجلة في الجمهورية 1671 منظمة، منها 1555 إسلامية، و 100 مسيحية، و 8 بهائية، و 8 يهودية، وفق معطيات نشرها تقرير منظمة undp التابعة لمنظمة الأمم المتحدة عن التطور الإنساني في أوزبكستان لعام 1999.[3]
بينما اشترط المشرع حصول الأحزاب السياسية على توقيع 50 ألف ناخب في لوائح خاصة، تؤيد اشتراك الحزب المذكور في الحملة الانتخابية لعضوية عالي مجلس (البرلمان)، واشترط حصول مجالس الإدارة المحلية على توقيع 8 % من الناخبين الخمسين ألف في كل دائرة انتخابية، وتواقيع 100 مواطن للجان المبادرة الشعبية تؤيد إشراكهم في الحملة الانتخابية. وضمنت التشريعات الحق المتساوي للمرشحين والأحزاب السياسية، للقيام بحملاتهم الانتخابية من تاريخ تسجيل ترشيحهم، واستخدام وسائل الإعلام الجماهيرية ضمن الحدود التي تضعها لجنة الانتخابات المركزية، وعقد اللقاء آت بالشكل المناسب للناخبين، وألزمت اللجان الانتخابية بالاشتراك مع السلطات الحكومية وأجهزة مجالس الإدارة المحلية بتهيئة الأماكن لتلك اللقاءات وتجهيزها بالتجهيزات اللازمة، وتقديم كل المساعدات للمرشحين في تنظيم تلك اللقاءات، وتقديم كل المعلومات المطلوبة لهم. وضمنت حق المرشحين والأحزاب السياسية بتقديم برامجهم الانتخابية للناخبين شريطة أن لا توجه تلك البرامج ضد استقلال وسلامة أراضي وأمن الجمهورية، وأن لا تتعدى على الصحة والأخلاق العامة، وأن لا تدعو للحرب، وأن لا تثير النعرات القومية والعرقية والدينية وأن لا تدعو لاستخدام العنف لتبديل النظام الدستوري وكل ما يحد من الحقوق الدستورية وحريات المواطنين. ومنع المشرع تقديم المرشح من خلال حملته الانتخابية التسهيلات والخدمات (عدا المعلوماتية) والسلع المجانية والأموال للناخبين وألزمه بوقف الحملة الانتخابية يوم الاقتراع. ومنح المشرع المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية وعضوية عالي مجلس من تاريخ تسجيلهم وحتى نهاية الانتخابات الحصانة القانونية، وحق الإجازة مدفوعة الأجر واستخدام وسائط النقل الحكومية بالمجان خلال حملتهم الانتخابية، وتسمية مندوبيهم في الدوائر الانتخابية. واشترط المشرع للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، وعضوية عالي مجلس، حصول المرشح على أكثر من نصف أصوات المشاركين في التصويت، وفي حال عدم حصول أحد على النسبة تعاد الانتخابات بين المرشحين الذين حصلا على أعلى نسبة من أصوات الناخبين خلال أربعين يوماً من إعلان النتائج الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية وأسبوعين لأعضاء عالي مجلس. ومع ذلك هناك قوى سياسية على الساحة الأوزبكستانية غبر مرخص لها بالعمل وتمارس نشاطاتها السياسية وفقاً للقانون وبشكل غير قانوني عندما تفرض الضرورة، كحزب "بيرلاشغان" و"بيرليك" وغيرها من الحركات السياسية غير الدينية.
السياسة الداخلية للدولة: تتبع الحكومة سياسة داخلية مبنية على نظرتها الخاصة وتعمل من خلالها على تعزيز مصالح أفرادها وتدعم موقعها ضمن الخارطة السياسية للبلاد وضمت الحكومة الأوزبكية التي شكلها الرئيس الأوزبكي بعد الانتخابات لعضوية البرلمان الأوزبكي وانتخابات أجهزة الإدارة المحلية لتنفيذ السياسة الحكومية بتاريخ 4/2/2005 م أي كلاً من: الوزير الأول (رئيس الوزراء)، ورئيس تجمع التصنيع الزراعي؛ والنائب الأول للوزير الأول، ووزير الاقتصاد، ورئيس المجمع الاقتصادي ومجمع السلع الاستهلاكية والتجارة؛ ونائب الوزير الأول، ورئيس تجمع شؤون مجالات الخدمات، والمواصلات، والتشييد والبناء؛ ونائب الوزير الأول، رئيس تجمع شؤون التكنولوجيا والكيمياء والتعدين وبناء الآلات؛ ونائب الوزير الأول، ومدير عام "أوزآسي"، ورئيس تجمع شؤون نظم المعلوماتية والاتصالات الهاتفية؛ ونائب الوزير الأول، وزير التعليم العالي والمتوسط التخصصي، رئيس تجمع شؤون التعليم والصحة والضمان الاجتماعي؛ ونائب الوزير الأول، وزير الخارجية، ورئيس تجمع شؤون العلاقات الخارجية؛ ونائبة الوزير الأول، رئيسة لجنة المرأة الأوزبكستانية؛ ووزير العمل والضمان الاجتماعي للسكان؛ ووزير الشؤون الثقافية والرياضة؛ ووزير الداخلية؛ ووزير الدفاع؛ ووزير التعليم الشعبي؛ ووزير الزراعة والثروة المائية؛ ووزير العدل؛ ووزير الصحة؛ ووزير المالية؛ ووزير الحالات الطارئة؛ ورئيس اللجنة الحكومية لإدارة أملاك الدولة ودعم العمل الحر؛ ورئيس اللجنة الحكومية للجيولوجيا والثروات المعدنية؛ ورئيس اللجنة الحكومية للإحصاء؛ ورئيس اللجنة الحكومية للجمارك؛ ورئيس اللجنة الحكومية للضرائب؛ ورئيس اللجنة الحكومية لمحاربة الاحتكار وتطوير المنافسة؛ ورئيس اللجنة الحكومية للهندسة المعمارية والبناء؛ ورئيس اللجنة الحكومية للثروات الباطنية، والمساحة، والخرائط والتسجيل العقاري؛ ورئيس مجلس الوزراء في جمهورية قره قلباقستان.
ويرى الرئيس كريموف أن التهديد الأساسي والأول الذي يجب مراعاته عن التخطيط للسياسة الداخلية الأوزبكستانية يكمن في التصدي للنزاعات الإقليمية في آسيا، وفي مقدمتها الصراعات التي كانت قائمة في أفغانستان وطاجكستان، تلك النزاعات التي أدت إلى تأخير تطور الدولة لعشرات من السنين. وأن تلك الصراعات يمكن أن تمتد إلى أوزبكستان ذاتها حسب تعبير الرئيس كريموف "فكل نزاع في أية دولة من الدول لا يمكن أن يبقى لفترة طويلة محصوراً داخل حدود تلك الدولة فلأسباب عديدة سيمتد هذا النزاع تلقائياً إلى الدول المجاورة". وأثبتت أحداث جنوب قرغيزستان في صيف عام 1999، والأحداث المأساوية التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية في 11/9/2001 صواب تلك الرؤية، وأحداث طشقند عام 2004 وأنديجان عام 2005. فالنزاعات يمكن أن تؤدي إلى نسف الوفاق الاجتماعي، والاستقرار في الدول المجاورة والبعيدة، وخاصة عند استخدام عنصر الدين فيها. واستمرار تلك النزاعات يعطي البعض فرصة إثارة مشاكل الشعوب المقسمة لإعادة ترسيم الحدود تحت ستار توحيد الطاجيك أو الأوزبك أو غيرهم من الشعوب في العالم. إضافة لمشكلة اللاجئين الذين يندفعون عبر الحدود إلى الدول المجاورة هرباً من الحروب وإلى بروز مشاكل أخرى تمثلت في ازدهار تجارة المخدرات، وتهريب الأسلحة، وانتشار الجريمة المنظمة والعنف المسلح والإرهاب.
ويأتي تهديد التطرف الديني وفق وجهة النظر الرسمية الأوزبكية من الإفراط بالرأي الديني لطرف واحد، ومحاولة تغيير النظم السياسية بغير الطرق الديمقراطية عن طري استخدام القوة والعنف المسلح بما يحمل من تهديدات أمنية خطيرة. ورغم أن الرئيس كريموف يرى أن أوزبكستان هي جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي، فإن المشكلة تكمن في تحويل الشعارات الدينية من قبل البعض، إلى راية من أجل الوصول إلى السلطة بطرق غير شرعية، ودافعاً للتدخل في السياسة. خاصة وأن تلك القوى والحركات يمكن أن تزعزع الأمن والاستقرار وخلق مجابهة عالمية بين الحضارة الإسلامية وحضارات الأديان الأخرى، وهذا ليس من مصلحة الشعوب الإسلامية وغيرها من شعوب العالم. وهو ما حدث فعلاً بعد أحداث 11/9/2001 في الولايات المتحدة الأمريكية وأدى إلى تحول هام وجذري في النظام العالمي لم تدرك أبعاده الفعلية بعد.
بالإضافة لتهديد التعصب القومي والعداوة بين القوميات من خلال سعي بعض الأمم لفرض سيطرتها خارج حدودها ولهذا يعتبر الرئيس كريموف أن التناقضات القومية والعرقية داخل أوزبكستان، مصدر آخر لتهديد أمنها. لأن أوزبكستان اليوم دولة متعددة القوميات ويمثل أبناء القوميات الأخرى بين مواطنين الجمهورية 20 % من عدد السكان نتيجة لسياسة التهجير القسري والاستيطان خلال الحكم الروسي والسوفييتي. وفرض على أوزبكستان اليوم إتباع سياسة قومية ترتكز على مبدأ احترام حقوق الأقليات القومية، وحل كل المتناقضات القومية بأسلوب بناء.
والتهديد الآخر يكمن حسب تعبير الرئيس كريموف نفسه بانتشار وباء الرشوة وغسيل الأموال وتجارة المخدرات وتهريب الأسلحة، والنزاعات العشائرية ضيقة الأفق داخل الدولة، ويهدد أمن أوزبكستان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي خاصة وأن تلك النزعات ترتبط بتوزيع الوظائف والمكاسب بين عناصر الفئة المنحرفة وأكثرها من قيادات الحزب الشيوعي السابق التي حاولت دوماً الاستفادة من مرحلة التحول الاقتصادي، لتحقيق مكاسب ذاتية غير مشروعة على حساب الآخرين، والاستيلاء على أملاك الدولة بطرق غير مشروعة.
وتأتي أخيراً المخاطر البيئية كتهديد للأمن الوطني لأوزبكستان. وتشمل مشاكل التصحر، وزيادة ملوحة الأرض، وإساءة استخدام الموارد المائية، وتلوث التربة بالنفايات الصناعية والمنزلية، والتلوث الإشعاعي، وتعتبر مشكلة انحسار مياه بحر الأورال من أكبر الكوارث البيئية في تاريخ البشرية.
ومما سبق يتضح لنا أن مصادر تهديد الأمن الوطني الأوزبكي وفق منظور القيادة الأوزبكستانية هي تهديدات اجتماعية واقتصادية وسياسية شاملة ولا تقتصر على البعد العسكري التقليدي وحده. وهي تهديدات داخلية واجتماعية وبيئية. وأكثرها وفق منظور الرئيس كريموف هي تهديدات داخلية، ويتطلب التعامل معها إستراتيجية شاملة للعمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وإستراتيجية للسياسة الخارجية تحقق أهداف داخلية تتعلق بمصادر تهديد الأمن الوطني لأوزبكستان.
المنظمات والأحزاب السياسية: تعمل في جمهورية أوزبكستان وفقاً للدستور والقوانين المعمول بها في البلاد الأحزاب السياسية التالية: حزب الشعب الديمقراطي وهو أقوى الأحزاب السياسية على الساحة الأوزبكستانية، وهو وريث للحزب الشيوعي المنحل. رئيسه أصل الدين رستاموف، ويضم في صفوفه 580 ألف عضو؛ والحزب الاجتماعي الديمقراطي "عدالات" ويمثل الشرائح الاجتماعية المثقفة ورجال القانون ويسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية. رئيسه تورغون بولات دامينوف. ويضم 51 ألف عضو؛ والحزب الديمقراطي "مللي تيكلانيش" ويسعى لبعث الثقافة والتقاليد القومية الأوزبكية. رئيسه خورشيد دوست محمد. ويضم في صفوفه حوالي 50 ألف عضو 25 % منهم من النساء؛ والحزب القومي الديمقراطي "فيدوكورلار" ويمثل شرائح اجتماعية متنوعة وخاصة الشباب يجمعها هدف واحد هو دعم خطوات الإصلاحات السياسية الجارية لتحقيق الديمقراطية في أوزبكستان. رئيسه أختام تورسونوف. ويضم في صفوفه 61 ألف عضو؛ والحزب الديمقراطي الليبرالي وهو حزب من طراز جديد في أوزبكستان ويضم في صفوفه شرائح اجتماعية متنوعة وخاصة من الطبقة الاجتماعية الجديدة التي تشكلت في المجتمع وتضم رجال الأعمال من تجار وصناعيين وزراعيين. ورئيسه محمد جان أحمد جانوف. ويضم في صفوفه 135 ألف عضواً.
وبالإضافة لتلك الأحزاب يعمل في أوزبكستان عدد كبير من الجمعيات والهيئات الاجتماعية المرخصة من قبل وزارة العدل وفقاً للقوانين النافذة في الجمهورية. وتعمل فيها المنظمات المهنية والاجتماعية التالية: اتحاد العمال الذي يضم في صفوفه جميع العاملين والموظفين والمعلمين وأساتذة الجامعات في أوزبكستان، ولجنة المرأة، واتحاد الصحفيين، واتحاد الكتاب، واتحاد الفنانين التشكيليين الذي تحول إلى أكاديمية بعد استقلال الجمهورية، واتحاد الغرف الصناعية والتجارية ومنظمة الشباب "كمالات"، كما وتملك كل جماعة عرقية في أوزبكستان جمعية ثقافية يوحدها كلها اتحاد الجمعيات الثقافية للأقليات المقيمة في أوزبكستان، واتحاد جمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية والتربوية مع الدول الأجنبية وغيرها.
السياسة الخارجية للدولة: عند الحديث عن السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان، لابد من أن نأخذ في اعتبارنا أنها تبلورت كفاعل مؤثر في العلاقات الدولية، وتكاملت ضمن إطار يحمي مصالحها القومية، وتطور تلك المصالح من خلال رؤية متكاملة وضع أسسها رئيس الجمهورية إسلام كريموف الذي تمكن عبر عقد ونصف من الزمن منذ إعلان الاستقلال وحتى اليوم من التصدي للمشكلات الرئيسية التي كانت تعترض إتباع سياسته خارجية تعبر عن المصالح القومية والسيادة الوطنية الأوزبكستانية. خاصة وأنه نتج عن احتكار المركز في الاتحاد السوفييتي السابق للسياسة الخارجية تركيز كل الأجهزة والكوادر والخبرة الدبلوماسية في موسكو وحدها، وامتنعت الفيدرالية الروسية بعد استقلالها عن التعاون واقتسام تلك الأجهزة والكوادر والخبرات والموارد التي ورثتها عن الاتحاد السوفييتي السابق مع جمهورية أوزبكستان، بحكم وجودها على أراضيها. وشملت ممتلكات وأجهزة وموارد وزارة الخارجية السوفييتية الملغاة وخبراتها الدبلوماسية وممتلكاتها في الخارج.
فكان على أوزبكستان أن تقوم بإعداد كوادرها السياسية والدبلوماسية الوطنية القادرة على تنفيذ مهام سياستها الخارجية، وتزويدها بالاحتياجات اللازمة على ضوء توسع علاقاتها الدولية ومواجهة متطلبات النظام الدولي الجديد أحادي القطبية والمتمثل بتكتل الدول الصناعية الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. والتعامل مع القيم الفكرية الجديدة التي تفرض نظام السوق والاعتدال السياسي، والتعامل مع القوى الدولية الجديدة التي أخذت بالتصاعد في أوروبا وشرق آسيا، والاتجاه الدولي الجديد الذي سار بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق نحو إقامة تكتلات وتجمعات دولية جديدة، متعددة الأطراف تتطلع نحو تحرير التجارة والاقتصاد الدولي ضمن الاتجاه الذي عرف اقتصاديا وسياسياً بالعولمة، فأنشأت لهذا الغرض جامعة العلاقات الاقتصادية الدولية والدبلوماسية وألحقتها بوزارة الخارجية.
وتطلعت القيادة الأوزبكستانية الجديدة وهي القيادة الشيوعية نفسها التي سبقت الاستقلال من خلال صياغتها للسياسة الخارجية نحو ضمان المصالح الوطنية الأوزبكستانية، في ظروف اقتصادية صعبة نتجت عن تفكك الاتحاد السوفييتي السابق، وأدى الاستقلال لقطع العلاقات الاقتصادية التي كانت قائمة مع غيرها من جمهوريات الاتحاد المتفكك، وبالتالي خسارتها لـ 85,8 % من موارد تجارتها الخارجية مع تلك الجمهوريات، والذي أثر بشكل مباشر على اقتصادها. فكان عليها صب اهتمامها أثناء صياغة سياستها الخارجية على حماية مصالحها في الحكم دون إبطاء.
والمشكلة الأخرى التي واجهت السياسة الخارجية المستقلة لأوزبكستان مشكلة كونها دولة محصورة جغرافياً، ولا تملك منافذ على البحار والمحيطات العالمية. وهو ما فرض عليها إتباع سياسة خارجية متوازنة والتعامل والتفاوض والمساومة والمحافظة على علاقاتها مع دول الجوار، لضمان طرق الترانزيت التي هي بمثابة شرايين الحياة بالنسبة لها، ومواجهة مشكلة أمنها المائي لأن معظم الأنهار الجارية عبر أوزبكستان تنبع من أراضي الدول المجاورة وخاصة طاجكستان وقرغيزستان.
وكان لابد لأوزبكستان أن تصوغ سياستها الخارجية في ظروف من عدم الاستقرار الإقليمي والدولي، والتنافس بين القوى الإقليمية والعالمية لفرض تصورها ونموذجها لسد الفراغ الذي نشأ في آسيا المركزية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. وهو ما أشار إليه دوغلاس هيرد وزير خارجية بريطانيا السابق، بقوله: "أن آسيا المركزية تعود لعصر (المباراة الكبرى) التي دارت في الماضي، والمباراة الراهنة تدور بين روسيا وتركيا والصين وإيران والهند، من أجل الحصول على المزايا الاقتصادية والسياسية، مما يجعل المباراة أكثر خطورة عما كانت عليه منذ مائة عام مضت، لأن الإقليم يعج بالسلاح اليوم"، إضافة لتأثيرات التنافس الإيراني التركي، والباكستاني الهندي، والأدوار الصينية والروسية والأمريكية والإسرائيلية الجديدة والمؤثرة في المنطقة. وحركات التطرف الديني التي أخذت بالتعاظم بعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان. وتمثلت المشكلة الأخيرة في أنه على أوزبكستان أن تصيغ سياستها الخارجية من نقطة الصفر، في ظل وضع داخلي يشهد تحولات سياسية واقتصادية جوهرية، ومحاولة بعض القوى تسييس المشكلات العرقية والقومية والدينية، بقصد الإساءة للعلاقات التاريخية لأوزبكستان مع الدول الإسلامية والعربية والدول المجاورة لها. ولهذا شرعت أوزبكستان في إجراء تحول نحو التعددية السياسية، واقتصاد السوق، وأخذت القيادة الأوزبكستانية بصياغة قواعد جديدة للتعامل مع كل تلك المشكلات. ومن هنا يمكن أن نلمس أية مهمة شاقة اعترضت مهندس السياسة الخارجية الأوزبكية الرئيس إسلام كريموف في صياغة سياسة خارجية لأوزبكستان. فقد تطلب منه التعامل مع تلك المشكلات، وبلورة رؤية إستراتيجية لطبيعة التحولات الإقليمية والعالمية وآثارها على أوزبكستان، ووضع إستراتيجية للتعامل معها. إستراتيجية تتضمن فلسفة السياسة الخارجية وخارطتها. واتضحت تلك الرؤية في الخطاب الذي ألقاه الرئيس إسلام كريموف من على منبر منظمة الأمم المتحدة خلال دورتها الثامنة والأربعين في 28 أيلول/سبتمبر 1993. واكتملت تلك الرؤية في مؤلفاته "أوزبكستان على عتبة القرن الحادي والعشرين"، و"أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية"، و"أوزبكستان على طريق المستقبل العظيم"، "أوزبكستان على طريق الانبعاث الروحي" المنشورين باللغة العربية في بيروت وجدة ودبي، والذين يعتبرون وثيقة مرجعية لفلسفة السياسة الخارجية الأوزبكستانية.
وانطلقت رؤية الرئيس كريموف من تحليل طبيعة النظام العالمي وموقع أوزبكستان فيه، لأن هذا النظام كما يراه في عصر العولمة مترابط ومتعدد الأبعاد. ويعني هذا أنه لم يعد هناك مكان في النظام العالمي للانعزال ويتطلب الاندماج مع مجمل التيارات الفكرية والهيكلية للنظام العالمي الجديد. وهذه الرؤية للعولمة في النظام العالمي تشكل المدخل الحقيقي الأول لرؤية الرئيس كريموف لسياسة أوزبكستان الخارجية. والمدخل الثاني في تأكيده على أن أوزبكستان تقع في قلب هذا النظام، فهي تقع في قلب آسيا، حيث تتركز مصادر الطاقة، وبالذات منابع النفط والغاز، ومناجم اليورانيوم، وفي منطقة تتقاطع فيها مصالح القوى الآسيوية والأوروبية القوية، والدول الكبرى من العالم الإسلامي كما أنها بحكم موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية والبشرية، وخبراتها التكنولوجية، وتراثها الثقافي والحضاري، مؤهلة لتلعب دور "مركز آسيا". وقد عبر الرئيس كريموف عن ذلك في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن أوزبكستان يمكن أن تكون "نافذة آسيا"، وجسراً للتعاون بين المؤسسات الدولية لتوفير الأمن في آسيا.
وتواجه أوزبكستان في تلك المنطقة الإستراتيجية الهامة، مجموعة من التهديدات التي تؤثر على أمنها الوطني. وتتميز تلك التهديدات بأنها ذات صلة متعددة الأبعاد ومركبة ومتداخلة. ولا يرى الرئيس كريموف أن التهديدات الموجهة ضد جمهورية أوزبكستان، مجرد تهديدات عسكرية، بل أنها تهديدات اجتماعية واقتصادية وبيئية، متعددة ولا تقتصر على التهديد العسكري وحده. وحدد في خطابه السياسي عدة استراتيجيات محورية لمواجهة مصادر التهديدات التي أشار إليها، ويتلخص اتجاه تلك الإستراتيجيات في الحفاظ على التوازن الإستراتيجي الداخلي والخارجي وبناء الاستقرار انطلاقا من عدة أبعاد هي: تحقيق الاستقرار والتوازن الداخلي شرط جوهري لتحقيق استقرار وتوازن في العلاقات الدولية؛ وإتباع سياسة خارجية فعالة تستند إلى قاعدة اجتماعية اقتصادية متوازنة وقوية. وهو ما أشار إليه الرئيس كريموف بالتفصيل في كتابه "أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية" الذي صدر باللغة العربية في بيروت، وكتابه "أوزبكستان على طريق المستقبل العظيم" الذي صدر في جدة، حيث ركز فيهما على إستراتيجية الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في أوزبكستان.
ومن هذا المنطلق فإستراتيجية السياسة الخارجية لأوزبكستان، وفق تصور الرئيس كريموف، تركز على التكامل مع المجتمع الدولي لأنها "ليست مجرد حتمية تاريخية، بل كعامل قوي للاستقرار"، الذي يعني "الاندماج بالنظام السياسي والاقتصادي العالمي على أساس المنفعة المتبادلة، وأولوية المصالح الاقتصادية على الاعتبارات الأيديولوجية، وأولوية معايير القانون الدولي على المعايير الداخلية، والعمل ضمن النظام الدولي طبقاً للمعايير الإنسانية العامة".
وتقع إستراتيجية التكامل هذه وفق تصور الرئيس كريموف، في قلب إستراتيجية "الاندماج في الاقتصاد العالمي"، التي يهدف منها إقامة اقتصاد سوق منفتح على الاقتصاد العالمي، داخل التقسيم الدولي للعمل. ويشمل الانخراط في المؤسسات الاقتصادية العالمية، مثل: منظمة التعاون الاقتصادي، ومنظمة التجارة العالمية وغيرها، مع جذب الاستثمار الأجنبي. وهذا يعني أن أوزبكستان تتكامل مع مجمل توجهات ومؤسسات النظام العالمي انطلاقا من المنفعة المتبادلة. ولترجمة هذه الإستراتيجية، إلى سياسات واقعية، حدد الرئيس كريموف بعض الخطوط الأساسية، وهي: بناء شبكة علاقات تحقق تنوع البدائل وزيادة الشركاء وبناء التوازن واتفاقيات الأمن الجماعي التي تضمن ذلك، بما فيها إعلان آسيا المركزية منطقة خالية من السلاح النووي؛ والاعتراف بالحدود القائمة بين جمهوريات رابطة الدول المستقلة، عند الاستقلال باعتبارها حدوداً سياسية نهائية؛ وحل النزاعات القومية في آسيا المركزية بالطرق السلمية؛ وبناء علاقات من خلال الحوار مع العالمين الإسلامي والعربي لتجنب حدوث صدام ناتج عن تفاقم التيارات الأصولية المتشددة والعمل على إدارة حوار فعال بين الحضارات؛ وإقامة حوار استراتيجي ومتكافئ مع روسيا، أساسه المشاركة والمنفعة المتبادلة؛ والتعاون مع دول آسيا المركزية لحل مشكلات البيئة؛ وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
مما يسمح بإيجاز التوجهات الرئيسية لسياسة أوزبكستان الخارجية في خطوط محددة، أهمها: الحفاظ على المصالح الوطنية الأوزبكستانية الراهنة من خلال استمرار الروابط مع الشركاء القدامى أي مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة؛ وإتباع سياسة تدريجية لتنويع البدائل والشركاء من خلال عقد روابط اقتصادية وسياسية جديدة مع مختلف القوى الإقليمية والعالمية، والاندماج التدريجي في المؤسسات الإقليمية والعالمية؛ والاهتمام بالقضايا الدولية التي تؤثر مباشرة في المصالح الوطنية الأوزبكستانية.
ويعني هذا التركيز على ما يهم أوزبكستان مباشرة. وتفادي امتداد نطاق الاهتمامات الخارجية للدولة بما يتخطى مقدراتها أو إلى ما لا يعود عليها بأثر إيجابي مباشر. واتسعت سياسة أوزبكستان الخارجية وتعددت أبعادها. إذ تقيم جمهورية أوزبكستان اليوم علاقات دبلوماسية مع أكثر من 120 دولة من دول العالم، وتقيم في عاصمتها طشقند حوالي 40 سفارة معتمدة من بينها سبعة عربية، وممثليات لأكثر من 25 منظمة دولية حكومية، و13 منظمة غير حكومية، بعد أن أصبحت عضواً كامل الأهلية في معظم المنظمات العالمية السياسية والاقتصادية. وقد حرصت أوزبكستان منذ استقلالها على تنويع شركائها من خلال علاقاتها الدولية. ويعتبر الخط الذي يربط أوزبكستان بشركائها التقليديين، من الخطوط الرئيسية لسياستها الخارجية. وهو خط العلاقات مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة، وخاصة العلاقة مع روسيا وجمهوريات آسيا المركزية، حماية لمصالحها الوطنية في علاقاتها مع تلك الدول التي تشكل نسبة التجارة معها 85 % من حجم تجارتها الخارجية. وكانت جمهورية أوزبكستان قد دخلت في عضوية رابطة الدول المستقلة بموجب اتفاق آلما أتا الذي وقع في 21/12/1991.
وأوزبكستان تعتبر جمهوريات آسيا المركزية ذات أفضلية في سياستها الخارجية، تتكامل معها اقتصاديا وتتعاون معها عسكرياً. ولذلك من المهم أن نشير إلى حقيقة هامة وهي أن الرئيس كريموف لا يرى في آسيا المركزية منطقة ثقافية أو عرقية واحدة في إطار المفهوم الإقليمي السابق الذي كانت تعرف فيه باسم تركستان بل على العكس يرى فيها مساحة جغرافية تتعايش فيها مجموعة من الدول المستقلة على أساس من المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة.
وتشمل سياسة أوزبكستان للتعاون الإقليمي في آسيا المركزية على التعاون لمواجهة المشاكل البيئية التي تواجهها مجتمعة، ومن الأمثلة على ذلك مشاركة أوزبكستان في الاجتماع الذي عقد بين قادة آسيا المركزية في قازاقستان خلال مارس 1993 لمناقشة مشكلة الكارثة البيئية في منطقة بحر الأورال، وأسفر الاجتماع عن تشكيل مجلس حكومي من ممثلي دول آسيا المركزية، ولجنة تنفيذية، وصندوق دولي لإنقاذ بحر الأورال الآخذة مياهه بالانحسار. وفي يناير 1994 عقد اجتماع ثان لنفس الغرض في نوقوس بجمهورية أوزبكستان، أقر خلاله برنامج من الإجراءات العملية لتحسين الوضع البيئي في منطقة حوض بحر الأورال خلال فترة تمتد مابين 3 إلى 5 سنوات، روعيت فيه نواحي التطور الاجتماعي والاقتصادي. كما وصدر عن الاجتماع إعلان دول آسيا المركزية والمنظمات الدولية حول مشاكل تطوير حوض بحر الأورال.
إضافة لمشاكل الأمن المائي لدول المنطقة كمشكلة تدفق مياه الأنهار التي تعتمد عليها أوزبكستان في ري محاصيلها الزراعية الصيفية وخاصة القطن، والتي تنبع من الأراضي القرغيزية، وتوصلت الدولتان إلى اتفاق عام 1994 بعد مطالبة قرغيزستان بدفع ثمن للمياه التي تتدفق من أراضيها، ووافقت أوزبكستان نتيجة الاتفاق المذكور على تزويد قرغيزستان بالطاقة والكهرباء شتاءً لقاء تدفق المياه إلى أوزبكستان خلال الصيف وهذا جزء من المشكلة التي خلفها الاتحاد السوفييتي السابق وراءه لجمهوريات آسيا المركزية وتشترك كلها فيها بسبب التداخل في منابع ومجاري الأنهار وشبكات الري والسدود الكثيرة المقامة عليها. وأخيراً فإننا نرى في أوزبكستان الدولة الإقليمية المحورية التي تحاول دائماً القيام بدور فعال في حل وتسوية النزاعات الإقليمية في المنطقة.
خاصة وأن أوزبكستان كانت من بين الجمهوريات السوفييتية السابقة الأكثر تضرراً بشرياً ومادياً ومعنوياً من حرب التدخل السوفييتي الدامية قبل ثلاثة عقود من الزمن تقريباً، ولم تزل آثارها ماثلة للعيان حتى اليوم. نضيف إلى ذلك قرابة الثلاثة ملايين من المواطنين الأفغان من أصول أوزبكية القاطنين في المناطق الشمالية من أفغانستان. وكل تلك المعطيات لا يمكن أن تدع الحكومة الأوزبكستانية بعد الاستقلال، تقف موقف المتفرج حيال ما يجري على الأرض الأفغانية الملتهبة، تحسباً من انتقال أعراض الأوضاع الملتهبة على الأرض الأفغانية إلى داخل أراضيها. وهو ما حدث فعلاً منذ الاستقلال في طاجكستان المجاورة لأفغانستان، والتي تشترك معها في المعطيات أنفة الذكر أيضاً. وقد أثبتت الوقائع صحة التوقعات الأوزبكستانية أكثر من مرة في الأحداث المتفرقة التي حدثت على أراضيها، وكان من بينها تفجيرات 16/2/1999 في العاصمة طشقند التي نفذها متطرفون إسلاميون. وأثبتت المحاكمات العلنية التي جرت للمتهمين فيها، ضلوع بعض الجهات المتواجدة في أفغانستان وفي بعض الدول المجاورة والقريبة من أوزبكستان وفي بعض الدول العربية، إما بمساندة أو بتمويل تلك الحركة الإسلامية المتطرفة، وهي المتهم الأول بما جرى ويجري ليس في أوزبكستان وحدها، بل وفي تطلعها لتوسيع نشاطها إلى قرغيزستان وقازاقستان ودول آسيا المركزية الأخرى، انطلاقاً من الأراضي الأفغانية والطاجيكية وفق الأنباء التي نشرت عن التحقيقات التي جرت قبل وأثناء محاكمة وإدانة المتهمين. وأثبتت التوقعات في الأحداث التي جرت جنوب قرغيزستان في صيف نفس العام وفي جنوب أوزبكستان وقرغيزستان صيف عام 2000. وجرت في أنديجان عام 2005 وهذا طبعاً كان لا يمكن أن لا يوتر ويعيق العلاقات الودية بين تلك الدول والحكومة الأوزبكستانية.
كما وتحرص أوزبكستان منذ استقلالها على تطوير علاقاتها مع دول الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، واتحاد غرب أوروبا، للاستفادة من الدعم الاقتصادي والفني الذي تقدمه تلك الدول والمنظمات لمساعدة أوزبكستان خلال مرحلة التحول والاندماج بالاقتصاد العالمي. معتمدة في ذلك على ثقلها السياسي والاقتصادي والبشري في آسيا المركزية، المهم جداً في أية معادلات مستقبلية للمنطقة بآسرها. ولو أن أحداث أنديجان عام 2005 أثرت سلباً على تلك العلاقات. وتم الإعلان عن وقف سريان اتفاقية الشراكة والتعاون الإستراتيجي بين جمهورية أوزبكستان والاتحاد الأوروبي، التي كانت سارية منذ مطلع يوليو 1999، والتي سبق ووقعها رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف أثناء لقاء رؤساء، ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتاريخ 21/6/1996 في فلورنسا. [4]
وانضمت أوزبكستان إلى منظمة شنغهاي للتعاون عام 2001، وهي آلية متعددة الجوانب للتعاون الشامل، تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة ومكافحة أخطار الإرهاب الدولي والتطرف الديني والقومي وتجارة المخدرات والتصدي لأخطارها بشكل فاعل. وأهمية منظمة شنغهاي للتعاون تنبع من أنها أصبحت تجمع قادة دول تتفق وجهات نظرهم حول القضايا السياسية، وقضايا الأمن والاستقرار الإقليمي، وقضايا التطور في منطقة آسيا المركزية برمتها، إضافة لوجود روسيا والصين العضوين الدائمين في مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة داخل هذه المنظمة. وما دفع أوزبكستان للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، (قبل بدء عمليات الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي انتهت بالقضاء على حكم طاليبان في أفغانستان) كان رغبتها السعي من خلال المنظمة لحل عقدة القضايا الحيوية المعلقة، وفي مقدمتها القضية الأفغانية، والسعي من خلال هذه المنظمة لوقف إراقة الدماء في أفغانستان، ومنع التهديد المستمر لأمن واستقرار المنطقة برمتها. والإقلال من شأن المشاكل الناتجة عنها، والمتمثلة بالعنف والإرهاب والتطرف الديني والقومي، وتجارة المخدرات، وتهريب الأسلحة، وهي قضايا متصلة ولا تنفصل عن بعضها البعض، حسب رأي القيادة الأوزبكستانية التي اعتبرت دائماً أن الخطر يأتي من ملايين الدولارات التي يتم الحصول عليها من تجارة المخدرات، وتستخدم في تجنيد المتطرفين الذين يرسلون للقيام بأعمال عنف إجرامية في مناطق مختلفة من العالم، وهو ما يحتاج للتنسيق الفاعل بين دول العالم للتصدي لها بشكل مشترك للوصول إلى نتائج ملموسة ومنتظرة. أما دوافع روسيا والصين العضوين الدائمين في مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة، من اشتراكهم في عضوية منظمة شنغهاي للتعاون، وفق معظم المصادر الصحفية فهو بالدرجة الأولى التصدي للنفوذ الأمريكي والأوروبي المتصاعد في آسيا المركزية. وبالدرجة الثانية إيجاد إطار إقليمي تعمل من خلاله للتصدي لتفاقم التطرف الديني في القوقاز (روسيا)، وسانزيان ويغور (الصين).
وكما أعربت كلا من منغوليا والهند وباكستان وإيران عن نيتهما الانضمام للمنظمة، وكانت هناك إشارات غير واضحة في بعض المصادر الصحفية باللغة الروسية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين يعربون فيها عن رغبة الولايات المتحدة الأمريكية بالانضمام ولو مراقب لعضوية المنظمة، وهو الأمر الذي سيصطدم في إعلانه رسمياً بالمصالح الروسية والصينية التي تتعارض وتلك الرغبة، وقد تغبرت الأوضاع بعد أحداث أنديجان وطالبت المنظمة في مؤتمر قمتها الأخير خلال العام الحالي بإنهاء التواجد الأمريكي في أوزبكستان وقرغيزيا.
ولأوزبكستان وجهة نظر خاصة فيما يتعلق بعملية إصلاح منظمة الأمم المتحدة. وفي هذا الصدد كان لأوزبكستان العديد من المقترحات، وأهمها: توسيع عضوية مجلس الأمن بدخول دول جديدة دائمة العضوية؛ وتحديث بنية ونشاط الأمم المتحدة في مجال عمليات حفظ السلام.
4 – الوضع الأمني للدولة: بناء الدول ليس نوعاً من التمنيات بل هو ثمرة عمل منهجي ومدروس ينطلق من أهداف محددة مع التأكيد على توافر الشروط اللازمة لتحقيق الأهداف المرسومة وتوفير تلك الشروط هو أصعب بكثير من رسم الأهداف ومهما كانت الأهداف واضحة ومقبولة اجتماعيا، فهي مرتبطة بتوافر الظروف الملائمة والبيئة المناسبة، التي يمكن أن تترجم الأهداف إلى عمل ملموس. ومن أول تلك الشروط تحقيق الاستقلال الحقيقي لأن عملية بناء الدولة يسبقها إزالة قواعد النظام الاستعماري القديم لإتاحة الفرصة أمام تيارات التغيير لتعمل بنجاح، وأهمها قرار إعلان الاستقلال. وبمجرد إعلان استقلال جمهورية أوزبكستان، بدأت قيادة البلاد بوضع تصورها النظري للمبادئ التي تتحكم بعملية بناء الدولة وتحقيق أمنها لأن من الشروط الأساسية لبناء الدولة على أسس سليمة، امتلاك القيادة لرؤية واضحة تحدد من خلالها توقعات المجتمع، وترسم صورة المستقبل التي يجب أن تكون بحد ذاتها حافزاً لها لإتمام عملية بناء الدولة. وحتم هذا على أوزبكستان وهي تبني الدولة الحديثة والمستقلة، أن تراعي خصوصياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن تنتج نموذجها الخاص، الذي لابد وأن يستفيد من تجارب الدول الأخرى. ومن هذا المنطلق حدد الرئيس إسلام كريموف خمسة مبادئ أساسية تتحكم بعملية بناء الدولة، وهي:
تقديم الاعتبارات الاقتصادية على الاعتبارات السياسية؛ والتأكيد على دور الدولة في برامج الإصلاح؛ وسيادة القانون؛ والضمان الاجتماعي لأصحاب الدخل المحدود؛ والتدرج في الانتقال إلى اقتصاد السوق الحر. ومثلت هذه المبادئ الخمسة الأساس الذي استندت إليه عملية بناء الدولة، وارتكز عليها مشروع التنمية الشاملة الأوزبكستاني لفترة ما بعد الاستقلال. إلا أن تحقيق تلك المبادئ لابد أن يرتبط بتلبية الشروط البديهية اللازمة لنجاح العمل السياسي. والتي حددتها القيادة الأوزبكية وخاصة الرئيس إسلام كريموف بعدة شروط يمكن تلخيصها بالتالي:
مواجهة أخطار التطرف الديني ولم تقتصر جهود الحكومة بمواجهة تيارات التطرف والعنف الديني، باستخدام القوة المشروعة ضد تلك التيارات المتطرفة، بل شملت أساليب أخرى كالاحتواء عن طريق طرح بدائل معتدلة؛ والتصدي للتناقضات العرقية والقومية؛ ومحاولة القضاء على الرشوة والجريمة. لأن الحكومة الأوزبكية تعتبر أن انتشار الرشوة والفساد، ورغم انتشاره حتى في صفوفها ينسف الأسس الدستورية للدولة من جذورها، ويقوض الدعائم التي قام عليها دستور البلاد؛ ومقاومة النزعات الإقليمية والقبلية والعشائرية؛ وإصلاح القوات المسلحة، وقوات حرس الحدود والأمن الداخلي، على أسس حديثة تجعلها قادرة على حماية وحدة أراضي، وسلامة حدود جمهورية أوزبكستان.
5 – الوضع العسكري: ومن أجل تعزيز القدرة الدفاعية للبلاد كان لابد من بناء الجيش لأن بناء الدولة المستقلة يحتاج لإطار أمني يحقق لها الاستقرار الذي تحتاجه عملية التنمية الشاملة، ومن ضمن هذا الإطار القدرة على التصدي لأي تهديد محتمل داخلياً وخارجياً. وقد تبنت القيادة الأوزبكستانية مفهوماً خاصاً للقدرات الدفاعية، لم يقتصر على مجرد الاحتياجات العسكرية اللازمة للدفاع عن الدولة وتحقيق الأمن القومي المطلوب، بل تعدته ليشمل البعد السياسي أيضاً، بهدف إقامة القواعد والضوابط السياسية اللازمة لضمان عدم الانحراف عن الخط السليم المرسوم لعملية بناء الدولة المستقلة. وأولت القيادة الأوزبكستانية ذات الاهتمام لتعزيز القدرات العسكرية الدفاعية للدولة المستقلة. وبدأت الحكومة ببناء جيش وطني محترف، أناطت به مهام حماية الحدود المعترف بها للدولة، والحفاظ على وحدة أراضيها، وحماية وضمان الأمن القومي للبلاد. ومن ضمن هذا الإطار تم إنشاء المؤسسات اللازمة لإعداد كوادر وضباط الجيش الوطني وتدريبهم، وافتتح لذلك أربعة معاهد عسكرية متوسطة، وكلية حربية عليا فتحت أبوابها عام 1991 لتدريب وإعداد المتخصصين لسلاح الإشارة، وتبعها افتتاح أكاديمية القوات المسلحة عام 1994. رافقه تفعيل دور مجلس الأمن القومي ليلعب دوراً بارزاً في تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية للدولة المستقلة.
ولهذا عملت أوزبكستان على إيجاد قوة عسكرية حقيقية جيدة التدريب، وقادرة على التحرك السريع لحماية أمن الدولة فأحدثت جيشاً وطنياً قوامه 35 ألف جندي، مزود بمعدات عسكرية تبلغ حوالي 280 دبابة، و780 عربة مدرعة، و265 طائرة مقاتلة، و24 طائرة مروحية. وتقوم القوات المسلحة الأوزبكستانية بحفظ الأمن والسلام على حدودها الدولية، إضافة لدور في عمليات حفظ الأمن والسلام على الحدود مع الدول المجاورة. بالإضافة إلى قوى الأمن الداخلي وأجهزة أمن الدولة التي تتبع كلها لرئيس الجمهورية.
6 – الوضع الاقتصادي للدولة: تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في جمهورية أوزبكستان 27,6 مليون هكتاراً، ويبلغ إنتاجها من القطن الخام 1,4 مليون طن، ومن الحبوب 4,1 مليون طن، ويبلغ إنتاج أوزبكستان من الكهرباء 47,5 مليار كيلو وات ساعي، ومن النفط 7,6 مليون طن، ومن الغاز الطبيعي 48،6 مليار متر مكعب.
وتتمتع جمهورية أوزبكستان بثروات طبيعية هائلة، ظلت مخفية عن العالم الخارجي وراء الستار الحديدي الذي فرضه الاتحاد السوفييتي عليها، ليتمتع وحده بخيراتها. ومن المؤكد اليوم أن أوزبكستان تملك رابع أكبر احتياطي عالمي من الذهب (الإنتاج السنوي يزيد عن 70 طن تقريباً)، وعاشر أكبر احتياطي من النحاس. إضافة لاحتياطي ضخم من الغاز الطبيعي يصل إلى 5 ترليون متر مكعب، وإلى أكثر من 4 بليون طن من النفط، وأكثر من 2 بليون طن من الفحم الحجري.
ومن حيث الثروة الزراعية تنتج جمهورية أوزبكستان سنوياً أكثر من 1,3 مليون طن من القطن، و5 مليون طن من الخضار والفواكه، وأكثر من 20 ألف طن من الحرير الطبيعي الخام، وتملك ثروة حيوانية كبيرة مؤلفة أساساً من الأغنام والأبقار والخيول والجمال والدواجن تقدر ببضعة آلاف من كل منها. وكل هذه الإمكانيات الاقتصادية الضخمة، إضافة للإمكانيات البشرية الماهرة والمدربة، سمحت لأوزبكستان رغم حداثة استقلالها من الانفتاح على العالم، وشجعت على جذب المستثمرين الأجانب، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية التي وصل مجموع استثماراتها عام 1995 فقط إلى بليون دولار أمريكي.
ومعروف أن أوزبكستان تتمتع بثروات طبيعية هائلة، وهو ما أكده اكتشاف كل أنواع المعادن التي يشملها جدول مندلييف للمعادن في أراضيها فعلاً، إذ تم حتى اليوم اكتشاف أكثر من 2500 موقعاً يحوي على أكثر من 100 معدن خام، يستخرج من بعضها ويستثمر صناعياً أكثر من 60 معدناً. ومن بين المواقع التي تم اكتشافها أكثر من 900 موقع تقدر قيمة المعادن الخام المختزنة في باطنها بأكثر من 970 مليار دولار أمريكي، من القيمة الإجمالية للثروة الطبيعية في الجمهورية المقدرة بأكثر من 3,3 ترليون دولار أمريكي.
ومن الثروات الإستراتيجية الهامة كالنفط والغاز الطبيعي تم في أوزبكستان اكتشاف 155 موقعاً، ومن المعادن الثمينة أكثر من 40 موقعاً، ومن المعادن النادرة والمشعة 40 موقعاً، ومن الخامات الكيميائية 15 موقعاً. وبفضل المستوى العلمي والتقني للكوادر الوطنية، ومستواها التكنولوجي تم اكتشاف الكثير من مواقع الثروات الطبيعية، التي دخل بعضها حيز الاستثمار الفعلي ومن بينها مواقع غنية بالمعادن الملونة والمشعة والنادرة، إضافة لكل أنواع مصادر الطاقة كالنفط والغاز والفحم الحجري، ومواد البناء، وهو ما يسمح للخبراء الاقتصاديين بتقدير مدى المستقبل الذي ينتظر أوزبكستان على المدى القريب، لو تم توظيف الاستثمارات المحلية والأجنبية بالشكل الذي يضمن مصالحها ومستقبل تطور اقتصادها الوطني. إذ تقدر قيمة الثروات الطبيعية التي تستخرج سنوياً من باطن أرض أوزبكستان بـ 5,5 مليار دولار أمريكي، وهو ما يشجع على التوسع في عمليات التنقيب والاستكشاف واكتشافات المزيد منها لزيادة احتياطي الثروات الوطنية التي تكفل لهذه الدولة الفتية الوصول للمستقبل الذي تنشده.
ومن بين الثروات الطبيعية الهامة المكتشفة في الجمهورية الذهب، والفضة، واليورانيوم، والتيتان، والمنغنيز، والنحاس، والزنك، والسترونتيوم، والولفرام، والملح القلوي، والفوسفوريت، والكاولين. إذ يشغل احتياطي أوزبكستان اليوم من الذهب المركز الرابع في العالم، وفي الذهب المستخرج المركز السابع. وفي احتياطي النحاس المركز 10، واليورانيوم المركز 7. ولهذا ركز الخطاب السياسي للرئيس الأوزبكي بعد الاستقلال على أهمية اشتراك رؤوس الأموال الأجنبية في مجال استثمار ثروات باطن الأرض سعياً للخروج من فترة ما بعد الاستقلال الانتقالية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود، عندما أكد على "أن أوزبكستان تتبع سياسة الأبواب المفتوحة مع أولئك المستثمرين الأجانب الذين يقدمون للجمهورية التكنولوجيا المتقدمة بمستوى عالمي، ويساهمون في بناء البنية الحديثة للاقتصاد الوطني".[5]
وشغلت أوزبكستان في التسعينات من القرن العشرين المركز الرابع في إنتاج واحتياطي الذهب في العالم، بعد أن بلغ إنتاجها السنوي من الذهب 70 طناً، وزاد في الآونة الأخيرة إلى أكثر من 80 طناً. بينما كانت أوزبكستان خلال سنوات السلطة السوفييتية تنتج ثلث الذهب المنتج في الاتحاد السوفييتي السابق، واستطاعت المحافظة على مركزها بين دول رابطة الدول المستقلة بعد الاستقلال، وشغلت المركز الثاني بعد الفيدرالية الروسية في إنتاج الذهب.[6]
وتسيطر على استثمارات المعادن الثمينة كالذهب والفضة وغيرها، شركة "زر فشان نيومونت" الأوزبكستانية-الأمريكية، وشركة "لو نرو" البريطانية، اللتان كانتا ولم تزالان الشركتين الاستثماريتين الوحيدتين المستثمرتين في مجال استثمار واستخراج وتصنيع الذهب في جمهورية أوزبكستان وأخيراً دخلت حلبة الاستثمار شركة "أمان تاي تاو غولد فيلدس" الأوزبكستانية - البريطانية المشتركة لاستخراج وتصنيع المواد الخام الحاوية على معدن الذهب. ففي ولاية نوائي تعمل شركة "أمان تاي تاو غولد فيلدس" الأوزبكستانية - البريطانية المشتركة لاستخراج وتصنيع الخامات الحاوية على معدن الذهب. التي شارك في تأسيسها كلا من: مؤسسة الجيولوجيا الحكومية الأوزبكستانية، وشركة استخراج وتصنيع المعادن بولاية نوائي، وشركة "أو كسوس ريسورسيز كاربريشين" البريطانية، بحصص متساوية في رأس المال.
وأشارت معطيات الدراسات التقنية والاقتصادية للمشروع الجديد، إلى أن تنفيذه سيتم على مرحلتين يتم خلال المرحلة الأولى منه بناء منشآت معالجة المواد الخام بطاقة إنتاجية تبلغ مليون طن من المواد الخام سنوياً، وتشمل بناء وإعداد وتجهيز مناجم الاستخراج ومعامل التكرير بالمعدات اللازمة للعمل. وتبلغ الكلفة الإجمالية للمرحلة 45 مليون دولار أمريكي منها 5,8 مليون دولار لبناء منشآت البنية التحتية للمشروع، ويتم في نفس الوقت توريد المعدات والتكنولوجيا اللازمة للمشروع حسب تصريح الجانب الأوزبكستاني في المشروع. وفي المرحلة الثانية تم بناء الأنفاق في مناجم استخراج المواد الخام، ومصنع تكرير مادة "أوبورني سول فيد" التي لا تملك أوزبكستان حالياً التقنية اللازمة لمعالجتها، وتشمل فصل مادتي "سول فيد" و"مشياك" ومعالجتهما والحد من أخطارهما الضارة، عن طريق التخمر البيولوجي المستخدم عالمياً وهي الطريقة الجديدة في أوزبكستان التي أعطت المخابر الأوزبكستانية نتائج ملموسة جيدة لها.
كما وأشارت الدراسات الأولية إلى أن المشروع احتاج لإنفاق حوالي 170 مليون دولار استثمرت في شراء المعدات التكنولوجية الحديثة، وإعداد الكوادر البشرية اللازمة للمشروع التي تقدر بنحو 600 متخصصاً محلياً، إلى جانب 10 خبراء أجانب يستمرون في عملهم بعد اكتمال المشروع ودخوله مرحلة الاستثمار القصوى المخططة.
واستناداً للجانب الأوزبكستاني، فإن شركة "أو كسوس ريسورسيز كاربريشين" قامت بتمويل المرحلة الأولى للمشروع، إضافة للقروض الممنوحة من المصارف، دون أي إسهام مالي من الجانب الأوزبكي، ويتم استرداد الأموال المستثمرة في المشروع من قيمة الذهب المستخرج لاحقاً، بينما تم تمويل المرحلة الثانية من المشروع وتم تطويره من الأرباح المحققة بعد بدء الإنتاج الفعلي للمشروع. وتوقع الجانب الأوزبكي أن يحصل على دخل قدره 200 مليون دولار أمريكي من الضرائب وعائدات حصته خلال السنوات العشر المقررة للمشروع. وأن يستمر المشروع بعد انتهاء العشر سنوات الأولى، على ضوء النتائج الفعلية المحققة والاحتياطي المتوفر من المواد الخام، والأعمال الاستكشافية التي يقوم بها الجانب الأوزبكستاني والتي ترافق المشروع وتستمر لعشرة أو عشرين سنة قادمة.
أما شركة "نيومونت مايننغ" التي تعتبر من كبريات شركات استخراج الذهب في العالم، فقد استخرجت 152 طناً من الذهب خلال عام 2000، محققة ربحاً قدره 1,6 مليار دولار أمريكي، قد بدأت استثماراتها في أوزبكستان عام 1995، بالاشتراك في إنشاء شركة "زر فشان نيومونت" الأوزبكستانية – الأمريكية المشتركة، التي استخرجت حتى عام 2000 حسب تصريح رونالد كمبري رئيس مجلس إدارة شركة "نيومونت مايننغ" للتلفزيون الأوزبكستاني في شباط/فبراير 2001، كمية 350 طناً من الذهب قسمت عائداتها بالتساوي ما بين الشريكين الأوزبكستاني والأمريكي. وهو ما يعني تجاوز إنتاج الذهب في أوزبكستان معدل السبعين طناً سنوياً، إذا أخذنا بعين الاعتبار إنتاج الشركات الأخرى العاملة في هذا المجال في أوزبكستان. وقد ترددت أنباء بعد استقبال إسلام كريموف رئيس جمهورية أوزبكستان لرولاند كمبري رئيس مجلس إدارة شركة "نيومونت مايننغ"، وواين ميروي المدير العام التنفيذي للشركة، عن مشروع جديد لاستخراج الذهب في منطقة أنغرين الغنية بالمعادن شرق العاصمة الأوزبكستانية، يقدم له بنك التعمير والتنمية الأوروبي قرضاً قيمته 500 مليون دولار أمريكي.
وإنتاج اليورانيوم بدأ في أوزبكستان عام 1953، بعد اكتشاف أول منجم لليورانيوم في منطقة أوتشكودوك بصحراء قزل قوم. وبدأ العمل في بناء مجمع نوائي لاستخراج المعادن عام 1958، وتم التوسع باكتشاف مناجم جديدة في مواقع سوغرالي، وبوكيناي، وصابر صاي، ومايلي صاي، وكينديك تيوبيه، ولولا كان، وكيتميتشي، وغيرها من مواقع استخراج اليورانيوم والتي يبلغ عددها اليوم في أوزبكستان 30 موقعاً ويكفي مخزونها للعمل لعدة عقود قادمة، والمجمع هو الجهة الوحيدة المنتجة ليورانيوم زاكيسي– أوكيسي في أوزبكستان. ويخطط الاتحاد للتوسع في إنتاج اليورانيوم حتى عام 2005، عن طريق التوسع بأعمال الحفر عما كانت عليه في عام 2001، أي حفر نحو 500 ألف متراً للتوسع بالإنتاج عن طريق التوسع باستخدام أحدث الطرق والمعدات التكنولوجية لإنتاج اليورانيوم. وتشير المراجع إلى تراجع إنتاج اليورانيوم في أواسط تسعينات القرن العشرين إلى 1.7 ألف طن بسبب انخفاض الطلب عليه في الأسواق العالمية، ونتيجة لانتعاش أسواق اليورانيوم وأسعاره منذ عام 2001 ازداد الإنتاج بنحو 10%.
وأوزبكستان اليوم أيضاً تعتبر من كبار مصدري الغاز الطبيعي في رابطة الدول المستقلة، ويشكل الدخل الناتج عن تصديره عنصراً من عناصر استقرار الدخل الوطني الأوزبكستاني. بينما توفر لها الثروة البترولية في حقول النفط بولاية قشقاداريا ووادي فرغانة الاكتفاء الذاتي من المشتقات البترولية التي يحتاجها الاستهلاك المحلي، ويدعم صناعاتها البتروكيميائية. ووفقاً لنتائج أعمال التنقيب الجارية، وتقديرات الأخصائيين يوجد في باطن الأرض الأوزبكستانية كميات كبيرة من النفط والغاز والفحم الحجري، وأن حوالي 60 % من أراضي الجمهورية صالحة لإنتاجهما. ويبلغ احتياطي الغاز 2 ترليون متراً مكعباً، ومن الفحم الحجري أكثر من 2 مليار طن، إضافة لأكثر من 160 موقعاً منتجاً للنفط.
ويمكننا على سبيل المثال ذكر خمسة مناطق رئيسية لإنتاج النفط والغاز في أوزبكستان، وهي: منطقة أوستي يورط، ومنطقة بخارى، ومنطقة خيوة، ومنطقة جنوب غرب غيسارة، ومنطقة سورخانداريا، ومنطقة فرغانة. حيث تبلغ قيمة احتياطي النفط والغاز حسب التقديرات الحالية للخبراء أكثر من ترليون دولار أمريكي. وتعتبر آبار شورتان ومبارك من أكبر المواقع المنتجة للغاز الطبيعي في الجمهورية بالمقارنة مع آبار جنوب غرب غيسارة وبخارى وخيوة. ويحتوي الغاز المنتج في الجمهورية على "الإيتان" و"البروبان" و"البوتان"، وغيرها من عناصر الغاز الطبيعي، الصالحة للحصول على مواد "البولومير"، و"البولي إيتلين" و"البوليوي نيلخلوريد" وغيرها. بالإضافة إلى غاز "البر وبان" ينتج المجمع الكيميائي في شرتان حمض "نيتريل أكريل" الصالح لإنتاج خيوط "النيترون".
خاصة وأن أوزبكستان كانت ولم تزل حتى الوقت الراهن من كبار مصدري الغاز الطبيعي بين دول رابطة الدول المستقلة، الذي تستورده منها حتى الآن بعض تلك الدول، ليشكل بذلك واحداً من عوامل استقرار الدخل الوطني الأوزبكي. ومعروف أن أوزبكستان كانت ولقبل عشر سنوات مضت تستورد سنوياً لسد احتياجات استهلاكها المحلي من المشتقات البترولية أكثر من 6 ملايين طن من البترول.
ولكن الصورة تبدلت مع عام 1995 عندما سجل مؤشر الإنتاج إلى استخراج كمية 7,6 مليون طن من البترول والغاز المضغوط،[7] وعام 1997 عندما بدأت أكبر مصفاة للبترول في بخارى إنتاجها من المشتقات البترولية، وأصبحت أوزبكستان ومنذ ذلك الحين تحقق بالتدريج الاكتفاء الذاتي من احتياجاتها الأساسية من الوقود اللازم للاستهلاك المحلي، لا بل وتصدير قسم منه للخارج. وسبب تبدل الوضع ذلك كان اكتشاف الآبار الكبيرة المنتجة للبترول في ولاية قشقاداريا جنوب أوزبكستان، ووادي فرغانة شمال شرق البلاد مع باكورة الاستقلال التي أخذت تبشر بتبدل الوضع والتوسع في استثمار الثروة البترولية الوطنية لحد الوصول للاكتفاء الذاتي بإنتاج المشتقات البترولية التي كانت أوزبكستان ولفترة قريبة تستوردها من روسيا وقازاقستان.
ولم تخف القيادة الأوزبكستانية وفي أكثر من مناسبة تطلعها لتحقيق تعاون استثماري فعال مع كافة دول العالم وخاصة الدول العربية وفي طليعتها مجموعة الدول العربية الخليجية المنتجة للبترول، تلك العلاقات التي كان متوقعاً أن تعزز بعد استقلال أوزبكستان لتتيح لها البدائل المطلوبة لتحقيق سياسة خارجية متوازنة تضمن مصالحها الوطنية. وترجمت القيادة الأوزبكستانية تطلعها ذلك بالزيارتين التاريخيتين لرئيس الجمهورية إسلام كريموف للمملكة العربية السعودية ومصر عام 1992، وزيارته لفلسطين عام 1998، وللكويت عام 2004م، ولمصر عام 2007، والإمارات العربية المتحدة عام 2008، ومحاولة وضع قاعدة قانونية ملائمة لمشاركة المستثمرين الأجانب، في استثمار وتطوير استخراج وتصنيع الثروات الباطنية والطبيعية في أوزبكستان بهدف النهوض بالاقتصاد الوطني.
ومن ثمار التعاون مع المستثمرين الأجانب كان إنشاء محطة الضغط التي شيدت في كوكدومولاك، ودخلت حيز العمل في أواسط عام 1997، وصرح حينها الرئيس إسلام كريموف للصحفيين بأن "المقدرات البترولية والغاز في الجمهورية تفتح أمام أوزبكستان إمكانيات وآفاق من أجل تعزيز الاستقلال في مجال الطاقة لأوزبكستان في المستقبل، وتحقيق الاستقرار للتطور الاجتماعي والاقتصادي والرفاهية للشعب الأوزبكي". وكان قد شارك في بناء محطة الضغط تلك وتركيب معداتها مؤسسات مالية دولية كبيرة، وشركات أجنبية معروفة من بينها "دريسر-ريند" و"كيلوك" الأمريكية، والشركة الهندسية "بيتمان"، والشركة اليابانية "كيشو إيفاي".
ولدعم خطوات الإصلاح الاقتصادي في مجال إنتاج الطاقة أصدر الرئيس كريموف في عام 1999 قراراً بتحويل الاتحاد الوطني للصناعات البترولية "أوزبك نيفتي غاز" إلى شركة قابضة وطنية، ارتبطت بتأسيسها الإجراءات الجذرية للإصلاحات اللاحقة التي تمت في هذا المجال الهام من الاقتصاد الوطني الأوزبكستاني.
ومن الملفت للنظر في الآونة الأخيرة ازدياد اهتمام روسيا في عمليات استخراج البترول الخام والغاز الطبيعي في العديد من مناطق إنتاجهما في جمهورية أوزبكستان، وتم إعداد اتفاقية للتعاون الثنائي في هذا المجال تشمل حقول البترول الخام في مناطق كيماتشي وأوميد. خاصة بعد أن أصدر البرلمان الأوزبكستاني في 7/12/2001 قانون "اتفاقيات اقتسام الإنتاج"، والذي بموجبه تنفتح آفاقاً واسعة أمام الاستثمارات الأجنبية، حيث يؤمن القانون المذكور حماية للاتفاقيات الموقعة ويوفر إمكانيات كبيرة أمام المستثمرين الأجانب ليساهموا في مجالات شق الطرق، والأعمال الهندسية، والاستطلاع الجيولوجي، والبحث والتنقيب لتحديد أماكن تواجد البترول الخام والغاز الطبيعي، بضمانات تقدمها الدولة وتضمن حقوق المستثمرين الأجانب. ووظفت الشركة الروسية "لوكويل" مبلغ (2.5) مليار دولار أمريكي لاستثمار النفط ومصادر الطاقة الطبيعية في أوزبكستان عام 2004.
وأعلن عن التوقيع على اتفاقية للتعاون بين الجانب الأوزبكستاني وشركاء من الصين، يتم بموجبها تطبيق أسلوب الحفر الأفقي الذي يوفر لأوزبكستان إمكانية مضاعفة إنتاجها من البترول الخام لثلاث مرات. وخلال عام 2005 تم التوقيع على اتفاقيات مع شركات ماليزية. ومن دعائم الاكتفاء الذاتي من المشتقات البترولية كان تنفيذ القرار الحكومي القاضي بتطوير وإعادة النظر في الطرق الإنتاجية والمنتجات التي كانت تنتجها مصفاة تكرير البترول في فرغانة. وقد تم بالفعل تجديد المصفاة بعد أن أعلن عن مناقصة دولية فازت بنتيجتها الشركة اليابانية "ميتسوي"، وقام بتمويل المشروع البنك الياباني "إكسيم بانك"، وبنك الإعمار والتنمية الأوروبي، بينما قام بتنفيذ الأعمال الإنشائية كلاً من الشركة اليابانية "تويو إنجينيرينغ"، والشركة التركية "تيكنيب". ومنذ عام 1996م بدأت أعمال تشييد وبناء واسعة، تمكن الأتراك بنتيجتها من تنفيذ تعهداتهم في الموعد المحدد من عام 2000م. وتمكنت المصفاة عند بدأ العمل من تخفيض نسبة النفط الخام المتبقي في وقود الديزل المنتج في المصفاة إلى نسبة 0,3% فقط. والأهم من كل ذلك أن البترول الخام الذي كان يجلب لهذه المصفاة من روسيا وغرب سيبيريا، أصبح يجلب للمصفاة من آبار البترول في منغ بولاق، وكوكدومالاك، وشورتان. ومع دخول مصافي البترول العاملة في الجمهورية حيز الإنتاج الفعلي تمكنت الجمهورية ومنذ استقلالها من تأمين احتياجات استهلاكها من المشتقات البترولية ذاتياً، من خلال مشاريع التنمية الوطنية الخاصة بها بعد أن تخلصت من التخطيط المركزي الذي كان يفرض عليها قبل الاستقلال من موسكو وحددت إنتاج أوزبكستان بالبنزين والكيروسين والمازوت. ومصفاة فرغانة فقط تنتج اليوم أكثر من خمسين مادة من المشتقات البترولية، تصدر قسماً منها في الوقت الحاضر إلى أكثر من عشر دول أجنبية من بينها روسيا، وأوكرانيا، وطاجكستان، وقرغيزستان، وتركيا، وسلوفاكيا، وإيران، وملدافيا.
والاهتمام الأكبر منصب اليوم في أوزبكستان على إنتاج الزيوت والدهون المعدنية لسد احتياجات صناعة السيارات القائمة في أوزبكستان. بالإضافة للخطط القاضية في المستقبل بإنتاج ستة أصناف جديدة من الزيوت المعدنية من بينها "فرليتا"، و"فيرغانون SAE-30"، ومن أجل هذا الهدف تم التوصل إلى اتفاقية لإنشاء شركة مشتركة بين الاتحاد العلمي الروسي "كواليتيت" والمؤسسة الأوزبكستانية "أوزفارموي"، تنص على تزويد الشركة المشتركة بالمعدات التكنولوجية الحديثة وبعض مكونات الإنتاج الأولية خلال المرحلة الأولى من الإنتاج المشترك الذي ينتظر أن تبلغ طاقته 9,5 ألف طن من الزيوت المعدنية عالية الجودة، تبلغ قيمتها 8 مليون و 750 ألف دولاراً أمريكياً، بربح قدره 2 مليون و250 ألف دولاراً أمريكياً.
وفي سبتمبر/أيلول من عام 1993 وقعت حكومة أوزبكستان عقداً بقيمة 500 مليون دولار أمريكي مع الشركة الكورية الجنوبية (دايو) لبناء مصنع لإنتاج السيارات بطاقة إنتاجية إجمالية 180 ألف سيارة في العام، أقيم بولاية أنديجان المكتظة بالسكان. ودخل هذا المصنع حيز الإنتاج الفعلي عام 1996. ليؤهل أوزبكستان لتصبح في عداد الدول المصدرة للسيارات الخفيفة في العالم.
ومن حيث الثروة الزراعية تنتج جمهورية أوزبكستان سنوياً حوالي 1,3 مليون طن من القطن ، و5 مليون طن من الخضار والفواكه، وأكثر من 30 ألف طن من الحرير الطبيعي الخام.
إضافة لشبكة مواصلات عصرية تمتد مابين أبعد نقطة شرق الجمهورية وأبعد نقطة إلى غربها والبالغ البعد بينهما 1425 كم، وما بين أبعد نقطة شمالاً وأبعد نقطة جنوباً والبالغ البعد بينهما 930 كم، ممثلة بشبكة حديثة من السكك الحديدية يبلغ مجموع طولها 6700 كم، إضافة إلى 80 ألف كم من الطرق البرية المعبدة، و261 ميناءً جوياً، ثلاثون منها مزودة بمدارج للإقلاع والهبوط يتراوح طولها مابين 1524 إلى 3047 متراً، مما يجعلها قادرة على تلبية حاجات الانفتاح على العالم الخارجي وهبوط وإقلاع كل أنواع الطائرات.
وتم وضع ضوابط ضريبية تنظم حقوق ومسؤوليات وحوافز الاستثمارات الأجنبية التي أخذت تتدفق على أوزبكستان. وأحدثت لجنة الدولة للضرائب لتضطلع بمسؤولية وضع سياسة ضريبية وجمركية موحدة. وانطلاقاً من متطلبات اقتصاد السوق، ومن خبرة العديد من دول العالم بدأت اللجنة تطبق جملة من الإجراءات الضريبية منها:
ضريبة الدخل على المشروعات، ووضعت لتنفذ بشكل مرن لتشجيع المشروعات الإنتاجية، سواء أكانت برؤوس مال وطنية أو مشتركة مع مستثمرين أجانب. وبلغ معدل هذه الضريبة 18,5 % يمكن تخفيضها إلى 3 % أو رفعها إلى 60 % حسب القطاع الاقتصادي للمشروع. وتصل هذه الضريبة إلى 10 % في المشروعات المشتركة التي يصل فيها نسبة الاستثمار الأجنبي إلى 30 % ، مع إمكانية الإعفاء من هذه الضريبة في حال ارتباطها بمشروعات تحسين البنية الأساسية لفترة تصل إلى خمس سنوات كما هي الحال في المشاريع الزراعية، والسلع الاستهلاكية، والمنشآت الطبية، والميكنة الزراعية … الخ؛ وضريبة القيمة المضافة، ويبلغ معدلها 18 % يدفعها الممولون عن المشروعات والمؤسسات الاعتبارية والشركات التابعة لها، وتحتفظ بحسابات مصرفية ودفاتر حسابات خاصة بها؛ وضريبة الإنتاج، وتفرض بالدرجة الأولى على السلع الكمالية، وتتفاوت نسبتها وفق المادة المنتجة، وتشمل: المشروبات الكحولية، والغازولين والسجائر والسجاد والكريستال. وتعفى من الضريبة المنتجات المصدرة منها.
وقد أوضحت بعض التقديرات أن حجم الاستثمار الأجنبي في أوزبكستان وصل إلى 5 بليون دولار أمريكي، وظف في 3061 مشروعاً استثماريا، بينها 30 مشروعاً ضخماً. ومن أجل الاستمرار في جذب الاستثمارات الأجنبية وتبسيط إجراءات دخول واستثمار رؤوس الأموال الأجنبية تم تأسيس الهيئة القومية للاستثمار لتقديم الدعم والمشورة للمستثمرين الأجانب. كما وتلعب وزارة العلاقات الاقتصادية الخارجية منذ إعادة هيكلتها في عام 1997 دوراً كبيراً في دعم وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، ومنذ عام 1995 أصبح تسجيل تراخيص المشاريع الاستثمارية المشتركة من واجب وزارتي المالية والعدل. ولم تغفل الإجراءات المشجعة للاستثمار الأجنبي المؤسسات المساعدة فتم تشكيل الشركة الوطنية للتأمين ضد المخاطر السياسية والتجارية إضافة للعديد من المكاتب الاستشارية المتخصصة.
ومن الحوافز التي شجعت رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في أوزبكستان: منح المؤسسات التي تزيد نسبة صادراتها على 30 % من إنتاجها الإجمالي إعفاءات ضريبية تصل إلى 50 %؛ إعفاء المؤسسات والمشاريع الداخلة ضمن برنامج الدولة الاستثماري من الضرائب لمدة خمسة أعوام؛ ضمان تصدير الإنتاج إلى الخارج دون عوائق؛ إعفاء مستوردات الشركات المشتركة اللازمة للعمل من الضرائب؛ إعطاء الأجانب سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين، فرصة الاشتراك في الخصخصة والملكية العقارية؛ ضمان حقوق المستثمرين الأجانب ضد المصادرة أو الاضطرابات السياسية، والحق في تحويل الأرباح إلى الخارج، وتحويل العملة المحلية إلى عملات أجنبية وفق الأنظمة المالية المتبعة دون قيود أو عقبات.
وفي مجال الخصخصة وإلغاء ملكية الدولة، اعتبرت الحكومية الأوزبكستانية أن "حل مشكلة الملكية يعتبر حجر الزاوية في مجمل الإجراءات الهادفة إلى إقامة اقتصاد السوق". وابتعدت عن علاج الصدمة وأخذت بالخصخصة على مراحل بدأت على نطاق محدود في عام 1993، أطلق عليها الرئيس كريموف تسمية "الخصخصة الصغرى" وانتهت عام 1994، وتبعتها "الخصخصة الكبرى" المتواصلة حتى اليوم. وكان الهدف من ذلك تثبيت مفهوم الخصخصة في الوعي الاقتصادي لدى الفرد الأوزبكستاني، كمفتاح لبناء اقتصاد السوق الحر. وتميزت مرحلة الخصخصة الصغرى ببعض السمات، نذكر منها:
إقامة المؤسسات الدستورية المعنية بإدارة عملية الاقتصاد، وانتقال الملكية من الدولة إلى أشكال جديدة غير تلك التي كانت سائدة خلال الحكم السوفييتي. حيث أصدرت الدولة جملة من القوانين التي تضمن حقوق المشاركين في عملية التنمية، وضمان الانتقال من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق. كما أكد الرئيس كريموف على أن: "الضمانة مهمة جداً للتطور الاقتصادي، ولحماية الاستثمارات الموظفة. وهي استقرار قاعدتنا التشريعية"؛ واعتماد مبدأ الانتقال التدريجي، من ملكية الدولة إلى ملكية القطاع الخاص. لأن الخصخصة وانتقال الملكية في البلدان الاشتراكية السابقة تحتاج إلى طريق خاصة للوصول إلى الهدف المنشود، يراعى فيه الميراث المتميز بعد خضوعها الطويل للجمود واحتكار الدولة لكل أوجه الاقتصاد. لهذا كانت المرحلة الأولى، مرحلة تمهيدية لإزالة احتكار الدولة لملكية وسائل الإنتاج؛ وتمت الخصخصة عن طريق نقل الملكية من الدولة إلى الملكية الخاصة عن طريق طرح أسهم الاكتتاب العام؛ كما ركزت مرحلة الخصخصة الصغرى على نقل ملكية المساكن والمؤسسات التجارية والصناعات المحلية وخدمات الإنتاج الزراعي.
وهكذا تم خلال مرحلة الخصخصة الصغرى نقل ملكية نحو مليون وحدة سكنية أي 95 % تقريباً من مساكن الدولة إلى المواطنين وأخذ البعد الاجتماعي في الاعتبار خلال عملية الخصخصة، فقد تم منح ثلث المساكن للمواطنين إما مجاناً أو وفق شروط ميسرة. وشهدت تلك المرحلة أيضاً نقل ملكية المؤسسات التجارية والخدمية والترفيهية والصناعات المحلية من القطاع العام إلى القطاعين الخاص والمشترك، ومنها ما أخذ شكل تعاونيات. وهكذا أصبحت ملكية 82 % منها حصة القطاع الخاص. وبدأت مرحلة الخصخصة الكبرى في منتصف عام 1994، وأعطت الدولة فيها مجالاً واسعاً للقطاع الخاص لتولي مسؤولياته في عملية تطوير الاقتصاد الوطني وصدر من أجل ذلك مرسوم تشريعي حول تعميق الإصلاح الاقتصادي بتاريخ 21 يناير 1994، وتبعه مرسوم آخر حول الخطوط العامة لتطوير اللامركزية والخصخصة في 16 مارس من نفس العام، تضمنا:
تحويل الشركات ذات المسؤولية المحدودة، والمساهمة المغلقة إلى شركات مساهمة، يملك العاملون فيها القسم الأكبر من الأسهم، بهدف السماح لقاعدة أوسع من المستثمرين بما فيهم الأجانب للمشاركة في ملكية القاعدة الاقتصادية؛ وتوسيع نطاق عمليات الخصخصة لتضم قطاعات اقتصادية هامة مثل الصناعات الكيماوية وبناء الآلات؛ وإنشاء بورصة وطنية للعقارات، لبيع ما تعرضه الدولة من ملكيتها على القطاع الخاص؛ وإنشاء بورصة وطنية لطرح أسهم المشروعات المملوكة للدولة، للاكتتاب العام؛ ورفع القيود عن مؤسسات الأراضي والخدمات المملوكة للدولة، والسماح ببيع تلك الأراضي للملاك من المواطنين والأجانب على السواء.
وبذلك انتقلت الحكومة الأوزبكية خلال مرحلة الخصخصة الكبرى من مجرد طرح المشروعات الصغيرة على القطاع الخاص، إلى وضع تصور جديد ومتكامل للخصخصة. يقوم على أساس تنمية وتطوير عملية إقامة الشركات المختلطة، واجتذاب المواطنين والمستثمرين الأجانب للمساهمة فيها. وتم بالفعل خصخصة المؤسسات الكبيرة ومتوسطة الحجم في قطاعات الهندسة المدنية والصناعة والنقل والمواد الغذائية ومحالج القطن. ولكن كان المستفيد الأول من عملية الخصخصة المقربون من السلطة ومن قيادات الحزب الشيوعي المنحل وتم خصخصة أكثر من 54 ألف مشروع ومؤسسة، نقلت ملكية 18400 منها إلى الأفراد، 26100 إلى الشركات المساهمة، و 8700 إلى المؤسسات التعاونية. وبذلك أصبحت ملكية ثلث المؤسسات الحكومية في الاقتصاد القومي الأوزبكستاني ملكاً للقطاع الخاص. وتابعت الحكومة الأوزبكستانية جهودها في دفع عمليات الخصخصة، بدخولها في مجالات هامة وتم الإعلان عن توسيع عمليات الخصخصة لتشمل المشروعات الكبيرة والمتوسطة في القطاعات الإستراتيجية بما في ذلك 1300 مشروعاً، في قطاعات المعادن الحديدية وغير الحديدية والثمينة والنادرة و 412 مؤسسة زراعية وأصبح من المألوف مطالعة الإعلان عن مزايدات الخصخصة المفتوحة للمواطنين والمستثمرين الأجانب في الصحف المحلية.
وتعاونت الحكومة الأوزبكستانية مع عدد من المنظمات الدولية، كمنظمة الاستثمار والتنمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة (اليونيدو) التي قامت بتأسيس ثلاث مراكز لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى أوزبكستان. والمفوضية الأوروبية التي أقامت مركزاً للعلاقات التجارية لتنشيط الاستثمارات الأوروبية ودعم التجارة في أوزبكستان. وأتاحت الفرصة للصندوق البريطاني للاستثمارات، ومنظمة التجارة الأمريكية، لتقديم الاستشارات والمساعدة على تدريب الكوادر المتخصصة، للتجاوب مع متطلبات توسع حصة الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الوطني الأوزبكي. وبقي أن نذكر ملاحظة هامة أن ميزانية الدولة يتم الاحتفاظ بها ضمن الأجهزة الحكومية المختصة ولا يتم إعلانها عن طريق وسائل الإعلام وكل ما يتم إعلانه عبر وسائل الإعلام هو تخفيض العملة المحلية الصوم أسبوعياً أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى، ونشر أخبار مناقشة بنود الميزانية في البرلمان الأوزبكي دون تفاصيل.
7 – المواصلات من مطارات وسكك حديدية وطرق برية والاتصالات السلكية واللاسلكية: تملك أوزبكستان شبكة مواصلات عصرية تمتد مابين أبعد نقطة شرق الجمهورية وأبعد نقطة إلى غربها والبالغ البعد بينهما 1425 كم، وما بين أبعد نقطة شمالاً وأبعد نقطة جنوباً والبالغ البعد بينهما 930 كم، ممثلة بشبكة حديثة من السكك الحديدية يبلغ مجموع طولها 6700 كم، إضافة إلى 80 ألف كم من الطرق البرية المعبدة، و261 ميناءً جوياً، ثلاثون منها مزودة بمدارج للإقلاع والهبوط يتراوح طولها مابين 1524 إلى 3047 متراً، مما يجعلها قادرة على تلبية حاجات الانفتاح على العالم الخارجي وهبوط وإقلاع كل أنواع الطائرات.
وتملك أوزبكستان شبكة حديثة للاتصالات السلكية واللاسلكية تربط بين مدنها ومدن العالم على الرمز الدولي 00998، وسمحت أوزبكستان للاستثمارات الأجنبية في العمل بهذا المجال وتعمل فيه اليوم شركات مشتركة مثل شركات: "Uzdunrobita"؛ و"Daewoo Unitel"؛ و"Coscom"؛ و"Uzmacom"؛ و"Perfectum mobile" وغيرها من الشركات المشتركة وقد بلغ عدد المشتركين بالهاتف الخلوي عام 2005 أكثر من مليون مشترك.
8 – التقدم العلمي والتقني: تعمل في جمهورية أوزبكستان أكثر من ستين مؤسسة للتعليم العالي في مختلف التخصصات العلمية، والعديد من مراكز ومؤسسات البحث العلمي التابعة لأكاديمية العلوم الأوزبكية التي تأسست عام 1943، وأكاديمية البحوث الطبية، وغيرها من المؤسسات العلمية في المجالات الزراعية والكيميائية والبترولية والصناعية والآلات والطيران والفضاء والطب والهندسة وغيرها. وتنتج مصانعها الجرارات والمعدات الزراعية، والسيارات بمختلف أنواعها، وطائرات النقل والركاب، والصناعات البتروكيماوية، ومواد البناء، والأدوية، والأسمدة الكيماوية، والثلاجات، والكابلات والآلات والمعدات الكهربائية. وكوادرها العلمية والتقنية قادرة على بناء الطرق والسكك الحديدية والمطارات والأنفاق والسدود السطحية والمباني الحديثة.
9 – اللغة والسكان: اللغة الرسمية في الدولة اللغة الأوزبكية، إلى جانب اللغة الروسية وهي واسعة الانتشار. وأوزبكستان عكس الكثير من دول العالم الأخرى، تتميز بتركز السكان في الأرياف حيث يصل نسبتهم هناك إلى 61,6 % من عدد السكان، بينما يعيش في المناطق الحضرية 38,4 % فقط. ومن ناحية التركيبة الديموغرافية للسكان في جمهورية أوزبكستان التي تضم حوالي 130 قومية، تصل نسبة الأوزبك بينهم إلى أكثر من 75 %، معظمهم عدا (القره قلباق، ويهود بخارى) جاؤا إلى أوزبكستان نتيجة لسياسة تهجير السكان وتغيير البنية الديموغرافية للمناطق المحتلة، التي اتبعتها السلطات الإمبراطورية الروسية، ومن ثم السلطات السوفييتية طيلة فترة الاحتلال. وبلغ عدد سكان أوزبكستان عام 1989 14,142,500 نسمة منهم 71,4 % أوزبك، و8,3% روس، و4,7% طاجيك، و4,1 قازاق، و3,3% تتر، و2,1% قره قلباق، و0,9% لكل من القرغيز والكوريين، و0,8% أوكرانيين، و0,6% تركمان، و0,5% لكل من الأتراك واليهود، و0,3% أرمن، و0,2% لكل من الأذربيجان والويغور، و0,1% لكل من البيلاروس، والفرس، والألمان، و1,0% لقوميات أخرى. [8] وقد تبدل الوضع بعد استقلال جمهورية أوزبكستان وبدأت تظهر أرقام واضحة عن توزع السكان حسب القومية التي يحددها المواطن لنفسه عند بلوغه سن الرشد، في مختلف ولايات الجمهورية، وعاد ذكر المواطنين الأوزبك من أصول عربية إلى الظهور في الإحصائيات الرسمية المنشورة، في ولاية قشقاداريا وفق نتائج تعداد السكان لعام 1995.[9]
ورغم تتمتع جمهورية أوزبكستان بثروات طبيعية هائلة، فإن مستوى معيشة الأكثرية العظمى من السكان متدني جداً وفي بعض المناطق الريفية دون خط الفقر ولا تأثير يذكر لهم على الرأي العام المحلي الذي تهيمن عليه المصالح الشخصية فقط.
10 – التعليم: تتمتع أوزبكستان بقاعدة سكانية متميزة بارتفاع مستوى التعليم المتوسط، الذي يبلغ مستواه 99,15 % وفق معطيات عام 1998. مما يضع أوزبكستان في مقدمة الدول الأكثر نجاحاً في القضاء على الأمية بين مواطنيها في العالم. ونظام التعليم يتم باللغتين الأوزبكية والروسية ويشمل التعليم قبل الجامعي رياض الأطفال من سن الثالثة وحتى سن الدخول إلى المدرسة. والتعليم المدرسي العام مجاني ويشمل الأطفال من بلوغهم سن السابعة ويتألف من إحدى عشرة سنة دراسية دون توقف من المرحلة الابتدائية التي تشمل أربع سنوات دراسية، والمتوسطة وتشمل أربع سنوات دراسية، والصفوف العليا وتشمل ثلاث سنوات دراسية. وهناك مدارس متخصصة من الصف الأول الابتدائي وخاصة في مجال اللغات والرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها من التخصصات، ومدارس متخصصة من الصف الخامس ومدارس متخصصة مهنية من الصف التاسع. ومعاهد متوسطة مهنية من الصف التاسع والصف العاشر والحادي عشر حسب التخصص.
ونظام التعليم العالي يتم القبول فيه بمسابقة قبول تجريها الدولة ويضم أكثر من ستين مؤسسة للتعليم العالي موزعة في كل أنحاء الجمهورية وتتألف من جامعات ومعاهد للتعليم العالي وتشمل كلياتها التخصصات الأدبية والعلمية والتقنية وتشمل اللغات والاقتصاد والجغرافيا والصحافة والسياسة والعلاقات الدولية وعلم النفس والتربية والحقوق والرياضيات والكيمياء والزراعة والطيران وصناعة الحاسب الآلي وبرمجته والمياه والري والهندسة الميكانيكية والمعمارية والطب البشري والحيواني والصيدلة والبنوك والشؤون المالية والفنون والموسيقى والفلك وغيرها من التخصصات. والتعليم الجامعي يشمل مرحلتين البكالوريوس وتمتد لأربع سنوات، والماجستير وتمتد لسنتين بعدها يتابع الراغبون من الخريجين البحث العلمي. وتتبع الجامعات والمعاهد وزارة التعليم العالي والمتوسط التخصصي، وبعض الوزارات حسب اختصاصها مثال الثقافة، والمالية، والخارجية، والزراعة، والصحة، والدفاع إلخ.
والبحث العلمي في الجامعات والمعاهد ومراكز البحث العلمي المتخصصة، يتألف من مرحلتين الأولى مرحلة دكتوراه الفلسفة في العلوم (ph.D)، ومدتها ثلاث سنوات بتفرغ للبحث العلمي وأربع سنوات دون تفرغ. والثانية مرحلة دكتوراه العلوم (DC)، ومدتها ثلاث سنوات بتفرغ للبحث العلمي ودون حدود دون تفرغ ولا يشترط على العاملين في مراكز البحث العلمي الحصول على درجة الدكتوراه ويتم تعيينهم بعد التخرج من التعليم الجامعي برتبة باحث علمي مبتدئ، ومن ثم باحث علمي متقدم، ومن ثم باحث علمي ماهر.
وأكثر معاهد البحث العلمي تابعة لأكاديمية العلوم الأوزبكية التي تأسست عام 1943. أما أول جامعة في أوزبكستان فكانت جامعة تركستان وتأسست عام 1918 وتبدل اسمها عدة مرات وآخرها كان بعد الاستقلال وأصبحت تحمل اسم جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.
11- الأعياد الدينية والرسمية: ويحتفل في الدولة بأعياد الفطر والأضحى المبارك ويعطى فيهما يوم عطلة واحد منذ الاستقلال، كما ويحتفل بأعياد رأس السنة الميلادية ويوم الاستقلال ويوم الدستور ويوم المعلم ويوم المرأة وعيد النيروز ويوم الشهداء ويعطى فيهم يوم عطلة واحد.
ولا يوجد دين رسمي للدولة لأنها علمانية إلا أن التجربة العلمانية الأوزبكستانية تختلف عن غيرها في دول العالم، وتتمثل في التعايش السلمي بين الدين والدولة، فالدولة تصون الدين وتمنحه حرية الدعوة وممارسة عقائده الدينية، ويوفر رجال الدين للدولة فرصة العمل على تصريف شؤون البلاد في ظل من الوئام الوطني والاستقرار، والجميع يعملون في ظل دستور البلاد وقوانينها الصادرة بالطرق الديمقراطية والملزمة للجميع شكلاً.
وعن مستوى التسامح الديني في جمهورية أوزبكستان يتحدث تقرير مكتب منظمة الأمم المتحدة في طشقند عن التطور الإنساني في أوزبكستان لعام 1999 الذي أورد أرقام عن عدد المنظمات الدينية المسجلة والعاملة في الجمهورية والبالغة 1671 منها 1555 إسلامية، و8 بهائية، و8 يهودية والبقية مراكز مسيحية منها 26 للكنيسة الروسية الأرثوذكسية، و44 للكنيسة البروتستانتية الكورية، بالإضافة إلى 10 مؤسسات تعليمية إسلامية تأسس 8 منها بعد الاستقلال، ويدرس فيها 994 طالباً ويعمل فيها 169 مدرساً منهم 78 يحملون مؤهلات التعليم العالي، ومؤسسة تعليمية مسيحية واحدة تأسست عام 1998، تابعة للكنيسة الروسية الأرثوذكسية يدرس فيها 13 طالباً، ويعمل فيها 13 مدرساً يحملون جميعاً مؤهلات التعليم العالي.
وعن الموقع الإسلامي الهام للجمهورية يتحدث التقرير نفسه فيذكر المقدسات الإسلامية الـ 160، والأكثر من 2000 مسجد الموزعة في أنحاء مختلفة من الجمهورية. ويذكر أيضاً أنه خلال ثمانية سنوات بعد الاستقلال أدى فريضة الحج أكثر من 30 ألف حاج مسلم، والعمرة أكثر من 50 ألف مسلم.[10]ولا تعيق السلطات توجه المسلمين الأوزبك للعمرة والحج ولا تعيق غيرهم من أبناء الديانات الأخرى من الحج للأماكن المقدسة لديهم وتقوم على خدمتهم لجنة الشؤون الدينية التابعة لمجلس الوزراء الأوزبكي.
والالتزام الديني عند الأكثرية المطلقة للسكان بمختلف دياناتهم نسبي بسبب التأثر بالفترة الشيوعية الملحدة التي كانت تفرض عادات مغايرة لأصول الدين، إضافة لأعمال العنف النابعة من التطرف الديني، الناتج عن الفراغ الإيديولوجي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. ونشاط بعض التيارات الإسلامية المتشددة التي تسللت إلى داخل أوزبكستان لسد ذلك الفراغ، وطرحها لبدائل دينية متشددة اصطدمت مع توجهات الدولة التي تعمل على بث روح التسامح الديني وثقافة التحديث. ولا تكمن خطورة تلك الحركات في الأفكار المتشددة التي طرحتها بل بجذبها لبعض قطاعات الشعب، وخاصة الشباب الذين يفتقرون للوعي الديني الأصيل. والخطورة الأكبر في أنها نشأت على أرضية الصعوبات الاقتصادية التي برزت بعد الاستقلال، وأخذت شعاراتها البراقة طريقها لأوساط اجتماعية معينة. ومن هذا المنطلق تعمل الحكومة الأوزبكستانية وفق منظورها على مواجهة كل تعبير مشوه عن الدين الإسلامي الحنيف قد تلجأ إليه القوى المتطرفة. وتعمل على مواجهة التخريب الذي أخذت تمارسه تلك القوى المتطرفة، لعرقلة عملية بناء الدولة المستقلة وزعزعة استقرارها وأمنها الداخلي وسلامة حدودها الخارجية، والنيل من أمن وسلامة المواطنين.
ولم تقتصر جهود الحكومة بمواجهة تيارات التطرف والعنف الديني، باستخدام القوة المشروعة ضد تلك التيارات المتطرفة، بل شملت أساليب أخرى كالاحتواء عن طريق طرح بدائل معتدلة. وقامت بتأسيس المركز الدولي للدراسات الإسلامية بطشقند في ربيع عام 1994. وأتبعته في خريف عام 1999 بافتتاح الجامعة الإسلامية الحكومية بطشقند. ومع ذلك لم تؤدي كل تلك الجهود بأكلها لأن العمليات الإرهابية المتسترة بالدين لم تزل مستمرة في أوزبكستان وكان أخرها أحداث أنديجان في مايو 2005 وراح ضحيتها مئات القتلى والجرحى وخسائر مادية كبيرة. بالإضافة للفساد مثل: الرشوة والابتزاز والتعدي على الأموال العامة والسرقة والزنا والبغاء والغش والنفاق، المستشري في جميع الأوساط بسبب الفاقة والجشع وما ورثته أوزبكستان من الحكم السوفييتي الذي كان يشجع على الفساد الإداري والمسلكي والأخلاقي في أوزبكستان.
12 – الإعلام حريته توجهه أهدافه: تستخدم وسائل الإعلام اللغتين الأوزبكية والروسية بشكل رئيسي وبشكل ضيق اللغات الأخرى مثل القره قلباقية والطاجيكية والتركمانية والتترية والقازاقية والقرغيزية والإنكليزية والألمانية والفارسية والعربية، ووفقاً للقوانين النافذة تتمتع بحرية كبيرة ولكن المثير للانتباه أن الرئيس الأوزبكي نفسه تحدث أكثر من مرة عن تخلف وتقصير وسائل الإعلام عن أداء واجبها الإعلامي. وتملك أوزبكستان أكثر من (928) وسيلة إعلامية منها: (597) صحيفة، و(145) مجلة، و(43) محطة تلفزيونية، و(12) محطة إذاعية، و(34) دائرة تلفزيونية مغلقة، و(93) وسيلة إعلام إلكترونية غير حكومية، و(4) وكالات أنباء، يوضح تطورها خلال عشر سنوات الجدول التالي.[11] وهي بعيدة عن المبادرة والاستقلالية في مادتها الإعلامية خاضعة تماماً لتوجهات الدولة وتقع الصحف الحزبية ضمن هذا الإطار العام والمشترك لكل وسائل الإعلام المحلية.
المراجع المستخدمة في البحث
1. أحميدوف إ.، سعيد أمينوفا ز.: جمهورية أوزبكستان. (باللغة الروسية)
2. مراد جان أمينوف: جمهورية أوزبكستان، موسوعة (طشقند: قاموسلار باش محررياتي، 1997). (باللغة الأوزبكية)
3. إسلام كريموف: أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية. طشقند- أوزبكستان 1995.
4. تقرير UNDP عن التطور الإنساني في أوزبكستان 1999. المستشار العلمي، غالينا سعيدوفا. (طشقند: دار أوزبكستان، 2000). (باللغات الأوزبكية والإنكليزية والروسية)
5. دستور جمهورية أوزبكستان. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1998. (باللغة الروسية)
6. صحيفة ترود 27/2/1996. (باللغة الروسية)
7. شيرزاد قدرت حجاييف (مدير المركز الصحفي للجنة المركزية للانتخابات). صحيفة "نارودنويه صلوفا"، 13 أكتوبر 2004.
8. عالم نوربيكوف: صناعات البترول والغاز تتطور. طشقند: برافدا فاستوكا، 17/1/2002.
9. قوانين جمهورية أوزبكستان. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1999. (باللغة الروسية)
10. أ.د. محمد البخاري: مشاكل التبادل الإعلامي الدولي في ظروف التبادل الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. طشقند: بصمة، 2004.
11. أ.د. محمد البخاري، مولان تورسونوف: العرب والأوزبك علاقات من الأخوة والصداقة تمتد بجذورها عبر التاريخ. القاهرة: النشرة الإستراتيجية، العدد الأول، تموز/يوليو 2004.
12. أ.د. محمد البخاري: المشاركة الكويتية الأوزبكستانية تخلق نوعاً من الثقة والتعاون والاعتماد المتبادل. في كتاب مواد ندوة ومسابقة آفاق تطور العلاقات الثنائية الكويتية الأوزبكستانية في القرن الحادي والعشرين. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2004.
13. أ.د. محمد البخاري: أوزبكستان تنفتح على الاستثمارات الكويتية. الكويت: القبس، 26 ديسمبر 2003.
14. أ.د. محمد البخاري: آفاق التعاون الأوزبكي العربي. في كتاب "ستراتيغيك هامكارليك"، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2003. (باللغة الروسية)
15. أ.د. محمد البخاري: التجربة الديمقراطية في أوزبكستان في ضوء الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية. الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد السادس عشر، 1422 هـ، 2002م.
16. أ.د. محمد البخاري: آفاق التعاون العربي الأوزبكستاني. الرياض: مجلة "تجارة الرياض"، العدد 482/2002 نوفمبر/تشرين الثاني.
17. أ.د. محمد البخاري: واقع إستراتيجية السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان. أبو ظبي: الاتحاد، 7 يناير 2002.
18. أ.د. محمد البخاري: جمهورية أوزبكستان .. خطوات إيجابية نحو النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي. أبو ظبي: الاتحاد، 6/3/2001.
19. أ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الماجستير. طشقند: معهد طشقند العالي الحكومي للدراسات الشرقية، 2001؛
20. أ.د. محمد البخاري، د. سر فار جان غفور وف: من أجل تعاون سياسي واقتصادي وعلمي وثقافي أعمق بين أوزبكستان والدول العربية. القاهرة: مجلة الدبلوماسي الدولي الأسبوعية المتخصصة، العدد (21) السنة الثانية، مارس 2001.
21. أ.د. محمد البخاري، د. سرفار جان غفوروف: من أجل تعاون سياسي واقتصادي أعمق بين أوزبكستان والدول العربية. أبو ظبي: الاتحاد، 29/1/2001.
22. أ.د. محمد البخاري، د. سرفار جان غفوروف: المشرق العربي وأوزبكستان: شراكه على طريق التقدم والمصلحة المتبادلة. القاهرة: مجلة الدبلوماسي الدولي الأسبوعية المتخصصة، العدد (19) السنة الثانية، يناير 2001.
23. أ.د. محمد البخاري: أوزبكستان والشراكة والتعاون الاستراتيجي والأمن في أوروبا وآسيا الوسطى. القاهرة: مجلة السياسة الدولية، 1999 العدد 138.
24. مواد وكالة الأنباء الأوزبكية "UZA".
طشقند في 3/7/2009
هوامش:
[1] دستور جمهورية أوزبكستان. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1998. (باللغة الروسية)
[2] قوانين جمهورية أوزبكستان. دار "أوزبكستان" للنشر، طشقند 1999. (باللغة الروسية)
[3] أوزبكستان: تقرير منظمة undp التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، عن التطور الإنساني لعام 1999. المستشار العلمي: أ.د. غالينا سعيدوفا، ومجموعة مؤلفين. دار نشر أوزبكستان، طشقند 2000. ص65. (باللغات الأوزبكية والروسية والإنكليزية)
[4] د. محمد البخاري: أوزبكستان والشراكة والتعاون الاستراتيجي والأمن في أوروبا و آسيا الوسطى. القاهرة: مجلة السياسة الدولية، 1999 العدد 138. ص 193-195.
[5] إسلام كريموف: أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية. طشقند- أوزبكستان 1995 ص 107.
[6] تتحدث أرقام عام 1995 عن أن روسيا الاتحادية استخرجت 130 طناً من الذهب. انظر صحيفة ترود 27/2/1996.
[7] عالم نوربيكوف: صناعات البترول والغاز تتطور. طشقند: برافدا فاستوكا، 17/1/2002.
[8] أحميدوف إ.، سعيد أمينوفا ز.: جمهورية أوزبكستان. ص62. (باللغة الروسية)
[9] مراد جان أمينوف، جمهورية أوزبكستان، موسوعة (طشقند: قاموسلار باش محررياتي، 1997). ص 604-653. (باللغة الأوزبكية)
[10] :UNDP تقرير عن التطور الإنساني في أوزبكستان 1999. المستشار العلمي، غالينا سعيدوفا. (طشقند: دار أوزبكستان، 2000). (باللغات الأوزبكية والإنكليزية والروسية)
[11] شيرزاد قدرت حجاييف (مدير المركز الصحفي للجنة المركزية للانتخابات). صحيفة "نارودنويه صلوفا"، 13 أكتوبر 2004.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق