الاثنين، 14 مارس 2016

مقابلة صحفية مع السفير الأردني

عشرون عاماً من تطور العلاقات الأردنية الأوزبكستانية 3

وفي مقابلة صحفية نشرت بمناسبة احتفال شعب المملكة الأردنية الهاشمية عام 2009 أشارت مقدمتها إلى أنه ومنذ فترة قريبة احتفل الأردن بالعيد الوطني الـ 63 ليوم الاستقلال (25/5/1946) وأقامت السفارة الأردنية في طشقند بهذه المناسبة حفل استقبال شارك فيه مسؤولون من الحكومة الأوزبكية ودبلوماسيون عرب وأجانب معتمدين في طشقند وشخصيات سياسية وأكاديمية وثقافية واجتماعية، وأجاب القائم بالأعمال المؤقت بالنيابة في سفارة المملكة السيد محمد نور بلقار على أسئلة الصحفيين وتناول في رده آفاق تطور العلاقات الثنائية وانطباعاته عن أوزبكستان وعن عمله الدبلوماسي في أوزبكستان:
- صاحب الفخامة، ما رأيكم بالأوضاع التي وصلت إليها العلاقات الأوزبكية الأردنية وما هي آفاق تطورها ؟
- المملكة الأردنية الهاشمية كانت من أوائل الدول التي بادرت للاعتراف باستقلال أوزبكستان يوم 28/12/1991، وانطلاقاً من الاهتمام الذي توليه القيادة الأردنية لهذه المسألة أرسل الملك حسين بن طلال وفداً أردنياً رفيعاً برئاسة الأمير رعد بن زيد وضم الوفد عدد من الوزراء والشخصيات الرفيعة وغيرهم من الشخصيات المسؤولة. وأثناء زيارته لأوزبكستان التقى الوفد مع رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف وتم التوصل لاتفاقية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وبتاريخ 15/2/1993 تم التوقيع على بروتوكول بهذا الشأن بين أوزبكستان والأردن. وبتاريخ 21/7/1994 جرى افتتاح السفارة الأردنية رسمياً في طشقند إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من تطور العلاقات الأوزبكية الأردنية. وتم بين قادة البلدين التوصل لتفاهم متبادل للعمل المشترك وتبادل الدعم في المنظمات الدولية البارزة. وظهر ذلك من خلال دعم ترشيح أوزبكستان في منظمة الأمم المتحدة، وعلى مستوى التعاون القنصلي.
وإلى جانب هذا لابد من الإشارة إلى أن مستوى العلاقات التجارية والاقتصادية التي تلعب دوراً هاماً في تطوير التعاون المثمر بين الجانبين غير مستثمرة بشكل كامل حتى الآن، وتتجه مساعينا لزيادة العمل المثمر المتبادل في هذا المجال على أمل الوصول إلى المستويات المطلوبة لأنه هناك مقدرات كافية للتطور تساعد على تسريعها وتفعيلها. والجانبان يعملان على إعداد اتفاقيات ثنائية يعار من خلالها اهتمام كبير لمستقبل تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية. وأعتقد أنه بعد التوقيع عليها خلال جلسة اللجنة الحكومية الأوزبكستانية الأردنية المشتركة التي ستنعقد في الربع الأخير من هذا العام سيتطور التعاون بين البلدين بشكل أسرع.
وأتمنى أن تقوم أوساط رجال الأعمال من البلدين بتقديم إسهامات لتفعيل العلاقات التجارية والاقتصادية. والأردن مهتم وبصدق بالتعاون مع رجال الأعمال الأوزبكستانيين في مختلف المجالات. وأقترب إعداد اتفاقية لإعلان الأخوة والشراكة بين مدينتي طشقند وعمان من الإنتهاء.
- يبدو أن الجهود المبذولة لإعلان تآخي المدينتين ليست صدفة لأنه وكما يشهد تاريخ البلدين أن للشعبين تقاليد تاريخية قديمة من العمل المشترك والتجارة والصلات الثقافية وكلها تعود لأيام طريق الحرير العظيمة. هل تم الحفاظ حتى أيامنا على وثائق تشهد على ذلك أو أية آثار لها في الأردن ؟
- ولدت وترعرعت بمدينة عمان. ومنذ طفولتي، كنت أسمع عن سوق البخارية مقابل مسجد الحسين في مركز المدينة، ولم أكن أعرف آنذاك أسباب تسميته بهذا الإسم وبعد ذلك فهمت أن السوق أنشأه سكان جاؤا من بخارى قديماً. وفي البداية كان السوق مبني من الطين وأعيد بناؤه من الحجر مع المحافظة على شكله الأساسي، وبقيت البضائع وطرق البيع فيه على حالها حتى اليوم، وتنتقل التقاليد التجارية للتجار البخارية من الآباء إلى الأبناء ويحظون باحترام كبير، ونحن بفخر نشير إلى أنهم مواطنين في بلدنا.
وتعرفت على عدد من التجار الذين لم ينسوا لغتهم الأم، ويحافظون بعناية على تقاليدهم القومية ويشاركون في جميع المناسبات والأعياد في بلادنا كجميع المواطنين فيها. ومن دون أدنى شك أن هذا السوق التاريخي كغيره من المواقع السياحية في عمان تجذب السياح وجميع المواطنين على الدوام. وهكذا احتفظ التاريخ بآثار تعاوننا الذي وضع أسسه أجدادنا ويمتد في عمق التاريخ ويستمر حتى الآن. وأنتهز الفرصة لأحيي العاملين في هذا السوق وسكانه وهو ما يثبت أن لشعبينا جذوراً تاريخية مشتركة وأساساً جيداً لمستقبل تحسين العلاقات والتعاون.
- صاحب الفخامة، أي الخبرات الأردنية في مجال السياحة يمكن استخدامها عندنا في أوزبكستان ؟
- سؤال جيد ومهم، لأن هذا المجال هو مجال أساسي، إن كان في الاقتصاد، أم في التجارة. وفي تبادل الزيارات السياحية، وزيارات العمل وغيرها من الزيارات بين مواطني البلدين تسهم في تحسين الإتصالات والمواصلات وتبادل المعلومات عن تقاليد وثقافات مختلف الشعوب. وهذا من دون شك يسهم في تعزيز عرى الصداقة على مستوى الدبلوماسية الشعبية ويسهم في تفعيل العلاقات الثنائية. ولبلدينا مقدرات كبيرة وثروات غنية وتراث تاريخي.
وهنا أريد أن أشير إلى أننا نسعى لاستخدام كل الإمكانات المتوفرة والمقدرات الثنائية بفعالية أكثر لمصلحة التعاون المثمر والمشترك. وعلى سبيل المثال: سمرقند وبخارى وخيوة وطشقند، وغيرها من المدن الأوزبكية العريقة هي بمثابة متاحف مفتوحة تحت قبة السماء، وفيها الكثير من الآثار، وتجرى فيها وبشكل دائم أعمال الصيانة والترميم والتحسين. وترميم ضريح قثم بن العباس في مجموعة شاه زيندا بسمرقند وغيرها من الأماكن المقدسة يمكن أن يسهم في تفعيل العلاقات الدولية والتبادل في مجال السياحة الدينية والمعنوية.
وفي الأردن تتطور ثلاثة أشكال من السياحة: التاريخية والدينية والعلاجية، وكلها تحتاج للتحسين وللمشاريع. وعلى سبيل المثال: في العاصمة الأردنية هناك العديد من المواقع السياحية منها المسرح الروماني والقلعة وغيرها من الآثار.
وإلى الشمال من عمان ينظم المهرجان الدولي السنوي للثقافة والموسيقى بمدينة جرش بمشاركة العديد من الفرق الإبداعية الأجنبية والوطنية.
وإلى الجنوب من عمان بمدينة مادبا هناك أثر ديني يعتبر من أقدم الكنائس المسيحية في العالم، وبالقرب منه الجبل الذي توجه منه موسى في رحلته إلى القدس.
وعلى ما أعتقد أنكم سمعتم عن المدينة التاريخية المشهورة البتراء التي فازت بمسابقة عام 2008 واعتبرت الأعجوبة الثانية بين العجائب السبع للعالم القديم.
وفي بلادنا العديد من الأماكن المرتبطة بشخصيات تاريخية وتحولت إلى أماكن مقدسة لأبناء مختلف الديانات، ومنها ضريح أصحاب الرسول محمد (ص).
وعلى الجهة الشرقية لنهر الأردن هناك المكان المقدس الذي تعمد فيه المسيح عيسى، وزار هذا الموقع منذ مدة بابا روما بينيديكت أثناء زيارته الأخيرة للأردن.
والشكل الثالث للسياحة هو السياحة العلاجية لأن المستشفيات الأردنية تشغل مكانة بارزة في العالم لما تملك من معدات حديثة وكوادر طبية عالية المستوى ووسائل اتصالات مع أشهر المراكز الطبية في العالم، ويمكن الحصول على مساعدتها عند الضرورة، وأثناء إجراء العمليات الجراحية على القلب والعيون وغيرها. بالإضافة لوجود مركز طبي لمعالجة أمراض السرطان.
وأثناء جلسة اللجنة الحكومية الأوزبكستانية الأردنية المشتركة ننوي الإنتهاء من إجراءات التوقيع على اتفاقية في مجال السياحة لتشجيع العلاقات المتبادلة وتبادل الخبرات والمشاورات في هذا المجال.
- برأيكم ما هي الخبرات الثنائية التي يمكن أن تكون مفيدة لبلدينا ؟
- التشابه بين بلدينا كبير وتتوفر لكل منهما خبرات يمكن أن يستفيد منها الجانب الآخر، ومن بينها مجالات إعداد طرق وأساليب تشجيع وتفعيل العلاقات المشتركة.
وأوزبكستان تملك خبرات تمتد لقرون عديدة في زراعة المحاصيل الزراعية، ومن بينها الثمار والخضار والحبوب والقطن إلى جانب استخدام المصادر المائية. وفي أوزبكستان تطورت الكثير من المنشآت الصناعية خلال سنوات الاستقلال ومن بينها صناعة السيارات، وهو ما يوفر فرص العثور على الكثير من إمكانيات التعاون بين رجال الأعمال في البلدين.
والأردن بدوره كبلد منفتح اقتصادياً يملك خبرات كبيرة في الكثير من المجالات، وخاصة مجالات التطور عن طريق إستخدام إمكانيات المناطق الاقتصادية الحرة لتفعيل التعاون في جميع المجالات. وفي بلادنا أنشأت العديد من المدن الصناعية في العقبة وفي المفرق وغيرها من المناطق الاقتصادية الحرة، وبشكل دائم تجرى مؤتمرات اقتصادية، وكان أهمها لقاء دافوس، وكمثال على ذلك اللقاء الخامس الذي أنهى أعماله منذ مدة قريبة في الأردن.
وبلادنا قدمت نفسها بنجاح على الساحة الدولية من خلال ما أعدت فيها من تكنولوجيا متقدمة وتصاميم، وشغلت المشاريع التي أعدها ونفذها المتخصصون في مركز الملك عبد الله مكانة خاصة، وإلى جانب ذلك نشغل موقع الصدارة في العالم في تصميم وتصنيع الأدوية. وفي أوزبكستان تم تسجيل نحو 20 نوعاً من الأدوية المصنوعة في الأردن التي نصدرها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الأجنبية. وهكذا نرى أنه هناك أرضية واسعة واتجاهات عديدة للتعاون المثمر والمشترك.
- منذ مدة أقيمت في أوزبكستان منطقة اقتصادية حرة بضواحي مدينة نوائي. هل هناك اهتمامات لجذب رجال أعمال أردنيين للمشاركة فيها وتحقيق مشاريع مشتركة ؟
- أنا على ثقة من أن رجال الأعمال الأردنيين بعد حصولهم على معلومات وافية عن إمكانيات النشاطات الإقتصادية في المنطقة الاقتصادية الحرة سيسهمون في مشاريعها. وأنا أقترح زيارة الأردن لتبادل الآراء والخبرات لأن بلادنا تملك خبرات كبيرة في هذا المجال. ومثال على ذلك المنطقة الاقتصادية الحرة في العقبة التي أصبحت مشهورة لاستخدامها في تطورها منجزات دولية. وبعد هذا النجاح تتجه النية لإنشاء مناطق اقتصادية حرة في غيرها من الأماكن، وقد نفذت خطط شملت هذه الخبرات وغيرها من الخبرات في مناطق البلاد. ونحن نسعى إلى تقديم الأردن كبلد ملائم لتنظيم أسواق دولية. وما يشجع على ذلك توفر السلام والاستقرار في البلاد.
- ما هي الأشياء التي تركت لديكم أفضل الانطباعات أثناء إقامتكم في أوزبكستان ؟
- أقول وبصدق أني ومن لحظة وصولي إلى مطار طشقند في نهاية عام 2004 لم أشعر ولا مرة بأن هذا الشعب غريب عني وأن هذه الأرض غريبة عني. فالشعب الأوزبكستاني متعدد القوميات ورائع ومضياف، وترك عندي ذكريات لا تنسى وشعور بأني لست غريباً في بلادكم، وهذه العلاقة طبيعية وتشمل المواطنين من أي دولة كانت وكل هذا من تقاليد بلادكم. حتى أنها أصبحت من المميزات التي تتميز بها كل المستويات ومن ضمنها المستويات الرفيعة لقادة البلاد وفي أوساط الموظفين على مختلف المستويات. وعلى سبيل المثال سمحت لي الظروف أن ألتقي بالرئيس إسلام كريموف وحضرت العديد من الاحتفالات التي جرت تحت رعايته، واقتنعت كم هو قريب من الشعب. وهذا لا أنساه أبداً وخاصة احتفالات عيد النيروز ويوم الاستقلال وأي احتفال آخر شارك فيه. وإلى جانب هذا تتميز أوزبكستان بحياة سهلة وظروف توفر الاستقرار والسلام. وهذه الشروط مهمة جداً ومن دونها لا يمكن تحقيق النجاحات والتقدم في أي دولة.
ومشاركتي في العديد من النشاطات تركت عندي انطباع جيد كما هي الحال عند جميع الدبلوماسيين الأجانب. وكنت دائماً منبهراً بواقع أوزبكستان اليوم، وواقع الحياة فيها أفضل بكثير مما يتحدثون عنه. وهذا يدعو للثقة بأن المستقبل سيكون أفضل مما هو عليه الآن، لماذا ؟ لأن الاقتصاد وغيره من التحولات بتوجهات اجتماعية تنفذ بفضل التخطيط الصحيح برعاية القيادة الحكيمة التي يقف على رأسها قائد الدولة وحكومته (الأردن وأوزبكستان على طريق المستوى الجديد للتعاون // طشقند: الصحيفة الإلكترونية UzReport، 27/5/2009).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق