التدفق الإعلامي الدولي وتكوين وجهات النظر
بقلم: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص صحافة. بروفيسور قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.
منطق النظريات العلمية في المجالات الإنسانية المختلفة يعتمد على مجموعة عوامل مشتركة تنبع من بيئة الإنسان ومجموعة المنبهات والاستجابات التي تتكون استجابة لها. وقد استوعب الإنسان إنسانيته بعد أن تمكن مع مرور الزمن من تشخيص العوامل البيئية والاجتماعية والنفسية المحيطة به، وطور اللغة ومفرداتها لأن اللغة في شكلها الأول وبطبيعتها البسيطة البدائية كانت ضرورية لحياة الجماعة ولازمة أساساً لتكوين علاقات إنسانية بين أفرادها، ومع مرور الزمن تطورت اللغة المكتوبة وأصبحت ذاكرة للمجتمع الإنساني ومكنته من تنسيق جهود البشر وتوحيدها في مجرى مشترك، وجعلت من تداول الخبرة بين الأفراد والأجيال والمجتمعات أمراً ممكناً.[1]
وبهذا المعنى الواسع أصبحت اللغة الأداة الرئيسية للاتصال بين بني البشر، وتحولت إلى أداة فكر لتبادل الآراء والأفكار، وجاءت المطبعة لتفتح الطريق أمام الثورة الصناعية التي مهدت لها الثورة العلمية، وما أن دخل العالم القرن العشرين حتى صار يعيش ثورة شاملة شملت تقنيات الاتصال والإعلام. وانحسرت المسافات الجغرافية أمام القدرات التكنولوجية لوسائل الاتصال الحديثة، وتم تسخيرها وتوظيفها لخدمة نقل المعلومات وتبادلها بين المجتمعات البشرية مما دعى حكومات الدول إلى إخضاعها لنظرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مما دفع بعلماء الإعلام والاتصال لتأسيس نظريات إعلامية مستنتجه من النظريات السياسية الأوسع انتشاراً ومن تطبيقاتها العملية في مختلف المجتمعات المتقدمة من دينية ورأسمالية وتعاونية واشتراكية وهجينة أو خاصة بتميز عن غيرها.
ولا غرابة في أن يكون لإعلام الدول النامية قولٌ في هذا المجال سيما وأن هذه الدول ابتليت بأوضاع فرضتها عليها السياسات الاستعمارية، ونتج عنها ما تعانيه اليوم من حدة في الخلافات السياسية مردها الاستغلال للاقتصادي وتكريس التخلف التي انعكست بالنتيجة على فعالياتها الإعلامية. ورغم ولوج عالم اليوم القرن الحادي والعشرين وانتشار العولمة مع تنامي عصر المعلوماتية ووسائل الاستشعار عن بعد المتطورة فإننا نلاحظ استمرار الدول النامية في تخبطها بمشاكلها الاتصالية والإعلامية الآخذة بالازدياد والصعوبة والتعقيد.
ويعتبر البعض أن الإعلام ما هو إلا ظل للسياسة في العملية الاتصالية اليومية وتطبيق للمناهج السياسية والاقتصادية والفكرية والتربوية والتعليمية والثقافية السائدة في هذا المجتمع أو ذاك، وأن وعي الإنسان لهذه العوامل الاجتماعية وتقديره للظروف الموضوعية والذاتية المحيطة به، يربطه ربطاً مباشراً بلغته القومية، لاسيما وأنها (أي اللغة) هي المعبر عن تقديرنا للواقع الموضوعي، ومع ظهور الوعي واللغة في المراحل الأولى لتطور المجتمعات البشرية، تمكن البشر من التواصل والاتصال ببعضهم البعض.[2]
لماذا ؟ لأن اللغة تمنح الإنسان القدرة على استثمار المنجزات الثقافية والمعرفية المحققة، بعد أن أتاح العلم الحديث للغة ممكنات ووسائل متعددة للتعبير عن دقائق الأمور وصورها النظرية والتطبيقية لتلبي الحاجات الإنسانية. ومع تعدد خصوصيات الحاجات الإنسانية وتنوع أساليب إشباعها من وجهة النظر الاتصالية عمد رجال الإعلام إلى وضع نظريات مناسبة تحسن الخطاب الإعلامي وتستخدم وسيلة الاتصال المتاحة لتجسيد المستويات الإعلامية والوظيفية المطلوبة، وهي: المستوى المعلوماتي: الذي يتوسل باللغة لتوصيل المعلومات إلى المتلقي بأسلوب مباشر وبصياغة واضحة ودقيقة؛ والمستوى الإقناعي: وهو الذي يهدف إلى إقناع المتلقي ودعوته للالتزام أولاً ومن ثم تبني المضمون المعرفي المطروح أو الفكرة المقصودة أو الرأي المراد إيصاله ومن ثم تدعيمه عن طريق خلق قناعات معينة لدى جموع الجماهير العريضة؛ والمستوى التعبيري: الذي يدخل في باب فن الأدب المستخدم في وسائل الإعلام الجماهيرية المقروءة والمسموعة والمرئية التي أصبحت تستخدم الصور الثابتة والمتحركة زيادة في التأثير. ومن النظريات الإعلامية السائدة حتى اليوم: نظرية السلطة المطلقة؛ ونظرية الصحافة الحرة؛ والنظرية الاشتراكية للصحافة؛ ونظرية المسؤولية الاجتماعية للصحافة؛ ونظرية المسؤولية العالمية للصحافة.
معيقات التدفق الإعلامي: ويمثل الاستقلال السياسي للعديد من دول العالم أحد خصائص النظام الدولي الجديد الآخذ بالتبلور منذ العقد التاسع من القرن العشرين إثر انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق. وتظهر الظروف العالمية الراهنة رغم ذلك اتجاه بعض الدول إلى تبني هيمنة وتأثير بعض الدول على النظام الدولي الجديد الآخذ بالتبلور، بينما تتجه دول أخرى إلى رفض تلك الهيمنة والتأثير عليها، إضافة للسعي الحثيث للعديد من شعوب المناطق المضطربة والداخلة ضمن الحدود السياسية لبعض الدول، للاستقلال والتمتع بالسيادة القومية على أراضيها.
وقد كان لمعادلة القوى تأثيرها على التبادل الإعلامي الدولي، كنتيجة للتقدم التكنولوجي والعلمي في مجال تقنيات الاتصال، وأصبحت الدول أكثر ارتباطاً وقرباً من بعضها البعض أكثر من ذي قبل،[3] وأصبح للاتصال والتبادل الإعلامي الدولي دوراً متميزاً في العلاقات الدولية المعاصرة، خاصة فيما يتعلق بمكونات الشخصية القومية لمختلف الشعوب، وتشكيل وتوظيف السياسة الخارجية للدول، ووسائل السياسات الدولية بشكل عام، ويمثل عدم التوازن والتفاوت في عملية التبادل الإعلامي الدولي بين مختلف دول العالم أحد الأبعاد الهامة في السياسة الدولية. وهذا ما يؤكد أن التدفق الحر للمعلومات ليس أكثر من مجرد تدفق للمعلومات في اتجاه واحد، ومن أجل أن يصبح التدفق الإعلامي حراً لابد من تحقيق شيء من التوازن الحقيقي بين الدول.
وعدم التوازن في التدفق الإعلامي قد يحدث داخل دورة التبادل الإعلامي الدولي بأشكال مختلفة، مثلاً: بين الدول المتقدمة والدول الأقل تقدماً والدول النامية؛ وبين الدول ذات النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة؛ وبين الدول المتقدمة المنتمية لنفس المنظومة السياسية، وخاصة من حيث الإمكانيات العلمية والاقتصادية؛ وبين الدول الكبيرة والدول الصغيرة؛ وبين الدول النامية نفسها، مثال الدول الفقيرة ذات الدخل المنخفض، والدول الغنية ذات الدخل المرتفع، من عائدات الموارد الطبيعية مثلاً؛ وبين الأنباء المشجعة والأنباء السيئة.
وكل تلك الأشكال من حالات عدم التوازن، لا تقتصر فقط على التدفق الإعلامي والتبادل الإعلامي الدولي فقط، بل تتعداها إلى جمع وإعداد ونشر المعلومات لأغراض التطور العلمي، ونقل التكنولوجيا المتطورة الجديدة، وحاجات الاقتصاد الوطني ... الخ، مما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الدول المرسلة، أي منابع التدفق الإعلامي الدولي، وبين الدول المستقبلة، أي المستهلكة للمادة الإعلامية الدولية.
وقد دعت الدول المنتسبة لبعض التكتلات الدولية، كمنظمة الدول غير المنحازة، ومنظمة الوحدة الإفريقية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والمنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية، ومنظمة تعاون دول الخليج العربية، ومنظمة آسيان، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابط أوروآسيا الاقتصادية، وغيرها من المنظمات، إلى استقلالية وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، وإلى تحقيق نوع من التوازن في تدفق الأنباء والتخفيف من آثارها السلبية، ونادت هذه الدول بإقامة نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي، ليحل مكان النظام القديم، من خلال بناء نظام دولي للاتصال أكثر حرية ومرونة، وأكثر عدلاً وفاعلية وتوازناً، نظام جديد مبني على أسس المبادئ الديمقراطية وتكافؤ الفرص بين مختلف دول العالم.[4]
ويرتبط التدفق الإعلامي والتبادل الإعلامي ونظام المعلوماتية دولياً بمفاهيم متداخلة، مثل: حرية الإعلام، والتدفق الإعلامي الحر، والتدفق الإعلامي المتوازن، والنمو الحر لوسائل الإعلام والاتصال. وهي ليست أكثر من شعارات براقة تستخدمها بعض الدول للتأثير على البعض الآخر من خلال طروحاتها عبر الإعلام الموجه، وهو ما تظهره بعض الصعوبات الناتجة عن التصرفات السياسية للبعض المهيمن التي تعيق حرية التبادل الإعلامي الدولي، ويمكن تداركها بسهولة لو توافرت النوايا الحسنة عند أولئك البعض. ومن بين تلك الصعوبات أيضاً استخدام العنف الجسدي ضد الصحفيين، والتشريعات القمعية، والرقابة المجحفة، وإدراج أسماء الصحفيين في القوائم السوداء، ومنعهم من النشر، وحظر انتقال الصحف والمجلات والكتب ومنع استيرادها، وفي أكثرية الحالات منع تصديرها من قبل الدول المتقدمة خوفاً من تسرب تقنيات التكنولوجيا المتطورة إلى الخارج.
وقد استخدم مبدأ التدفق الإعلامي الحر كوسيلة سياسية في الصراعات القائمة سابقاً بين الدول الاشتراكية بقيادة الإتحاد السوفييتي السابق، والدول الرأسمالية المتطورة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، إبان سنوات الحرب الباردة. واستخدم كوسيلة اقتصادية من قبل الدول الغنية لتحقيق أهداف سياساتها الخارجية في الدول النامية، ولهذا رأت الدول النامية في مبدأ التدفق الإعلامي الحر، تأكيداً لسيطرة عدد قليل من الدول الصناعية المتقدمة على سيل المعلومات المتدفقة إلى الدول النامية، وأن حرية الإعلام تعني أن يكون تدفق المعلومات باتجاهين، تأكيداً للعدالة في التبادل الإعلامي الدولي. وقد أدى مبدأ التدفق الإعلامي الحر عملياً إلى تدفق أحادي الجانب للمعلومات والرسائل الإعلامية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وبرامج الكمبيوتر والمنتجات الثقافية من الدول المتطورة صناعياً إلى الدول الصغيرة والأقل تطوراً والدول النامية، مما عزز من سيطرة مراكز القوة في العالم وأحكم سيطرتها على عملية التدفق الإعلامي من الشمال الغني إلى الجنوب الفقير.
والتدفق الإعلامي باتجاه واحد الذي يعتمد على أنماط تاريخية وثقافية معينة، يؤثر حتى على بعض الدول الداخلة في إطار إقليم جغرافي واحد، إذ نرى في أوروبا أن بعض الدول تسيطر على سيل المعلومات المتدفقة من القارة الأوربية، وتتجاهل الإنجازات الضخمة والنجاحات التي حققتها بعض الدول الأوربية الصغيرة أثناء بثها للمعلومات من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولي.
وعلى هذا الأساس فإننا نستطيع استنتاج: أنه هناك سيل جارف باتجاهين من المعلومات يجري بين شمال القارة الأمريكية والقارة الأوربية دون عوائق؛ وهناك تدفق إعلامي باتجاه واحد، يتركز من شمال الكرة الأرضية إلى جنوبها يستقبل من خلاله العالم أكثر من 90 % من المواد الإعلامية عبر لندن وباريس ونيويورك. ويظهر بوضوح عدم التوازن بإنتاج الصحف والمجلات والكتب والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وغيرها من المواد الإعلامية، ونشرها وتوزيعها عبر الشبكات الدولية لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، ويعكس في الوقت نفسه الوضع الحقيقي للتبادل الإعلامي الدولي. وكانت ردة فعل الدول المتقدمة والمسيطرة على وسائل الاتصال وعملية التدفق الإعلامي، على مساعي مجموعة الدول غير المنحازة لتقوية وضعها في عملية التبادل الإعلامي الدولي غير مرضية.[5] لأن التدفق الإعلامي باتجاه واحد يعد انعكاساً لسيطرة النظم السياسية والاقتصادية للدول المتطورة ويؤكد دائماً تبعية الدول الأقل تطوراً والدول النامية للدول المتقدمة، من خلال تركيز وسائل الإعلام الدولية للدول المتقدمة على تصوير الأزمات والإخفاقات والصراعات والصدامات العنيفة والفشل في الدول النامية والأقل نمواً.
والتدفق الإعلامي الدولي عملياً هو رأسياً، بدلاً من أن يكون أفقياً كونه أحادي الجانب، يأتي من الأعلى من الدول المتقدمة، إلى أسفل إلى الدول الأقل تطوراً والدول النامية. وهو ما يظهر معادلة القوة في التبادل الإعلامي الدولي في إطار العلاقات الدولية المعاصرة.
ومن الظواهر الواضحة في التبادل الإعلامي الدولي بعد التطور الهائل في وسائل الاتصال الحديثة، طرح المعلومات كسلعة تجارية وخدمات تتمثل في نقل وحفظ واسترجاع البيانات والمعلومات، واحتلال الأنشطة التجارية حيزاً كبيراً من المساحة الإعلامية، وهو ما تظهره الصحف والمجلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وبرامج الحاسب الآلي (الكمبيوتر) في القنوات والشبكات العالمية، مما يقلل من القيمة الثقافية والاجتماعية لوسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، في إطار التبادل الإعلامي الدولي.
التدفق الإعلامي الدولي وتحليل المضمون الإعلامي: في القرن الماضي قام جوهان جالتونج Gohan Galtung بدراسة تناولت اتجاه التدفق الإعلامي الدولي، في النمط الذي صممه (المركز - الهامش) في دراسته عن النظرية الهيكلية للاحتكار الدولي. وقد قسم جوهان دول العالم إلى جزأين "المركز" الذي يمثل الدول المسيطرة، و"الهامش" الذي يمثل المناطق الخاضعة لهيمنة تلك الدول. وخرج بنتيجة مفادها أن التفاعل الرأسي يعد العامل الرئيسي الذي يؤكد انعدام المساواة بين دول العالم. وخلص جالتونج إلى: أن "المركز" يسيطر على تدفق الأنباء في العالم؛ وأن الأنباء الذي تتحدث عن "المركز" تشغل الحيز الأكبر من مضمون الأنباء الأجنبية في وسائل الإعلام الجماهيرية لدول "الهامش"، أكثر مما تشغله أنباء دول "الهامش" في وسائل الإعلام الجماهيرية لدول "المركز"؛ وأنه هناك تدفق إعلامي أقل نسبياً للأنباء ضمن مجموعة دول "الهامش"؛ وأن التدفق الإعلامي الدولي، يعد واحداً من المجالات الرئيسية للاتصال والتبادل الإعلامي الدولي؛ وأن وكالات الأنباء الأربع AP, AFP, UPI, Reuters تعد من المصادر الإعلامية المسيطرة على تدفق الأنباء الخارجية لمعظم دول العالم. وأن وكالة أنباء TASS السوفييتية كانت تعتبر المصدر الرئيسي لمعظم الدول الاشتراكية قبل انهيار الإتحاد السوفييتي ومعه المنظومة الاشتراكية، وأن الحجم الإجمالي للأنباء التي توزعها الوكالات الرئيسية الأربع للأنباء في العالم يتمثل بحوالي 32.850.000 كلمة يومياً، بينما لا يزيد حجم الأنباء التي توزعها بعض وكالات الأنباء الأخرى في العالم عن 1.090.000 كلمة يومياً وهو ما يوضح مدى سيطرة وكالات الأنباء الرئيسية الأربع في العالم على التدفق الإعلامي الدولي إضافة لبثها المواد التلفزيونية المصورة أيضاً.
وأوضحت بعض الدراسات الإعلامية مدى تركيز هذه الوكالات في أنبائها على الأخبار السلبية والسيئة عن الدول الأقل تطوراً والنامية في العالم، كالفساد والعنف، والإخفاق، والكوارث الطبيعية، أكثر من تناولها للأنباء الخاصة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية واحتياجاتها، بتأكيد على الأحداث الجارية دون تناول العوامل المسببة لتلك الأحداث، إضافة لتركيز تلك الوكالات على الصفوة في المجتمع، أكثر من اهتمامها بالقطاعات العريضة، وتأثير الفوارق الاجتماعية والثقافية بين شعوب العالم على التدفق الإعلامي الدولي، تلك الفوارق التي شكلت وتشكل عائقاً أمام التبادل الإعلامي الدولي.
وأظهرت بعض الدراسات أن التلفزيون يعتبر من أكثر وسائل الإعلام الجماهيرية تأثيراً على الجمهور الإعلامي، وأكدت تأثيره النسب المرتفعة لساعات المشاهدة اليومية، في أوساط مشاهدي للبرامج التلفزيونية.[6] وأظهرت أن التدفق الإعلامي الدولي عبر القنوات التلفزيونية الفضائية، يعد مؤثراً بصورة خاصة على النساء والأطفال الأكثر تعرضاً للبرامج التلفزيونية في الدول المتقدمة، ومجمل سكان الدول الأقل تقدماً، وأن النموذج الإعلامي التلفزيوني الغربي المسيطر، أو النموذج الاشتراكي الآخذ بالأفول، لا يلبيان الحاجات الإعلامية للدول النامية. هذا إن لم نتطرق إلى سيل المعلومات الذي تحمله شبكات الإنترنيت بحالة شبه فوضوية اليوم دون أي مسؤولية إنسانية ودون الإشارة إلى مصادر تلك المعلومات في أكثر الحالات. خاصة وأن التبادل الإعلامي الدولي، يعد واحداً من الاتجاهات الرئيسية للتدفق الإعلامي العالمي من خلال وسائل الاتصال ونقل البيانات والمعلومات، وتزايد اعتماد البنوك، وشركات التأمين العالمية، وخطوط النقل الجوي، وشركات الملاحة البحرية، والشركات متعددة الجنسية، ووكالات الأنباء، ووسائل الإعلام الجماهيرية وغيرها، على شبكات الاتصال الحديثة لأغراض الاتصال وتبادل البيانات.
وقد أصبح هذا النوع من الاتصال الدولي ممكناً، بعد التطور العلمي والتقني والتكنولوجي الهائل في نظم الاتصال الإلكترونية عبر الفضاء الكوني مما سمح للولايات المتحدة الأمريكية الأكثر تطوراً في نظم وسائل الاتصال الفضائية الإلكترونية، وتملك أوسع شبكة حاسب آلي (كمبيوتر) منتشرة عالمياً "الإنترنيت"، لاحتلال موقع المسيطر في هذا المجال الحيوي للاتصال في العالم. وعلى سبيل المثال كانت الولايات المتحدة الأمريكية وحدها مسؤولة في الربع الأخير من القرن العشرين (1981) عن نقل وتوزيع 80% من البيانات والمعلومات في العالم وزاد هذا الرقم كثيراً اليوم بفضل ثورة الحاسبات الإلكترونية التي توغلت في كل مناحي الحياة وامتزجت بكل وسائل الاتصال واندمجت معها، ولعل شبكة انترنيت الأمريكية الشهيرة تمثل جوهر ذلك الامتزاج حيث يتم تخزين معلومات واردة من أكثر من 21 ألف شبكة معلومات بشكل منظم منسق يسهل عملية استرجاعها بواسطة أي مستخدم، من خلال الحاسبات الإلكترونية، ثم تقوم بعد ذلك بواسطة تقنيات الاتصال المتطورة التي توظف الخطوط الهاتفية الأرضية وعبر الأقمار الصناعية لتوصيلها إلى ملايين المشتركين في جميع أنحاء العالم.[7]
جوانب التبادل الإعلامي الدولي: تساهم وسائل الإعلام الجماهيرية في خلق تصور وفهم أو سوء فهم أو عدم فهم الشعوب لبعضها البعض، وقد تكونت هذه الظاهرة، كنتيجة حتمية لانعدام التوازن في التدفق الإعلامي الدولي، ونتيجة للتشويه الناتج عن وصف الدول المتقدمة للدول الأقل تطوراً والدول النامية من خلال المواد التي تنشرها وتبثها مصادر الأنباء المسيطرة على السوق الإعلامية في العالم، بشكل سلبي يصور حالات الإخفاق والاضطراب والفوضى والعنف والفساد والفشل في تلك الدول وكأن الدول المتقدمة نفسها خالية منها.
وقد خلصت بعض الدراسات إلى أن قيام الأفراد ببناء وتقويم التصور الذهني لدى الشعوب تماثل عملية قيامهم ببناء الصورة الذهنية الواقعية، وأن قيمة أحكامهم ترجع إلى خليط من العوامل الجغرافية والدينية والسياسية والعرقية أو إلى جوانب أخرى عن تلك الدول. ويميل القائمون بالاتصال في الدول الغربية عامة إلى التأكيد على الصراعات والأحداث المشؤومة، مع التركيز على التأثيرات السلبية في تقويمهم للحكومات أو المجتمعات.
وخلصت بعض الدراسات الميدانية إلى نتيجة مفادها، أن التعليم يظل العامل المستقل والمسيطر على عملية التنبؤ المعرفي في كل بلد، حتى وبعد إضافة عوامل التعرض لوسائل الإعلام الجماهيرية، وأن الرجال أكثر ميلاً من النساء للتعرف على الخصائص الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالبلاد التي يسكنوها. ويتأثر التصور الذهني لدى الإنسان من خلال أخبار العالم التي يتعرض لها بأوجه القصور التالية: أن الأنباء الدولية تركز على الغرب أساساً، لأن مصادر الأنباء هي غربية بشكل عام؛ وأن التغطية الإخبارية للدول النامية تتم بطريقة سلبية واضحة؛ وأن الأنباء الدولية تميل للتعقيد بدلاً من أن تميل للبساطة والوضوح.
ونستطيع من ذلك الخروج بخلاصة مفادها، أن التدفق الإعلامي الدولي يخدم ويؤكد أساساً تكوين التصور الذهني الإيجابي عن الغرب وحده في الوقت الذي يكوّن تصور ذهني سلبي عن الدول النامية، رابطاً بين تلك الدول والجوانب السلبية من إخفاق وفساد وإرهاب وعنف وفشل... إلخ، من صور التشويه في إطار التدفق الإعلامي الدولي والتبادل الإعلامي الدولي.
التبادل الإعلامي الدولي والتعاون الدولي: ولمواجهة المشاكل التي خلقها التدفق الإعلامي الدولي للدول النامية طالبت الدول النامية عبر المحافل الدولية، بإقامة نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي لتحقيق العدالة وتحسين وضع الدول النامية في عملية التدفق الإعلامي الدولي، وقد تحقق تحسن ملحوظ في إطار التدفق الإعلامي الدولي بين الدول النامية والدول الصناعية المتقدمة، بعد ظهور بعض الأنظمة الإعلامية الجديدة، وإنشاء العديد من وكالات الأنباء التابعة للتجمعات الدولية والإقليمية. ومن بين تلك الوكالات، وكالة الأنباء الدولية: (IPS) The Inter Press Service المتخصصة بتوزيع أنباء الدول النامية، وعملت على تدعيم وتشجيع ربط التبادل الإعلامي الأفقي بين الدول النامية، وتوزيع أنبائها على وسائل الإعلام في أوروبا وأمريكا الشمالية، وافتتحت هذه الوكالة مكاتب لها في أكثر من 60 دولة ثلثيها في الدول النامية، وعقدت اتفاقيات ثنائية مع 30 وكالة أنباء وطنية في الدول النامية لتبادل الأنباء بينها، إضافة لتركيزها على قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، والتطور الحاصل في الدول النامية. كما عقدت وكالة الأنباء الدولية اتفاقيات مع عدد من وكالات منظمة الأمم المتحدة لتغطية أخبار أنشطتها المختلفة.[8] وتحصل وكالة الأنباء الدولية IPS على 70 % من الأنباء التي توزعها، من مراسليها الموزعين في مختلف الدول النامية أما الـ 30 % الباقية فتحصل عليها من وكالات الأنباء الوطنية في الدول النامية، التي أبرمت معها اتفاقيات تبادل إعلامي، بالإضافة لبعض وكالات الأنباء الصغيرة. وتوزع أخبارها يومياً، من خلال شبكتين رئيسيتين ناطقتين باللغتين الإسبانية حوالي 30,000 كلمة يومياً، والإنجليزية 20,000 كلمة يومياً. وتضم الشبكتين وكالات الأنباء الإسبانية، والنمساوية، والمكسيكية، والفينزويلية، والنيكاراغوية، والكوبية، والبوليفية، والمكسيكية، والكولومبية، والإكوادورية، والبنمية، والدومنيكانية، والغرينادية، والنيجيرية، والفلبينية، والنيبالية، والسريلانكية، والفلسطينية، والعراقية، والإمارات العربية المتحدة، والقطرية، والليبية، والتونسية، ووكالة أنباء IFDA الدولية. إضافة لقيامها بترجمة وتوزيع مجموعة مختارة من تلك الأنباء إلى اللغات الفرنسية والألمانية والعربية والبرتغالية والهولندية والنرويجية والسويدية.
ومن كل ذلك نستنتج أن وكالة الأنباء الدولية IPS تشارك بشكل مختلف تماماً في التدفق الإعلامي الدولي، وفي عملية التبادل الإعلامي الدولي، فهي تعكس أوضاع الحياة في الدول النامية بكل مشاكله وتحدياته، وتسعى إلى خلق تأثير إيجابي في المعرفة والآراء واتجاهات الرأي العام الدولي المتعلقة بقضايا الدول النامية، ونستخلص من ذلك أن التدفق الحر للإعلام في وضعه الراهن، ليس أكثر من تدفق لسيل من المعلومات باتجاه واحد يخدم مصالح الدول الصناعية المتقدمة، المسيطرة على وسائل الاتصال الحديثة. وأن الدول النامية تنظر بقلق بالغ نحو الواقع المؤلم الذي تعيشه والمتمثل بسيطرة الدول الصناعية المتقدمة على وسائل الاتصال الحديثة، ومصادر الأنباء وتوظيفها لصالح دعايتها على حساب المصالح الوطنية للدول النامية العاجزة اقتصادياً وتقنياً وعلمياً عن حل هذه المعضلة التي تقف عاجزة أمامها، وأن التبادل الإعلامي الدولي بحد ذاته هو تبادل رأسي لا يراعي متطلبات التبادل الأفقي بين كل دول العالم، وفي أكثر الأحيان يكون تدفقاً إعلامياً باتجاه واحد ووجهة نظر واحدة تعبر عن رأي القوي المهيمن فقط.
وهذا الوضع يحتاج إلى الاستمرارية في الجهود والصبر وعدم التراجع من قبل الدول الأقل تطوراً والدول النامية، للانتقال إلى وضع أفضل ومناسب، يستفيد من التغييرات العالمية السريعة والتطورات التي تلت انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، وهيأت العالم لتقبل نظام دولي جديد بعيد عن ظروف الحرب الباردة بين الشرق الغرب ونتائجها على الدول النامية. وهذا يرتبط بتغييرات فعالة وجذرية في بنى وسياسات عديدة، للتخلص من المعوقات التي تقف حائلاً دون ظهور نظام إعلامي دولي ديمقراطي جديد يشمل تطوير النظام الدولي للاتصال ليتمشى والتحديات القائمة، من قضايا مثل: القائم بالاتصال، ومضمون الاتصال، ووسائل الاتصال، وجمهور الاتصال، وتأثير الاتصال، وأهداف الاتصال، واختيار أنسب العناصر الملائمة للتبادل الإعلامي الدولي، ليسهم على المدى القريب في تحسين وضعية الدول النامية والدول الأقل تطوراً في إطار نظام إعلامي ديمقراطي عالمي جديد وما الدعوة إلى نظام إعلامي جديد، سوى دعوة من قبل أكثرية دول العالم لتحقيق العدالة والتوازن في عملية التدفق الإعلامي.[9] وهي دعوة للتأثير المعنوي لا أكثر، لأن تغيير واقع النظام الإعلامي الدولي، وتحسين ظروف التبادل الإعلامي الدولي لا يتم إلا بالاعتماد على النفس، والسعي الدائم من قبل الدول النامية لتطوير إمكانياتها الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية، وإقامة وسائل إعلام جماهيرية حديثة قادرة على مخاطبة الرأي العام الدولي دون وسيط.
أساليب وتقنيات وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية: وأشارت بعض الأبحاث العلمية إلى أن من أهم عناصر نجاح الحملات الإعلامية الموجهة لجمهور إعلامي خارج بلد المنشأ، هي الأساليب والتقنيات والتكتيكات التي يستخدمها الصحفيون للوصول إلى الأهداف، وإقناع القارئ والمستمع والمشاهد، بما يقدمونه له وصولاً للأهداف المرسومة في الخطة الإعلامية، وبينت أن الأساليب المستخدمة في الحملات الإعلامية والدعائية الدولية، تساعد على:[10] جذب انتباه مستقبل الرسائل الإعلامية وشده إلى مضمونها من خلال مراعاتها لاهتماماته وميوله الثقافية. باستعمال أسلوب شيق لصياغة المادة الإعلامية بشكل تصبح معه قابلة للتصديق بعيدة عن الشك أو التشكيك لأنهما يؤديان إلى استغلالهما من قبل الحملات الإعلامية المضادة، ويصبح الشك أو التشكيك عنصر إضعاف للحملة الإعلامية وعائقاً لوصولها إلى النتائج المرجوة منها. وأن استخدام تقنيات الكذب وحبكه بشكل محكم يحرك مشاعر مستقبل الرسالة الإعلامية ويصعب عليه اكتشاف الكذب المخفي داخل الرسائل الإعلامية بالإضافة إلى سعي الحملات الإعلامية لتوريط مستقبلي الرسائل الإعلامية، وشدهم للمشاركة معها في العمل مجبرة إياهم على تأييد خطها وأسلوبها في العمل، والبحث عن تبريرات لذلك التأييد تلقائياً.
كما وتستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية في حملاتها الدعائية، أسلوب التكرار وعرض الموضوع أكثر من مرة للتأكد من وصوله إلى الجمهور الإعلامي المقصود والتأكد من تحقق أكبر قدر ممكن من التأثير المطلوب، ويتم ذلك عادة بمراعاة الوقت الملائم والظروف المؤاتية والوسائل الناجعة للتكرار، واستخدام أسلوب المبالغة بشكل يصعب معه اكتشافها من قبل القارئ والمستمع والمشاهد، للتهويل على الجمهور الإعلامي، وصولاً للحد الأقصى من التأثير المعنوي عليه. ومرافقته باستخدام أسلوب الكذب والتضليل لتبرير مواقف معينة جرت فعلاً. ومن الأساليب الشائعة جداً أسلوب التلميح والغمز عند توجيه اتهام لشخص ما أو جماعة معينة أو دولة بحد ذاتها، كون تأثير هذا الأسلوب أكبر من تأثير الاتهام المباشر على الجمهور الإعلامي، واستخدام أسلوب عرض المواضيع بقالب يوحي بأنها حقيقة ثابتة، لا تقبل الجدل لمنع تسرب الشك إلى أذهان الجمهور الإعلامي. ووسائل الإعلام الجماهيرية الدولية تسعي دائماً للتقرب من الجمهور الإعلامي باستخدامها لأشخاص يعرفون ثقافة وميول ورغبات واستعدادات مستقبل الرسالة الإعلامية، ويعرضون المادة الإعلامية بالصورة واللغة التي يفهمها الجمهور الإعلامي المستهدف جيداً، إضافة لمحاولة تقمص شخصية المستهدف أثناء تنفيذ الحملات الإعلامية. وهذا بات واضحاً في القنوات التلفزيونية مجهولة الهوية والارتباطات والمصادر والأخذة بالازدياد منذ العقد التاسع للقرن الماضي تحت ستار شركات تجارية مختلفة، تجاوز عدد الناطقة منها باللغة العربية الـ 150. كما وتلجأ وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، في حملاتها الإعلامية إلى الاعتماد على مصادر موثوقة عند إعداد وصياغة المواد الإعلامية، بهدف زيادة الثقة لدى الجمهور المستهدف وتدعيم تقبله للمواد الإعلامية الموجهة له، أو إلى التجاهل المتعمد لأحداث معينة أو ما تروجه وسائل الإعلام الجماهيرية المضادة، من مواضيع لا يمكن الرد عليها بسبب ضعف الموقف المواجه للدعاية المضادة. وقد تلجأ وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية إلى استخدام لغة إعلامية واضحة من خلال العبارات المستخدمة تجنباً للالتباس في المعاني والتفاسير، وتأكيداً للوصول إلى الهدف المرسوم. أو تلجأ إلى الربط المزيف لترك مستقبل الرسالة الإعلامية، يتقبل موقفاً معيناً ويرفض موقفاً آخر، معتمداً على خبراته السابقة، دون وعي أو إدراك أو تفكير ويزداد أثر هذا الأسلوب على الجمهور الإعلامي الذي يتمتع بمستوى تعليمياً ضعيفاً.
وكثيراً ما تستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية في حملاتها الدعائية، العاطفة وغريزة القطيع في توجيه حملات إعلامية لجماعات إنسانية تربط بينها روابط مشتركة كالدين أو العقيدة أو العنصر أو الجنس أو البيئة أو المهنة أو العمل أو الانتماء لتنظيم معين أو حمل جنسية واحدة. ومعروف كم هو صعب تحديد مدى التزام، أو عدم التزام، وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية بأخلاقية العمل الصحفي، إذ قد تلجأ في بعض الأحيان مضطرة، أو عن سابق ترصد وإصرار إلى أساليب وتقنيات تتعارض مع أخلاقيات العمل الصحفي المعروفة والمعترف بها دولياً، في حملاتها الإعلامية للوصول لأهداف معينة، في نفس الوقت الذي تنفي فيه عن نفسها هذه التهمة، مؤكدة التزامها بأخلاقيات العمل الصحفي، لأن اعترافها بالخروج عن مواثيق أخلاق العمل الصحفي الدولية يعني فقدانها لمصداقيتها وانتهاء لدورها الإعلامي الدولي، وهذا وضع لا يقبل به أحد.
الجانب الثقافي للتبادل الإعلامي الدولي: هناك جانب ثقافي للحملات الإعلامية الدولية،[11] يطلق عليه اسم الدعاية الثقافية الدوليةInternational Cultural Propaganda وتزداد فاعلية هذا الدور طردياً بالتناسب مع قوة ومكانة ودور الدول التي تمارسه في النظام الدولي. حيث تركز تلك الدول على نشر ثقافتها داخل الدول الأخرى، مما حذى بالبعض لوصف هذا النشاط الموجه لمجتمعات الدول الأضعف بالاستعمار الثقافي إلا أن تطور العلاقات الدولية يقتضي تفاعلاً أكثر بين ثقافات مختلف الأمم خاصة في الظروف التي يركز البعض فيها على دفع وتكريس صراع مزعوم بين الثقافات والحضارات، وهناك فرق واضح بين التفاعل الحر بين الثقافات، وبين فرض ثقافة معينة على حساب تحطيم الثقافة الأصلية لشعب معين، من خلال استغلال التبادل الإعلامي الدولي من قبل الدول المتقدمة في حملات دعايتها الثقافية الموجهة للدول الأقل تطوراً والدول النامية.
ويدخل هذا النشاط الثقافي الهادف في إطار التأثير على المجتمعات الأخرى ضمن حملات الدعاية الدولية، ويشمل في طياته الآداب والفنون والتعليم والرياضة والتبادل الثقافي والمنح التعليمية ودعوة الصفوة من مثقفي الدول الأضعف لزيارة الدولة الأقوى والأكثر تطوراً للإطلاع على ما ترغبه هي من منجزاتها الثقافية، وعلى سبيل المثال تمارس الولايات المتحدة الأمريكية حملات دعايتها الثقافية، من خلال وسائل إعلامها الجماهيرية الدولية وهيئة الاستعلامات الأمريكية التي تمارس أنشطة متعددة خارج الولايات المتحدة، ومن خلال المكتبات والمراكز الثقافية المنتشرة في العديد من دول العالم. ومن خلال سعيها الحثيث لنشر تعليم اللغة الإنكليزية وأنظمة التعليم الأمريكية في الخارج، وتقديم المنح الدراسية لطلاب من الدول الأخرى، واستيعاب الطلاب الوافدين من الدول الأخرى الراغبين في الحصول على التعليم في مؤسسات التعليم والجامعات الأمريكية ومن خلال اتفاقيات التعاون الثقافي الموقعة بينها وبين الدول الأخرى، إضافة لبرامج المساعدات الثقافية الأمريكية للدول النامية.
أما بريطانيا فهي إضافة لوسائل إعلامها الجماهيرية الدولية، تمارس حملاتها الإعلامية والدعائية الثقافية الدولية من خلال المجلس البريطاني الذي تمده بثلث مخصصاته المالية،[12] مؤسسة التنمية البريطانية فيما وراء البحار Overseas Development Administration وتدخل معظم الوظائف التعليمية التي يقوم بها المجلس البريطاني في إطار برنامج المعونة الفنية، ويعمل المجلس في أكثر من ثمانين دولة على تعليم اللغة الإنكليزية مركزاً على تدريب معلمي اللغة الإنكليزية في هذه الدول. وللمجلس البريطاني مكتبات في أكثر من خمسين دولة، ويعمل على تنمية الاتصالات بين العلماء والفنانين والمهنيين وغيرهم من مثقفي الدول النامية، إضافة لإيفاده العديد من الدارسين من تلك الدول إلى بريطانيا للتحصيل العلمي والدراسي، وتختلف أوضاع العاملين في الخارج من موظفي المجلس البريطاني عن الدبلوماسيين المعتمدين وفي حالات نادرة يكون ممثل المجلس في البلد المتواجد فيها ملحقاً ثقافياً في سفارة بلاده.
أما فرنسا فتمارس حملاتها الإعلامية والدعائية الثقافية الدولية، إضافة لوسائل إعلامها الجماهيرية الدولية، من خلال رابطة أليانس فرنسيس Alliance Francaise التي أحدثت عام 1883 بهدف مضاعفة تأثير فرنسا في الخارج، ونشر الثقافة واللغة الفرنسية في العالم، ويتبع لرابطة أليانس فرنسيس أكثر من 1010 لجنة وجمعية في الخارج تقوم بتنظيم مؤتمرات واجتماعات وافتتاح مكتبات، و600 مركز منتشرة في أنحاء مختلفة من العالم.[13]
والشائع أن تمارس الدول نشاطات دعايتها الثقافية من خلال المراكز الثقافية التابعة لسفاراتها في الدول الأخرى، ويتولى إدارة تلك المراكز المستشارون أو الملحقون الثقافيون المعتمدون في السلك الدبلوماسي المتواجد في ذلك البلد بينما تكتفي الدول غير القادرة على افتتاح مركز ثقافي أو إعلامي لها في البلدان الأخرى على نشاط المستشارين والملحقين الثقافيين المعتمدين في سفاراتها بالخارج.
وتبدلت الصورة بعد أن جاء عصر التخطي المعلوماتي للحدود القومية خلال العشرين سنة الأخيرة من القرن العشرين، وتضمن تحولات جذرية في وسائل تخزين، ومعالجة واسترجاع المعلومات، والنمو السريع لتقنيات الاتصالات اللاسلكية، وتقنيات الميكروويف، والألياف البصرية، وتكنولوجيا الأقمار الصناعية للاتصالات، وبرامج الحاسبات الآلية (الكمبيوتر)، والإذاعة والتلفزيون[14] عبر الأقمار الصناعية أو الموجات الإذاعية والتلفزيونية الوطنية المستأجرة من قبل جهات دولية مهيمنة إعلامياً في بعض الدول النامية والأقل تطوراً أو عن طريق مشاركتها تجارياً وهو الأسلوب الأنجع الذي تستخدمه تلك الجهات حاملة معها ظاهرة الثقافة عابرة القوميات، وهي عملية أساسية يحل فيها بدرجات متفاوتة وفي سياقات مختلفة، تنظيم الشعوب في مجموعات "أفقية" محل تنظيمهم رأسياً في مجموعات وطنية، وبمعنى آخر ترتبط الشعوب بعضها ببعض بأساليب إلكترونية، وليس بالجوار الجغرافي،[15] وليس بالثقافة الوطنية أو القومية. ويذهب البعض إلى أن ظاهرة التخطي المعلوماتي، للحدود المعترف بها لدول العالم، أو الثقافة عابرة القوميات، وهي ظاهرة الأمركة بسبب التفوق الأمريكي الواضح في هذا المجال.[16] ويثير التخطي المعلوماتي للحدود القومية والوطنية تساؤلات محورية وأساسية ومهمة لكل المجتمعات بغض النظر عن وضعها الاقتصادي الراهن أو المشاكل التي تواجهها أو الضغوط التي تتعرض لها.
وتتصل هذه التساؤلات بعدد من القضايا الأساسية، منها: السيطرة على الإنتاج الثقافي وتوزيعه، والتسلل إلى المعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها للدول الأخرى؛ وخلق نظام إعلامي عالمي جديد، وتنظيم عمليات تدفق البيانات عبر الحدود، والتحكم فيها عن بعد؛ وتحديد سياسة الدولة في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها؛ وتنمية طاقات وطنية تكنولوجية وإنتاجية؛ وإعادة بناء الفهم لما هو وطني وقومي بالمعنى الثقافي والتاريخي والتراثي وغيره،[17] وهو من أخطر مظاهر الغزو الثقافي المتمثل في عالم اليوم.
ورغم انتشار المحطات التلفزيونية الناطقة باللغة العربية (حسب تعبير الأستاذ ماجد حليمة مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سورية) بكثرة ليصبح عددها حوالي 150 محطة تتراوح ما بين سياسية وفنية ورياضية وثقافية ودينية ومنوعة وغيرها إلا أن وكالات الأنباء العالمية تحاول حشر أخبارها بالطريقة التي تريدها دون أن يكون للعرب حق القبول أو الرفض وإذا ما أرادوا الاعتراض أو التعبير عن وجهة نظرهم فيحاربوا ويمنعوا من الوصول إلى الساحة العالمية،[18] في الوقت الذي نرى فيه أن الإعلام السوري بوسائله المختلفة يواجه مجموعة من التحديات، على ضوء التغيرات الهائلة في أشكال ملكية وسائل الإعلام الجماهيرية، وفي الهياكل التنظيمية والإدارية إلى جانب حاجات التطورات المتسارعة في تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية والإنتاج الصحفي، بالإضافة لما أفرزته هذه التغييرات مجتمعة من تعديلات جوهرية في السياسات الإعلامية، وفي مفاهيم المسؤولية المهنية والاجتماعية للإعلام، إضافة لمعاناة الإعلام الجماهيري السوري من مسائل التحديث والتطوير ليكون قادراً على المنافسة وحل المشكلات التي تولدت نتيجة لأربعين سنة من ملكية الدولة لوسائل الإعلام التي أفرزت (حسب تعبير صحيفة الثورة) حزمة من التأثيرات السلبية على الإدارة وبيئة العمل الصحفي والمهني والتمويلي في المؤسسات الصحفية والإعلامية.[19]
في الوقت الذي نجد فيه قطاع الطباعة في منطقة الشرق الأوسط يشكل قفزة نوعية بشكل عام، وفي منطقة الخليج العربي بشكل خاص، ويحقق معدلات نمو واعدة بلغت في سوق الطباعة بدول مجلس التعاون الخليجي حوالي 6.7 مليار ريال سعودي عام 2006 وحققت سوق الطباعة في السعودية اتجاها متصاعدا في معدلات النمو، بسبب تنامي القطاع الخاص الذي يشكل حوالي 46% من القوة الشرائية في المملكة، وما رافقه من زيادة في الطلب على مواد الطباعة والمواد الدعائية، ليبلغ معدل استهلاك الفرد من الورق في المملكة حوالي 13 كيلوغراما عام 2006، لتصبح سوق الطباعة فيها من أكبر أسواق المنطقة من حيث الحجم لوجود أكبر عدد من الناشرين، فقد بلغ حجم سوق الطباعة في المملكة نحو 2.9 مليار ريال عام 2006، بمعدل نمو سنوي 44% من حجم سوق الطباعة في منطقة الخليج العربي.
وتلتها سوق الطباعة في دولة الإمارات العربية المتحدة وعادلت نحو 2.556 مليون ريال في العام 2006 أي حوالي 38% من إجمالي حجم السوق في المنطقة، وشكلت سوق السعودية والإمارات مجتمعتين حوالي 82% من حجم السوق الكلي للطباعة في الخليج، فيما ظلت الطباعة في السعودية أقل كلفة منها في الإمارات، التي تعد سوق الطباعة فيها الأكثر نمواً بين أسواق الطباعة في الخليج العربي.
وتضم سوق الطباعة في السعودية، أربعة قطاعات رئيسية؛ هي: طباعة الصحف والمجلات وطباعة الكتب بما فيها الكتب المدرسية، والطباعة التجارية، وطباعة الكرتون وورق التغليف، لتكون في صدارة الدول الخليجية في مجال استقطاب آلات الطباعة الحديثة منذ بدايات القرن الماضي، محدثة نقلات نوعية من حيث مدى تطور صناعة الطباعة وتوسعها مع دخول الشركات الأجنبية ونمو الطلب على الطباعة التجارية خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي.
ويبلغ حجم النسخ المباعة فعلاً من الصحف اليومية في المملكة العربية السعودية نحو 1.5 مليون نسخة، وهو ما يشير إلى بقاء الصحف من مصادر المعلومات التقليدية لأفراد المجتمع السعودي، مثله مثل المجتمعات العربية الأخرى. ولهذا يمكننا اعتبار سوق المملكة العربية السعودية من أكبر أسواق طباعة الصحف في الخليج، إذ تبلغ حصتها نحو 45% من إجمالي حجم سوق طباعة الصحف في منطقة الخليج العربية، ووصل حجم الطلب على سوق طباعة الصحف في المملكة العربية السعودية إلى نحو 328.9 مليون ريال عام 2006، وتطبع فيها 21 صحيفة يومية تصدر معظمها باللغة العربية، وتطبع نسخ خاصة من بعض الصحف البارزة الصادرة في بعض الدول العربية الأخرى بشكل يومي، وتتوقع بعض المصادر نمو سوق الصحف والمجلات في المستقبل مع انتشار الصحف غير التقليدية والمجلات المتخصصة، بعد أن بلغ عدد النسخ المباعة من المجلات الشهرية مليوني نسخة، لتشكل الصحف والمجلات معا نحو 24.4% من سوق الطباعة في المملكة وقدر حجم سوق طباعة الصحف والمجلات معا عام 2006 بنحو 722.6 مليون ريال. بينما شكلت طباعة الصحف والمجلات نحو 34% من حجم سوق الطباعة في الإمارات العربية المتحدة، بحجم طلب قدر بنحو 865 مليون ريال، وكان لافتتاح مدينة دبي للإعلام ومنطقة الإعلام الحرة دوره الكبير في تنامي حجم سوق هذا القطاع إلى جانب نشر عدد من الصحف والمجلات الجديدة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وغدت المملكة العربية السعودية أحد أقطاب نشر الكتب في المنطقة وشملت طباعة كافة الكتب المدرسية والجامعية وكتب الثقافة العامة، والكتب الدينية، والكتب السياسية، والكتب الاقتصادية والروايات والقصص القصيرة، وزادت أعداد الكتب المنشورة وتعددت دور النشر فيها حتى وصلت إلى 1100 ناشر خلال عام 2005 نشرت 5200 كتاب أي 81.4% من حجم الطلب على طباعة الكتب في منطقة الخليج العربية.
وشكل قطاع الطباعة التجارية في الإمارات العربية المتحدة حوالي 60% من حجم سوق الطباعة، ووصل إلى نحو 1.525 مليون ريال العام 2006، نتيجة لنمو حجم طلب الشركات التي زاد عددها، وخصوصاً بعد استحداث مناطق التجارة الحرة، على المنتجات الدعائية والمكتبية والتقارير ومنتجات الطباعة التجارية، وساهم دخول التكنولوجيا الحديثة في زيادة جودة منتجها النهائي، مما ساعد في ازدياد عوائد هذا القطاع نظراً لتوفير خدمات متخصصة ويتوقع البعض أن تظل السعودية أكبر سوق للطباعة بين دول الخليج العربية، بينما تواصل الإمارات تحقيق أسرع معدلات نمو في سوق الطباعة مقارنة بباقي دول الخليج العربية.[20]
ولهذه القضايا المطروحة للبحث دائماً بعدها العالمي وانعكاساتها على معظم دول العالم، إلا أنها تبدو بالنسبة للعديد من دول العالم الثالث أكثر ضغطاً وإلحاحاً لآن الدول الأمريكية اللاتينية والإفريقية والآسيوية ومنها الشرق الأوسط، بالمعنى الجوهري هي من الدول التي بمعظمها من الدول التي استقلت بعد خضوع طويل للاستغلال الاستعماري وما زال بعضها يعاني من مشاكل التخلف الموروثة عن العهود الاستعمارية تلك.[21] وتضاف إليها الدول المستقلة حديثاً بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، والتي لم تزل تعاني من مشاكل انتقالها من النظم الشمولية إلى النظم الديمقراطية الحرة واقتصاد السوق والسيادة الوطنية، في سعي مستمر لإيجاد مكانها اللائق في النظام الإعلامي العالمي، وللمشاركة الإيجابية والفاعلة في عملية التبادل الإعلامي الدولي.
طشقند في 15/9/2007
المصادر:
1. د. أحمد عبد الملك: كيف نحرر الإعلام من سيطرة الدولة؟ // أبو ظبي: الاتحاد، 13/5/2004.
2. الإعلام السوري .. بين التحديث والمنافسة في عصر العولمة. مؤتمر الصحفيين. // دمشق: الثورة: الثلاثاء 15/8/2006م.
3. د. الفت حسن آغا: النظام الإعلامي الأوروبي في عالم متغير. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 109، يوليو 1993.
4. بول فارهي: «الجزيرة» الإنجليزية تنطلق بمذيع أميركي يهودي مفصول وضابط مارينز شارك في الحرب على العراق. // الرياض: الشرق الأوسط، 16/11/2006.
5. جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972.
6. حسن فؤاد: الصحافة العربية من وجهة نظر إسرائيلية. // القاهرة: الأهرام، 9/7/2004.
7. حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983.
8. خالد القشطيني: وداعا لعلم الأعلام. // الرياض: الشرق الأوسط، 11/1/2006.
9. خالد الحروب: الإعلام العربي كجزء من العملية السياسية والديمقراطية. // أبو ظبي: الاتحاد، 14/7/2004.
10. د. رياض نعسان أغا: الثقافة والفكر في الإعلام العربي. // أبو ظبي: الاتحاد، 10/7/2004.
11. سامح كريم: قضايا معاصرة، أديب أمريكي يتنبأ بنتائج سياسات بلاده علي البشرية. // القاهرة: الأهرام، 12/5/ 2004.
12. د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دار علاء الدين للنشر، دمشق 1999.
13. د. طارق سيف: اختطاف الإعلام العربي. أبو ظبي: الاتحاد 1/8/ 2004.
14. د. طيب تيزيني: الشباب العربي وإعلام الهزيمة. // أبو ظبي: الاتحاد، 27/4/2004.
15. د. عارف رشاد: التعامل مع انترنيت: العالم رهن إشارتك. // القاهرة: مجلة عالم الكمبيوتر العدد 86، السنة الثامنة، فبراير 1995. والعدد 87، مارس 1995.
16. د. عارف رشاد: انترنيت: نشأتها، تطورها، حجمها، وسبل الولوج إليها. // القاهرة: مجلة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونيات العدد 7، المجلد 12، سبتمبر 1995.
17. د. عبد الله العوضي: الصحفي والثقافة القانونية. // أبو ظبي: الاتحاد، 11/6/2004.
18. د. عبد العليم محمد: دور الإعلام في التعريف بالقانون الإنساني الدولي. // القاهرة: الأهرام، 6/3/2004.
19. علي جمالو: الإعلام السوري على مفترق طرق. // الرياض: الشرق الأوسط، 18/7/ 2004.
20. د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: المعرفة، العدد 519 كانون أول/2006.
21. د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
22. د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
23. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
24. د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 491/آب 2004.
25. د. محمد البخاري: الإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // جدة: مجلة المنهل، العدد 592/أكتوبر ونوفمبر 2004.
26. د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية).
27. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م.
28. د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003.
29. د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001. (باللغة الروسية)
30. محمد البخاري: "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية، 1988.
31. محمد البخاري: "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة الماجستير في الصحافة. جامعة طشقند الحكومية، 1984. (باللغة الروسية)
32. محمد بدير: الإنفاق الإعلاني في السعودية يرتفع 16% بإجمالي 543.2 مليون دولار خلال عام، السعودية الأولى خليجيا والثانية عربيا والصحف مفضلة لدى المعلنين بنسبة 74%. // الرياض: الشرق الأوسط، 29/8/2004.
33. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990.
34. د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، الـتأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. // القاهرة: السياسة الدولية العدد 123، مؤسسة الأهرام، يناير 1996.
35. معادلة الورق والألوان في ميزان الاستثمار تضع السعودية كأكبر سوق للطباعة في الخليج تستحوذ على 44% من حجم السوق تليها الإمارات بحجم طلب يعادل 2.5 مليار ريال. // الرياض: الشرق الأوسط، 3/7/2007.
36. هناء الدويري: الإعلام في عالم متغير... حليمة: لماذا نجلد أنفسنا دوماً?! شؤون ثقافية. // دمشق: الثورة، الاثنين 5/3/2007.
37. يحيى اليحياوي: التكنولوجيا والإعلام والديمقراطية. بيروت: دار الطليعة، 2004.
38. Arthur Goodfriend: The Dilemma of Cultural Propaganda. "Let It Be ", The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Voi. 398, Nov. 1971.
39. Charles A. Siepmann: Propaganda Techniques, Voice of the people Readings in Public Opinion and Propaganda, Edited by Reo M. Christenson and Robert O. Mc Williams, 2nd Edition, New York, Mc Graw - Hill Book Company. 1967.
40. Geoffrey Reeves: Communications and the Third World, London, Routledge, 1993.
41. Josiane Jouet & Sylvie: New Communication Technologies: Research Trends, Reports and Papers on Mass Communication, No. 105, Unisco, Paris, 1991.
42. Hamid Mowlana: International Flow of Information: a Global Report and Analysis, Paris: UNESCO, 1985.
43. Harold Beeley: The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398 Nov. 1971.
44. International Information and Communication Order. Source Book, Prague: International Organization of Journalists, 1986.
45. Ithiel de Sola Pool: The Changing Flow of Television, Journal of Communication, spring 1977.
46. LE PETIT LAROUSSE: Dictionnaire encyclopedique. Larousse, Paris 1993.
47. Ralph k. Whito: Propaganda, Morally Questionable and Morally Unquestionable Techniques, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
هوامش:
[1] أنظر: - محمد البخاري: "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة لنيل درجة الماجستير في الصحافة. جامعة طشقند الحكومية، 1984. (باللغة الروسية) و - حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983. ص 9-10.
[2] أنظر: - محمد البخاري: "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" بحث مقدم للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية، 1988. و - جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972. ص 82.
[3] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية). و - د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دار علاء الدين للنشر، دمشق 1999.
[4] للمزيد أنظر نفس المصدر السابق.
[5] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 72.
7 - Hamid Mowlana: International Flow of Information: a Global Report and Analysis, Paris: Unesco, 1985, pp. 21-23. - Ithiel de Sola Pool: The Changing Flow of Television, Journal of Communication, Spring 1977.
[7] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مصدر سابق.
[8] أنظر: - د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، الـتأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. // القاهرة: السياسة الدولية العدد 123، مؤسسة الأهرام، يناير 1996. و - د. عارف رشاد: التعامل مع انترنيت: العالم رهن إشارتك. // القاهرة: مجلة عالم الكمبيوتر العدد 86، السنة الثامنة، فبراير 1995. ص 18-22. والعدد 87، مارس 1995. ص 18-23. وانترنيت: نشأتها، تطورها، حجمها، وسبل الولوج إليها. // القاهرة: مجلة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونيات العدد 7، المجلد 12، سبتمبر 1995. ص 26-74.
[9] أنظر: - د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 84. و
- International Information and Communication Order. Source Book, Prague: International Organization of Journalists, 1986.
[10] أنظر: - د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مصدر سابق. و
- Ralph k. Whito: Propaganda, Morally Questionable and Morally Unquestionable Techniques, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971. pp. 26-35. - Charles A. Siepmann: Propaganda Techniques, Voice of the people Readings in Public Opinion and Propaganda, Edited by Reo M. Christenson and Robert O. Mc Williams, 2nd Edition, New York, Mc Graw - Hill Book Company. 1967. pp. 331-339.
[11] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية). و
- Arthur Goodfriend: The Dilemma of Cultural Propaganda. "Let It Be ", The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Voi. 398, Nov. 1971. pp. 104-112.
[12] للمزيد أنظر: د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مصدر سابق. و
- Geoffrey Reeves: Communications and the Third World, London, Routledge, 1993,p.1.
[13] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مصدر سابق. و
- LE PETIT LAROUSSE: Dictionnaire encyclopedique. Larousse, Paris 1993. p. 1124.
[14] أنظر: - د. الفت حسن آغا: النظام الإعلامي الأوروبي في عالم متغير. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 109، يوليو 1993. ص 318.
[15] نفس المرجع السابق.
17- Josiane Jouet & Sylvie: New Communication Technologies: Research Trends, Reports and Papers on Mass Communication, No. 105, Unisco, Paris, 1991, pp. 27-39.
[17] أنظر: - د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، التأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 123، يناير 1996. ص 105.
19 أنظر: - هناء الدويري: الإعلام في عالم متغير... حليمة : لماذا نجلد أنفسنا دوماً?! شؤون ثقافية. دمشق: صحيفة الثورة، الاثنين 5/3/2007
20 أنظر: - الإعلام السوري .. بين التحديث والمنافسة في عصر العولمة. محليات - مؤتمر الصحفيين. دمشق: الثورة: الثلاثاء 15/8/2006م.
21 للمزيد أنظر: معادلة الورق والألوان في ميزان الاستثمار تضع السعودية كأكبر سوق للطباعة في الخليج تستحوذ على 44% من حجم السوق تليها الإمارات بحجم طلب يعادل 2.5 مليار ريال. الرياض: صحيفة الشرق الأوسط، الثلاثـاء 18 جمـادى الثاني 1428 هـ 3 يوليو 2007.
[21] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مصدر سابق. و
- Harold Beeley: The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398 Nov. 1971, pp. 125-127.
بقلم: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسيةDC ، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص صحافة. بروفيسور قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.
منطق النظريات العلمية في المجالات الإنسانية المختلفة يعتمد على مجموعة عوامل مشتركة تنبع من بيئة الإنسان ومجموعة المنبهات والاستجابات التي تتكون استجابة لها. وقد استوعب الإنسان إنسانيته بعد أن تمكن مع مرور الزمن من تشخيص العوامل البيئية والاجتماعية والنفسية المحيطة به، وطور اللغة ومفرداتها لأن اللغة في شكلها الأول وبطبيعتها البسيطة البدائية كانت ضرورية لحياة الجماعة ولازمة أساساً لتكوين علاقات إنسانية بين أفرادها، ومع مرور الزمن تطورت اللغة المكتوبة وأصبحت ذاكرة للمجتمع الإنساني ومكنته من تنسيق جهود البشر وتوحيدها في مجرى مشترك، وجعلت من تداول الخبرة بين الأفراد والأجيال والمجتمعات أمراً ممكناً.[1]
وبهذا المعنى الواسع أصبحت اللغة الأداة الرئيسية للاتصال بين بني البشر، وتحولت إلى أداة فكر لتبادل الآراء والأفكار، وجاءت المطبعة لتفتح الطريق أمام الثورة الصناعية التي مهدت لها الثورة العلمية، وما أن دخل العالم القرن العشرين حتى صار يعيش ثورة شاملة شملت تقنيات الاتصال والإعلام. وانحسرت المسافات الجغرافية أمام القدرات التكنولوجية لوسائل الاتصال الحديثة، وتم تسخيرها وتوظيفها لخدمة نقل المعلومات وتبادلها بين المجتمعات البشرية مما دعى حكومات الدول إلى إخضاعها لنظرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مما دفع بعلماء الإعلام والاتصال لتأسيس نظريات إعلامية مستنتجه من النظريات السياسية الأوسع انتشاراً ومن تطبيقاتها العملية في مختلف المجتمعات المتقدمة من دينية ورأسمالية وتعاونية واشتراكية وهجينة أو خاصة بتميز عن غيرها.
ولا غرابة في أن يكون لإعلام الدول النامية قولٌ في هذا المجال سيما وأن هذه الدول ابتليت بأوضاع فرضتها عليها السياسات الاستعمارية، ونتج عنها ما تعانيه اليوم من حدة في الخلافات السياسية مردها الاستغلال للاقتصادي وتكريس التخلف التي انعكست بالنتيجة على فعالياتها الإعلامية. ورغم ولوج عالم اليوم القرن الحادي والعشرين وانتشار العولمة مع تنامي عصر المعلوماتية ووسائل الاستشعار عن بعد المتطورة فإننا نلاحظ استمرار الدول النامية في تخبطها بمشاكلها الاتصالية والإعلامية الآخذة بالازدياد والصعوبة والتعقيد.
ويعتبر البعض أن الإعلام ما هو إلا ظل للسياسة في العملية الاتصالية اليومية وتطبيق للمناهج السياسية والاقتصادية والفكرية والتربوية والتعليمية والثقافية السائدة في هذا المجتمع أو ذاك، وأن وعي الإنسان لهذه العوامل الاجتماعية وتقديره للظروف الموضوعية والذاتية المحيطة به، يربطه ربطاً مباشراً بلغته القومية، لاسيما وأنها (أي اللغة) هي المعبر عن تقديرنا للواقع الموضوعي، ومع ظهور الوعي واللغة في المراحل الأولى لتطور المجتمعات البشرية، تمكن البشر من التواصل والاتصال ببعضهم البعض.[2]
لماذا ؟ لأن اللغة تمنح الإنسان القدرة على استثمار المنجزات الثقافية والمعرفية المحققة، بعد أن أتاح العلم الحديث للغة ممكنات ووسائل متعددة للتعبير عن دقائق الأمور وصورها النظرية والتطبيقية لتلبي الحاجات الإنسانية. ومع تعدد خصوصيات الحاجات الإنسانية وتنوع أساليب إشباعها من وجهة النظر الاتصالية عمد رجال الإعلام إلى وضع نظريات مناسبة تحسن الخطاب الإعلامي وتستخدم وسيلة الاتصال المتاحة لتجسيد المستويات الإعلامية والوظيفية المطلوبة، وهي: المستوى المعلوماتي: الذي يتوسل باللغة لتوصيل المعلومات إلى المتلقي بأسلوب مباشر وبصياغة واضحة ودقيقة؛ والمستوى الإقناعي: وهو الذي يهدف إلى إقناع المتلقي ودعوته للالتزام أولاً ومن ثم تبني المضمون المعرفي المطروح أو الفكرة المقصودة أو الرأي المراد إيصاله ومن ثم تدعيمه عن طريق خلق قناعات معينة لدى جموع الجماهير العريضة؛ والمستوى التعبيري: الذي يدخل في باب فن الأدب المستخدم في وسائل الإعلام الجماهيرية المقروءة والمسموعة والمرئية التي أصبحت تستخدم الصور الثابتة والمتحركة زيادة في التأثير. ومن النظريات الإعلامية السائدة حتى اليوم: نظرية السلطة المطلقة؛ ونظرية الصحافة الحرة؛ والنظرية الاشتراكية للصحافة؛ ونظرية المسؤولية الاجتماعية للصحافة؛ ونظرية المسؤولية العالمية للصحافة.
معيقات التدفق الإعلامي: ويمثل الاستقلال السياسي للعديد من دول العالم أحد خصائص النظام الدولي الجديد الآخذ بالتبلور منذ العقد التاسع من القرن العشرين إثر انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق. وتظهر الظروف العالمية الراهنة رغم ذلك اتجاه بعض الدول إلى تبني هيمنة وتأثير بعض الدول على النظام الدولي الجديد الآخذ بالتبلور، بينما تتجه دول أخرى إلى رفض تلك الهيمنة والتأثير عليها، إضافة للسعي الحثيث للعديد من شعوب المناطق المضطربة والداخلة ضمن الحدود السياسية لبعض الدول، للاستقلال والتمتع بالسيادة القومية على أراضيها.
وقد كان لمعادلة القوى تأثيرها على التبادل الإعلامي الدولي، كنتيجة للتقدم التكنولوجي والعلمي في مجال تقنيات الاتصال، وأصبحت الدول أكثر ارتباطاً وقرباً من بعضها البعض أكثر من ذي قبل،[3] وأصبح للاتصال والتبادل الإعلامي الدولي دوراً متميزاً في العلاقات الدولية المعاصرة، خاصة فيما يتعلق بمكونات الشخصية القومية لمختلف الشعوب، وتشكيل وتوظيف السياسة الخارجية للدول، ووسائل السياسات الدولية بشكل عام، ويمثل عدم التوازن والتفاوت في عملية التبادل الإعلامي الدولي بين مختلف دول العالم أحد الأبعاد الهامة في السياسة الدولية. وهذا ما يؤكد أن التدفق الحر للمعلومات ليس أكثر من مجرد تدفق للمعلومات في اتجاه واحد، ومن أجل أن يصبح التدفق الإعلامي حراً لابد من تحقيق شيء من التوازن الحقيقي بين الدول.
وعدم التوازن في التدفق الإعلامي قد يحدث داخل دورة التبادل الإعلامي الدولي بأشكال مختلفة، مثلاً: بين الدول المتقدمة والدول الأقل تقدماً والدول النامية؛ وبين الدول ذات النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة؛ وبين الدول المتقدمة المنتمية لنفس المنظومة السياسية، وخاصة من حيث الإمكانيات العلمية والاقتصادية؛ وبين الدول الكبيرة والدول الصغيرة؛ وبين الدول النامية نفسها، مثال الدول الفقيرة ذات الدخل المنخفض، والدول الغنية ذات الدخل المرتفع، من عائدات الموارد الطبيعية مثلاً؛ وبين الأنباء المشجعة والأنباء السيئة.
وكل تلك الأشكال من حالات عدم التوازن، لا تقتصر فقط على التدفق الإعلامي والتبادل الإعلامي الدولي فقط، بل تتعداها إلى جمع وإعداد ونشر المعلومات لأغراض التطور العلمي، ونقل التكنولوجيا المتطورة الجديدة، وحاجات الاقتصاد الوطني ... الخ، مما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الدول المرسلة، أي منابع التدفق الإعلامي الدولي، وبين الدول المستقبلة، أي المستهلكة للمادة الإعلامية الدولية.
وقد دعت الدول المنتسبة لبعض التكتلات الدولية، كمنظمة الدول غير المنحازة، ومنظمة الوحدة الإفريقية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والمنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية، ومنظمة تعاون دول الخليج العربية، ومنظمة آسيان، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابط أوروآسيا الاقتصادية، وغيرها من المنظمات، إلى استقلالية وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، وإلى تحقيق نوع من التوازن في تدفق الأنباء والتخفيف من آثارها السلبية، ونادت هذه الدول بإقامة نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي، ليحل مكان النظام القديم، من خلال بناء نظام دولي للاتصال أكثر حرية ومرونة، وأكثر عدلاً وفاعلية وتوازناً، نظام جديد مبني على أسس المبادئ الديمقراطية وتكافؤ الفرص بين مختلف دول العالم.[4]
ويرتبط التدفق الإعلامي والتبادل الإعلامي ونظام المعلوماتية دولياً بمفاهيم متداخلة، مثل: حرية الإعلام، والتدفق الإعلامي الحر، والتدفق الإعلامي المتوازن، والنمو الحر لوسائل الإعلام والاتصال. وهي ليست أكثر من شعارات براقة تستخدمها بعض الدول للتأثير على البعض الآخر من خلال طروحاتها عبر الإعلام الموجه، وهو ما تظهره بعض الصعوبات الناتجة عن التصرفات السياسية للبعض المهيمن التي تعيق حرية التبادل الإعلامي الدولي، ويمكن تداركها بسهولة لو توافرت النوايا الحسنة عند أولئك البعض. ومن بين تلك الصعوبات أيضاً استخدام العنف الجسدي ضد الصحفيين، والتشريعات القمعية، والرقابة المجحفة، وإدراج أسماء الصحفيين في القوائم السوداء، ومنعهم من النشر، وحظر انتقال الصحف والمجلات والكتب ومنع استيرادها، وفي أكثرية الحالات منع تصديرها من قبل الدول المتقدمة خوفاً من تسرب تقنيات التكنولوجيا المتطورة إلى الخارج.
وقد استخدم مبدأ التدفق الإعلامي الحر كوسيلة سياسية في الصراعات القائمة سابقاً بين الدول الاشتراكية بقيادة الإتحاد السوفييتي السابق، والدول الرأسمالية المتطورة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، إبان سنوات الحرب الباردة. واستخدم كوسيلة اقتصادية من قبل الدول الغنية لتحقيق أهداف سياساتها الخارجية في الدول النامية، ولهذا رأت الدول النامية في مبدأ التدفق الإعلامي الحر، تأكيداً لسيطرة عدد قليل من الدول الصناعية المتقدمة على سيل المعلومات المتدفقة إلى الدول النامية، وأن حرية الإعلام تعني أن يكون تدفق المعلومات باتجاهين، تأكيداً للعدالة في التبادل الإعلامي الدولي. وقد أدى مبدأ التدفق الإعلامي الحر عملياً إلى تدفق أحادي الجانب للمعلومات والرسائل الإعلامية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وبرامج الكمبيوتر والمنتجات الثقافية من الدول المتطورة صناعياً إلى الدول الصغيرة والأقل تطوراً والدول النامية، مما عزز من سيطرة مراكز القوة في العالم وأحكم سيطرتها على عملية التدفق الإعلامي من الشمال الغني إلى الجنوب الفقير.
والتدفق الإعلامي باتجاه واحد الذي يعتمد على أنماط تاريخية وثقافية معينة، يؤثر حتى على بعض الدول الداخلة في إطار إقليم جغرافي واحد، إذ نرى في أوروبا أن بعض الدول تسيطر على سيل المعلومات المتدفقة من القارة الأوربية، وتتجاهل الإنجازات الضخمة والنجاحات التي حققتها بعض الدول الأوربية الصغيرة أثناء بثها للمعلومات من خلال عملية التبادل الإعلامي الدولي.
وعلى هذا الأساس فإننا نستطيع استنتاج: أنه هناك سيل جارف باتجاهين من المعلومات يجري بين شمال القارة الأمريكية والقارة الأوربية دون عوائق؛ وهناك تدفق إعلامي باتجاه واحد، يتركز من شمال الكرة الأرضية إلى جنوبها يستقبل من خلاله العالم أكثر من 90 % من المواد الإعلامية عبر لندن وباريس ونيويورك. ويظهر بوضوح عدم التوازن بإنتاج الصحف والمجلات والكتب والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وغيرها من المواد الإعلامية، ونشرها وتوزيعها عبر الشبكات الدولية لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، ويعكس في الوقت نفسه الوضع الحقيقي للتبادل الإعلامي الدولي. وكانت ردة فعل الدول المتقدمة والمسيطرة على وسائل الاتصال وعملية التدفق الإعلامي، على مساعي مجموعة الدول غير المنحازة لتقوية وضعها في عملية التبادل الإعلامي الدولي غير مرضية.[5] لأن التدفق الإعلامي باتجاه واحد يعد انعكاساً لسيطرة النظم السياسية والاقتصادية للدول المتطورة ويؤكد دائماً تبعية الدول الأقل تطوراً والدول النامية للدول المتقدمة، من خلال تركيز وسائل الإعلام الدولية للدول المتقدمة على تصوير الأزمات والإخفاقات والصراعات والصدامات العنيفة والفشل في الدول النامية والأقل نمواً.
والتدفق الإعلامي الدولي عملياً هو رأسياً، بدلاً من أن يكون أفقياً كونه أحادي الجانب، يأتي من الأعلى من الدول المتقدمة، إلى أسفل إلى الدول الأقل تطوراً والدول النامية. وهو ما يظهر معادلة القوة في التبادل الإعلامي الدولي في إطار العلاقات الدولية المعاصرة.
ومن الظواهر الواضحة في التبادل الإعلامي الدولي بعد التطور الهائل في وسائل الاتصال الحديثة، طرح المعلومات كسلعة تجارية وخدمات تتمثل في نقل وحفظ واسترجاع البيانات والمعلومات، واحتلال الأنشطة التجارية حيزاً كبيراً من المساحة الإعلامية، وهو ما تظهره الصحف والمجلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وبرامج الحاسب الآلي (الكمبيوتر) في القنوات والشبكات العالمية، مما يقلل من القيمة الثقافية والاجتماعية لوسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، في إطار التبادل الإعلامي الدولي.
التدفق الإعلامي الدولي وتحليل المضمون الإعلامي: في القرن الماضي قام جوهان جالتونج Gohan Galtung بدراسة تناولت اتجاه التدفق الإعلامي الدولي، في النمط الذي صممه (المركز - الهامش) في دراسته عن النظرية الهيكلية للاحتكار الدولي. وقد قسم جوهان دول العالم إلى جزأين "المركز" الذي يمثل الدول المسيطرة، و"الهامش" الذي يمثل المناطق الخاضعة لهيمنة تلك الدول. وخرج بنتيجة مفادها أن التفاعل الرأسي يعد العامل الرئيسي الذي يؤكد انعدام المساواة بين دول العالم. وخلص جالتونج إلى: أن "المركز" يسيطر على تدفق الأنباء في العالم؛ وأن الأنباء الذي تتحدث عن "المركز" تشغل الحيز الأكبر من مضمون الأنباء الأجنبية في وسائل الإعلام الجماهيرية لدول "الهامش"، أكثر مما تشغله أنباء دول "الهامش" في وسائل الإعلام الجماهيرية لدول "المركز"؛ وأنه هناك تدفق إعلامي أقل نسبياً للأنباء ضمن مجموعة دول "الهامش"؛ وأن التدفق الإعلامي الدولي، يعد واحداً من المجالات الرئيسية للاتصال والتبادل الإعلامي الدولي؛ وأن وكالات الأنباء الأربع AP, AFP, UPI, Reuters تعد من المصادر الإعلامية المسيطرة على تدفق الأنباء الخارجية لمعظم دول العالم. وأن وكالة أنباء TASS السوفييتية كانت تعتبر المصدر الرئيسي لمعظم الدول الاشتراكية قبل انهيار الإتحاد السوفييتي ومعه المنظومة الاشتراكية، وأن الحجم الإجمالي للأنباء التي توزعها الوكالات الرئيسية الأربع للأنباء في العالم يتمثل بحوالي 32.850.000 كلمة يومياً، بينما لا يزيد حجم الأنباء التي توزعها بعض وكالات الأنباء الأخرى في العالم عن 1.090.000 كلمة يومياً وهو ما يوضح مدى سيطرة وكالات الأنباء الرئيسية الأربع في العالم على التدفق الإعلامي الدولي إضافة لبثها المواد التلفزيونية المصورة أيضاً.
وأوضحت بعض الدراسات الإعلامية مدى تركيز هذه الوكالات في أنبائها على الأخبار السلبية والسيئة عن الدول الأقل تطوراً والنامية في العالم، كالفساد والعنف، والإخفاق، والكوارث الطبيعية، أكثر من تناولها للأنباء الخاصة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية واحتياجاتها، بتأكيد على الأحداث الجارية دون تناول العوامل المسببة لتلك الأحداث، إضافة لتركيز تلك الوكالات على الصفوة في المجتمع، أكثر من اهتمامها بالقطاعات العريضة، وتأثير الفوارق الاجتماعية والثقافية بين شعوب العالم على التدفق الإعلامي الدولي، تلك الفوارق التي شكلت وتشكل عائقاً أمام التبادل الإعلامي الدولي.
وأظهرت بعض الدراسات أن التلفزيون يعتبر من أكثر وسائل الإعلام الجماهيرية تأثيراً على الجمهور الإعلامي، وأكدت تأثيره النسب المرتفعة لساعات المشاهدة اليومية، في أوساط مشاهدي للبرامج التلفزيونية.[6] وأظهرت أن التدفق الإعلامي الدولي عبر القنوات التلفزيونية الفضائية، يعد مؤثراً بصورة خاصة على النساء والأطفال الأكثر تعرضاً للبرامج التلفزيونية في الدول المتقدمة، ومجمل سكان الدول الأقل تقدماً، وأن النموذج الإعلامي التلفزيوني الغربي المسيطر، أو النموذج الاشتراكي الآخذ بالأفول، لا يلبيان الحاجات الإعلامية للدول النامية. هذا إن لم نتطرق إلى سيل المعلومات الذي تحمله شبكات الإنترنيت بحالة شبه فوضوية اليوم دون أي مسؤولية إنسانية ودون الإشارة إلى مصادر تلك المعلومات في أكثر الحالات. خاصة وأن التبادل الإعلامي الدولي، يعد واحداً من الاتجاهات الرئيسية للتدفق الإعلامي العالمي من خلال وسائل الاتصال ونقل البيانات والمعلومات، وتزايد اعتماد البنوك، وشركات التأمين العالمية، وخطوط النقل الجوي، وشركات الملاحة البحرية، والشركات متعددة الجنسية، ووكالات الأنباء، ووسائل الإعلام الجماهيرية وغيرها، على شبكات الاتصال الحديثة لأغراض الاتصال وتبادل البيانات.
وقد أصبح هذا النوع من الاتصال الدولي ممكناً، بعد التطور العلمي والتقني والتكنولوجي الهائل في نظم الاتصال الإلكترونية عبر الفضاء الكوني مما سمح للولايات المتحدة الأمريكية الأكثر تطوراً في نظم وسائل الاتصال الفضائية الإلكترونية، وتملك أوسع شبكة حاسب آلي (كمبيوتر) منتشرة عالمياً "الإنترنيت"، لاحتلال موقع المسيطر في هذا المجال الحيوي للاتصال في العالم. وعلى سبيل المثال كانت الولايات المتحدة الأمريكية وحدها مسؤولة في الربع الأخير من القرن العشرين (1981) عن نقل وتوزيع 80% من البيانات والمعلومات في العالم وزاد هذا الرقم كثيراً اليوم بفضل ثورة الحاسبات الإلكترونية التي توغلت في كل مناحي الحياة وامتزجت بكل وسائل الاتصال واندمجت معها، ولعل شبكة انترنيت الأمريكية الشهيرة تمثل جوهر ذلك الامتزاج حيث يتم تخزين معلومات واردة من أكثر من 21 ألف شبكة معلومات بشكل منظم منسق يسهل عملية استرجاعها بواسطة أي مستخدم، من خلال الحاسبات الإلكترونية، ثم تقوم بعد ذلك بواسطة تقنيات الاتصال المتطورة التي توظف الخطوط الهاتفية الأرضية وعبر الأقمار الصناعية لتوصيلها إلى ملايين المشتركين في جميع أنحاء العالم.[7]
جوانب التبادل الإعلامي الدولي: تساهم وسائل الإعلام الجماهيرية في خلق تصور وفهم أو سوء فهم أو عدم فهم الشعوب لبعضها البعض، وقد تكونت هذه الظاهرة، كنتيجة حتمية لانعدام التوازن في التدفق الإعلامي الدولي، ونتيجة للتشويه الناتج عن وصف الدول المتقدمة للدول الأقل تطوراً والدول النامية من خلال المواد التي تنشرها وتبثها مصادر الأنباء المسيطرة على السوق الإعلامية في العالم، بشكل سلبي يصور حالات الإخفاق والاضطراب والفوضى والعنف والفساد والفشل في تلك الدول وكأن الدول المتقدمة نفسها خالية منها.
وقد خلصت بعض الدراسات إلى أن قيام الأفراد ببناء وتقويم التصور الذهني لدى الشعوب تماثل عملية قيامهم ببناء الصورة الذهنية الواقعية، وأن قيمة أحكامهم ترجع إلى خليط من العوامل الجغرافية والدينية والسياسية والعرقية أو إلى جوانب أخرى عن تلك الدول. ويميل القائمون بالاتصال في الدول الغربية عامة إلى التأكيد على الصراعات والأحداث المشؤومة، مع التركيز على التأثيرات السلبية في تقويمهم للحكومات أو المجتمعات.
وخلصت بعض الدراسات الميدانية إلى نتيجة مفادها، أن التعليم يظل العامل المستقل والمسيطر على عملية التنبؤ المعرفي في كل بلد، حتى وبعد إضافة عوامل التعرض لوسائل الإعلام الجماهيرية، وأن الرجال أكثر ميلاً من النساء للتعرف على الخصائص الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالبلاد التي يسكنوها. ويتأثر التصور الذهني لدى الإنسان من خلال أخبار العالم التي يتعرض لها بأوجه القصور التالية: أن الأنباء الدولية تركز على الغرب أساساً، لأن مصادر الأنباء هي غربية بشكل عام؛ وأن التغطية الإخبارية للدول النامية تتم بطريقة سلبية واضحة؛ وأن الأنباء الدولية تميل للتعقيد بدلاً من أن تميل للبساطة والوضوح.
ونستطيع من ذلك الخروج بخلاصة مفادها، أن التدفق الإعلامي الدولي يخدم ويؤكد أساساً تكوين التصور الذهني الإيجابي عن الغرب وحده في الوقت الذي يكوّن تصور ذهني سلبي عن الدول النامية، رابطاً بين تلك الدول والجوانب السلبية من إخفاق وفساد وإرهاب وعنف وفشل... إلخ، من صور التشويه في إطار التدفق الإعلامي الدولي والتبادل الإعلامي الدولي.
التبادل الإعلامي الدولي والتعاون الدولي: ولمواجهة المشاكل التي خلقها التدفق الإعلامي الدولي للدول النامية طالبت الدول النامية عبر المحافل الدولية، بإقامة نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي لتحقيق العدالة وتحسين وضع الدول النامية في عملية التدفق الإعلامي الدولي، وقد تحقق تحسن ملحوظ في إطار التدفق الإعلامي الدولي بين الدول النامية والدول الصناعية المتقدمة، بعد ظهور بعض الأنظمة الإعلامية الجديدة، وإنشاء العديد من وكالات الأنباء التابعة للتجمعات الدولية والإقليمية. ومن بين تلك الوكالات، وكالة الأنباء الدولية: (IPS) The Inter Press Service المتخصصة بتوزيع أنباء الدول النامية، وعملت على تدعيم وتشجيع ربط التبادل الإعلامي الأفقي بين الدول النامية، وتوزيع أنبائها على وسائل الإعلام في أوروبا وأمريكا الشمالية، وافتتحت هذه الوكالة مكاتب لها في أكثر من 60 دولة ثلثيها في الدول النامية، وعقدت اتفاقيات ثنائية مع 30 وكالة أنباء وطنية في الدول النامية لتبادل الأنباء بينها، إضافة لتركيزها على قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، والتطور الحاصل في الدول النامية. كما عقدت وكالة الأنباء الدولية اتفاقيات مع عدد من وكالات منظمة الأمم المتحدة لتغطية أخبار أنشطتها المختلفة.[8] وتحصل وكالة الأنباء الدولية IPS على 70 % من الأنباء التي توزعها، من مراسليها الموزعين في مختلف الدول النامية أما الـ 30 % الباقية فتحصل عليها من وكالات الأنباء الوطنية في الدول النامية، التي أبرمت معها اتفاقيات تبادل إعلامي، بالإضافة لبعض وكالات الأنباء الصغيرة. وتوزع أخبارها يومياً، من خلال شبكتين رئيسيتين ناطقتين باللغتين الإسبانية حوالي 30,000 كلمة يومياً، والإنجليزية 20,000 كلمة يومياً. وتضم الشبكتين وكالات الأنباء الإسبانية، والنمساوية، والمكسيكية، والفينزويلية، والنيكاراغوية، والكوبية، والبوليفية، والمكسيكية، والكولومبية، والإكوادورية، والبنمية، والدومنيكانية، والغرينادية، والنيجيرية، والفلبينية، والنيبالية، والسريلانكية، والفلسطينية، والعراقية، والإمارات العربية المتحدة، والقطرية، والليبية، والتونسية، ووكالة أنباء IFDA الدولية. إضافة لقيامها بترجمة وتوزيع مجموعة مختارة من تلك الأنباء إلى اللغات الفرنسية والألمانية والعربية والبرتغالية والهولندية والنرويجية والسويدية.
ومن كل ذلك نستنتج أن وكالة الأنباء الدولية IPS تشارك بشكل مختلف تماماً في التدفق الإعلامي الدولي، وفي عملية التبادل الإعلامي الدولي، فهي تعكس أوضاع الحياة في الدول النامية بكل مشاكله وتحدياته، وتسعى إلى خلق تأثير إيجابي في المعرفة والآراء واتجاهات الرأي العام الدولي المتعلقة بقضايا الدول النامية، ونستخلص من ذلك أن التدفق الحر للإعلام في وضعه الراهن، ليس أكثر من تدفق لسيل من المعلومات باتجاه واحد يخدم مصالح الدول الصناعية المتقدمة، المسيطرة على وسائل الاتصال الحديثة. وأن الدول النامية تنظر بقلق بالغ نحو الواقع المؤلم الذي تعيشه والمتمثل بسيطرة الدول الصناعية المتقدمة على وسائل الاتصال الحديثة، ومصادر الأنباء وتوظيفها لصالح دعايتها على حساب المصالح الوطنية للدول النامية العاجزة اقتصادياً وتقنياً وعلمياً عن حل هذه المعضلة التي تقف عاجزة أمامها، وأن التبادل الإعلامي الدولي بحد ذاته هو تبادل رأسي لا يراعي متطلبات التبادل الأفقي بين كل دول العالم، وفي أكثر الأحيان يكون تدفقاً إعلامياً باتجاه واحد ووجهة نظر واحدة تعبر عن رأي القوي المهيمن فقط.
وهذا الوضع يحتاج إلى الاستمرارية في الجهود والصبر وعدم التراجع من قبل الدول الأقل تطوراً والدول النامية، للانتقال إلى وضع أفضل ومناسب، يستفيد من التغييرات العالمية السريعة والتطورات التي تلت انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، وهيأت العالم لتقبل نظام دولي جديد بعيد عن ظروف الحرب الباردة بين الشرق الغرب ونتائجها على الدول النامية. وهذا يرتبط بتغييرات فعالة وجذرية في بنى وسياسات عديدة، للتخلص من المعوقات التي تقف حائلاً دون ظهور نظام إعلامي دولي ديمقراطي جديد يشمل تطوير النظام الدولي للاتصال ليتمشى والتحديات القائمة، من قضايا مثل: القائم بالاتصال، ومضمون الاتصال، ووسائل الاتصال، وجمهور الاتصال، وتأثير الاتصال، وأهداف الاتصال، واختيار أنسب العناصر الملائمة للتبادل الإعلامي الدولي، ليسهم على المدى القريب في تحسين وضعية الدول النامية والدول الأقل تطوراً في إطار نظام إعلامي ديمقراطي عالمي جديد وما الدعوة إلى نظام إعلامي جديد، سوى دعوة من قبل أكثرية دول العالم لتحقيق العدالة والتوازن في عملية التدفق الإعلامي.[9] وهي دعوة للتأثير المعنوي لا أكثر، لأن تغيير واقع النظام الإعلامي الدولي، وتحسين ظروف التبادل الإعلامي الدولي لا يتم إلا بالاعتماد على النفس، والسعي الدائم من قبل الدول النامية لتطوير إمكانياتها الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية، وإقامة وسائل إعلام جماهيرية حديثة قادرة على مخاطبة الرأي العام الدولي دون وسيط.
أساليب وتقنيات وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية: وأشارت بعض الأبحاث العلمية إلى أن من أهم عناصر نجاح الحملات الإعلامية الموجهة لجمهور إعلامي خارج بلد المنشأ، هي الأساليب والتقنيات والتكتيكات التي يستخدمها الصحفيون للوصول إلى الأهداف، وإقناع القارئ والمستمع والمشاهد، بما يقدمونه له وصولاً للأهداف المرسومة في الخطة الإعلامية، وبينت أن الأساليب المستخدمة في الحملات الإعلامية والدعائية الدولية، تساعد على:[10] جذب انتباه مستقبل الرسائل الإعلامية وشده إلى مضمونها من خلال مراعاتها لاهتماماته وميوله الثقافية. باستعمال أسلوب شيق لصياغة المادة الإعلامية بشكل تصبح معه قابلة للتصديق بعيدة عن الشك أو التشكيك لأنهما يؤديان إلى استغلالهما من قبل الحملات الإعلامية المضادة، ويصبح الشك أو التشكيك عنصر إضعاف للحملة الإعلامية وعائقاً لوصولها إلى النتائج المرجوة منها. وأن استخدام تقنيات الكذب وحبكه بشكل محكم يحرك مشاعر مستقبل الرسالة الإعلامية ويصعب عليه اكتشاف الكذب المخفي داخل الرسائل الإعلامية بالإضافة إلى سعي الحملات الإعلامية لتوريط مستقبلي الرسائل الإعلامية، وشدهم للمشاركة معها في العمل مجبرة إياهم على تأييد خطها وأسلوبها في العمل، والبحث عن تبريرات لذلك التأييد تلقائياً.
كما وتستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية في حملاتها الدعائية، أسلوب التكرار وعرض الموضوع أكثر من مرة للتأكد من وصوله إلى الجمهور الإعلامي المقصود والتأكد من تحقق أكبر قدر ممكن من التأثير المطلوب، ويتم ذلك عادة بمراعاة الوقت الملائم والظروف المؤاتية والوسائل الناجعة للتكرار، واستخدام أسلوب المبالغة بشكل يصعب معه اكتشافها من قبل القارئ والمستمع والمشاهد، للتهويل على الجمهور الإعلامي، وصولاً للحد الأقصى من التأثير المعنوي عليه. ومرافقته باستخدام أسلوب الكذب والتضليل لتبرير مواقف معينة جرت فعلاً. ومن الأساليب الشائعة جداً أسلوب التلميح والغمز عند توجيه اتهام لشخص ما أو جماعة معينة أو دولة بحد ذاتها، كون تأثير هذا الأسلوب أكبر من تأثير الاتهام المباشر على الجمهور الإعلامي، واستخدام أسلوب عرض المواضيع بقالب يوحي بأنها حقيقة ثابتة، لا تقبل الجدل لمنع تسرب الشك إلى أذهان الجمهور الإعلامي. ووسائل الإعلام الجماهيرية الدولية تسعي دائماً للتقرب من الجمهور الإعلامي باستخدامها لأشخاص يعرفون ثقافة وميول ورغبات واستعدادات مستقبل الرسالة الإعلامية، ويعرضون المادة الإعلامية بالصورة واللغة التي يفهمها الجمهور الإعلامي المستهدف جيداً، إضافة لمحاولة تقمص شخصية المستهدف أثناء تنفيذ الحملات الإعلامية. وهذا بات واضحاً في القنوات التلفزيونية مجهولة الهوية والارتباطات والمصادر والأخذة بالازدياد منذ العقد التاسع للقرن الماضي تحت ستار شركات تجارية مختلفة، تجاوز عدد الناطقة منها باللغة العربية الـ 150. كما وتلجأ وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، في حملاتها الإعلامية إلى الاعتماد على مصادر موثوقة عند إعداد وصياغة المواد الإعلامية، بهدف زيادة الثقة لدى الجمهور المستهدف وتدعيم تقبله للمواد الإعلامية الموجهة له، أو إلى التجاهل المتعمد لأحداث معينة أو ما تروجه وسائل الإعلام الجماهيرية المضادة، من مواضيع لا يمكن الرد عليها بسبب ضعف الموقف المواجه للدعاية المضادة. وقد تلجأ وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية إلى استخدام لغة إعلامية واضحة من خلال العبارات المستخدمة تجنباً للالتباس في المعاني والتفاسير، وتأكيداً للوصول إلى الهدف المرسوم. أو تلجأ إلى الربط المزيف لترك مستقبل الرسالة الإعلامية، يتقبل موقفاً معيناً ويرفض موقفاً آخر، معتمداً على خبراته السابقة، دون وعي أو إدراك أو تفكير ويزداد أثر هذا الأسلوب على الجمهور الإعلامي الذي يتمتع بمستوى تعليمياً ضعيفاً.
وكثيراً ما تستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية في حملاتها الدعائية، العاطفة وغريزة القطيع في توجيه حملات إعلامية لجماعات إنسانية تربط بينها روابط مشتركة كالدين أو العقيدة أو العنصر أو الجنس أو البيئة أو المهنة أو العمل أو الانتماء لتنظيم معين أو حمل جنسية واحدة. ومعروف كم هو صعب تحديد مدى التزام، أو عدم التزام، وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية بأخلاقية العمل الصحفي، إذ قد تلجأ في بعض الأحيان مضطرة، أو عن سابق ترصد وإصرار إلى أساليب وتقنيات تتعارض مع أخلاقيات العمل الصحفي المعروفة والمعترف بها دولياً، في حملاتها الإعلامية للوصول لأهداف معينة، في نفس الوقت الذي تنفي فيه عن نفسها هذه التهمة، مؤكدة التزامها بأخلاقيات العمل الصحفي، لأن اعترافها بالخروج عن مواثيق أخلاق العمل الصحفي الدولية يعني فقدانها لمصداقيتها وانتهاء لدورها الإعلامي الدولي، وهذا وضع لا يقبل به أحد.
الجانب الثقافي للتبادل الإعلامي الدولي: هناك جانب ثقافي للحملات الإعلامية الدولية،[11] يطلق عليه اسم الدعاية الثقافية الدوليةInternational Cultural Propaganda وتزداد فاعلية هذا الدور طردياً بالتناسب مع قوة ومكانة ودور الدول التي تمارسه في النظام الدولي. حيث تركز تلك الدول على نشر ثقافتها داخل الدول الأخرى، مما حذى بالبعض لوصف هذا النشاط الموجه لمجتمعات الدول الأضعف بالاستعمار الثقافي إلا أن تطور العلاقات الدولية يقتضي تفاعلاً أكثر بين ثقافات مختلف الأمم خاصة في الظروف التي يركز البعض فيها على دفع وتكريس صراع مزعوم بين الثقافات والحضارات، وهناك فرق واضح بين التفاعل الحر بين الثقافات، وبين فرض ثقافة معينة على حساب تحطيم الثقافة الأصلية لشعب معين، من خلال استغلال التبادل الإعلامي الدولي من قبل الدول المتقدمة في حملات دعايتها الثقافية الموجهة للدول الأقل تطوراً والدول النامية.
ويدخل هذا النشاط الثقافي الهادف في إطار التأثير على المجتمعات الأخرى ضمن حملات الدعاية الدولية، ويشمل في طياته الآداب والفنون والتعليم والرياضة والتبادل الثقافي والمنح التعليمية ودعوة الصفوة من مثقفي الدول الأضعف لزيارة الدولة الأقوى والأكثر تطوراً للإطلاع على ما ترغبه هي من منجزاتها الثقافية، وعلى سبيل المثال تمارس الولايات المتحدة الأمريكية حملات دعايتها الثقافية، من خلال وسائل إعلامها الجماهيرية الدولية وهيئة الاستعلامات الأمريكية التي تمارس أنشطة متعددة خارج الولايات المتحدة، ومن خلال المكتبات والمراكز الثقافية المنتشرة في العديد من دول العالم. ومن خلال سعيها الحثيث لنشر تعليم اللغة الإنكليزية وأنظمة التعليم الأمريكية في الخارج، وتقديم المنح الدراسية لطلاب من الدول الأخرى، واستيعاب الطلاب الوافدين من الدول الأخرى الراغبين في الحصول على التعليم في مؤسسات التعليم والجامعات الأمريكية ومن خلال اتفاقيات التعاون الثقافي الموقعة بينها وبين الدول الأخرى، إضافة لبرامج المساعدات الثقافية الأمريكية للدول النامية.
أما بريطانيا فهي إضافة لوسائل إعلامها الجماهيرية الدولية، تمارس حملاتها الإعلامية والدعائية الثقافية الدولية من خلال المجلس البريطاني الذي تمده بثلث مخصصاته المالية،[12] مؤسسة التنمية البريطانية فيما وراء البحار Overseas Development Administration وتدخل معظم الوظائف التعليمية التي يقوم بها المجلس البريطاني في إطار برنامج المعونة الفنية، ويعمل المجلس في أكثر من ثمانين دولة على تعليم اللغة الإنكليزية مركزاً على تدريب معلمي اللغة الإنكليزية في هذه الدول. وللمجلس البريطاني مكتبات في أكثر من خمسين دولة، ويعمل على تنمية الاتصالات بين العلماء والفنانين والمهنيين وغيرهم من مثقفي الدول النامية، إضافة لإيفاده العديد من الدارسين من تلك الدول إلى بريطانيا للتحصيل العلمي والدراسي، وتختلف أوضاع العاملين في الخارج من موظفي المجلس البريطاني عن الدبلوماسيين المعتمدين وفي حالات نادرة يكون ممثل المجلس في البلد المتواجد فيها ملحقاً ثقافياً في سفارة بلاده.
أما فرنسا فتمارس حملاتها الإعلامية والدعائية الثقافية الدولية، إضافة لوسائل إعلامها الجماهيرية الدولية، من خلال رابطة أليانس فرنسيس Alliance Francaise التي أحدثت عام 1883 بهدف مضاعفة تأثير فرنسا في الخارج، ونشر الثقافة واللغة الفرنسية في العالم، ويتبع لرابطة أليانس فرنسيس أكثر من 1010 لجنة وجمعية في الخارج تقوم بتنظيم مؤتمرات واجتماعات وافتتاح مكتبات، و600 مركز منتشرة في أنحاء مختلفة من العالم.[13]
والشائع أن تمارس الدول نشاطات دعايتها الثقافية من خلال المراكز الثقافية التابعة لسفاراتها في الدول الأخرى، ويتولى إدارة تلك المراكز المستشارون أو الملحقون الثقافيون المعتمدون في السلك الدبلوماسي المتواجد في ذلك البلد بينما تكتفي الدول غير القادرة على افتتاح مركز ثقافي أو إعلامي لها في البلدان الأخرى على نشاط المستشارين والملحقين الثقافيين المعتمدين في سفاراتها بالخارج.
وتبدلت الصورة بعد أن جاء عصر التخطي المعلوماتي للحدود القومية خلال العشرين سنة الأخيرة من القرن العشرين، وتضمن تحولات جذرية في وسائل تخزين، ومعالجة واسترجاع المعلومات، والنمو السريع لتقنيات الاتصالات اللاسلكية، وتقنيات الميكروويف، والألياف البصرية، وتكنولوجيا الأقمار الصناعية للاتصالات، وبرامج الحاسبات الآلية (الكمبيوتر)، والإذاعة والتلفزيون[14] عبر الأقمار الصناعية أو الموجات الإذاعية والتلفزيونية الوطنية المستأجرة من قبل جهات دولية مهيمنة إعلامياً في بعض الدول النامية والأقل تطوراً أو عن طريق مشاركتها تجارياً وهو الأسلوب الأنجع الذي تستخدمه تلك الجهات حاملة معها ظاهرة الثقافة عابرة القوميات، وهي عملية أساسية يحل فيها بدرجات متفاوتة وفي سياقات مختلفة، تنظيم الشعوب في مجموعات "أفقية" محل تنظيمهم رأسياً في مجموعات وطنية، وبمعنى آخر ترتبط الشعوب بعضها ببعض بأساليب إلكترونية، وليس بالجوار الجغرافي،[15] وليس بالثقافة الوطنية أو القومية. ويذهب البعض إلى أن ظاهرة التخطي المعلوماتي، للحدود المعترف بها لدول العالم، أو الثقافة عابرة القوميات، وهي ظاهرة الأمركة بسبب التفوق الأمريكي الواضح في هذا المجال.[16] ويثير التخطي المعلوماتي للحدود القومية والوطنية تساؤلات محورية وأساسية ومهمة لكل المجتمعات بغض النظر عن وضعها الاقتصادي الراهن أو المشاكل التي تواجهها أو الضغوط التي تتعرض لها.
وتتصل هذه التساؤلات بعدد من القضايا الأساسية، منها: السيطرة على الإنتاج الثقافي وتوزيعه، والتسلل إلى المعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها للدول الأخرى؛ وخلق نظام إعلامي عالمي جديد، وتنظيم عمليات تدفق البيانات عبر الحدود، والتحكم فيها عن بعد؛ وتحديد سياسة الدولة في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها؛ وتنمية طاقات وطنية تكنولوجية وإنتاجية؛ وإعادة بناء الفهم لما هو وطني وقومي بالمعنى الثقافي والتاريخي والتراثي وغيره،[17] وهو من أخطر مظاهر الغزو الثقافي المتمثل في عالم اليوم.
ورغم انتشار المحطات التلفزيونية الناطقة باللغة العربية (حسب تعبير الأستاذ ماجد حليمة مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سورية) بكثرة ليصبح عددها حوالي 150 محطة تتراوح ما بين سياسية وفنية ورياضية وثقافية ودينية ومنوعة وغيرها إلا أن وكالات الأنباء العالمية تحاول حشر أخبارها بالطريقة التي تريدها دون أن يكون للعرب حق القبول أو الرفض وإذا ما أرادوا الاعتراض أو التعبير عن وجهة نظرهم فيحاربوا ويمنعوا من الوصول إلى الساحة العالمية،[18] في الوقت الذي نرى فيه أن الإعلام السوري بوسائله المختلفة يواجه مجموعة من التحديات، على ضوء التغيرات الهائلة في أشكال ملكية وسائل الإعلام الجماهيرية، وفي الهياكل التنظيمية والإدارية إلى جانب حاجات التطورات المتسارعة في تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية والإنتاج الصحفي، بالإضافة لما أفرزته هذه التغييرات مجتمعة من تعديلات جوهرية في السياسات الإعلامية، وفي مفاهيم المسؤولية المهنية والاجتماعية للإعلام، إضافة لمعاناة الإعلام الجماهيري السوري من مسائل التحديث والتطوير ليكون قادراً على المنافسة وحل المشكلات التي تولدت نتيجة لأربعين سنة من ملكية الدولة لوسائل الإعلام التي أفرزت (حسب تعبير صحيفة الثورة) حزمة من التأثيرات السلبية على الإدارة وبيئة العمل الصحفي والمهني والتمويلي في المؤسسات الصحفية والإعلامية.[19]
في الوقت الذي نجد فيه قطاع الطباعة في منطقة الشرق الأوسط يشكل قفزة نوعية بشكل عام، وفي منطقة الخليج العربي بشكل خاص، ويحقق معدلات نمو واعدة بلغت في سوق الطباعة بدول مجلس التعاون الخليجي حوالي 6.7 مليار ريال سعودي عام 2006 وحققت سوق الطباعة في السعودية اتجاها متصاعدا في معدلات النمو، بسبب تنامي القطاع الخاص الذي يشكل حوالي 46% من القوة الشرائية في المملكة، وما رافقه من زيادة في الطلب على مواد الطباعة والمواد الدعائية، ليبلغ معدل استهلاك الفرد من الورق في المملكة حوالي 13 كيلوغراما عام 2006، لتصبح سوق الطباعة فيها من أكبر أسواق المنطقة من حيث الحجم لوجود أكبر عدد من الناشرين، فقد بلغ حجم سوق الطباعة في المملكة نحو 2.9 مليار ريال عام 2006، بمعدل نمو سنوي 44% من حجم سوق الطباعة في منطقة الخليج العربي.
وتلتها سوق الطباعة في دولة الإمارات العربية المتحدة وعادلت نحو 2.556 مليون ريال في العام 2006 أي حوالي 38% من إجمالي حجم السوق في المنطقة، وشكلت سوق السعودية والإمارات مجتمعتين حوالي 82% من حجم السوق الكلي للطباعة في الخليج، فيما ظلت الطباعة في السعودية أقل كلفة منها في الإمارات، التي تعد سوق الطباعة فيها الأكثر نمواً بين أسواق الطباعة في الخليج العربي.
وتضم سوق الطباعة في السعودية، أربعة قطاعات رئيسية؛ هي: طباعة الصحف والمجلات وطباعة الكتب بما فيها الكتب المدرسية، والطباعة التجارية، وطباعة الكرتون وورق التغليف، لتكون في صدارة الدول الخليجية في مجال استقطاب آلات الطباعة الحديثة منذ بدايات القرن الماضي، محدثة نقلات نوعية من حيث مدى تطور صناعة الطباعة وتوسعها مع دخول الشركات الأجنبية ونمو الطلب على الطباعة التجارية خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي.
ويبلغ حجم النسخ المباعة فعلاً من الصحف اليومية في المملكة العربية السعودية نحو 1.5 مليون نسخة، وهو ما يشير إلى بقاء الصحف من مصادر المعلومات التقليدية لأفراد المجتمع السعودي، مثله مثل المجتمعات العربية الأخرى. ولهذا يمكننا اعتبار سوق المملكة العربية السعودية من أكبر أسواق طباعة الصحف في الخليج، إذ تبلغ حصتها نحو 45% من إجمالي حجم سوق طباعة الصحف في منطقة الخليج العربية، ووصل حجم الطلب على سوق طباعة الصحف في المملكة العربية السعودية إلى نحو 328.9 مليون ريال عام 2006، وتطبع فيها 21 صحيفة يومية تصدر معظمها باللغة العربية، وتطبع نسخ خاصة من بعض الصحف البارزة الصادرة في بعض الدول العربية الأخرى بشكل يومي، وتتوقع بعض المصادر نمو سوق الصحف والمجلات في المستقبل مع انتشار الصحف غير التقليدية والمجلات المتخصصة، بعد أن بلغ عدد النسخ المباعة من المجلات الشهرية مليوني نسخة، لتشكل الصحف والمجلات معا نحو 24.4% من سوق الطباعة في المملكة وقدر حجم سوق طباعة الصحف والمجلات معا عام 2006 بنحو 722.6 مليون ريال. بينما شكلت طباعة الصحف والمجلات نحو 34% من حجم سوق الطباعة في الإمارات العربية المتحدة، بحجم طلب قدر بنحو 865 مليون ريال، وكان لافتتاح مدينة دبي للإعلام ومنطقة الإعلام الحرة دوره الكبير في تنامي حجم سوق هذا القطاع إلى جانب نشر عدد من الصحف والمجلات الجديدة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وغدت المملكة العربية السعودية أحد أقطاب نشر الكتب في المنطقة وشملت طباعة كافة الكتب المدرسية والجامعية وكتب الثقافة العامة، والكتب الدينية، والكتب السياسية، والكتب الاقتصادية والروايات والقصص القصيرة، وزادت أعداد الكتب المنشورة وتعددت دور النشر فيها حتى وصلت إلى 1100 ناشر خلال عام 2005 نشرت 5200 كتاب أي 81.4% من حجم الطلب على طباعة الكتب في منطقة الخليج العربية.
وشكل قطاع الطباعة التجارية في الإمارات العربية المتحدة حوالي 60% من حجم سوق الطباعة، ووصل إلى نحو 1.525 مليون ريال العام 2006، نتيجة لنمو حجم طلب الشركات التي زاد عددها، وخصوصاً بعد استحداث مناطق التجارة الحرة، على المنتجات الدعائية والمكتبية والتقارير ومنتجات الطباعة التجارية، وساهم دخول التكنولوجيا الحديثة في زيادة جودة منتجها النهائي، مما ساعد في ازدياد عوائد هذا القطاع نظراً لتوفير خدمات متخصصة ويتوقع البعض أن تظل السعودية أكبر سوق للطباعة بين دول الخليج العربية، بينما تواصل الإمارات تحقيق أسرع معدلات نمو في سوق الطباعة مقارنة بباقي دول الخليج العربية.[20]
ولهذه القضايا المطروحة للبحث دائماً بعدها العالمي وانعكاساتها على معظم دول العالم، إلا أنها تبدو بالنسبة للعديد من دول العالم الثالث أكثر ضغطاً وإلحاحاً لآن الدول الأمريكية اللاتينية والإفريقية والآسيوية ومنها الشرق الأوسط، بالمعنى الجوهري هي من الدول التي بمعظمها من الدول التي استقلت بعد خضوع طويل للاستغلال الاستعماري وما زال بعضها يعاني من مشاكل التخلف الموروثة عن العهود الاستعمارية تلك.[21] وتضاف إليها الدول المستقلة حديثاً بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، والتي لم تزل تعاني من مشاكل انتقالها من النظم الشمولية إلى النظم الديمقراطية الحرة واقتصاد السوق والسيادة الوطنية، في سعي مستمر لإيجاد مكانها اللائق في النظام الإعلامي العالمي، وللمشاركة الإيجابية والفاعلة في عملية التبادل الإعلامي الدولي.
طشقند في 15/9/2007
المصادر:
1. د. أحمد عبد الملك: كيف نحرر الإعلام من سيطرة الدولة؟ // أبو ظبي: الاتحاد، 13/5/2004.
2. الإعلام السوري .. بين التحديث والمنافسة في عصر العولمة. مؤتمر الصحفيين. // دمشق: الثورة: الثلاثاء 15/8/2006م.
3. د. الفت حسن آغا: النظام الإعلامي الأوروبي في عالم متغير. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 109، يوليو 1993.
4. بول فارهي: «الجزيرة» الإنجليزية تنطلق بمذيع أميركي يهودي مفصول وضابط مارينز شارك في الحرب على العراق. // الرياض: الشرق الأوسط، 16/11/2006.
5. جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972.
6. حسن فؤاد: الصحافة العربية من وجهة نظر إسرائيلية. // القاهرة: الأهرام، 9/7/2004.
7. حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983.
8. خالد القشطيني: وداعا لعلم الأعلام. // الرياض: الشرق الأوسط، 11/1/2006.
9. خالد الحروب: الإعلام العربي كجزء من العملية السياسية والديمقراطية. // أبو ظبي: الاتحاد، 14/7/2004.
10. د. رياض نعسان أغا: الثقافة والفكر في الإعلام العربي. // أبو ظبي: الاتحاد، 10/7/2004.
11. سامح كريم: قضايا معاصرة، أديب أمريكي يتنبأ بنتائج سياسات بلاده علي البشرية. // القاهرة: الأهرام، 12/5/ 2004.
12. د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دار علاء الدين للنشر، دمشق 1999.
13. د. طارق سيف: اختطاف الإعلام العربي. أبو ظبي: الاتحاد 1/8/ 2004.
14. د. طيب تيزيني: الشباب العربي وإعلام الهزيمة. // أبو ظبي: الاتحاد، 27/4/2004.
15. د. عارف رشاد: التعامل مع انترنيت: العالم رهن إشارتك. // القاهرة: مجلة عالم الكمبيوتر العدد 86، السنة الثامنة، فبراير 1995. والعدد 87، مارس 1995.
16. د. عارف رشاد: انترنيت: نشأتها، تطورها، حجمها، وسبل الولوج إليها. // القاهرة: مجلة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونيات العدد 7، المجلد 12، سبتمبر 1995.
17. د. عبد الله العوضي: الصحفي والثقافة القانونية. // أبو ظبي: الاتحاد، 11/6/2004.
18. د. عبد العليم محمد: دور الإعلام في التعريف بالقانون الإنساني الدولي. // القاهرة: الأهرام، 6/3/2004.
19. علي جمالو: الإعلام السوري على مفترق طرق. // الرياض: الشرق الأوسط، 18/7/ 2004.
20. د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: المعرفة، العدد 519 كانون أول/2006.
21. د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
22. د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
23. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية)
24. د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 491/آب 2004.
25. د. محمد البخاري: الإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. // جدة: مجلة المنهل، العدد 592/أكتوبر ونوفمبر 2004.
26. د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية).
27. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م.
28. د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003.
29. د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001. (باللغة الروسية)
30. محمد البخاري: "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية، 1988.
31. محمد البخاري: "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة للحصول على درجة الماجستير في الصحافة. جامعة طشقند الحكومية، 1984. (باللغة الروسية)
32. محمد بدير: الإنفاق الإعلاني في السعودية يرتفع 16% بإجمالي 543.2 مليون دولار خلال عام، السعودية الأولى خليجيا والثانية عربيا والصحف مفضلة لدى المعلنين بنسبة 74%. // الرياض: الشرق الأوسط، 29/8/2004.
33. د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990.
34. د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، الـتأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. // القاهرة: السياسة الدولية العدد 123، مؤسسة الأهرام، يناير 1996.
35. معادلة الورق والألوان في ميزان الاستثمار تضع السعودية كأكبر سوق للطباعة في الخليج تستحوذ على 44% من حجم السوق تليها الإمارات بحجم طلب يعادل 2.5 مليار ريال. // الرياض: الشرق الأوسط، 3/7/2007.
36. هناء الدويري: الإعلام في عالم متغير... حليمة: لماذا نجلد أنفسنا دوماً?! شؤون ثقافية. // دمشق: الثورة، الاثنين 5/3/2007.
37. يحيى اليحياوي: التكنولوجيا والإعلام والديمقراطية. بيروت: دار الطليعة، 2004.
38. Arthur Goodfriend: The Dilemma of Cultural Propaganda. "Let It Be ", The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Voi. 398, Nov. 1971.
39. Charles A. Siepmann: Propaganda Techniques, Voice of the people Readings in Public Opinion and Propaganda, Edited by Reo M. Christenson and Robert O. Mc Williams, 2nd Edition, New York, Mc Graw - Hill Book Company. 1967.
40. Geoffrey Reeves: Communications and the Third World, London, Routledge, 1993.
41. Josiane Jouet & Sylvie: New Communication Technologies: Research Trends, Reports and Papers on Mass Communication, No. 105, Unisco, Paris, 1991.
42. Hamid Mowlana: International Flow of Information: a Global Report and Analysis, Paris: UNESCO, 1985.
43. Harold Beeley: The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398 Nov. 1971.
44. International Information and Communication Order. Source Book, Prague: International Organization of Journalists, 1986.
45. Ithiel de Sola Pool: The Changing Flow of Television, Journal of Communication, spring 1977.
46. LE PETIT LAROUSSE: Dictionnaire encyclopedique. Larousse, Paris 1993.
47. Ralph k. Whito: Propaganda, Morally Questionable and Morally Unquestionable Techniques, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971.
هوامش:
[1] أنظر: - محمد البخاري: "دور الصحافة السورية في التنمية والثقافة والتعليم" أطروحة لنيل درجة الماجستير في الصحافة. جامعة طشقند الحكومية، 1984. (باللغة الروسية) و - حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983. ص 9-10.
[2] أنظر: - محمد البخاري: "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" بحث مقدم للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب phD (صحافة) من جامعة موسكو الحكومية، 1988. و - جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972. ص 82.
[3] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، طشقند: مطبعة "بصمة" 2004. (باللغة الروسية). و - د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دار علاء الدين للنشر، دمشق 1999.
[4] للمزيد أنظر نفس المصدر السابق.
[5] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 72.
7 - Hamid Mowlana: International Flow of Information: a Global Report and Analysis, Paris: Unesco, 1985, pp. 21-23. - Ithiel de Sola Pool: The Changing Flow of Television, Journal of Communication, Spring 1977.
[7] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مصدر سابق.
[8] أنظر: - د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، الـتأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. // القاهرة: السياسة الدولية العدد 123، مؤسسة الأهرام، يناير 1996. و - د. عارف رشاد: التعامل مع انترنيت: العالم رهن إشارتك. // القاهرة: مجلة عالم الكمبيوتر العدد 86، السنة الثامنة، فبراير 1995. ص 18-22. والعدد 87، مارس 1995. ص 18-23. وانترنيت: نشأتها، تطورها، حجمها، وسبل الولوج إليها. // القاهرة: مجلة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونيات العدد 7، المجلد 12، سبتمبر 1995. ص 26-74.
[9] أنظر: - د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 84. و
- International Information and Communication Order. Source Book, Prague: International Organization of Journalists, 1986.
[10] أنظر: - د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مصدر سابق. و
- Ralph k. Whito: Propaganda, Morally Questionable and Morally Unquestionable Techniques, The Annals of the American Academy of Political and social Science, Vol. 398, Nov. 1971. pp. 26-35. - Charles A. Siepmann: Propaganda Techniques, Voice of the people Readings in Public Opinion and Propaganda, Edited by Reo M. Christenson and Robert O. Mc Williams, 2nd Edition, New York, Mc Graw - Hill Book Company. 1967. pp. 331-339.
[11] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية). و
- Arthur Goodfriend: The Dilemma of Cultural Propaganda. "Let It Be ", The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Voi. 398, Nov. 1971. pp. 104-112.
[12] للمزيد أنظر: د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مصدر سابق. و
- Geoffrey Reeves: Communications and the Third World, London, Routledge, 1993,p.1.
[13] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مصدر سابق. و
- LE PETIT LAROUSSE: Dictionnaire encyclopedique. Larousse, Paris 1993. p. 1124.
[14] أنظر: - د. الفت حسن آغا: النظام الإعلامي الأوروبي في عالم متغير. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 109، يوليو 1993. ص 318.
[15] نفس المرجع السابق.
17- Josiane Jouet & Sylvie: New Communication Technologies: Research Trends, Reports and Papers on Mass Communication, No. 105, Unisco, Paris, 1991, pp. 27-39.
[17] أنظر: - د. محمود علم الدين: ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، التأثيرات السياسية لتكنولوجيا الاتصال. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 123، يناير 1996. ص 105.
19 أنظر: - هناء الدويري: الإعلام في عالم متغير... حليمة : لماذا نجلد أنفسنا دوماً?! شؤون ثقافية. دمشق: صحيفة الثورة، الاثنين 5/3/2007
20 أنظر: - الإعلام السوري .. بين التحديث والمنافسة في عصر العولمة. محليات - مؤتمر الصحفيين. دمشق: الثورة: الثلاثاء 15/8/2006م.
21 للمزيد أنظر: معادلة الورق والألوان في ميزان الاستثمار تضع السعودية كأكبر سوق للطباعة في الخليج تستحوذ على 44% من حجم السوق تليها الإمارات بحجم طلب يعادل 2.5 مليار ريال. الرياض: صحيفة الشرق الأوسط، الثلاثـاء 18 جمـادى الثاني 1428 هـ 3 يوليو 2007.
[21] للمزيد أنظر: - د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مصدر سابق. و
- Harold Beeley: The Changing Role of British International Propaganda, The Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 398 Nov. 1971, pp. 125-127.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق