الأربعاء، 26 أغسطس 2009

العلاقات العامة كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي

العلاقات العامة كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي


بقلم: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص صحافة. بروفيسور قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.
تعتبر الوظيفة الدولية للتبادل الإعلامي الدولي، شكل من أشكال وظائف العلاقات الدولية. وبدأ الإعلام بالظهور كوظيفة من وظائف العلاقات الدولية المعاصرة إثر قيام عصبة الأمم في مطلع القرن الماضي، وتأصل هذا المفهوم بعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة إثر الحرب العالمية الثانية، والمنظمات الدولية الأخرى. ويقوم الموظفون الدوليون العاملون في الجوانب الإعلامية، بخدمة أهداف المنظمة التي يعملون في إطارها، ولا يتلقون أية تعليمات من مصادر أخرى، متمتعين بالموضوعية والحياد، من خلال الإدلاء بالتصريحات الصحفية، وإصدار البيانات، ونشر الوثائق، وإلقاء المحاضرات، والعمل في المكاتب الإعلامية التابعة للمنظمة الدولية المعنية في مختلف دول العالم. وتعتبر المراكز الإعلامية لمنظمة الأمم المتحدة في أنحاء العالم، أداة لنشر وإبراز نشاطات المنظمة. وقد أصدرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة قراراً بتاريخ 1/2/ 1946 تضمن قيام الأمين العام للأمم المتحدة، بوضع تنظيم إداري يمكنه من أداء المهام الموكولة إليه، وكانت إدارة الإعلام واحدة من بين ثماني إدارات شملها ذلك التنظيم، وأشار القرار المذكور إلى إنشاء مكاتب فرعية للإعلام، وبالفعل تم إنشاء مركز للإعلام تابع لمنظمة الأمم المتحدة في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية واشنطن عام 1946، وفي عاصمة الاتحاد السوفييتي السابق موسكو عام 1947، وتزايد عدد تلك المكاتب تباعاً في مختلف العواصم العالمية. كما وأصدرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة قرارها رقم 595 بتاريخ 4/2/1952، طالبت فيه إدارة الإعلام بالمنظمة بوضع برنامج لعمل المنظمة في المجال الإعلامي، آخذة بعين الاعتبار النواحي الإقليمية واللغوية، وكلفت الإدارة بإنشاء شبكة من المراكز الإعلامية في مختلف دول العالم، للوصول إلى شعوب الأمم المتحدة، ولتقوم: بنشر رسالة منظمة الأمم المتحدة؛ وتغطية نشاطاتها ومنجزاتها إعلامياً؛ وتسليط الأضواء على دور منظمة الأمم المتحدة في حل القضايا الدولية من خلال: المواد الإعلامية التي يمكن توزيعها؛ وتوفير المراجع الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة في مكتباتها؛ والتنسيق مع وسائل الإعلام الجماهيرية في العواصم الموجودة فيها.
ووافقت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة عام 1962 على برنامج منظمة اليونسكو الخاص بتقديم المساعدة لوسائل الإعلام الجماهيرية في الدول النامية، تأكيداً لدورها في مجال التبادل الإعلامي الدولي. بعد أن كان دورها محصوراً بتقديم المساعدة لوسائل الإعلام الجماهيرية في الدول التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، وتدعيم التدفق الحر للمعلومات والأفكار، والتعليم، بعد مؤتمر لندن الذي انعقد خلال الفترة من 1 إلى 16/11/1945، وحضره مندوبون عن 45 دولة، وأسفر المؤتمر عن قيام "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة UNESCO" المتخصصة بمسائل التعاون الدولي بين الحكومات، في ميادين الثقافة والفكر. وقامت منظمة اليونسكو في أواخر الأربعينات من القرن العشرين، باستطلاع الاحتياجات التكنولوجية والتعليمية لوسائل الإعلام الجماهيرية، بعد أن أوفدت لهذا الغرض 29 باحثاً ميدانياً، تجولوا في 126 دولة مدن دول العالم، وتبادل المسؤولون في منظمة اليونسكو الرسائل مع شخصيات في 31 دولة. وظهرت بالنتيجة الحاجة للاهتمام بتدريس مادة الصحافة، وتوفير الوسائل السمعية والبصرية اللازمة لها، وضرورة قيام الحكومات بحل مشاكل الاتصال، وتقديم المساعدة لعدد من الدول لتطوير وسائل الإعلام الجماهيرية فيها، والاهتمام بربط حرية الإعلام بالتشريعات الإعلامية في دول العالم، وقامت منظمة اليونسكو بتشكيل لجنة مكونة من ستة عشر خبيراً دولياً بارزاً، ينتمون إلى أقاليم جغرافية وثقافية مختلفة لدراسة مشكلات الإعلام. ورأس اللجنة العالم الايرلندي ماكبرايد، الحائز على جائزة نوبل للسلام. ونشرت منظمة اليونسكو تقرير هذه اللجنة بخمس عشرة لغة، تحت عنوان: "أصوات متعددة، وعالم واحد". وقد بحث التقرير بشكل مستفيض العلاقة بين عملية الاتصال والمجتمع، ببعديها التاريخي والمعاصر. وكذلك في إطارها الدولي، كما وبحث التقرير وأضاع عمليات الاتصال في عالم أواسط القرن العشرين، من حيث سماتها والإشكاليات التي تطرحها، وهموم مهنة الإعلام وإطارها المؤسسي والحرفي … الخ. وناقش التقرير ضمن العديد من القضايا، قضية احتكار بعض وكالات الأنباء العالمية للرسالة الإعلامية، وما تمارسه من سيطرة إعلامية تحمل في طياتها، خطر غزو ثقافي من نوع جديد، وتشويه مضمون الرسالة الإعلامية ذاتها، وسريانها في اتجاه واحد، قد لا يعبر عن الحقائق الموضوعية بالضرورة. وحدد التقرير الأسس والقواعد التي يتعين أن يقوم عليها نظام إعلامي جديد أكثر عدلاً وقدرة على خدمة السلام والتنمية البشرية والتقدم في العالم، ومن أهمها: استئصال أوجه الخلل وعدم التوازن أو التكافؤ التي يتميز بها الوضع القائم في ذلك الوقت؛ والقضاء على الآثار السلبية للاحتكارات العامة والخاصة والتركيز الزائد في وسائل الإعلام؛ وضمان تعدد مصادر الإعلام، وحصانة الإعلاميين … الخ؛ واحترام الذاتية الثقافية، وحق كل أمة في إعلام الرأي العام العالمي بوجهة نظرها، وبمصالحها وطموحاتها وقيمها الاجتماعية والثقافية؛ واحترام حق كل الشعوب في المشاركة في عملية التبادل الإعلامي الدولي، على أساس من التوازن والتكافؤ والمصالح المتبادلة؛ وحق الجمهور والفئات الاجتماعية والإثنية، في الوصول إلى مصادر المعلومات، والمساهمة النشيطة في عملية الاتصال. وأثار هذا التقرير عند مناقشته في كل من المجلس التنفيذي، والمؤتمر العام لمنظمة اليونسكو جدلاً صاخباً، وخصوصاً عندما حاولت الدول النامية أن تترجمه إلى برامج وسياسات تضطلع بها منظمة اليونسكو أو إلى قواعد واجبة الاحترام من جانب الاحتكارات العالمية. ورأت فيه بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومعظم وكالات الأنباء العالمية، محاولة لتقويض حرية الإعلام والإعلاميين. لكن أياً كان الأمر فإن ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن الخصوصيات والذاتيات الثقافية والحضارية، أصبحت في صلب المسألة الإعلامية التي يتوجب التوقف عندها طويلاً حتى الآن رغم مرور فترة زمنية طويلة والتطور العاصف في وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية في القرن الحادي والعشرين.
وقامت منظمة اليونسكو بإصدار العديد من المطبوعات عن حرية الإعلام والتبادل الإعلامي الدولي ووسائل الإعلام الجماهيرية في العالم. وأصدرت عام 1952 سلسلة "تقارير وأراق الإعلام الجماهيري"، وحتى عام 1970 أصدرت المنظمة 600 دراسة عن وسائل الإعلام الجماهيرية في المناطق الريفية والنامية، وعن دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التعليم، وإعداد الكوادر الصحفية، ومعلومات إحصائية عن وسائل الإعلام الجماهيرية، ووسائل الاتصال، والاتصال عبر الأقمار الصناعية، وفي عام 1955 شكل الأمين العام للأمم المتحدة، لجنة من الخبراء لدراسة أنشطة منظمة الأمم المتحدة خارج مقرها، بما فيها النشاطات الإعلامية. ودعت تلك اللجنة منظمة الأمم المتحدة لتوجيه اهتمام أكبر لمراكز الإعلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في الخارج. وقدمت منظمة اليونسكو مساعدات ملموسة لإنشاء مراكز التدريب الصحفي في أنحاء مختلفة من العالم، ومنها: المركز الدولي للتعليم العالي الصحفي في استراسبورغ، الذي بدأ التدريس فيه عام 1957؛ والمركز الدولي للدراسات العليا في الصحافة بأمريكا اللاتينية، الذي أفتتح في كيوتو Quoit عام 1959؛ ومركز دراسات الإعلام الجماهيري في جامعة داكار بالسنغال، لتدريب الكوادر الصحفية الإفريقية الناطقة بالفرنسية؛ ومعهد الإعلام الجماهيري في جامعة مانيلا بالفلبين؛ ومعهد الإعلام في بيروت بلبنان؛ ومعهد الإعلام في أنقرة بتركيا؛ ومعهد الإعلام في نيودلهي، بالهند. ونتيجة لجهود منظمة اليونسكو تم تأسيس: المنظمة الدولية لبحوث الإعلام، في عام 1957؛ والمجلس الدولي للفيلم والتلفزيون في عام 1959؛ ومعهد دراسة الأفلام في أمريكا اللاتينية بمكسيكو سيتي عام 1958؛ وجمعية جنوب وشرق آسيا للمدرسين في مجال الصحافة عام 1961؛ وإتحاد وكالات الأنباء الإفريقية عام 1963؛ وفي عام 1959 قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بدعوة منظمة اليونسكو لدراسة المساعدات المقدمة للدول المتخلفة في المجال الإعلامي. ومن منتصف ستينات القرن العشرين، بدأت منظمة اليونسكو بصب اهتمامها نحو استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية، في المجالات التعليمية، وأقرت عام 1964 لهذا الغرض برنامجاً في السنغال مدته ست سنوات، وجه نحو استخدام الوسائل السمعية والبصرية وغيرها من الوسائل في مجال تعليم الكبار، وشجعت استخدام الأفلام والوسائل الإلكترونية الحديثة في التعليم. ولم تزل منظمة اليونسكو تتابع جهودها لزيادة فعالية مساعداتها لمختلف دول العالم المحتاجة للمساعدة في مجال الإعلام، وتشارك في المؤتمرات واللقاءات الدولية الخاصة بوسائل الإعلام والاتصال، والاتصال عبر الأقمار الصناعية، وتدعوا دائماً لاستخدام الأقمار الصناعية لأغراض التعليم ونشر المعلومات العلمية والثقافية. وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، برزت مشكلات جديدة أمام منظمة اليونسكو، في مجال تقديم المساعدة للدول المستقلة حديثاً، لتحديث أطرها الإعلامية، للولوج في عالم الأسرة الإعلامية الدولية، بشكل يضمن التدفق الحر للمعلومات، ويدعم حرية الإعلام في تلك الدول. وتظل اليونسكو، منظمة الحكومات الرئيسية في العالم، التي يمكن أن تسهم بدور فعال في تهيئة أفضل الشروط لمتابعة الحوار الثقافي بين الثقافات والحضارات في القرن الحادي والعشرين، على ضوء ما تفرضه ثورة الاتصال والمعلومات، التي لابد وأن تؤدي في النهاية إلى مزيد من الكونية، التي قد تؤدي إلى نجاحات أكثر لدول الشمال المتطورة التي تحتكر اليوم أحدث وسائل الاتصال والإعلام في العالم، في فرض نوع من الهيمنة السياسية الثقافية، والسياسية والاقتصادية، ترجح الكفة لسيطرة نموذجها الثقافي والحضاري، وتجعل من الثقافات القومية، ثقافات مغلوبة على أمرها، لا طائل لها، ولا صوت لها للدفاع عن نفسها، وعن بقائها واستمرارها في الحياة على كوكب الأرض.
العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية) كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي:
معروف أن العلاقات في المجتمعات البدائية كانت تتسم بالمباشرة والبساطة، وأخذت تلك العلاقات بالتعقد مع التقدم الحضاري والاجتماعي، وأدت التغييرات التقنية والعلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العالم، وخاصة مع نهاية الثمانينات من القرن العشرين، إلى تداخل المصالح الدولية، بسبب سهولة الاتصال التي أتاحتها وسائل الاتصال الحديثة. مما زاد من أهمية دور وفاعلية العلاقات العامة في العلاقات الدولية، وتعتبر العلاقات العامة حلقة وصل بين مؤسسات المجتمع الواحد، وبين المجتمعات البشرية في العالم، عن طريق تقديم خدمات معينة لها مبنية على الثقة المتبادلة، وانطلاقاً من أهمية الفرد والشرائح الاجتماعية المختلفة، وقوة وتأثير الرأي العام في المجتمعات على مختلف المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وللعلاقات العامة تعريفين أساسيين هما:
التعريف المهني المتخصص: ويقصد به إقامة علاقات حسنة داخل المؤسسات وخارجها، مبنية على التفاهم والثقة المتبادلة. من خلال إبراز والاهتمام بالوظائف الأساسية التي تضطلع بها إدارة العلاقات العامة، في مؤسسة أو منظمة حكومية كانت أم خاصة، لتكون وظيفتها بذلك إدارية بحتة؛ وتبلور هذا التعريف مع ظهور جماعة من المتخصصين في العلاقات العامة مع بداية القرن العشرين، أمثال إيفي لي، وإدوارد بيرنيز، وجون هيل. وتبع ذلك قيام جمعيات واتحادات علمية ومهنية ضمت المتخصصين في العلاقات العامة في القارتين الأوروبية والأمريكية، خلال الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين. وساهمت تلك الجمعيات والمنظمات بدورها في زيادة تعريف العلاقات العامة، وساعدت على تحديد مهامها ووظائفها. وفي عام 1947 نشرت مجلة أخبار العلاقات العامة Public Relation News خلاصة لتعريف العلاقات العامة، أخذته من نتائج الاستقصاء الذي أجرته بين مشتركيها، والعاملين في مجال العلاقات العامة، وجاء فيها أن: "العلاقات العامة: هي وظيفة الإدارة التي تقوم بتقويم اتجاهات الجمهور وربط سياسات وأعمال فرد أو منشأة مع الصالح العام، وتنفيذ برنامج لكسب تأييد الجمهور وتفهمه". بينما اعتبر إيفي لي أحد رواد العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن مهمتها مزدوجة، وتبدأ من دراسة اتجاهات الرأي العام، ونصح الشركات بتغيير خططها، وتعديل سياساتها لخدمة المصلحة العامة، ثم إعلام الجمهور بما تقوم به الشركات من أعمال تهمهم وتخدم مصالحهم. أما إدوارد بيرنيز خبير العلاقات العامة الأمريكي، فيعتبر العلاقات العامة: محاولة لكسب تأييد الرأي العام لنشاط أو قضية أو حركة أو مؤسسة، عن طريق الإعلام والإقناع والتكيف، أي إيجاد التكيف والتكامل والتوافق بين مواقف مؤسسة معينة وسلوكها، مع مواقف جماهيرها ورغباتهم، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر. أما جمعية العلاقات العامة الأمريكية فقد عرفتها بأنها: نشاط أي صناعة أو إتحاد أو هيئة أو مهنة، أو حكومة، أو أي منشأة أخرى في بناء وتدعيم علاقات سليمة منتجة بينها وبين فئة من الجمهور: كالعملاء والموظفين والمساهمين والجمهور بشكل عام، والعمل على تكييف أهداف المؤسسة مع الظروف المحيطة بها، وشرح أهدافها للمجتمع. وقدم معهد العلاقات العامة البريطاني، تعريف للعلاقات العامة بأنها: الجهود الإدارية المرسومة، والمستمرة التي تهدف إلى إقامة وتدعيم التفاهم المتبادل بين المنظمة وجمهورها. بينما جاء تعريف جمعية العلاقات العامة الفرنسية، بأن العلاقات العامة هي: طريقة للسلوك، وأسلوب للإعلام والاتصال، اللذان يهدفان إلى إقامة علاقات من الثقة، والمحافظة عليها، وتقوم هذه العلاقات على المعرفة والفهم المتبادلين، بين المنشأة ذات الشخصية الاعتبارية، التي تمارس وظائف وأنشطة محددة، وبين الجماهير الداخلية والخارجية التي تتأثر بتلك الأنشطة والخدمات. أما جمعية العلاقات العامة الدولية، فقد توصلت إلى تعريف العلاقات العامة بأنها: وظيفة الإدارة المستمرة والمخططة، التي تسعى بها المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة، إلى كسب التفاهم والتعاطف مع سياساتها وأنشطتها. وكسب المزيد من التعاون الخلاق، والأداء الفعال للمصالح المشتركة باستخدام الإعلام الشامل والمخطط.
والتعريف الاجتماعي الشامل: وهو الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، الذي ظهر خلال ثلاثينات القرن العشرين، إثر الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد العالمي عام 1929، وعرفه د. محمد البادي، بأنه: الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، كمهنة ذات طابع خاص، ويشمل كل ما يصدر عن المؤسسة من أعمال وتصرفات وقرارات، وكل ما يتصل بها من مظاهر واستعدادات وتكوينات مادية لأن ما يصدر عن المؤسسة أو يتصل بها له تأثيراته، المعنوية على الجماهير، التي ترتبط مصالحها بها، وهذه التأثيرات هي التي تعطي لهذه العناصر طبيعتها، كأنشطة للعلاقات العامة، وهي أيضاً التي تعطي لاتجاه العلاقات العامة صفتها الاجتماعية. وهو نشاط يشترك فيه كل أفراد المؤسسة من خلال تكوين علاقات عامة مرنة في سلوكهم واتصالاتهم ومعاملاتهم مع الجماهير داخل المؤسسة وخارجها. وأن لا يكون الهدف من النشاط السعي لتحقيق الربح فقط، بل إلى تقديم خدمات للمجتمع، عن طريق إنتاج سلع وخدمات جيدة ومتطورة تناسب الأذواق، وأداء الوظيفة المسندة إليهم بشكل جيد، مراعين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، التي تفرضها المسؤولية الاجتماعية في مشاركة المجتمع المحلي همومه وأفراحه وأحزانه، والعمل على تقليل الأضرار الناجمة عن نشاطاتهم، والمحافظة على البيئة، والعمل على النهوض بالمجتمع ثقافياً وعلمياً وحضارياً ومادياً. وعرف كانفيلد العلاقات العامة، بأنها: الفلسفة الاجتماعية للإدارة، التي ترغب من خلال أنشطتها وسياساتها المعلنة للجمهور كسب ثقته وتفهمه. أما نولت فقد عرف العلاقات العامة، بأنها: مسؤولية الإدارة التي تهدف إلى تكييف المنظمة مع بيئتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تماماً، كما تهدف إلى تكييف البيئة المحيطة لخدمة المنظمة لتحقيق مصلحة الطرفين. وهو ما يظهر بوضوح أن الربط بين المجتمع والسياسة والاقتصاد وإعطاء الأولية للاقتصاد كان ولم يزل في موقع الأهمية منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن.
ومما سبق نستطيع استنتاج أن دور خبير العلاقات العامة ينحصر في: إقناع الإدارة العليا للقيام بالنشاطات التي تجعل الجمهور راضياً عن المؤسسة؛ وإقناع الجمهور بأن المؤسسة تستحق بالفعل تأييده ودعمه المعنوي والمادي. وأن دور العلاقات العامة ينحصر في: تبني مصلحة الجمهور والمصلحة العامة؛ ووضع السياسات الملائمة لها؛ والسعي لإيصال المعلومات عن نشاطات المؤسسة وسياساتها للجمهور؛ وخلق رأي عام مؤيد للمؤسسة، لدى الجمهور؛ وإنشاء مواقف محددة ومطلوبة اتجاه المؤسسة؛ وتقييم مواقف الرأي العام من قبل المتخصصين في العلاقات العامة؛ وإيصال المعلومات عن تلك المواقف لإدارة المؤسسة. ويشمل نشاط العلاقات العامة اليوم:
في المجال الحكومي: التوعية والإرشاد والإعلام، في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية، للوصول إلى مساندة الجماهير لها، ومشاركتهم المعنوية والمادية في البرامج التنموية الشاملة التي تخطط لها الحكومة؛ وكسب الرأي العام للسياسات الحكومية الداخلية والخارجية؛ والتعرف على توجهات الرأي العام، وتقييم الخدمات العامة لوظائفها المحددة، ومدى تلبيتها لرغبات الجمهور؛ والعمل على دحض الشائعات، والتصدي للحملات الإعلامية المضادة، وإبراز الحقائق عن طريق مصارحة الجماهير؛ والاهتمام بشؤون الموظفين الحكوميين.
وفي مجال المنظمات والهيئات الحكومية: التعريف بأهدافها وسياساتها، وتوثيق الصلة والتعاون بين المواطن والمنظمة أو الهيئة الحكومية للوصول إلى الهدف المطلوب؛ ودراسة مواقف الرأي العام، ونقل رغبات ومطالب الجماهير للمسؤولين فيها، تمهيداً لإيجاد الحلول لها، وتلبيتها وفق الظروف المتاحة؛ والاهتمام بشؤون العاملين في تلك المنظمات والهيئات الحكومية؛ والاتصال بالهيئات والمنظمات الحكومية المشابهة، لتحقيق أفضل صورة من التعاون بينها في الداخل والخارج؛ وإصدار المواد الإعلامية المطبوعة والمرئية والمسموعة، عن نشاطات المنظمة أو الهيئة الحكومية، وتبادلها وتوزيعها في الداخل والخارج؛ وتوثيق كل ما ينشر في وسائل الإعلام الجماهيرية وغيرها من وسائل الاتصال الجماهيرية في الداخل والخارج؛ وتنظيم الزيارات الرسمية والخاصة. وهناك مجالات أخرى تشمل المؤسسات الاقتصادية والإنتاجية والخيرية، والمنظمات المهنية والسياسية وغيرها، ولا تختلف من حيث نشاطات العلاقات العامة عما تم تفصيله أعلاه.
ومن الملاحظ اليوم أن العلاقات العامة في القارة الأوروبية تستخدم كوسيلة من وسائل تدعيم الوحدة الأوروبية، وزيادة التلاحم والتفاهم بين مختلف شعوب القارة الأوروبية. لأنه من المعروف أنه كلما زاد التقدم الثقافي والعلمي والتقني في أي دولة من دول العالم، زاد دور الدبلوماسية الشعبية فيها، وتوجهت تلك الدولة نحو تأسيس جمعيات وهيئات تعنى بالعلاقات العامة، وإلى تدعيم المؤسسات الحكومية بأقسام خاصة تعنى بهذا المجال الهام، يطلق عليها تسمية " أقسام العلاقات العامة". وقد تطورت العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أصبحت تضاهي مثيلاتها في دول العالم الأخرى، وشهدت الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها من دول العالم، تطوراً خاصاً لمفهوم العلاقات العامة. لتصبح ممارسة العلاقات ذات مفهوم دولي يمارس فعلاً في العلاقات الدولية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً: تتحمل وكالة الاستعلامات الأمريكية، التي تم إنشاؤها في عام 1953، مسؤولية العلاقات العامة الدولية، وغيرها من المسؤوليات، من أجل تحقيق أهداف السياسة الأمريكية، عن طريق شرح وتفسير ونشر تلك السياسة، ومواجهة الدعاية المضادة الموجهة ضد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، ويقدم مدير الوكالة تقاريره عن سير العمل في الوكالة للرئيس الأمريكي مباشرة من خلال مجلس الأمن القومي. وأسس في بريطانيا عام 1948 المعهد البريطاني للعلاقات العامة، بهدف تجميع جهود ممارسي وظيفة العلاقات العامة في بريطانيا الذي يصب اهتمامه على العلاقات العامة في أجهزة الدولة المركزية والمحلية، وفي القوات المسلحة البريطانية، والمؤسسات الاقتصادية والاستشارية، ويمارس ضباط الإعلام في البعثات الدبلوماسية البريطانية المعتمدة في دول العالم، وظيفة العلاقات العامة الدولية من خلال وظيفتهم الإعلامية الأساسية. وفي فرنسا تطورت العلاقات العامة كوظيفة هامة من وظائف المشروعات الاقتصادية والتجارية والصناعية، بعد إنشاء الجمعية الفرنسية للعلاقات العامة عام 1955، بهدف تطوير العلاقات العامة الفرنسية. وفي إيطاليا بينما تزايد الاهتمام بالعلاقات العامة، إثر إنشاء جمعية تطوير العلاقات العامة الإيطالية في روما عام 1954، ورافق ذلك تزايد اهتمام الشركات الإيطالية بوظيفة العلاقات العامة. وظهر الاهتمام بالعلاقات العامة في بلجيكا مع تأسيس جمعية العلاقات العامة عام 1953 لتطوير دور العلاقات العامة في بلجيكا. وتضطلع الهيئة العامة للاستعلامات في مصر وهي هيئة حكومية تتبع لوزارة الإعلام المصرية بدورها "كجهاز الإعلام الرسمي والعلاقات العامة للدولة"، ومنذ إنشائها عام 1954 قامت الهيئة العامة للاستعلامات بأدوار عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي لشرح سياسة الدولة في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومواقفها إزاء مختلف القضايا. وفى الوقت الراهن .. تقوم الهيئة بعدد من المهمات الأساسية منها: توفير التسهيلات للصحفيين والمراسلين الأجانب في مصر لأداء عملهم على أفضل مستوى ممكن لنقل صورة حقيقية عما يجرى في مصر إلى العالم؛ وتقديم صورة مصر إلى الرأي العام العالمي ونقل الحقائق عنها إلى وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم وذلك عبر مكاتب الإعلام الملحقة بالسفارات المصرية في العديد من العواصم والمدن الكبرى؛ وتوفير مصدر للمعلومات الدقيقة والصحيحة والحديثة عن مصر في مختلف المجالات كالتاريخ والحقائق الأساسية عن النظام السياسي والسياسة الخارجية والثقافية والمجتمع والفنون والاقتصاد والسياحة وغيرها، عبر موقع الهيئة على شبكة الانترنت باللغتين العربية والانجليزية لتكون متاحة لكل من يحتاج إليها في كل مكان من العالم، كما يتم إصدار مطبوعات عن هذه الموضوعات باللغات المختلفة؛ وتقوم الهيئة العامة للاستعلامات أيضا بدور مهم في التثقيف السياسي والتوعية الاجتماعية للمواطنين وشرح السياسات الوطنية لهم والمساهمة في التوعية بالقضايا والمشكلات الوطنية (مثل قضية زيادة السكان وقضايا البيئة) وبالقضايا المحلية والبيئية في المناطق الريفية والنائية في أنحاء مصر من خلال مراكز النيل للإعلام ومراكز الإعلام الداخلي؛ كما توفر الهيئة مركز معلومات يتابع الإعلام الدولي ويوفر معلومة صحيحة ودقيقة عن صورة مصر في الإعلام العالمي للمهتمين والمعنيين بذلك في أجهزة الدولة ووسائل الإعلام؛ وللهيئة مقر يقع في ضاحية مدينة نصر بالعاصمة القاهرة، إضافة إلى مراكز الإعلام الداخلي التي تتبعها في جميع محافظات مصر ويعمل بالهيئة عدد كبير من الإعلاميين والفنيين والإداريين المدربين على استخدام تقنيات الاتصال والإعلام الحديثة في أداء مهامهم. أما في أوزبكستان فقد بدأ الاهتمام الجدي بالعلاقات العامة الدولية بعد الاستقلال عام 1991، حيث تم في 8/11/1995 تأسيس وكالة أنباء "جهان" التابعة لوزارة الخارجية: لتوزيع الأخبار الإيجابية عن سير الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أوزبكستان؛ وتطوير الصلات مع وكالات الأنباء والمراكز الإعلامية الدولية؛ وتسريع عملية دخول الجمهورية للساحة الإعلامية الدولية؛ وجمع وتوزيع الأخبار داخل الجمهورية عن: الأوضاع السياسية والحقوقية وغيرها في الدول الأجنبية؛ واحتياجات السوق العالمية؛ ونشاطات المنظمات الدولية؛ وكبريات المؤسسات والشركات الأجنبية المهتمة بالتعاون مع جمهورية أوزبكستان. وفي 21/11/1996 تم إحداث المركز الإعلامي في ديوان رئيس الجمهورية، لتعريف الرأي العام بالإصلاحات الديمقراطية الجارية في الجمهورية، والتجاوب مع التفاعلات الاجتماعية والسياسية المحلية والدولية، عبر شبكة الإنترنيت.
ومع انتشار مفهوم العلاقات العامة في العالم سارعت مؤسسات التعليم العالي في مختلف دول العالم لافتتاح أقسام العلاقات العامة في معاهدها وكلياتها المتخصصة، وتدريس هذه المادة للدارسين فيها. وتعد العلاقات العامة الدولية اليوم وظيفة من وظائف المنظمات الدولية، ويمارسها في منظمة الأمم المتحدة، مكتب الإعلام في نيويورك من خلال العلاقات الخارجية والصحافة والمطبوعات والخدمات العامة، التي تعرض من خلالها المشاكل التي تواجه منظمة الأمم المتحدة، وخلق فهم أفضل لأهداف المنظمة. كما وتمارس مكاتب منظمة الأمم المتحدة في العالم العلاقات العامة الدولية من خلال الاتصال بالمنظمات غير الحكومية في الدول المعتمدة فيها، في جميع المجالات الثقافية والفنية والعلمية والتعليم والصحة والعمل … الخ، وتوزع الأفلام وبرامج الإذاعة والتلفزيون والمطبوعات، وتدلي بالتصريحات الصحفية في إطار مساعيها لخلق تفهم أفضل عن منظمة الأمم المتحدة. وزاد دخول شبكات الكمبيوتر العالمية، عالم الاتصال المعاصر من دور العلاقات العامة الدولية، وزاد اهتمام الشركات متعددة الجنسية بالعلاقات العامة الدولية عبر شبكات الاتصال الدولية، واعتمادها عليها في العلاقات التجارية والمصرفية والنقل والتأمين، وتبادل المعلومات على الصعيد الدولي، وتساعد العلاقات العامة وسائل الإعلام الجماهيرية في الحصول على المعلومات والمواد الإعلامية، مما يزيد من إمكانية انتشارها على الصعيد العالمي. ولعل منافذ وكالات الأنباء والصحف والمجلات والإذاعات ومحطات التلفزيون، والمراكز الإعلامية الدولية عبر شبكة الإنترنيت، خير مثال على تحول العالم في المجال الإعلامي بالفعل إلى قرية كونية، والعلاقات العامة الدولية كوظيفة لم تستثنى من وظائف السلك الدبلوماسي، وأصبحت من المهام الأساسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج، وفق ما تسمح به إمكانيات كل دولة من دول العالم.
الإعلان كوظيفة من وظائف التبادل الإعلامي الدولي
يعتمد الإعلان الدولي على أسس يسعى من خلالها إلى خلق المناخ الملائم لترويج السلع والبضائع والخدمات أو الأفكار، ومهمته الأولى الوصول إلى الأسواق الخارجية والجمهور الإعلامي الأجنبي، ولكن يجب التنويه إلى أن أساليب الإعلان المحلي تختلف تماماً عن أساليب الإعلان الدولي، بسبب تباين خصائص مستقبل الرسالة الإعلانية في الخارج عنها في الداخل، ويجب أن يراعي الإعلان الدولي بدقة الخصائص المحلية لكل منطقة جغرافية وثقافية يتوجه إليها في العالم، بحيث لا يتعرض بالسوء لمشاعر ومقدسات أي شعب من شعوب العالم، سواء في النصوص أم في الصور الإعلانية، ويجب مراعاة المعاني التي ترمز إليها الألوان عند شعوب العالم المختلفة، فاللون الأبيض هو لون الحداد، واللون الأزرق هو رمز لقلة السعادة لدى الصينيين. واللون الأسود هو لون الحداد لدى شعوب الشرق الأوسط، واللون الأحمر هو رمز السعادة لدى شعوب القارة الإفريقية والشرقين الأدنى والأوسط. كما ويجب تجنب استخدام الرموز الدينية المقدسة لمختلف الأديان في الإعلان الدولي، كالهلال لدى المسلمين، والصليب المقدس لدى المسيحيين، ونجمة داوود السداسية لدى اليهود، والبقرة المقدسة لدى الهندوس، وغيرها من الرموز الدينية المقدسة لدى شعوب العالم، كي لا ينقلب الإعلان الدولي رأساً على عقب، ويأتي بنتائج عكسية غير الأهداف التي صدر من أجلها. ويجب التنويه أيضاً إلى ضرورة الانتباه إلى الخصائص اللغوية عند ترجمة النصوص الإعلانية الدولية، من لغة إلى أخرى. وقدر الإمكان محاولة أن يتضمن النص المترجم، نفس المعاني التي يحملها النص الأصلي، حتى ولو تطلب الأمر إجراء بعض التعديلات على كلمات النص الأصلي، من أجل مراعاة الخصائص الثقافية واللغوية لكل شعب من شعوب العالم، كما هي الحال مثلاً للناطقين بالإنجليزية التي تختلف عنها في بريطانيا وأمريكا وأستراليا، والعامية السائدة في كل منطقة من مناطق انتشار اللغة الإنجليزية. وكان الإعلان الدولي قد ظهر في البداية على صفحات الصحف والمجلات المنتشرة دولياً، خدمة للمنتجين والتجار وأصحاب المهن الذين أرادوا من خلال إعلاناتهم في الصحف والمجلات اختصار الطريق إلى المستهلكين والأسواق التجارية في العالم. وتطور استخدام الإعلان الدولي فيما بعد ليشمل الإعلان على شاشات السينما، ومن خلال البرامج الإعلانية الإذاعية والتلفزيونية. وبالتدريج أصبحت المعارض والأسواق التجارية من أهم منابر الإعلان الدولي لأنها أفسحت المجال واسعاً ليس أمام الإعلان فقط، بل ووفرت الفرصة ليلتقي من خلالها المنتج والمستهلك، وجهاً لوجه حول نماذج من السلع المنتجة أو الخدمات المعروضة أمام المستهلك. وهو الدور الذي تلعبه اليوم أيضاً شبكات الكمبيوتر الدولية التي ألغت المسافات والزمن اللذان يفصلان بين المعلن والمستهلك.
وشهدت العقود الأخيرة من القرن العشرين، تطوراً ملحوظاً في مجال الإعلان الدولي وأساليبه، عندما أصبح يستخدم قنوات الاتصال الحديثة، وشبكات الكمبيوتر العالمية، التي وفرت الفرصة الذهبية للمعلن والمستهلك لإجراء الحوار بينهما عن بعد، وعقد الصفقات التجارية، وإبرام العقود ومتابعة تنفيذها خلال دقائق فقط، بعد أن كانت في السابق تتطلب فترة زمنية طويلة ومشقة وعناء، وهذا بدوره ساعد على تطوير أساليب وطرق الإعلان الدولي وزاد من فاعليته، ولم يقف التطور الهائل لوسائل الاتصال الجماهيرية عند هذا الحد، بل ساعد على انتشار الثقافات المختلفة، وتقريبها من بعضها البعض، من خلال الحوار الثقافي العالمي المفتوح عبر وسائل الاتصال الدولية الحديثة مما ساعد على خلق قيم إنسانية مشتركة بين مختلف الشعوب، رافقتها عادات استهلاكية مشتركة، سهلت للإعلان الطريق للوصول إلى أهدافه المرجوة، وأدخلت أفكاراً قريبة يمكن ترجمتها بسهولة ويسر من لغة إلى أخرى دون صعوبة تذكر. ومع ذلك فلم تزل الحاجة ماسة وملحة لمتابعة دراسة تأثير الإعلان الدولي، والتخطيط له من قبل الحكومات والمنظمات الدولية، بهدف حماية الثقافات الوطنية في الدول الأقل تطوراً والدول النامية والدول الفقيرة من احتواء ثقافات الدول المتطورة والغنية لها، وبالتالي اندثار ثقافة الدول الضعيفة إلى اللاعودة. ومن أجل حماية الأجيال الصاعدة من الانحراف عن الخط القويم للمجتمع الذين ينتمون إليه، وحماية المستهلكين بصورة عامة من الإعلانات المنحرفة والمضللة، وتوخي الدقة عند اختيار وكالات الإعلان الدولية، وتسجيلها في المنظمات الحكومية الدولية، وإلزامها بمراعاة الخصائص الثقافية المحلية للمناطق التي يتوجه إليها الإعلان الدولي. ولابد من أن تتحمل الحكومات، والمنظمات الدولية، ووكالات الإعلان الدولي، المسؤولية الإنسانية بصورة مشتركة، أمام البشرية جمعاء، لأن المعلن لا يهمه سوى: تسويق أفكاره وتصريف بضاعته أو خدماته؛ والتأثير على منافسيه في السوق الاستهلاكية الدولية. ولهذا نعتقد أن للدراسات الدقيقة لمشاكل الإعلان الدولي فائدة للجميع، دون أن تقتصر الفائدة على المعلن ووكالة الإعلان فقط. خاصة في العصر الراهن، عصر العولمة، بعد أن أصبح للمستهلك دوراً يلعبه ويضغط من خلاله عبر وسائل الاتصال الحديثة على المنتج، والمعلن، ووكالة الإعلان، وحتى على وسائل الاتصال الناقلة لمضمون الإعلان الدولي. ويدخل ضمن هذا الإطار التخطيط السليم للإعلان وللإعلام والحملات الإعلامية الدولية.
طشقند في 15/10/2007
مصادر البحث:
1. للمزيد أنظر: أحمد صوان: أوراق ثقافية .. عن الإعلام وعيد الصحفيين. // دمشق: تشرين، 19/8/2007.
2. للمزيد أنظر: أصوات متعددة: عالم واحد. باريس: اليونسكو، 1976.
3. للمزيد أنظر: د. جميل أحمد خضر: العلاقات العامة. عمان: دار المسيرة، 1998.
4. للمزيد أنظر: د. حسن نافعة: اليونسكو وقضايا التعددية الثقافية والحضارية. // القاهرة: السياسة الدولية، 1997/127.
5. للمزيد أنظر: صفات سلامة: الإعلام العلمي العربي: الواقع.. والمأمول. // الرياض: الشرق الأوسط، 21/8/2007.
6. للمزيد أنظر: د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: المعرفة، العدد 519 كانون أول/2006. - التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية) - التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية) - مبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية) - "العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، من أكاديمية بناء الدولة والمجتمع، الاختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجيا؛ المشاكل السياسية للنظم العالمية والتطور العالمي". طشقند: 2005. (باللغة الروسية، بحث غير منشور) - الإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // جدة: مجلة المنهل، العدد 592/أكتوبر ونوفمبر 2004. - قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية) - العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م. - المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003. - العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001. (باللغة الروسية) - "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية، 1988. (باللغة الروسية، بحث غير منشور) - "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة الماجستير في الصحافة. جامعة طشقند الحكومية، 1984. (باللغة الروسية، بحث غير منشور)
7. للمزيد أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1990.
8. للمزيد أنظر: د. محمد علي البادي: البنيان الاجتماعي للعلاقات العامة. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1975.
9. للمزيد أنظر: د. محمود الجوهري: الاتجاهات الجديدة في العلاقات العامة. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1971.
10. للمزيد أنظر: وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية أوزبكستان. طشقند: وكالة أنباء "جهان"، 1997. (باللغة الروسية)
11. للمزيد أنظر: الهيئة العامة للاستعلامات في مصر
http://www.sis.gov.eg/.
12. Bettran Canfield, Public Relations Principles, Cases and Problems, 5 th Ed. Honewood ILL., Richard Irwin, Inc., Illinois, 1968.
13. Bertrand R. Canfield, International public Relations, in International Communication.
14. Beeley H., The Changing Role of British International Propaganda, The Anna’s of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
15. Gordon E. Miracle, Client’s International Advertising Policies and Procedures, International Communication.
16. Robert p. Kright, UNESCI’S International Communication Activities, in International Communication. Media, Channels, Functions.
17. Roland L. Kramer, International Advertising Media, International Communication.
18. Stevan Marganovic and Dimitrije Pandic; Legal Position and Function of United Nations Information Centers, Symposiom Ljublljana 1968.
19. UNESCO: On the Eve of its Fortieth Anniversary, UNESCO, Paris, 1985.
20. Wastson S., The International Language of Advertising, International Communication.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق