الإعلام الدولي والسياسة الخارجية
بقلم: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص صحافة. بروفيسور قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.
تقوم مؤسسات الإعلام عادة بنشر المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار بواسطة وسائل الاتصال الجماهيرية المتنوعة بغرض الإقناع والتأثير على الأفراد والجماعات محلياً داخل المجتمع، وخارجاً بعد أن تخرج عن نطاق المحلية وتجتاز الحدود الجغرافية والسياسية للدولة، لنقل المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار لمواطني الدول الأخرى، من أجل خلق نوع من التأثير أولاً، ومن أجل تحقيق نوع من الحوار الثقافي ثانياً متجاوزة الحواجز اللغوية، والسياسية، والجغرافية، لتتحول المؤسسات الإعلامية ووسائل اتصالها الجماهيرية إلى مؤسسات إعلامية دولية.
ويعتبر الإعلام الدولي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة المتمتعة بالسيادة الوطنية الكاملة، ووسيلة فاعلة من وسائل تحقيق بعض أهدافها السياسية الخارجية داخل المجتمع الدولي.
ويخدم الإعلام الدولي المصلحة الوطنية العليا للدولة، وفقاً للحجم والوزن والدور الذي تتمتع به هذه الدولة أو تلك في المعادلات الدولية القائمة، وتأثيرها وتأثرها في الأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو اضطرابات اجتماعية تطال تلك الدولة، أو الدول المجاورة لها، أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى في أنحاء مختلفة من العالم، أو في حال حدوث كوارث طبيعية أو أوبئة وأخطار بيئية تهدد الحياة على كوكب الأرض، ككارثة الانحباس الحراري الذي يهدد البشرية اليوم.
وللإعلام الدولي دوافع متعددة، تعتمد على المصالح السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، والعلمية، والثقافية، والإنسانية، بما يتفق والسياسة الخارجية للدولة المعنية، وتنبع كلها من المصالح الوطنية العليا للدولة، وقد يعمل الإعلام من خلال هذا المنظور على تعزيز التفاهم الدولي والحوار بين الأمم، ليؤدي إلى خلق تصور واضح للدول بعضها عن بعض، مفاده التحول من النظام الثقافي القومي التقليدي المغلق، إلى نظام ثقافي منفتح يعزز التفاهم الدولي ويعمل على تطويره أو إلى نظام ثقافي شمولي تديره جهات معينة من وراء الحدود للوصول إلى أهداف معينة تخدم مصالحها الخاصة.
وكان للإعلام الدولي دوراً أساسياً في هذا التحول بعد التطور الهائل الذي حدث في تقنيات الاتصال خلال القرن العشرين، وساعد على إحداث تغيرات ثقافية واجتماعية واضحة، رغم تضارب المصالح الاقتصادية والسياسية والصراعات الإيديولوجية المؤثرة على القرار السياسي اللازم لأي تقارب أو حوار دولي هادف بين مختلف دول العالم.
وظائف الإعلام الدولي
ومن الأمور التي تميز البشر عن غيرهم من المخلوقات الحية أنهم قادرون على التواصل وإعلام بعضهم البعض. وكانوا منذ القدم بحاجة دائمة لمراقبة وفهم الظروف المحيطة بهم، ونشر الآراء والحقائق التي تساعد الجماعات الإنسانية على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، ونشر تلك القرارات على نطاق واسع دون تأخير، ونقل تراث الأجداد وبلورة التطلعات السائدة في المجتمع ووضعها في خدمة الأجيال الصاعدة، والترفيه عن أفراد المجتمع.
ولم تزل مهام الإعلام في المجتمعات القديمة وحتى يومنا هذا كما كانت قائمة عليه، ولكن بفارق أصبحت معه تطال قطاعات جماهيرية واسعة جداً، وبأساليب وتقنيات حديثة متطورة بعيدة المدى تحيط بالكرة الأرضية برمتها وبامتداد يشمل الفضاء الكوني لإشباع حاجات الأفراد والجماعات لمعلومات عن الظروف المحيطة بهم، وتصلهم بسرعة فائقة ودقة كبيرة عن طريق وسائل الاتصال الجماهيرية، وأجهزة الاستشعار عن بعد التي باتت تستخدم أحدث المعدات الإلكترونية والتجهيزات المتطورة باهظة التكاليف، وتساعد على اتخاذ القرارات وتنفيذها في الوقت المناسب.
وهكذا نرى أن مهام الإعلام التي وجدت في المجتمعات القديمة هي نفسها الموجودة اليوم من حيث المبدأ في المجتمعات الحديثة، والفارق الوحيد أنها أصبحت متعددة ومتشعبة وأكثر دقة بفضل وسائل الاتصال الحديثة المتطورة التي لم تكن معروفة من قبل. وأصبحت الدول أكثر من ذي قبل تشارك عن طريق ممثليها في التأثير على مجرى الحياة الاجتماعية في الداخل والخارج من خلال سياساتها الداخلية والخارجية مستعينة بوسائل الاتصال الجماهيرية، وأصبحت المصالح الوطنية العليا للدولة أكثر تأثيراً في عملية اتخاذ القرارات على الصعيدين الداخلي والخارجي. بعد أن دخلت وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية القرية والمدينة والتجمعات السكانية أينما كانت، وتحولت إلى نظام مفتوح أمام قوى التغيير الآتية من الداخل والخارج، ومعنى هذا أن الوظائف القديمة للإعلام اختلفت من حيث درجتها وحجمها فقط وليس في نوعها، والسؤال المطروح اليوم لماذا كل هذا الاهتمام بوسائل الإعلام الجماهيرية ؟
والجواب أن تلك الوسائل أصبحت تصل اليوم إلى جمهور واسع متعدد الشرائح والقيم والانتماءات، ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي كانت يوماً ما تصل إلى جمهور محدود وبتأثير محدود، أصبحت اليوم تصل إلى شرائح سكانية كبيرة منتشرة في أنحاء متباعدة من العالم، وأصبحت تؤثر على آراء الناس وتصرفاتهم وأسلوب حياتهم، فالصحيفة والمجلة والكتاب الذي كان يقرؤه في الماضي عدد محدود من الأفراد، يقرؤه اليوم ملايين البشر، مطبوعاً أم منقولاً عبر شبكات الحاسب الآلي المتطورة "الانترنيت". والبرنامج الإذاعي الذي كان يسمع ضمن دائرة محدودة أصبحت تسمعه ملايين البشر موزعين في مناطق متباعدة من العالم، والبرنامج التلفزيوني الذي كان حكراً على منطقة جغرافية محدودة أصبح اليوم في متناول المشاهد في قارات العالم. وتقنيات البريد الإلكتروني والفاكس أخذت تحل مكان التلكس والمبرقات التلغرافية القديمة، مما جعل الناس يؤمنون بأن تلك الوسائل تؤثر في المجتمعات وتعمل على تغييرها بشكل كبير وليس على الصعيد المحلي وحسب، بل وعلى صعيد العالم برمته وبرز الإعلام الدولي الذي عزز من مكانته وتأثيراته ووظائفه.
وللإعلام الدولي دوافعه ووظائفه المحددة يؤديها تنفيذاً للدور الذي تفرده له السياسة الخارجية للدولة أو الهيئة التي يتبع لها، وهي:
1- الاتصال بالأفراد والشرائح الاجتماعية والجماعات والكتل السياسية والمنظمات داخل الدولة الخاضع لقوانينها أو التابع لها وتتمثل بالحوار مع القوى المؤثرة على عملية اتخاذ القرار السياسي من شخصيات وتجمعات وأحزاب وكتل برلمانية، سواء أكانت في السلطة أم في المعارضة على السواء، للوصول إلى الحد الأقصى من الفاعلية التي تخدم سياستها الخارجية.
وتخضع عملية الاتصال هذه عادة لمعطيات هامة من حيث المواقف والقضايا المطروحة قيد الحوار ومواقف السلطة والمعارضة منها والخط السياسي الرسمي للدولة حيالها. وتتراوح هذه المواقف عادة مابين المؤيد التام، والمؤيد، والحياد التام، والحياد، والمعارضة التامة، والمعارضة، والعداء التام، والعداوة، ولهذا كان لابد من تحديد دقيق للموقف السياسي للدولة، ومقارنته بالمواقف الأخرى، للعمل على كسب التأييد اللازم لصالح القضايا المطروحة للنقاش، والعمل على زحزحة المواقف السياسية المعلنة للدولة، لصالح تلك القضايا. أو محاولة خلق مناخ ملائم للحوار الإيجابي حولها على الأقل.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار طبيعة النظام السياسي السائد في تلك الدولة، ومستوى ديمقراطية هذا النظام، وطرق اتخاذ القرارات السياسية في ظل النظام السياسي القائم، ومدى المشاركة الفعلية لكل القوى السياسية المشاركة في اتخاذ تلك القرارات.
لأن الاتصال بالجماهير الشعبية في أي دولة من دول العالم يتم من خلال تلك القوى التي تمثل النخبة المؤثرة، وهي أولاً: أصحاب الحق باتخاذ القرارات؛ وثانياً: الجماهير الشعبية، التي هي بمثابة قوة ضاغطة على أصحاب حق اتخاذ القرار.
ومن هنا نفهم مدى أهمية إلمام خبراء الإعلام والمخططين للحملات الإعلامية الدولية بالنظم السياسية للبلدان المستهدفة والقوى المؤثرة فيها سواء أكانت تلك القوى في السلطة أم في المعارضة، ودور تلك القوى في اتخاذ القرارات. لاستخدامها في تخطيط الحملات الإعلامية المؤيدة، أم المضادة وأن نأخذ بعين الاعتبار الحقائق الاجتماعية والثقافية التي تساعد على نجاح الحملات الإعلامية الدولية.
2- الاتصال المباشر بالجماهير الشعبية، عن طريق النشرات الإعلامية، والمؤتمرات الصحفية، والمقالات، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، والعروض السينمائية والمسرحية، وأفلام الفيديو، وإقامة المعارض الإعلامية، وتشجيع السياحة وتبادل الزيارات، وغيرها من الوسائل التي تتيح أكبر قدر ممكن من الصلات المباشرة مع الجماهير، للوصول إلى تأثير إعلامي أفضل وأكثر فاعلية.
وتأخذ بعض الدول لتحقيق سياستها الخارجية أسلوب مخاطبة الجماعات المؤثرة فقط، توفيراً للنفقات التي تترتب من جراء استخدام أسلوب الاتصال المباشر بالجماهير الشعبية العريضة، وتوفيراً للوقت الذي يستغرق مدة أطول من الوقت اللازم عند مخاطبة قطاعات وشرائح اجتماعية متباينة من حيث المصالح والتطلعات، ومستوى التعليم، والثقافة، والاتجاه الفكري ومزاجية تلك الجماهير العريضة في متابعة القضايا المطروحة، والمحصورة في بوتقة اهتمامات شريحة اجتماعية معينة فقط، لأن أسلوب الاتصال الفعال بالجماهير الشعبية يحتاج أيضاً لإمكانيات كبيرة ووسائل متعددة، تفتقر إليها الدول الفقيرة والنامية بينما نراها متوفرة لدى الدول المتقدمة والغنية والقادرة من حيث الإمكانيات المادية والتقنية والخبرات الإعلامية، وتمكنها من استخدام الأسلوبين في آن معاً.
3- يمثل الإعلام الدولي الدولة أو الجهة التي ينتمي إليها، سواء أكانت محلية أم إقليمية أم دولية أم متخصصة أم تجارية، كمكاتب الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة في العديد من دول العالم، ومكاتب جامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الإفريقية، والجامعة العربية، ومنظمة الأوبك، والسوق الأوربية المشتركة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورابطة الدول المستقلة، ورابطة أوروآسيا الاقتصادية، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة جنوب شرق آسيا، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.
ونحن عندما ننظر اليوم إلى الطريقة التي تستخدم فيها الدول الغنية كل تقنيات وسائل الاتصال الحديثة في خدمة حملاتها الإعلامية الدولية، عبر أبسط صورها المتمثلة بالقنوات التلفزيونية الفضائية، بعد انتشار استعمال الدوائر المغلقة بالكابلات، وهوائيات استقبال البث التلفزيوني عن طريق الأقمار الصناعية في المنازل. وشيوع استخدام شبكات الحاسب الآلي واسعة الانتشار، ومن أهمها، شبكة الـ "إنترنيت" العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية، وتعمل دون منافس يذكر حتى الآن، وموجات البث الإذاعي الوطنية الـ FM المؤجرة للغير. في الوقت الذي نرى فيه الدول النامية تتخبط بمشاكلها الإعلامية، وتعاني من الآثار المترتبة عن التطور التكنولوجي الحديث، والخلل الفاحش في التدفق الإعلامي الدولي أحادي الجانب والتوجه والتأثير.
مشاكل يعاني منها الإعلام الدولي في الدول النامية
ورغم الجهود الحثيثة التي بذلتها وتبذلها الدول النامية والفقيرة حتى اليوم، للخروج من المأزق الإعلامي الذي تعاني منه، نراها تتخبط بمشاكلها الإعلامية التي تزداد تشعباً وتعقيداً كل يوم، بسبب التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في ميدان وسائل الاتصال الحديثة، ووسائل الإعلام الجماهيرية حتى على الصعيد الوطني، ومن أهم تلك المشاكل:
الخلط بين الوظيفة الإعلامية المحلية، والوظيفة الإعلامية الإقليمية، والوظيفة الإعلامية الدولية، ومتطلبات كل من تلك الوظائف وخصائصها المتميزة؛ والخلط بين السياسات الداخلية والإقليمية والخارجية للدولة عند التخطيط للحملات الإعلامية الدولية، والارتباك في تحديد الأولويات؛ وضعف أجهزة وتقنيات المؤسسات الإعلامية الوطنية، وافتقارها للمعدات والتجهيزات المتطورة، والإمكانيات المالية اللازمة للحملات الإعلامية الدولية، أو استخدامها للإعتمادات المالية المتاحة بشكل سيء، أو بشكل غير فعال لتحقيق الأغراض المطلوبة، إضافة لسطحية المساعدات الخارجية التي تحصل عليها تلك الدول من الدول الغنية، والمنظمات الدولية المتخصصة؛ والنقص الفاضح في الكوادر الإعلامية المتخصصة بالإعلام المحلي والإقليمي والدولي، وندرة أصحاب التخصص الأكاديمي بينهم، مما يؤدي إلى:
اختيار كوادر غير كفوءة للعمل الإعلامي الدولي، لاعتبارات سياسية في أكثر الأحيان، وهذا بدوره يؤدي إلى:
غياب التنسيق بين المخطط، والمنفذ، وأجهزة متابعة الحملات الإعلامية الدولية؛ وضعف الإلمام بخصائص الجمهور الإعلامي الأجنبي، وعدم إتباع أسلوب إعلامي منطقي ملائم ومتطور قادر على إيصال مضمون الرسالة الإعلامية للقطاعات المستهدفة من الحملة الإعلامية الدولية؛ وغياب التعاون وحتى التنسيق بين المؤسسات الإعلامية، ومؤسسات التعليم العالي المتخصصة، ومؤسسات البحث العلمي، فيما يخص إعداد الكوادر الإعلامية الوطنية والبحوث العلمية التطبيقية، وخاصة فيما يتعلق بدراسة راجع الصدى الإعلامي وتأثير المادة الإعلامية، وفاعلية الخطط الإعلامية، والاكتفاء بالبحوث النظرية البحتة التي تتناول الجوانب الوصفية والتاريخية فقط، بابتعاد عن الدراسات التي تتناول جوهر التخطيط، وتحليل مضمون الرسائل الإعلامية، وتقدير راجع الصدى الإعلامي المخطط له وراجع الصدى الفعلي للمواد الإعلامية وقدرات الوسيلة الإعلامية المستخدمة.
الإعلام الدولي والصراعات الدولية
يعاني عالم اليوم كما في الماضي من صراعات سياسية ومنازعات عسكرية عديدة، وتبقى في مقدمتها اليوم القضية الفلسطينية التي مازالت تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم منذ مدة تجاوزت النصف قرن وأدت إلى عدة حروب مدمرة منذ قيام دولة إسرائيل بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947 الذي قضى بإنشاء دولتين عربية وعبرية على أرض فلسطين التي كانت آنذاك تحت الانتداب البريطاني بتجاهل لمصالح الشعب الفلسطيني، وبدأت تلك الحروب بالحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948م وانتهت باحتلال إسرائيل لقسم من الأراضي المخصصة للدولة العربية في فلسطين وإعلان الهدنة، التي استمرت حتى العدوان الثلاثي الإنكليزي الفرنسي الإسرائيلي على مصر عام 1956 وانتهى بانسحاب القوات المعتدية من الأراضي المصرية المحتلة، ثم العدوان الإسرائيلي على مصر والأردن وسورية عام 1967 الذي انتهى باحتلال الجيش الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة الفلسطيني الذي كان تحت الإدارة المصرية آنذاك، وكامل الضفة الغربية لنهر الأردن الفلسطينية والتي كانت آنذاك تحت الإدارة الأردنية، وهضبة الجولان السورية بعد إعلان وقف إطلاق النار.
والحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 التي خاضتها مصر وسورية مدعومة من بعض جيوش الدول العربية لتحرير الأراضي العربية من الاحتلال الإسرائيلي وانتهت باحتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي المصرية والسورية. لتعقبها المعركة السياسية من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، والتي تكللت بتوقيع أول معاهدة سلام بين إسرائيل والعرب، وهي المعاهدة الإسرائيلية المصرية المعروفة بمعاهدة كمب ديفيد، التي صمدت رغم الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982 وعدوانها المستمر عليه، واحتلالها المستمر لجزء من أراضيه. لتبدأ عام 1991 المسيرة السلمية الشاملة في الشرق الأوسط بانعقاد مؤتمر مدريد الدولي لحل قضية الشرق الأوسط بمشاركة جميع الأطراف المعنية، وأطراف دولية أخرى برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وما أعقبها من اتفاقيات سلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية. لتعود وتصطدم الجهود السلمية مرة أخرى بالعدوان والتعنت الإسرائيلي المستمر والذي يحظى بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها دون قيد أو شرط، التعنت الذي يحول دون التوصل لسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يقضي بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة، بما فيها هضبة الجولان السورية المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ومن بؤر الصراع الخطيرة الأخرى في العالم، الصراع الباكستاني الهندي على مقاطعة كشمير الحدودية المتنازع عليها بين الطرفين والتي تهدد بالانفجار في أي وقت كان خاصة بعد سلسلة التجارب النووية التي نفذتها الدولتين في أيار/ مايو 1998، معلنة عن مرحلة جديدة في إطار سباق التسلح الجاري في القارة الآسيوية.
والحرب الأهلية الدامية والمدمرة في أفغانستان، التي بدأت عام 1979 ضد التدخل العسكري السوفييتي في الشؤون الداخلية لأفغانستان، وتحولها بعد ذلك إلى حرب عرقية ودينية إثر انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان، تلك الحرب التي هددت أمن واستقرار الدول المجاورة لها، وخاصة دول آسيا المركزية المستقلة حديثاً بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، أوزبكستان، وطاجيكستان، وتركمانستان ولها حدوداً مشتركة معها. واستمرار الخطر رغم قيام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بغزو الأراضي الأفغانية والقضاء على حكومة طاليبان فيها بذريعة الهجمات الإرهابية التي تمت عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.
إضافة إلى مناطق التوتر الكثيرة التي ظهرت بعد انهيار الإتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية، كالصراع في قره باغ الأذربيجانية، والصراع في الشيشان بين روسيا الاتحادية والمطالبين باستقلال جمهورية إشكيريا، والصراع في أبخازيا المطالبة بالاستقلال عن جورجيا، والحرب الأهلية التي هدأت نسبياً في طاجيكستان، والصراع بين البوسنيين، والصرب، والكروات وألبان كوسوفو، فيما كان يعرف سابقاً بيوغسلافيا الاتحادية، والوضع الشاذ في ألبانيا التي انهارت وبكل سهولة، أجهزة وبنى الدولة العسكرية والسياسية خلال تسعينات القرن العشرين.
والصراعات الكامنة الأخرى بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، والحرب الأهلية في الصومال والسودان، والمغرب العربي، والخلافات الحدودية الإريترية اليمنية، والإريترية الإثيوبية، والوضع المتوتر في منطقة الخليج العربي بسبب الحرب العراقية الإيرانية المدمرة، والغزو العراقي للكويت وقيام التحالف الدولي بتحرير وطرد القوات العراقية من الكويت، ومن ثم غزو قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية العراق واحتلاله وإسقاط نظام الحكم القائم فيه حتى دون قرار من مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وتحول العراق بسبب الاحتلال إلى ساحة للصراعات العقائدية والطائفية والعرقية التي لا يحمد عقباها، وتهدد وحدة ترابه وثرواته الوطنية، وغيرها من بؤر التوتر الكثيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي بمعظمها من التركة الثقيلة للاستعمار الأوروبي الطويل في تلك المناطق.
وقد بينت السوابق التاريخية أن لكل صراع أبعاده الداخلية، والإقليمية، والدولية، وعناصر قوى يجب مراعاة التفاعلات الجارية بينها، وتأثير هذا التفاعل على تطور الصراع بشكل عام، بقصد التعامل مع هذا الصراع ومعالجته بالشكل المناسب، وهذا لا يمنع وجود عناصر مشتركة بين الصراعات المختلفة، ويمكن الاستفادة منها عند معالجة تلك الصراعات أو التعامل معها إعلامياً.
وتعتمد النتائج النهائية لأي صراع من الصراعات، على عناصر القوة المتوفرة لدى كل طرف من أطرافه، وتضم هذه العناصر القوى المعلوماتية، والعسكرية، والتكنولوجية، والإمكانيات الاقتصادية، والسياسية، والبشرية، والحالة المعنوية للقوى البشرية. وتعتمد كلها على مسائل أخرى كعنصر المفاجأة، وتطور استخدام الإستراتيجية والتكتيك، واللجوء إلى أساليب جديدة غير معروفة من قبل، مما تجعل عملية التنبؤ بنتائج الصراع صعبة جداً، وفي بعض الأحيان غير مجدية، إضافة للإمكانيات الذاتية للأشخاص القائمين على إدارة الصراع، ومدى توفر المعلومات لديهم، والتقنيات والأدوات الحديثة التي يستخدمونها في الصراع، فصانع القرار في أي صراع يبني قراره على معطيات ملموسة أولاً، وعناصر غير ملموسة تشمل الخصائص النفسية والحالة المعنوية للخصم ثانياً.
وتقتضي معالجة الصراع الاعتماد على العقلانية وبعد النظر، واستبعاد العواطف والانفعالات، لأن عملية معالجة أي صراع هي عملية معقدة وشاقة، ونابعة أساساً من عناصر القوى المشاركة فعلاً في الصراع من الجانبين أو من قبل الأطراف المتصارعة، أو المعنية بالصراع، مبنية على الحسابات الدقيقة والخطط الموضوعة والمستخدمة فعلاً من قبل طرفي أو أطراف الصراع.
وتتنوع أدوات الصراع، عندما تقتضي ظروف الصراع اللجوء إلى القوة العسكرية تارة، وإلى القوة الاقتصادية تارة أخرى، أو إلى العمل السياسي والدبلوماسية الهادئة في حالات أخرى، أو قد يلجأ الجانبان المتصارعان إلى استخدام القوة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، والدبلوماسية في آن معاً، مستخدمين المرونة في تكتيك إدارة الصراع وفقاً لطبيعة الظروف المتبدلة محلياً وإقليمياً ودولياً.
ويبقى دور الإعلام الجماهيري في عملية الصراع متمثلاً بتعبئة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي حول وجهة النظر الرسمية للدولة من الصراع الدائر وشرحها وتغطية أخبار أهم أحداثها تباعاً. وشرح وتحليل أبعاد هذا الصراع وأسبابه، مع مراعاة أن يأخذ خبراء الاتصال والإعلام والصحفيين بعين الاعتبار، خصائص الجمهور الإعلامي المخاطب ثقافياً وسياسياً وتاريخياً، ومدى تعاطفه مع وجهة النظر الرسمية للدولة المعنية في هذا الصراع، واختيار اللغة المناسبة للرسائل الإعلامية لتصل إلى أقصى حد ممكن من التأثير والفاعلية، لأن السلاح الإعلامي في أي صراع كان ولم يزل لا يقل أهمية عن القوة العسكرية والاقتصادية، لأنه الوسيلة الناجعة لرفع معنويات القوى البشرية في الدول المعنية، وتحطيم الروح المعنوية للخصوم في الصراعات الدائرة، مع التأكيد على أن الإعلام الناجح هو السند القوي في الكفاح على الجبهة السياسية والعمل الدبلوماسي الهادئ والرصين والمنطقي.
21طشقند في /10/2007
مراجع استخدمت في البحث:
1. عمر الجويلي: العلاقات الدولية في عصر المعلومات. // القاهرة: السياسة الدولية، 123/1996.
2. كريم حجاج: حرب المعلومات وتطور المذهب العسكري الأمريكي. // القاهرة: السياسة الدولية، 123/1996.
3. د. محمد البخاري: التجربة الديمقراطية السورية. // دمشق: صحيفة تشرين، 4/4/2007.
4. د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
5. د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
6. د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية)
7. د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // دمشق: المعرفة، 491/2004.
8. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، 18/2003.
9. د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: الفيصل، 320/ 2003.
10. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة ميرزة ألوغ بيك الحكومية. 1997.
11. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1990.
12. ميشيو كاكو: رؤى، كيف سيثوِّر العلم القرن الواحد والعشرون. ترجمه للعربية: عدنان عضيمة. دبي: صحيفة البيان، 1998.
بقلم: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص صحافة. بروفيسور قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.
تقوم مؤسسات الإعلام عادة بنشر المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار بواسطة وسائل الاتصال الجماهيرية المتنوعة بغرض الإقناع والتأثير على الأفراد والجماعات محلياً داخل المجتمع، وخارجاً بعد أن تخرج عن نطاق المحلية وتجتاز الحدود الجغرافية والسياسية للدولة، لنقل المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار لمواطني الدول الأخرى، من أجل خلق نوع من التأثير أولاً، ومن أجل تحقيق نوع من الحوار الثقافي ثانياً متجاوزة الحواجز اللغوية، والسياسية، والجغرافية، لتتحول المؤسسات الإعلامية ووسائل اتصالها الجماهيرية إلى مؤسسات إعلامية دولية.
ويعتبر الإعلام الدولي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة المتمتعة بالسيادة الوطنية الكاملة، ووسيلة فاعلة من وسائل تحقيق بعض أهدافها السياسية الخارجية داخل المجتمع الدولي.
ويخدم الإعلام الدولي المصلحة الوطنية العليا للدولة، وفقاً للحجم والوزن والدور الذي تتمتع به هذه الدولة أو تلك في المعادلات الدولية القائمة، وتأثيرها وتأثرها في الأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو اضطرابات اجتماعية تطال تلك الدولة، أو الدول المجاورة لها، أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى في أنحاء مختلفة من العالم، أو في حال حدوث كوارث طبيعية أو أوبئة وأخطار بيئية تهدد الحياة على كوكب الأرض، ككارثة الانحباس الحراري الذي يهدد البشرية اليوم.
وللإعلام الدولي دوافع متعددة، تعتمد على المصالح السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، والعلمية، والثقافية، والإنسانية، بما يتفق والسياسة الخارجية للدولة المعنية، وتنبع كلها من المصالح الوطنية العليا للدولة، وقد يعمل الإعلام من خلال هذا المنظور على تعزيز التفاهم الدولي والحوار بين الأمم، ليؤدي إلى خلق تصور واضح للدول بعضها عن بعض، مفاده التحول من النظام الثقافي القومي التقليدي المغلق، إلى نظام ثقافي منفتح يعزز التفاهم الدولي ويعمل على تطويره أو إلى نظام ثقافي شمولي تديره جهات معينة من وراء الحدود للوصول إلى أهداف معينة تخدم مصالحها الخاصة.
وكان للإعلام الدولي دوراً أساسياً في هذا التحول بعد التطور الهائل الذي حدث في تقنيات الاتصال خلال القرن العشرين، وساعد على إحداث تغيرات ثقافية واجتماعية واضحة، رغم تضارب المصالح الاقتصادية والسياسية والصراعات الإيديولوجية المؤثرة على القرار السياسي اللازم لأي تقارب أو حوار دولي هادف بين مختلف دول العالم.
وظائف الإعلام الدولي
ومن الأمور التي تميز البشر عن غيرهم من المخلوقات الحية أنهم قادرون على التواصل وإعلام بعضهم البعض. وكانوا منذ القدم بحاجة دائمة لمراقبة وفهم الظروف المحيطة بهم، ونشر الآراء والحقائق التي تساعد الجماعات الإنسانية على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، ونشر تلك القرارات على نطاق واسع دون تأخير، ونقل تراث الأجداد وبلورة التطلعات السائدة في المجتمع ووضعها في خدمة الأجيال الصاعدة، والترفيه عن أفراد المجتمع.
ولم تزل مهام الإعلام في المجتمعات القديمة وحتى يومنا هذا كما كانت قائمة عليه، ولكن بفارق أصبحت معه تطال قطاعات جماهيرية واسعة جداً، وبأساليب وتقنيات حديثة متطورة بعيدة المدى تحيط بالكرة الأرضية برمتها وبامتداد يشمل الفضاء الكوني لإشباع حاجات الأفراد والجماعات لمعلومات عن الظروف المحيطة بهم، وتصلهم بسرعة فائقة ودقة كبيرة عن طريق وسائل الاتصال الجماهيرية، وأجهزة الاستشعار عن بعد التي باتت تستخدم أحدث المعدات الإلكترونية والتجهيزات المتطورة باهظة التكاليف، وتساعد على اتخاذ القرارات وتنفيذها في الوقت المناسب.
وهكذا نرى أن مهام الإعلام التي وجدت في المجتمعات القديمة هي نفسها الموجودة اليوم من حيث المبدأ في المجتمعات الحديثة، والفارق الوحيد أنها أصبحت متعددة ومتشعبة وأكثر دقة بفضل وسائل الاتصال الحديثة المتطورة التي لم تكن معروفة من قبل. وأصبحت الدول أكثر من ذي قبل تشارك عن طريق ممثليها في التأثير على مجرى الحياة الاجتماعية في الداخل والخارج من خلال سياساتها الداخلية والخارجية مستعينة بوسائل الاتصال الجماهيرية، وأصبحت المصالح الوطنية العليا للدولة أكثر تأثيراً في عملية اتخاذ القرارات على الصعيدين الداخلي والخارجي. بعد أن دخلت وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية القرية والمدينة والتجمعات السكانية أينما كانت، وتحولت إلى نظام مفتوح أمام قوى التغيير الآتية من الداخل والخارج، ومعنى هذا أن الوظائف القديمة للإعلام اختلفت من حيث درجتها وحجمها فقط وليس في نوعها، والسؤال المطروح اليوم لماذا كل هذا الاهتمام بوسائل الإعلام الجماهيرية ؟
والجواب أن تلك الوسائل أصبحت تصل اليوم إلى جمهور واسع متعدد الشرائح والقيم والانتماءات، ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي كانت يوماً ما تصل إلى جمهور محدود وبتأثير محدود، أصبحت اليوم تصل إلى شرائح سكانية كبيرة منتشرة في أنحاء متباعدة من العالم، وأصبحت تؤثر على آراء الناس وتصرفاتهم وأسلوب حياتهم، فالصحيفة والمجلة والكتاب الذي كان يقرؤه في الماضي عدد محدود من الأفراد، يقرؤه اليوم ملايين البشر، مطبوعاً أم منقولاً عبر شبكات الحاسب الآلي المتطورة "الانترنيت". والبرنامج الإذاعي الذي كان يسمع ضمن دائرة محدودة أصبحت تسمعه ملايين البشر موزعين في مناطق متباعدة من العالم، والبرنامج التلفزيوني الذي كان حكراً على منطقة جغرافية محدودة أصبح اليوم في متناول المشاهد في قارات العالم. وتقنيات البريد الإلكتروني والفاكس أخذت تحل مكان التلكس والمبرقات التلغرافية القديمة، مما جعل الناس يؤمنون بأن تلك الوسائل تؤثر في المجتمعات وتعمل على تغييرها بشكل كبير وليس على الصعيد المحلي وحسب، بل وعلى صعيد العالم برمته وبرز الإعلام الدولي الذي عزز من مكانته وتأثيراته ووظائفه.
وللإعلام الدولي دوافعه ووظائفه المحددة يؤديها تنفيذاً للدور الذي تفرده له السياسة الخارجية للدولة أو الهيئة التي يتبع لها، وهي:
1- الاتصال بالأفراد والشرائح الاجتماعية والجماعات والكتل السياسية والمنظمات داخل الدولة الخاضع لقوانينها أو التابع لها وتتمثل بالحوار مع القوى المؤثرة على عملية اتخاذ القرار السياسي من شخصيات وتجمعات وأحزاب وكتل برلمانية، سواء أكانت في السلطة أم في المعارضة على السواء، للوصول إلى الحد الأقصى من الفاعلية التي تخدم سياستها الخارجية.
وتخضع عملية الاتصال هذه عادة لمعطيات هامة من حيث المواقف والقضايا المطروحة قيد الحوار ومواقف السلطة والمعارضة منها والخط السياسي الرسمي للدولة حيالها. وتتراوح هذه المواقف عادة مابين المؤيد التام، والمؤيد، والحياد التام، والحياد، والمعارضة التامة، والمعارضة، والعداء التام، والعداوة، ولهذا كان لابد من تحديد دقيق للموقف السياسي للدولة، ومقارنته بالمواقف الأخرى، للعمل على كسب التأييد اللازم لصالح القضايا المطروحة للنقاش، والعمل على زحزحة المواقف السياسية المعلنة للدولة، لصالح تلك القضايا. أو محاولة خلق مناخ ملائم للحوار الإيجابي حولها على الأقل.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار طبيعة النظام السياسي السائد في تلك الدولة، ومستوى ديمقراطية هذا النظام، وطرق اتخاذ القرارات السياسية في ظل النظام السياسي القائم، ومدى المشاركة الفعلية لكل القوى السياسية المشاركة في اتخاذ تلك القرارات.
لأن الاتصال بالجماهير الشعبية في أي دولة من دول العالم يتم من خلال تلك القوى التي تمثل النخبة المؤثرة، وهي أولاً: أصحاب الحق باتخاذ القرارات؛ وثانياً: الجماهير الشعبية، التي هي بمثابة قوة ضاغطة على أصحاب حق اتخاذ القرار.
ومن هنا نفهم مدى أهمية إلمام خبراء الإعلام والمخططين للحملات الإعلامية الدولية بالنظم السياسية للبلدان المستهدفة والقوى المؤثرة فيها سواء أكانت تلك القوى في السلطة أم في المعارضة، ودور تلك القوى في اتخاذ القرارات. لاستخدامها في تخطيط الحملات الإعلامية المؤيدة، أم المضادة وأن نأخذ بعين الاعتبار الحقائق الاجتماعية والثقافية التي تساعد على نجاح الحملات الإعلامية الدولية.
2- الاتصال المباشر بالجماهير الشعبية، عن طريق النشرات الإعلامية، والمؤتمرات الصحفية، والمقالات، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، والعروض السينمائية والمسرحية، وأفلام الفيديو، وإقامة المعارض الإعلامية، وتشجيع السياحة وتبادل الزيارات، وغيرها من الوسائل التي تتيح أكبر قدر ممكن من الصلات المباشرة مع الجماهير، للوصول إلى تأثير إعلامي أفضل وأكثر فاعلية.
وتأخذ بعض الدول لتحقيق سياستها الخارجية أسلوب مخاطبة الجماعات المؤثرة فقط، توفيراً للنفقات التي تترتب من جراء استخدام أسلوب الاتصال المباشر بالجماهير الشعبية العريضة، وتوفيراً للوقت الذي يستغرق مدة أطول من الوقت اللازم عند مخاطبة قطاعات وشرائح اجتماعية متباينة من حيث المصالح والتطلعات، ومستوى التعليم، والثقافة، والاتجاه الفكري ومزاجية تلك الجماهير العريضة في متابعة القضايا المطروحة، والمحصورة في بوتقة اهتمامات شريحة اجتماعية معينة فقط، لأن أسلوب الاتصال الفعال بالجماهير الشعبية يحتاج أيضاً لإمكانيات كبيرة ووسائل متعددة، تفتقر إليها الدول الفقيرة والنامية بينما نراها متوفرة لدى الدول المتقدمة والغنية والقادرة من حيث الإمكانيات المادية والتقنية والخبرات الإعلامية، وتمكنها من استخدام الأسلوبين في آن معاً.
3- يمثل الإعلام الدولي الدولة أو الجهة التي ينتمي إليها، سواء أكانت محلية أم إقليمية أم دولية أم متخصصة أم تجارية، كمكاتب الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة في العديد من دول العالم، ومكاتب جامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الإفريقية، والجامعة العربية، ومنظمة الأوبك، والسوق الأوربية المشتركة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورابطة الدول المستقلة، ورابطة أوروآسيا الاقتصادية، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة جنوب شرق آسيا، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.
ونحن عندما ننظر اليوم إلى الطريقة التي تستخدم فيها الدول الغنية كل تقنيات وسائل الاتصال الحديثة في خدمة حملاتها الإعلامية الدولية، عبر أبسط صورها المتمثلة بالقنوات التلفزيونية الفضائية، بعد انتشار استعمال الدوائر المغلقة بالكابلات، وهوائيات استقبال البث التلفزيوني عن طريق الأقمار الصناعية في المنازل. وشيوع استخدام شبكات الحاسب الآلي واسعة الانتشار، ومن أهمها، شبكة الـ "إنترنيت" العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية، وتعمل دون منافس يذكر حتى الآن، وموجات البث الإذاعي الوطنية الـ FM المؤجرة للغير. في الوقت الذي نرى فيه الدول النامية تتخبط بمشاكلها الإعلامية، وتعاني من الآثار المترتبة عن التطور التكنولوجي الحديث، والخلل الفاحش في التدفق الإعلامي الدولي أحادي الجانب والتوجه والتأثير.
مشاكل يعاني منها الإعلام الدولي في الدول النامية
ورغم الجهود الحثيثة التي بذلتها وتبذلها الدول النامية والفقيرة حتى اليوم، للخروج من المأزق الإعلامي الذي تعاني منه، نراها تتخبط بمشاكلها الإعلامية التي تزداد تشعباً وتعقيداً كل يوم، بسبب التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في ميدان وسائل الاتصال الحديثة، ووسائل الإعلام الجماهيرية حتى على الصعيد الوطني، ومن أهم تلك المشاكل:
الخلط بين الوظيفة الإعلامية المحلية، والوظيفة الإعلامية الإقليمية، والوظيفة الإعلامية الدولية، ومتطلبات كل من تلك الوظائف وخصائصها المتميزة؛ والخلط بين السياسات الداخلية والإقليمية والخارجية للدولة عند التخطيط للحملات الإعلامية الدولية، والارتباك في تحديد الأولويات؛ وضعف أجهزة وتقنيات المؤسسات الإعلامية الوطنية، وافتقارها للمعدات والتجهيزات المتطورة، والإمكانيات المالية اللازمة للحملات الإعلامية الدولية، أو استخدامها للإعتمادات المالية المتاحة بشكل سيء، أو بشكل غير فعال لتحقيق الأغراض المطلوبة، إضافة لسطحية المساعدات الخارجية التي تحصل عليها تلك الدول من الدول الغنية، والمنظمات الدولية المتخصصة؛ والنقص الفاضح في الكوادر الإعلامية المتخصصة بالإعلام المحلي والإقليمي والدولي، وندرة أصحاب التخصص الأكاديمي بينهم، مما يؤدي إلى:
اختيار كوادر غير كفوءة للعمل الإعلامي الدولي، لاعتبارات سياسية في أكثر الأحيان، وهذا بدوره يؤدي إلى:
غياب التنسيق بين المخطط، والمنفذ، وأجهزة متابعة الحملات الإعلامية الدولية؛ وضعف الإلمام بخصائص الجمهور الإعلامي الأجنبي، وعدم إتباع أسلوب إعلامي منطقي ملائم ومتطور قادر على إيصال مضمون الرسالة الإعلامية للقطاعات المستهدفة من الحملة الإعلامية الدولية؛ وغياب التعاون وحتى التنسيق بين المؤسسات الإعلامية، ومؤسسات التعليم العالي المتخصصة، ومؤسسات البحث العلمي، فيما يخص إعداد الكوادر الإعلامية الوطنية والبحوث العلمية التطبيقية، وخاصة فيما يتعلق بدراسة راجع الصدى الإعلامي وتأثير المادة الإعلامية، وفاعلية الخطط الإعلامية، والاكتفاء بالبحوث النظرية البحتة التي تتناول الجوانب الوصفية والتاريخية فقط، بابتعاد عن الدراسات التي تتناول جوهر التخطيط، وتحليل مضمون الرسائل الإعلامية، وتقدير راجع الصدى الإعلامي المخطط له وراجع الصدى الفعلي للمواد الإعلامية وقدرات الوسيلة الإعلامية المستخدمة.
الإعلام الدولي والصراعات الدولية
يعاني عالم اليوم كما في الماضي من صراعات سياسية ومنازعات عسكرية عديدة، وتبقى في مقدمتها اليوم القضية الفلسطينية التي مازالت تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم منذ مدة تجاوزت النصف قرن وأدت إلى عدة حروب مدمرة منذ قيام دولة إسرائيل بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947 الذي قضى بإنشاء دولتين عربية وعبرية على أرض فلسطين التي كانت آنذاك تحت الانتداب البريطاني بتجاهل لمصالح الشعب الفلسطيني، وبدأت تلك الحروب بالحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948م وانتهت باحتلال إسرائيل لقسم من الأراضي المخصصة للدولة العربية في فلسطين وإعلان الهدنة، التي استمرت حتى العدوان الثلاثي الإنكليزي الفرنسي الإسرائيلي على مصر عام 1956 وانتهى بانسحاب القوات المعتدية من الأراضي المصرية المحتلة، ثم العدوان الإسرائيلي على مصر والأردن وسورية عام 1967 الذي انتهى باحتلال الجيش الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة الفلسطيني الذي كان تحت الإدارة المصرية آنذاك، وكامل الضفة الغربية لنهر الأردن الفلسطينية والتي كانت آنذاك تحت الإدارة الأردنية، وهضبة الجولان السورية بعد إعلان وقف إطلاق النار.
والحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 التي خاضتها مصر وسورية مدعومة من بعض جيوش الدول العربية لتحرير الأراضي العربية من الاحتلال الإسرائيلي وانتهت باحتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي المصرية والسورية. لتعقبها المعركة السياسية من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، والتي تكللت بتوقيع أول معاهدة سلام بين إسرائيل والعرب، وهي المعاهدة الإسرائيلية المصرية المعروفة بمعاهدة كمب ديفيد، التي صمدت رغم الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982 وعدوانها المستمر عليه، واحتلالها المستمر لجزء من أراضيه. لتبدأ عام 1991 المسيرة السلمية الشاملة في الشرق الأوسط بانعقاد مؤتمر مدريد الدولي لحل قضية الشرق الأوسط بمشاركة جميع الأطراف المعنية، وأطراف دولية أخرى برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وما أعقبها من اتفاقيات سلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية. لتعود وتصطدم الجهود السلمية مرة أخرى بالعدوان والتعنت الإسرائيلي المستمر والذي يحظى بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها دون قيد أو شرط، التعنت الذي يحول دون التوصل لسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يقضي بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة، بما فيها هضبة الجولان السورية المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ومن بؤر الصراع الخطيرة الأخرى في العالم، الصراع الباكستاني الهندي على مقاطعة كشمير الحدودية المتنازع عليها بين الطرفين والتي تهدد بالانفجار في أي وقت كان خاصة بعد سلسلة التجارب النووية التي نفذتها الدولتين في أيار/ مايو 1998، معلنة عن مرحلة جديدة في إطار سباق التسلح الجاري في القارة الآسيوية.
والحرب الأهلية الدامية والمدمرة في أفغانستان، التي بدأت عام 1979 ضد التدخل العسكري السوفييتي في الشؤون الداخلية لأفغانستان، وتحولها بعد ذلك إلى حرب عرقية ودينية إثر انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان، تلك الحرب التي هددت أمن واستقرار الدول المجاورة لها، وخاصة دول آسيا المركزية المستقلة حديثاً بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، أوزبكستان، وطاجيكستان، وتركمانستان ولها حدوداً مشتركة معها. واستمرار الخطر رغم قيام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بغزو الأراضي الأفغانية والقضاء على حكومة طاليبان فيها بذريعة الهجمات الإرهابية التي تمت عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.
إضافة إلى مناطق التوتر الكثيرة التي ظهرت بعد انهيار الإتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية، كالصراع في قره باغ الأذربيجانية، والصراع في الشيشان بين روسيا الاتحادية والمطالبين باستقلال جمهورية إشكيريا، والصراع في أبخازيا المطالبة بالاستقلال عن جورجيا، والحرب الأهلية التي هدأت نسبياً في طاجيكستان، والصراع بين البوسنيين، والصرب، والكروات وألبان كوسوفو، فيما كان يعرف سابقاً بيوغسلافيا الاتحادية، والوضع الشاذ في ألبانيا التي انهارت وبكل سهولة، أجهزة وبنى الدولة العسكرية والسياسية خلال تسعينات القرن العشرين.
والصراعات الكامنة الأخرى بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، والحرب الأهلية في الصومال والسودان، والمغرب العربي، والخلافات الحدودية الإريترية اليمنية، والإريترية الإثيوبية، والوضع المتوتر في منطقة الخليج العربي بسبب الحرب العراقية الإيرانية المدمرة، والغزو العراقي للكويت وقيام التحالف الدولي بتحرير وطرد القوات العراقية من الكويت، ومن ثم غزو قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية العراق واحتلاله وإسقاط نظام الحكم القائم فيه حتى دون قرار من مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وتحول العراق بسبب الاحتلال إلى ساحة للصراعات العقائدية والطائفية والعرقية التي لا يحمد عقباها، وتهدد وحدة ترابه وثرواته الوطنية، وغيرها من بؤر التوتر الكثيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي بمعظمها من التركة الثقيلة للاستعمار الأوروبي الطويل في تلك المناطق.
وقد بينت السوابق التاريخية أن لكل صراع أبعاده الداخلية، والإقليمية، والدولية، وعناصر قوى يجب مراعاة التفاعلات الجارية بينها، وتأثير هذا التفاعل على تطور الصراع بشكل عام، بقصد التعامل مع هذا الصراع ومعالجته بالشكل المناسب، وهذا لا يمنع وجود عناصر مشتركة بين الصراعات المختلفة، ويمكن الاستفادة منها عند معالجة تلك الصراعات أو التعامل معها إعلامياً.
وتعتمد النتائج النهائية لأي صراع من الصراعات، على عناصر القوة المتوفرة لدى كل طرف من أطرافه، وتضم هذه العناصر القوى المعلوماتية، والعسكرية، والتكنولوجية، والإمكانيات الاقتصادية، والسياسية، والبشرية، والحالة المعنوية للقوى البشرية. وتعتمد كلها على مسائل أخرى كعنصر المفاجأة، وتطور استخدام الإستراتيجية والتكتيك، واللجوء إلى أساليب جديدة غير معروفة من قبل، مما تجعل عملية التنبؤ بنتائج الصراع صعبة جداً، وفي بعض الأحيان غير مجدية، إضافة للإمكانيات الذاتية للأشخاص القائمين على إدارة الصراع، ومدى توفر المعلومات لديهم، والتقنيات والأدوات الحديثة التي يستخدمونها في الصراع، فصانع القرار في أي صراع يبني قراره على معطيات ملموسة أولاً، وعناصر غير ملموسة تشمل الخصائص النفسية والحالة المعنوية للخصم ثانياً.
وتقتضي معالجة الصراع الاعتماد على العقلانية وبعد النظر، واستبعاد العواطف والانفعالات، لأن عملية معالجة أي صراع هي عملية معقدة وشاقة، ونابعة أساساً من عناصر القوى المشاركة فعلاً في الصراع من الجانبين أو من قبل الأطراف المتصارعة، أو المعنية بالصراع، مبنية على الحسابات الدقيقة والخطط الموضوعة والمستخدمة فعلاً من قبل طرفي أو أطراف الصراع.
وتتنوع أدوات الصراع، عندما تقتضي ظروف الصراع اللجوء إلى القوة العسكرية تارة، وإلى القوة الاقتصادية تارة أخرى، أو إلى العمل السياسي والدبلوماسية الهادئة في حالات أخرى، أو قد يلجأ الجانبان المتصارعان إلى استخدام القوة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، والدبلوماسية في آن معاً، مستخدمين المرونة في تكتيك إدارة الصراع وفقاً لطبيعة الظروف المتبدلة محلياً وإقليمياً ودولياً.
ويبقى دور الإعلام الجماهيري في عملية الصراع متمثلاً بتعبئة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي حول وجهة النظر الرسمية للدولة من الصراع الدائر وشرحها وتغطية أخبار أهم أحداثها تباعاً. وشرح وتحليل أبعاد هذا الصراع وأسبابه، مع مراعاة أن يأخذ خبراء الاتصال والإعلام والصحفيين بعين الاعتبار، خصائص الجمهور الإعلامي المخاطب ثقافياً وسياسياً وتاريخياً، ومدى تعاطفه مع وجهة النظر الرسمية للدولة المعنية في هذا الصراع، واختيار اللغة المناسبة للرسائل الإعلامية لتصل إلى أقصى حد ممكن من التأثير والفاعلية، لأن السلاح الإعلامي في أي صراع كان ولم يزل لا يقل أهمية عن القوة العسكرية والاقتصادية، لأنه الوسيلة الناجعة لرفع معنويات القوى البشرية في الدول المعنية، وتحطيم الروح المعنوية للخصوم في الصراعات الدائرة، مع التأكيد على أن الإعلام الناجح هو السند القوي في الكفاح على الجبهة السياسية والعمل الدبلوماسي الهادئ والرصين والمنطقي.
21طشقند في /10/2007
مراجع استخدمت في البحث:
1. عمر الجويلي: العلاقات الدولية في عصر المعلومات. // القاهرة: السياسة الدولية، 123/1996.
2. كريم حجاج: حرب المعلومات وتطور المذهب العسكري الأمريكي. // القاهرة: السياسة الدولية، 123/1996.
3. د. محمد البخاري: التجربة الديمقراطية السورية. // دمشق: صحيفة تشرين، 4/4/2007.
4. د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
5. د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
6. د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية)
7. د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // دمشق: المعرفة، 491/2004.
8. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، 18/2003.
9. د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: الفيصل، 320/ 2003.
10. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. طشقند: جامعة ميرزة ألوغ بيك الحكومية. 1997.
11. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1990.
12. ميشيو كاكو: رؤى، كيف سيثوِّر العلم القرن الواحد والعشرون. ترجمه للعربية: عدنان عضيمة. دبي: صحيفة البيان، 1998.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق